فأجابها أمير المؤمنين عليهالسلام : لا ويل لك ، بل الويل لشانئك ، نهنهي من غربك (١) ، يا بنت الصفوة ، وبقية النبوة ، فوالله ما ونيت في ديني ، ولا أخطأت مقدوري ، فإن كنت ترزئين (٢) البلغة فرزقك مضمون ، ولعيلتك مأمون ، وما أعد لك خير مما قطع عنك ، فاحتسبي. فقالت : حسبي الله ونعم الوكيل.
١٤٥٦ / ٩ ـ وعنه ، أخبرنا أبو الحسن ، عن محمد بن علي بن المفضل ، عن علي ابن الحسن أبي الحسن النحوي الرازي ، قال : أخبرني الحسن بن علي الزفري ، قال : حدثني العباس بن بكار الضبي ، قال : حدثني أبو بكر الهذلي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : خطب أمير المؤمنين عليهالسلام فقال : الحمد لله الذي لا يحويه مكان ، ولا يحده زمان ، علا بطوله ، ودنا بحوله ، سابق كل غنيمة وفضل ، وكاشف كل عظيمة وإزل (٣) ، أحمده على جود كرمه ، وسبوغ نعمه ، واستعينه على بلوغ رضاه ، والرضا بما قضاه ، وأؤمن به إيمانا ، وأتوكل عليه إيقانا.
وأشهد أن لا إله إلا الله ، الذي رفع السماء فبناها ، وسطح الأرض فطحاها ، أخرج منها ماءها ومرعاها ، والجبال أرساها ، لا يؤوده خلق ، وهو العلي العظيم.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أرسله بالهدى المشهور ، والكتاب المسطور ، والدين المأثور ، إبلاء لعذره ، وإنهاء لامره ، فبلغ الرسالة ، وهدى من الضلالة ، وعبد ربه حتى أتاه اليقين ، فصلىاللهعليهوآلهوسلم كثيرا.
أوصيكم بتقوى الله ، فإن التقوى أفضل كنز ، وأحرز حرز ، وأعز عز ، فيها نجاة كل هارب ، ودرك كل طالب ، وظفر كل غالب ، وأحثكم على طاعة الله ، فإنها كهف العابدين ، وفوز الفائزين ، وأمان المتقين.
واعلموا ـ أيها الناس ـ أنكم سيارة ، قد حدا بكم الحادي ، وحدا لخراب الدنيا
__________________
(١) نهنه فلانا عن الشئ : كفه عنه وزجره ، ويقال : كففت من غربه ، أي من حدته.
(٢) رزأه حقه أو ماله : نقصه.
(٣) الأزل : الداهية.