إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ٨

بهجت عبدالواحد الشيخلي

إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ٨

المؤلف:

بهجت عبدالواحد الشيخلي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٧

وليس بكسرها لأنه اسم مفعول .. وليس اسم فاعل لأن فعله : احتضر ـ بضم التاء وكسر الضاد ـ بمعنى : حضرته الوفاة أو ملك الموت.

** (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) : ورد هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة التاسعة والثلاثين وهو مكرر وقد ورد في الآية الكريمة السادسة والثلاثين .. وقيل إن الفرق بين القولين الكريمين في الآيتين الكريمتين المذكورتين أن الآية الكريمة هنا لبيان أن الرزق بيد الله وحده وهناك أي في الآية الكريمة السابقة للرد على من زعم أن الرزق علامة رضا الله وأن البسط والتضييق هنا لشخص واحد في وقتين أو حالين وهناك لتعدد الأشخاص ..

** (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الأربعين .. ويكون الكلام موجها للملائكة ـ لقد قيل : عبدت أمم كثيرة الملائكة باعتبار أنهم بنات الله وخاصته المقربون عنده ـ وفيه تقريع ـ أي تأنيب وتوبيخ ـ للكفار لأن الله سبحانه عليم بكون الملائكة الأطهار براء مما وجه إليهم من السؤال الوارد على طريق التقرير و «يحشرهم» بمعنى ويوم يجمع الله الكفار جميعا للحساب .. العابد والمعبود والمتكبر والضعيف والخطاب موجه للملائكة والمراد به المشركين أي توبيخ المشركون فأجاب الملائكة : تنزيها لك يا رب عن الشريك ـ وهذا ما ورد في الآية الكريمة التالية ـ بل كانوا يعبدون الجن أي الشياطين ولم نكن معبودين لهم. ونبرأ إليك سبحانك من فعلهم. فأنت الذي نواليك دون غيرك يا رب العالمين.

** (فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعاً وَلا ضَرًّا) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثانية والأربعين .. أي يقول الله تعالى : فاليوم ـ أي يوم القيامة ـ لا يملك المعبودون للعابدين جلب نفع من شفاعة ونجاة .. ولا دفع ضر من عذاب وهلاك فحذف مفعول «يملك» وهو «دفع» المضاف وحل المضاف إليه «ضر» محله وانتصب انتصابه على المفعولية كذلك حذف المفعول المضاف «جلب» وحل المضاف إليه «نفع» محله.

** (وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّتِي) : هنا حذف مفعول «ظلموا» اختصارا لأنه معلوم. أي للذين ظلموا أنفسهم.

** (وَقالُوا ما هذا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرىً وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثالثة والأربعين .. المعنى : ما هذا القرآن إلا كذب مختلق فحذف النعت أو البدل «القرآن».

** (فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) : هذا القول الكريم هو آخر الآية الكريمة الخامسة والأربعين. التقدير والمعنى : فانظروا كيف كان إنكاري عليهم تكذيبهم ألم أهلكهم جميعا و «نكيري» مصدر حذف مفعوله اختصارا «تكذيبهم» وحذفت الياء مراعاة لفواصل الآيات «أي رأس آية».

** (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة والأربعين و «علام» من صيغ المبالغة ـ فعال بمعنى فاعل ـ أي كثير العلم. ويقال : هذا رجل عالم وذاك رجل علامة. فالعالم : اسم فاعل للفعل «علم» و «عليم» من صيغ المبالغة أيضا ـ فعيل بمعنى فاعل ـ وعلامة فيها مبالغة في العلم أكثر من «علام» إلا أن اللفظة «علام الغيوب» خلت من التاء دفعا لشبهة التأنيث إجلالا وإكراما وإن كان عزوجل منزها عن هذه الصفات أي التذكير والتأنيث و «علامة» مثل «راوية» نحو : روى الرجل الحديث أو الشعر أو الحدث يرويه رواية : بمعنى نقله وذكره فهو راو ـ اسم فاعل ـ وهم رواة وراوون .. والحديث مروي ـ اسم مفعول ـ والتاء في «رواية» للمبالغة بمعنى : الكثير

٢٤١

الرواية ومثله فهامة .. نسابة .. علامة. وجمع «عليم» هو علماء .. مثل : نبيه ـ نبهاء .. أي فعيل يجمع على فعلاء إذا لم يكن في مفرده حرف مكرر وإذا كان فيه حرف مكرر .. مثل «طبيب» فيجمع على «أفعلاء» أي أطباء. و «علماء» جمع «عالم» أي جمع تكسير ويجمع جمع مذكر سالما ـ عالمون ـ أما «العالم» بفتح اللام فمعناه : أصناف الخلق وجمعه : عوالم. فعلام الغيوب : بمعنى : العالم جدا بالأسرار و «الغيوب» جمع «غيب» وهو السر أو ما غاب واستتر ولا يجوز إلحاق الهاء بالصفات الإلهية تنزيها لله سبحانه عما يدل على التأنيث وذلك احترازا من علامة التأنيث. وقيل : إن «علماء» أصله : على الماء. يقال : علماء بنو فلان : أي على الماء بنو فلان قال الشاعر :

غداة طغت علماء بكر بن وائل

وعاجت صدور الخيل شطر تميم

المعنى : أنهم علوا في المنزلة والعز بحيث لا يعلوهم أحد كما أن الميتة تطفو على الماء وتعلو عليه .. وخصومهم رسبوا. و «عاج» أي مال وعدل. و «بكر بن وائل» اسم قبيلة و «شطر تميم» أي نحوهم. يقال في التفضيل : الله أعلم : أي أعلم من كل عالم. قال الرسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ العلماء أمناء الله على خلقه. ويقال : علام .. وهي كلمة مركبة من حرف الجر «على» و «ما» الاستفهامية وحذفت ألف «ما» لورودها بعد حرف جر ومثلها : فيم .. إلام .. بم. إلخ.

** (قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ) : ورد هذا القول الكريم في نص الآية الكريمة التاسعة والأربعين المراد بالحق : القرآن. والمراد بالباطل الذاهب هنا : الكفر .. والإبداء : هو فعل الشيء أولا وإعادة فعله ثانيا .. المعنى : جاء الحق وهلك الباطل .. والباطل : هو إبليس أي وما ينشئ خلقا ولا يعيده صاحب الباطل كما يقال صاحب الحق .. فحذف مفعول «يبدئ» وهو «خلقا» كما حذف الفاعل المضاف «صاحب» وحل محله المضاف إليه «الباطل» وقيل عن معنى «وما يبدئ الباطل» أي ما يحدث أو ما يخلق أو ما يحيي.

** (قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الخمسين. يقال : ضل الرجل ـ يضل طريقه وضل عنه ضلالا وضلالة : بمعنى : زل عنه فلم يهتد إليه واسم الفاعل هو ضال هذه هي لغة «نجد» كما يقول الفيومي وهي الفصحى وبها جاء قوله تعالى في الآية الكريمة المذكورة أي إن الفعل من باب «ضرب» وفي لغة لأهل العالية من باب «تعب» أي ضل ـ يضل ـ بفتح الضاد والأصل في الضلال : الغيبة ومنه قيل للحيوان الضائع : ضالة ـ للذكر والأنثى ـ ويقال لغير الحيوان ضائع ولقطة. قال الأزهري : يقال : أضللت الشيء : إذا ضاع منك فلم تعرف موضعه كالدابة والناقة وما أشبههما فإن أخطأت موضع الشيء الثابت كالدار قلت : ضللته ولا تقل : أضللته ويقال : ضل البعير : أي غاب واختفى أو وخفي موضعه. وأضللته : بمعنى : فقدته وأضعته. واسم الفاعل هو الضال يطلق على الإنسان ويطلق على الحيوان الضائع لفظ «الضالة» وقيل : من ضل عن الحق وقع في الباطل.

** (وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الحادية والخمسين .. المعنى : حين يفزعون عند الصيحة أي البعث فلا مهرب لهم أو تحصن. قال الزمخشري : لو .. وإذ .. والأفعال : فزعوا .. أخذوا .. حيل بينهم كلها للماضي والمراد بها الاستقبال لأن ما الله فاعله في المستقبل بمنزلة ما قد كان ووجد لتحققه.

٢٤٢

** (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ) : في هذا القول الكريم الوارد في الآية الكريمة الرابعة والخمسين يكون المعنى : وحجز بينهم وبين ما يشتهون من النجاة كما فعل بأشباههم من الكفرة من قبلهم من كفار الأمم الماضية وبعد حذف المضاف إليه ضمير الغائبين «هم» بني المضاف «قبل» على الضم لانقطاعه عن الإضافة.

(فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعاً وَلا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ) (٤٢)

(فَالْيَوْمَ) : الفاء استئنافية أو تكون عاطفة على «يوم يحشرهم». اليوم : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بالفعل «يملك» بمعنى فيوم الحساب لا يتمكن بعضكم نفع بعض أو جلب نفع لبعضكم.

(لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ) : نافية لا عمل لها. يملك : فعل مضارع مرفوع بالضمة. بعضكم : فاعل مرفوع بالضمة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور.

(لِبَعْضٍ نَفْعاً) : جار ومجرور متعلق بيملك أو بحال مقدمة من «نفعا». نفعا : مفعول به منصوب بالفتحة المنونة.

(وَلا ضَرًّا) : الواو عاطفة. لا : زائدة لتأكيد النفي. ضرا : معطوف على «نفعا» ويعرب إعرابه أو الواو عاطفة «ولا ضرا» معطوفة على «لا يملك نفعا» فحذف الفعل «يملك» تجنبا للتكرار بذكره أول مرة.

(وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا) : معطوف بالواو على «لا يملك» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : نحن. اللام حرف جر. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بنقول. ظلموا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ) : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وهي فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. عذاب :

٢٤٣

مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. النار : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(الَّتِي كُنْتُمْ) : اسم موصول مبني على السكون في محل جر صفة ـ نعت ـ للنار. كنتم : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور.

(بِها تُكَذِّبُونَ) : جار ومجرور متعلق بتكذبون ويجوز أن يتعلق بكنتم. تكذبون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالُوا ما هذا إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ وَقالُوا ما هذا إِلاَّ إِفْكٌ مُفْتَرىً وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ) (٤٣)

(وَإِذا تُتْلى) : الواو استئنافية. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمان مبني على السكون ـ أداة شرط غير جازمة ـ خافض لشرطه متعلق بجوابه. تتلى : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة المقدرة على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر.

(عَلَيْهِمْ آياتُنا) : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بتتلى. آيات : نائب فاعل مرفوع بالضمة و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع سبحانه ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة والجملة الفعلية «تتلى عليهم آياتنا» في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف «إذا» بمعنى : وإذا تقرأ.

(بَيِّناتٍ قالُوا) : حال من «الآيات» منصوب وعلامة نصبه الكسرة المنونة بدلا من الفتحة المنونة لأنها ملحقة بجمع المؤنث السالم بمعنى : واضحات. قالوا : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها وهي

٢٤٤

فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(ما هذا إِلَّا رَجُلٌ) : الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ ما : نافية لا عمل لها. هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدا. إلا : أداة حصر لا عمل لها. رجل : خبر «هذا» مرفوع بالضمة المنونة والإشارة إلى الرسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ.

(يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ) : الجملة الفعلية في محل رفع صفة ـ نعت ـ لرجل. وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. أن : حرف مصدري ناصب. يصدكم : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور بمعنى : يمنعكم والجملة الفعلية «يصدكم ..» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به للفعل «يريد» التقدير : صدكم.

(عَمَّا كانَ) : أصلها : عن : حرف جر و «ما» المدغمة بنون «عن» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بعن والجار والمجرور متعلق بيصد. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمها ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على ما.

(يَعْبُدُ آباؤُكُمْ) : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة. آباء : فاعل مرفوع بالضمة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميمي علامة جمع الذكور. والجملة الفعلية (يَعْبُدُ آباؤُكُمْ) صلة الموصول لا محل لها والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : عما كان يعبده آباؤكم من الآلهة أو تكون «ما» مصدرية فتكون جملة «كان يعبد آباؤكم» صلة حرف مصدري لا

٢٤٥

محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بعن. التقدير : عن عبادة آبائكم الأصنام والأوثان.

(وَقالُوا ما هذا إِلَّا إِفْكٌ) : معطوف بالواو على (قالُوا ما هذا إِلَّا رَجُلٌ) ويعرب إعرابه.

(مُفْتَرىً وَقالَ الَّذِينَ) : صفة ـ نعت ـ لإفك مرفوع مثله وعلامة رفعه الضمة المقدرة للتعذر على الألف المقصورة قبل تنوينها ونونت لأن اللفظة اسم مقصور خماسي نكرة مذكر بمعنى : إلا كذب مختلف. الواو عاطفة. قال : فعل ماض مبني على الفتح. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل والجملة الفعلية بعده صلة الموصول لا محل لها.

(كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا) : تعرب إعراب «قالوا». للحق : جار ومجرور متعلق بقال. لما : ظرف زمان بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب على الظرفية متعلق والجملة الفعلية بعده «جاءهم» في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد «لما».

(جاءَهُمْ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به.

(إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) : يعرب إعراب (ما هذا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرىً) لأن «إن» مهملة بمعنى «ما» لأنها مخففة. و «مبين» مرفوع بالضمة المنونة الظاهرة في آخره. والجملة الاسمية (إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(وَما آتَيْناهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَها وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ) (٤٤)

(وَما آتَيْناهُمْ) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. آتي : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به.

٢٤٦

(مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَها) : جار ومجرور متعلق بآتى أو يكون في محل نصب قائما مقام المفعول به الثاني للفعل «آتى» لأن «من» للتبعيض. يدرسون : الجملة الفعلية في محل جر صفة ـ نعت ـ لكتب وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به.

(وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ) : معطوف بالواو على «ما آتينا» ويعرب إعرابه. إليهم : جار ومجرور متعلق بالفعل «أرسل».

(قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ) : ظرف زمان متعلق بأرسل منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر بالإضافة. من : حرف جر زائد لتأكيد النفي. نذير : اسم مجرور لفظا بحرف الجر منصوب محلا لأنه مفعول به للفعل «أرسل» بمعنى : منذرا.

(وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَما بَلَغُوا مِعْشارَ ما آتَيْناهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) (٤٥)

(وَكَذَّبَ الَّذِينَ) : الواو عاطفة. كذب : فعل ماض مبني على الفتح. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل.

(مِنْ قَبْلِهِمْ) : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره : مضوا. و «هم» ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة والجملة الفعلية «مضوا من قبلهم» صلة الموصول لا محل لها وحذف مفعول «كذب» اختصارا لأنه معلوم. المعنى : وكذب الذين تقدموهم من الأمم والقرون الخالية رسلهم.

(وَما بَلَغُوا مِعْشارَ) : الواو حرف عطف. ما : نافية لا عمل لها. بلغوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والألف فارقة بمعنى : وما بلغ هؤلاء المكذبون عشر أو بعض ما منحناهم. معشار : مفعول به منصوب بالفتحة.

٢٤٧

(ما آتَيْناهُمْ) : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالإضافة. آتي : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع سبحانه و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به والجملة الفعلية «آتيناهم» صلة الموصول لا محل لها وحذف مفعول «آتى» الثاني أوصلته اختصارا بمعنى : ما منحناهم من طول الأعمار وكثرة الأموال والجاه وقوة الأجرام.

(فَكَذَّبُوا رُسُلِي) : معطوفة بالفاء على جملة «بلغوا» وتعرب مثلها. رسلي : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء المناسبة والياء ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع سبحانه ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. أو تكون الفاء سببية أي إن تكذيب الرسل مسبب عن إقدام الذين من قبلهم على التكذيب.

(فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) : الفاء استئنافية للتعليل أي فأهلكناهم فكيف .. كيف : اسم استفهام على الفتح في محل نصب خبر «كان» المقدم. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح. نكير : اسم «كان» المؤخر مرفوع بالضمة المقدرة للثقل على الياء المحذوفة خطا واختصارا ولأنها رأس آية وبقيت الكسرة دالة عليها والياء ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع مبني على السكون في محل جر بالإضافة بمعنى : إنكاري.

(قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ) (٤٦)

(قُلْ إِنَّما) : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت وحذفت واوه تخفيفا ولالتقاء الساكنين. إنما : كافة ومكفوفة.

(أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ) : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا

٢٤٨

تقديره أنا. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. بواحدة : جار ومجرور متعلق بالفعل «أعظ» بمعنى : بخصلة واحدة.

(أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ) : حرف مصدرية ونصب. تقوموا : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى تتفرقوا. لله : جار ومجرور للتعظيم متعلق بتقوموا. الجملة الفعلية (تَقُومُوا لِلَّهِ) صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر «القيام» في محل جر بدل من «واحدة» أو عطف بيان لها. لأن الجملة مفسرة بمعنى لوجه الله خالصا فحذف المضاف «وجه» اختصارا كما الموصوف «خصلة» وأقيمت الصفة «واحدة» مقامه.

(مَثْنى وَفُرادى) : الكلمتان منصوبتان على الحال لأنهما معدولتان عن عدد مكرر بمعنى متفرقين اثنين اثنين وواحدا واحدا بتقدير : معدودين اثنين اثنين وواحدا واحدا وهما ممنوعتان من الصرف وعلامة نصبهما الفتحة المقدرة على الألف المقصورة للتعذر و «فرادى» معطوف على «مثنى» بالواو ويعرب إعرابه.

(ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا) : حرف عطف. تتفكّروا : معطوفة على «تقوموا» وتعرب إعرابها والجملة بعدها استئنافية لا محل لها.

(ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ) : هذه الجملة وردت تنبيها من الله سبحانه على طريقة النظر في أمر رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أو تكون في محل نصب مفعولا به بفعل محذوف بمعنى : ثم تتفكروا في أمر محمد فتعلموا أنه ليس به جنون يحمله على دعوتكم إلى الحق. ما : نافية لا عمل لها. بصاحبكم : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور. من : حرف جر زائد لتأكيد النفي. جنة : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه مبتدأ.

٢٤٩

(إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ) : مهملة لأنها مخففة بمعنى «ما» النافية. هو : ضمير منفصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. إلا : أداة حصر لا عمل لها. نذير : خبر «هو» مرفوع بالضمة المنونة. لكم : جار ومجرور متعلق بنذي ر ـ اسم الفاعل ـ على تأويل فعله أو بصفة محذوفة من «نذير» أي منذر والميم علامة جمع الذكور.

(بَيْنَ يَدَيْ) : ظرف مكان متعلق بنذير منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. يدي : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه مثنى وحذفت النون ـ أصله : يدين ـ للإضافة بمعنى أمام عذاب شديد.

(عَذابٍ شَدِيدٍ) : مضاف إليه ثان مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. شديد : صفة ـ نعت ـ لعذاب ويعرب مثله .. أي عذاب شديد قادم عليكم.

(قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللهِ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (٤٧)

(قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ) : أعربت. ما : اسم شرط جازم مبني على السكون بمعنى : أي شيء في محل رفع مبتدأ في حالة تعدي الفعل بعده «سأل» إلى مفعوله واحد حيث يكون الفعل المذكور قد استوفى مفعوله وهو ضمير المخاطبين وتكون جملتا فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر «ما» أما إذا تعدى الفعل «سأل» إلى مفعولين فتكون «ما» في محل نصب مفعولا به مقدما للفعل «سأل». سألتكم : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط في محل جزم بما. التاء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور.

(مِنْ أَجْرٍ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من اسم الشرط «ما» التقدير : أي شيء سألتكم حالة كونه من أجر و «من» حرف جر بياني. وعلامة جر الاسم الكسرة المنونة.

٢٥٠

(فَهُوَ لَكُمْ إِنْ) : الجملة جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم والشرط محذوف تقديره : فإن طلبته فهو لكم وليس لي. الفاء رابطة لجواب الشرط. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. لكم : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر «هو» والميم علامة جمع الذكور. إن : مخففة مهملة بمعنى «ما» النافية لا محل لها.

(أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ) : مبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل الياء ـ ياء المتكلم ـ منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء المناسبة. والياء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. وفتحت الياء لالتقاء الساكنين. إلا : أداة حصر لا عمل لها. على الله : جار ومجرور للتعظيم في محل رفع متعلق بخبر المبتدأ.

(وَهُوَ عَلى كُلِ) : الواو استئنافية. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. على كل : جار ومجرور متعلق بشهيد.

(شَيْءٍ شَهِيدٌ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. شهيد : خبر «هو» مرفوع بالضمة المنونة.

(قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ) (٤٨)

(قُلْ إِنَّ رَبِّي) : أعربت. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. ربي : اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء المناسبة والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة و «إن» وما في حيزها من اسمها وخبرها في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(يَقْذِفُ بِالْحَقِ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. بالحق : جار ومجرور متعلق بيقذف بمعنى يرمي به الباطل فيدمغه ويزهقه ومفعول يقذف محذوف اختصارا لأنه معلوم. التقدير : يقذف بالحق الباطل ويجوز أن تكون الباء زائدة. و «الحق» مفعول «يقذف» مثل : ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة بمعنى يلقي الحق وينزله إلى أنبيائه.

٢٥١

(عَلَّامُ الْغُيُوبِ) : خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو. مرفوع بالضمة. أو يكون مرفوعا لأنه محمول على محل «إن» واسمها أو على المستكن في «يقذف» أو بدل من الجملة الفعلية «يقذف» ويجوز أن يكون خبرا ثانيا لإن .. أي خبران متعاقبان لها. الغيوب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ) (٤٩)

(قُلْ جاءَ الْحَقُ) : أعربت. جاء : فعل ماض مبني على الفتح. الحق : فاعل مرفوع بالضمة والجملة الفعلية «جاء الحق» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ بمعنى : جاء القرآن. وقيل : المعنى : جاء الإسلام.

(وَما يُبْدِئُ) : الواو عاطفة. ما : نافية لا عمل لها. يبدئ : فعل مضارع مرفوع بالضمة والجملة الفعلية «يبدئ الباطل» معطوفة على جملة «جاء الحق» بمعنى : جاء الحق وهلك الباطل أو تكون الواو استئنافية. وحذف المفعول اختصارا بتقدير : ما ينشئ خلقا ولا يعيده صاحب الباطل ويجوز أن تكون «ما» في محل نصب مفعولا به مقدما للفعل «يبدئ ..» والوجه الأول من إعراب «ما» وهو كونها نافية هو الأصح.

(الْباطِلُ وَما يُعِيدُ) : فاعل مرفوع بالضمة. وما يعيد : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على (ما يُبْدِئُ الْباطِلُ) وتعرب إعرابها والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على «الباطل».

(قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ) (٥٠)

(قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ) : أعربت : إن : حرف شرط جازم. ضللت : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط في محل جزم بإن. التاء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل.

(فَإِنَّما أَضِلُ) : الجملة الفعلية جواب شرط جازم مسبوق بإن مقترن بالفاء في محل جزم بإن. الفاء واقعة في جواب الشرط. إنما : كافة ومكفوفة. أضل : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا.

٢٥٢

(عَلى نَفْسِي) : جار ومجرور متعلق بأضل والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم في محل جر بالإضافة بمعنى فإن وبال ضلالي على نفسي.

(وَإِنِ اهْتَدَيْتُ) : معطوفة بالواو على «إن ضللت» وتعرب إعرابها وكسرت نون «إن» لالتقاء الساكنين.

(فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي) : الفاء رابطة لجواب الشرط. الباء حرف جر. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء أي فبسبب ما .. فحذف المضاف «سبب» اختصارا وحل المضاف إليه «المصدر» محله. يوحي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل. إلي : جار ومجرور متعلق بيوحي. ربي : فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء المناسبة والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل جر مضاف إليه والجملة الفعلية (يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي) صلة الموصول لا محل لها والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : فبما يوحيه إلي ربي أو تكون «ما» مصدرية فتكون جملة (يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي) صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالياء والجار والمجرور متعلق باهتديت. والجملة (فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي) جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم بإن بمعنى فبما يوحي إلي ربي من القرآن.

(إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل تفيد التعليل هنا والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «إن». سميع قريب : خبرا «إن» خبر بعد خبر مرفوعان بالضمة المنونة ويجوز أن يكون «قريب» صفة لسميع.

(وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ) (٥١)

(وَلَوْ تَرى) : الواو استئنافية. لو : حرف شرط غير جازم. ترى : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف المقصورة منع من ظهورها التعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت وجواب «لو» محذوف

٢٥٣

اختصارا. التقدير والمعنى : ولو ترى يا محمد حين فزعوا أي لو عانيت وشاهدت لرأيت أمرا عظيما وحالا هائلة أو لرأيت العجب.

(إِذْ فَزِعُوا) : ظرف للزمان مبني على السكون بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب متعلق بترى أو تكون اسما مبنيا على السكون في محل نصب مفعولا به للفعل «ترى». فزعوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة وجملة «فزعوا» في محل جر بالإضافة.

(فَلا فَوْتَ) : الفاء استئنافية. تفيد التعليل هنا. لا : نافية للجنس تعمل عمل «إن». فوت : اسم «لا» مبني على الفتح في محل نصب وخبر «لا» محذوف وجوبا. التقدير : فلا فوت كائن لهم بمعنى لا يفوتون الله ولا يسبقونه.

(وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ) : الجملة معطوفة بالواو على جملة «فزعوا» أو على «لا فوت» على معنى : إذا فزعوا فلم يفوتوا وأخذوا. أخذوا : فعل ماض للمجهول مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والألف فارقة. من مكان : جار ومجرور متعلق بأخذوا. قريب : صفة ـ نعت ـ لمكان مجرور مثله .. وعلامة جرهما ـ الصفة والموصوف ـ الكسرة المنونة بمعنى : وأخذوا من وقفتهم يوم الفزع الأكبر إلى النار.

(وَقالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) (٥٢)

(وَقالُوا آمَنَّا بِهِ) : الواو استئنافية. قالوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. آمنا : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير المتكلمين و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. به : جار ومجرور متعلق بآمن أي بمحمد.

(وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ) : الواو استئنافية. أنى : اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب ظرف مكان بمعنى : ومن أين .. أو وكيف متعلق بخبر مقدم محذوف. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام وحرك بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ والجار والمجرور متعلق

٢٥٤

بالخبر المحذوف. التناوش : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. بمعنى : ومن أين لهم تناول الإيمان في الآخرة وقد كفروا به في الدنيا.

(مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) : جار ومجرور متعلق بالتناوش بتأويل فعله. بعيد : صفة ـ نعت ـ لمكان مجرور مثله وعلامة جرهما ـ الصفة والموصوف ـ الكسرة المنونة بمعنى تناول الإيمان الذي بعد عنهم ولا نفع فيه.

(وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) (٥٣)

(وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ) : الواو حالية والجملة الفعلية في محل نصب حال. قد : حرف تحقيق. كفروا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. به : جار ومجرور متعلق بكفروا.

(مِنْ قَبْلُ) : جار ومجرور متعلق بكفروا و «قبل» اسم مبني على الضم لانقطاعه عن الإضافة في محل جر بمن.

(وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ) : الواو عاطفة. يقذفون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية معطوفة على (قَدْ كَفَرُوا) على حكاية الحال الماضية. بالغيب : جار ومجرور متعلق بيقذفون أو بحال من ضمير «يقذفون» ويجوز أن يتعلق بقوله : وقالوا آمنا به بمعنى : وكانوا يتكلمون بالغيب ويأتون به. أو ويرجعون بالظن أي الشيء الغائب بمعنى ظنا بالغيب.

(مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) : جار ومجرور متعلق بيقذفون أو يكون متعلقا بحال محذوفة بمعنى : ويأتون بالغيب من مكان بعيد .. ويجوز أن يكون في محل جر صفة ـ نعتا ـ للغيب. بعيد : صفة لمكان وعلامة جرهما ـ الصفة والموصوف الكسرة المنونة.

(وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ) (٥٤)

(وَحِيلَ بَيْنَهُمْ) : الواو استئنافية. حيل : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح يراد به الاستقبال كما في الآية الكريمة الحادية والخمسين.

٢٥٥

بين : ظرف مكان منصوب على الظرفية في محل رفع نائب فاعل للفعل «حيل» و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالإضافة.

(وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ) : معطوف بالواو على «بين» الأول ويعرب إعرابه بمعنى : حال الله بينهم وبين .. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالإضافة. يشتهون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به التقدير وبين ما يشتهونه من النجاة ويجوز أن تكون «ما» مصدرية فتكون «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالإضافة.

(كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ) : الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل نصب صفة لمصدر محذوف بمعنى وحيل بينهم حولا أو حئولا أو حيلولة مثل .. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالإضافة. فعل : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح والجملة من الفعل ونائب الفاعل : صلة الموصول لا محل لها ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. بأشياع : جار ومجرور متعلق بفعل و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالإضافة بمعنى بأشباههم من الكفرة وهي جمع «شيعة» أي حزب أو طائفة.

(مِنْ قَبْلُ) : جار ومجرور متعلق بفعل أو في محل جر صفة ـ نعت ـ للأشياع. وبني «قبل» على الضم لانقطاعه عن الإضافة.

(إِنَّهُمْ كانُوا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل يفيد هنا التعليل. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسم «إن». كانوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة وهو فعل ناقص والألف فارقة والجملة الفعلية (كانُوا فِي شَكٍّ) في محل رفع خبر «إن» أما اسم «كان» فهو واو الجماعة في «كانوا» مبني على السكون في محل رفع.

(فِي شَكٍّ مُرِيبٍ) : جار ومجرور في محل نصب متعلق بخبر «كان». مريب : صفة ـ نعت ـ لشك مجرور مثله وعلامة جرهما «الصفة والموصوف» الكسرة المنونة بمعنى : في شك في التوحيد يشك فيه أي موقع في الريبة وهي الشك.

٢٥٦

سورة فاطر

معنى السورة : كلمة «فاطر» اسم فاعل وفعله : فطر ـ يفطر ـ فطرا ـ من باب «نصر» نحو : فطر الله الخلق : بمعنى : خلقهم وابتدأهم فهو خالق ـ اسم فاعل ـ والله تعالى هو الخالق لكل شيء والاسم : هو الفطرة ـ بكسر الفاء ـ قال تعالى : (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) وقوله عليه الصلاة والسلام : «كل مولود يولد على الفطرة» قيل : معناه : الفطرة الإسلامية والدين الحق .. ومن معاني الفعل أيضا يقال : فطرت الصائم ـ بتشديد الطاء ـ معناه : أعطيته فطورا ـ بفتح الفاء ـ أو أفسدت عليه صومه فأفطر والفطور ـ بفتح الفاء ـ هو ما يفطر عليه والفطور ـ بضم الفاء ـ هو المصدر والاسم : الفطر ـ بكسر الفاء ـ وقوله : صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته. أي بعد رؤيته مثل دلوك الشمس أي بعده.

تسمية السورة : خص سبحانه وتعالى إحدى سور الكتاب الكريم بسورة سميت باسم الخالق .. وتسمى سورة «فاطر» أيضا سورة «الملائكة» أيضا لأن اللفظتين تضمنتهما الآية الكريمة الأولى من هذه السورة .. قال تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً) صدق الله العظيم. قال ابن عباس ـ رضي الله تعالى عنه ـ : كنت لا أدري ما فاطر السماء حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر فقال أحدهما : أنا فطرتها : أي ابتدأتها. والملائكة : جمع ملك وهو أحد الأرواح السماوية وهو مخفف «ملأك» وجمع «الملك» هو ملائكة وملائك. أما «الملكوت» فهو الملك والسلطان .. وقيل : إن رسل الله تعالى على ضربين ـ أي نوعين ـ ملائكة .. وبشر. وقيل : إن «الملائكة» تتولى تقسيم أمر العباد .. فجبرائيل ـ عليه‌السلام ـ أو جبريل للغلظة .. و «ميكائيل : للرحمة .. و «ملك الموت» : لقبض الأرواح .. وإسرافيل : للنفخ .. وقيل : إن الملائكة تقسم الأمور من الأمطار والأرزاق وغيرها.

٢٥٧

فضل قراءة السورة : قال الرسول الأمين محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من قرأ سورة الملائكة ـ فاطر ـ دعته ثمانية أبواب الجنة أن ادخل من أي باب شئت» وقد وردت كلمة «فاطر» ست مرات في القرآن الكريم وبضمنها سورة «فاطر».

إعراب آياتها

(الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (١)

(الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ) : مبتدأ مرفوع بالضمة. لله : جار ومجرور للتعظيم في محل رفع متعلق بخبر المبتدأ. التقدير : الحمد مختص لله. فاطر : صفة ـ نعت ـ للفظ الجلالة أو بدل منه سبحانه واللفظة اسم فاعل و «فاطر» مضاف.

(السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. والأرض : معطوفة بالواو على «السموات» وتعرب إعرابها بمعنى : مبتدئها أي السموات والأرض.

(جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً) : صفة ثانية للفظ الجلالة مجرور وعلامة جره الكسرة وهو مضاف وهو اسم فاعل أضيف إلى مفعوله «الملائكة» وعند إضافته إلى الملائكة تعدى إلى المفعول به الثاني «رسلا». الملائكة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. رسلا : مفعول به منصوب باسم الفاعل المضاف «جاعل» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة أي رسلا بينه سبحانه وبين أنبيائه.

(أُولِي أَجْنِحَةٍ) : صفة ـ نعت ـ للموصوف «رسلا» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم وهو مضاف. أجنحة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.

(مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) : صفات ـ نعوت ـ لأجنحة أي أولي أجنحة اثنين اثنين وثلاثة ثلاثة وأربعة أربعة وهذه الألفاظ أو الصيغ ممنوعة من الصرف لتكرر العدل فيها لأنها معدولة عن ألفاظ الأعداد كما عدل «عمر» عن «عامر» أي

٢٥٨

من صيغ إلى صيغ أخرى وعن تكرير إلى غير تكرير وأما الوصفية فلا يفترق الحال فيما بين المعدولة والمعدول عنها إذ تقول مررت بنسوة أربع وبرجال ثلاثة وعلامة نصبها الفتحة الظاهرة بدلا من الفتحة المنونة وقدرت الفتحة للتعذر على ألف «مثنى» أو يكون محلهن النصب على الحال بتقدير : معدودات لو كان الموصوف معرفة نحو قوله تعالى : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) والجملة الفعلية بعدها «يزيد في الخلق» في محل نصب حال والأجنحة جمع «جناح».

(يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة. والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. في الخلق : جار ومجرور متعلق بيزيد الله.

(ما يَشاءُ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. يشاء : تعرب إعراب «يزيد» والجملة الفعلية «يشاء» صلة الموصول لا محل لها وحذف العائد إلى الموصول وهو ضمير منصوب المحل لأنه مفعول به أي ما يشاؤه بمعنى ما تقتضيه مشيئته وحكمته من زيادة في خلق الأجنحة وقيل : الأصل : الجناحان لأنهما بمنزلة اليدين.

(إِنَّ اللهَ عَلى كُلِ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن» منصوب للتعظيم بالفتحة. على كل : جار ومجرور متعلق بقدير.

(شَيْءٍ قَدِيرٌ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. قدير : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة.

** (الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ) : هذا القول الكريم هو مستهل الآية الكريمة الأولى وفيه اسم الفاعل «فاطر» أضيف إلى مفعوله «السموات» ولهذا حذف التنوين من آخره ولو كان «فاطر» معرفا بالألف واللام لانتصبت كلمة «السموات» على المفعولية لاسم الفاعل «فاطر» الذي يعمل عمل فعله المتعدي ومثل «فاطر» أيضا اسم الفاعل «جاعل» و «أولي» تكتب بواو ولا تلفظ وقيل : زيدت الواو للتفريق بين الكلمة وبين «إلى» وهي جمع بمعنى : ذوو لا واحد له. وقيل : هي اسم جمع واحده : ذو : بمعنى : صاحب. وقال المصحف المفسر : لعل المراد من أجنحة الملائكة القوى الروحانية التي متعها الله بها وكثيرا ما يشبه المعنوي بالمادي في اللغة العربية .. بل هذا من بلاغات لغتنا العربية.

٢٥٩

** (ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثانية وقد استعير الفتح للإطلاق والإرسال .. يعني أي شيء يطلق الله من نعمة رزق أو مطر أو صحة أو غير ذلك من النعم .. ونكرت «رحمة» لأنها مبهمة بتقدير : من أية رحمة كانت سماوية أو أرضية .. وقيل المعنى : من باب رحمة .. فعلى هذا المعنى يكون المضاف «باب» محذوفا حلت محله «رحمة». وأنث الضمير العائد إلى «ما» وهو «ها» في «لها» لأنه على معنى الرحمة بمعنى فلا مانع لها وذكر الضمير «الهاء» في «له» في قوله «وما يمسك فلا مرسل له» لأن لفظ المرجوع إليه لا تأنيث فيه ولأن الأول أي الضمير المؤنث في «لها» فسر بالرحمة فحسن اتباع التفسير .. ولم يفسر الثاني فترك على أصل التذكير .. ولم يفسر الثاني لدلالة الأول عليه. أما القول «من بعده» فمعناه : من بعد إمساكه وبعد حذف المضاف إليه «إمساك» اختصارا لأن ما قبله دل عليه أوصل المضاف «بعد» إلى المضاف إليه الثاني «الهاء» فصار من بعده بمعنى : وما يمنع عنهم من خير.

** (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثالثة المعنى : وفكروا : هل من خالق غير الله؟ أي لا خالق غير الله .. و «غير» بمعنى «سوى» هنا .. وهي كلمة يوصف بها ويستثنى فإن وصفت بها أتبعتها إعراب ما قبلها وإن استثنيت بها أعربتها بالإعراب الذي يجب للاسم الواقع بعد «إلا» وذلك أن أصل «غير» صفة والاستثناء عارض. ولا تدخل «أل» التعريف على «غير» لأن المقصود من إدخال الألف واللام على النكرة هو تخصيصها بشيء معين ولهذا نقول : الرجل غير المدافع عن وطنه ليس مواطنا صالحا ولا نقول : الرجل الغير مدافع لأن «غيرا» عند إضافتها إلى المعرفة تعامل معاملتها ولهذا توصف المعرفة بلفظة «غير» وقولهم : فلان فعل هذا الأمر غير مرة معناه : فعله أكثر من مرة واحدة.

** (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة وقد أنث الفعل «كذبت» مع نائب الفاعل «رسل» المذكر ـ جمع رسول ـ على اللفظ لا المعنى أو المراد جماعة الرسل .. وقد جاء جزاء الشرط سابقا للشرط لأن المعنى : وإن يكذبوك فتأس بتكذيب الرسل من قبلك فوضع (فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ) موضع «فتأس» استغناء بالسبب عن المسبب : أي بالتكذيب عن التأسي.

** (وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ) : ورد هذا القول الكريم في آخر الآية الكريمة الخامسة .. المعنى : ولا يغرنكم بحلم الله وإمهاله الشيطان الكثير التغرير بكم فحذف المضاف «حلم» اختصارا .. وقرئ الغرور ـ بضم الغين ـ على أنه مصدر : غره ـ يغره ـ من باب «قتل .. أو يكون بتلك القراءة أي بضم الغين .. على معنى أنه جمع «غار» بمعنى «مغرر .. كقعود ـ جمع قاعد ـ.

** (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً) : ورد هذا القول الكريم في مطلع الآية الكريمة الثامنة .. المعنى : أفمن زين له سوء عمله من هذين الفريقين كمن لم يزين له أي أفمن حسن له الشيطان عمله القبيح كمن آمن ولم يزين له الشيطان؟ لا .. إنهما لا يتساويان. وذكر الزمخشري : قال الزجاج : إن المعنى : أفمن زين له سوء عمله ذهبت نفسك عليهم حسرة فحذف الجواب لدلالة «فلا تذهب نفسك عليهم ـ عليه أو أفمن زين له سوء عمله كمن هداه الله فحذف أيضا لدلالة (فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) وحذف مفعول «يشاء» أي يشاء هدايته في (يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) وحذف مفعول «يشاء» الأول في (يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ) المعنى والتقدير : من يشاء إضلاله. المعنى : إن الله تعالى وفق المؤمن حتى ميز بين الحسن والقبيح.

٢٦٠