إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ٨

بهجت عبدالواحد الشيخلي

إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ٨

المؤلف:

بهجت عبدالواحد الشيخلي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٧

** (كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة والأربعين .. المعنى : كأن القاصرات الطرف في نقائهن كبيض النعام مصون من الغبار واللمس .. وبيض : جمع : «بيضة» وفي هذه اللفظة ضربت الأمثال في الكناية .. نحو قولهم : انفلقت بيضة بني فلان عن هذا الرأي .. يقال هذا المثل عن القوم إذا اجتمعوا على رأي واحد.

(فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) (٣٣)

(فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ) : الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. يوم : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. إذ : اسم مبني على السكون الذي حرك بالكسر تخلصا من التقاء الساكنين : سكونه وسكون التنوين في محل جر بالإضافة وقد نونت الكلمة لمزيتها حيث إن الأسماء لا تضاف إلى الحروف. و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب اسم «إن».

(فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) : جار ومجرور متعلق بخبر «إن». مشتركون : خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم. والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(إِنَّا كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ) (٣٤)

(إِنَّا كَذلِكَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير الواحد المطاع مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل نصب صفة ـ نعت ـ للمصدر المحذوف بتقدير : إنا نفعل فعلا مثل ذلك الفعل. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالإضافة اللام للبعد والكاف للخطاب.

(نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : نحن. بالمجرمين : جار ومجرور متعلق بنفعل وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد بمعنى : نفعل مثل ذلك الفعل بكل مجرم.

(إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ) (٣٥)

٤٠١

(إِنَّهُمْ كانُوا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب «إن». كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. والجملة الفعلية «كانوا» مع خبرها في محل رفع خبر «إن» ونائب الفاعل لقيل محذوف تقديره : إذا قيل لهم قولوا ..

(إِذا قِيلَ لَهُمْ) : ظرف لما يستقبل من الزمان مبني على السكون خافض لشرطه متعلق بجوابه متضمن معنى الشرط .. وجوابه محذوف أو يكون خبر «كان» يستكبرون قد سد مسد الجواب. ويجوز أن تكون «إذا» هنا لحكاية الحال فلا يراد بها المستقبل فهي ظرف زمان بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب. قيل : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ونائب الفاعل هو الجملة الاسمية «لا إله إلا الله» في محل رفع على الحكاية لأن موضع «لا» وما عملت فيه رفع بالابتداء. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بقيل والجملة الفعلية «قيل لهم» في محل جر بالإضافة.

(لا إِلهَ إِلَّا اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ) : نافية للجنس تعمل عمل «إن». إله : اسم «لا» مبني على الفتح في محل نصب. إلا : أداة استثناء. الله لفظ الجلالة : بدل من موضع «لا إله» في محل رفع وخبر «لا» محذوف وجوبا أي كائن أو موجود بمعنى لا إله معبود إلا الله. يستكبرون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ) (٣٦)

(وَيَقُولُونَ أَإِنَّا) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على «يستكبرون» وتعرب إعرابها. الهمزة همزة إنكار وتعجيب. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل نصب اسم «إن».

٤٠٢

(لَتارِكُوا آلِهَتِنا) : اللام لام الابتداء ـ المزحلقة ـ تاركو : خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم وأصله : لتاركون حذفت النون تخفيفا وللإضافة فأضيف اسم الفاعلين إلى مفعوله. والجملة المؤولة من «إن» مع اسمها وخبرها في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ آلهة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ) : جار ومجرور متعلق باسم الفاعلين «تاركو» على تأويل فعله. مجنون : صفة ـ نعت ـ للموصوف «شاعر» مجرور مثله وعلامة جرهما ـ الصفة والموصوف ـ الكسرة المنونة. المعنى : لقول شاعر مجنون فحذف المضاف «قول» وحل المضاف إليه «شاعر» محله .. المعنى : أنترك آلهتنا لقول شاعر مجنون؟

(بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ) (٣٧)

(بَلْ جاءَ بِالْحَقِ) : حرف إضراب للاستئناف بمعنى : ليس هو بشاعر ولا مجنون بل هو رسول من رب العالمين. جاء : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. بالحق : جار ومجرور متعلق بجاء أي بالقرآن.

(وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «جاء» وتعرب إعرابها. المرسلين : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته أي وآمن بمن سبقه من المرسلين.

(إِنَّكُمْ لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ) (٣٨)

(إِنَّكُمْ لَذائِقُوا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب اسم «إن» والميم علامة جمع الذكور. اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ ذائقو : خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم وحذفت النون تخفيفا للاضافة ـ الأصل : ذائقون.

٤٠٣

(الْعَذابِ الْأَلِيمِ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. وهو في الأصل مفعول به لاسم الفاعلين «ذائقون» في حالة تثبيت النون وعند حذفها أضيف إلى مفعوله. الأليم : صفة ـ نعت ـ لعذاب مجرور مثله بالكسرة.

(وَما تُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٣٩)

(وَما تُجْزَوْنَ إِلَّا) : الواو عاطفة. ما : نافية لا عمل لها. تجزون : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. إلا : أداة حصر لا عمل لها بمعنى وما تجزون في الآخرة إلا عملكم.

(ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به بمعنى : إلا مثل ما كنتم فحذف المفعول به المضاف «مثل» وحل المضاف إليه «ما» محله. كنتم : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور. تعملون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية (كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : ما كنتم تعملونه بمعنى : مثل ما عملتم جزاء سيئا بعمل سيئ.

(إِلاَّ عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) (٤٠)

(إِلَّا عِبادَ) : أداة استثناء. عباد : مستثنى بإلا استثناء منقطعا بمعنى ولكن وعلامة نصبه الفتحة.

(اللهِ الْمُخْلَصِينَ) : لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة. المخلصين : صفة ـ نعت ـ للعباد منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته واللفظة اسم مفعولين بمعنى : الذين أخلصهم الله لعبادته.

٤٠٤

(أُولئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ) (٤١)

(أُولئِكَ لَهُمْ) : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم والجملة الاسمية «لهم رزق» في محل رفع خبر «أولاء» والكاف للخطاب.

(رِزْقٌ مَعْلُومٌ) : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة. معلوم : صفة ـ نعت ـ لرزق مرفوع مثله بالضمة المنونة.

(فَواكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ) (٤٢)

(فَواكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ) : بدل من «رزق» أي تفسير للرزق المعلوم مرفوع مثله بالضمة ولم ينون آخره لأنه ممنوع من الصرف. الواو حالية والجملة الاسمية بعدها في محل نصب حال. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. مكرمون : خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.

(فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) (٤٣)

(فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من ضمير الغائبين «هم» بتقدير : كائنين في جنات ملؤها النعيم و «جنات» مضاف. النعيم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) (٤٤)

(عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوف بتقدير : جالسين على سرر بمعنى : أسرة ـ جمع سرير ـ متقابلين : حال ثان منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ) (٤٥)

(يُطافُ عَلَيْهِمْ) : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة. عليهم : جار ومجرور في محل رفع نائب فاعل.

٤٠٥

(بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ) : جار ومجرور متعلق بيطاف بمعنى : من خمر لا تسكر. من معين : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من كأس لأن «من» حرف جر بياني أي من شراب معين.

(بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ) (٤٦)

(بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ) : صفتان لكأس مجرورتان مثلها وعلامة جر الأولى الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنها ممنوعة من الصرف للتأنيث والوصف ولانتهائها بالألف الممدودة ومذكرها أبيض وعلامة جر الثانية «لذة» الكسرة المنونة بمعنى : لذيذ أي هي اللذة بعينها أو تكون بمعنى : ذات لذة : مؤنث «لذ» والجار والمجرور «للشاربين» متعلق بلذة ـ بتأويل فعله ـ وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد.

(لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ) (٤٧)

(لا فِيها غَوْلٌ) : الجملة الاسمية في محل جر صفة أخرى لكأس بمعنى ليس فيها غول. لا : نافية مهملة غير عاملة لأنها مفصولة عن اسمها. فيها : جار ومجرور في محل رفع خبر مقدم. غول : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة.

(وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ) : الواو عاطفة. لا : زائدة لتأكيد النفي. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. عنها : جار ومجرور متعلق بينزفون. والجملة الفعلية «ينزفون» في محل رفع خبر «هم» وهي فعل مضارع مبني للمجهول قياسا وللمعلوم سماعا مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ) (٤٨)

(وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ) : الواو حرف عطف. عند : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة في محل رفع متعلق بخبر مقدم وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. قاصرات : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة وأصله : صفة لموصوف

٤٠٦

محذوف تقديره : وعندهم حور أو زوجات فحذف الموصوف المبتدأ المؤخر «حور .. أو زوجات» وأقيمت الصفة «قاصرات» محله وهو مضاف.

(الطَّرْفِ عِينٌ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى : لا يمددن عيونهن لغير بعولتهن أي أزواجهن. عين : صفة ـ نعت ـ للموصوف المحذوف «زوجات» أي صفة ثانية مرفوعة مثلها وعلامة رفعها الضمة المنونة بمعنى : واسعات العيون سوداواتها.

(كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ) (٤٩)

(كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ) : حرف مشبه بالفعل من أخوات «إن» يفيد التشبيه و «هن» ضمير متصل ـ ضمير الاناث ـ الغائبات ـ مبني على الفتح في محل نصب اسم «كأن». بيض : خبر «كأن» مرفوع بالضمة المنونة. مكنون : صفة ـ نعت ـ لبيض مرفوع مثله بالضمة المنونة بمعنى : كأنهن أي القاصرات الطرف في النظافة والنقاء بيض مصون : أي محفوظ.

(فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ) (٥٠)

هذه الآية الكريمة أعربت في الآية الكريمة السابعة والعشرين وهي معطوفة على «يطاف عليهم» في الآية الكريمة الخامسة والأربعين. وجيء بالفعل «أقبل» ماضيا لأن الله سبحانه أخبر بذلك المعنى : يشربون فيتحادثون فيقبل بعضهم على بعض يسأل بعضهم بعضا عما جرى لهم وعليهم في الدنيا.

(قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ) (٥١)

(قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ) : فعل ماض مبني على الفتح. قائل : فاعل مرفوع بالضمة المنونة. من : حرف جر بياني .. من .. البيانية .. و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بمن. والجار والمجرور متعلق بصفة محذوفة من «قائل».

(إِنِّي كانَ) : الجملة المؤولة من «إن» مع اسمها وخبرها في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء

٤٠٧

ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» وحذفت نون الوقاية تخفيفا من «إن» فكسر نون «إن» وأصله : إنني ـ كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح.

(لِي قَرِينٌ) : جار ومجرور في محل نصب متعلق بخبر «كان» المقدم. قرين : اسم «كان» المؤخر مرفوع بالضمة المنونة والجملة الفعلية «كان لي قرين» في محل رفع خبر «إن» بمعنى : كان لي صاحب.

(يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ) (٥٢)

(يَقُولُ أَإِنَّكَ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة الفعلية «يقول» في محل رفع صفة ـ نعت ـ لقرين. الوارد ذكره في الآية الكريمة السابقة. الهمزة همزة إنكار واستهزاء بلفظ استفهام والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب اسم «إن» والجملة المؤولة من «إن» مع اسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ و «إن» حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والجار والمجرور «من المصدقين» في محل رفع خبر «إن» أي يقول القرين الكافر ساخرا أإنك.

(لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ) : اللام لام التوكيد المزحلقة. من المصدقين : جار ومجرور متعلق بخبر «إن» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد بمعنى من المصدقين بيوم القيامة؟

(أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ) (٥٣)

هذه الآية الكريمة تعرب إعراب الآية الكريمة الثانية والثمانين من سورة «المؤمنون» و «لمدينون» : بمعنى : لمجزيون. التقدير : أتصدق بأنا مدينون وحذفت الباء وكسرت همزة «إن» واقترن خبرها باللام وجواب «إذا» محذوف. التقدير : أإذا متنا وصرنا ترابا رجعنا أحياء.

(قالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ) (٥٤)

٤٠٨

(قالَ هَلْ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. هل : حرف استفهام لا محل له.

(أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ) : الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ أنتم : ضمير منفصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. مطلعون : خبر «أنتم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد بمعنى : هل تطلعون معي إلى النار لأريكم ذلك القرين المستهزئ بيوم البعث؟

(فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ) (٥٥)

(فَاطَّلَعَ فَرَآهُ) : الفاء استئنافية. اطلع : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. فرآه : الجملة الفعلية معطوفة بالفاء على جملة «اطلع» وتعرب إعرابها وعلامة بناء الفعل الفتح المقدر على الألف للتعذر والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به بمعنى فاطلع ذلك المؤمن على النار.

(فِي سَواءِ الْجَحِيمِ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من ضمير الغائب في «رآه» التقدير والمعنى : فنظر فأبصره كائنا في وسط الجحيم. الجحيم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى فوجد قرينه الكافر ..

(قالَ تَاللهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ) (٥٦)

(قالَ تَاللهِ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة الفعلية ـ جملة القسم ـ في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ التاء حرف جر للقسم. الله لفظ الجلالة : مقسم به مجرور للتعظيم بتاء القسم بمعنى : والله. والجار والمجرور متعلق بفعل القسم المحذوف. أي أقسم أو أحلف بالله قال ذلك موبخا.

(إِنْ كِدْتَ) : مخففة من «إن» الثقيلة لا عمل لها لدخولها على جملة فعلية. كدت : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل رفع اسم «كاد».

٤٠٩

(لَتُرْدِينِ) : اللام فارقة بين «إن» المخففة من الثقيلة و «إن» النافية. تردين : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. النون نون الوقاية. والياء المحذوفة خطا واختصارا ومراعاة لفواصل الآيات ـ رأس آية ـ ضمير متصل ـ ضمير المتكلم في محل نصب مفعول به. وبقيت الكسرة دالة على الياء المحذوفة. والجملة الفعلية «ترديني» في محل نصب خبر «كاد» الذي هو من أخوات «كان» بمعنى : والله لقد كدت أي قاربت أو أوشكت أن تسقطني أو توقعني في الجحيم فتهلكني.

(وَلَوْ لا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ) (٥٧)

(وَلَوْ لا نِعْمَةُ رَبِّي) : الواو استئنافية. لو لا : حرف شرط غير جازم. نعمة : مبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف وخبر «لو لا» محذوف وجوبا. ربي : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على السكون في محل جر مضاف إليه ثان.

(لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها. اللام واقعة في جواب «لو لا». كنت : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان». من المحضرين : جار ومجرور في محل نصب متعلق بخبر «كان» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : محضرا ـ اسم مفعول ـ من المحضرين بمعنى الذين تحضرهم ملائكة العذاب.

(أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ) (٥٨)

(أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ) : الهمزة همزة استفهام. الفاء عاطفة على معطوف عليه محذوف بمعنى : أنحن مخلدون منعمون فما نحن بميتين ولا معذبين أو غير ميتين. ما : نافية بمنزلة «ليس» عند أهل الحجاز ـ ما .. الحجازية ـ ونافية لا عمل لها عند بني تميم. نحن : ضمير منفصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «ما» أو مبتدأ على اللغتين. الباء

٤١٠

حرف جر زائد. ميتين : خبر «ما» أو خبر «نحن» وهو اسم مجرور لفظا منصوب محلا على اللغة الأولى ومرفوع محلا على اللغة الثانية وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.

(إِلاَّ مَوْتَتَنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) (٥٩)

(إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولى) : أداة استثناء. موتة : مستثنى بإلا استثناء منقطعا منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. الأولى : صفة ـ نعت ـ للموتة منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة المقدرة على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر ويجوز أن تكون «الموتة» مفعولا مطلقا منصوبة على المصدر والعامل فيها اسم الفاعلين «ميتين» بتأويل فعله. وفي هذا الوجه من الإعراب تكون «إلا» أداة حصر لا عمل لها.

(وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) : معطوف بالواو على «ما نحن بميتين» في الآية الكريمة السابقة ويعرب إعرابه.

(إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (٦٠)

(إِنَّ هذا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» أي إن هذا الأمر الذي نحن فيه. وقيل : يجوز أن يكون من قول الله سبحانه تقريرا لقولهم وتصديقا له.

(لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر «إن» اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. الفوز : خبر «هو» مرفوع بالضمة. العظيم : صفة ـ نعت ـ للفوز مرفوع مثله بالضمة.

(لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ) (٦١)

(لِمِثْلِ هذا) : جار ومجرور متعلق بيعمل. هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالإضافة أي لمثل هذا الهدف.

٤١١

(فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ) : الفاء استئنافية. اللام لام الأمر. يعمل : فعل مضارع مجزوم بلام الأمر وعلامة جزمه سكون آخره الذي حرك بالكسر لالتقاء الساكنين. العاملون : فاعل مرفوع بالضمة لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.

(أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ) (٦٢)

(أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً) : الهمزة همزة استفهام. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف للخطاب. خير : خبر «ذلك» مرفوع بالضمة المنونة بعد حذف الألف ـ أصله : أخير طلبا للفصاحة. نزلا : تمييز منصوب بالفتحة المنونة ويجوز أن يكون «نزلا» منصوبا على الحال بمعنى : في كونه نزلا.

(أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ) : حرف عطف. شجرة : معطوفة على «ذلك» مرفوعة مثله على الابتداء وخبرها محذوف تقديره : خير. الزقوم : مضاف إليه مجرور بالكسرة.

** (أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية والستين .. المعنى : أذلك الرزق خير حاصلا .. لأن أصل «النزل» الفضل والريع في الطعام وما يقدم للضيف فاستعير للحاصل من الشيء وحاصل الرزق المعلوم اللذة والسرور وحاصل شجرة الزقوم الألم أو أذلك المذكور لأهل الجنة خير وكرامة وتقدمة من الله لعبده يوم القيامة أفضل أم الشجرة المعدة لأهل النار ذات الثمر المر الكريه الرائحة الذي هو مقر ضيافتهم! وهي شجرة أو اسم شجرة في تهامة صغيرة الورق مرة المذاق. والمراد بهذه العبارة استعارة عن البلع بصعوبة لمرارة الشجرة الشديدة .. وقد حذف المشار إليه بعد ذلك وهو «الرزق» اختصارا لأن ما قبله دال عليه وموقعه أي موقع المشار إليه هو الرفع لأنه بدل من اسم الإشارة.

** (طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة والستين .. المعنى : حملها لأن الطلع للنخلة يشبه رءوس الشياطين. والطلع للنخلة فاستعير لما طلع من شجرة الزقوم من حملها أما استعارة لفظية أو معنوية.

** (ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة والستين المعنى : ثم إن لهم على هذه الشجرة لشرابا مخلوطا أي خراجه أي مخلوطا بماء حار. والشوب : مصدر الفعل «شاب» يشوب ـ شوبا .. نحو : شاب الشراب أو غيره : أي خلطه .. والفعل من باب «قال» و «الشائبة» جمعها : شوائب : وهي الأقذار والأدناس. وقال الفيومي : والعرب تسمي العسل شوبا لأنه عندهم مزاج للأشربة وقولهم : ليس فيه شائبة يجوز أن يكون مأخوذا من هذا ومعناه ليس فيه شيء مختلط به وإن قل كما قيل ليس له

٤١٢

فيه علقة ولا شبهة وأن تكون فاعلة بمعنى مفعولة .. مثل عيشة راضية هكذا استعمله الفقهاء ولم أجد فيه نصا نعم قال الجوهري : الشائبة : واحدة الشوائب وهي الأدناس والأقذار. وخلط اللبن بالماء معناه : شوب اللبن بالماء فهو مشوب.

** (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ) : هذا القول هو نص الآية الكريمة الثانية والسبعين .. المعنى : ينذرونهم العذاب إذا ظلوا كافرين لأن «منذرين» جمع «منذر» وهو اسم فاعل يعمل عمله فعله المتعدي إلى المفعول.

** (وَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة والسبعين .. المعنى : ونجينا نوحا ونجينا معه أهله المؤمنين من الغم الشديد أي من الغرق وكان عددهم ثمانين شخصا فحذف الموصوف «المؤمنين» وبقيت الصفة «أهله» يقال : كربه الغم ـ يكربه ـ كربا .. من باب «نصر» بمعنى : اشتد عليه. و «الكربة» بضم الكاف هي الغم الذي يأخذ بالنفس ومثله : الكرب بفتح الكاف وسكون الراء.

** (ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية والثمانين .. المعنى : ثم أغرقنا كفار قومه الآخرين فحذف مفعول «أغرق» وهو الكفار وحلت صفة الموصوف المحذوف محله.

** (فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة والثمانين .. والقول الكريم جاء على لسان إبراهيم لقومه : فما ظنكم بمن هو جدير بالعبادة حتى تركتم عبادته أو حتى أشركتم به سبحانه. وقيل لرجل : ما ظنك بجارك؟ قال : ظني بنفسي .. أي إن الرجل يظن بالناس ما يعلم من نفسه إن خيرا فخير وإن شرا فشر .. وقال أبو الفتح محمد بن التعاويذي للوزير عضد الدين :

قضيت شطرا لعمر في مدحكم

ظنا بكم أنكم أهله

وعدت أفنيه هجاء لكم

فضاع فيكم عمري كله

** (فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التسعين .. في هذا القول الكريم كناية عن الهرب بمعنى : فخافوا منه لأن قوله «إني سقيم» في الآية الكريمة السابقة يجوز أن يكون بمعنى : إني مريض بالطاعون فخافوا منه وهربوا لأنهم كانوا كثيرا ما يصابون بالطاعون قال ذلك موهما إياهم حتى ينفرد بآلهتهم وحتى لا يخرج معهم في عيدهم فانصرفوا عنه وذهبوا إلى عيدهم.

** (ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية والتسعين .. المعنى : بعد أن تركوه دخل خلسة على آلهتهم وكان أمامهم طعام وقال لهم مستهزئا : ألا تأكلون؟ ولما لم يجيبوه ـ لأنهم جمادات ـ قال إبراهيم ـ عليه‌السلام ـ ما لكم لا تنطقون وتجيبونني؟ وفي الآية الكريمة التالية قال تعالى : (فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ) أي فمال عليهم أو إليهم فضربهم ضربا لأن «راغ عليهم» معناه : ضربهم أو فراغ عليهم يضربهم ضربا بمعنى : ضاربا .. وإنما قيد الضرب باليمين ـ أي بيده اليمنى ـ دلالة على شدة الضرب وقوته لأن اليد اليمنى أقوى الجارحتين وأشدهما قوة ومتانة .. وقيل : قوله باليمين : معناه : بسبب اليمين التي كان قد حلفها بقوله : تالله لأكيدن أصنامكم.

٤١٣

** (فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة والتسعين .. المعنى : أقبلوا إليه مسرعين أو يزف بعضهم بعضا .. يقال : زف القوم ـ يزفون زفا في مشيهم : بمعنى : أسرعوا. وهو من باب «ضرب» والاسم منه : الزفيف .. أما زف العروس ـ يزفها ـ زفا إلى زوجها فهو من باب «رد» والمصدر «زفا» بفتح الزاي. والزفاف ـ بكسر الزاي ـ وهو الطواف بالعروس اظهارا للزينة وللسرور وهو إهداء العروس إلى زوجها. ولقد التبس الأمر على بعضهم في معرفة مصدر الفعل «زف» فيقولون : الليلة تتم زفة العروس .. وهذا الاسم أو المصدر لفظة عامية .. ويقال : زفت فلانة إلى فلان .. ولا يصح أن يقال العكس. أي زف فلان إلى فلانة. والعروس .. والعريس في معنى واحد .. والعرس «بضم العين هو الزفاف» بكسر الزاي .. ولا يقال العرس .. بكسر العين لأن معناه : المرأة نحو قولهم : هذه عرس الرجل : أي امرأته وجمعها : أعراس. ويقال : أقيم عرس كبير ـ بضم العين ـ وأقيمت عرس كبيرة لأن هذه اللفظة تذكر وتؤنث .. وهو أيضا طعام الزفاف وهو هنا مذكر لأنه اسم للطعام. وقيل : يقال للمرأة : عروسة أيضا دفعا للالتباس. ومن أخطائهم الشائعة المعروفة تسمية «العريس» للجنسين : العريس والعريسة ـ بتشديد الراء ـ لأن هاتين اللفظتين تعنيان : مأوى الأسد .. ويعنيان أيضا اسم فاعل لعرس للمبالغة بمعنى نزل المسافر للراحة ثم يرتحل.

(إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ) (٦٣)

(إِنَّا جَعَلْناها) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير الواحد المطاع مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» والجملة الفعلية «جعلنا» وما بعدها في محل رفع خبر «إن» وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل و «ها» ضمير متصل في محل نصب مفعول به.

(فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ) : مفعول به ثان منصوب بجعل وعلامة نصبه الفتحة المنونة. للظالمين : جار ومجرور متعلق بالمصدر «فتنة» بتأويل فعله أو بالفعل «جعل» ويجوز أن يكون متعلقا بصفة محذوفة من «فتنة» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ) (٦٤)

(إِنَّها شَجَرَةٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم «إن». شجرة : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة والجملة الفعلية بعدها «تخرج ..» في محل رفع صفة ـ نعت ـ لشجرة.

٤١٤

(تَخْرُجُ فِي أَصْلِ : الْجَحِيمِ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي. ويجوز أن تكون الجملة الفعلية «تخرج ..» في محل رفع خبرا ثانيا لإن. في أصل : جار ومجرور متعلق بتخرج. الجحيم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى تنبت في قاع النار.

(طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ) (٦٥)

(طَلْعُها كَأَنَّهُ) : مبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة. كأنه : حرف مشبه بالفعل من أخوات «إن» يفيد التشبيه والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «كأن». والجملة المؤولة من «كأنه رءوس ..» في محل رفع خبر المبتدأ.

(رُؤُسُ الشَّياطِينِ) : خبر «كأن» مرفوع بالضمة. الشياطين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْها فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ) (٦٦)

(فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْها) : الفاء سببية لأن أكلهم منها بسبب الجوع الشديد. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ آكلون : خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. منها : جار ومجرور متعلق بآكلون ـ بتأويل فعله ـ أي من الشجرة أي من طلعها و «من» للتبعيض. وحذف مفعول اسم الفاعلين «آكلون» لأن فعله متعد .. حذف المفعول لأن «من» التبعيضية دالة عليه.

(فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ) : معطوف بالفاء على «آكلون منها» ويعرب إعرابه. البطون : مفعول به لاسم الفاعلين «مالئون» منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى يملئون بطونهم منها لما يغلبهم من الجوع الشديد أو يقسرون على أكلها وإن كرهوا طعمها ليعذبوا والجار والمجرور متعلق باسم الفاعلين «مالئون».

(ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ) (٦٧)

٤١٥

(ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ) : حرف عطف للتراخي .. أي للدلالة على تراخي حال الشراب عن حال الطعام. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر «إن» المقدم.

(عَلَيْها لَشَوْباً) : جار ومجرور متعلق بحال مقدمة من «شوبا» أي على هذا الأكل من تلك الشجرة. اللام لام التوكيد ـ المزحلقة. شوبا : اسم «إن» المؤخر منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى لشرابا مخلوطا.

(مِنْ حَمِيمٍ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «شوبا» و «من» حرف جر بياني بمعنى من ماء حار يشوي الوجوه ويقطع المعي.

(ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ) (٦٨)

(ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ) : حرف عطف للتراخي. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. مرجع : اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «هم» ضمير الغائبين المتصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(لَإِلَى الْجَحِيمِ) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ إلى الجحيم : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر «إن» أي جهنم وجحمة النار : تأججها.

(إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آباءَهُمْ ضالِّينَ) (٦٩)

(إِنَّهُمْ أَلْفَوْا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب اسم «إن». ألفوا : الجملة الفعلية وما بعدها في محل رفع خبر «إن» وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين واتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة.

(آباءَهُمْ ضالِّينَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «هم» ضمير الغائبين المتصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة. ضالين : مفعول به ثان منصوب بألفى المتعدي إلى مفعولين بمعنى وجدوا

٤١٦

وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته «ضال» وهو اسم فاعل.

(فَهُمْ عَلى آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ) (٧٠)

(فَهُمْ عَلى آثارِهِمْ) : الفاء سببية. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. على آثار : جار ومجرور متعلق بفعل «يهرعون» و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(يُهْرَعُونَ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ بمعنى فهم يترسمون خطى آبائهم وهي فعل مضارع مبني للمجهول قياسا وللمعلوم سماعا مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى يسرعون.

(وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ) (٧١)

(وَلَقَدْ ضَلَ) : الواو استئنافية. اللام لام الابتداء والتوكيد. قد : حرف تحقيق. ضل : فعل ماض مبني على الفتح.

(قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ) : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بضل وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. أكثر : فاعل مرفوع بالضمة. الأولين : مضاف إليه مجرور بالياء لأنه جمع مذكر سالم.

(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ) (٧٢)

(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا) : أعرب. أرسل : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع في محل رفع فاعل.

(فِيهِمْ مُنْذِرِينَ) : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بفي والجار والمجرور متعلق بأرسل. منذرين : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

٤١٧

(فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ) (٧٣)

هذه الآية الكريمة أعربت في الآية الكريمة الثالثة والسبعين من سورة «يونس» وفي سور أخرى. المعنى : كيف كان مصير أو مآل الكافرين المنذرين أهلكناهم جميعا فحذف الموصوف «الكافرين».

(إِلاَّ عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) (٧٤)

هذه الآية الكريمة أعربت في الآية الكريمة الأربعين بمعنى : أهلكناهم جميعا إلا عباد الله الذين أخلصهم لعبادته وطاعته والاستثناء هنا من ضمير الغائبين في «أهلكناهم».

(وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ) (٧٥)

(وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ) : أعرب. نادى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع سبحانه ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم. نوح : فاعل مرفوع بالضمة المنونة بمعنى دعانا لما يئس من عناد قومه واستغاث بنا فأجبنا دعاءه وأهلكنا قومه بالطوفان.

(فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ) : الفاء استئنافية. اللام واقعة في جواب قسم محذوف. نعم : فعل ماض مبني على الفتح لانشاء المدح. المجيبون : فاعل مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته والمخصوص بالمدح محذوف تقديره : نحن أي فو الله لنعم المجيبون نحن. والجملة جواب القسم المحذوف لا محل لها.

(وَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) (٧٦)

(وَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ) : الواو سببية بمعنى فأجبنا دعاءه ونجيناه. نجى : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به. وأهله : معطوف بالواو على ضمير الغائب ـ الهاء ـ في «نجيناه» منصوب

٤١٨

وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة أي ونجينا أهله.

(مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) : جار ومجرور متعلق بنجى. العظيم : صفة ـ نعت ـ للكرب مجرور مثله وعلامة جره الكسرة أي من الغرق.

(وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ) (٧٧)

(وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ) : الواو عاطفة. جعل : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل. ذريته : مفعول به منصوب بالفتحة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة.

(هُمُ الْباقِينَ) : ضمير فصل أو عماد لا محل له من الإعراب وحرك آخره بالضمة للوصل ـ التقاء الساكنين. الباقين : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ) (٧٨)

(وَتَرَكْنا عَلَيْهِ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «جعلنا» وتعرب إعرابها. عليه : جار ومجرور متعلق بترك ومفعول «تركنا» محذوف تقديره : ثناء. أو تكون الآية التالية في محل نصب على الحكاية مفعول ترك أو يكون المفعول به المحذوف قولهم : سلام على نوح فتكون الآية الكريمة «سلام على نوح» منصوبة على الحكاية أي مقولا للقول ـ أي المصدر «قولهم».

(فِي الْآخِرِينَ) : جار ومجرور متعلق بالمفعول به المحذوف «ثناء» أو بالفعل «ترك» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى في الآخرة أو في الأمم المتأخرة.

(سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ) (٧٩)

(سَلامٌ عَلى نُوحٍ) : مبتدأ مرفوع بالضمة المنونة وجاز الابتداء بالنكرة لأنه موصوف على المعنى وحذفت صفته بمعنى : سلام من الله. على نوح : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر المبتدأ بمعنى : سلام من الله على نوح.

٤١٩

(فِي الْعالَمِينَ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «نوح» بمعنى : داعين له في العالمين ومسلمين عليه وعلامة جر الاسم الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى :

داعين له في العالمين .. فعلق الجار والمجرور باسم الفاعل «داعين» لفظ التفخيم له سبحانه.

(إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) (٨٠)

هذه الآية الكريمة تعرب إعراب الآية الكريمة الرابعة والثلاثين وعلامة رفع الفعل المضارع «نجزي» الضمة المقدرة على الياء للثقل. المحسنين : مفعول به منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. مع الفارق في المعنى بين الآيتين بمعنى مثل ذلك الجزاء الحسن الذي جازيناه نجزيهم.

(إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ) (٨١)

(إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل يفيد هنا التعليل والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب اسم «إن». من عباد : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر «إن». المؤمنين : صفة ـ نعت ـ للعباد مجرور مثله وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. و «نا» ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ) (٨٢)

(ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ) : حرف عطف للتراخي. أغرق : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. الآخرين : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى ثم أغرقنا كفار قومه الآخرين.

(وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ) (٨٣)

٤٢٠