حكم أو استئثار في فئ؟ قالا : لا. قال عليهالسلام : أو في أمر دعوتماني إليه من أمر المسلمين فقصرت عنه؟ قالا : معاذ الله.
قال عليهالسلام. فما الذي كرهتما من أمري حتى رأيتما خلافي؟ قالا : خلافك عمر بن الخطاب في القسم ، وانتقاصنا حقنا من الفئ ، جعلت حظنا في الاسلام كحظ غيرنا مما أفاء الله علينا بسيوفنا ، ممن هو لنا فئ ، فسويت بيننا وبينهم.
فقال علي عليهالسلام : الله أكبر ، اللهم إني أشهدك وأشهد من حضر عليهما ، أما ما ذكرتما من الاستشارة فوالله ما كانت لي في الولاية رغبة ، ولا لي فيها محبة ، ولكنكم دعوتموني إليها ، وحملتموني عليها ، فكرهت خلافكم ، فلما أفضت إلي نظرت إلى كتاب الله وما وضع وأمر فيه بالحكم وقسم وسن رسول الله صلىاللهعليهوآله فأمضيته ، ولم احتج فيه إلى رأيكما ودخولكما معي ولا غيركما ، ولم يقع أمر جهلته فأتقوى فيه برأيكما ومشورتكما ، ولو كان ذلك لم أرغب عنكما ، ولا عن غيركما ، إذا لم يكن في كتاب الله ولا في سنة نبينا صلىاللهعليهوآله ، فأما ما كان فلا يحتاج فيه إلى أحد ، وأما ما ذكرتما من أمر الأسوة فإن ذلك أمر لم أحكم أنا فيه ، ووجدت أنا وأنتما ما قد جاء به محمد صلىاللهعليهوآله من كتاب الله ، فلم احتج فيه إليكما ، قد فرغ من قسمه كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، تنزيل من حكيم حميد ، وأما قولكما جعلتنا فيه كمن ضربناه بأسيافنا ، وأفاء الله علينا ، فقد سبق رجال رجالا فلم يفضلهم ( رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ولم يستأثر عليهم من سبقهم ، ولم يضرهم حين استجابوا لربهم ، والله مالكم ولا لغيركم إلا ذلك ، ألهمنا الله وإياكم الصبر عليه.
فذهب عبد الله بن الزبير يتكلم ، فأمر به فوجئت عنقه وأخرج من المسجد ، فخرج وهو يصيح ويقول : أردد إليه بيعته. فقال علي عليهالسلام : لست مخرجكما من أمر دخلتما فيه ، ولا مدخلكما في أمر خرجتما منه ، فقاما عنه فقالا : أما إنه ليس عندنا أمر إلا الوفاء. قال : فقال علي عليهالسلام : رحم الله عبدا رأى حقا فأعان عليه ، أو رأى جورا فرده ، وكان عونا للحق على من خالفه.