عيون التفاسير للفضلاء السماسير - ج ٤

شهاب الدين أحمد بن محمود السيواسي

عيون التفاسير للفضلاء السماسير - ج ٤

المؤلف:

شهاب الدين أحمد بن محمود السيواسي


المحقق: الدكتور بهاء الدين دارتما
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار صادر
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
9953-13-157-0

الصفحات: ٣٥١

سورة تبت (المسد)

مكية

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١))

(تَبَّتْ) أي خسرت وهلكت (يَدا أَبِي لَهَبٍ) أي نفسه ، واليد عبارة عن النفس ، إذ العرب قد تعبر ببعض عن كل ، وهو عم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وليست الكنية تكرمة له ، وإنما كني لشهرته بكنيته دون اسمه وهو عبد العزى ، قيل : نزل حين صعد النبي عليه‌السلام على الصفا ونادى بأعلى صوته وا صاحباه بعد نزول (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ)(١) فاجتمعوا ، وقال لهم : «إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد» ، فقال أبو لهب : تبا لك ألهذا دعوتنا؟ (٢) فقال تعالى (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) جوابا له على سبيل الدعاء عليه ، قوله (وَتَبَّ) [١] خبر ، أي هلك ، وهذا كقولهم أهلكه الله وقد هلك.

(ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ (٢))

(ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ) «ما» نفي ، أي لم ينفعه ماله في الآخرة لشركه في الدنيا وصرفه في عداوة رسول الله عليه‌السلام (وَما كَسَبَ) [٢](ما) موصولة ، أي والذي كسب من الولد ، ومنه قوله عليه‌السلام : «إن أطيب ما يأكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه» (٣).

(سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ (٣) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤))

(سَيَصْلى) أي سيدخل (ناراً) أي في نار (ذاتَ لَهَبٍ) [٣] أي صاحبة توقد ، قوله (وَامْرَأَتُهُ) عطف على ضمير (سَيَصْلى) ، أي ستدخل امرأته معه في النار وهي أخت أبي سفيان ، قوله (حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) [٤] بالرفع بدل من (امْرَأَتُهُ) ، وبالنصب (٤) على الشتم ، ويجوز أن يكون (امْرَأَتُهُ) مبتدأ ، خبره (حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) ، روي : أنها كانت تحمل حزمة الشوك والسعدان فتنثرها بالليل في طريق النبي عليه‌السلام من بغضها له عليه‌السلام حتى بلغه من ذلك عناء وشدة (٥).

(فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (٥))

قوله (فِي جِيدِها حَبْلٌ) مبتدأ وخبر ، محله نصب على الحال من ضمير (حَمَّالَةَ) أو هي جملة مستأنفة ، أي في عنقها حبل (مِنْ مَسَدٍ) [٥] أي مما مسد من الجبال ، وال (مَسَدٍ) الفتل الشديد ، لأنها كانت تحمل الحزمة من الشوك وتربطها في جيدها كما يفعل الحطابون ، ذكره تخسيسا لحالها وتحقيرا لها وإغضابا لبعلها وهما في بيت العز والشرف ، وروي : أنها وضعت الحزمة على جدار وشدتها بحبل من ليف على صدرها فأتاها جبرائيل عليه‌السلام ومده خلف الجدار فخنقت حتى ماتت (٦) ، فأشار إلى ذلك بقوله (فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) ، وقال بعض المفسرين : هو سلسلة من حديد ذرعها سبعون ذراعا في عنقها في النار ، بعضها يدخل في فيها ويخرج من دبرها ويكون سائرها على جسدها وتحتها نار وفوقها نار (٧).

__________________

(١) الشعراء (٢٦) ، ٢١٤.

(٢) عن ابن عباس ، انظر الواحدي ، ٣٧٩ ـ ٣٨٠ ؛ والبغوي ، ٥ / ٦٤٤ ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ٣ / ٥٢٣.

(٣) أخرجه ابن ماجة ، التجارات ، ١ ؛ ووالدارمي ، البيوع ، ٦ ؛ وانظر أيضا الكشاف ، ٦ / ٢٦٢.

(٤) «حمالة» : قرأ عاصم بنصب التاء ، وغيره برفعها. البدور الزاهرة ، ٣٤٨.

(٥) نقله المؤلف عن السمرقندي ، ٣ / ٥٢٣ ؛ وانظر أيضا الكشاف ، ٦ / ٢٦٢.

(٦) أخذه المفسر عن السمرقندي ، ٣ / ٥٢٣.

(٧) انظر السمرقندي ، ٣ / ٥٢٣ ؛ والبغوي ، ٥ / ٦٤٥ (هذا القول مروي عن ابن عباس وعروة وابن الزبير).

٣٤١

سورة الإخلاص

مكية (١) أو مدنية (٢) ، وتسمى سورة الأساس لاشتمالها على أصول الدين

وهي توحيد الله ومعرفة صفاته التي نطقت بها.

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (١) اللهُ الصَّمَدُ (٢))

قوله (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) [١] نزل حين سئل النبي عليه‌السلام عن ربه تعالى فقالوا : صف لنا ربك الذي تعبده وتدعونا إليه ، ما هو؟ فقال تعالى قل يا محمد هو ، أي الشأن الله أحد (٣) ، أي الواحد المتفرد بالذات عن الأجزاء ، إذ لا جسم ولا تركيب فيه ، وهو مبتدأ ، والخبر الجملة بعده في حكم المفرد ، ولذا خلت عن الراجع ، وكذا (٤) قوله (اللهُ الصَّمَدُ) [٢] أي المتفرد عن الاحتياج بشيء وهو السيد المصمود إليه (٥) في جميع الحوائج على الدوام والصمد هو الذي لا جوف له فلا يأكل ولا يشرب ولا ينام لغناه عن كل شيء.

(لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣))

(لَمْ يَلِدْ) أي هو المتفرد عن المجانسة فلم يلد ، لأنه لم يكن له من يجانسه (وَلَمْ يُولَدْ) [٣] لعدم سبق من يجانسه من الأب والأم وغيرهما لكونه قديما لا أول لوجوده.

(وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (٤))

(وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً) بالواو ، وقرئ بالهمز (٦) ، أي لم يكن له مثلا (أَحَدٌ) [٤] يعني هو المتفرد عن النظير ،

__________________

(١) وهذه السورة مكية في قول ابن مسعود والحسن وعطاء وعكرمة وجابر ، انظر القرطبي ، ٢٠ / ٢٤٤.

(٢) وهذه السورة مدنية في أحد قولي ابن مسعود وقتادة والضحاك والسدي ، انظر القرطبي ، ٢٠ / ٢٤٤.

(٣) أخذه المؤلف عن السمرقندي ، ٣ / ٥٢٥ ؛ وانظر أيضا الواحدي ، ٣٨٠ (عن قتادة والضحاك ومقاتل) ؛ والبغوي ، ٥ / ٦٥٠ (عن الضحاك وقتادة ومقاتل) ؛ والكشاف ، ٦ / ٢٦٣.

(٤) وكذا ، وي : وكذلك ، ح.

(٥) وهو السيد المصمود إليه ، ح : وهو المقصود ، وي ؛ وانظر أيضا الكشاف ، ٦ / ٢٦٣.

(٦) «كفوا» : قرأ حفص بابدال الهمزة واوا وصلا ووقفا ، وغيره بالهمز ، وقرأ خلف ويعقوب وحمزة باسكان الفاء ، وغيرهم بضمها ، ولحمزة فيه وقفا وجهان ، الأول نقل حركة الهمزة إلى الفاء وحذف الهمزة الثاني إبدال الهمزة واوا على الرسم ، ولا يخفى أن التنوين يبدل ألفا عند الوقف لجميع القراء. البدور الزاهرة ، ٣٤٩.

٣٤٢

والكفو بمعنى أنه لم يكافيه أحد ولم يماثله فلا شريك له في ألوهيته وحكمه وتدبيره ، فهو موصوف بكمال التوحيد الثابت له بهذه الأقسام الأربعة للتوحيد الحقيقي ، وقدم الظرف الذي هو لغو ، واللوغ لا يقدم لكونه خارجا عن الجملة ، نص عليه سيبويه (١) لاهتمام التنزيه والتوحيد فيكون كالمستقر في الحكم.

قيل : فضلت هذه السورة على غيرها لمعرفة الله تعالى بها ، إذ هي المطلوب حقيقة (٢) ، وعن النبي عليه‌السلام : «من قرأ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) فكأنما قرأ ثلث القرآن» (٣) ، وعنه أيضا : «أيعجز أحدكم أن يقرأ القرآن في ليلة؟ فقيل : يا رسول الله من يطيق ذلك؟ قال : أن يقرأ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ثلاث مرات» (٤) ، وروي أنه عليه‌السلام سمع رجلا يقرأه قال : «وجبت ، قيل : يا رسول الله ما وجبت؟ قال : وجبت له الجنة» (٥).

__________________

(١) انظر الكشاف ، ٦ / ٢٦٣.

(٢) لعله اختصره من الكشاف ، ٦ / ٢٦٣.

(٣) أخرج الترمذي نحوه ، فضائل القرآن ، ١٠ ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ٣ / ٥٢٥.

(٤) رواه أحمد بن حنبل ، ٣ / ٨ ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ٣ / ٥٢٥ ؛ والبغوي ، ٥ / ٦٥٢.

(٥) أخرجه أحمد بن حنبل ، ٢ / ٣٠٢ ؛ وانظر أيضا البغوي ، ٥ / ٦٥٢ ؛ والكشاف ، ٦ / ٢٦٤.

٣٤٣

سورة الفلق

مدنية

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (١))

(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) [١] نزل هذه السورة وسورة الناس ، وهما إحدى عشرة آية حين سحره لبيد بن أعصم في مشط وعقد له إحدى عشرة عقدة ، ثم ألقاه في بئر وألقى فوقه صخرة ، فاشتكى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم شكوى شديدا فبينما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بين النوم واليقظة ، إذ أتاه ملكان ، أحدهما جلس عند رأسه والآخر عند رجليه ، فقال الذي جلس عند رأسه للآخر : ما باله؟ قال : سحر ، قال : من سحره؟ قال : لبيد بن أعصم في مشط وهو تحت راعوفة البئر ، وهي خشبة تبنى البئر عليها في ذروان اسم موضع ، قال : فما دواؤه؟ قال : يخرج المشط من البئر ويحرق بالنار فيبرأ إن شاء الله ، فاستيقظ النبي عليه‌السلام فأمر به فاستخرج فاذا فيه مشاطة رأسه عليه‌السلام ، يعني شعرات رأسه ووتر معقد فيه إحدى عشرة عقدة ، فأمر الله تعالى أن يقول أعوذ برب الفلق إلى آخر السورتين ، وكان كلما قرأ آية انحلت عقدة ووجد خفة حتى انحلت العقدة كلها ، فقال : كأنما أنشط من عقال (١) ، قيل : وافق ذلك مرضة مرضها (٢) ، ومنهم من قال بتأثير السحر فيه وهو قول أهل الحق ، والفلق الصبح ، لأنه يفلق عنه الليل ، أي يفرق أو هو جب في جهنم إذا فتح صاح أهل النار من شدة حرها.

(مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ (٢))

(مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ) [٢] أي أعوذ من شر ما خلقته من الجن والإنس أو من شر ذي شر من الحيوان كله كالظلم والضرب واللدغ والعض من السباع والحشرات ومن الموات كاحراق النار وإغراق الماء وقتل السم.

(وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ (٣))

(وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ) أي الليل أو القمر (إِذا وَقَبَ) [٣] أي غاب في ظلمة ، والمراد الليل المظلم ، لأن أهل الشر يتحرك فيه ، والغسق الظلمة ، والوقوب الدخول في ظلام الليل ، وإنما نكر ، لأن المراد منه البعض ، إذ كل غاسق لا يكون فيه شر.

(وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ (٤))

(وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ) [٤] أي التفألات في عقود الخيوط إذا رقين وعرفت أن المراد جميعهن (٣) ، وهن بنات لبيد بن أعصم أو جماعات السواحر اللاتي يقعدن عقدا في خيوط وينفثن عليها ، ومعنى الاستعاذة من شرهن هو اللوذ إلى الله من عملهن القبيح وأثره.

__________________

(١) أخذه المؤلف عن السمرقندي ، ٣ / ٥٢٧ ؛ وانظر أيضا الواحدي ، ٣٨١ ؛ والبغوي ، ٥ / ٦٥٣.

(٢) ولم أجد له مأخذا في المصادر التفسيرية التي راجعتها.

(٣) جميعهن ، ح ي : جمعهن ، و.

٣٤٤

(وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ (٥))

(وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ) [٥] أي أظهر حسده وعمل بمقتضاه ، ونكر لأن كل حاسد لا يضر كحاسد الخير ، قيل : هم اليهود حسدوا النبي عليه‌السلام في نبوته (١) ، والحسد أخبث الطبائع ، وقيل : هو عام في كل حاسد (٢) ، وأول الحساد إبليس ، حسد آدم في الجنة ، وقيل : حسد قابيل هابيل (٣) ، وإنما خص شر هؤلاء الثلاثة بعد قوله (مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ) ، فانه عام في كل ما يستعاذ منه ، لأن شر هؤلاء أخفى من كل شر ، فانه يلحق الرجل من حيث لا يعلم فيهلك بغتة.

__________________

(١) أخذ المصنف هذا الرأي عن البغوي ، ٥ / ٦٥٥.

(٢) نقل المؤلف هذا القول عن السمرقندي ، ٣ / ٥٢٦.

(٣) وهذا مأخوذ عن القرطبي ، ٢٠ / ٢٥٩.

٣٤٥

سورة الناس

مدنية

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١))

(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) [١] أي برازقهم ، خص (النَّاسِ) بالذكر تشريفا وإعلاما أن لا معاذ لهم سواه ، وأصله نيس مقلوب نسي من النسيان أو نوس أو أناس ، حذفت همزته.

(مَلِكِ النَّاسِ (٢) إِلهِ النَّاسِ (٣))

قوله (مَلِكِ النَّاسِ) [٢] عطف بيان ل «رب» ، أي خالقهم ومالكهم ، يفعل بهم ويحكم عليهم ما يريد ولا معقب لحكمه منهم (إِلهِ النَّاسِ) [٣] قيل : هو عطف بيان آخر غاية البيان (١) ، لأنه خاص لا شركة فيه ، لأنه قد يقال رب الناس وملك الناس لغير الله تعالى ، ولا يقال فلان إله الناس ، ولم يكتف بذكر الناس مرة في إظهار المضاف إليه وإضمار البواقي ، لأن عطف البيان مظنة الإظهار في البيان دون الإضمار.

(مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ (٤))

قوله (مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ) متعلق ب (أَعُوذُ) ، و (الْوَسْواسِ) مصدر بمعنى الوسوسة ، والمراد به الشيطان سمي بالمصدر كأنه وسوسة في نفسه لأنها شغلة دائما أو المراد ذو الوسواس وهو الصوت الخفي (الْخَنَّاسِ) [٤] أي الكثير التأخير ، من الخنوس وهو التأخر ، لأن الشيطان جاثم علي قلب الإنسان ، فاذا ذكر الإنسان ربه خنس الشيطان وولي ، وإذا غفل وسوس إليه ، قال قتادة رضي الله عنه : «الخناس له خرطوم كخرطوم الكلب في صدر الإنسان ، فاذا ذكر الله خنس» (٢).

(الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (٥))

قوله (الَّذِي يُوَسْوِسُ) جر صفة ل (الْخَنَّاسِ) أو رفع أو نصب علي الذم ، أي الذي يحدث (فِي صُدُورِ النَّاسِ) [٥] بكلام خفي حتي يصل إلي فهم القلب من غير سماع ليضله عن طريق الحق.

(مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (٦))

قوله (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) [٦] بيان ل (الَّذِي يُوَسْوِسُ) ، إذ الشيطان جني وإنسي ، قال تعالى (شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ)(٣) ، أي أعوذ من شر وسوسة الإنس والجن ، ويجوز أن يكون بيانا ل (النَّاسِ) في (صُدُورِ النَّاسِ) ، والمراد منه الناسي ، حذف منه الياء تخفيفا (٤) ، فيعم الإنس والجن لأن النسيان عن ذكر الحق يعرض لهما أو المراد ب (النَّاسِ) الثقلان علي سبيل التغليب ، والأول أوجه لعدم المناسبة بينهما ، لأن الجن من الاجتناب وهو الستر عن أعين الناس ، والناس من الإيناس وهو الإبصار والظهور ، روي في شأنهما عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لقد أنزل علي سورتان ما أنزل مثلهما وإنك لن تقرأ سورتين أحب ولا أرضى عند الله منهما» (٥) ، قال عثمان بن واقد : «سألت من محمد بن المنكدر عن المعوذتين ، أهما من كتاب الله تعالى؟ قال : من لم يزعم أنهما من كتاب الله تعالى فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين» (٦).

__________________

(١) أخذ المؤلف هذا القول عن الكشاف ، ٦ / ٢٦٥.

(٢) انظر البغوي ، ٥ / ٦٥٦.

(٣) الأنعام (٦) ، ١١٢.

(٤) حذف منه الياء تخفيفا ، ي : ـ ح و.

(٥) روى الترمذي نحوه ، فضائل القرآن ، ١٢ ؛ تفسير القرآن ، ٩٤ ؛ وانظر أيضا الكشاف ، ٦ / ٢٦٦.

(٦) انظر السمرقندي ، ٣ / ٥٢٩.

٣٤٦

المصادر التي راجعتها في تحقيق

«عيون التفاسير للفضلاء السماسير»

ـ أحمد بن حنبل ، مسند ، إسطنبول ، ١٩٨٢ م.

ـ أبو جعفر النحاس ، محمد بن أحمد بن إسماعيل ، كتاب الناسخ والمنسوخ ، مصر ، ١٣٢٣ ه‍ ـ ١٩٠٥ م.

ـ ـ ، إعراب القرآن ، (التحقيق : زهير عازي زاهد) ، بيروت ، ١٤٠٩ ه‍ ـ ١٩٨٨ م.

ـ أبو حيان الأندلسي ، محمد بن يوسف ، البحر المحيط ، دار الفكر ، ١٤٠٣ ه‍ ـ ١٩٨٣ م.

ـ أبو داود ، سليمان بن الأشعث السجستاني ، سنن أبي داود ، إسطنبول ، ١٩٨١ م.

ـ ابن البارزي ، ناسخ القرآن العزيز ومنسوخه (تحقيق : الدكتور حاتم صالح الضامن) ، بيروت ، ١٤٠٥ ه‍ ـ ١٩٨٥ م.

ـ ابن الجوزي ، جمال الدين أبو الفرج ، المصفى بأكف أهل الرسوخ من علم الناسخ والمنسوخ (تحقيق : الدكتور حاتم صالح الضامن) ، بيروت ، ١٤٠٥ ه‍ ـ ١٩٨٥ م.

ـ ـ ، زاد المسير في علم التفسير ، بيروت ، ١٤٠٧ ه‍ ـ ١٩٨٧ م.

ـ ابن كثير ، أبو الفداء إسماعيل عماد الدين بن عمر ، تفسير القرآن العظيم (تحقيق : محمد إبراهيم البنا ، محمد أحمد عاشور ، عبد العزيز غنيم) ، إسطنبول ، ١٩٨٤ م.

ـ ـ ، البداية والنهاية ، (دقق أصوله وحققه : الدكتور أحمد أبو ملحم ، الدكتور علي نجيب عطوي ، الأستاذ مهدي ناصر الدين ، الأستاذ علي عبد الساتر) ، بيروت ـ لبنان ، دار الكتب العلمية.

ـ ابن ماجه ، أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني ، إسطنبول ، ١٩٨١ م.

ـ البخاري ، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل ، جامع الصحيح ، إسطنبول ، ١٩٨١ م.

ـ البغوي ، أبو محمد الحسين بن مسعود الفراء ، معالم التنزيل في التفسير والتأويل ، بيروت ، ١٤٠٥ ه‍ ـ ١٩٨٥ م.

ـ البيضاوي ، ناصر الدين أبو سعيد عبد الله بن عمر ، أنوار التنزيل وأسرار التأويل ، بيروت ـ لبنان ، ١٤٠٨ ه‍ ـ ١٩٨٨ م.

ـ الترمذي ، أبو عبسي محمد بن عيسي بن سورة ، سنن الترمذي ، إسطنبول ، ١٩٨١ م.

ـ التوراة ، إسطنبول ، ١٩٨٥ م.

ـ الدارمي ، أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن ، سنن الدارمي ، إسطنبول ، ١٩٨١ م.

ـ الزركشي ، بدر الدين محمد بن عبد الله ، البرهان في علوم القرآن ، بيروت.

ـ الزمخشري ، محمود بن عمر بن محمد بن أحمد ، الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل ، (تحقيق وتعليق : محمد مرسي عامر) ، القاهرة ، ١٣٩٧ ه‍ ـ ١٩٧٧ م.

٣٤٧

ـ السمرقندي ، أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم ، تفسير القرآن العظيم ، (تحقيق وتعليق : الشيخ علي محمد معوض ، الشيخ عادل أحمد عبد الموجود ، الدكتور زكريا عبد المجيد النوتي) ، بيروت ، ١٤١٣ ه‍ ـ ١٩٩٣ م.

ـ السيوطي ، عبد الرحمن بن أبي بكر ، الفتح الكبير في ضم الزيادة إلى الجامع الصغير ، بيروت ، الناشر : دار الكتاب العربي.

ـ الشيخ محمد عبده ، تفسير القرآن الحكيم ، الشهير بتفسير المنار ، دار الفكر ، الطبعة الثانية.

ـ الطبري ، أبو جعفر محمد بن جرير ، جامع البيان عن تأويل القرآن ، (تحقيق : محمود محمد شاكر ، أحمد محمد شاكر) ، القاهرة ، الناشر : دار المعارف بمصر.

ـ عبد الفتاح القاضي ، البدور الزاهرة في القراءات العشرة المتواترة ، بيروت ـ لبنان ، ١٤٠١ ه‍ ـ ١٩٨١ م.

ـ العجلوني ، إسماعيل بن محمد ، كشف الخفاء ومزيل الألباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس (أشرف على طبعه وتصحيحه والتعليق عليه : أحمد القلاش) ، بيروت ، ١٤٠٥ ه‍ ـ ١٩٨٥ م.

ـ فخر الدين الرازي ، محمد بن عمر بن الحسين ، مفاتيح الغيب ، بيروت ـ لبنان ، ١٤١١ ه‍ ـ ١٩٩٠ م.

ـ قتادة بن دعامة السدوسي ، كتاب الناسخ والمنسوخ في كتاب الله تعالى (تحقيق : الدكتور حاتم صالح الضامن) ، ١٤٠٩ ه‍ ـ ١٩٨٨ م.

ـ القرطبي ، أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري ، الجامع لأحكام القرآن (تحقيق : أبو إسحق إبراهيم إطفيش ، أحمد عبد الحليم البدوني) ، بيروت ، ١٩٨٥ م.

ـ مالك بن أنس ، الموطأ ، إسطنبول ، ١٩٨١ م.

ـ مسلم بن الحجاج القرشي ، جامع الصحيح ، (تحقيق : محمد فؤاد عبد الباقي) ، إسطنبول ، ١٩٨١ م.

ـ النسائي ، أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي ، سنن النسائي ، إسطنبول ، ١٩٨١ م.

ـ الواحدي ، الحسين علي بن أحمد ، أسباب النزول (تعليق وتخريج : الدكتور مصطفى زيد البغا) ، بيروت ، ١٤٠٨ ه‍ ـ ١٩٨٨ م.

ـ ـ ، الوجيز ، مكتبة سليمانية ، قسم فاتح ، رقم : ٤٨٨.

ـ هبة الله بن سلامة ، أبو القاسم ، الناسخ والمنسوخ ، نيجيريا ، ١٣٨٧ ه‍ ـ ١٩٦٧ م.

٣٤٨

فهرس الجزء الرابع

سورة الصافات............................................................. ٥ ـ ١٩

سورة ص................................................................ ٢٠ ـ ٣٢

سورة الزمر............................................................... ٣٣ ـ ٤٧

سورة غافر (المؤمن)....................................................... ٤٨ ـ ٦١

سورة فصلت............................................................. ٦٢ ـ ٧١

سورة الشورى............................................................ ٧٢ ـ ٨٢

سورة الزخرف............................................................ ٨٣ ـ ٩٥

سورة الدخان........................................................... ٩٦ ـ ١٠١

سورة الجاثية.......................................................... ١٠٢ ـ ١٠٧

سورة الأحقاف........................................................ ١٠٨ ـ ١١٥

سورة محمد........................................................... ١١٦ ـ ١٢٣

سورة الفتح........................................................... ١٢٤ ـ ١٣١

سورة الحجرات........................................................ ١٣٢ ـ ١٣٨

سورة ق.............................................................. ١٣٩ ـ ١٤٥

سورة الذاريات........................................................ ١٤٦ ـ ١٥١

سورة الطور........................................................... ١٥٢ ـ ١٥٧

سورة النجم........................................................... ١٥٨ ـ ١٦٤

سورة القمر........................................................... ١٦٥ ـ ١٧٠

سورة الرحمن.......................................................... ١٧١ ـ ١٧٧

سورة الواقعة.......................................................... ١٧٨ ـ ١٨٤

سورة الحديد.......................................................... ١٨٥ ـ ١٩١

سورة المجادلة.......................................................... ١٩٢ ـ ١٩٧

سورة الحشر.......................................................... ١٩٨ ـ ٢٠٣

٣٤٩

سورة الممتحنة......................................................... ٢٠٤ ـ ٢٠٨

سورة الصف.......................................................... ٢٠٩ ـ ٢١١

سورة الجمعة.......................................................... ٢١٢ ـ ٢١٤

سورة المنافقون......................................................... ٢١٥ ـ ٢١٧

سورة التغابن.......................................................... ٢١٨ ـ ٢٢١

سورة الطلاق......................................................... ٢٢٢ ـ ٢٢٥

سورة التحريم.......................................................... ٢٢٦ ـ ٢٣٠

سورة الملك........................................................... ٢٣١ ـ ٢٣٥

سورة ن والقلم........................................................ ٢٣٦ ـ ٢٤٠

سورة الحاقة........................................................... ٢٤١ ـ ٢٤٥

سورة المعارج.......................................................... ٢٤٦ ـ ٢٤٩

سورة نوح............................................................ ٢٥٠ ـ ٢٥٢

سورة الجن............................................................ ٢٥٣ ـ ٢٥٧

سورة المزمل........................................................... ٢٥٨ ـ ٢٦١

سورة المدثر........................................................... ٢٦٢ ـ ٢٦٦

سورة القيامة.......................................................... ٢٦٧ ـ ٢٦٩

سورة الإنسان......................................................... ٢٧٠ ـ ٢٧٣

سورة المرسلات........................................................ ٢٧٤ ـ ٢٧٧

سورة النبأ............................................................ ٢٧٨ ـ ٢٨٠

سورة النازعات........................................................ ٢٨١ ـ ٢٨٣

سورة عبس........................................................... ٢٨٤ ـ ٢٨٦

سورة التكوير (كورت)................................................. ٢٨٧ ـ ٢٨٩

سورة الانفطار (انفطرت)............................................... ٢٩٠ ـ ٢٩١

سورة المطففين......................................................... ٢٩٢ ـ ٢٩٤

سورة الانشقاق (انشقت).............................................. ٢٩٥ ـ ٢٩٦

سورة البروج........................................................... ٢٩٧ ـ ٢٩٨

سورة الطارق.......................................................... ٢٩٩ ـ ٣٠٠

سورة الأعلى.......................................................... ٣٠١ ـ ٣٠٢

٣٥٠

سورة الغاشية......................................................... ٣٠٣ ـ ٣٠٤

سورة الفجر.......................................................... ٣٠٥ ـ ٣٠٧

سورة البلد............................................................ ٣٠٨ ـ ٣٠٩

سورة الشمس......................................................... ٣١٠ ـ ٣١١

سورة الليل............................................................ ٣١٢ ـ ٣١٣

سورة الضحى......................................................... ٣١٤ ـ ٣١٥

سورة الانشراح (ألم نشرح)..................................................... ٣١٦

سورة التين............................................................ ٣١٧ ـ ٣١٨

سورة العلق........................................................... ٣١٩ ـ ٣٢١

سورة القدر.................................................................. ٣٢٢

سورة البينة........................................................... ٣٢٣ ـ ٣٢٤

سورة الزلزلة (الزلزال)................................................... ٣٢٥ ـ ٣٢٦

سورة العاديات............................................................... ٣٢٧

سورة القارعة................................................................. ٣٢٨

سورة التكاثر.......................................................... ٣٢٩ ـ ٣٣٠

سورة العصر................................................................. ٣٣١

سورة الهمزة.................................................................. ٣٣٢

سورة الفيل........................................................... ٣٣٣ ـ ٣٣٤

سورة قريش.................................................................. ٣٣٥

سورة الماعون................................................................. ٣٣٦

سورة الكوثر................................................................. ٣٣٧

سورة الكافرون............................................................... ٣٣٨

سورة الفتح (النصر)................................................... ٣٣٩ ـ ٣٤٠

سورة تبت (المسد)........................................................... ٣٤١

سورة الإخلاص....................................................... ٣٤٢ ـ ٣٤٣

سورة الفلق........................................................... ٣٤٤ ـ ٣٤٥

سورة الناس.................................................................. ٣٤٦

المصادر والمراجع....................................................... ٣٤٧ ـ ٣٤٨

٣٥١