إنسان لوضعه اضطراب ولم يستقم.
فأقبل غلام أسمر اللّون حسن الوجه ، فتناوله ووضعه في مكانه. فاستقام كأنّه لم يزل عنه ، وعلت لذلك الأصوات. فانصرف خارجاً من الباب.
فنهضت من مكاني أتبعه وأدفع الناس عنّي يميناً وشمالاً حتّى ظُنَّ بي الاختلاط في العقل ، والنّاس يفرجون لي وعيني لا تفارقه حتّى انقطع عن الناس ، فكنت أسرع الشدَّ خلفه وهو يمشي على تؤدة السير ولا اُدركه.
فلمّا حصل بحيث لا أحد يراه غيري ، وقف والتفت إليَّ فقال :
«هات ما معك.
فناولته الرُّقعة.
فقال من غير أن ينظر إليها : «قل له : لا خوف عليك في هذه العلّة ويكون ما لابدَّ منه بعد ثلاثين سنة».
قال : فوقع عليَّ الدَّمع حتّى لم أطق حراكاً ، وتركني وانصرف.
قال أبو القاسم : فأعلَمَني بهذه الجملة.
فلمّا كان سنة سبع وستّين ـ يعني في سنة ثلاثين بعد ذلك ـ ، اعتلَّ أبو القاسم وأخذ ينظر في أمره وتحصيل جهازه إلى قبره. فكتب وصيّته واستعمل الجدَّ في ذلك.
فقيل له : ما هذا الخوف؟ ونرجو أن يتفضّل اللّه بالسّلامة؛ ما عليك مخوفة.
فقال : هذه السنة الّتي خوِّفت فيها.
فمات في علّته» (١).
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٥٢ ص ٥٨ ب ١٨ ح ٤١.