إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ٨

بهجت عبدالواحد الشيخلي

إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ٨

المؤلف:

بهجت عبدالواحد الشيخلي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٧

(وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ) : معطوفة بالواو على «رحمة» وتعرب إعرابها ولم ينون آخرها لأنها اسم ممنوع من الصرف لأنه اسم مقصور رباعي مؤنث وقدرت الفتحة على الألف للتعذر بمعنى وتذكيرا. لأولي : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «ذكرى» وعلامة جر الاسم الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم وهو مضاف. الألباب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى لأصحاب العقول.

(وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) (٤٤)

(وَخُذْ بِيَدِكَ) : معطوف بالواو على (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ) في الآية الكريمة الثانية والأربعين ويعرب إعرابه.

(ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. فاضرب به : تعرب إعراب «خذ بيد».

(وَلا تَحْنَثْ) : الواو عاطفة بمعنى : اعمل بذلك القسم ولا تخلف يمينك. لا : ناهية جازمة. تحنث : فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.

(إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم إن والجملة الفعلية «وجدناه» في محل رفع خبر «إن» وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل نصب مفعول به أول. صابرا : مفعول به ثان منصوب بوجد وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى علمناه صابرا.

(نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) : أعرب في الآية الكريمة الثلاثين والمخصوص بالمدح مستغنى عنه لأن ما قبله يدل عليه. أي نعم العبد أيوب إنه رجاع إلى الله بالتوبة والطاعة.

(وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ) (٤٥)

٥٠١

هذه الآية الكريمة تعرب إعراب (وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ) في الآية الكريمة السابعة عشرة وعلامة نصب «أولي» الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة و «إسحاق ويعقوب» معطوفان بواوي العطف على «إبراهيم» ويعربان إعرابه. الأبصار : معطوف بالواو على «الأيدي» ويعرب مثله بمعنى : أصحاب الأعمال والفكر أو أصحاب القوة في الطاعة والبصائر في الدين أي جمع «بصيرة» وهي معرفة أسرار الدين وغيره.

(إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ) (٤٦)

(إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» والجملة الفعلية «أخلصناهم» في محل رفع خبر «إن» وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به.

(بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ) : جار ومجرور متعلق بفعل «أخلصنا» بمعنى : بخصلة خالصة لا شوب فيها. ذكرى : بدل من «خالصة» مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة المقدرة على الألف للتعذر. الدار : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. أي فسر «خالصة» بذكرى الدار شهادة لذكرى الدار بالخلوص والصفاء .. أي أخلصناهم بسبب هذه الخصلة وجعلناهم من أهل الدار الآخرة.

(وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ) (٤٧)

(وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا) : الواو عاطفة. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب اسم «إن». عند : ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بخبر «إن» وهو مضاف و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة والظرف «عند» متعلق باسم المفعولين «المصطفين» وعلامة نصبه الفتحة.

٥٠٢

(لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ من المصطفين : جار ومجرور في محل رفع خبر «إن» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. الأخيار : صفة ـ نعت ـ للمصطفين مجرور مثله وعلامة جره الكسرة بمعنى : لمن المختارين من أبناء جنسهم الخيرين.

(وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيارِ) (٤٨)

(وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ) : الواو عاطفة. اذكر : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. اسماعيل : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو ممنوع من الصرف للعجمة.

(وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ) : معطوف بالواو على «اسماعيل» ويعرب مثله. الواو عاطفة. ذا : اسم معطوف على اسماعيل منصوب مثله وعلامة نصبه الألف لأنه من الأسماء الخمسة وهو مضاف. الكفل : مضاف إليه مجرور بالكسرة.

(وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيارِ) : الواو استئنافية. كل : مبتدأ مرفوع بالضمة المنونة لانقطاعه عن الإضافة لأن أصله وكلهم فعوض التنوين عن حذف المضاف إليه «هم». من الأخيار : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر «كل».

(هذا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ) (٤٩)

(هذا ذِكْرٌ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. ذكر : خبر «هذا» مرفوع بالضمة المنونة. بمعنى : هذا نوع من الذكر وهو القرآن الكريم. أو ما تقدم هو ذكر لهؤلاء الأخيار أي شرف لهم.

(وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ) : الواو استئنافية. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. للمتقين : جار ومجرور متعلق بخبر «إن» المقدم وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(لَحُسْنَ مَآبٍ) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ حسن : اسم «إن» المؤخر منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. مآب : مضاف إليه مجرور

٥٠٣

بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى وإن للمتقين مع هذا القرآن في الدنيا حسن مرجع.

(جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ) (٥٠)

(جَنَّاتِ عَدْنٍ) : عطف بيان لحسن مآب منصوب مثله وعلامة نصبه الكسرة المنونة بدلا من الفتحة المنونة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم وحذف التنوين من آخره للإضافة وثبتت في «عدن» أي جنات إقامة وخلود.

(مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ) : حال من «الجنات» منصوبة بالفتحة المنونة. والعامل فيها ما في «المتقين» من معنى الفعل. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بحال مقدمة من الأبواب أو بما في «مفتحة» من معنى الفعل وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ الأبواب : بدل من الضمير تقديره : مفتحة هي الأبواب وهو بدل اشتمال أو بدل بعض من كل مرفوع بالضمة أو نائب فاعل لاسم المفعول «مفتحة» وقيل : نائب الفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره : هي بمعنى تفتح الملائكة لهم أبواب الجنة ليدخلوها.

(مُتَّكِئِينَ فِيها يَدْعُونَ فِيها بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرابٍ) (٥١)

(مُتَّكِئِينَ فِيها) : حال من «المتقين» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. فيها : جار ومجرور متعلق بمتكئين بمعنى يجلسون في الجنات مرتاحين.

(يَدْعُونَ فِيها) : الجملة الفعلية في محل نصب حال ثانية وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. فيها : جار ومجرور متعلق بيدعون بمعنى : متكئين فيها داعين فيها.

(بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرابٍ) : جار ومجرور متعلق بيدعون. كثيرة : صفة ـ نعت ـ لفاكهة مجرور مثلها وعلامة جر الصفة والموصوف الكسرة المنونة. وشراب : معطوف بالواو على «فاكهة» ويعرب إعرابها.

٥٠٤

(وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ أَتْرابٌ) (٥٢)

(وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ) : الواو عاطفة. أو تكون حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال أخرى من «المتقين» عند : ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بخبر مقدم وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بالإضافة. قاصرات : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة وهو في الاصل صفة لموصوف لمحذوف اختصارا لأنه معلوم بمعنى : وعندهم حور قاصرات فحلت الصفة محل الموصوف .. وهو مضاف.

(الطَّرْفِ أَتْرابٌ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. أتراب : صفة ثانية للموصوف «حور» مرفوع مثلها وعلامة رفعه الضمة المنونة بمعنى : هن أتراب لأزواجهن أي بسنهم وعلى هذا التفسير تكون كلمة «أتراب» خبر مبتدأ محذوف تقديره : هن. وتكون الجملة الاسمية «هن أتراب» في محل رفع صفة ثانية للموصوف المحذوف «حور».

(هذا ما تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسابِ) (٥٣)

(هذا ما تُوعَدُونَ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو ما. والجملة الاسمية «هو ما توعدون» في محل رفع خبر «هذا» توعدون : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل.

(لِيَوْمِ الْحِسابِ) : جار ومجرور متعلق بتوعدون. والجملة الفعلية (تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسابِ) صلة الموصول «ما» لا محل لها. الحساب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى : لأجل يوم الحساب فحذف المضاف «أجل» وأقيم المضاف إليه «يوم» مقامه. أو يكون المشار إليه محذوفا اختصارا لأن ما قبله دال عليه ومحله الصفة أو البدل من اسم الإشارة «هذا» التقدير : يقال لهم هذا الجزاء هو الذي توعدون. وعلى هذا المعنى تكون الجملة الاسمية «هذا الجزاء هو الذي ..» في محل رفع نائب فاعل ليقال.

٥٠٥

(إِنَّ هذا لَرِزْقُنا ما لَهُ مِنْ نَفادٍ) (٥٤)

(إِنَّ هذا لَرِزْقُنا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ رزق : خبر «إن» مرفوع بالضمة و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة بمعنى : إن هذا الذي يوعد به المتقون لعطاؤنا فحذف المشار إليه «الذي» الصفة أو البدل من اسم الإشارة ..

(ما لَهُ مِنْ نَفادٍ) : الجملة الاسمية في محل نصب حال من «الرزق» ما : نافية لا عمل لها. له : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. من : حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. نفاد : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه مبتدأ مؤخر بمعنى : إن رزقنا هذا لا ينفد بمعنى : لا يفنى.

(هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ) (٥٥)

(هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره الأمر هذا أو مبتدأ خبره محذوف بتقدير : هذا كما ذكر. أو هذا جزاء المتقين. الواو استئنافية. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. للطاغين : جار ومجرور متعلق بخبر «إن» المقدم وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته واللفظة اسم فاعلين.

(لَشَرَّ مَآبٍ) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ شر : اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. مآب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى : شر مآل أو مصير.

(جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمِهادُ) (٥٦)

(جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها) : بدل من «شر مآب» منصوب وعلامة نصبه الفتحة ولم تنون اللفظة لأنها ممنوعة من الصرف للمعرفة والتأنيث. يصلون : الجملة الفعلية في محل نصب حال من «الطاغين» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت

٥٠٦

النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به.

(فَبِئْسَ الْمِهادُ) : الفاء استئنافية. بئس : فعل ماض جامد مبني على الفتح لانشاء الذم. المهاد : فاعل مرفوع بالضمة والمخصوص بالذم محذوف لأن ما قبله دال عليه. التقدير : فبئس المهاد مهادهم أي فراشهم.

(هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ) (٥٧)

(هذا فَلْيَذُوقُوهُ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ وخبره : حميم أي هذا حميم بمعنى الماء الحار .. أو يكون في محل رفع خبرا لمبتدإ محذوف تقديره : العذاب هذا فليذوقوه أو يكون «هذا» في محل نصب مفعولا به بفعل محذوف يفسره ما بعده أي ليذوقوا هذا فليذوقوه وهو بمنزلة أو كقوله تعالى : (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل. اللام لام الأمر. يذوقوه : فعل مضارع مجزوم بلام الأمر وعلامة جزمه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به.

(حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ) : خبر «هذا» مرفوع بالضمة المنونة أو خبر مبتدأ محذوف تقديره : هذا حميم. وغساق : معطوف بالواو على «حميم» مرفوع مثله وعلامة رفعه الضمة المنونة بمعنى وصديد سائل من أجساد المعذبين.

(وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ) (٥٨)

(وَآخَرُ) : معطوف بالواو على (حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ) مرفوع بالضمة ولم ينون آخره لأنه ممنوع من الصرف على وزن ـ أفعل ـ أو يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره : وعذاب آخر أو ومذاق آخر من مثله في الشدة.

(مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «آخر» والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة أي من شكل هذا العذاب أو المذوق من مثله في الشدة والفظاعة. أزواج : صفة ـ نعت ـ لآخر مرفوع بالضمة المنونة بمعنى أنواع شتى كثيرة.

٥٠٧

(هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لا مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ) (٥٩)

(هذا فَوْجٌ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. فوج : خبر «هذا» مرفوع بالضمة المنونة. والجملة الاسمية في محل رفع نائب فاعل لفعل محذوف تقديره : يقال لزعماء المشركين الداخلين النار هؤلاء جماعة مسرعون ..

(مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ) : صفة ـ نعت ـ لفوج مرفوع مثله بالضمة المنونة. مع : ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بمقتحم أو بفعله لأنه اسم فاعل بمعنى قد اقتحم معكم والظرف مضاف وهو يدل على الاجتماع والمصاحبة والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور أي جمع كثيف اقتحم النار في صحبتكم.

(لا مَرْحَباً بِهِمْ) : الجملة في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ أي قال القادة لا ترحيب بهم ولا تكريم. لا : حرف دال على الدعاء وهو حرف نفي وهنا يدل على دعاء السوء منهم على أتباعهم. مرحبا : منصوب على المصدر بمعنى : أتيت سعة. والأصل : نزلت مكانا واسعا وقال له مرحبا أي رحب به ترحيبا أما هنا فجاء مسبوقا بنفي فأصبح بمعنى : لا أصابوا رحبا أي سعة. لهم : جار ومجرور متعلق بمرحبا وهو بيان للمدعو عليهم أي لا نرحب بهم. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالباء.

(إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل يفيد هنا التعليل و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسم «إن» و «صالو» خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم وحذفت النون ـ أصله : صالون ـ للإضافة. النار : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى انهم داخلون النار بسبب أعمالهم مثلنا واضيف اسم الفاعل لمفعوله.

(قالُوا بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا فَبِئْسَ الْقَرارُ) (٦٠)

(قالُوا بَلْ أَنْتُمْ) : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والجملة الاسمية بعده «بل

٥٠٨

أنتم ..» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ بل : حرف إضراب للاستئناف. أنتم : ضمير منفصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ والجملة الفعلية المشتقة بعده (لا مَرْحَباً بِكُمْ) في محل رفع خبر «أنتم» بمعنى : لا ترحيب بكم ولا كرامة لكم أي لا نرحب بكم.

(لا مَرْحَباً بِكُمْ) : يعرب إعراب (لا مَرْحَباً بِهِمْ) في الآية الكريمة السابقة والقول هو رد الفريق الاتباع على القادة.

(أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا) : أعرب. قدمتموه : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور والواو لاشباع الميم والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به. اللام حرف جر و «نا» ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بفعل «قدمتم» والجملة الفعلية (قَدَّمْتُمُوهُ لَنا) أي قدمتم لنا العذاب أو دخول النار في محل رفع خبر «أنتم».

(فَبِئْسَ الْقَرارُ) : الفاء استئنافية. بئس : فعل ماض جامد مبني على الفتح لانشاء الذم. القرار : فاعل «بئس» مرفوع بالضمة والمخصوص بالذم محذوف لوجود ما يدل عليه قبله المعنى : فبئس المقر جهنم.

(قالُوا رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ) (٦١)

(قالُوا رَبَّنا) : أعرب في الآية السابقة. رب : منادى مضاف منصوب وعلامة نصبه الفتحة وحذفت أداة النداء توقيرا. الأصل : يا ربنا. و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(مَنْ قَدَّمَ لَنا) : الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ من : اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ وجملتا فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر «من». قدم : فعل ماض مبني على الفتح فعل الشرط في محل جزم بمن. اللام حرف جر و «نا» ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بقدم. والجملة الفعلية (قَدَّمَ لَنا هذا) صلة الموصول «من» لا محل لها.

٥٠٩

(هذا فَزِدْهُ عَذاباً) : اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب مفعول به أي هذا العذاب بسبب إغوائنا .. فحذف البدل أو الصفة المشار إليه «العذاب» لأن ما قبله دال عليه. الفاء رابطة لجواب الشرط. زده : فعل تضرع ودعاء مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل نصب مفعول به وحذفت الياء ـ أصله : زيده ـ تخفيفا ولالتقاء الساكنين والجملة الفعلية «فزده عذابا» جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم. عذابا : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى من أوردنا هذا العذاب فزده عذابا ضعفا في النار.

(ضِعْفاً فِي النَّارِ) : صفة ـ نعت ـ للموصوف «عذابا» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة المنونة. في النار : جار ومجرور متعلق بفعل «زده» أو بصفة محذوفة من «ضعفا» ومعناه : ذا ضعف والمراد عذابه فيكون عذابين.

(وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ) (٦٢)

(وَقالُوا) : الواو عاطفة. قالوا : أعرب. والجملة الاسمية بعده «ما لنا ..» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(ما لَنا لا نَرى) : اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام حرف جر و «نا» ضمير المتكلمين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر «ما» بمعنى : كيف لنا و «ما» يفيد الانكار والتعجيب. لا : نافية لا عمل لها. نرى : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : نحن.

(رِجالاً كُنَّا) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. والجملة الفعلية (لا نَرى رِجالاً) في محل نصب حال من ضمير المتكلمين. كنا : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل رفع اسم «كان» والجملة الفعلية «كنا نراهم» في محل نصب صفة للموصوف «رجالا».

٥١٠

(نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ) : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به. من الأشرار : جار ومجرور متعلق بمفعول «نعد» الثاني .. التقدير : معدودين من الأشرار.

(أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ) (٦٣)

(أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا) : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به أول. سخريا : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : هل اتخذناهم هزؤا وقرئت اتخذناهم بلفظ الإخبار على أنها في محل نصب صفة ثانية للموصوف «رجالا» أي بقراءة همزته للوصل أو تكون الجملة الاستفهامية على الأصل مثل : ما لنا .. أي مسبوقة بهمزة استفهام محذوفة ويكون معناها مع همزة الاستفهام إنكارا على أنفسهم وتأنيبا لها في الاستسخار منهم بمعنى هل كنا نهزأ منهم في الدنيا؟

(أَمْ زاغَتْ) : حرف عطف وهي «أم» المنقطعة بمعنى «بل» على قراءة «اتخذناهم» بالوصل ومن دون همزة استفهام أو تكون «أم» المتصلة بقراءة «اتخذناهم» بهمزة استفهام ساقطة أو محذوفة وهو الأوجه أن تكون «أم» المنقطعة التي معناها : بل المسبوقة بهمزة استفهام مقدرة أي أبل؟ زاغت : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. بمعنى : أم مالت عنهم أبصارنا؟

(عَنْهُمُ الْأَبْصارُ) : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعن وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ والجار والمجرور متعلق بزاغت. الأبصار : فاعل مرفوع بالضمة بمعنى هل هزؤنا بهم خطأ أم هم معنا في النار؟

(إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) (٦٤)

٥١١

(إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» اللام للبعد والكاف حرف خطاب. اللام لام التوكيد المزحلقة. حق : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة. بمعنى : إن ذلك الذي حكيناه عنها لا بد أن يتكلموا به أو إن ذلك المذكور من تخاصم أهل النار فيها لحق ثابت لا تصوير خيال.

(تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) : بدل من «حق» مرفوع مثله بالضمة أو يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو تخاصم أهل النار أي بين سبحانه أن الذي حكيناه عنهم لا بد أن يكون حديثهم هو تخاصم أهل النار ويجوز أن يكون «تخاصم» خبرا ثانيا لإن ـ أي خبرا بعد خبر ـ على التتابع. أهل : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. النار : مضاف إليه ثان مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(قُلْ إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) (٦٥)

(قُلْ إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ) : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت وحذفت الواو ـ أصله ـ قول ـ تخفيفا ولالتقاء الساكنين والمخاطب هو الرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ والجملة الاسمية بعده «أنا منذر» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ إنما : كافة ومكفوفة. أنا : ضمير منفصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. منذر : خبر «أنا» مرفوع بالضمة المنونة بمعنى ما أنا إلا مخوف لكم أي قل لهم ذلك القول أو بمعنى ما أنا إلا رسول منذر أنذركم عذاب الله للمشركين فحذف خبر «أنا» الموصوف «رسول» وأقيمت الصفة «منذر» مقامه.

(وَما مِنْ إِلهٍ) : الواو استئنافية ويجوز أن تكون عاطفة على محذوف على التفسير أي وأقول لكم إن الدين الحق توحيد الله تعالى وليس من إله إلا الله. ما : نافية لا عمل لها. من : حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. إله : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه مبتدأ.

٥١٢

(إِلَّا اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) : أداة حصر لا عمل لها. الله لفظ الجلالة : خبر مرفوع للتعظيم بالضمة. الواحد القهار : صفتان ـ نعتان للفظ الجلالة مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة بمعنى الواحد لا ند ولا شريك له القاهر لكل شيء.

(رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ) (٦٦)

(رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : صفة أو بدل للفظ الجلالة مرفوع بالضمة. السموات : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. والأرض : معطوفة بالواو على «السموات» وتعرب إعرابها بمعنى له الملك والربوبية في العالم كله.

(وَما بَيْنَهُمَا) : الواو عاطفة. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر لأنه معطوف على (السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) بين : ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بفعل محذوف تقديره : وجد .. استقر .. الهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة و «ما» علامة التثنية لا محل لها والجملة الفعلية «وجد بينهما» صلة الموصول لا محل لها.

(الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ) : صفتان للرب مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة بمعنى العزيز الذي لا يغلب إذا عاقب الغفار لذنوب من يلجأ إليه.

** (قُلْ إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة والستين .. القهار من صيغ المبالغة ـ فعال بمعنى فاعل ـ يقال قهره ـ يقهره ـ قهرا .. بمعنى : غلبه .. والفعل من باب «قطع» فهو قاهر ـ اسم فاعل .. أما «القهقرى» فهي الرجوع إلى خلف نحو : رجع القهقرى : أي رجع الرجوع المعروف بهذا الاسم لأن القهقرى ضرب ـ أي نوع ـ من الرجوع .. وقال الكسائي : كهره .. وقهره .. بمعنى واحد. و «الكهر» هو الانتهار وقرأ عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قوله تعالى في سورة «الضحى» : «فأما اليتيم فلا تكهر» ويقال : أقهرته : أي وجدته مقهورا وأقهر الرجل : بمعنى صار إلى حال يقهر فيها .. ويقال أيضا : كهر الرجل صاحبه ـ يكهره ـ كهرا : بمعنى : استقبله بوجه عابس تهاونا به فهو كهرور : أي متعبس ومنه الحديث : «فبأبي وأمي هو ما كهرني» ومنه القول : فلان ذو كهرورة : أي عابس الوجه. ومعنى : فلا تكهر على قراءة ابن مسعود هو فلا تعتبس في وجهه .. ومعنى : «لا تقهر» هو فلا تغلبه على ماله وحقه لضعفه. أما الفعل «عبس» فهو من باب «جلس» نحو : عبس الرجل ـ يعبس ـ عبوسا ـ مثل جلس يجلس جلوسا .. بمعنى : كلح كلوحا : أي تكشر تكشيرا في عبوس .. ويقال أيضا بتشديد الباء : عبس وجهه ـ شدد للمبالغة ـ والتعبس هو التجهم .. ويوم عبوس : أي شديد.

٥١٣

** (وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة والسبعين .. وفي الآية الكريمة التالية : (قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) أي فأمهلني إلى يوم يبعثون .. بمعنى إلى وقت بعث الخلق من قبورهم يوم الحساب أي إلى يوم الدين .. والجملتان أو القولان بمعنى واحد .. ولكن خولف بين العبارات سلوكا بالكلام طريقة البلاغة.

** (قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) : هذا هو نص الآية الكريمة الثانية والثمانين .. المعنى : فبعزة سلطانك وقهرك وفي ورود القسم بهذه الصورة ومثله «فو ربك» أي في إقسام الله تعالى باسمه ـ تقدست أسماؤه ـ كما في «فو ربك» مضافا إلى رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ في كاف المخاطب تفخيم لشأن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ والآية الأولى «فبعزتك» ورد على لسان «إبليس» ومعناه : فبحق سلطانك وقهرك.

** (قالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة والثمانين .. والمراد بالحق : اسمه عزوجل كما في قوله سبحانه : (أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ) أو يكون «الحق» الذي هو نقيض الباطل عظمه الله تعالى بإقسامه به. وقال الزمخشري : وقرئ الحق الأول منصوبا مثل الثاني على أن الأول مقسم به كالله في «إن عليك الله أن تبايعا» وجوابه لأملأن جهنم و «الحق الأول» : جملة اعتراضية بين المقسم به والمقسم عليه ومعناه لا أقول إلا الحق وقرئا مرفوعين : الأول مبتدأ وخبره محذوف والحق أقوله مثل «كله لم أصنع» وقرئا مجرورين على أن الأول مقسم به وقرئ برفع الأول وجره مع نصب الثاني كما في الآية وهو الأصل والأصوب.

(قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ) (٦٧)

(قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ) : أعرب في الآية الكريمة الخامسة والستين. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. نبأ : خبر «هو» مرفوع بالضمة المنونة. عظيم : صفة ـ نعت ـ لنبأ مرفوع مثله بالضمة المنونة والجملة الاسمية (هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ) في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ بمعنى : قل لهم يا محمد القرآن خبر عظيم الشأن أو ذلك الذي أخبرتكم به وهو كوني رسولا نذيرا إليكم وأنه سبحانه واحد قهار خبر عظيم.

(أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ) (٦٨)

(أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ) : الجملة الاسمية في محل رفع صفة أخرى لنبأ وفي القول الكريم توبيخ لهم. أنتم : ضمير منفصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. عنه : جار ومجرور متعلق باسم الفاعلين «معرضون» بمعنى أنتم عنه غافلون. معرضون : خبر «أنتم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

٥١٤

(ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ) (٦٩)

(ما كانَ لِي) : نافية لا عمل لها. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح. لي : جار ومجرور في محل نصب متعلق بخبر «كان» المقدم.

(مِنْ عِلْمٍ) : حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. علم : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه اسم «كان» المؤخر بمعنى ما كان لي بهم علم.

(بِالْمَلَإِ الْأَعْلى) : جار ومجرور متعلق بعلم ـ بتأويل فعله ـ أو متعلق بصفة محذوفة من «علم» الأعلى : صفة ـ نعت ـ للملإ مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المقدرة على الألف للتعذر بمعنى بكلام الملأ فحذف المضاف «كلام» وحل المضاف إليه «الملأ» محله. والملأ الأعلى : هم عالم الملائكة وأرواح الأنبياء والصديقين .. وأصل «الملأ» : الأشراف يملئون العين مهابة بمعنى ما كان لي علم بكلامهم حين يتجادلون.

(إِذْ يَخْتَصِمُونَ) : ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب بمعنى «حين» وهو مضاف. يختصمون : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والظرف «إذ» متعلق بكلام. بمعنى حين اختصموا في شأن آدم الذي أخبرهم الله بخلافته في الأرض.

(إِنْ يُوحى إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ) (٧٠)

(إِنْ يُوحى إِلَيَ) : مخففة مهملة بمعنى «ما» النافية. يوحى : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة المقدرة على الألف المقصورة للتعذر. إلي : جار ومجرور في محل رفع نائب فاعل للفعل «يوحى» أو يكون متعلقا بيوحى ونائب الفاعل محذوف تقديره : ما يوحى إلي إلا هذا وهو أن أنذر وأبلغ أي ما أؤمر إلا بهذا الأمر وحده وليس لي غير ذلك او يكون نائب الفاعل المصدر المؤول من «أنما أنا نذير ..».

(إِلَّا أَنَّما) : أداة حصر لا عمل لها. أن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل واسمها محذوف .. التقدير : أنني ما أنا إلا نذير مبين وخبره

٥١٥

الجملة الاسمية وتكون «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل رفع نائب فاعل أو يكون بتقدير : لأنما ومعناه : ما يوحى إلي إلا للإنذار فحذف اللام وانتصب بافضاء يوحى إليه.

(أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ) : ضمير منفصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. نذير : خبر أنا مرفوع بالضمة المنونة. مبين : صفة لنذير يعرب مثله.

(إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ) (٧١)

هذه الآية الكريمة تعرب إعراب الآية الكريمة الثامنة والعشرين من سورة «الحجر» و «بشرا» أي آدم وذريته.

(فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ) (٧٢)

هذه الآية الكريمة أعربت في الآية الكريمة التاسعة والعشرين من سورة «الحجر» بمعنى : فإذا عدلت خلقته وسويت أجزاءه فاسجدوا له سجود تحية وتكريم لا سجود عبادة.

(فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ) (٧٣)

أعربت هذه الآية الكريمة في سورة «الحجر» في الآية الكريمة الثلاثين بمعنى : سجدوا له مجتمعين سجود تحية وتكريم.

(إِلاَّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ) (٧٤)

(إِلَّا إِبْلِيسَ) : أداة استثناء. إبليس : مستثنى بإلا منصوب وعلامة نصبه الفتحة ولم ينون آخره لأنه ممنوع من الصرف للعجمة والعلمية والتعريف.

(اسْتَكْبَرَ وَكانَ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة الفعلية «استكبر» في محل نصب حال من «ابليس» الواو سببية. كان : فعل ماض مبني على الفتح وهو فعل ناقص واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. أو تكون الواو عاطفة والجملة الفعلية (كانَ مِنَ الْكافِرِينَ) محلها النصب على الحال لأنها معطوفة على الجملة الحالية «استكبر».

٥١٦

(مِنَ الْكافِرِينَ) : جار ومجرور متعلق بخبر «كان» التقدير : وكان معدودا أو كافرا من الكافرين وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(قالَ يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ) (٧٥)

(قالَ يا إِبْلِيسُ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي قال الله تعالى. يا : أداة نداء. إبليس : منادى مبني على الضم في محل نصب والجملة الاسمية بعده «ما منعك» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(ما مَنَعَكَ) : اسم استفهام يفيد التوبيخ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. منعك : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «ما» وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ في محل نصب مفعول به.

(أَنْ تَسْجُدَ) : حرف مصدري ناصب. تسجد : الجملة الفعلية صلة حرف مصدري لا محل لها وهي فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به. التقدير ما منعك السجود بمعنى : ما منعك أن تحقق السجود وتلزمه نفسك؟ أو يكون المصدر في محل جر بحرف محذوف أي من السجود والجار والمجرور متعلق بمنعك.

(لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَ) : اللام حرف جر. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر باللام. خلقت : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : لما خلقته. بيدي : جار ومجرور متعلق بخلق والياء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.

٥١٧

(أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ) : الهمزة همزة توبيخ بلفظ استفهام وتفيد التقرير. وقرئ «استكبرت» بحذف حرف الاستفهام لأن «أم» تدل عليه أو يكون بمعنى الإخبار. استكبرت : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل رفع فاعل. أم : حرف عطف وهي «أم» المتصلة على قراءة «استكبرت» بهمزة الاستفهام أو تكون منقطعة على قراءة «استكبرت» بمعنى الإخبار. كنت : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ في محل رفع اسم «كان».

(مِنَ الْعالِينَ) : جار ومجرور متعلق بخبر «كان» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته .. بمعنى أم كنت من المستحقين التفوق؟ أي هل تكبرت أم كنت ممن علا واستحق التفوق.

(قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) (٧٦)

(قالَ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي ابليس والجملة الاسمية بعده «أنا خير» في محل نصب مفعول به لقال.

(أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ) : ضمير منفصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. خير : خبر «أنا» مرفوع بالضمة المنونة وأصله : أخير .. بوزن أفعل ممنوع من الصرف لأنه صيغة أفعل التفضيل وبوزن الفعل وبعد حذف الألف طلبا للفصاحة نون آخره. منه : جار ومجرور متعلق بخير بمعنى أفضل منه.

(خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ) : الجملة الفعلية بيان من الجملة الاسمية (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ) أي للبيان والايضاح وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل. النون نون الوقاية والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب مفعول به. من نار : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من ضمير المتكلم. التقدير : خلقتني حالة كوني من نار و «من» حرف جر بياني ـ من .. البيانية ـ.

٥١٨

(وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) : معطوفة بالواو على (خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ) وتعرب إعرابها والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل نصب مفعول به.

(قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ) (٧٧)

(قالَ فَاخْرُجْ مِنْها) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي قال الله تعالى مخاطبا ابليس والجملة الفعلية بعده (فَاخْرُجْ مِنْها) في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل. اخرج : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. منها : جار ومجرور متعلق باخرج بمعنى فاخرج من الجنة أو فاخرج من السماء .. والهاء عائد إلى السماء وان لم يجر لها ذكر لأنها معلومة.

(فَإِنَّكَ رَجِيمٌ) : الفاء استئنافية تفيد التعليل. إنك : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ في محل نصب اسم إن. رجيم : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة بمعنى فأنت مطرود من رحمتي واللفظة ـ فعيل بمعنى مفعول ـ وأصل «الرجم» الرمي بالحجارة.

(وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ) (٧٨)

(وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي) : الواو حرف عطف. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. عليك : جار ومجرور متعلق بخبر «إن» المقدم. و «لعنتي» اسم «إن» المؤخر منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء المناسبة والياء ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ في محل جر بالإضافة.

(إِلى يَوْمِ الدِّينِ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «اللعنة» التقدير : كائنة أو منصبة إلى يوم الدين ويوم مضاف. الدين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (٧٩)

(قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. رب : منادى مضاف حذفت أداة النداء. التقدير : يا ربي

٥١٩

وهو منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل الياء المحذوفة خطا واختصارا منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المأتي بها من أجل الياء والياء المحذوفة ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل جر بالإضافة وبقيت الكسرة دالة عليها. الفاء عاطفة على فعل محذوف. أنظرني : فعل دعاء وتضرع مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. النون نون الوقاية لا محل لها والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب مفعول به بمعنى فأمهلني. والجملة الفعلية «أنظرني» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول.

(إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) : جار ومجرور متعلق بأنظر. يبعثون : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة وهي فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل.

(قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ) (٨٠)

(قالَ فَإِنَّكَ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الفاء عاطفة على فعل محذوف. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب اسم «إن».

(مِنَ الْمُنْظَرِينَ) : جار ومجرور متعلق بخبر «إن» التقدير : كائن أو معدود وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى من الممهلين ولفظة «المنظرين» اسم مفعولين. و «إن» وما في حيزها من اسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) (٨١)

(إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) : جار ومجرور متعلق بالمنظرين على تأويل فعله. الوقت : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. المعلوم : صفة ـ نعت ـ للوقت مجرور مثله وعلامة جره الكسرة.

٥٢٠