علي بن أبي طالب عليهالسلام كتابا يأمره فيه بالمسير إليه وقلة التلوم (١) ، وكان الرسول إليه أبا واقد الليثي ، فلما أتاه كتاب رسول الله صلىاللهعليهوآله تهيأ للخروج والهجرة ، فآذن من كان معه من ضعفاء المؤمنين ، فأمرهم أن يتسللوا ويتخففوا إذا ملأ الليل بطن كل واد إلى ذي طوى ، وخرج علي عليهالسلام بفاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم ، وفاطمة بنت الزبير بن عبد المطلب ـ وقد قيل هي ضباعة ـ وتبعهم أيمن بن أم أيمن مولى رسول الله صلىاللهعليهوآله وأبو واقد رسول رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فجعل يسوق بالرواحل فأعنف بهم ، فقال علي (صلوات الله عليه) : ارفق بالنسوة يا أبا واقد ، إنهن من الضعائف. قال : إني أخاف أن يدركنا الطالب ـ أو قال : الطلب ـ فقال علي عليهالسلام : أربع عليك (٢) ، فإن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال لي : يا علي ، إنهم لن يصلوا من الآن إليك بما تكرهه. ثم جعل ـ يعني عليا عليهالسلام ـ يسرق بهن سرقا رفيقا وهو يرتجز ويقول :
ليس إلا الله فارفع ظنكا |
|
يكفيك رب الناس ما أهمكا |
وسار فلما شارف ضجنان أدركه الطلب ، وعددهم سبعة فوارس من قريش مستلئمين (٣) ، وثامنهم مولى لحرب بن أمية يدعى جناحا ، فأقبل علي عليهالسلام على أيمن وأبي واقد ، وقد تراءى القوم ، فقال لهما : أنيخا الإبل واعقلاها ، وتقدم حتى أنزل النسوة ، ودنا القوم فاستقبلهم عليهالسلام منتضيا سيفه ، فاقبلوا عليه فقالوا : أظننت أنك يا غدر (٤) ناج بالنسوة؟! ارجع لا أبا لك. قال : فإن لم أفعل؟ قالوا : لترجعن راغما ، أو لنرجعن بأكثرك شعرا وأهون بك من هالك ، ودنا الفوارس من النسوة والمطايا ليثوروها ، فحال علي عليهالسلام بينهم وبينها ، فأهوى له جناح بسيفه ، فراغ علي عليهالسلام عن ضربته وتختله علي عليهالسلام فضربه على عاتقه ، فأسرع السيف
__________________
(١) التلوم : الانتظار والتمكث.
(٢) أي توقف وتحبس.
(٣) استلأم الرجل : لبس اللامة ، وهي أداة الحرب وعدتها.
(٤) أي يا غادر.