لا ضرر ولا ضررا

السيّد كمال الحيدري

لا ضرر ولا ضررا

المؤلف:

السيّد كمال الحيدري


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: دار فراقد
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٤
ISBN: 964-96354-3-2
الصفحات: ٤٣٢

الصادق (عليه‌السلام) ، قال : «قضى رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) بالشفعة بين الشركاء في الأرضين والمساكن ، وقال : لا ضرر ولا ضرار ، وقال : إذا أرفت الأُرف وحدَّت الحدود فلا شفعة» (١).

الطائفة الثالثة

وهي الروايات التي نقلت هذه الصيغة عن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ، من دون أن تكون متعلقة بمورد معيّن. ويدخل تحت هذه الطائفة مراسيل عديدة رواها الخاصّة والعامّة.

فمن جملة المراسيل الخاصة : مرسلة الصدوق عن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) : «لا ضرر ولا ضرار» (٢). والشيخ في الخلاف أرسل عن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) هذه الصيغة في موضعين ؛ ففي الشفعة قال : «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام» (٣) ، وفي البيع أورد النص من دون كلمة «الإسلام» (٤).

وأيضاً : أرسل عنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله) المتأخّرون عن الصدوق والشيخ ، كالعلّامة.

وهناك روايات أخرى غير هذه الطوائف الثلاث سوف يظهر حالها من سياق الكلام.

__________________

(١) وسائل الشيعة ، ج ١٧ ص ٣١٩ ، أبواب الشفعة ، الباب ٥ ، الحديث ١.

(٢) من لا يحضره الفقيه ، ج ٤ ، ص ٢٤٣ ، باب ميراث أهل الملل ، الحديث ٢.

(٣) كتاب الخلاف ، لشيخ الطائفة الإمام أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي «قدس‌سره» ، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرّفة ، سنة ١٤١١ ، ج ٣ ص ٤٤٠.

(٤) المصدر السابق ، ج ٣ ص ٤٢ ، ٨١ ، ٨٣.

٨١

طرق إثبات صدور الصيغة

لإثبات صدور هذه الصيغة بلحاظ هذه الطوائف من الروايات عدّة طرق ، تختلف بعضها عن بعض في النتائج والآثار وصناعة الاستدلال ، وهي :

الطريق الأوّل : تطبيق قواعد السند

في هذا الطريق يلتزم بصدور الصيغة من ناحية تطبيق قواعد السند على هذه الروايات. وعلى أساس هذا الطريق لا توجد في مجموع هذه الروايات إلّا رواية واحدة واجدة لشرائط الحجّية من حيث السند ، وهي الرواية الأولى من الطائفة الأولى. أما الطائفة الثالثة فهي مراسيل ، فتكون ساقطة عن الحجيّة. وأمّا الطائفة الثانية فتنتهي عندنا إلى عقبة بن خالد ، وهو لم تثبت وثاقته ، مضافاً إلى وجود ضعف فيما قبله من الوسائط. وأما الروايات العامّية المتعرّضة لأقضية النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) فهي تنتهي إلى صحابيّ لم تثبت وثاقته وهو عبادة بن الصامت ، بل لا يمكن تصحيح هذه الرواية حتّى لو ثبت أنه كان ثقة وشيعيّاً ، كما يقول شيخ الشريعة الأصفهاني.

أما تفصيل الكلام في روايات الطائفة الأولى فهو أن الرواية الأولى تامة ؛ لأنها واجدة لشرائط الحجية سنداً كما تقدّم ، وأمّا الثانية فقد وقع فيها إرسال ، فتكون ساقطة عن الحجيّة من هذه الجهة ؛ لأنه ينقلها علي بن محمد بن بندار ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن بعض أصحابنا ، عن عبد الله

٨٢

بن مسكان ، عن زرارة. أما الثالثة ، فلا يمكن تصحيح سندها أيضاً ، لأن فيها عدّة نقاط ضعف ، إن صلح بعضها بقي الآخر.

النقطة الأولى : هي أن الشخص الواقع في سند الصدوق إلى الحسن بن صيقل ، وقع في سنده إليه محمد بن موسى المتوكل الذي هو أحد مشايخ الصدوق ، وهناك مشكلة معروفة عند علماء الرجال في مشايخ الصدوق ، لأن كثيراً ممّن روى عنهم لم يوثقوا في كتب الرجال بوجه من الوجوه ؛ ومن هنا أسس بعضهم قاعدة بعنوان : أن مشايخ الأكابر الثلاثة (الطوسي والمفيد والصدوق رضوان الله عليهم) يكفي في توثيقهم أنهم مشايخ هؤلاء الأكابر. إلّا أن مثل هذه الكبرى غير صحيحة ، كما حُقِّق في محلّه. فنحتاج إلى توثيق محمد بن موسى المتوكل ، ولا يوجد له توثيق في كلمات الطوسي والنجاشي. نعم ثمة توثيقات له في كلمات العلّامة وغيره (١) ، إلّا أن توثيقات المتأخّرين كلّها مما لا نعوِّل عليها في علم الرجال.

النقطة الثانية : وجود ضعف فيما قبله ، وهو السعدآبادي ، ولم يوثَّق هو أيضاً. وما يمكن أن يقال في توثيقه أحد أمور :

إمّا أن نطبّق عليه قاعدة أنه أحد مشايخ الإجازة ، فلا يحتاج إلى توثيق.

وإمّا أن يقال : إنه يروي عنه جملة من الأكابر والأجلّاء.

وكلا هذين الأمرين غير تام عندنا.

__________________

(١) كابن طاوس في «فلاح السائل» حيث قال بعد أن نقل رواية في سندها (محمد بن موسى المتوكّل): «ورواة الحديث ثقات بالاتفاق» فلاح المسائل ، السيد ابن طاوس تحقيق تحقيق غلام حسين المجيدى ، ص ٢٨٤ ، الرواية رقم ١٧٧.

٨٣

وإمّا أن نعتمد في توثيقه بإدخاله في عموم قول صاحب كامل الزيارات ، بأنه لا يروي إلّا عن ثقة ، والقدر المتيقّن من هذه العبارة هو توثيق الأشخاص الذين نقل عنهم مباشرة وبلا واسطة ؛ لهذا ذكر الشيخ النوري في مستدرك الوسائل في ترجمة ابن قولويه ، بأن هذا الشخص ينصّ على تزكية كل مشايخه الذين نقل عنهم مباشرة في كتاب كامل الزيارات (١).

__________________

(١) قال المحدّث النوري في خاتمة مستدرك الوسائل : «واعلم أن المهم في ترجمة هذا الشيخ المعظم استقصاء مشايخه في هذا الكتاب الشريف ، فإن فيه فائدة عظيمة لم تكن فيمن قدّمناه من المشايخ الأجلّة ، فإنه (رحمه‌الله) قال في أوّل الكتاب : " وأنا مبيّن لك أطال الله بقاك ما أثاب الله به الزائر لنبيّه وأهل بيته (صلوات الله عليهم أجمعين) بالآثار الواردة عنهم". إلى أن قال : " وسألت الله تبارك وتعالى العون عليه حتى أخرجته وجمعته عن الأئمة صلوات الله عليهم ، ولم أخرج فيه حديثاً روي عن غيرهم ؛ إذ كان فيما رويناه عنهم من حديثهم (صلوات الله عليهم) كفاية عن حديث غيرهم ، وقد علمنا أنه لا نحيط بجميع ما روي عنهم في هذا المعنى ولا غيره ، ولكن ما وقع لنا من جهة الثقات من أصحابنا (رحمهم‌الله برحمته) ، ولا أخرجت فيه حديثاً ممّا روي عن الشذاذ من الرجال يؤثر ذلك عنهم ، عن المذكورين غير المعروفين بالرواية المشهورين بالحديث والعلم". فتراه (رحمه‌الله) نصّ على توثيق كل من رواه عنه فيه ، بل كونه من المشهورين بالحديث والعلم ، ولا فرق في التوثيق بين النص على أحد بخصوصه ، أو توثيق جمع محصورين بعنوان خاص ، وكفى بمثل هذا الشيخ مزكّياً ومعدّلاً». (خاتمة مستدرك الوسائل ، المحدّث الجليل الميرزا الشيخ حسين النوري الطبرسي ، المتوفى سنة ١٣٢٠ ، ج ٣ ص ٢٥١ ، تحقيق : مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث ، الطبعة الحجرية ، ج ٣ ص ٥٢٣ من منشورات المكتبة الإسلامية ومؤسسة إسماعيليان.)

٨٤

نعم هناك من استظهر أن العبارة تدلّ على أن كل من ينقل عنه ولو بالوسائط في هذا الكتاب ، يكون ثقة ، كالسيد الأستاذ. إلّا أن مثل هذا الاستظهار غير تام ، ولكن توثيق هذا الشخص لا يتوقف على هذا الاستظهار ، لأن ابن قولويه ينقل عنه مباشرة في كتابه لا بالواسطة ، فيدخل تحت توثيق عمومي من هذه الناحية ، ولا بأس بذلك.

وإما أن يطبق في المقام نظرية التعويض التي أشرنا إليها في أبحاث أخرى. وهذا الطريق لو تمّ يفيد في التخلّص من إشكال الضعف في محمد بن موسى المتوكل والسعدآبادي ؛ وذلك بأن نقول : إن الصدوق له طريق آخر صحيح إلى شخص آخر وراء السعدآبادي في هذه الرواية ، وهو البرقي ، والبرقي ومن بعده صحيح على الفرض ، فمن ثَمّ يقال : بأننا نعوّض عن هذا السند الضعيف بسند آخر صحيح ، لأن للصدوق طريقاً آخر صحيحاً إلى البرقي ذكره في مشيخته ، فينتج عندنا بالتلفيق سند صحيح ، فيكون ما بعد البرقي صحيحاً بحسب الفرض ، وما قبله صحيحاً بالتعويض.

إلّا أن هذه النظرية وإن كانت مقبولة ضمن شرائط تطرّقنا لها في محلّها لا تنطبق على محل الكلام ، فهي إنّما تأتي فيما إذا قال الصدوق (قدس‌سره) : حدّثني محمد بن موسى المتوكل ، قال : حدّثني السعدآبادي ، قال : حدّثني البرقي .. ثم قال في موضع آخر : إنه حدّثني بكل روايات البرقي أبي عن محمد بن الحسن الوليد عن البرقي. في مثل هذه الحالة نقول : إن مقتضى العموم في العبارة الثانية ، هو أن تلك الرواية الأولى أيضاً حدّثه بها أبوه عن محمد بن الحسن عن البرقي. وحيث إنهم من الثقات ، فيتمّ التعويض عند ذاك. فبقرينة العموم في العبارة الثانية نعرف أنه قد سمعها أيضاً منهم ، فنحذف

٨٥

موسى المتوكل والسعدآبادي ، ونجعل موضعهما أباه ومحمد بن الحسن ، فيصبح السند صحيحاً. وأما إذا فرض أن العبارة الثانية لم يكن لها مثل هذا العموم ، وإنما كان له طريق إلى البرقي بالنسبة إلى جملة من الروايات المعيّنة خارجاً ، فلا دليل على أن هذا الطريق الصحيح أيضاً طريق لشخص هذه الرواية التي هي محل الكلام. والواقع خارجاً هو الثاني دون الأوّل.

وعلى أي حال ، فلو فرض أننا أغمضنا النظر عن ضعف السعدآبادي وموسى المتوكل ، فسنواجه إذ ذاك مشكلة الضعف الموجود في «حسن الصيقل» الذي ينتهي الإسناد إليه ؛ فإنّه لم يثبت توثيقه ، ولا طريق لذلك ، إلّا أن عدداً مهمّاً من أصحاب الإجماع ، من قبيل أبان وغيره ، نقلوا عنه بعض الروايات ، إلّا أن نقل هؤلاء عن شخص لا يكفي لإثبات وثاقته. وهذه من الكبريات التي حُققت في محلّها.

وعليه فالرواية ساقطة عن الحجّية.

إذن لا تتمّ من هذه الطوائف الثلاث إلّا رواية واحدة ، وهي الرواية الأولى من الطائفة الأولى.

وبناءً على هذا الطريق ، ففي هذه الرواية آثار تختلف عن الطرق الأخرى ، فبعض هذه الطرق يقتضي جرياً خاصّاً بلحاظ تلك الآثار ، وبعضها يقتضي جرياً آخر. ونمثّل لهذه الآثار بثلاث نقاط حتى يتبيّن الفرق بين الطرق التي نعرضها.

الآثار المترتّبة على الطريق الأوّل

النقطة الأولى : من الأُمور التي لا بدّ من معالجتها في هذه الروايات ، التهافت الواقع فيها ، فإنّ في بعضها : «لا ضرر ولا ضرار على مؤمن» ، وفي بعضها : «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام» ، وفي بعضها : «لا ضرر ولا ضرار» فقط.

٨٦

وهذه النقطة لا نواجهها في البحث أصلاً بناءً على الطريق الأول ؛ لأنّه على ذلك تكون صيغة الرواية معتبرة ومتعيّنة بكل ما جاء فيها من الحيثيّات الوجودية والعدمية. وبقية الصيغ كلّها لا اعتبار بها ، وعليه فلا نواجه مشكلة التهافت لكي نحتاج إلى حلّه بوجهٍ من الوجوه.

النقطة الثانية : لا نحتاج في فهم هذه القاعدة بناءً على هذا الطريق إلى أن نفهم معنى تمام الروايات الواردة في المقام ، وإنّما نقتصر على خصُوص الرواية التي ثبت اعتبارها سنداً ، وحينئذٍ يتحدّد من ذلك أسلوب القاعدة على ما يأتي إن شاء الله.

النقطة الثالثة : بناءً على هذا الطريق لثبوت القاعدة ، إذا وقعت معارضة مع شيء من الأدلّة ، نتعامل معها معاملة الدليل الظنّي الذي يقع طرفاً للمعارضة ، لأن هذه الرواية دليل ظنّي ، وليست دليلاً قطعياً.

هذه آثار ثلاثة مترتبة على هذا الطريق لثبوت القاعدة.

الطريق الثاني : التواتر الإجمالي

دعوى التواتر الإجمالي ، أو الاستفاضة الموجبة للاطمئنان الشخصي على أقل تقدير بصدور هذه الصيغة من قِبل المعصوم. والتواتر الذي يؤدي إلى الاطمئنان والوثوق الشخصي كما قلناه في بحث الإجماع المنقول يكون قائماً على أحد وجهين : إمّا بلحاظ العامل الكمي فقط ، أو بلحاظ العامل الكيفي.

توضيحه : لو أخبر شخص مثلاً في يوم واحد بألف خبر ، كل خبر في واقعة معيّنة ، فهنا يحصل الاطمئنان ولو إجمالاً بأن واحداً منها صادق

٨٧

على أقل تقدير ، من دون أن يكون هناك أي ارتباط فيما بينها. فهنا العامل الكمي هو الذي يتحكّم في إيجاد هذا الاطمئنان. أما إذا أخبر هذا الشخص في يوم واحد بخمسة أخبار في واقعة معيّنة ، فهنا يتدخّل العامل الكيفي في حصول الاطمئنان. والمقصود من ذلك هو اشتراك هذه الإخبارات في مصبّ واحد ونقطة واحدة ، وهي تلك الواقعة الواحدة المخبر عنها ، سواء كان هذا المصب والمركز الواحد هو اللفظ والمعنى معاً فيسمّى بالتواتر اللفظيّ ، أو المعنى فقط دون اللفظ فيسمّى بالتواتر المعنويّ.

وعلى هذا الأساس لا بدّ أن نعرف في محل الكلام ، هل التواتر المدّعى هو على أساس العامل الكمي أو الكيفي؟ لا إشكال في أن كثرة الرواة لم تبلغ درجة تحقّق العامل الكمي. إنما البحث في العدد وهل بلغ إلى درجة يحصل معها الاطمئنان ، إذا انضمت إليها نكتة العامل الكيفي وهو أن هؤلاء الرواة ينقلون مضموناً واحداً وهو «لا ضرر» أم لا؟

فنقول : إنّ حصول الاطمئنان بملاحظة العامل الكيفي فيه نحو إشكال ؛ وذلك لأن الروايات وإن كانت متعددة ، فإن الطائفة الأولى تشتمل على ثلاث ، تنتهي اثنتان منها إلى راوٍ واحد هو زرارة ، والرواية الثالثة لأبي عبيدة الحذّاء ، والطائفة الثانية تشتمل على ثلاثة رواة ، راوٍ من طرقنا هو عقبة بن خالد ، وآخران من طرق العامة هما عبادة بن الصامت وعبد الله بن عباس ، والطائفة الثالثة كلّها مراسيل. وهذا العدد يشْكل كونه موجباً لتحصيل الاطمئنان الشخصي بصدور هذه القضية من المعصوم (عليه‌السلام) لأنه ليس عدداً متكثّراً ، بل قد لا يزيد بالأخرة على خمسة أشخاص.

إلّا أنه يمكن أن يضمّ إلى هذا العدد جهة تقوية بحيث يوجب الاطمئنان ،

٨٨

وهي وضوح هذه القاعدة في نفسها بين المسلمين ، لدرجة كانت محوراً للاستنباط في جميع عصور الفقه الشيعي والسنّي معاً ، فإنه منذ أيام شيخ الطائفة (قدس‌سره) كان يُستدلّ بها على خيار الغبن وعلى غيره من الأحكام المتفرّقة إلى يومنا هذا ، وكذلك العامّة حتى قال بعضهم : إن الفقه مبنيّ على خمس روايات ؛ أحدها : لا ضرر ولا ضرار ، وهذا كلّه يوجب مشهورية هذا النص. وهذه الشهرة بحدّ ذاتها أمارة قوية إذا أُضيفت إلى ذلك العدد الذي هو في نفسه ليس كافياً. فبضمّ أحدهما إلى الآخر تحصل أمارة اطمئنانية ، وإن كان كل واحد منهما وحده لا يوجب الاطمئنان.

هذا هو المدّعى في هذا الطريق ، فلنقف على الآثار التي يختلف فيها هذا الطريق عن السابق ، ضمن نقاط ثلاث أيضاً.

الآثار المترتّبة على الطريق الثاني

النقطة الأولى : تشخيص المتن. بناءً على هذا الطريق أيضاً لا نواجه مشكلة التهافت ، لأن الخصوصيات لا تثبت بالتواتر ، وإنما الذي يثبت بالتواتر هو الحيثية المشتركة ، حينئذٍ إن فرض أن هذه الصيغة كانت مردّدة بين المطلق والمقيَّد ، أي بين «لا ضرر ولا ضرار» و «لا ضرر ولا ضرار على مؤمن ، أو في الإسلام» فالتواتر إنما يثبت ذلك المطلق بنحو القضية المهملة ، سواء انضم إليه المقيّد أم لا. أما إذا فرضنا أن كل رواية كانت مقرونة بخصوصية مباينة للخصوصية المقرونة بالأخرى ، بحيث دار الأمر بين أن تكون الصيغة «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام» أو «لا ضرر ولا ضرار على المؤمن» فلا إشكال هنا أن الحيثية المشتركة تثبت بالتواتر ، ولكن هل يثبت أحد القيود على وجه الإجمال أم لا؟

٨٩

إنْ فُرِض أنَّ التواتر كان قائماً على أساس العامل الكمي فقط ، تثبت إحدى الخصوصيات على وجه الإجمال ، لأن المفروض على أساس هذا العامل حصول الاطمئنان بصدق إحدى الروايات بتمام خصوصياتها ، فتكون إحداها على وجه الإجمال صادرة عن المعصوم.

وإن فُرض أنّ التواتر كان بلحاظ العامل الكيفي ، فإنه لا يثبت به إلا القدر المشترك وهو «لا ضرر ولا ضرار» ، أما القيود فلا يثبت أي واحد منها ، لأن المفروض أنه لا يخبر عنه إلّا واحد. إذن فالقيود لا يثبت أحدها ولو إجمالاً بهذا التواتر.

أما الشهرة الخارجية التي ضممناها إلى وحدة المصبّ في حصول التواتر ، فإن أخذناها بما هي أمارة ظنّية على أصل صدور النص من قِبل المعصوم (عليه‌السلام) فهي لا تثبت إحدى الخصوصيات. وإن أخذناها بما هي أمارة على انجبار ضعف إحدى هذه الروايات ، فتثبت إحدى الخصوصيات على سبيل الإجمال.

النقطة الثانية : ملاحظة جميع الصيغ. بناءً على هذا الطريق لا بد أن نلحظ الصيغ كلها ، فنأخذ بالقدر المتيقّن منها ؛ فمثلاً : وردت الصيغة في بعض الروايات مع «على مؤمن» ، وفي بعضها وردت مطلقة. فالقدر المتيقّن من ذلك هو الأخذ مع قيد «على مؤمن». هذا لو دار الأمر بين الأقل والأكثر. أما إذا دار الأمر بين معنيين متباينين ، فإن كان النص مع قيد «على مؤمن» فقد استظهر بعض الفقهاء أن معناه حرمة الإضرار ، وإن كان مع قيد «في الإسلام» فقد استظهر بعض آخر أن معناه نفي الحكم الذي ينشأ منه الضرر. ومعه لا نعلم أن الصادر عن المعصوم (عليه‌السلام) هو الدليل الذي يحرّم الإضرار ، أو الدليل الذي يرفع الحكم الضرري ، فيدور الأمر بين المتباينين ،

٩٠

فيثبت أحدهما على وجه الإجمال بهذا التواتر. فهنا إن كان كلاهما على خلاف الأدلّة الأوّلية ، حصل التعارض لا محالة. وإن كان أحدهما كذلك دون الآخر ، فيصرف إلى الآخر (الذي لا يكون على خلافها) ، كما هو الحال في محلّ الكلام ، فإن نفي الوضوء الضرري على خلاف إطلاق دليل وجوب الوضوء ، لكن إثبات حرمة الإضرار ليس كذلك ، فيتعيّن حينئذٍ صرفه إلى حرمة الإضرار.

النقطة الثالثة : قوّة المعارض. إذا وقعت القاعدة طرفاً للمعارضة مع دليل آخر ، فإنه بناءً على هذا الطريق تكون القاعدة أقوى منه ؛ لأن دليلها قطعي.

إلّا أن هذا الطريق بالرغم من ميل النفس إلى الجزم والاطمئنان به أحياناً ، تتراجع عنه أحياناً أخرى.

الطريق الثالث : تصحيح المراسيل

وذلك بالالتزام بأن المرسَل يكون حجّة إذا وُجد فيه قيدان :

أن يخبر المرسِل بصدور النص عن المعصوم (عليه‌السلام) ابتداءً ، لا عن الرواية عنه (عليه‌السلام) فيكون مدلول الحكاية هو نفس قول المعصوم.

أن يحتمل كون الإخبار من هذا المرسِل مستنداً إلى الحسّ. ومرادنا من ذلك ليس هو خصوص سماع النص من المعصوم ، بل الإحساس بما يلازم صدور هذا النص منه (عليه‌السلام) عادة بنحو الملازمة العرفية ، فيشمل الإحساس بتواتر الصدور. فلو فرض أنه كان قد أحسّ بالتواتر ، يكون الإخبار من هذه الناحية مستنداً إلى الحس أو ما هو بحكمه. فإذا وُجد في المرسِل هذا القيدان يُحكَم بحجية المرسَل لأنّه خبر ثقة يحتمل استناده إلى الحس.

٩١

وتطبيقاً لما ذكرنا يمكن ذكر توثيقات الشيخ الطوسي والنجاشي في علم الرجال للرواة من الطبقات المتقدّمة ، فإنه حينما يقول كلّ منهما : «عمّار الساباطي مثلاً ثقة» مع أنهما لم يعاشرا الساباطي ليشهدا بوثاقته ، إنّما يقبل ذلك منهما باعتبار ظهور كلامهما في أنه شهادة قريبة من الحس ، أي أنه شيء واضح عرفي بحيث يكون كالمحسوس ، فيشمله دليل الحجيّة.

هذه هي قاعدة تصحيح المراسيل ، ويراد تطبيقها في المقام على مرسلة الصدوق (قدس‌سره) في «الفقيه» ، حيث قال : قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) : «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام». وهذه المرسلة واجدة لكلا القيدين ، أما الأوّل فلأنه أخبر عن قول النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ابتداءً ، وأما الثاني فلأننا نحتمل كون المخبر به حسّياً عند الصدوق ، بمعنى كونه متواتراً وواضحاً عنده ، ولذلك يؤخذ به.

الآثار المترتبة على الطريق الثالث

أما بلحاظ النقاط الثلاث التي أشرنا إليها ، فهذا الطريق يقتضي :

النقطة الأولى : تشخيص النص. إن المتن يتعيّن في العبارة التي نقلها الصدوق ، وهي : «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام» فلا يقع تهافت هنا باعتبار تعيّن المتن في ذلك.

قد يقال : يقع التهافت بلحاظ أن هناك مراسيل أخرى غير هذه المرسلة ، وهي أيضاً حجّة ، وفيها أسقطت كلمة «في الإسلام» فإن الشيخ الطوسي مثلاً أرسل الرواية عن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) بلا هذا القيد ، فيقع التهافت بينهما بعد استبعاد أن يكون هناك نصّان متواتران ، أحدهما بلا هذا القيد والآخر معه.

٩٢

إلّا أن هذا الكلام غير تامّ حتى لو فرض صحة هذا الاستبعاد ؛ وذلك لأن مراسيل الطوسي في «الخلاف» ومراسيل العلّامة في «التذكرة» ونحوهما ، لا يمكن تصحيحها بهذا الطريق ، باعتبار وضوح أن مبنى هؤلاء الأعلام في هذه الكتب ، هو تقمّص ثوب الفقيه ، وليس لكلامهم ظهور بوجه من الوجوه أنهم يخبرون عن حسّ. وهذا بخلاف كلام الصدوق ، فإنه ذكرها في «الفقيه» وهو من كتب الحديث. فهذا الفرق يوجب عدم إمكان الاعتماد على تلك المراسيل طراً ، وما يمكن أن يعتمد عليه ولو في بادئ النظر إنّما هي هذه المرسلة ، وعليه فلا تهافت من هذه الناحية.

النقطة الثانية : معنى النص. ونرجع في ذلك إلى فهم متن هذه المرسلة من دون الحاجة إلى فهم الصيغ الأخرى.

النقطة الثالثة : قوّة النص. من الواضح أن ثبوت هذا النص بناءً على هذا الطريق بالتواتر ، فيدور الأمر مداره ، ويتعامل معه كخبر قطعيّ السند ، لأننا نقطع بصدق الصدوق.

مناقشة مراسيل الصدوق في المقام

أما أصل صحة هذا الطريق ، فإن كبراه وإن كانت صحيحة ، إلّا أن الصغرى غير تامة ؛ وذلك لأنه إن احتمل احتمالاً معتداً به أن تكون صيغة «لا ضرر ولا ضرار» متواترة عن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) فلا يحتمل احتمالاً عقلائيّاً معتدّاً به أن تكون متواترة بقيد «في الإسلام» ؛ إذ لا يوجد هذا القيد في رواية مسندة أصلاً لا من طرقنا ولا من طرق غيرنا ، فكيف يمكن أن يُفرض أن هذا الحديث يكون متواتراً بهذه الخصوصية ، ومع هذا لم

٩٣

يُنقل هذا القيد في جوامع الحديث أصلاً. فهذا الأمر في غاية البعد.

من هنا لا يمكن دعوى دخول مثل هذا المرسل تحت أدلّة الحجيّة. نعم لو فرض أن الصدوق كان مصبّ نظره إلى نقل صيغة «لا ضرر ولا ضرار» بلا قيد لكان الأمر كما أُفيد ، ولكنه أضاف إليها هذا القيد. والذي يظهر من عبارة «الفقيه» أنه كان له نظر مخصوص إلى هذا القيد ، لا أنه أضافه من باب المصادفة ؛ فهو يريد أن يستدلّ بهذه الرواية على أن المسلم يرث الكافر ، إذ لو لم يرثه لكان الإسلام مضرّاً بحال المسلم مع أنه ليس كذلك ، فاستدل على ذلك بهذه الصيغة مع القيد. إذن لا يبقى عندنا احتمال معتدّ به لكون هذه المرسلة مستندة إلى الحس أو ما هو بحكمه لكي تندرج تحت أدلّة الحجية.

وممّا يؤيّد ذلك :

أن الصدوق (قدس‌سره) كثيراً ما يستعمل في «الفقيه» مراسيل من قبيل هذه المرسلة ، فيرسل عن الأئمّة (عليهم‌السلام) في نصوص وروايات لا يحتمل عادةً التواتر فيها ، فيكون ذلك مضعفاً لاحتمال أن يكون له نظر إلى النقل الحسي ، لكي يرسل عن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله).

أنه تقمّص ثوب الاستدلال الفقهي ، فنقل هذه المرسلة لبيان حكم تلك المسألة ، وهذا مضعف آخر لاحتمال تواتر المرسلة ، وقوّة احتمال أن يكون ذكر النبوي لمجرّد الاحتجاج والاستدلال.

أنه في خصوص هذه الواقعة نقل نصّين آخرين عن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) مفادهما «أن الإسلام يعلو ولا يُعلى عليه ، وأنه يزيد ولا ينقص» وهذان النصّان خصوصاً الثاني لا يحتمل في شأنهما أن يكونا متواترين ، فعطْف هذين الحديثين على قوله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) : «لا ضرر ولا ضرار» يُضعف

٩٤

احتمال تواتر المرسلة.

فهذه المؤيّدات منضمّة إلى الاطمئنان الشخصي بأن كلمة «في الإسلام» ليست متواترة ، يوجب عدم إمكان التعويل على مثل هذه المرسلة.

الطريق الرابع : التواتر المنقول

وهو أن يُقال : إنّ هذه القاعدة وإن لم يثبت تواترها بالحسّ ، لكن نقَل فخر المحقّقين في «الإيضاح» (١) تواتر القاعدة وإن لم ينقل صيغة معيّنة ، فيكون تواتراً منقولاً على حدّ الإجماع المنقول. وإذا ثبت التواتر تعبّداً ثبت ما يلازمه كذلك ، وهو صدور الحديث من النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله). ويحتمل أن تكون هناك روايات كثيرة وصلت إليه ولم تصل إلينا ، باعتبار أن جملة من الأصول والكتب القديمة كانت متعارفة إلى أيّام المحقّق والعلّامة ، ثم انعدمت بعد هذا بالتدريج ، وسيطرت عليها الكتب الأربعة التي جمعت كثيراً من روايات الأصول. فمن المحتمل أن هذا النص كان في تلك الأصول بعدّة أسانيد وطرق.

وهذا الطريق موهون أيضاً ، وذلك باعتبار أننا لا نعلم ما هي حدود

__________________

(١) إيضاح الفوائد في شرح إشكالات القواعد ، لمؤلفه الفقيه الأعظم فخر المحققين الشيخ أبي طالب محمد بن الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي (قدس‌سره) ، ج ٢ ، ص ٤٨ ن ونص العبارة : «والضرر منفيّ بالحديث المتواتر». وحكاها الشيخ الأنصاري في الرسائل ، ج ٢ ، ص ٥٣٣ ، تحقيق وتقديم وتعليق عبد الله النوراني ، مؤسسة النشر الإسلامي بجماعة المدرسين بقم المشرفة ، لكنه قال في رسالته المعقودة لهذه القاعدة : «إن لم يعثر عليه» المكاسب ، للشيخ الأنصاري ، ص ٣٧٢ ، الطبعة الحجرية.

٩٥

كلمة المتواتر عند فخر المحقّقين ، وما هي خصوصيّاته وشؤونه ، ولا يتحصّل من التعبير بالتواتر إلّا أن هناك حديثاً واضحاً مستفيضاً يوجب القطع عنده (قدس‌سره) ، وهذا المقدار قابل للانطباق على ما هو موجود بالفعل من الروايات بحسب الخارج ، والذي كنّا نقول إن النفس تميل إلى الجزم به أحياناً.

فالحاصل أن هذا التعبير لا يمكن أن نحصّل منه بالتعبّد أكثر ممّا هو حاصل عندنا بالوجدان ، وعليه فلا يكون هذا الطريق صحيحاً. إلّا أنه لو تمّ لكان حاله حال التواتر الإجمالي إلّا من ناحية أن ذاك تواتر إجمالي بالوجدان وهذا تواتر إجمالي بالتعبّد.

الطريق الخامس : تصحيح الموجود في الكتب الأربعة

أن يبنى على التوسعة في باب الأسانيد التي مشى عليها كثير من الفقهاء ، وهي أن الروايات الموجودة في الكتب الأربعة المتداولة ، تكون مقبولة ما لم يكن فيها غمز. بناءً على هذا يمكن تصحيح كثير من روايات الطائفة الأولى والثانية ، فينفتح باب الحديث في مشكلة التهافت وتعيين المتن. وهذا يقتضي لابدّية الدخول في الفصل الثاني.

فتحصّل إلى هنا أن الطريق الأوّل صحيح لا غبار عليه ، وهو طريق تطبيق قواعد التصحيح السندي ، وبه تصفو عندنا رواية واحدة من الطائفة الأولى. والتواتر الإجمالي غير بعيد ، إلّا أن وجوده ليس مؤثراً في صناعة الاستدلال بنحو من الأنحاء إلا من حيث إنه يوجب ارتفاع قوّة الدليل من كونه ظنّياً إلى كونه قطعياً. من هنا فأصل صدور النص ولو تعبّداً ثابت بلا إشكال.

٩٦

الفصل الثاني

تعيين المتن

٩٧
٩٨

بعد البناء على التوسعة في باب السند التي مشى عليها المشهور من قبيل شيخ الشريعة الأصفهاني والميرزا النائيني ، يقع الكلام في المتحصّل من هذه الروايات المتهافتة متناً.

والبحث في ذلك يقع في جهات :

الجهة الأولى : تعيين المتن في طائفة روايات سمرة بن جندب.

الجهة الثانية : تعيين المتن في روايات أقضية النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله).

الجهة الثالثة : لحاظ حال المراسيل مع الطائفة الأولى والثانية من حيث تعيين المتن.

الجهة الأولى

ضبط متن الحديث في روايات الطائفة الأولى

وهي روايات سمرة بن جندب التي تحكي واقعة شخصية ، وقد اختلف المتن فيها باختلاف الروايات. فإن بعضها خال عن ذكر القاعدة رأساً ، وإنّما ذكرت الواقعة المعيّنة وهي رواية أبي عبيدة الحذاء ، التي اختص بنقلها من المشايخ الثلاثة الصدوقُ (قدس‌سره).

والرواية الأخرى هي التي ذُكرت فيها القاعدة مع زيادة لفظة «على

٩٩

مؤمن» وهي رواية زرارة التي نقلها منه عبد الله بن مسكان ، وقد اختص بنقلها الكليني (قدس‌سره).

والرواية الثالثة هي التي جاءت فيها القاعدة من دون زيادة ، وقد نقلها المشايخ الثلاثة ، إلّا أن هذه الرواية وقع فيها نحو من الاختلاف على ما يبدو من عبارة الوسائل ، فإن الشيخ الحر (قدس‌سره) بعد أن ذكر الرواية الأولى من الصدوق والثانية من الكليني ، قال : ومثله نقله محمد بن الحسن بإسناده إلى أحمد بن محمد بن خالد ، ونحوه نقله الصدوق (قدس‌سره). ومتى ما كان أدنى اختلاف بين الروايتين يعبّر (قدس‌سره) بكلمة «ونحوه» ومتى ما تطابقا يعبِّر بكلمة «ومثله». فمن هذه الناحية نستكشف وجود فرق أيضاً.

وعلى أي حال فإن هذه الرواية بعبارة الكليني والطوسي ، أنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله) قال : «اذهب فاقلعها وارم بها إليه فإنه لا ضرر ولا ضرار» وأما الصدوق فقد نقلها بهذا النحو : «فأمر رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) الأنصاري أن يقلع النخلة ، فيلقيها إليه ، وقال : لا ضرر ولا ضرار» فهذه الجملة جاءت في النحو الأوّل مفرّعة بالفاء ، وفي الثاني بلا تفريع.

وبذلك يتبيّن أن في الطائفة الأولى اضطرابات ثلاثة في المتن :

الأول : من حيث أصل وجود جملة «لا ضرر ولا ضرار» فإنها موجودة في رواية زرارة المنقولة في الكتب الثلاثة ، وفي رواية ابن مسكان ، وغير موجودة في رواية أبي عبيدة الحذاء.

الثاني : من حيث تفريع الجملة بالفاء وعدمه.

الثالث : من حيث إضافة كلمة «على مؤمن» وعدمه.

١٠٠