دروس تمهيديّة في الفقه الإستدلالي - ج ٤

الشيخ محمّد باقر الإيرواني

دروس تمهيديّة في الفقه الإستدلالي - ج ٤

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر الإيرواني


الموضوع : الفقه
الناشر: المركز العالمي للدّراسات الإسلامية
المطبعة: توحيد
الطبعة: ٢
الصفحات: ٢٨١

فإن التعليل فيها يدل على عدم حلية غير السمك.

٢ ـ وأمّا تقييد حلية السمك بما إذا كان ذا فلس ، فهو المعروف بين الأصحاب ، بل كاد أن يكون ذلك متسالماً عليه بينهم. وتدلّ عليه الروايات الكثيرة التى من جملتها صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة.

إلاّ أن فى مقابل ذلك روايات تستفاد منها حلية ما ليس له فلس ، كصحيحة محمد بن مسلم الاُخري : « سألت أبا عبداللّه‏ عليه‌السلام عن الجرى والمارماهى والزمّير وما ليس له قشر من السمك حرام هو؟ قال لي : يا محمد اقرأ هذه الاية التى في الأنعام ( قل لا أجد فيما اُوحى إليَّ محرّماً على ... ) قال : فقرأتها حتى فرغت منها ، فقال : إنّما الحرام ما حرّم الله ورسوله فى كتابه ولكنهم قد كانوا يعافون أشياء فنحن نعافها » (١) وغيرها.

ويمكن الجواب عنها ، بأنّ مضمونها مهجور لدى الأصحاب فتكون ساقطة عن خالحجية.

٣ ـ وأمّا أنّه إذا شك فى وجود الفلس يبنى على الحرمة ، فلاستصحاب عدمه.

حيوان البرّ

الحيوان الذى يعيش فى البرّ تارة يكون أهلياً واُخرى وحشيّاً.

أما الأهلى فتحل منه الأنعام الثلاثة والخيل والبغال والحمير وإن كانت الثلاثة الأخيرة المذكورة مكروهة.

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : ١٦ / ٤٠٤ ، باب ٩ من ابواب الاطعمة المحرمة ، حديث ٢٠.

ثم من المحتمل ان تكون الاعافة بمعنى الكراهة.

١٠١

وأمّا الوحشى فيحل منه البقر وكبش الجبل(١) والحُمر الوحشية والغزلان واليحامير. (٢)

وهل ينحصر الحل ـ فى حيوان البرّ ـ بما ذكر؟ يشكل ذلك.

والمستند فى ذلك :

١ ـ أمّا حلية الانعام الثلاث ، فهى من ضروريات الدين. ويدل عليها مضافاً الى ذلك :

أ ـ قوله تعالي : ( والأنعام خلقها لكم فيها دف‏ء ومنافع ومنها تأكلون ) (٣) ، ( ومن الأنعام حمولة وفرشاً كلوا ممّا رزقكم الله ولاتتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين * ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين قل ءَآلذكرين حرّم أم الاُنثيين نبئونى بعلم إن كنتم صادقين * ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين قل ءآلذكرين حرّم اُم الاُنثيين ... ). (٤)

ب ـ وبقطع النظر عن ذلك يكفينا أصل الحلّ.

٢ ـ وأمّا حلية لحم الخيل والبغال والحمير ، فهى المشهور بين الأصحاب. ونسب الخلاف الى الشيخ المفيد والحلبى حيث حرّم الأول البغال والحمير والهجين من الخيل ، (٥) والثانى خصوص البغال. (٦)

__________________

١ ـ كبش الجبل ـ على ما قيل ـ هو الضأن والمعز الجبليان.

٢ ـ اليحمور حيوان شبيه بالابل. وقيل هو دابة وحشية لها قرنان طويلان كأنهما منشاران ، ينشر بهما الشجر ، يلقيهما كل سنة.

٣ ـ النحل : ٥.

٤ ـ الأنعام : ١٤٢ ـ ١٤٤.

٥ ـ الهجين هو ما كان احد ابويه غير عربي.

٦ ـ جواهر الكلام : ٣٦ / ٢٦٨.

١٠٢

وتدل على الحلية ـ مضافاً الى الأصل ـ صحيحة محمد بن مسلم وزرارة عن أبيجعفر عليه‌السلام : « أنهما سألاه عن أكل لحوم الحمر الأهلية ، فقال : نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن أكلها يوم خيبر ، وإنّما نهى عن أكلها فى ذلك الوقت لأنها كانت حمولة الناس وإنّما الحرام ما حرّم الله فى القرآن » (١) ، وصحيحة محمد بن مسلم الاُخرى عن أبيجعفر عليه‌السلام : « سألته عن لحوم الخيل والبغال والحمير ، فقال : حلال ولكن الناس يعافونها » (٢)و غيرهما.

وفى مقابل ذلك نصوص دلّت على النهى عن أكلها ، من قبيل صحيح ابن مسكان : « سألت أباعبداللّه‏ عليه‌السلام ... عن أكل الخيل والبغال ، فقال : نهى رسول‏الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عنها ولاتأكلها إلاّ أن تضطرّ اليها » (٣) ، وصحيح سعد بن سعد عن الرضا عليه‌السلام : « سألته عن لحوم البراذين(٤) والخيل والبغال ، فقال : لاتأكلها ». (٥)

وذكر فى الجواهر أن بالامكان ترجيح الطائفة الاُولى باعتبار موافقتها للكتاب الكريم ومخالفتها للعامة. (٦)

هذا ولكن المناسب الجمع بحمل الثانية على الكراهة فإنّ الاُولى صريحة في الجواز والثانية ظاهرة فى التحريم ، والعرف يجمع بتأويل الظاهر بحمله علي الكراهة بقرينة الصريح.

وعليه فالتعارض غير مستقر ، لإمكان الجمع العرفى بينهما ، ومعه لاتصل النوبة

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : ١٦ / ٣٩٠ ، باب ٤ من ابواب الاطعمة المحرمة ، حديث ١.

٢ ـ وسائل الشيعة : ١٦/ ٣٩٣ ، باب ٥ من ابواب الاطعمة المحرمة ، حديث ٣.

٣ ـ وسائل الشيعة : ١٦ / ٣٩٣ ، باب ٥ من ابواب الاطعمة المحرمة ، حديث ١.

٤ ـ البرذون هو التركى من الخيل فى مقابل العِراب.

٥ ـ وسائل الشيعة : ١٦ / ٣٩٤ ، باب ٥ من ابواب الاطعمة المحرمة ، حديث ٥.

٦ ـ جواهر الكلام : ٣٦ / ٢٦٩.

١٠٣

الى اعمال المرجحين السابقين فإن اعمال المرجحات فرع التعارض المستقر ، والمفروض عدمه.

ومن خلال الجمع العرفى المتقدم اتضح وجه الحكم بكراهة أكل لحم الثلاثة.

٣ ـ وأمّا أنّ الخمسة من الحيوان الوحشى يحل أكل لحمها ، فلم يعرف فيه خلاف. ويدل عليه :

أ ـ أصل الحل بالبيان المتقدم فى بداية البحث.

ب ـ النصوص الخاصة ، كصحيحة على بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام : « سألته عن ظبي أو حمار وحش أو طير صرعه رجل ثم رماه بعد ما صرعه غيره ، فمتى يؤكل؟ قال : كله ما لم يتغير إذا سمّى ورمي » (١) ، وصحيحة سعد بن سعد : « سألت الرضا عليه‌السلام عن اللامص ، فقال : وما هو؟ فذهبت أصفه ، فقال : أليس اليحامير؟ قلت : بلي ، قال أليس تأكلونه بالخل والخردل والابزار؟ قلت : بلي ، قال : لا بأس به » (٢) ، وصحيحة محمد بن قيس عن أبيجعفر عليه‌السلام : « قال فى ايل يصطاده رجل فيقطعه الناس والرجل يتبعه أفتراه نهبةً؟ (٣) قال : ليس بنهبة وليس به بأس » (٤) ، فإنّ الايل هو بقر الجبل.

ويبقى كبش الجبل لا رواية خاصة فيه إلاّ أنه يمكن التمسك لإثبات حليته بقوله تعالي : ( ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين قل ءَآلذكرين حرّم أم الاُنثيين ) (٥) ، بناءً على تفسير الانثيين بالأهلى والوحشي ، بل حتى لو فسر بالذكر والاُنثى فبالإمكان التمسك بالإطلاق.

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : ١٧ / ٣٤ ، باب ١٩ من ابواب الاطعمة المباحة ، حديث ٥.

٢ ـ وسائل الشيعة : ١٧ / ٣٤ ، باب ١٩ من ابواب الاطعمة المباحة ، حديث ٢.

٣ ـ أى هل يعدُّ أخذ الناس له نهباً وغصباً محرماً بعد فرض أن الرجل قد جرحه.

٤ ـ وسائل الشيعة : ١٦ / ٢٧٥ ، باب ١٧ من ابواب الصيد ، حديث ٢.

٥ ـ الانعام : ١٤٣.

١٠٤

٤ ـ وأمّا وجه الاشكال فى حصر حلِّ حيوان البر بما ذكر ، فباعتبار أنّ أدلة حلية ما تقدم لايستفاد منها حصر الحل بذلك ، ومعه يبقى غيره على أصل الحل إلاّ ما دل الدليل على تحريمه بعنوانه الخاص ، وهو ما يلي :

أ ـ نجس العين ، كالكلب والخنزير ، فإنّ حرمة لحمه هى من لوازم نجاسته العينية كما هو واضح.

ب ـ السباع ، كالأسد والنمر والفهد والثعلب والضبع و ... ولا خلاف في تحريمها. ويدل على ذلك صحيحة داود بن فرقد عن أبي عبداللّه‏ عليه‌السلام : « كلّ ذى ناب من السباع ومخلب من الطير حرام » (١) ، وصحيحة الحلبى عن أبي عبدالله عليه‌السلام : « لايصلح أكل شيء من السباع ، إنى لأكرهه واُقذره ». (٢)

ومقتضى الصحيح الأول اعتبار وجود الناب بخلاف الصحيح الثاني ، فإن مقتضاه عدم اعتبار ذلك على تقدير وجود سبع(٣) لا ناب له.

وقد يجمع بحمل المطلق على المقيد بناءً على ثبوت المفهوم للمقيد.

وهو وجيه لولا موثقة سماعة : « سألت أباعبداللّه‏ عليه‌السلام عن المأكول من الطير والوحش ، فقال : حرّم رسول اللّه‏ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كل ذى مخلب من الطير وكل ذى ناب من الوحش ، فقلت : إن الناس يقولون من السبع ، فقال لي : يا سماعة! السبع كله حرام وإن كان سبعاً لا ناب له ، وإنّما قال رسول‏اللّه‏ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هذا تفضلاً ـ الى أن قال : ـ وكل ما صفّ وهو ذو مخلب فهو حرام » (٤) الدالة على حرمة مطلق السبع. ثم إنه ورد فى بعض الروايات ما يدل على عدم حرمة السبع ، من قبيل صحيحة محمد بن مسلم عن

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : ١٦ / ٣٨٧ ، باب ٣ من ابواب الاطعمة المحرمة ، حديث ١.

٢ ـ وسائل الشيعة : ١٦ / ٣٨٨ ، باب ٣ من ابواب الاطعمة المحرمة ، حديث ٥.

٣ ـ السبع : كل حيوان مفترس. وقيل : هو كل حيوان له ظفر أو ناب. والناب هو السن الذى يتم به الافتراس.

٤ ـ وسائل الشيعة : ١٦ / ٣٨٨ ، باب ٣ من ابواب الاطعمة المحرمة ، حديث ٣.

١٠٥

أبي جعفر عليه‌السلام : « سُئل عن سباع الطير والوحش ... فقال : ليس الحرام إلاّ ما حرم اللّه‏ في كتابه ... » (١) وغيرها ، إلاّ أنه لهجران مضمونها بين الأصحاب ساقطة عن الحجية.

ج ـ المسوخ ، كالقردة والخنازير و ... ولا خلاف فى تحريمها. وتدل على ذلك صحيحة الحلبى عن أبيعبداللّه‏ عليه‌السلام : « سألته عن أكل الضبّ ، فقال : إنّ الضبّ والفأرة والقردة والخنازير مسوخ » (٢) وموثقة سماعة عن أبيعبداللّه‏ عليه‌السلام : « حرّم اللّه‏ ورسوله المسوخ جميعها » (٣) وغيرهما.

د ـ الحشرات ، وهى كل حيوان يأوى ثقوب الأرض ، كالحيّة والعقرب والجرذ والفأرة و ... ولم يعرف خلاف فى حرمتها ، إلاّ أنّه لا دليل على ذلك سوى رواية دعائم الاسلام عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : « أنّه نهى عن الضبّ والقنفذ وغيره من حشرات الأرض ». (٤)

وهى وإن كانت مرسلة كبقية روايات دعائم الاسلام إلاّ أنّه بناءً على تمامية كبرى الانجبار تعود حجة. (٥)

هذه عناوين أربعة قد ثبت التحريم فيها.

وربما يضاف اليها خامس ، وهو عنوان الخبائث ويحكم بحرمة مثل الخنافس والخفاش والقمل وغيرها من جهته ـ حتى مع فرض عدم دخولها تحت أحد العناوين السابقة ـ استناداً الى مثل قوله تعالي : ( يحلّ لهم الطيبات ويحرّم عليهم

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : ١٦ / ٣٩٤ ، باب ٥ من ابواب الاطعمة المحرمة ، حديث ٦.

٢ ـ وسائل الشيعة : ١٦ / ٣٧٩ ، باب ٢ من ابواب الاطعمة المحرمة ، حديث ١.

٣ ـ وسائل الشيعة : ١٦ / ٣٨٠ ، باب ٢ من ابواب الاطعمة المحرمة ، حديث ٣.

٤ ـ مستدرك وسائل الشيعة : ١٦ / ١٧٠.

٥ ـ لاحظ : هامش ص ٧٠ من هذا الكتاب.

١٠٦

الخبائث ). (١)

وهو وجيه لو كان المراد من الخبائث ما تشمئز منه النفوس ، ولم‏يحتمل كون المراد منها الأعمال السيئة.

هذا وقد ادّعى الاجماع على حرمة مثل الزنابير والذباب والبق والفراش والسلابيح وما شاكل ذلك.

ولعل النكتة كونها من الخبائث ، بل إن بعضها هو من المسوخ ـ على ما قيل ـ كالزنابير.

الطيور

يحل كل حيوان طائر إلاّ إذا :

أ ـ كان سبعاً ، أى ذا مخلب.

ب ـ أو كان صفيفه أكثر من دفيفه. (٢)

ج ـ أو لم تكن له قانصة ولا حوصلة ولا صيصة. (٣)

__________________

١ ـ الاعراف : ١٥٧.

٢ ـ صفيف الطائر بسطه لجناحيه حالة طيرانه ، كما هو الحال فى جوارح الطير. ودفيفه تحريكه لجناحيه.

٣ ـ القانصة : هى للطير بمنزلة المصارين فى غيره ، وتجتمع فيها الاجسام الصلبة ، ويعبر عنها فى الفارسية بـ « سنك دان ».

والحوصلة هى للطير كالمعدة لغيره ، وتكون فى آخر العنق عادة.

وهذان العضوان يختص بهما الطائر الذى يأكل الحبوب ليسهل عليه من خلالهما هضم ما يعسر هضمه. وهما مفقودان فى جوارح الطير التى تأكل اللحوم ، لانّ اللحم سريع الهضم.

والحبُّ متى ما اجتمع فى الحوصلة يليّن من خلال افرازاتها الخاصّة ويستعدُّ للهضم فى القانصة.

واما الصيصة فهى شوكة خلف رجل الطائر خارجة عن قدمه ، وهى له بمثابة الإبهام للانسان.

١٠٧

والطير متى ما اُحرز حال صفيفه حكم بمقتضاه من دون أن تصل النوبة الى ملاحظة القانصة ونحوها ، وإنّما يلحظ ذلك فى الطير الذى لايعرف حال صفيفه.

وعليه فعند التعارض بين العلامة الثانية والثالثة تقدم الثانية.

ويكفى عند فقدان العلامة الثانية وجود أحد الاُمور الثلاثة ولايلزم وجود جميعها.

ولا فرق فى الاحكام المذكورة للطائر بين كونه طير البرّ أو طير الماء.

والمستند فى ذلك :

١ ـ أمّا أن كل طائر هو محكوم بالحلية إلاّ إذا انطبق عليه أحد العناوين المذكورة ، فلأن ذلك مقتضى أصل الحلّ.

٢ ـ وأمّا حرمة السبع من الطائر ، فهى ممّا لايعرف فيها خلاف. وتدل عليها صحيحة داوود بن فرقد وموثقة سماعة المتقدمتان فى الرقم ٤ من حيوان البرّ وغيرهما.

٣ ـ وأمّا حرمة ما يصفُّ ، فلم‏يعرف فيها خلاف. وتدل عليها صحيحة زرارة : « سأل اباجعفر عليه‌السلام عمّا يؤكل من الطير ، فقال : كُلْ ما دفَّ ولا تأكل ما صفّ » (١) ، وموثقة سماعة عن أبيعبداللّه‏ عليه‌السلام : « كل ما صفَّ وهو ذو مخلب فهو حرام ... » (٢) وغيرهما.

والمراد كُلْ ما دفَّ أكثر ولاتأكل ما صفَّ أكثر ـ كما فهم الفقهاء ـ وليس المراد ما كان كذلك دائماً ، إذ كل ما يصفّ يدفّ أيضاً والعكس بالعكس كما هو واضح.

٤ ـ وأمّا حرمة الطائر الفاقد للقانصة والحوصلة والصيصة ، فلم‏يعرف فيها خلاف. وتدل عليها صحيحة عبداللّه‏ بن سنان عن أبيعبداللّه‏ عليه‌السلام : « قلت : الطير ما

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : ١٦ / ٤٢٠ ، باب ١٩ من ابواب الاطعمة المحرمة ، حديث ١.

٢ ـ وسائل الشيعة : ١٦ / ٤٢١ ، باب ١٩ من ابواب الاطعمة المحرمة ، حديث ٢.

١٠٨

يؤكل منه؟ فقال : لاتأكل ما لم‏تكن له قانصة » (١) ، وموثقة سماعة عن أبيعبداللّه‏ عليه‌السلام : « كُلْ من طير البر ما كانت له حوصلة ومن طير الماء ما كانت له قانصة ... والقانصة والحوصلة يمتحن بهما الطير ما لايعرف طيرانه وكل طير مجهول » (٢) ، ورواية ابن بكير عن أبيعبداللّه‏ عليه‌السلام : « كل من الطير ما كانت له قانصة أو صيصة أو حوصلة ». (٣)

وقد ورد فى سند الأخيرة سهل. والأمر فيه إن كان سهلاً فلا مشكلة وإلاّ فحجيتها ـ من حيث علامية الصيصة التى لم‏ترد إلاّ فيها ـ تبتنى على القول بكبري الانجبار.

٥ ـ وأمّا أن العلامة الثالثة هى فى طول فقدان العلامة الثانية ، فيمكن استفادته من موثقة سماعة المتقدمة.

٦ ـ وأمّا الاكتفاء بأحد الاُمور الثلاثة فى ثبوت الحل للحيوان ، فباعتبار أن ذكرها فى الروايات متفرقة دليل على عدم اعتبار اجتماعها. هذا مضافاً الى دلالة موثقة سماعة ورواية ابن بكير ـ المتقدمتين فى رقم ٤ ـ على ذلك بوضوح.

٧ ـ وأمّا عدم الفرق بين طير البر وطير الماء فى الاحكام المتقدمة ، فباعتبار إطلاق النصوص المتقدمة ، بل إنّ رواية مسعدة بن صدقة عن أبيعبداللّه‏ عليه‌السلام : « كلْ من الطير ما كانت له قانصة ولا مخلب له. قال : وسئل عن طير الماء فقال : مثل ذلك » (٤) صريحة فى التعميم.

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : ١٦ / ٤١٨ ، باب ١٨ من ابواب الاطعمة المحرمة ، حديث ١.

٢ ـ وسائل الشيعة : ١٦ / ٤١٩ ، باب ١٨ من ابواب الاطعمة المحرمة ، حديث ٣.

٣ ـ وسائل الشيعة : ١٦ / ٤١٩ ، باب ١٨ من ابواب الاطعمة المحرمة ، حديث ٥.

٤ ـ وسائل الشيعة : ١٦ / ٤١٩ ، باب ١٨ من ابواب الاطعمة المحرمة ، حديث ٤.

١٠٩

ما يحرم من الحيوان المذبوح

إذا ذبح الحيوان الذى يحل أكله لم‏يجز تناول جملة من الأشياء منه هي : الدم ، الخصيتان ، القضيب ، المثانة ، الغدد(١) ، الطحال ، المرارة.

وزاد المشهور أشياء اُخري ، كالفرج والمشيمة (٢) وخرزة الدماغ(٣) والنخاع(٤) والعلباوين(٥) وحدقة العين(٦) والفرث.

والمستند فى ذلك :

١ ـ أمّا حرمة السبعة الاُولى ، فهى ما عليه المشهور ، بل قد يدعى الاتفاق علي حرمة الدم والخصيتين والقضيب والطحال. وتدل على ذلك صحيحة ابراهيم بن عبدالحميد عن أبيالحسن عليه‌السلام : « حرّم من الشاة سبعة أشياء : الدم والخصيتان والقضيب والمثانة والغدد والطحال والمرارة » (٧) وغيرها. بل ان حرمة الدم هى من ضروريات الاسلام. وقد دلّ على ذلك قوله تعالي : ( حرمت عليكم الميتة والدم ... ) (٨) وغيره ممّا ورد فى الكتاب الكريم.

__________________

١ ـ هى أجسام مدورة تشبه البندق.

٢ ـ هى موضع الولد.

٣ ـ هى حبة بقدر الحمصة موجودة فى وسط الدماغ.

٤ ـ هو خيط ابيض فى وسط فقار الظهر.

٥ ـ هما عصبان ممتدان على الظهر من الرقبة الى الذنب.

٦ ـ هى الحبة الناظرة منها لا جسم العين كله.

٧ ـ وسائل الشيعة : ١٦ / ٤٣٧ ، باب ٣٧ من ابواب الاطعمة المحرمة ، حديث ١.

والسند بطريق الكلينى إذا كان قابلاً للمناقشة من ناحية عبيدالله الدهقان فهو بنقل البرقى فى محاسنه لا إشكال فيه.

٨ ـ المائدة : ٣.

١١٠

ومقتضى الاطلاق حرمة الدم بجميع أقسامه بما فى ذلك دم ما لا نفس له كالسمك.

أجل ، ينبغى أن يعفى من ذلك ما كان تابعاً للحم من دون أن يكون له وجود عرفى متميز ، بل قد يتأمل فى حرمة دم السمك من هذه الناحية.

٢ ـ وأمّا حرمة البقية ، فقد دلت عليها روايات(١) لاتخلو عن ضعف سندي. وبناءً على تمامية كبرى الانجبار يمكن الافتاء بمضمونها. بل إن المحقق مال الى التحريم فى المثانة والمرارة والمشيمة من جهة كونها من الخبائث. (٢)

التحريم الطارئ

قد تعرض الحرمة على الحيوان المحلل باُمور نذكر منها :

أ ـ الجلل ، بأن يتغذى الحيوان على عذرة الانسان الى حدّ يصدق أنّها غذاؤه.

وتزول الحرمة بمنعه من التغذى بذلك الى أن يزول عنه اسم الجلل.

ب ـ وط‏ء الانسان لحيوان ، فإنّه بذلك يحرم لحمه ولبنه ونسله. وقد قيل باختصاص التحريم بذوات الأربع.

ج ـ الموت ، بمعنى زهاق روح الحيوان من دون تذكية ، فإنّه بذلك يحرم بجميع أجزائه إلاّ ما لاتحله الحياة ، كاللبن والبيضة إذا اكتست جلدها الأعلى والإنفحة. (٣)

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : ١٦ / ٤٣٧ ، باب ٣١ من ابواب الاطعمة المحرمة.

٢ ـ شرائع الاسلام : ٤ / ٧٥٢.

٣ ـ الانفحة بكسر الهمزة وفتح الفاء وقد تكسر ـ وتشديد الحاء وتخفيفها : شيء صغير يستخرج من بطن الجدى الراضع قبل أن يأكل فيعصر فى صوف فيغلظ ويستعمل كخمرة للجبن. ويعبر عنه في الفارسية بـ « پنير مايه »

١١١

والمستند فى ذلك :

١ ـ أمّا حرمة الجلاّل ، فهى المشهور بين الأصحاب. وتدل عليها صحيحة هشام بن سالم عن أبيعبداللّه‏ عليه‌السلام : « لاتأكل لحوم الجلالات وان اصابك من عرقها فاغسله » (١) وغيرها.

ونسب الى الإسكافى والشيخ الحكم بالكراهة دون التحريم. ولا وجه له علي ما ذكر فى الجواهر(٢) سوى الأصل الذى لابدّ من رفع اليد عنه بالصحيحة.

وعن السبزوارى الميل الى الكراهة أيضاً بتقريب أن مستند التحريم أخبار لا تدل إلاّ على الرجحان ، وهى معارضة فى نفس الوقت بالعمومات الدالّة علي الحل. (٣)

وفيه : انّ النهى ظاهر فى التحريم ، ومعه لا مجال للعمل بالعمومات ، للزوم رفع اليد عن العموم بعد وجود المخصص له.

٢ ـ وأمّا قصر الجلاّل على ما تغذى بعذرة الانسان وعدم التعميم لما تغذى بغيرها من النجاسات ، فلأنه إذا لم‏يجزم بكون ذلك هو معنى الجلاّل لغة فلا أقلّ من كونه القدر المتيقن ، ويبقى الزائد مشمولاً لأصل البراءة بعد عدم امكان التمسك بالعموم لكونه تمسكاً به فى الشبهة المصداقية ، وهو لايجوز ، لأن الحكم لايتكفل اثبات موضوعه.

٣ ـ وأمّا التقييد بما إذا كان التغذى الى حدٍّ يصدق أنّ ذلك غذاؤه ، فلأنه من دون

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : ١٦ / ٤٣١ ، باب ٢٧ من ابواب الاطعمة المحرمة ، حديث ١.

٢ ـ جواهر الكلام : ٣٦ / ٢٧٢.

٣ ـ جواهر الكلام : ٣٦ / ٢٧٣.

١١٢

ذلك إن لم‏يجزم بعدم صدق عنوان الجلاّل فلا أقلّ من الشك ، وهو كافٍ فى عدم تطبيق حكم الجلاّل لدخول المورد تحت الشبهة المصداقية التى لايجوز فيها التمسك بالعموم.

٤ ـ وأمّا زوال التحريم بمنع الحيوان من التغذى بذلك الى أن يزول عنه اسم الجلل ، فلأن النهى كان متعلقاً بعنوان الجلل فإذا زال زال.

وأمّا تحديد الفترة بمقدار معيّن ـ كأربعين يوماً فى الناقة وعشرين في البقرة و ... ـ فمستنده أخبار ضعيفة فلاحظ. (١)

٥ ـ وأمّا حرمة موطوء الانسان فلم‏يعرف فيه خلاف. وتدل عليه صحيحة عبدالله ابن سنان عن أبيعبداللّه‏ عليه‌السلام ، وعن الحسين بن خالد عن أبى الحسن الرضا عليه‌السلام ، وعن اسحاق بن عمار عن أبيابراهيم موسى عليه‌السلام : « الرجل يأتى البهيمة فقالوا جميعاً : إن كانت البهيمة للفاعل ذبحت فاذا ماتت اُحرقت بالنار ولم ينتفع بها وضرب هو خمسة وعشرين سوطاً ربع حد الزانى ... » ، (٢) وموثقة سماعة : « سألت اباعبدالله عليه‌السلام عن الرجل يأتى بهيمة : شاة أو ناقة أو بقرة ، فقال : عليه أن يجلد حداً غير الحد(٣) ثم ينفى من بلاده الى غيرها. وذكروا (٤) أن لحم تلك البهيمة محرّم ولبنها » (٥) ، وغيرهما.

ويمكن أن يستفاد من الصحيحة حرمة النسل ، حيث قالت : « ولم ينتفع بها ».

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : ١٦ / ٤٣٣ ، باب ٢٨ من ابواب الاطعمة المحرمة.

٢ ـ وسائل الشيعة : ١٨ / ٤٧٠ ، باب ١ من ابواب نكاح البهائم ، حديث ١.

٣ ـ اى يحدُّ اقل من حدّ الزنا ، فان الزانى يحدّ بمائة بينما هذا بخمسة وعشرين سوطاً ربع حد الزاني.

٤ ـ قال المجلسي : اى الائمة عليهم‌السلام. ثم قال : ولعله من كلام يونس أو سماعة.

٥ ـ وسائل الشيعة : ١٨ / ٤٧١ ، باب ١ من ابواب نكاح البهائم ، حديث ٢.

١١٣

٦ ـ وأمّا اختصاص التحريم بذوات الأربع ، فقد صار اليه جماعة باعتبار أنّ ذلك هو المنصرف عرفاً من كلمة البهيمة ، ومعه يتمسك فى غير ذلك بأصل البراءة.

٧ ـ وأمّا حرمة الميتة ، فأمر متسالم عليه ، بل هو من ضروريات الدين. قال تعالي : ( حرمت عليكم الميتة و ... وما أكل السبع إلاّ ما ذكيتم ). (١) وفى الذيل دلالة واضحة على حصر الحل بالمذكي ، وكون المراد من الميتة غير المذكى لا خصوص ما مات حتف انفه.

ثم إنّ حرمة الميتة لا تختص بما كان له نفس سائلة ، بل تعم غيره كالسمك مثلاً لإطلاق دليل التحريم أجل ، تختص النجاسة بميتة ذيالنفس إلاّ أن ذلك مطلب آخر.

٨ ـ وأمّا استثناء ما ذكر من حرمة الميتة ، فلصحيحة زرارة عن أبى عبداللّه‏ عليه‌السلام : « سألته عن الإنفحة تخرج من الجدى الميت ، قال : لا بأس به. قلت : اللبن يكون في ضرع الشاة وقد ماتت؟ قال : لا بأس به. قلت : والصوف والشعر وعظام الفيل والجلد والبيض يخرج من الدجاجة؟ فقال : كل هذا لا بأس به » (٢) وغيرها.

وإنّما قيدنا البيضة بما إذا اكتست الجلد الأعلي ، فلموثقة غياث بن ابراهيم عن أبى عبداللّه‏ عليه‌السلام : « بيضة خرجت من است دجاجة ميتة؟ قال : إن كانت اكتست البيضة الجلد الغليظ فلا بأس بها ». (٣)

__________________

١ ـ المائدة : ٣.

٢ ـ وسائل الشيعة : ١٦ / ٤٤٩ ، باب ٣٣ من ابواب الاطعمة المحرمة ، حديث ١٠.

٣ ـ وسائل الشيعة : ١٦ / ٤٤٨ ، باب ٣٣ من ابواب الاطعمة المحرمة ، حديث ٦.

١١٤

كتاب

الصيد والذباحة

(وسائل التذكية)

وسائل تحقق التذكية

أ ـ الذبح

ب ـ النحر

ج ـ الاصطياد

ما يقبل التذكية واثرها

١١٥
١١٦

وسائل تحقق التذكية

لايجوز أكل لحم الحيوان المحلل شرعاً إلاّ إذا كان مذكّي. وتتحقق التذكية بالذبح والنحر والاصطياد.

أ ـ الذبح

لا تتحقق تذكية الحيوان شرعاً بالذبح إلاّ إذا تحقق ما يلي :

١ ـ قطع الأعضاء الأربعة : المريء والحلقوم والودجين. (١)

٢ ـ اسلام الذابح ، فلاتحلّ ذبيحة الكتابى وإن تحققت منه التسمية على المشهور.

٣ ـ الذبح بالحديد ، فلا يحلّ الحيوان إذا كان الذبح بغيره إلاّ فى حالة عدم وجوده فيجوز بغيره ممّا يتحقق به قطع الأعضاء الأربعة المتقدمة.

٤ ـ ذكر اسم الله سبحانه حالة الذبح.

٥ ـ استقبال القبلة بالحيوان حالة ذبحه.

__________________

١ ـ المريء : مجرى الطعام. والحلقوم : مجرى التنفس ، ومحله فوق المريء. والودجان : عرقان غليظان يجري فيهما الدم محيطان بالحلقوم ، وقيل بالمريء.

١١٧

٦ ـ قصد الذبح بقطع الأعضاء ، فلا يكفى الذبح من السكران والصبى والنائم ، بل لايكفى لو وقعت السكين على الأعضاء وقطعتها أو حرّك الذابح السكين على الأعضاء لا بقصد الذبح فتحقق حصوله مع التسمية.

٧ ـ خروج الدم بالمقدار المتعارف مع تحريك الحيوان بعض أطرافه ـ كالرجل أو الذنب أو الاذن وما شاكل ذلك ـ بعد الذبح ، بل يلزم فى الدم الخارج أن لايكون متثاقلاً في خروجه.

هذه شروط تحقق التذكية.

ولاتجوز إبانة رأس‏الحيوان‏عمداً أو انخاعه(١) قبل خروج روحه ولكنه لايحرم بذلك.

والذبح بتوسط المكائن الحديثة جائز ، ولا إشكال فيه ما دامت الشروط المتقدمة متوفرة.

والمستند فى ذلك :

١ ـ أمّا اشتراط حلية الحيوان بالتذكية ، فينبغى أن يكون من الواضحات لقوله تعالي : ( حرّمت عليكم الميتة والدم ... وما أكل السبع إلاّ ما ذكّيتم ). (٢)

ويمكن أن يقال : إنّ ذلك شرط فيما كانت روحه زاهقة ، أما ما كان على قيد الحياة ، فيجوز أكله بالرغم من عدم تحقق تذكيته ـ كما فى ابتلاع السمك داخل الماء وهو حي ، أو أكل بقية الحيوانات التى هى على قيد الحياة إن أمكن ذلك فيها ـ لأنّ الآية الكريمة وإن حصرت الحل بالمذكى إلاّ أنّها منصرفة الى الحيوان الذى ليس

__________________

١ ـ النخاع : هو الخيط الابيض الممتد وسط الفقار من الرقبة الى الذنب. والانخاع إصابة النخاع بالسكين لقطعه.

٢ ـ المائدة : ٣.

١١٨

على قيد الحياة ، ومعه يبقى الحى مشمولاً لأصل البراءة.

٢ ـ وأمّا حصر الوسائل التى تتحقق بها التذكية بالاُمور الثلاثة المتقدمة ، فلدلالة الروايات على ذلك كما سيتضح.

٣ ـ وأمّا اعتبار قطع الأعضاء الأربعة ، فهو المشهور. ولا مستند له من الروايات سوى صحيحة عبدالرحمن بن الحجاج : « سألت أبا ابراهيم عليه‌السلام عن المروة والقصبة والعود يذبح بهنَّ الانسان إذا لم‏يجد سكيناً؟ فقال : إذا فرى الأوداج فلا بأس بذلك ». (١) والمقصود من‏الأوداج هيالأعضاء الأربعة المتقدمة ، لعدم احتمال إرادة شيء آخر غيرها.

وسندها معتبر بطريق الشيخ الطوسى وبكلا طريقى الشيخ الكلينى فلاحظ.

إلاّ أنّ فى مقابل ذلك صحيحة زيد الشحام : « سألت أباعبدالله عليه‌السلام عن رجل لم‏يكن بحضرته سكين أيذبح بقصبة؟ فقال : اذبح بالحجر وبالعظم وبالقصبة والعود اذا لم‏تصب الحديدة ، إذا قطع الحلقوم وخرج الدم فلا بأس به » ، (٢) الدالة على كفاية قطع الحلقوم.

والمناسب الأخذ بمضمون الصحيحة المذكورة ، فإنّ صحيحة ابن الحجاج هي فى صدد بيان أنّ وسيلة الذبح لابدَّ وأن تكون لها القابلية على قطع الأوداج ، أما أنّه يلزم قطع جميعها أو بعضها فليست بصدده ، ومعه تبقى صحيحة الشحام بلا معارض.

هذا ولكن تحفظ الفقيه عن مخالفة المشهور باحتياطه فى الفتوى أمر مناسب.

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : ١٦ / ٣٠٨ ، باب ٢ من ابواب الذبائح ، حديث ١.

والمروة : الحجر الحادّ. والقصب : نبات مائى يكثر عند المستنقعات.

٢ ـ وسائل الشيعة : ١٦ / ٣٠٨ ، باب ٢ من ابواب الذبائح.

١١٩

وهل يلزم عند قطع الأعضاء بقاء الخرزة ـ المعبر عنها بالجوزة ـ فى العنق أو يجوز بقاؤها فى الجسد؟

والجواب : المهم تحقق قطع الأوداج كلاًّ أو خصوص الحلقوم ، وأما بقاء الجوزة فى هذا المحل أو ذاك ، فغير مهم بعد فرض تحقق ما ذكر.

أجل قيل بأنّ تلك الأعضاء الأربعة متصلة بالجوزة بحيث إذا لم‏تبق فى العنق بتمامها ولم‏يقع الذبح من تحتها ، فلايمكن تحقق قطعها ، إلاّ أنّ هذا مطلب آخر ، فإن صحّ لزم ابقاء الجوزة فى العنق للجهة المذكورة لا لأنّه مطلوب فى نفسه.

٤ ـ وأمّا اعتبار الاسلام فى الذابح ، فهو المشهور بين الأصحاب ، بل فى الجواهر أنه كاد أن يكون من ضروريات المذهب فى زماننا. (١)

وإذا رجعنا الى الروايات وجدناها على طوائف مختلفة ، نذكر من بينها :

أ ـ ما دل على النهى عن ذبيحة غير المسلم بشكل مطلق ، كصحيحة حميد بن المثنى عن العبد الصالح : عليه‌السلام « سأله عن ذبيحة اليهودى والنصراني ، فقال : لاتقربوها » (٢) وغيرها. وبالأولوية يتعدى الى بقية أصناف الكفار من غير أهل الكتاب.

ب ـ ما دل على الجواز بشكل مطلق ، كصحيحة الحلبي : « سألت أباعبدالله عليه‌السلام عن ذبيحة أهل الكتاب ونسائهم ، فقال : لا بأس به » (٣) وغيرها.

ج ـ ما دلَّ على التفصيل بين سماع التسمية منهم فتحلّ الذبيحة وبين عدمه فلاتحلّ ، كصحيحة حريز عن أبيعبدالله عليه‌السلام وعن زرارة عن أبيجعفر عليه‌السلام أنهما

__________________

١ ـ جواهر الكلام : ٣٦ / ٨٠.

٢ ـ وسائل الشيعة : ١٦ / ٣٥٢ ، باب ٢٧ من ابواب الذبائح.

٣ ـ وسائل الشيعة : ١٦ / ٣٥٢ ، باب ٢٧ من ابواب الذبائح.

١٢٠