نصر الله والفتح ) (١) فقال لي : يا علي ، لقد جاء نصر الله والفتح ، فإذا رأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا. يا علي ، إن الله ( تعالى ) قد كتب على المؤمنين الجهاد في الفتنة من بعدي ، كما كتب عليهم جهاد المشركين معي.
فقلت : يا رسول الله ، وما الفتنة التي كتب علينا فيها الجهاد؟ قال : فتنة قوم يشهدون أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، وهم مخالفون لسنتي وطاعنون في ديني.
فقلت : فعلى م نقاتلهم يا رسول الله ، وهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله؟ فقال : على إحداثهم في دينهم ، وفراقهم لامري ، واستحلالهم دماء عترتي.
قال : فقلت : يا رسول الله ، إنك كنت وعدتني الشهادة فسل الله تعجيلها لي.
فقال : أجل قد كنت وعدتك الشهادة ، فكيف صبرك إذا خضبت هذه من هذا؟ ـ وأومى إلى رأسي ولحيتي ـ.
فقلت : يا رسول الله ، أما إذا بينت لي ما بينت فليس هذا بموطن صبر ، لكنه موطن بشرى وشكر. فقال : أجل فأعد للخصومة فإنك تخاصم أمتي.
قلت : يا رسول الله ، أرشدني الفلج (٢). ثار : إذا رأيت قومك قد عدلوا عن الهدى إلى الضلال فخاصمهم ، فإن الهدى من الله والضلال من الشيطان ، يا علي ، إن الهدى هو اتباع أمر الله دون الهوى والرأي ، وكأنك بقوم قد تأولوا القران وأخذوا بالشبهات فاستحلوا الخمر والنبيذ والبخس بالزكاة والسحت بالهدية.
فقلت : فما هم إذا فعلوا ذلك ، أهم أهل فتنة أو أهل ردة؟ فقال : هم أهل فتنة يعمهون فيها إلى أن يدركهم العدل.
فقلت : يا رسول الله ، العدل منا أم من غيرنا؟ فقال : بل منا ، بنا فتح الله وبنا يختم ، وبنا ألف الله بين القلوب بعد الشرك ، وبنا يؤلف بين القلوب بعد الفتنة. فقلت :
__________________
(١) سورة النصر ١١٠ : ١.
(٢) فلج بحجته : أحسن الادلاء بها فغلب خصمه.