غير أن ما ينبغي توكيده هنا هو أن حال الفرق الأخرى كحال أهل السنة في مجال الرأي والاجتهاد والاعتقاد الذي يدور في محيط الدين ، فإذا كان حال أهل السنة كحال الآخرين فما الذي يجعلهم يعيشون في هذا الوهم ويعتقدون القيمومة على الجميع والهداية لهم والضلال للآخرين؟
إن أزمة أهل السنة تتمثّل في استمرارهم في دائرة هذا الوهم النابع من روايات ليست محل قبول الجميع.
والنابع من عقل الماضي وتقديس السلف ، والماضي برموزه ليس خيراً كلّه وتلك هي الحقيقة التي غابت عن أهل السنة.
قال البغدادي أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لما ذكر افتراق أمته ثلاث وسبعين فرقة وأخبر أن فرقة واحدة منها ناجية ، سئل عن الفرقة الناجية وعن صفتها فأشار إلى الذين هم على ما عليه هو وأصحابه ، ولسنا نجد القوم من فرق الأمة من هم على موافقة الصحابة غير أهل السنة والجماعة من فقهاء الأمة ومتكلميهم الصفاتية دون الرافضة والقدرية والخوارج والجهمية والبخارية والمشبهة والغلاة والحلولية.
وكيف يكون هؤلاء موافقين للصحابة وهم بأجمعهم لا يقبلون شيئاً مما روي عن الصحابة في أحكام الشريعة لامتناعهم من قبول روايات الحديث والسير والمغازي من أجل تكفيرهم لأصحاب الحديث الذين ضبطوا آثار الصحابة وقاسوا فروعهم على فتاوى الصحابة.
وكلام البغدادي يعني أن المفاصلة بين الفرقة الناجية والفرقة الهالكة تنحصر في الموقف من الصحابة ، فمن قال فيهم حسناً كان من الناجين ،