تفسير البغوي - ج ٤

الحسين بن مسعود الفراء البغوي الشافعي

تفسير البغوي - ج ٤

المؤلف:

الحسين بن مسعود الفراء البغوي الشافعي


المحقق: عبدالرزاق المهدي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٤٧

«يرحم الله المحلّقين» قالوا : والمقصرين؟ قال : يرحم الله المحلقين. قالوا : يا رسول الله والمقصرين؟ قال : «والمقصرين» قالوا : يا رسول الله فلم ظاهرت الترحم للمحلقين دون المقصرين؟ قال «لأنهم لم يشكوا».

قال ابن عمر : وذلك أنه تربص قوم وقالوا لعلنا نطوف بالبيت.

[١٩٧٥] قال ابن عباس : وأهدى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عام الحديبية في هداياه جملا لأبي جهل في رأسه برة من فضة ليغيظ المشركين بذلك.

وقال الزهري في حديثه (١) : ثم جاءه نسوة مؤمنات فأنزل الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ) ، حتى بلغ (بِعِصَمِ الْكَوافِرِ) [الممتحنة : ١٠] ، فطلق عمر رضي الله عنه يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك ، فتزوج أحدهما معاوية بن أبي سفيان ، الأخرى صفوان بن أمية ، قال : فنهاهم أن يردوا النساء ، وأمر بردّ الصداق ، قال : ثم رجع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى المدينة ، فجاءه أبو بصير عتبة بن أسيد ، رجل من قريش وهو مسلم ، وكان ممن حبس بمكة فكتب فيه أزهر بن عبد عوف والأخنس بن شريق الثقفي إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وبعثا في طلبه رجلا من بني عامر بن لؤي ، وقالا : العهد الذي جعلت لنا ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : يا أبا بصير إنا قد أعطينا هؤلاء القوم ما قد علمت ، ولا يصلح (٢) في ديننا الغدر وإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا ، ثم دفعه إلى الرجلين فخرجا به حتى بلغا ذا الحليفة ، فنزلوا يأكلون من تمر لهم ، فقال أبو بصير لأحد الرجلين والله إني لأرى سيفك هذا جيدا فاستله الآخر من غمده ، فقال : أجل والله إنه لجيد لقد جربت به ثم جربت به ، فقال أبو بصير : وأرني انظر إليه ، فأخذه (٣) وعلا به فضربه حتى برد ، وفر الآخر حتى أتى المدينة فدخل المسجد يعدو ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين رآه : لقد رأى هذا ذعرا ، فلما انتهى إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «ويلك ما لك» قال : قتل الله صاحبي وإني لمقتول ، فو الله ما برح حتى طلع أبو بصير متوشحا السيف حتى وقف على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : يا

__________________

ـ وورد بدون عجزه ، أخرجه أحمد ١ / ٢١٦ وأبو يعلى ٢٤٧٦ من طريق يزيد بن أبي زياد عن مقسم عن ابن عباس ، ويزيد ضعفه الجمهور ، لكن حديثه على وفق رواية الصحيحين.

ـ وكذا أخرجه الطبراني ١٤٩٢ من طريق ابن مؤمل عن عطاء عن ابن عباس ، وابن مؤمل سيئ الحفظ ، لكن يصلح للاعتبار بحديثه.

ـ وأخرجه البخاري ١٧٢٧ ، ومسلم ١٣٠١ وأبو داود ١٩٧٩ والترمذي ٩١٣ وابن ماجه ٣٠٤٣ وابن خزيمة ٢٩٢٩ وأحمد ٢ / ٧٩ والطيالسي ١٨٣٥ والدارمي ٢ / ٦٤ وابن حبان ٣٨٨٠ والطحاوي ١٣٦٢ والبيهقي ٥ / ١٠٣ والبغوي في «شرح السنة» ١٩٥٤ من طرق عن نافع عن ابن عمر ، دون عجزه ، وهو قوله «قالوا : يا رسول الله فلم ظاهرت ...».

ـ وكذا أخرجه البخاري ١٧٢٨ ومسلم ١٣٠٢ وأحمد ٢ / ٢٣١ والطحاوي ١٣٦٣ والبيهقي ٥ / ١٣٤ من حديث أبي هريرة.

الخلاصة : صدر الحديث صحيح ، وعجزه ضعيف ، والصواب موقوف.

[١٩٧٥] ـ حسن. أخرجه البيهقي في «الدلائل» ٤ / ١٥٢ من طريق ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس به ، وفيه عنعنة ابن إسحاق.

ـ لكن ورد من وجه آخر ، أخرجه البيهقي ٤ / ١٥١ / ١٥٢ بسند ضعيف ، لكن يصلح للاعتبار به.

(١) هو تابع للحديث المتقدم برقم : ١٩٧٠.

(٢) في المطبوع «يصح» والمثبت عن المخطوط.

(٣) في المطبوع «فأخذوه» والمثبت عن المخطوط.

٢٤١

نبي الله قد والله أوفى الله ذمتك قد رددتني إليهم ثم أنجاني الله منهم ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ويل أمه مسعر حرب ، لو كان معه أحد» فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم ، فخرج حتى أتى سيف البحر ، وبلغ المسلمين الذين كانوا احتبسوا بمكة قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لأبي بصير : ويل أمه مسعر حرب لو كان معه أحد فخرج عصابة منهم إليه ، وانفلت أبو جندل بن سهيل فلحق بأبي بصير حتى اجتمع إليه قريب من سبعين رجلا ، فو الله ما يسمعون بعير (١) خرجت لقريش إلى الشام إلّا اعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا أموالهم ، فأرسلت قريش إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم تناشده الله والرحم لما أرسل إليهم ، فمن أتاه فهو آمن ، فأرسل إليهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقدموا عليه بالمدينة ، فأنزل الله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً) حتى بلغ (حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ) ، وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولم يقروا ببسم الله الرحمن الرحيم ، وحالوا بينه وبين البيت.

قال الله تعالى : (هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) ، يعني كفار مكة ، (وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) ، أن تطوفوا به. (وَالْهَدْيَ) ، أي وصدوا الهدي وهي البدن التي ساقها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وكانت سبعين بدنة ، (مَعْكُوفاً) ، محبوسا ، يقال : عكفته عكفا إذا حبسته (٢) وعكوفا لازم ، كما يقال : رجع رجعا ورجوعا ، (أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ) ، منحره وحيث يحل نحره يعني الحرم ، (وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ) ، يعني المستضعفين بمكة ، (لَمْ تَعْلَمُوهُمْ) ، لم تعرفوهم ، (أَنْ تَطَؤُهُمْ) ، بالقتال وتوقعوا بهم ، (فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ) ، قال ابن زيد : معرة إثم. وقال ابن إسحاق : غرم الدية. وقيل : الكفارة لأن الله أوجب على قاتل المؤمن في دار الحرب إذا لم يعلم إيمانه الكفارة دون الدية ، فقال الله عزوجل : (فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) [النساء : ٩٢] ، وقيل : هو أن المشركين يعيبونكم ويقولون قتلوا أهل دينهم ، والمعرة المشقة ، يقول : لو لا أن تطئوا رجالا مؤمنين ونساء مؤمنات لم تعلموهم فيلزمكم بهم كفارة أو يلحقكم سيئة (٣) ، وجواب لو لا محذوف ، تقديره : لأذن لكم في دخولها ولكنه حال بينكم وبين ذلك. (لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ) ، فاللام في ليدخل متعلق بمحذوف دلّ عليه معنى الكلام ، يعني حال بينكم وبين ذلك ليدخل الله في رحمته في دين الإسلام من يشاء من أهل مكة بعد الصلح قبل أن تدخلوها ، (لَوْ تَزَيَّلُوا) ، لو تميزوا يعني المؤمنين من الكفار ، (لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً) ، بالسبي والقتل بأيديكم ، وقال بعض أهل العلم : لعذبنا جواب لكل من الآيتين (٤) أحدهما : (وَلَوْ لا رِجالٌ) ، والثاني : (لَوْ تَزَيَّلُوا) ، ثم قال : (لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ) ، يعني المؤمنين والمؤمنات ، وقوله : (فِي رَحْمَتِهِ) ، أي جنته. وقال قتادة في هذه الآية : إن الله يدفع بالمؤمنين عن الكفار كما دفع بالمستضعفين من المؤمنين عن مشركي مكة.

(إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (٢٦) لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا

__________________

(١) في المطبوع «ببعير» والمثبت عن «صحيح البخاري» والمخطوط.

(٢) في المخطوط (ب) «حبسه» والمثبت عن المطبوع والمخطوط (أ)

(٣) كذا في المخطوط (أ) والمطبوع و «ط» وفي المخطوط (ب) «سيئة».

(٤) في المطبوع و «ط» والمخطوط (أ) «الكلامين» والمثبت عن المخطوط (ب)

٢٤٢

فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً (٢٧))

(إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ) ، حين صدوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأصحابه عن البيت ، ولم يقروا ببسم الله الرحمن الرحيم ، وأنكروا محمدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والحمية : الأنفة ، يقال : فلان ذو حمية إذا كان ذا غضب وأنفة. قال مقاتل : قال أهل مكة : قد قتلوا أبناءنا وإخواننا ثم يدخلون علينا ، فتتحدث العرب أنهم دخلوا علينا على رغم أنفنا ، واللات والعزى لا يدخلونها علينا ، فهذه (حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ) ، التي دخلت قلوبهم ، (فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ) ، حتى لم يدخلهم ما دخلهم من الحمية فيعصوا الله في قتالهم ، (وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى).

قال ابن عباس ومجاهد والضحاك وقتادة وعكرمة والسدي وابن زيد وأكثر المفسرين : كلمة التقوى «لا إله إلّا الله» (١) وروي عن أبي بن كعب مرفوعا.

وقال علي وابن عمر : كلمة التقوى لا إله إلّا الله والله أكبر. وقال عطاء بن أبي رباح : هي لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. وقال عطاء الخراساني : هي لا إله إلا الله محمد رسول الله. وقال الزهري : هي بسم الله الرحمن الرحيم. (وَكانُوا أَحَقَّ بِها) ، من كفار مكة ، (وَأَهْلَها) ، أي وكانوا أهلها في علم الله لأن الله تعالى اختار لدينه وصحبة نبيه أهل الخير ، (وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً).

(لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ) ، وذلك أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أري في المنام بالمدينة قبل أن يخرج إلى الحديبية أنه يدخل هو وأصحابه المسجد الحرام آمنين ، ويحلقون رءوسهم ويقصرون ، فأخبره بذلك أصحابه ، ففرحوا وحسبوا أنهم دخلوا مكة عامهم ذلك ، فلما انصرفوا ولم يدخلوا شقّ عليهم ذلك ، فأنزل الله هذه الآية.

[١٩٧٦] وروي عن مجمع بن جارية الأنصاري : قال شهدنا الحديبية مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فلما انصرفنا

__________________

[١٩٧٦] ـ أخرجه أبو داود ٢٧٣٦ والبيهقي في «الدلائل» ٤ / ١٥٦ ـ ١٥٧ من طريق مجمّع بن يعقوب بن مجمع بن يزيد الأنصاري ، عن أبيه عن عمه عبد الرحمن بن يزيد عن عمه مجمع بن جارية ... به ، وإسناده ضعيف لجهالة يعقوب ابن مجمّع ، وله شاهد من مرسل عروة والزهري ، أخرجه البيهقي في «الدلائل» ٤ / ١٦٠ وإسناده قوي ، ومراسيل عروة جياد.

(١) المرفوع ضعيف ، والصحيح موقوف. أخرجه الترمذي ٣٢٦٥ والطبري ٣١٥٧٩ وعبد الله في «زوائد المسند» ٥ / ١٣٨ والطبراني في «الكبير» ٥٣٦ والبيهقي في «الأسماء والصفات» ٢٠٠ من طريق الحسن بن قزعة عن سفيان بن حبيب عن شعبة عن ثوير عن أبيه عن الطفيل بن أبيّ عن أبيه ، وإسناده ضعيف جدا ، ثوير بن أبي فاختة متروك الحديث ، بل قال الثوري : هو ركن من أركان الكذب.

ـ قال الترمذي : هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعا إلّا من حديث الحسن بن قزعة.

ـ قال الترمذي : وسألت أبا زرعة عن هذا الحديث ، فلم يعرفه مرفوعا إلّا من هذا الوجه ا ه.

ـ تنبيه : وقد وهم الألباني في هذا الحديث حيث حكم بصحته في «صحيح الترمذي» ٢٦٠٣.

ـ وأخرجه الطبراني في «الدعاء» ١٥٣٠ من حديث سلمة بن الأكوع ، وفي إسناد موسى بن عبيدة الربذي ، وهو ضعيف ، ليس بشيء.

ـ وأخرجه ابن مردويه كما في «الدر» ٦ / ٨٠ من حديث أبي هريرة ، وابن مردويه يروي الموضوعات ؛ لا يحتج بما ينفرد به ، وقد تفرد به عن أبي هريرة ، فهو لا شيء ، وقد ورد موقوفا عن غير واحد من الصحابة والتابعين ، وهو الصواب ، وقد وهم ثوير وموسى الربذي فروياه مرفوعا.

٢٤٣

عنها إذا الناس يهزون الأباعر ، فقال بعضهم : ما بال الناس؟ فقالوا : أوحي إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال فخرجنا نوجف (١) ، فوجدنا النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم واقفا على راحلته عند كراع الغميم ، فلما اجتمع إليه الناس قرأ : (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً) (١) [الفتح : ١] ، فقال عمر : أو فتح هويا رسول الله؟ قال : «نعم والذي نفسي بيده».

ففيه دليل على أن المراد بالفتح صلح الحديبية ، وتحقق الرؤيا كان في العام المقبل ، فقال جلّ ذكره : (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِ) ، أخبر أن الرؤية التي أراها إياه في مخرجه إلى الحديبية أنه يدخل هو وأصحابه المسجد الحرام صدق وحق. قوله (لَتَدْخُلُنَ) يعني وقال : لتدخلن.

وقال ابن كيسان : لتدخلن من قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لأصحابه حكاية عن رؤياه ، فأخبر الله عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال ذلك ، وإنما استثنى مع علمه بدخولها بإخبار الله تعالى ، تأدبا بآداب الله ، حيث قال له : (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) [الكهف : ٢٣]. وقال أبو عبيدة : (إِنْ) بمعنى إذ مجازه : إذ شاء الله ، كقوله (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [البقرة : ٩١] ، وقال الحسين بن الفضل : يجوز أن يكون الاستثناء من الدخول لأن بين الرؤيا وتصديقها سنة ، ومات في تلك السنة ناس فمجاز الآية : لتدخلن المسجد الحرام كلكم إن شاء الله ، وقيل الاستثناء واقع على الأمر لا على الدخول ، لأن الدخول لم يكن فيه شك.

[١٩٧٧] كقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عند دخول المقبرة : «وإنا إن شاء الله بكم لاحقون» ، فالاستثناء راجع إلى اللحوق [بأهل لا إله إلّا الله](٢) لا إلى الموت. (مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ) ، كلها ، (وَمُقَصِّرِينَ) ، يأخذ بعض شعورها ، (لا تَخافُونَ فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا) ، أن الصلاح كان في الصلح وتأخير الدخول ، وهو قوله تعالى : (وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ) ، الآية. (فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ) ، أي من قبل دخولكم المسجد الحرام ، (فَتْحاً قَرِيباً) ، وهو صلح الحديبية عند الأكثرين ، وقيل : فتح خيبر.

(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً (٢٨) مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (٢٩))

(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) (٢٨) ، على أنك نبي صادق صالح فيما تخبر.

(مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ) ، تم الكلام هاهنا ، قال ابن عباس : شهد له بالرسالة. ثم قال مبتدئا (وَالَّذِينَ مَعَهُ) ، فالواو فيه واو الاستئناف أي : والذين معه من المؤمنين ، (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ) ، غلاظ عليهم

__________________

[١٩٧٧] ـ صحيح. أخرجه مسلم ٢٤٩ ومالك ١ / ٢٨ والنسائي ١ / ٩٣ من حديث أبي هريرة مطوّلا ، وصدره «السلام عليكم دار قوم مؤمنين ...».

(١) في المطبوع «نرجف» والمثبت عن المخطوط و «سنن أبي داود».

ـ والوجف. الركض والإسراع.

(٢) ما بين المعقوفتين زيد في المطبوع فقط ، وهذه الزيادة ليست في «ط» ولا في المخطوط.

٢٤٤

كالأسد على فريسته لا تأخذهم فيهم رأفة ، (رُحَماءُ بَيْنَهُمْ) ، متعاطفون متوادون بعضهم لبعض ، كالولد مع الوالد ، كما قال : (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ) [المائدة : ٥٤] : (تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً) ، أخبر عن كثرة صلاتهم ومداومتهم عليها ، (يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ) ، أن يدخلهم الجنة ، (وَرِضْواناً) ، أن يرضى عنهم ، (سِيماهُمْ) ، أي علامتهم ، (فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ).

اختلفوا في هذا السيما.

فقال قوم : هو نور وبياض في وجوههم يوم القيامة يعرفون به أنهم سجدوا في الدنيا ، وهو رواية عطية العوفي عن ابن عباس ، قال عطاء بن أبي رباح والربيع بن أنس : استنارت وجوههم من كثرة ما صلوا.

وقال شهر بن حوشب : تكون مواضع السجود من وجوههم كالقمر ليلة البدر.

وقال آخرون (١) : هو السمت الحسن والخشوع والتواضع. وهو رواية الوالبي عن ابن عباس قال : ليس بالذي ترون لكنه سيماء الإسلام وسجيته وسمته وخشوعه وهو قول مجاهد ، والمعنى أن السجود أورثهم الخشوع والسمت الحسن الذي يعرفون به.

وقال الضحاك : هو صفرة الوجه من السهر. قال الحسن : إذا رأيتهم حسبتهم مرضى وما هم بمرضى.

قال عكرمة وسعيد بن جبير : هو أثر التراب على الجباه. قال أبو العالية لأنهم يسجدون على التراب لا على الأثواب. وقال عطاء الخراساني : دخل في هذه الآية كل من حافظ على الصلوات الخمس. (ذلِكَ) ، الذي ذكرت ، (مَثَلُهُمْ) ، صفتهم (فِي التَّوْراةِ) ، هاهنا تم الكلام ثم ذكر نعتهم في الإنجيل ، فقال : (وَمَثَلُهُمْ) ، صفتهم ، (فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ).

قرأ ابن كثير وابن عامر : شطأه بفتح الطاء ، وقرأ الآخرون بسكونها وهما لغتان كالنهر والنهر ، وأراد فراخه ، يقال أشطأ الزرع فهو مشطئ ، إذا أفرخ ، قال مقاتل : هو نبت واحد فإذا خرج ما بعده فهو شطؤه.

وقال السدي : هو أن يخرج معه الطاقة الأخرى. قوله : (فَآزَرَهُ) ، قرأ ابن عامر : فأزره بالقصر والباقون بالمد ، أي قواه وأعانه وشدّ أزره ، (فَاسْتَغْلَظَ) غلظ ذلك الزرع ، (فَاسْتَوى) ، أي تم وتلاحق نباته وقام ، (عَلى سُوقِهِ) ، أصوله (يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ) ، أعجب ذلك

زراعه ، هذا مثل ضربه الله عزوجل لأصحاب محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم في الإنجيل أنهم يكونون قليلا ، ثم يزادون ويكثرون.

قال قتادة : مثل أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في الإنجيل مكتوب أنه سيخرج قوم ينبتون نبات الزرع يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر. وقيل : الزرع محمد والشطء أصحابه والمؤمنون.

وروي عن مبارك بن فضالة عن الحسن قال : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ) أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ) عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، (رُحَماءُ بَيْنَهُمْ) ، عثمان بن عفان رضي الله عنه ، (تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً) علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، (يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ) بقية العشرة المبشرين بالجنة.

__________________

(١) في المخطوط (أ) «قوم».

٢٤٥

وقيل : كمثل زرع محمد (أَخْرَجَ شَطْأَهُ) ، أبو بكر (فَآزَرَهُ) عمر (فَاسْتَغْلَظَ) عثمان للإسلام (فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ) علي بن أبي طالب استقام الإسلام بسيفه ، (يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ) قال : هم المؤمنون (لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ) ، قول عمر لأهل مكة بعد ما أسلم : لا نعبد (١) الله سرا بعد اليوم.

[١٩٧٨] حدثنا أبو حامد أحمد بن محمد الشجاعي السرخسي إملاء أنا أبو بكر عبد الله بن أحمد القفال ثنا أبو أحمد عبد الله بن محمد بن الفضل السمرقندي ثنا شيخي أبو عبد الله محمد بن الفضل البلخي ثنا أبو رجاء قتيبة بن سعيد ثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عبد الرحمن بن حميد عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوف : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : «أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة وعثمان في الجنة وعليّ في الجنة وطلحة في الجنة والزبير في الجنة وعبد الرحمن بن عوف في الجنة وسعد بن أبي وقاص في الجنة وسعيد بن زيد في الجنة وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة».

[١٩٧٩] حدثنا أبو المظفر محمد بن أحمد التميمي أنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن قاسم ثنا

__________________

[١٩٧٨] ـ صحيح. إسناده حسن لأجل الدراوردي ، فهو وإن روى له مسلم ، فقد تكلم فيه ، وحديثه حسن ، وله شواهد.

ـ حميد هو ابن عبد الرحمن بن عوف.

ـ وهو في «شرح السنة» ٣٨١٨ بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه الترمذي ٣٧٤٧ والنسائي في «الفضائل» ٩١ وأحمد ١ / ٩٣١ وابن حبان ٧٠٠٢ من طريق قتيبة بن سعيد بهذا الإسناد.

ـ وله شاهد من حديث سعيد بن زيد :

ـ أخرجه أبو داود ٤٦٤٩ والترمذي ٣٧٥٧ والنسائي في «الفضائل» ١٠٦ والطيالسي ٢٣٦ وأحمد ١ / ١٨٨ وابن حبان ٦٩٩٣ وابن أبي عاصم في «السنة» ١٤٢٨ و ١٤٢٩ و ١٤٣١ من طرق عن شعبة عن الحر بن الصباح عن عبد الرحمن الأخنس عن سعيد بن زيد.

ـ وأخرجه أبو داود ٤٦٥٠ والنسائي ٩٠ وابن ماجه ١٣٣ وأحمد ١ / ١٨٧ وابن أبي عاصم ١٤٣٣ و ١٤٣٦ من طريق رياح بن الحارث عن سعيد بن زيد.

ـ وقال الترمذي : حديث حسن.

ـ وأخرجه أبو داود ٤٦٤٨ والترمذي ٣٧٥٧ والنسائي ٨٧ و ١٠١ وابن ماجه ١٣٤ وأحمد ١ / ١٨٨ و ١٨٩ والحاكم ٣ / ٤٥٠ ـ ٤٥١ وابن حبان ٦٩٩٦ من طرق عن حصين بن عبد الرحمن عن هلال بن يساف عن عبد الله بن ظالم المازني عن سعيد بن زيد.

ـ الخلاصة : هو حديث صحيح بمجموع طرقه.

[١٩٧٩] ـ حسن. إسناده غير قوي لأجل قطبة بن العلاء ، لكن توبع ومن دونه ، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم.

ـ خالد هو ابن مهران الحذاء ، أبو قلابة هو عبد الله بن زيد.

ـ وهو في «شرح السنة» ٣٨٢٣ بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه ابن ماجه ١٥٥ والطحاوي في «المشكل» ٨١٠ وأبو نعيم في «الحلية» ٣ / ١٢٢ والبيهقي ٦ / ٢١٠ من طرق عن سفيان به.

ـ وأخرجه النسائي في «الفضائل» ١٣٨ والترمذي ٣٧٩١ وابن ماجه ١٥٤ وأحمد ٣ / ٢٨١ والطيالسي ٢٠٩٦ وابن حبان ٧١٣١ و ٧١٣٧ والبيهقي ٦ / ٢١٠ من طرق عن خالد الحذاء به.

ـ وأخرجه الترمذي ٣٧٩٠ من طريق معمر عن قتادة عن أنس.

وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب.

(١) في المطبوع «تعبدوا» والمثبت عن المخطوط.

٢٤٦

خيثمة بن سليمان بن حيدرة الطرابلسي ثنا أحمد بن هاشم الأنطاكي ثنا قطبة بن العلاء ثنا سفيان الثوري عن خالد الحذاء (١) عن أبي قلابة عن أنس بن مالك عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «أرحم أمتي [بأمتي](٢) أبو بكر ، وأشدهم في [أمر](٣) الله عمر ، وأصدقهم حياء عثمان ، وأفرضهم زيد بن ثابت ، وأقرؤهم أبي بن كعب ، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل ، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح».

[١٩٨٠] ورواه معمر عن قتادة مرسلا وفيه : «وأقضاهم علي».

[١٩٨١] أخبرنا عبد الواحد [بن أحمد] المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا معلى بن أسد ثنا عبد العزيز [بن](٤) المختار قال : خالد الحذاء ثنا عن أبي عثمان قال : حدثني عمرو بن العاص أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعثه على جيش ذات السلاسل قال فأتيته فقلت : أي الناس أحب إليك؟ قال : عائشة ، فقلت : من الرجال؟ قال : أبوها ، قلت : ثم من؟ قال : عمر [بن الخطاب](٥) ، فعدّ رجالا [فسكت مخافة أن يجعلني في آخرهم](٦).

[١٩٨٢] أخبرنا أبو منصور عبد الملك وأبو الفتح نصر بن الحسين ابنا (٧) علي بن أحمد بن منصور

__________________

ـ قلت : إسناده صحيح ، لكن فيه عنعنة قتادة.

ـ ولعجزه «لكل أمة أمين ...» شاهد من حديث أنس أخرجه البخاري ٤٣٨٢ و ٧٢٥٥ ومسلم ٢٤١٩ والنسائي في «الفضائل» ٩٦ وأحمد ٣ / ١٣٣ و ١٣٩ وأبو يعلى ٢٨٠٨ وابن حبان ٧٠٠١ وأبو نعيم ٧ / ١٧٥.

[١٩٨٠] ـ ضعيف بهذا اللفظ ، والصحيح موقوف.

ـ أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» ٢٠٣٨٧ من طريق معمر عن قتادة مرسلا.

وقوله «وأقضاهم علي» ورد في أثناء حديث عن ابن عمر عند أبي يعلى ٥٧٦٣ وابن عدي ٦ / ٧٧.

وإسناده ضعيف جدا ، لأجل محمد بن عبد الرحمن البيلماني.

ـ وحديث جابر أخرجه الطبراني كما في «كشف الخفاء» ١ / ١٠٨ (٣١٣).

ـ وحديث أبي سعيد الخدري أخرجه العقيلي في «الضعفاء» ٢ / ١٥٦ وفي إسناده سلام بن سلام المدائني ، وهو متروك.

ـ وأخرجه البخاري ٤٤٨١ عن ابن عباس عن عمر قال : أقرؤنا أبي وأقضانا علي.

ـ فهذا هو الصواب في هذا الحديث كونه موقوفا.

[١٩٨١] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم.

ـ خالد هو ابن مهران ، أبو عثمان هو عبد الرحمن بن ملّ ، وهو النّهدي.

ـ وهو في «شرح السنة» ٣٧٦٢ بهذا الإسناد.

ـ وهو في «صحيح البخاري» ٣٦٦٢ عن معلى بن أسد بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه الترمذي ٣٨٨٥ والنسائي في «فضائل الصحابة» ١٦ وأحمد ٤ / ٢٠٣ وابن حبان ٦٨٨٥ من طريق عبد العزيز ابن المختار بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه البخاري ٤٣٥٨ ومسلم ٢٣٨٤ وابن حبان ٦٩٠٠ والبيهقي ١٠ / ٢٣٣ من طريق خالد بن عبد الله عن خالد الحذاء به.

[١٩٨٢] ـ حسن صحيح بشواهده.

(١) في المطبوع «الخزاعي» وهو تصحيف.

(٢) ما بين المعقوفتين زيد في المطبوع ، وليست هذه الزيادة في المخطوط ، وفي «شرح السنة».

(٣) ما بين المعقوفتين زيد في المطبوع ، وليست هذه الزيادة في المخطوط ولا في «شرح السنة».

(٤) سقط من المطبوع.

(٥) زيادة عن المخطوط (أ) و «شرح السنة».

(٦) ما بين المعقوفتين زيد في المطبوع وهذه الزيادة ليست في المخطوط ولا في «شرح السنة».

(٧) في المطبوع «أنا» والمثبت عن «شرح السنة».

٢٤٧

ومحمد بن الحسين بن شاذويه الطوسي بها قالا : ثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن كيسان النحوي ثنا أبو إسحاق وإبراهيم بن شريك الأسدي ثنا [إبراهيم بن إسماعيل هو ابن](١) يحيى بن سلمة بن كهيل ثنا أبي عن أبيه عن سلمة عن أبي الزعراء عن ابن مسعود عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «اقتدوا باللذين من بعدي من أصحابي : أبي بكر وعمر ، واهتدوا بهدي عمّار ، وتمسكوا بعهد عبد الله بن مسعود» (٢).

[١٩٨٣] أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي أنا أبو الحسين علي بن محمد [بن عبد الله](٣) بن بشران أنا إسماعيل بن محمد الصفار ثنا أحمد بن منصور الرمادي ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن أبي حازم عن سهل بن سعد أن أحدا ارتج وعليه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبو بكر [وعمر] وعثمان ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «اثبت أحد ما عليك إلّا نبي وصديق وشهيدان» (٤).

[١٩٨٤] أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداودي أنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن

__________________

ـ إسناده ضعيف جدا ، إسماعيل بن يحيى ضعيف ، وأبوه يحيى متروك ، لكن للحديث شواهد وطرق فالمتن محفوظ.

ـ أبو الزعراء هو عبد الله بن هانئ.

ـ وهو في «شرح السنة» ٣٧٨٩ بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه الترمذي ٣٨٠٥ عن إبراهيم بن إسماعيل بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه الحاكم ٣ / ٧٥ ـ ٧٦ من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل عن إبراهيم بن إسماعيل به.

ـ وصححه الحاكم وقال الذهبي : سنده واه.

ـ وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب.

ـ وأخرجه ابن عدي ٧ / ١٩٦ ـ ١٩٧ من طريق ابن أبي زائدة عن يحيى بن سلمة به.

ـ وله شاهد من حديث حذيفة أخرجه الترمذي ٣٦٦٣ وأحمد ٥ / ٣٩٩ والطحاوي في «المشكل» ١٢٢٤ و ١٢٢٥ و ٢٢٢٦ و ١٢٢٧ و ١٢٢٨ و ١٢٢٩ و ١٢٣٠ و ١٢٣١ و ١٢٣٢ و ١٢٣٣ من طريقين عن ربعي بن حراش عن حذيفة ، وهو قوي ، وقد تقدم في تفسير سورة النساء عند آية : ٥٩.

[١٩٨٣] ـ إسناده صحيح ، أحمد بن منصور ثقة وقد توبع ومن دونه ، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم.

ـ عبد الرزاق بن همام ، معمر بن راشد ، أبو حازم ، سلمة بن دينار.

ـ وهو في «شرح السنة» ٣٧٩٥ بهذا الإسناد.

ـ وهو في «مصنف عبد الرزاق» ٢٠٤٠١ عن معمر به.

ـ وأخرجه أحمد ٥ / ٣٣١ وأبو يعلى ٧٥١٨ وابن حبان ٦٤٩٢ والبيهقي في «الدلائل» ٦ / ٣٥١ من طريق عبد الرزاق به.

ـ قال الهيثمي في «المجمع» ٩ / ٥٥ : رواه أبو يعلى ، ورجاله رجال الصحيح.

ـ وله شاهد من حديث أنس :

أخرجه البخاري ٣٦٨٦ وأبو داود ٤٦٥١ والنسائي في «فضائل الصحابة» ٣٢ وأبو يعلى ٣١٩٦ وابن حبان ٦٨٦٥.

[١٩٨٤] ـ صحيح ، أبو سعيد فمن فوقه رجال البخاري ومسلم ، ومن دونه توبعوا.

ـ أبو سعيد هو عبد الله بن سعيد ، وكيع هو ابن الجراح ، الأعمش هو سليمان بن مهران.

ـ وهو في «شرح السنة» ٣٨٠١ بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه مسلم ٧٨ وابن أبي شيبة ١٢ / ٥٦ ـ ٥٧ وابن ماجة ١١٤ وابن أبي عاصم ١٣٢٥ من طريق أبي معاوية ووكيع

(١) زيادة عن المخطوط (أ) و «شرح السنة».

(٢) في المطبوع «ابن أم عبد» والمثبت عن «شرح السنة» والمخطوط (أ) والمخطوط (ب)

(٣) زيادة عن المخطوط (أ) و «شرح السنة».

(٤) في المطبوع «أو صديق أو شهيد» والمثبت عن «شرح السنة» والمخطوط (ب) وكتب التراجم.

٢٤٨

الصلت ثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي ثنا أبو سعيد الأشج أنا وكيع ثنا الأعمش عن عدي بن ثابت عن زر بن حبيش عن علي قال : عهد إليّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه لا يحبّك إلّا مؤمن ، ولا يبغضك إلّا منافق.

[١٩٨٥] أخبرنا أبو المظفر التميمي (١) أنا عبد الرحمن بن عثمان (٢) أنا خيثمة بن سليمان [ثنا محمد بن عيسى بن حيان](٣) ثنا محمد بن الفضل بن عطية [عن عبد الله بن مسلم](٤) عن عبد الله بن بريدة عن أبيه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من مات من أصحابي [بأرض](٥) كان نورهم وقائدهم يوم القيامة».

قوله عزوجل : (لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ) ، أي إنما كثرهم وقواهم ليكونوا غيظا للكافرين.

قال مالك بن أنس : من أصبح وفي قلبه غيظ على أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقد أصابته هذه الآية.

[١٩٨٦] أخبرنا أبو الطيب طاهر بن محمد بن العلاء البغوي ثنا أبو معمر الفضل بن إسماعيل أنا جدي

__________________

بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه مسلم ٧٨ والنسائي في «خصائص علي» ١٠٠ والترمذي ٣٧٣٦ أبو يعلى ٢٩١ وأحمد ١ / ٨٤ و ٩٥ و ١٢٨ وابن مندة في «الإيمان» ٢٦١ والحميدي ٥٨ وابن حبان ٦٩٢٤ والبغوي في «شرح السنة» ٣٨٠٢ من طرق عن الأعمش به.

[١٩٨٥] ـ ضعيف. إسناده ساقط ، محمد بن الفضل ، قال عنه الحافظ في «التقريب» : كذبوه ، وتابعه عثمان بن ناجية عند الترمذي وعثمان مجهول ، وللحديث علة ثانية : عبد الله بن مسلم هو أبو طيبة ، قال أبو حاتم : يكتب حديثه ، ولا يحتج به.

ـ وللحديث علة ثالثة ، وهي الإرسال.

ـ وهو في «شرح السنة» ٣٧٥٥ بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه الترمذي ٣٨٦٥ من طريق عثمان بن ناجية عن عبد الله بن مسلمة به.

ـ قال الترمذي : هذا حديث غريب ، وروي هذا الحديث عن عبد الله بن مسلم أبي طيبة عن ابن بريدة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم مرسل ، وهو أصح.

ـ الخلاصة : الحديث ضعيف.

[١٩٨٦] ـ ضعيف بهذا اللفظ.

ـ إسناده ضعيف ، وعلته جهالة عبد الرحمن بن زياد ، قال ابن معين : لا أعرفه ، وقال البخاري : فيه نظر. قلت : هو مجهول ما روى عنه سوى ابن أبي رائطة ، وقد اختلف في اسمه فقيل : عبد الرحمن بن زياد ، وقيل : عبد الله بن عبد الرحمن ، وقيل عكسه ، وقيل عبد الملك ، فهذا دليل على جهالته.

ـ وهو في «شرح السنة» ٣٧٥٣ بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه الترمذي ٣٨٦٢ والبيهقي في «الاعتقاد» ص ٣٢١ من طريق يعقوب بن إبراهيم به.

ـ وأخرجه أحمد ٤ / ٨٧ وابن حبان ٧٢٥٦ وابن أبي عاصم في «السنة» ٩٩٢ وأبو نعيم في «الحلية» ٨ / ٢٨٧ من طريق عن عبيدة بن أبي رائطة عن عبد الرحمن عن عبد الله بن المغفل به.

(١) في المطبوع «التيمي» والمثبت عن المخطوط و «شرح السنة».

(٢) تصحف في «شرح السنة» إلى «عفان».

(٣) سقط من المطبوع واستدرك من «شرح السنة» والمخطوط (١)

(٤) سقط في المطبوع ، واستدرك من «شرح السنة» والمخطوط (أ)

(٥) سقط من المطبوع ، واستدرك من المخطوط و «شرح السنة».

٢٤٩

أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي أخبرني الهيثم بن خلف الدوري (١) ثنا المفضل (٢) بن غسان بن المفضل الغلابي (٣) ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ثنا عبيدة (٤) بن أبي رائطة (٥) عن عبد الرحمن بن زياد عن عبد الله بن مغفل المزني قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الله الله في أصحابي ، لا تتخذوهم غرضا من بعدي ، فمن أحبهم فبحبي أحبهم ، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ، ومن أذاهم فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ، ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه».

[١٩٨٧] حدثنا أبو المظفر بن محمد بن أحمد بن حامد التميمي أنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم أنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان ثنا إبراهيم بن عبد الله العبسي القصار بالكوفة أنا وكيع بن الجراح عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا تسبوا أصحابي فو الذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك (٦) مد أحدهم ولا نصيفه».

[١٩٨٨] أخبرنا عبد الواحد [بن أحمد] المليحي أنا أبو عبد الله محمد بن الحسين الزعفراني ثنا أبو محمد عبد الله بن عروة ثنا محمد بن الحسين بن محمد بن إشكاب ثنا شبابة بن سوار ثنا فضيل بن مرزوق عن أبي خباب عن أبي سليمان الهمداني عن أبيه عن علي قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن سرك أن تكون من أهل الجنة فإن قوما يتنحلون حبك يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم نبزهم الرافضة (٧) فإن أدركتهم فجاهدهم فإنهم مشركون» (٨) ، في إسناد هذا الحديث نظر وقول الله عزوجل : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ) ، قال ابن جرير : يعني من الشطء الذي أخرجه الزرع ، وهم الداخلون في الإسلام بعد الزرع إلى يوم القيامة ، ورد الهاء والميم على معنى الشّطء لا على لفظه ، ولذلك لم يقل : منه (مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) ، يعني الجنة.

__________________

ـ وأخرجه أحمد ٥ / ٥٤ و ٥٧ والخطيب ٩ / ١٢٣ من طريق سعد بن إبراهيم عن عبيدة بن أبي رائطة فقالوا : عن عبد الرحمن بن زيادة ، أو عبد الرحمن بن عبد الله.

ـ قال الترمذي : هذا حديث حسن لا نعرفه إلّا من هذا الوجه.

ـ الخلاصة : الإسناد ضعيف ، والمتن بهذا اللفظ لا يصح ، والصحيح هو الآتي.

[١٩٨٧] ـ تقدم في سورة آل عمران عند آية : ١١٠.

[١٩٨٨] ـ موضوع. إسناده ساقط ، فضيل بن مرزوق ضعيف ، وشيخه الهمداني مجهول ، وكذا أبوه ، وقال الذهبي في «الميزان» ٤ / ٥٣٣ : أتى بخبر منكر ، والظاهر أنه إسناد مصنوع ، والخبر أمارة الوضع لائحة عليه.

ـ وقال البغوي رحمه‌الله : في إسناد هذا الحديث نظر.

ـ وله شاهد من حديث ابن عباس ، أخرجه ابن عدي ٥ / ١٥٣ وأعله بعمر بن المخرّم ، وقال : يروي عن ابن عيينة وغيره بالبوطيل.

(١) في «شرح السنة» : «الدوزي».

(٢) في المطبوع «الفضل» والمثبت عن «شرح السنة» والمخطوط (أ)

(٣) في المطبوع «العلائي» والمثبت عن «شرح السنة» والمخطوط (أ)

(٤) في المطبوع «عتبة» وفي المخطوط (أ) «أبو عبيدة» والمثبت عن المخطوط (ب) و «شرح السنة».

(٥) في المطبوع «رابطة» والمثبت عن «شرح السنة» وكتب التراجم.

(٦) في المطبوع «بلغ» والمثبت عن المخطوط و «شرح السنة».

(٧) أي اسمهم الذي يسمون به.

(٨) هذا الحديث زيد في المطبوع و «ط» وليس هو في المخطوط.

٢٥٠

سورة الحجرات

مدنية وهي ثمان عشرة آية

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١))

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ) ، قرأ يعقوب : (لا تُقَدِّمُوا) بفتح التاء والدال ، من التقدم أي لا تتقدموا ، وقرأ الآخرون بضم التاء وكسر الدال ، من التقديم ، وهو لازم بمعنى التقدم ، مثل بين وتبين ، وقيل : هو متعد على ظاهره ، والمفعول محذوف ، أي : لا تقدموا القول والفعل بين يدي الله ورسوله. قال أبو عبيدة تقول العرب : لا تقدم بين يدي الإمام وبين يدي الأب ، أي لا تعجل بالأمر والنهي دونه ، ومعنى : بين يدي (١) الإمام ، والقدام : أي لا تقدموا بين يدي أمرهما ونهيهما واختلفوا في معناه ، روى الشعبي عن جابر أنه في الذبح يوم الأضحى ، وهو قول الحسن (٢) ، أي لا تذبحوا قبل أن يذبح النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وذلك أن ناسا ذبحوا قبل صلاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأمرهم أن يعيدوا الذبح (٣).

[١٩٨٩] أخبرنا عبد الواحد [بن أحمد] المليحي أنا أحمد (٤) بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا سليمان بن حرب ثنا شعبة عن زبيد (٥) عن الشعبي عن البراء قال : خطبنا النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم

__________________

[١٩٨٩] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم.

ـ شعبة هو ابن الحجاج ، زبيد هو ابن الحارث اليامي ، الشعبي هو عامر بن شراحيل.

ـ وهو في «شرح السنة» ١١٠٩ بهذا الإسناد.

ـ وهو في «صحيح البخاري» ٩٦٨ عن سليمان بن حرب بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه البخاري ٩٥١ و ٩٦٥ و ٥٥٤٥ ومسلم ١٩٦١ ح ٧ وأحمد ٤ / ٣٠٣ والطيالسي ٧٤٣ وابن حبان ٥٩٠٦ والطحاوي في «المعاني» ٤ / ١٧٢ والبيهقي ٩ / ٢٦٩ و ٢٧٦ من طرق عن شعبة به.

ـ وأخرجه البخاري ٩٧٦ والطحاوي ٤ / ١٧٣ والبيهقي ٣ / ٣١١ من طريق محمد بن طلحة عن زبيد به.

ـ وأخرجه مسلم ١٩٦١ ح ٥ والترمذي ١٥٠٨ والنسائي ٧ / ٢٢٢ وأبو يعلى ١٦٦١ والبيهقي ٩ / ٢٦٢ و ٢٧٦ من طرق عن داود بن أبي هند عن الشعبي به.

ـ وأخرجه البخاري ٥٥٥٦ ومسلم ١٩٦١ ح ٤ وأبو داود ٢٨٠١ وابن الجارود ٩٠٨ وابن حبان ٥٩٠٧ و ٥٩٠٨ والبيهقي ٩ / ٢٦٢ و ٢٧٦ من طرق عن الشعبي به.

ـ وأخرجه البخاري ٦٦٧٣ من طريق معاذ بن معاذ عن ابن عون عن الشعبي به.

(١) في المطبوع «اليدين» والمثبت عن المخطوط.

(٢) تصحف في المطبوع إلى «الحسين» والمثبت عن ط والمخطوط.

(٣) لم يصح هذا في أنه هو سبب نزول الآيات ، والصواب الآتي برقم ١٩٩٠.

(٤) في المطبوع «أحمد» والمثبت عن المخطوط.

(٥) في المطبوع «زيد» والمثبت عن «شرح السنة» والمخطوط.

٢٥١

النحر ، قال : «إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي ، ثم نرجع فننحر ، فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا ، ومن ذبح قبل أن نصلي فإنما هو لحم عجّله لأهله ليس من النسك في شيء».

وروي مسروق عن عائشة أنه في النهي عن صوم يوم الشك ، أي لا تصوموا قبل أن يصوم نبيكم.

[١٩٩٠] أخبرنا عبد الواحد [بن أحمد] المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا إبراهيم بن موسى ثنا هشام بن يوسف أن ابن جريج أخبرهم عن ابن أبي مليكة (١) أن عبد الله بن الزبير أخبرهم أنه قد ركب من بني تميم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال أبو بكر : أمر القعقاع معبد بن زرارة ، وقال عمر : بل أمر الأقرع بن حابس ، قال أبو بكر : ما أردت إلّا خلافي ، قال عمر : ما أردت خلافك ، فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما ، فنزلت في ذلك : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ) حتى انقضت.

[١٩٩١] ورواه نافع بن عمر [الجمحي] عن [ابن] أبي مليكة (٢) ، قال : فنزلت : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِ) إلى قوله : (وَأَجْرٌ عَظِيمٌ) ، وزاد قال ابن الزبير : فما كان عمر يسمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعد هذه الآية حتى يستفهمه.

ولم يذكر عن أبيه يعني أبا بكر.

وقال قتادة : نزلت الآية في ناس كانوا يقولون لو أنزل في كذا ، وصنع في كذا وكذا ، فكره الله ذلك. وقال مجاهد : لا تفتاتوا (٣) على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بشيء حتى يقضيه الله على لسانه.

وقال الضحاك : يعني في القتال وشرائع الذين لا تقضوا أمرا دون الله ورسوله.

(وَاتَّقُوا اللهَ) ، في تضييع حقه ومخالفة أمره ، (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ) ، لأقوالكم ، (عَلِيمٌ) بأفعالكم.

__________________

[١٩٩٠] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ، حيث تفرد عن هشام بن يوسف ، وباقي الإسناد على شرطهما.

ـ ابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز ، ابن أبي مليكة هو عبد الله بن عبيد الله.

ـ وهو في «صحيح البخاري» ٤٣٦٧ عن إبراهيم بن موسى بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه أبو يعلى ٦٨١٦ من طريق هشام بن يوسف به.

ـ وأخرجه البخاري ٤٨٤٧ والنسائي ٨ / ٢٢٦ وفي «التفسير» ٥٣٤ والواحدي في «أسباب النزول» ٧٥٢ من طريق الحسن بن محمد عن حجاج بن محمد عن ابن جريج به.

ـ وأخرجه الترمذي ٣٢٦٢ والطبري ٣١٦٧٣ من طريق مؤمل بن إسماعيل عن نافع عن عمر بن جميل عن ابن أبي مليكة به.

ـ وقال الترمذي : هذا حديث غريب حسن ، وقد رواه بعضهم عن ابن أبي مليكة مرسلا ، ولم يذكر عن عبد الله بن الزبير.

[١٩٩١] ـ أخرجه البخاري ٤٨٤٥ و ٧٣٠٢ وأحمد ٢ / ٦ من طريق نافع به.

(١) في المطبوع «ملكة» وهو تصحيف.

(٢) في المطبوع «نافع عن ابن عمر عن أبي مليكة» والتصويب عن المخطوط و «صحيح البخاري».

(٣) في المطبوع «تفتاوا» وفي المخطوط (ب) «تغتابوا» والمثبت عن ط و «تفسير الطبري» والمخطوط (أ)

٢٥٢

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (٢) إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (٣) إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (٤))

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ) ، أمرهم أن يبجلوه ويفخموه ولا يرفعوا أصواتهم عنده ولا ينادونه كما ينادي بعضهم بعضا ، (أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ) ، لئلا تحبط حسناتكم. وقيل : مخافة أن تحبط حسناتكم ، (وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ).

[١٩٩٢] أخبرنا إسماعيل [بن] عبد القاهر أنا عبد الغافر بن محمد أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي ثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ثنا مسلم بن الحجاج ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا الحسن بن موسى ثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس بن مالك قال : لما نزلت هذه الآية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِ) الآية ، جلس ثابت بن قيس في بيته وقال : أنا من أهل النار واحتبس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فسأل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم [عنه] سعد بن معاذ فقال : يا أبا عمر وما شأن ثابت أيشتكي؟ فقال سعد : إنه لجاري وما علمت له شكوى ، قال فأتاه سعد فذكر له قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال ثابت : أنزلت هذه الآية ولقد علمتم أني من أرفعكم صوتا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأنا من أهل النار ، فذكر ذلك سعد للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «بل هو من أهل الجنة».

[١٩٩٣] وروي أنه لما نزلت هذه الآية قعد ثابت في الطريق يبكي ، فمرّ به عاصم بن عدي فقال : ما

__________________

[١٩٩٢] ـ إسناده صحيح على شرط مسلم.

ـ أبو بكر هو عبد الله بن محمد ، ثابت هو ابن أسلم.

ـ وهو في «صحيح مسلم» ١١٩ ح ١٨٧ عن أب بكر بن أبي شيبة بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه أحمد ٣ / ١٤٦ من طريق حماد بن سلمة به.

ـ وأخرجه مسلم ١١٩ ح ١٨٨ وأحمد ٣ / ١٣٧ و ١٤٦ وأبو يعلى ٣٣٨١ و ٣٤٢٧ والنسائي في «التفسير» ٥٣٣ وابن حبان ٧١٦٨ و ٧١٦٩ والواحدي في «أسباب النزول» ٧٥٣ والبيهقي في «الدلائل» ٦ / ٣٥٤ من طرق عن ثابت به.

ـ وأخرجه البخاري ٣٦١٣ و ٤٨٤٦ والبغوي في «شرح السنة» ٣٨٩١ من طريقين عن أزهر بن سعد عن ابن عون عن موسى بن أنس عن أنس.

ـ وأخرجه الطبراني ١٣٠٩ من طريق ثمامة بن عبد الله بن أنس عن أنس.

[١٩٩٣] ـ بعضه صحيح ، وبعضه حسن ، وبعضه غريب.

ـ أخرجه الطبراني ١٣٢٠ والبيهقي في «الدلائل» ٦ / ٣٥٦ ـ ٣٥٧ عن عطاء الخراساني عن ابنة ثابت بن قيس بن شماس به.

ـ ورجاله ثقات ، لكن ابنة ثابت لم تسم.

ـ وورد من وجه آخر مع اختصار في بعض ألفاظه ، أخرجه الطبري ١٣٢٠ وإسناده حسن في الشواهد لأجل إسماعيل ابن محمد بن ثابت.

ـ وأخرجه ابن حبان ٧١٦٧ والطبري ١٣١٤ من طريق يونس عن ابن شهاب عن إسماعيل بن ثابت ، أن ثابت بن قيس الأنصاري قال : يا رسول الله ... فذكره مختصرا مرسلا.

ـ وأخرجه الحاكم ٣ / ٢٣٤ والبيهقي في «الدلائل» ٦ / ٣٥٥ من طريق الزهري عن إسماعيل بن محمد بن ثابت عن أبيه :أن ثابت بن قيس قال : .... فذكره مختصرا وصححه الحاكم على شرطهما ، ووافقه الذهبي مع أن في إسناده إسماعيل وأبيه لم يرويا لهما!

٢٥٣

يبكيك يا ثابت؟ فقال : هذه الآية أتخوف أن تكون نزلت فيّ وأنا رفيع الصوت أخاف أن يحبط عملي وأن أكون [من](١) أهل النار ، فمضى عاصم إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وغلب ثابت البكاء ، فأتى امرأته جميلة بنت عبد الله بن أبي [ابن](٢) سلول ، فقال : إذا دخلت بيت فرسي فشدي عليّ الضبة بمسمار [فضربته بمسمار](٣) وقال : لا أخرج حتى يتوفاني الله أو يرضى عنّي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأتى عاصم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأخبره خبره فقال له : اذهب فادعه ، فجاء عاصم إلى المكان الذي رآه فلم يجده ، فجاء إلى أهله فوجده في بيت الفرس ، فقال له : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يدعوك ، فقال : اكسر الضبة فكسرها ، فأتيا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما يبكيك يا ثابت»؟ فقال : أنا صيّت وأتخوف أن تكون هذه الآية نزلت فيّ ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أما ترضى أن تعيش حميدا وتقتل شهيدا وتدخل الجنة»؟ فقال : رضيت ببشرى الله ورسوله ولا أرفع صوتي أبدا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأنزل الله : (إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ) الآية.

قال أنس : فكنّا ننظر إلى رجل من أهل الجنة يمشي بين أيدينا.

فلما كان يوم اليمامة في حرب مسيلمة الكذاب رأى ثابت من المسلمين بعض الانكسار وانهزمت طائفة منهم ، فقال : أف لهؤلاء ، ثم قال ثابت لسالم مولى أبي حذيفة : ما كنا نقاتل أعداء الله مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مثل هذا ، ثم ثبتا وقاتلا حتى قتلا.

واستشهد ثابت وعليه درع فرآه رجل من الصحابة بعد موته في المنام وأنه قال له : اعلم أن فلان رجل من المسلمين نزع درعي فذهب بها وهي في ناحية من العسكر (٤) عند فرس يستن به في طوله وقد وضع على درعي برمة فأت خالد بن الوليد وأخبره حتى يسترد درعي وأت أبا بكر خليفة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقل له إن عليّ دينا حتى يقضيه (٥) عني ، وفلان وفلان من رقيقي عتيق ، فأخبر الرجل خالدا فوجد درعه والفرس على ما وصفه له (٦) ، فاسترد الدرع ، وأخبر خالد أبا بكر بتلك الرؤيا فأجاز أبو بكر وصيته ، قال مالك بن أنس : لا أعلم وصية أجيزت بعد موت صاحبها إلّا هذه.

[١٩٩٤] قال أبو هريرة وابن عباس : لما نزلت هذه الآية كان أبو بكر لا يكلم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلّا كأخي السرار.

[١٩٩٥] وقال ابن الزبير : لما نزلت هذه الآية ما حدث عمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعد ذلك فيسمع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كلامه

__________________

الخلاصة : صدره صحيح بشواهده منها المتقدم ، وذكر شد وثاقه حسن بشاهده ، وذكر بشارته في الجنة عند مسلم ١١٩ وتقدم ، وقول أنس إلى «قتلا» أخرجه ابن حبان ٧١٦٨ بسند صحيح على شرط مسلم عن أنس ، وخبر وصيته بدرعه ، ورد بإسناد صحيح كما تقدم ، وبعض ألفاظه لم أجده من ذلك قول مالك في آخره.

[١٩٩٤] ـ أخرجه الحاكم ٢ / ٤٦٢ عن أبي هريرة ، وصححه على شرط مسلم ، ووافقه الذهبي ، وهو حسن لأجل محمد بن عمرو.

ـ وورد عن ابن عباس عند الواحدي ٧٥٥ بدون إسناد.

ـ ويشهد لحديث أبي هريرة الحديث المتقدم برقم ١٩٩١ ، لكن ذاك في عمر.

[١٩٩٥] ـ تقدم قبل ثلاثة أحاديث.

(١) زيادة عن المخطوط و «دلائل النبوة للبيهقي».

(٢) زيادة عن المخطوط.

(٣) زيادة عن المخطوط و «تفسير الطبري» (٣١٦٦٩)

(٤) في المطبوع «المعسكر» والمثبت عن المخطوط و «تفسير الطبري».

(٥) في المخطوط (ب) «يقضى».

(٦) في المخطوط (ب) «وصفه».

٢٥٤

حتى يستفهمه مما يخفض صوته ، فأنزل الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ) ، يخفضون (أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ) ، إجلالا له ، (أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى) ، اختبرها وأخلصها كما يمتحن الذهب بالنار فيخرج خالصه ، (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ).

(إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ) ، قرأ العامة بضم الجيم ، وقرأ أبو جعفر بفتح الجيم ، وهما لغتان ، وهي جمع الحجر والحجر جمع الحجرة فهي جمع الجمع.

[١٩٩٦] قال ابن عباس : بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سرية إلى بني العنبر وأمّر (١) عليهم عيينة بن حصن الفزاري ، فلما علموا أنه توجه نحوهم هربوا وتركوا عيالهم ، فسباهم عيينة بن حصن وقدم بهم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فجاء بعد ذلك رجالهم يفدون الذراري ، فقدموا وقت الظهيرة ، ووافقوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قائما في أهله ، فلما رأتهم الذراري أجهشوا إلى آبائهم يبكون ، وكان لكل امرأة من نساء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حجرة ، فعجّلوا قبل أن يخرج إليهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فجعلوا ينادون : يا محمد اخرج إلينا ، ويصيحون حتى أيقظوه من نومه ، فخرج إليهم فقالوا : يا محمد فادنا عيالنا ، فنزل جبريل عليه‌السلام فقال : إن الله يأمرك أن تجعل بينك وبينهم رجلا ، فقال لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أترضون أن يكون بيني وبينكم سبرة بن عمرو ، وهو على دينكم؟ فقالوا : نعم ، فقال سبرة : إني لا أحكم بينهم إلّا وعمي شاهد وهو الأعور بن بشامة ، فرضوا به ، فقال الأعور : أرى أن تفادي نصفهم وتعتق نصفهم ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : قد رضيت ، ففادى نصفهم وأعتق نصفهم [فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من كان محرر من ولد إسماعيل فليعتق](٢). فأنزل الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) (٤) ، وصفهم بالجهل وقلة العقل.

(وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥))

(وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ) ، قال مقاتل : لكان خيرا لهم لأنك كنت تعتقهم جميعا وتطلقهم بلا فداء ، (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ).

وقال قتادة : نزلت في ناس (٣) من أعراب بني تميم جاءوا إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فنادوا على الباب.

[١٩٩٧] ويروى ذلك عن جابر قال : جاءت بنو تميم فنادوا على الباب : اخرج إلينا يا محمد ، فإن مدحنا

__________________

[١٩٩٦] ـ غريب. لم أقف عليه بهذا السياق. وهذا الخبر قد ورد في السّتر.

ـ فقد أخرجه الواقدي في «المغازي» ص ٩٧٣ ـ ٩٧٩ عن سعيد بن عمرو ، والزهري مطوّلا والواقدي متروك.

ـ وانظر «دلائل النبوة» للبيهقي ٥ / ٣١٣ ـ ٣١٥ و «سيرة ابن هشام» ٤ / ٢٠٣ و «سيرة ابن كثير» ٤ / ٧٩ ـ ٨٥.

[١٩٩٧] ـ أخرجه الواحدي في «أسباب النزول» ٧٥٩ من حديث جابر مطوّلا وفيه معلى بن عبد الرحمن ضعيف ـ وهذا الخبر أخرجه ابن سعد في «الطبقات» ١ / ٢٢٤ ـ ٢٢٥ من طريق الواقدي عن محمد بن عبد الله عن الزهري ح وعن عبد الله بن يزيد عن سعيد بن عمرو مرسلا بنحوه ، والواقدي متروك.

ـ وأخرجه ابن إسحاق وابن مردويه كما في «الدر» ٦ / ٩٠ من حديث ابن عباس بنحوه.

ـ وصدر الحديث وورد مسندا عند الترمذي ٣٢٦٧ والنسائي في «التفسير» ٥٣٥ والطبري ٣١٦٧٦ من طريق الحسين ابن واقد عن أبي إسحاق عن البراء (إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ) فقال : جاء رجل إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال :

(١) في المطبوع «أمّ» ، والمثبت عن المخطوط وط.

(٢) زيادة عن المخطوط (ب)

(٣) في المخطوط «قوم».

٢٥٥

زين ، وذمنا شين ، فسمعها النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فخرج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو يقول : «إنما ذلكم الله الذي مدحه زين وذمه شين». فقالوا : نحن ناس من بني تميم جئنا بشعرائنا وخطبائنا (١) لنشاعرك ونفاخرك ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما بالشعر بعثت ولا بالفخار (٢) أمرت ، ولكن هاتوا ما عندكم» ، فقام شاب منهم فذكر فضله وفضل قومه ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لثابت بن قيس بن شماس وكان خطيب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «قم فأجبه» [فقام](٣) ، فأجابه ، وقام شاعرهم فذكر أبياتا ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لحسان بن ثابت : «أجبه» فأجابه ، فقام الأقرع بن حابس ، فقال : إن محمدا لمؤتى له (٤) والله ما أدري ما هذا الأمر تكلم خطيبنا ، فكان خطيبهم أحسن من خطيبنا قولا ، وتكلم شاعرنا فكان شاعرهم أشعر وأحسن قولا ، ثم دنا من النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : أشهد أن لا إله إلّا الله وأنك رسول الله ، فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما يضرك ما كان قبل هذا» ، ثم أعطاهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وكساهم ، وكان قد تخلف في ركابهم عمرو بن الأهتم لحداثة سنه ، فأعطاه (٥) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مثل ما أعطاهم ، وأزرى به بعضهم وارتفعت الأصوات وكثر اللغط عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فنزل فيهم : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ) الآيات الأربع إلى قوله : (غَفُورٌ رَحِيمٌ).

[١٩٩٨] وقال زيد بن أرقم : جاء ناس من العرب إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال بعضهم لبعض : انطلقوا بنا إلى هذا الرجل فإن يكن نبيا فنحن أسعد الناس به ، وإن يكن ملكا نعش في جنابه (٦) ، فجاءوا فجعلوا ينادونه ، يا محمد يا محمد ، فأنزل الله : (إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (٤) وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٥).

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ (٦) وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ

__________________

إن حمدي زين ، وإن ذمي شين فقال : ذاك الله تبارك وتعالى».

قال الترمذي : حديث حسن غريب.

وقال ابن كثير في «السيرة» بعد أن ذكر هذا الحديث ٤ / ٨٦ : وهذا إسناد جيد متصل.

ـ وله شاهد من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن عن الأقرع بن حابس :

ـ أخرجه أحمد ٣ / ٤٨٨ و ٦ / ٣٩٣ و ٣٩٤ الطبري ٣١٦٧٩ والطبراني ٨٧٨.

ـ وقال الهيثمي في «المجمع» ٧ / ١٠٨ : وأحد إسنادي أحمد رجال الصحيح ، إن كان أبو سلمة سمع من الأقرع. وإلّا فهو مرسل.

ـ وأخرجه الطبري ٣١٦٨١ عن قتادة مرسلا و ٣١٦٨٤ عن الحسن مرسلا.

[١٩٩٨] ـ أخرجه الطبري ٣١٦٧٨ من طريق داود الطفاوي عن أبي مسلم البجلي عن زيد بن أرقم به ، وإسناده ضعيف ، أبو مسلم مجهول ، وداود ضعفه ابن معين ، ووثقه ابن حبان ، ومع ذلك يشهد له ما قبله.

ـ الخلاصة : أكثر هذه الروايات يذكر فيها الأقرع بن حابس ، والظاهر أنه قدم معه وفد ، فتارة يذكر الرواة الوفد ، وتارة يذكرون الأقرع ويسمونه لأنه أمير الوفد من بني تميم ، فالحديث أصله محفوظ وقد جود ابن كثير أحد طرقه كما تقدم ، وتقدم أيضا أسبابا أخرى لنزول هذه الآيات ، والظاهر تعدد الأسباب ، والله أعلم.

(١) في المخطوط «شاعرنا ، وخطيبنا».

(٢) في المخطوط «بالفخر».

(٣) زيادة عن المخطوط.

(٤) في المخطوط «لمؤثا».

(٥) في المطبوع «فأعداه» والمثبت عن المخطوط.

(٦) في المخطوط «جناحه».

٢٥٦

الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (٧) فَضْلاً مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٨) وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٩))

قوله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) ، الآية.

[١٩٩٩] نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط ، بعثه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى بني المصطلق بعد الوقعة مصدقا وكان بينه وبينهم عداوة في الجاهلية ، فلما سمع به القوم تلقوه تعظيما لأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فحدثه الشيطان أنهم يريدون قتله فهابهم فرجع من الطريق إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقال : إن بني المصطلق قد منعوا صدقاتهم وأرادوا قتلي ، فغضب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهمّ أن يغزوهم ، فبلغ القوم رجوعه فأتوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقالوا : يا رسول الله سمعنا برسولك فخرجنا نتلقاه ونكرمه ونؤدي إليه ما قبلناه من حق الله عزوجل ، فبدا له الرجوع ، فخشينا أنه إنما رده من الطريق كتاب جاءه منك لغضب غضبته علينا ، وإنا نعوذ بالله من غضبه وغضب رسوله ، فاتهمهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وبعث خالد بن الوليد إليهم خفية في عسكر وأمره أن يخفي عليهم قدومه ، وقال له : انظر فإن رأيت منهم ما يدل على إيمانهم فخذ منهم زكاة أموالهم ، وإن لم تر ذلك فاستعمل فيهم ما تستعمل في الكفار ، ففعل ذلك خالد ووافاهم (١) فسمع منهم أذان صلاتي المغرب والعشاء ، فأخذ منهم صدقاتهم ولم ير منهم إلّا الطاعة والخير ، فانصرف إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأخبره الخبر ، فأنزل الله

__________________

[١٩٩٩] ـ جيد. أخرجه أحمد ٤ / ٢٧٩ والطبراني في «الكبير» ٣٣٩٥ والواحدي في «أسباب النزول» ٧٦٠ من حديث الحارث بن ضرار.

ـ قال الهيثمي في «المجمع» ٧ / ١١٣٥٢ : رجال أحمد ثقات.

ـ وقال الحافظ ابن كثير في «تفسيره» ٤ / ٢٠٩ : هذا الحديث أحسن ما روي في هذه القصة ا ه.

ـ وأخرجه الطبراني في «الأوسط» ٣٨٠٩ من حديث جابر ، وإسناده ضعيف ، لضعف عبد الله بن عبد القدوس وبه أعله الهيثمي في «المجمع» ٧ / ١١٣٥٥.

ـ وورد من حديث علقمة بن ناجية :

ـ أخرجه الطبراني ١٧ / ٦ ـ ٨ وإسناده ضعيف ، لضعف يعقوب بن كاسب ، لكن توبع كما ذكر الهيثمي في «المجمع» ١١٣٥٤.

ـ وورد من حديث أم سلمة :

ـ أخرجه الطبراني في «الكبير» ٢٣ / ٤٠١ وقال الهيثمي ١١٣٥٧ : فيه موسى بن عبيدة ، وهو ضعيف.

ـ وورد عن قتادة مرسلا.

أخرجه الطبري ٣١٦٨٨.

ـ وورد من مرسل يزيد بن رومان :

ـ أخرجه الطبري ٣١٦٩٢.

ـ وورد من مرسل ابن أبي ليلى :

أخرجه الطبري ٣١٦٩٠ و ٣١٦٩١.

ـ فالحديث بهذه الشواهد الموصولة والمرسلة يتقوى ويرقى إلى درجة الحسن الصحيح والله أعلم.

ـ وانظر مزيد الكلام عليه في «أحكام القرآن» لابن العربي ١٩٨٦ و «الكشاف» ١٠٦٦ بتخريجي ، والله الموفق.

(١) في المطبوع «واقاهم» والمثبت عن المخطوط.

٢٥٧

تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ) يعني الوليد بن عقبة ، (بِنَبَإٍ) ، بخبر ، (فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا) ، كيلا تصيبوا بالقتل والقتال ، (قَوْماً) ، برآء ، (بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ) ، من إصابتكم بالخطإ.

(وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ) ، فاتقوا الله أن تقولوا باطلا أو تكذبوه ، فإن الله يخبره ويعرفه أحوالكم فتفتضحوا ، (لَوْ يُطِيعُكُمْ) ، أي الرسول ، (فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ) ، مما تخبرونه به فيحكم برأيكم ، (لَعَنِتُّمْ) ، لأثمتم وهلكتم ، والعنت : الإثم والهلاك. (وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ) ، فجعله أحب الأديان إليكم ، (وَزَيَّنَهُ) ، حسنه (فِي قُلُوبِكُمْ) ، حتى اخترتموه ، وتطيعوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، (وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ) ، قال ابن عباس : يريد الكذب ، (وَالْعِصْيانَ) ، جميع معاصي الله ، ثم عاد من الخطاب إلى الخبر ، وقال : (أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ) ، المهتدون.

(فَضْلاً) ، أي كان هذا فضلا ، (مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).

قوله عزوجل : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما) ، الآية.

[٢٠٠٠] أخبرنا عبد الواحد [بن أحمد] المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا مسدد ثنا معتمر (١) قال سمعت أبي يقول : إن أنسا قال : قيل للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : لو أتيت عبد الله بن أبي ، فانطلق إليه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وركب حمارا وانطلق المسلمون يمشون معه ، وهي (٢) أرض سبخة ، فلما أتاهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : إليك عني والله لقد آذاني نتن حمارك ، فقال رجل من الأنصار : والله لحمار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أطيب ريحا منك ، فغضب لعبد الله رجل من قومه فتشاتما ، فغضب لكل واحد منهما أصحابه ، فكان بينهما ضرب بالجريد والأيدي والنعال ، فبلغنا أنها نزلت : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما).

ويروى أنها لما نزلت قرأها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فاصطلحوا وكف بعضهم عن بعض (٣).

[٢٠٠١] وقال قتادة : نزلت في رجلين من الأنصار كانت بينهما مدارأة (٤) في حق بينهما ، فقال أحدهما للآخر : لآخذن حقي منك عنوة ، لكثرة عشيرته ، وإن الآخر دعاه ليحاكمه إلى نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأبى أن يتبعه ،

__________________

[٢٠٠٠] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري.

ـ مسدد هو ابن مسرهد ، معتمر هو ابن سليمان بن طرخان.

ـ وهو في «صحيح البخاري» ٢٦٩١ عن مسدد بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه مسلم ١٧٩٩ وأحمد ٣ / ١٥٧ و ٢١٩ وأبو يعلى ٤٠٨٣ والطبري ٣١٦٩٩ والبيهقي ٨ / ١٧٢ والواحدي في «أسباب النزول» ٧٦١ و «الوسيط» ٤ / ١٥٣ من طرق عن المعتمر بن سليمان به.

ـ فالحديث صحيح ، لكن ذكر نزول الآية الظاهر أنه من كلام سليمان ، وأنه مدرج في الحديث ، والله أعلم.

[٢٠٠١] ـ ضعيف. أخرجه الطبري ٣١٧٠٧ و ٣١٧٠٨ عن قتادة مرسلا ، والمرسل من قسم الضعيف.

(١) تصحف في المطبوع إلى «معمر».

(٢) في المخطوط «على» والمثبت عن ط و «صحيح البخاري».

(٣) لم أقف على إسناد هذه الرواية ، وذكرها الزمخشري في «الكشاف» ٤ / ٢٦٤ عن مقاتل بدون إسناد ، ومقاتل إن كان ابن سليمان ، فهو كذاب ، وإن كان ابن حيان فذو مناكير ، فالخبر واه بمرة ، ليس بشيء.

(٤) في المطبوع «مماراة» والمثبت عن «تفسير الطبري» والمخطوط.

٢٥٨

فلم يزل الأمر بينهما حتى تدافعا (١) وتناول بعضهم بعضا بالأيدي والنعال ، ولم يكن بينهما قتال بالسيوف.

وقال سفيان عن السدي : كانت امرأة من الأنصار يقال لها أم زيد تحت رجل ، وكان بينها وبين زوجها شيء فرقى بها إلى علية وحبسها ، فبلغ ذلك قومها فجاءوا ، وجاء قومه واقتتلوا بالأيدي والنعال ، فأنزل الله عزوجل : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما) بالدعاء إلى حكم كتاب الله والرضا بما فيه لهما وعليهما ، (فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما) ، تعدت إحداهما ، (عَلَى الْأُخْرى) ، وأبت الإجابة إلى حكم كتاب الله ، (فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ) ، ترجع ، (إِلى أَمْرِ اللهِ) ، في كتابه وحكمه ، (فَإِنْ فاءَتْ) ، رجعت إلى الحق ، (فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ) ، بحملهما على الإنصاف والرضا بحكم الله ، (وَأَقْسِطُوا) ، اعدلوا ، (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ).

(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٠))

(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) ، في الدين والولاية ، (فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) ، إذا اختلفا واقتتلا ، قرأ يعقوب بين إخوتكم بالتاء على الجمع ، (وَاتَّقُوا اللهَ) ، فلا تعصوه ولا تخالفوا أمره ، (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ).

[٢٠٠٢] أخبرنا عبد الواحد [بن أحمد] المليحي أنا أبو محمد الحسن (٢) بن أحمد المخلدي أنا أبو العباس محمد بن إسحاق السراج ثنا قتيبة بن سعيد ثنا الليث عن عقيل عن الزهري عن سالم عن أبيه أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يشتمه ، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ، ومن فرّج عن مسلم كربة فرج الله بها عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة».

وفي هاتين الآيتين دليل على أن البغي لا يزيل اسم الإيمان ، لأن الله تعالى سماهم إخوة مؤمنين مع كونهم باغين.

يدل عليه ما روي عن الحارث الأعور أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه سئل وهو القدوة في قتال أهل البغي عن أهل الجمل وصفين : أمشركون هم؟ فقال : لا من الشرك فرّوا ، فقيل : أمنافقون هم؟ فقال : لا إن المنافقين لا يذكرون الله إلّا قليلا ، قيل : فما حالهم؟ قال : إخواننا بغوا علينا.

والباغي في الشرع هو الخارج على الإمام العدل ، فإذا اجتمعت طائفة لهم قوة ومنعة فامتنعوا عن طاعة الإمام العدل بتأويل محتمل ، ونصبوا إماما فالحكم فيهم أن يبعث الإمام إليهم ويدعوهم إلى طاعته ، فإن أظهروا مظلمة أزالها عنهم ، وإن لم يذكروا مظلمة وأصروا على بغيهم قاتلهم الإمام حتى يفيئوا إلى طاعته ، ثم الحكم في قتالهم أن لا يتبع مدبرهم ولا يقتل أسيرهم ، ولا يذفف على جريحهم ، نادى منادي

__________________

[٢٠٠٢] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم.

ـ الليث هو ابن سعد ، عقيل هو ابن خالد ، الزهري هو محمد بن مسلم ، سالم هو ابن عبد الله بن عمر.

ـ وهو في «شرح السنة» ٣٤١٢ بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه مسلم ٢٥٨٠ وأبو داود ٤٨٩٣ والترمذي ١٤٢٦ وابن حبان ٥٣٣ من طريق قتيبة بن سعيد بهذا الإسناد.

ـ وأخرجه البخاري ٢٤٤٢ و ٦٩٥١ وأحمد ٢ / ٩١ والبيهقي ٦ / ٩٤ و ٨ / ٣٣٠ من طريقين عن ليث بن سعد به.

ـ وأخرج صدره فقط مسلم ٣٥٦٤ والبغوي في «شرح السنة» ٣٤٤٣ من حديث أبي هريرة.

(١) في المطبوع «تدافعوا» والمثبت عن المخطوط.

(٢) في المطبوع «الحسين» والمثبت عن المخطوط و «شرح السنة».

٢٥٩

علي رضي الله عنه يوم الجمل : ألا لا يتبع مدبر ولا يذفف على جريح.

وأتي علي رضي الله عنه يوم صفين بأسير فقال له : لا أقتلك صبرا إني أخاف الله رب العالمين.

وما أتلفت إحدى الطائفتين على الأخرى في حال القتال من نفس أو مال فلا ضمان عليها.

قال ابن شهاب : كانت في تلك الفتنة دماء يعرف في بعضها القاتل والمقتول ، وأتلف فيها أموال كثيرة ثم صار الناس إلى أن سكنت الحرب بينهم ، وجرى الحكم عليهم فما علمته اقتص من أحد ولا أغرم مالا أتلفه.

أما من لم يجتمع فيهم هذه الشرائط الثلاث بأن كانوا جماعة قليلين لا منعة (١) لهم ، أو لم يكن لهم تأويل ، أو لم ينصبوا إماما فلا يتعرض لهم إن لم ينصبوا قتالا أو لم يتعرضوا للمسلمين ، فإن فعلوا فهم كقطاع الطريق.

وروى أن عليا سمع رجلا يقول في ناحية المسجد : لا حكم إلّا لله ، فقال علي : كلمة حق أريد بها باطل ، لكم علينا ثلاث لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسم الله ، ولا نمنعكم الفيء ما دامت أيديكم مع أيدينا ، ولا نبدؤكم بقتال.

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (١١))

وقوله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ) ، الآية.

[٢٠٠٣] قال ابن عباس نزلت في ثابت بن قيس بن شماس وذلك أنه كان في أذنه وقر ، فكان إذا أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقد سبقوه بالمجلس أوسعوا له حتى يجلس إلى جنبه ، فيسمع ما يقول ، فأقبل ذات يوم وقد فاتته ركعة من صلاة الفجر ، فلما انصرف النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم من الصلاة أخذ أصحابه مجالسهم ، فضن كل رجل بمجلسه فلا يكاد يوسع أحد لأحد ، فكان الرجل إذا جاء فلم يجد مجلسا يجلس فيه قام قائما كما هو ، فلما فرغ ثابت من الصلاة أقبل نحو رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يتخطى رقاب الناس ، ويقول : تفسحوا تفسحوا ، فجعلوا يتفسحون له حتى انتهى إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وبينه وبينه رجل فقال له : تفسح ، فقال الرجل : قد أصبت مجلسا فاجلس ، فجلس ثابت خلفه مغضبا ، فلما انجلت الظلمة غمز ثابت الرجل ، فقال : من هذا؟ قال : أنا فلان ، فقال له ثابت : ابن فلانة ، وذكر أما له كان يعير بها في الجاهلية ، فنكّس الرجل رأسه واستحيا ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

__________________

[٢٠٠٣] ـ لا أصل له. ذكره المصنف عن ابن عباس معلقا.

ـ وذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٧٦٢ م بدون إسناد.

ـ وقال الحافظ في «الكشاف» ٤ / ٣٧٠ ذكره الثعلبي ومن تبعه عن ابن عباس بدون إسناد.

ـ قلت : الظاهر أنه من رواية الكلبي عن ابن عباس ، فإنه كان يكذب عليه ، لذا يذكر المفسرون روايته بدون إسناد ، والذي صح في ثابت نزول بعض أوائل السورة ، انظر الحديث ١٩٩٢.

(١) ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٧٦٣ م بدون إسناد.

(١) في المطبوع «منة» والمثبت عن المخطوط.

٢٦٠