لزمك فيه عهد الله ، الى طلب انفساخه بغير الحق ، فان صبرك على ضيق ترجو انفراجه وفضل عاقبته ، خير من غدر تخاف تبعته ، وان تحيط بك فيه من الله طلبته ، فلا تستقيل (١١٥) فيها دنياك ولا آخرتك ، اياك والدماء وسفكها بغير حلها ، فانه ليس شيء أدعى (١١٦) لنقمة ، ولا أعظم لتبعة ، ولا أحرى بزوال نعمة ، وانقطاع مدة ، من سفك الدماء بغير حقها ، والله سبحانه مبتدىء بالحكم بين العباد فيما تسافكوا (١١٧) من الدماء يوم القيامة فلا تقوين سلطانك بسفك دم حرام ، فان ذلك مما يضعفه ويوهنه ، بل يزيله وينقله ، ولا عذر لك عند الله ولا عندي في قتل العمد ، لان فيه قود البدن ، وان ابتليت بخطأ وأفرط عليك سوطك ويدك بعقوبة ، فان في الوكزة (١١٨) فما فوقها مقتلة ، فلا تطمحن بك نخوة سلطانك ، عن ان تؤدي الى أولياء المقتول حقهم ، واياك والاعجاب بنفسك ، والثقة بما يعجبك منها ، وحب الاطراء ، فان ذلك من اوثق فرص الشيطان في نفسه ، ليمحق ما يكون من احسان المحسن ، واياك والمنّ على رعيتك باحسانك ، والتزيد فيما كان من فعلك ، وان تعدهم فتتبع موعودك بخلفك ، فان المن يبطل الاحسان ، والتزيد يذهب بنور الحق ، والخلف يوجب المقت عند الله وعند الناس ، فان الله سبحانه يقول : ( كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّـهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ) (١١٩) وإياك والعجلة بالامور قبل اوانها ، والتساقط فيها عند امكانها ، أو اللجاجة فيها اذا تنكرت ، أو الوهن عنها اذا استوضحت ، فضع كل امر موضعه ، واوقع كل امر موقعه ، واياك والاستئثار بما الناس فيه اسوة ، والتغابي عما تعنى به ، مما قد وضح للعيون ، فانه مأخوذ منك لغيرك ، وعما قليل تنكشف عنك اغطية الامور ، وينتصف منك للمظلوم ، املك حمية انفك ، وسورة حدك ، وسطوة يدك ، وغرب لسانك ، واحترس من كل ذلك بكف البادرة ،
_________________________
(١١٥) في الطبعة الحجرية : « تستقبل » ، وما أثبتناه من المصدر .
(١١٦) في المصدر : أدنى .
(١١٧) في نسخة : سفكوا .
(١١٨) الوكزة : الضربة بجمع اليد ( لسان العرب « وكز » ج ٥ ص ٤٣٠ ) .
(١١٩) الصف ٦١ الآية ٣ .