دروس تمهيديّة في الفقه الإستدلالي - ج ٤

الشيخ محمّد باقر الإيرواني

دروس تمهيديّة في الفقه الإستدلالي - ج ٤

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر الإيرواني


الموضوع : الفقه
الناشر: المركز العالمي للدّراسات الإسلامية
المطبعة: توحيد
الطبعة: ٢
الصفحات: ٢٨١

بسند ينتهى الى الحسن(١) عن سمرة (٢) عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله . (٣)

وقد يقال : ان الحديث وان كان ضعيف السند الا انه منجبر بالشهرة كما قال الشيخ النراقى « ان اشتهارها بين الاصحاب وتداولها فى كتبهم وتلقيهم لها بالقبول واستدلالهم بها فى موارد غير عديدة يجبر ضعفها ويكفى عن موؤنة البحث عن سندها ». (٤)

ولكن هذا قابل للمناقشة ، إذ المراد بالشهرة ان كان هو الشهرة الرّوائية ، فهى غير محققة لعدم وجود الرواية المذكورة فى المعاجم الحديثية ، وان كان هو الشهرة الفتوائية ، فهى انما تكون جابرة لو كانت بين القدماء ـ حيث انهم الطبقة المقاربة لعصر صدور النصوص ـ ولايكفى تحققها بين المتأخرين فقط حيث لم يستند اليها من المتقدّمين سوى الشيخ الطوسي ، وهذا لايكفى لتحقق شهرة ‏الفتوى على طبق الرواية.

ومن هذا يتّضح الجواب لو كان مقصوده شهرة نفس القاعدة ، فيقال : هى لاتكفي اذا لم تكن بين المتقدمين.

وعليه فالمدرك لايمكن ان يكون هو الحديث المذكور بل هو المنعقدة السيرة العقلائية على أن مَنْ استولى على مال غيره فهو ضامن له ، وحيث انّ هذه السيرة لايحتمل حدوثها متأخراً بل هى معاصرة لعصر المعصوم عليهم‌السلام جزماً ولم يصدر ردع عنها فيستكشف امضاؤها.

__________________

١ ـ وهو الحسن البصرى المعروف بعدائه لأميرالمؤمنين عليه‌السلام.

٢ ـ وهو سمرة بن جندب صاحب القصة المعروفة فى حديث لاضرر الذى ضمن له النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله عذقاً في الجنة اذا تنازل عن عذقه فى دار الأنصارى فأبي.

٣ ـ كاحمد بن حنبل فى مسنده : ٥ / ٨ ، ١٢ ، ١٣ ؛ والحاكم فى مستدركه : ٢ / ١٣ ؛ وابن ماجة فى سُننه : ٢ / ٨٠٢ ، حديث ٢٤٠٠ ؛ والبيهقى فى سننه : ٦ / ٩٥ ؛ وابى داود فى سننه : ٣ / ٢٩٦.

٤ ـ عوائد الأيام : ١٠٩.

٨١

وبعد كون المدرك هو السيرة لامعنى للنزاع فى كون المستفاد من فقرة « علي اليد » خصوص الحكم التكليفى ـ اى وجوب الحفظ الى زمان الأداء كما ذهب اليه الشيخ النراقي ، (١) او الاعم منه ومن الحكم الوضعى ـ وهو الضمان ـ كما ذهب اليه الشيخ الأعظم ، (٢) فان هذا وجيه لو كان المدرك هو الحديث ، وقد عرفت انه السيرة ، وهى تقتضى الضمان لامجرد الحكم التكليفي.

٢ ـ واما قاعدة الاتلاف ، فليس مستندها حديث من اتلف مال الغير فهو له ضامن ، فانه لم يثبت كونه حديثاً حتى بنحو الإرسال بل هو السيرة العقلائية الممضاة بعدم الردع.

٣ ـ واما قاعدة الغرور ، فيمكن الإستدلال عليها بالوجهين التاليين :

أ ـ السيرة العقلائية ، فانه قد يدّعى انعقادها على ضمان الغار ، وحيث لم يردع عنها شرعاً ، فيثبت امضاؤها.

ب ـ التمسك بالرّوايات الخاصة من قبيل :

صحيحة أبى بصير عن أبى عبداللّه‏ عليه‌السلام : « امرأة شهد عندها شاهدان بان زوجها مات ، فتزوجت ثم جاء زوجها الأوّل ، قال : لها المهر بما استحل من فرجها الاخيرُ ، ويضرب الشاهدان الحدَّ ، ويضمنان المهر لها بما غرّا الرجلَ ، ثم تعتد وترجع الي زوجها الاول ، (٣) بتقريب ان الباء فى جملة « بما غرّا الرجل » سببية ، اى يضمنان

__________________

١ ـ عوائد الايام : ١٠٩ ، ١١٠.

٢ ـ كتاب المكاسب : ١ / ٣٠٠.

٣ ـ وسائل الشيعة : ١٨ / ٢٤٢ ، باب ١٣ من ابواب الشهادات ، حديث ٢.

ثم ان صاحب الوسائل قد ذكر جملة « بما غرا » بعنوان نسخة ، ولكنها فى المصدر الأصلى ثابتة ، فلاحظ : الفقيه : ٣ / ٣٦ ؛ وتهذيب الأحكام : ٦ / ٢٨٦.

٨٢

بسبب انهما غرّا الرجل ، فيتمسك بعموم التعليل ويثبت بذلك ان مطلق الغرور يوجب الضمان.

ورواية رفاعة بن موسي : « سألت أبا عبداللّه‏ عليه‌السلام ... عن البرصاء ، فقال : قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام فى إمراة زوّجها وليّها وهى برصاء ان لها المهر بما استحل من فرجها وان المهر على الذى زوّجها ، وانما صار عليه المهر لانه دلـّها » ، (١) بتقريب انّها تدل بعموم التعليل على ان كل مدلّى ـ الذى هو تعبير آخر عن الغار ـ ضامن.

وقد اشتمل سندها على سهل الذى وقع محلاً للكلام ولكنها تصلح على اي حال لدعم الصحيحة الاولي.

وبهذا اتضح ان المدرك للقاعدة هو ما ذكر. واما ما اشتهر بلسان « المغرور يرجع على من غرَّه » الذى نسبه بعض الفقهاء الى النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) فلاوجود له.

٤ ـ واما قاعدة التسبيب ، فمدركها السيرة العقلائية الممضاة بعدم الردع شرعاً.

الا ان بعض الأعلام أنكر القاعدة المذكورة ، وذكر ان التسبيب اذا كان موجباً لصدق الإتلاف عرفاًـ كما لو ارسل شخص دابّته واتلفت زرع الغير او دفع الي صبى سكيناً وطلب منه جرح الغير ـ ثبت الضمان ، واما اذا لم يكن موجباً لذلك ـ كما اذا كان المدفوع اليه السكين كبيراً ذا ارادة ـ فلا ضمان. (٣)

٥ ـ واما ثبوت الضمان فى موارد الامر بالعمل ، فلم ينقل فيه خلاف ، بل ذكر المحقق الاردبيلى ان من المحتمل كون ذلك مجمعاً عليه. (٤)

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : ١٤ / ٥٩٦ ، باب ٢ من ابواب العيوب والتدليس ، حديث ٢.

٢ ـ جواهر الكلام : ٣٧ / ١٤٥ ؛ مستمسك العروة الوثقي : ١٤ / ٣٥٠.

٣ ـ التنقيح فى شرح العروة الوثقي : ٢ / ٣٢١ ـ ٣٢٤.

٤ ـ مجمع الفائدة والبرهان : ١٠ / ٨٣.

٨٣

ولكن ما هو السبب للضمان؟ انه السيرة العقلائية الممضاة بعدم الردع.

وهذا السبب للضمان لانجد اشارة اليه فى كلمات المتقدّمين ، ولعل اول من لمّح اليه المحقق الأردبيلي ، (١) ثم تلاه بعض الأعلام من المتأخرين. (٢)

ان قلت : لماذا لايكون الضمان فى موارد الأمر بالعمل من باب الاجارة؟

قلت : انه فى الاجارة يمتلك كل واحد من الطرفين العوض الآخر بمجرد العقد ، كما لاحق لهما فى التراجع والفسخ ، وهذا بخلافه فى مورد الأمر بالعمل ، فانه بمجرد الأمر لايمتلك الآمرُ العملَ فى ذمة المأمور ، كما ان من حق كل واحد منهما التراجع ما دام لم يحصل التصدى للعمل.

ان قلت : لماذا لايكون الضمان من باب الجعالة؟

قلت : ان الجعالة فى روحها هى من مصاديق الأمر بالعمل وليست شيئاً في مقابله ، واذا كان هناك فرق ، فهو باعتبار تعيّن مقدار الجعل فى باب الجعالة عادة بخلافه فى باب الأمر بالعمل ، فانه حيث لم يعيّن مقدار الأجرة فيثبت ضمان أجرة المثل.

٦ ـ وأمّا قاعدة احترام عمل المسلم ، فقد أشار اليها بعض الأعلام فى مسألة الأمر بالعمل ، فانه بعد ان اُتفق على الضمان فيها ، وقع الكلام فى وجه الضمان ، وقد ذكرنا سابقاً ان ذلك للسيرة العقلائية ، غير ان صاحب الجواهر والسيد اليزدى تمسّكا بقاعدة احترام عمل المسلم. (٣)

__________________

١ ـ فقد ذكر فى مجمع الفائدة : ١٠ / ٨٣ ، فى مقام التعليق على كلام العلامة : « ولو أمره بعمل له اجرة بالعادة فعليه الاجرة » ما نصه : « هذا الحكم مشهور ، ويحتمل ان يكون مجمعاً عليه ، ولعل سنده اقتضاء العرف ، فانه يقتضى ان يكون مثل هذا العمل بالاجرة ، فالعرف مع الأمر بمنزلة قوله : اعمل هذا ولك عليَّ الإجرة ».

٢ ـ مستمسك العروة الوثقي : ١٢ / ١٤٢؛ مستند العروة الوثقى ، كتاب الاجارة ، ٣٩١.

٣ ـ جواهر الكلام : ٢٧ / ٣٣٥ ؛ العروة الوثقي ، كتاب الاجارة ، الفصل السادس ، مسألة ١٩.

٨٤

وفيه : ان القاعدة بالمضمون المذكور لم تثبت من خلال النصوص الشرعية وانما الثابت احترام مال المسلم ودمه ، فقد ورد فى صحيحة أبى بصير عن أبى جعفر عليه‌السلام : « قال رسول‏اللّه‏ صلى‌الله‌عليه‌وآله : سباب المؤمن فسوق ....... وحرمه ماله كحرمة دمه » (١) ، وهذا لاينفع لاثبات المطلوب ، لانه ظاهر فى الحرمة التكليفية ، ومع التنزّل فهو ناظر الي المال وليس الى العمل ، فانّ العمل لو سُلّم كونه مالاً ، فالحديث منصرف عنه وناظر الى المال الذى لايكون من قبيل العمل.

وعليه فالصحيح فى الإستدلال على الضمان فى موارد الأمر بالعمل هو التمسك بالسيرة العقلائية لابقاعدة احترام عمل المسلم ، فانها غير ثابتة.

٧ ـ واما الاقدام على الضمان ، فقد ذكره الشيخ الأعظم كسبب للضمان فى مقام توجيه قاعدة : « ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده » ، فالبيع مثلاً اذا كان صحيحاً يثبت فيه الضمان ، بمعنى انه لو تلف المبيع عند المشترى يكون تلفه من كيسه ، ولاحق له فى الرجوع على البائع حتى لو لم يكن التلف عن تفريط ، وهكذا الحال يلزم لو اتضح فساد البيع لبعض الأسباب ، فان تلف المبيع يكون على المشتري ، ولكن لماذا ذلك والحال ان المبيع ـ مع افتراض فساد البيع ـ ليس ملكاً للمشتري ليكون تلفه منه بل هو ملك البائع؟

ذكر الشيخ الأعظم فى هذا المجال انه قد جاء فى كلمات شيخ الطائفة والشهيد الثانى ان السبب هو قاعدة الاقدام على الضمان ، ثمّ علّق الشيخ الأعظم نفسه علي ذلك بان هذا « مطلب يحتاج الى دليل ». (٢)

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : ٨ / ٦١٠ ، باب ١٥٨ من ابواب احكام العشرة ، حديث ٣.

٢ ـ كتاب المكاسب : ١ / ٣٠٤.

٨٥

ونتمكّن ان نقول كتوضيح لتعليق الشيخ الأعظم : ان السيرة العقلائية لم يثبت انعقادها على الضمان بمجرد الاقدام من دون تحقق اليد او الإتلاف او الأمر بالعمل.

٢ ـ الغصب والأحكام الثابتة له

الغصب ـ وهو الإستيلاء على ملك الغير عدواناً ـ له ثلاثة احكام ، اثنان تكليفيان ، وهما الحرمة ، ووجوب الردّ على المغصوب منه او وليّه ، وثالث وضعي ، وهو الضمان ، بمعنى كون المغصوب فى عهدة الغاصب ، اى لو تلف فعليه دفع بدله مِثلاً او قيمة.

والمستند فى ذلك :

١ ـ اما ان الغصب ما ذكر ، فلعله احسن ما يمكن ان يذكر فى تحديده ، (١) وان كان ذلك ليس بمهم ، لأن الضمان ونحوه من الأحكام الشرعية المترتبة على الغصب لم تثبت له بما هو غصب بل بما هو تصرف غير مأذون فيه ، وعلى ذلك لايكون تحديد مفهومه ذا ثمرة. والى هذا أشار صاحب الجواهر بقوله : « ليس للغصب حقيقة شرعية قطعاً ، كما انه ليس له احكام مخصوصة زائدة على المضمون بقاعدة « اليد » « ومن اتلف » كى يحتاج الى المتعبة فى تنقيح معناه ». (٢)

٢ ـ واما ثبوت الحرمة له ، فهو من واضحات الفقه. ويدلّ عليه العقل والكتاب والسنة الشريفان.

__________________

١ ـ لمزيد الإطلاع على سائر التحديدات لاحظ : جواهر الكلام : ٣٧ / ٧ ـ ١٣ ؛ مجمع الفائدة والبرهان : ١٠ / ٤٩١ ؛ جامع المقاصد : ٦ / ٢٠٨.

٢ ـ جواهر الكلام : ٣٧ / ٩.

المناسب الضمان بدل المضمون.

٨٦

اما العقل ، فلحكمه بقبح التصرف فى مال الغير من دون طيب نفسه.

واما الكتاب الكريم فلقوله تعالي : ( ولاتأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ). (١)

واما السنة ، فكقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله فى حجة الوداع : ( .... لايحل دم امري‏ء مسلم ولاماله الا بطيبة نفسه .... ) (٢) ، وكالتوقيع الشريف : « لايحل لأحد ان يتصرّف فى مال غيره بغير اذنه ». (٣)

٣ ـ واما الحكمان الآخران ، فتدلّ عليهما قاعدة « على اليد » الثابتة بالسيرة العقلائية.

٣ ـ من احكام الغصب

يجب ردُّ العين المغصوبة على ما لكها وان كان فيه مؤنة او يلزم منه الضرر.

وعلى هذا ، فلو خاط شخص ثوبه بخيوط مملوكة للغير وطالب ـ الغير ـ بارجاعها وجب ذلك وان أدّى الى فساد الثوب.

نعم من حقِّ مالك الخيوط المطالبة ببدلها اذا كان نزعها من الثوب يوجب تلفها.

وعلى هذا ايضا ، لو مزج الشعير المغصوب بالحنطة وجب فرزه وردُّه على المالك اذا طالب به وان كان فى ذلك مشقة.

واذا كان للعين المغصوبة منافع ـ كالدار التى لها منفعة السكن والسيارة التى لها منفعة الركوب ـ ثبت مضافاً الى ضمان نفس العين ضمان قيمة المنافع التى استوفاها الغاصب بل وغير المستوفاة ايضاً.

__________________

١ ـ البقرة : ١٨٨.

٢ ـ وسائل الشيعة : ١٩ / ٣ ، باب ١ من ابواب القصاص فى النفس ، حديث ٣ ،

٣ ـ وسائل الشيعة : ٦ / ٣٧٦ ، باب ٣ من ابواب الأنفال ، حديث ٦.

٨٧

واذا غصب شخص عيناً وبقيت عنده فترة ونزلت خلالها قيمتها السوقية كفى ردُّها بدون ضمان النزول.

واذا تلفت العين المغصوبة لزم ردُّ مثلها اذا كانت مثلية وقيمتها اذا كانت قيمية.

والمراد بالمثل ما يوجد له نظير مشابه لايختلف معه فى الصفات التى تختلف باختلافها الرغبات بخلاف القيميّ ، فانه ما لايكون كذلك.

واذا وُجد المثل بأزيد من قيمته المتعارفة ، لزم شراؤه ودفعه الى المالك.

واذا كان المثل متوفراً وقد هبطت قيمته عما عليه زمن الغصب كفى دفعه وليس للمالك المطالبة بالقيمة او بالتفاوت.

واذا كان الشيء قيميّاً واختلفت قيمته فى زمان الغصب عنها فى زمان التلف او الأداء ، ففى كون المدار على اى واحد من القيم خلاف.

واذا تعاقبت الأيدى على العين المغصوبة كان من حق المالك الرجوع على اى واحد منها شاء.

واذا غصب شخص ارضاً فزرعها فالزرع للغاصب. واذا لم يرض المالك ببقاءه ولو بأجرة وجبت ازالته فوراً وان تضرر بذلك.

واذا غصب شخص حباً فزرعه او بيضاً فاستفرخه ، فالنماء للمغصوب منه.

واذا كان لشخص دين على آخر وامتنع من اداءه فصرف مالاً فى سبيل تحصيله لم تكن له مطالبة المدين به.

واذا وقع فى يد المغصوب منه مال للغاصب ، جاز اخذه مقاصة وان لم يكن من جنس المغصوب. ولايلزم كسب الإذن من الحاكم الشرعي.

٨٨

والمستند فى ذلك :

١ ـ اما انه يجب ردُّ العين المغصوبة وان لزم منه ما ذكر ، فلأن ذلك لازم بقاء الشيء على ملك مالكه ومطالبته به. على ان الإمساك تصرّف فى مال الغير بغير اذنه فيحرم.

ويمكن التمسك لذلك ايضاً بنحو التأييد ببعض النصوص ، من قبيل مرسلة حمّاد بن عيسى عن بعض اصحابنا عن العبد الصالح عليه‌السلام : « الغصب كله مردود » (١) وما روى عن اميرالمؤمنين عليه‌السلام : « الحجر الغصب فى الدار رهن على خرابها ». (٢)

والمسألة ـ كما قيل ـ لاخلاف فيها الاّ من ابى حنيفة وتلميذه الشيباني ، فانهما قالا فى اللوح المغصوب المثبت على السفينة ، والخشبة المغصوبة المستدخلة في البناء بملك الغاصب لهما وعدم وجوب الردِّ والإكتفاء بردِّ القيمة. (٣)

ولكن ذلك ـ كما أفاد فى الجواهر ـ مخالف لقواعد الاسلام. (٤)

هذا كله لو كان المقصود من الردِّ التخلية بين العين ومالكها ، واما اذا كان المقصود الإيصال الى المالك فيمكن الإستدلال له بقضاء السيرة به.

٢ ـ واما جواز المطالبة ببدل العين المغصوبة اذا كان ارجاعها يستلزم تلفها ، فلأنها بحكم المعدوم آنذاك.

٣ ـ واما ضمان قيمة المنافع المستوفاة ـ كالدار اذا سكنت ـ فلأنها بعد كونها مالاً مشمولةٌ لقاعدتي : « على اليد » و « من اتلف ».

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : ٦ / ٣٦٥ ، باب ١ من ابواب الأنفال ، حديث ٤.

٢ ـ وسائل الشيعة : ١٧ / ٣٠٩ ، باب ١ من ابواب الغصب ، حديث ٥.

٣ ـ جواهر الكلام : ٣٧ / ٧٥.

٤ ـ جواهر الكلام : ٣٧ / ٧٥.

٨٩

وهكذا الحال بالنسية الى قيمة المنافع غير المستوفاة ـ كالدار اذا ابقاها الغاصب خالية ولم يسكنها ـ فانها مضمونة للقاعدتين المتقدمتين. (١)

هذا وقد يستشكل فى الحكم بضمان المنافع ـ مستوفاة كانت او غيرها ـ بما جاء فى كلمات الشيخ الأعظم من انّ عنوان الأخذ لايصدق الاّ بالنسبة الي الاعيان. (٢)

وقد يضاف الى ذلك ان الأداء المذكور فى ذيل القاعدة لايصدق بالنسبة الى غير الأعيان ، فيلزم اختصاص القاعدة بالأعيان.

وفيه : ان مدرك القاعدة ليس لفظياً ليدقق بالشكل المذكور بل هو السيرة ، وهي عامة من هذه الناحية.

على ان ذلك خاص بقاعدة : « على اليد » ولايجرى فى قاعدة : « من اتلف ».

نعم بالنسبة الى المنافع غير المستوفاة قد يفصّل بين ما اذا استند تفويتها الي الغاصب فيحكم بالضمان وبين ما اذا لم يستند اليه فلاضمان.

مثال الاول : ما اذا كان لدى شخص دار يسكنها أو يؤجرها فغصبها آخر ، فانه يكون ضامناً لقيمة السكن حتى لو لم يسكنها وتركها من دون استيفاء باعتبار انه فوّت المنافع على المالك واتلفها عليه.

ومثال الثاني : ما اذا كانت الدار مهجورة وقد ترك المالك الإستفادة منها باي شكل ، فانه اذا غصبها شخص فلا يضمن منافعها ما دام قد تركها مهجورة ايضاً ولم يستوفها ، اذ التفويت والاتلاف لايستند اليه ليكون ضامناً.

__________________

١ ـ قدنقل الشيخ‏الاعظم‏خمسة اقوال فى مسألة ضمان المنافع غير المستوفاة ، فلاحظ : المكاسب : ١ / ٣١١.

٢ ـ المكاسب : ١ / ٣١٠.

٩٠

٤ ـ واما عدم ضمان نقصان القيمة السوقية عند ردِّ العين سالمة ، فباعتبار ان القيمة السوقية مجرد اعتبار لادليل على ضمانه بعد ردِّ العين سالمة ، الا ان يدّعي انعقاد السيرة على ذلك ، وهو قابل للتأمل.

ولعله الى هذا يشير المحقق الاردبيلى بقوله : « ولايضمن القيمة السوقية فانه ما اتلف شيئاً .... ولاضمان الابفوت شيء ». (١)

٥ ـ واما لزوم ردِّ المثل ـ مع تعذّر ردِّ العين ـ اذا كان الشيء مثلياً والقيمة اذا كان قيمياً ، فقد يستدل له :

بقوله تعالي : ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) (٢) بالتقريب الذى نقله الشيخ الأعظم ، وهو ان مماثل ما اعتدى هو المثل فى المثلى والقيمة فى القيمي. (٣)

او بقاعدة « على اليد ».

وكلاهما قابل للمناقشة.

أمّا الاول ، فلأنّ الاية الكريمة إما ناظرة الى خصوص باب الجروح ويكون المقصود منها ما اشير اليه فى اية اخرى ( وكتبنا عليهم فيها ان النفس بالنفس والعين بالعين .... ) (٤) ، او هى عامة لغير ذلك ودالة على ان من اعتدى بكسر إناء مثلاً فمن حق المعتدى عليه الاعتداء بالمثل وذلك بأخذ ما يماثل الإناء المكسور ـ بعد الجزم بعدم كون المقصود كسر اناء مشابه من اوانى المعتدى ـ وواضح ان جواز

__________________

١ ـ مجمع الفائدة والبرهان : ١٠ / ٥٢١.

٢ ـ البقرة : ١٩٤.

٣ ـ كتاب المكاسب : ١ / ٣١٥.

٤ ـ المائدة : ٤٥.

٩١

أخذ المثل شيء والضمان بمعنى اشتغال الذمة بالمثل شيء آخر ، والمطلوب اثباته هو الثانى دون الأول.

واما الثاني ، فلأن قاعدة : « على اليد » لو تمَّ مدركها اللفظي ، فهى ناظرة الى اصل الضمان دون التفصيل بين المثلى والقيمى فى فرض تعذّر ردِّ العين.

والأولى الاستدلال بالسيرة العقلائية القاضية بانّ من أتلف مال الغير فعليه غرامة مثله ان كان مثلياً وقيمته ان كان قيمياً.

٦ ـ واما تفسير المثلى والقيمى بما ذكر ، فهو ما يقتضيه بناء العقلاء الذى هو المستند لضمان المثلى فى المثلى والقيمة فى القيمي.

٧ ـ واما لزوم شراء المثل ولو باكثر من قيمته المتعارفة ، فباعتبار ان سيرة العقلاء ـ التى هى مدرك ضمان المثل فى المثلى ـ قاضية باستحقاق المثل حتى فى الحالة المذكورة.

٨ ـ وأمّا الإكتفاء بدفع المثل ـ عند تعذّر ارجاع العين ولو مع هبوط قيمته ، فباعتبار ان سيرة العقلاء التى هى مدرك ضمان المثل فى المثلى ـ لا تقضى باكثر من ذلك.

٩ ـ واما كون المدار فى الضمان على قيمة يوم الغصب ، فيستند الى صحيحة ابي ولاّد : « اكتريت بغلاً الى قصرابن هبيرة (١) ذاهباً وجائياً بكذا وكذا ، وخرجت فى طلب غريم لي ، فلمّا صرت قرب قنطرة الكوفة خُبّرت ان صاحبى توجّه الى النيل ، فتوجّهت نحو النيل فلمّا أتيت النيل خُبّرت انه توجّه الى بغداد ، فأتبعته فظفرت به و

__________________

١ ـ قصر ابن هبيرة : موضع قريب من الحائر الحسيني ، زاده اللّه‏ شرفاً.

والنيل : قرية بالكوفة بين « واسط » و « بغداد ».

٩٢

رجعت الى الكوفة .... ، فأخبرت أباعبداللّه‏ عليه‌السلام فقال : أرى له عليك مثل كراء البغل ذاهباً من الكوفة الى النيل ومثل كراء البغل من النيل الى بغداد ومثل كراء البغل من بغداد الى الكوفة وتوفّيه ايّاه.

قلت : قد علفته بدراهم ، فلى عليه علفه؟ قال : لا ، لانك غاصب. فقلت : أرأيت لو عطب البغل او نفق (١) أليس كان يلزمني؟ قال : نعم قيمة بغل يوم خالفته ... ». (٢)

وفقرة الشاهد قوله عليه‌السلام : « نعم قيمة بغل يوم خالفته » بتقريب ان الظرف « يوم خالفته » متعلق بالقيمة ، اى قيمة يوم المخالفة تلزمك ، وواضح ان يوم المخالفة هو يوم الغصب ، فيكون المدار على قيمة يوم الغصب.

واذا اشكل بوجود احتمال آخر ، وهو تعلقه ب « يلزمك » المقدرة كان الجواب ان التعلق بالاقرب اظهر عند الدوران بينه وبين التعلق بالأبعد.

هكذا يمكن ان يوجّه القول بضمان قيمة يوم الغصب.

اما اذا انكرنا ذلك وقلنا ان الأقربية لاتوجب دائماً اظهرية التعلق بالأقرب وانما توجب ذلك لو كان الفاصل كبيراً بين الموردين دون ما ذا كان قليلاً كما فى المقام ، فتعود الصحيحة مجملة لوجود كلا الأحتمالين ، ومعه يلزم الرجوع الى القاعدة.

وفى بيان القاعدة ، قد يقال : هى تقتضى كون المدار على قيمة يوم التلف ، لان الذمة كانت مشتغلة بنفس العين قبل تلفها ، وعند التلف تشتغل بقيمتها ، فيكون المدار على قيمة يوم التلف.

وقد يقال : هى تقتضى كون المدار على زمان الأداء ، لانه يلزم تعويض المالك

__________________

١ ـ فى الطبع الجديد للوسائل : ونفق ، وهو انسب ، لان عطب ونفق بمعنيً واحد ، وهو الهلاك.

٢ ـ وسائل الشيعة : ١٧ / ٣١٣ ، باب ٧ من أبواب الغصب ، حديث ١.

٩٣

بالقيمة التى لايخسر شيئاً لو دفعت اليه وليست هى الاقيمة يوم الأداء.

وبهذا تعرف توجيه القولين الآخرين.

١٠ ـ واما جواز رجوع المالك على اى واحد من ذوى الأيدى المتعاقبة ، فقد قيل انه لاخلاف فيه. (١) وعلل بان كل واحد منهم غاصب مخاطب بردِّ العين او بدلها ، (٢) بل تجوز مطالبة الكل ببدل واحد بنحو التقسيط ، لأنّه اذا جازت مطالبة كل واحد منهم بالجميع فالبعض بطريق اولي.

نعم قرار الضمان يكون على من تلف المغصوب فى يده ، بمعنى انه لو رجع المالك عليه لم يجز له الرجوع على الايدى الاخرى ـ لفرض تحقق التلف عنده ـ بخلاف ما لو رجع على غيره ، فانه يجوز لذلك الغير الرجوع عليه. وهذا يعنى ـ على ما ذكر صاحب الجواهر ـ ان الخطاب بالاداء شرعى فى حق الجميع وذمّي فى حق من تحقق التلف فى يده. (٣)

١١ ـ واما ان الغاصب للارض اذا زرعها يكون الزرع له ، فهو مما لاخلاف فيه ، (٤) لكون الزرع نماء ملك الغاصب ، والارض هى من المعدّات كالماء والهواء.

هذا مضافاً الى بعض الأخبار ، كخبر عقبة بن خالد : « سالت ابا عبداللّه‏ عليه‌السلام عن رجل اتى ارض رجل ، فزرعها بغير اذنه حتى اذا بلغ الزرع جاء صاحب الارض ، فقال : زرعت بغير إذنى فزرعك لى وعليَّ ما أنفقت ، أله ذلك أم لا؟ فقال : للزارع زرعه ولصاحب الأرض كرأء أرضه » (٥) وغيره.

__________________

١ ـ جواهر الكلام : ٣٧ / ٣٣.

٢ ـ جواهر الكلام : ٣٧ / ٣٤.

٣ ـ جواهر الكلام : ٣٧ / ٣٤.

٤ ـ جواهر الكلام : ٣٧ / ٢٠٢.

٥ ـ وسائل الشيعة : ١٣ / ٢٨٣ ، باب ٣٣ من أبواب الإجارة ، حديث ٢.

٩٤

١٢ ـ واما وجوب الإزالة ـ ولو مع التضرر ـ لو طلب المالك ذلك ، فهو مما لاخلاف فيه(١) ، لان فعل الغاصب ظلم ويلزم ازالة الظلم.

وجاء فى حديث عبدالعزيزبن‏محمد : « سمعت أباعبداللّه‏ عليه‌السلام يقول : من أخذ ارضاً بغيرحقها او بنى فيها ، قال : يرفع بناؤه وتسلّم التربة الى صاحبها ، ليس لعرق ظالم حق ». (٢)

١٣ ـ واما ان نماء الحبِّ والبيض للمغصوب منه ، فهو المشهور ، (٣) لانّ نماء الشيء تابع له.

ونسب الى الشيخ وابن حمزة انه للغاصب ، بدعوى ان عين المغصوب قد تلفت ، فلا يلزم الغاصب سوى قيمتها او مثلها ، بل نسب الى الشيخ انه قال : ان من يقول ان الفرخ عين البيض وان الزرع عين الحب مكابر ، بل المعلوم خلافه. (٤)

وما افيد غريب ، فان الفرخ وان لم يكن عين البيض ولكنه نماؤه عرفاً ، ونماء الشيء تابع له فى الملكية ، وهكذا بالنسبة الى الحبِّ والزرع.

١٢ ـ واما عدم جواز مطالبة الغاصب بما صرفه المغصوب منه فى سبيل تحصيل حقه ، فلأن الصرف قد تحقق باختيار المغصوب منه وبفعله ، ومعه فلا موجب لرجوعه على الغاصب.

١٣ ـ واما جواز المقاصة ، فتدل عليه جملة من النصوص ، كصحيحة داود بن

__________________

١ ـ جواهر الكلام : ٣٧ / ٢٠٥.

٢ ـ وسائل الشيعة : ١٣ / ٢٨٣ ، باب ٣٣ من أبواب الإجارة ، حديث ٣.

والمناسب زيادة كلمة قال.

٣ ـ جواهر الكلام : ٣٧ / ١٩٨.

٤ ـ جواهر الكلام : ٣٧ / ١٩٨.

٩٥

زربي : « قلت لأبى الحسن موسى عليه‌السلام : انى اخالط السلطان ، فتكون عندى الجارية فياخذونها ، والدّابّة الفارهة فيبحثون فياخذونها ، ثم يقع لهم عندى المال فلى أن آخذه؟ قال : خذ مثل ذلك ولا تزد عليه » (١) وغيرها.

وأمّا عدم اشتراط كونه من جنس المغصوب وعدم لزوم كسب الإذن من الحاكم الشرعي ، فلإطلاق النصوص من هذه الناحية.

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : ١٢ / ٢٠١ ، باب ٨٣ من أبواب ما يكتسب به ، حديث ١.

٩٦

كتاب

الاطعمة والاشربة

حيوان البحر

حيوان البرّ

الطيور

ما يحرم من الحيوان المذبوح

التحريم الطارئ

٩٧
٩٨

أفراد ما يحرم تناوله

ما يحرم تناوله تارة يكون من الحيوان واُخرى من غيره ـ ونقصر الحديث ـ خوف الإطالة ـ على الأول.

والحديث يقع تارة عن حيوان البحر ، واُخرى عن حيوان البر ، وثالثة عن الطيور ، ورابعة عما يحرم من الحيوان المذبوح ، وخامسة عن التحريم الطارئ علي الحيوان فى حالات معينة.

حيوان البحر

كل حيوان يعيش فى الماء محرم ما عدا شيئين : السمك الذى له فلس (١) ، والطيور المائية.

وإذا شك فى وجود الفلس بنى على الحرمة.

والمستند فى ذلك :

١ ـ أمّا انحصار الحلية فى الحيوانات التى تعيش فى الماء بما تقدم ، فمرجعه الي دعويين :

الاُولي : حلية السمك الذى له فلس ، والطيور المائية.

__________________

١ ـ وقد عبِّر عن الفلس فى الروايات بالقشر.

٩٩

الثانية : حرمة ما عدا ذلك.

أما بالنسبة الى الدعوى الاُولى فيدلّ عليها أمران :

أ ـ التمسك بأصل الحل ـ الذى هو الأصل الأولى فى الاشياء ـ المستند الى مثل قوله تعالي : ( قل لا أجد فيما اُوحى اليّ محرماً على طاعم يطعمه إلاّ أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير ... ) (١) ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « رفع عن اُمتى ... ما لايعلمون » (٢) ، وغير ذلك.

ب ـ الروايات الخاصة ، كصحيحة محمد بن مسلم عن أبيجعفر عليه‌السلام : « قلت له : رحمك اللّه‏ إنّا نُؤتى بسمك ليس له قشر ، فقال : كل ما له قشر من السمك ، وما ليس له قشر فلا تأكله » (٣) وغيرها.

هذا بالنسبة الى السمك.

وأمّا الطيور فيأتى التحدث عنها تحت عنوان الطيور إن شاء اللّه‏ تعالي.

وأمّا بالنسبة الى الدعوى الثانية ، فهى متسالم عليها بين الأصحاب وإن نسب صاحب الجواهر الى بعض متأخرى المتأخرين الوسوسة فى ذلك بل الميل الي الحلّ فى الجملة. وربما ينسب ذلك الى الشيخ الصدوق أيضاً ، ولكنه لم‏يثبت. (٤)

وعلى أى حال يمكن التمسك لذلك بموثقة عمار بن موسى الساباطى عن أبي عبداللّه‏ عليه‌السلام : « سألته عن الربيثا ، فقال : لا تأكلها ، فانا لا نعرفها فى السمك يا عمار » (٥) ،

__________________

١ ـ الانعام : ١٤٥.

٢ ـ وسائل الشيعة : ١١ / ٢٩٥ ، باب ٥٦ من ابواب جهاد النفس ، حديث ١.

٣ ـ وسائل الشيعة : ١٦ / ٣٩٧ ، باب ٨ من ابواب الاطعمة المحرمة ، حديث ١.

٤ ـ جواهر الكلام : ٣٦ / ٢٤٣.

٥ ـ وسائل الشيعة : ١٦ / ٤٠٨ ، باب ١٢ من ابواب الاطعمة المحرمة ، حديث ٤.

١٠٠