إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ٨

بهجت عبدالواحد الشيخلي

إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ٨

المؤلف:

بهجت عبدالواحد الشيخلي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٧

الرجل ـ بكسر الهاء ـ يذهب : أي وجد الذهب وانتابته الدهشة وكأنه زال عقله لأننا نقول : ذهب به : أي أزاله من مكانه. وذهب الرجل ـ بفتح الهاء ـ في الأرض أو في سبيله : أي مضى وسار. ومصدره : ذهاب ـ بفتح الذال ـ ولا يلفظ بكسر الذال لأن «الذهاب» : جمع «ذهبة» ـ بفتح الذال والهاء ـ وهي قطعة من الذهب وتعني أيضا : التبر وهو بدوره : «تبرة» : وهو تراب معدن الذهب أو كل ما له علاقة بالذهب قبل ضربه وصوغه .. وقولهم : أذهب الشيء : معناه : موهه بالذهب .. وموه الشيء بماء الذهب أو الفضة : بمعنى : طلاه .. ومن معاني «موه» محو : موه عليه الخبر أو الأمر : أي زوره عليه وبلغه خلاف ما هو : أي عكس حقيقة الأمر. والفعل «ذهب» فعل لازم ويعدى بالهمزة نحو قوله تعالى في سورة «البقرة» : (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ) بمعنى : أعمالهم وتعدى الفعل «ذهب» هنا بواسطة الباء وقامت الباء مقام الهمزة فمعناه أذهب الله نورهم .. ولأنه لا يجمع بين الهمزة والباء وهذه الباء تسمى : باء المعاقبة للهمزة في تصيير الفاعل مفعولا فهي والهمزة متعاقبتان فلا تجتمعان. نحو : ذهبت بزيد : أي أذهبته فلا تقول أذهب بزيد. ومن أمثال العرب الشهيرة : اذهب إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم .. وهو اسم ناقة ألقت رحلها في النار فسارت مثلا «ورحلها» ما كان موضوعا على ظهرها ومنه القول كناية : حط رحله وألقى رحله : بمعنى : أقام .. وعاد إلى رحله : أي رجع إلى منزله ومأواه. ويقال : فض اللؤلؤة : أي خرقها. وفي الحديث : «لا يفضض الله فاك» أي فمك .. وهو قول في الدعاء ومثله : لا فض فوك : أي فمك ـ بمعنى : لا نثرت أسنانك ولا فرقت .. يقال هذا القول استحسانا لمن أجاد في القول والكلام وعلى الضد من هذا الدعاء قولهم : فض الله جمعهم : أي فرقهم .. وفض الله فاه.

** (الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة والثلاثين .. المعنى هو الذي أنزلنا الجنة دار الإقامة الأبدية ..

** سبب نزولها : نزلت الآية الكريمة حينما سئل النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ عن النوم في الجنة والراحة فقال : «ليس فيها لغوب كل أمرهم راحة» واللغوب ـ بضم اللام والغين ـ هو التعب والإعياء يقال لغب ـ يلغب ـ لغوبا .. من باب دخل.

** (وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها) : هذا القول الكريم هو بداية الآية الكريمة السابعة والثلاثين .. المعنى : وهم يتصارخون في جهنم مستغيثين .. أي يفتعلون .. من الصراخ استعمل في الاستغاثة لجهر المستغيث صوته أو يستغيثون يقال : صرخ ـ يصرخ ـ صرخا وصراخا .. من باب «قتل» فهو صارخ ـ اسم فاعل وصريخ : إذا صاح .. وصرخ فهو صارخ أيضا : إذا استغاث ويقال : استصرخته فأصرخني : أي استغثت به فأغاثني فهو صريخ : أي مغيث ـ فعيل بمعنى فاعل ـ ومصرخ على القياس .. وقال الجوهري : اصطرخ مثل صرخ والتصرخ هو تكلف الصراخ ويقال : التصرخ بالعطاس حمق والصريخ أيضا الصارخ وهو أيضا المغيث والمستغيث وهو من الأضداد.

** (إِنَّ اللهَ عالِمُ غَيْبِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة والثلاثين .. أي إنه سبحانه يعلم بما يجيش في الصدور ويخطر في القلوب أي بمضمرات الصدور وهو أخفى ما يكون فمن علم بذلك فهو حري بأن يعلم كل غيب في الكون والعالم. وقد ورد هذا القول الكريم كثيرا في آيات الله البينات. وإذا كان

٣٠١

الفعل «علم» بمعنى «اليقين» تعدى إلى مفعولين وإذا كان بمعنى المعرفة تعدى إلى مفعول واحد وقد يضمن معنى «شعر» فتدخل الباء .. فيقال : علمته وعلمت به وأعلمته الخبر وأعلمته به وقالت العرب في أمثالها : العلم في الصدور لا في السطور وجاء اسم الفاعل «عالم» غير منون لأنه أضيف إلى مفعوله فلو كان منونا لانتصبت كلمة «غيب» على المفعولية أي مفعولا به لاسم الفاعل. وبما أن اسم الفاعل غير منون فهو يعني أن العلم يكون للماضي والمستقبل والحال .. ومثله : هذا الرجل حاج بيت الله بإضافة «حاج» إلى البيت أي عدم تنوينها أي تنوين اسم الفاعل «حاج» معناه : أنه قد حج لأنه فعل ماض أما القول : حاج بيت الله .. أي بتنوين «حاج» ونصب البيت مفعولا به لاسم الفاعل فمعناه لم يحج بعد لأن الفعل يدل على المستقبل ومن أدب المجالس يحكى أن الكسائي ـ وهو أبو الحسن علي بن حمزة ـ وأحد النحاة الكوفيين عهد إليه هارون الرشيد بتأديب ولديه : الأمين والمأمون ضمه مجلس في حضرة هارون الرشيد مع الفقيه القاضي أبي يوسف ـ وهو يعقوب بن إبراهيم الكوفي ـ وكان يدعى قاضي القضاة وتولى القضاء في بغداد في عهد الخلفاء : المهدي .. الهادي .. والرشيد. فسأل الكسائي أبا يوسف ما تقوله في رجل قال لرجل : أنا قاتل غلامك ـ بتنوين ـ قاتل ـ وقال آخر : أنا قاتل غلامك ـ بإضافة قاتل إلى الغلام ـ أيهما كنت تأخذ به؟ قال : آخذ بهما جميعا. فقال هارون : أخطأت ـ وكان له علم بالعربية ـ فاستحيى أبو يوسف وقال : كيف ذلك؟ فقال هارون : الذي يؤخذ بقتل الغلام هو الذي قال : أنا قاتل غلامك ـ بالإضافة ـ لأنه فعل ماض. فأما الذي قال : أنا قاتل غلامك ـ من غير إضافة ـ فإنه لا يؤخذ لأنه مستقبل لم يكن بعد.

** (هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة التاسعة والثلاثين .. التقدير : فعليه جزاء كفره فحذف المضاف المبتدأ المؤخر «جزاء» وأقيم المضاف إليه «كفره» مقامه وارتفع ارتفاعه أو بمعنى فعليه وبال أو ضرر كفره. وقوله «هو الذي» معناه : هو الله تعالى الذي جعلكم خلفاء في الأرض .. يقال : خلفت فلانا على أهله وماله خلافة .. من باب «كتب» بمعنى : صرت خليفته .. واستخلفته : أي جعلته خليفة .. قال الفيومي : فخليفة يكون بمعنى فاعل وبمعنى مفعول .. وأما الخليفة بمعنى : السلطان الأعظم فيجوز أن يكون فاعلا لأنه خلف من قبله أي جاء بعده ويجوز أن يكون مفعولا لأن الله تعالى جعله خليفة أو لأنه جاء بعد غيره كما في الآية الكريمة المذكورة آنفا. قال بعضهم : ولا يقال : خليفة الله بالإضافة إلا لآدم وداود لورود النص بذلك وقيل : يجوز وهو القياس لأنه تعالى جعله خليفة كما جعله سلطانا وقد سمع : سلطان الله وجنود الله وحزب الله وخيل الله والإضافة تكون بأدنى ملابسة وعدم السماع لا يقتضي عدم الاطراد مع وجود القياس ولأنه نكرة تدخله الألف واللام للتعريف فيدخله ما يعاقبها وهو الإضافة كسائر أسماء الأجناس. والخليفة : أصله : خليف بغير هاء لأنه ـ فعيل بمعنى فاعل ـ والهاء للمبالغة مثل «علامة» ويكون وصفا للرجل خاصة ومنهم من يجمعه باعتبار الأصل فيقول الخلفاء مثل شريف وشرفاء وهذا الجمع مذكر فيقال ثلاثة خلفاء ومنهم من يجمع باعتبار اللفظ فيقول الخلائف ويجوز تذكير العدد وتأنيثه في هذا الجمع فيقال : ثلاثة خلائف وثلاث خلائف وهما لغتان فصيحتان وقال الجوهري : والخليفة : السلطان الأعظم وقد يؤنث وجمعه : خلائف مثل كريمة ـ كرائم وقالوا أيضا : خلفاء من

٣٠٢

أجل أنه لا يقع إلا على مذكر وفيه الهاء فجمعوه على إسقاط الهاء كظريف وظرفاء لأنه فعيلة لا يجمع على فعلاء. وأنشد الفراء :

أبوك خليفة ولدته أخرى

وأنت خليفة ذاك الكمال

«والخليفي» بكسر الخاء واللام وتشديد اللام : الخلافة. وقال عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ : «لو أطيق الأذان مع الخليفي لأذنت».

** (إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً) : هذا القول الكريم هو نهاية الآية الكريمة الحادية والأربعين و «حليم» من صيغ المبالغة ـ فعيل بمعنى فاعل ـ يقال : حلم ـ بضم اللام حلما ـ بكسر الحاء : بمعنى : صفح وستر فهو حليم وحلمته .. ـ بتشديد اللام ـ أي نسبته إلى الحلم وباسم الفاعل سمي الرجل ومنه محلم بن جثامة وهو الذي قتل رجلا بذحل الجاهلية ـ أي بثأرها وحقدها ـ بعد ما قال لا إله إلا الله فقال عليه‌السلام : اللهم لا ترحم محلما فلما مات ودفن لفظته الأرض ثلاث مرات. يحكى أن المهلب بن أبي صفرة تعرض لشتم أحدهم فسكت عنه. فقيل له : حلمت عنه؟ قال : لم أعرف مساوئه وكرهت أن أبهته ـ أي افتري عليه ـ بما ليس فيه. وفي إحدى خطب الإمام علي ـ رضي الله عنه ـ وصف حال قوم وقال : إنهم لا تلتقي الشفتان بذمهم استصغارا لشأنهم. ويروى أن أحد سفهاء قريش تهدد يوما أبا بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ وقال له : لأسبنك سبا يدخل معك قبرك! فرد عليه الخليفة : معك والله يدخل لا معي.

** (فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ ما زادَهُمْ إِلَّا نُفُوراً) : ورد في الآية الثانية والأربعين. و «النذير» أي المنذر والمراد به الرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ والجملة إسناد مجازي لأنه هو السبب في أن زادوا أنفسهم نفورا عن الحق وابتعادا عنه يقال : نفر ـ ينفر ـ نفورا .. من باب «قعد» لغة وقرئ بمصدرها في قوله تعالى في الآية الكريمة المذكورة آنفا .. ونفر ـ ينفر ـ نفرا .. من باب «ضرب» في اللغة العالية وبها قرأ السبعة أي أعرضوا وصدوا و «النفير» مثل «النفور» والاسم : النفر ـ بفتح النون والفاء ـ وهو من الثلاثة إلى التسعة. وقيل : النفر : جماعة الرجال من ثلاثة إلى عشرة وقيل : إلى سبعة. ولا يقال : نفر .. فيما زاد على العشرة .. وكذا «النفير» والنفير : تطلق على القوم المسرعين إلى الحرب أو غيرها وقد سموا بالمصدر.

** سبب نزول الآية : نزلت بعد أن كانت قريش تقول : لو أن الله بعث نبيا منا ما كانت أمة من الأمم أطمع لخالقها ولا أسمع لنبيها ولا أشد تمسكا بكتابها منا. فأنزل الله تعالى هذه الآية الكريمة.

(وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ) (٣٧)

(وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها) : الواو حالية والجملة الاسمية بعدها في محل نصب حال من ضمير الغائبين «هم» في قوله «لهم نار جهنم» في الآية الكريمة السابقة. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في

٣٠٣

محل رفع مبتدأ. يصطرخون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «هم» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. فيها : جار ومجرور متعلق بيصطرخون بمعنى وهم يستغيثون.

(رَبَّنا أَخْرِجْنا) : منادى مضاف منصوب وعلامة نصبه الفتحة وحذفت أداة النداء أصله : يا ربنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة بمعنى ويدعون ربهم قائلين. أخرجنا : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وهي فعل دعاء وتضرع وتوسل بصيغة طلب مبني على السكون لاتصاله بضمير المتكلمين و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. وحذف الجار والمجرور صلة الفعل لأنه معلوم أي أخرجنا من نار جهنم.

(نَعْمَلْ صالِحاً) : فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر في وجوبا تقديره : نحن. صالحا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى عملا صالحا فحذف الموصوف وحلت الصفة محله.

(غَيْرَ الَّذِي) : صفة ـ نعت ـ للموصوف «صالحا» أو بدل منه ويجوز أن يكون صفة ثانية للموصوف المحذوف «عملا» منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(كُنَّا نَعْمَلُ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير المتكلمين و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع اسم «كان». نعمل : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر في وجوبا تقديره : نحن. والجملة الفعلية «نعمل» في محل نصب خبر «كان» والعائد إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : كنا نعمله.

٣٠٤

(أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ) : الجملة الفعلية الاستفهامية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ بمعنى فيقول لهم أو فنقول لهم : ألم نمد في عمركم. الهمزة همزة توبيخ من الله سبحانه لهم بلفظ استفهام. الواو عاطفة على محذوف و «لم» حرف نفي وجزم وقلب. نعمركم : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور.

(ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ) : اسم موصول مبني على السكون بمعنى «الذي» في محل جر بحرف جر محذوف. بتقدير : ألم نمد في عمركم إلى الذي يتذكر فيه القابل للتذكر أي إلى القدر الذي يتذكر فيه. يتذكر : فعل مضارع مرفوع بالضمة والجار والمجرور «فيه» متعلق بيتذكر. من : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل.

(يَتَذَكَّرُ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.

(وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ) : الواو عاطفة. وما بعدها : معطوف على معنى : أولم نعمركم لأن اللفظ لفظ استخبار ومعناه معنى إخبار بتقدير : قد عمرناكم وجاءكم النذير. جاءكم : فعل ماض مبني على الفتح الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم والميم علامة جمع حرك بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ النذير : فاعل مرفوع بالضمة وهو من صيغ المبالغة ـ فعيل بمعنى فاعل ـ أي المنذر ينذركم من العاقبة.

(فَذُوقُوا) : الفاء سببية. ذوقوا : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. وحذف مفعوله لعلم السامع .. أي فذوقوا العذاب الذي تستحقون : أي عذاب النار.

٣٠٥

(فَما لِلظَّالِمِينَ) : الفاء استئنافية للتعليل. ما : نافية لا عمل لها. للظالمين : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم في محل رفع وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد.

(مِنْ نَصِيرٍ) : حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. نصير : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه مبتدأ مؤخر أي نصير ينقذهم.

(إِنَّ اللهَ عالِمُ غَيْبِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) (٣٨)

(إِنَّ اللهَ عالِمُ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن» منصوب للتعظيم بالفتحة. عالم : خبر «إن» مرفوع بالضمة.

(غَيْبِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. السموات : مضاف إليه ثان مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. والأرض : معطوفة بالواو على «السموات» وتعرب إعرابها.

(إِنَّهُ عَلِيمٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل يفيد هنا التعليل والهاء ضمير متصل في محل نصب اسم «إن». عليم : خبرها مرفوع بالضمة المنونة.

(بِذاتِ الصُّدُورِ) : جار ومجرور متعلق بعليم. الصدور : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلاَّ مَقْتاً وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلاَّ خَساراً) (٣٩)

(هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ) : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر «هو». جعلكم : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به أول والميم علامة جمع الذكور.

(خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ) : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة ولم ينون آخره لأنه ممنوع الصرف لأنه جمع ثالث أحرفه ألف بعده حرفان مفرده :

٣٠٦

خليفة. في الأرض : جار ومجرور متعلق بالفعل «جعل» أو يكون الجار والمجرور في محل نصب لأنه في مقام المفعول به الثاني للفعل جعل أو يكون متعلقا بصفة محذوفة من «خلائف».

(فَمَنْ كَفَرَ) : الفاء استئنافية. من : اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ وجملتا فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر «من». كفر : فعل ماض مبني على الفتح فعل الشرط في محل جزم بمن والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.

(فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ) : الجملة الاسمية جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم. الفاء رابطة لجواب الشرط. عليه : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم. كفره : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف إليه.

(وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ) : الواو استئنافية. لا : نافية لا عمل لها. يزيد : فعل مضارع مرفوع بالضمة. الكافرين : مفعول به أول منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ) : فاعل «يزيد» مرفوع بالضمة «وهم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. عند : ظرف مكان متعلق بيزيد منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. رب : مضاف إليه مجرور بالاضافة وعلامة الجر الكسرة وهو مضاف. و «هم» ضمير الغائبين المتصل في محل جر مضاف إليه ثان.

(إِلَّا مَقْتاً) : أداة حصر لا عمل لها. مقتا : مفعول به ثان منصوب بيزيد وعلامة نصبه الفتحة المنونة أي بغضا شديدا.

(وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَساراً) : معطوف بالواو على ما قبله ويعرب إعرابه بمعنى إلا خسارة للآخرة.

(قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً فَهُمْ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً إِلاَّ غُرُوراً) (٤٠)

٣٠٧

(قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكاءَكُمُ) : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت وحذفت واوه .. ـ أصله : قول ـ تخفيفا ولالتقاء الساكنين والجملة الفعلية بعده في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ الهمزة همزة تعجب بلفظ استفهام. رأيتم : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور بمعنى : أخبروني. شركاءكم : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة الجمع.

(الَّذِينَ تَدْعُونَ) : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب صفة ـ نعت ـ للشركاء. تدعون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : الذين تعبدون. والعائد إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به التقدير : الذين تعبدونهم أو تدعونهم شركاء لأن ما قبله يدل على المفعول الثاني «شركاء» ولأن الفعل تدعون يتعدى إلى مفعولين .. الأول هو الضمير العائد والثاني هو «شركاء» أي الأصنام والأوثان.

(مِنْ دُونِ اللهِ) : جار ومجرور متعلق بتدعون أو بحال محذوف من مفعول «تدعون» أي «هم» أي الشركاء وهو مضاف. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة.

(أَرُونِي) : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. النون نون الوقاية لا محل لها والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به. والجملة الفعلية «أروني» وما بعدها في محل نصب لأنها بدل من «أرأيتم» بمعنى أخبروني عن هؤلاء الشركاء وعما استحقوا به

٣٠٨

الألوهية والجملة الاستفهامية بعده «ما ذا خلقوا ..» في محل نصب مفعول به ثان لأروا.

(ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ) : اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم للفعل «خلقوا». خلقوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. من : حرف جر بياني للتعجب. الأرض : اسم مجرور بمن وعلامة جره الكسرة والجار والمجرور متعلق بخلقوا. والجملة الاستفهامية في محل نصب مفعول به ثان لأروني أو تكون متعلقة بأروني على معنى «أخبروني» لأن «أروني» بدل من «أرأيتم» بمعنى : أخبروني أيضا. وفي هذه الحالة يجوز أن تكون «ما» اسم استفهام مبنيا على السكون في محل رفع مبتدأ و «ذا» اسما موصولا مبنيا على السكون في محل رفع خبر «ما» والجملة الفعلية (خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ) صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : ما ذا أي ما الذي خلقوه من الأرض بمعنى أي جزء من أجزاء الأرض خلقوه من دون الله.

(أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ) : حرف عطف وهي «أم» المتصلة لأنها مسبوقة بهمزة استفهام. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم. شرك : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة بمعنى شراكة مع الله والجملة الاسمية معطوفة بأم على «ما خلقوا».

(فِي السَّماواتِ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «شرك» أي في خلق السموات. فحذف المضاف «خلق» وأقيم المضاف إليه «السموات» مقامه.

(أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً) : أم : أعربت. آتى : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع سبحانه و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني

٣٠٩

على السكون في محل نصب مفعول به أول. كتابا : مفعول به ثان منصوب بالفتحة المنونة بمعنى أم آتينا هؤلاء كتابا من عندنا.

(فَهُمْ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْهُ) : الفاء استئنافية للتعليل. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. على بينة : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر «هم». منه : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «بينة» بمعنى : أم معهم كتاب من عند الله ينطق بأنهم شركاء فهم على حجة وبرهان من ذلك الكتاب.

(بَلْ إِنْ يَعِدُ) : حرف إضراب للاستئناف. إن : مخففة من «إن» مهملة بمعنى «ما» النافية. يعد : فعل مضارع مرفوع بالضمة.

(الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ) : فاعل مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. بعض : أي الرؤساء : بدل من الظالمين مرفوع مثله وعلامة رفعه الضمة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالإضافة أي الأتباع.

(بَعْضاً إِلَّا غُرُوراً) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. إلا : أداة حصر لا عمل لها. غرورا : مفعول به ثان منصوب بيعد المتعدي إلى مفعولين وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : ما يعدونهم إلا بالباطل وهو قولهم : هؤلاء شفعاؤنا عند الله ويجوز أن تكون «غرورا» منصوبة على المصدر ـ المفعول المطلق ـ بفعل محذوف تقديره : وما يعد بعضهم بعضا أي يغرون بعضهم غرورا أو تكون حالا بمعنى : إلا مغرورين.

(إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً) (٤١)

(إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن» منصوب للتعظيم بالفتحة. يمسك : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو بمعنى يمنع.

٣١٠

(السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنها ملحقة بجمع المؤنث السالم. والأرض : معطوفة بالواو على «السموات» منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة بمعنى : يحفظهما.

(أَنْ تَزُولا) : حرف مصدرية ونصب. تزولا : فعل مضارع منصوب بإن وعلامة نصبه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. والألف ضمير متصل ـ ضمير الاثنين ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية «تزولا» صلة حرف مصدري لا محل لها. و «أن» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب متعلق بمفعول لأجله. التقدير : كراهة أن تزولا ثم حذف أو يكون المصدر المؤول في محل جر بحرف جر محذوف بتقدير : يمنعهما من الزوال لأن الإمساك منع والجار والمجرور متعلق بيمسك.

(وَلَئِنْ زالَتا) : الواو استئنافية. اللام موطئة للقسم ـ اللام المؤذنة. إن : حرف شرط جازم. زالتا : فعل ماض مبني على الفتح. التاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها والفعل في محل جزم بإن لأنه فعل الشرط والألف ضمير متصل ـ ضمير الاثنين ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل. وجملة «إن زالتا» اعتراضية بين القسم المحذوف وجوابه فلا محل لها بمعنى : ولو زالتا.

(إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ) : الجملة الفعلية جواب القسم سد مسد الجوابين : جواب الشرط وجواب القسم. إن : حرف مهمل بمعنى «ما» النافية لا عمل له. أمسكهما : فعل ماض مبني على الفتح والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به مقدم. و «ما» علامة التثنية بمعنى : ما منعهما من الزوال. من : حرف جر زائد لتأكيد النفي. أحد : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه فاعل أمسك بمعنى ما منعهما من الزوال أحد.

(مِنْ بَعْدِهِ) : جار ومجرور في محل جر صفة ـ نعت ـ لأحد على اللفظ وفي محل رفع على المحل والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة أي من بعد إمساكه لهما وبعد حذف المضاف إليه الأول «إمساك» أوصل المضاف «بعد» إلى الهاء.

٣١١

(إِنَّهُ كانَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «إن». كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هو والجملة الفعلية «كان حليما ..» في محل رفع خبر إن.

(حَلِيماً غَفُوراً) : خبران لكان منصوبان وعلامة نصبهما الفتحة المنونة ويجوز أن يكون «غفورا» صفة للموصوف حليما.

(وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ ما زادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً) (٤٢)

(وَأَقْسَمُوا بِاللهِ) : الواو استئنافية. أقسموا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. بالله : جار ومجرور للتعظيم متعلق بأقسموا.

(جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) : مصدر مؤكد ـ مفعول مطلق ـ منصوب بفعل محذوف تقديره : يجهدون جهدا وبعد إضافته حذف التنوين. إيمان : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة ـ مضاف إليه ثان ـ بمعنى : حلفوا قبل مبعث النبوة.

(لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ) : اللام موطئة للقسم ـ اللام المؤذنة ـ إن : حرف شرط جازم. جاء : فعل ماض مبني على الفتح فعل الشرط في محل جزم بإن و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم. نذير : فاعل مرفوع بالضمة المنونة. والجملة «إن جاءهم نذير» اعتراضية بين القسم المحذوف وجوابه لا محل لها.

(لَيَكُونُنَّ أَهْدى) : الجملة الفعلية جواب القسم لا محل لها وجواب الشرط محذوف دل عليه جواب القسم أو يكون جواب القسم قد سد مسد الجوابين. اللام واقعة في جواب القسم. يكونن : فعل مضارع ناقص مبني على حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة وسبب بنائه على حذف النون

٣١٢

اتصاله بنون التوكيد الثقيلة وواو الجماعة المحذوفة لالتقائها ساكنة مع نون التوكيد الثقيلة في محل رفع اسم «يكون» ونون التوكيد لا محل لها. أهدى : خبر «يكون» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر ولم تنون الألف ـ وهو اسم نكرة ـ لأنه ممنوع من الصرف على وزن «أفعل التفضيل» ومن وزن الفعل.

(مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ) : جار ومجرور متعلق بأهدى وعلامة جر الاسم الكسرة المقدرة على الألف المقصورة للتعذر. الأمم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى من بعض الأمم أو واحدة من الأمم أو من الأمة التي يقال لها إحدى الأمم تفضيلا لها على غيرها في الهدى والاستقامة.

(فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ) : الفاء استئنافية. لما : اسم شرط غير جازم بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلقة بالجواب. جاءهم نذير : أعربت. وجملة (جاءَهُمْ نَذِيرٌ) في محل جر بالإضافة أي منذر وهو الرسول محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ.

(ما زادَهُمْ إِلَّا نُفُوراً) : الجملة جواب شرط غير جازم لا محل لها. ما : نافية لا عمل لها. زاد : فعل ماض مبني على الفتح و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به والفاعل محذوف اختصارا لأن ما قبله يدل عليه .. أي ما زادهم مجيؤه ـ مجيء النذير ـ إلا : أداة حصر لا عمل لها. نفورا : مفعول به ثان منصوب بالفعل «زاد» المتعدي إلى مفعولين وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : إلا إعراضا وصدا عن الحق.

(اسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً) (٤٣)

(اسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ) : بدل من «نفورا» في الآية الكريمة السابقة أو مفعول لأجله منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة على معنى : فما زادهم إلا نفورا استكبارا وعلوا أو تكون حالا بمعنى : مستكبرين وماكرين برسول

٣١٣

الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ والمؤمنين في الأرض : جار ومجرورا متعلق بالمصدر «استكبارا» بالرسالة تكبرا.

(وَمَكْرَ السَّيِّئِ) : معطوف بالواو على «استكبارا» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة. السيئ : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة ويجوز أن يكون «مكر السيئ» معطوفا على «نفورا» وأصله وأن مكروا السيئ أي المكر السيئ ثم حذف الموصوف «المكر». استغناء بوصفه ثم بدل «أن» مع الفعل بالمصدر ثم أضيف إلى السيئ. والمراد بالمصدر هو «أن مكروا» فتقدير : مكر والدليل قوله تعالى : (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ).

(وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ) : الواو استئنافية. تفيد التعليل. لا : نافية لا عمل لها. يحيق : فعل مضارع مرفوع بالضمة أي ولا يحيط وبال المكر السيئ أي لا ينزل .. المكر : فاعل مرفوع بالضمة. السيئ : صفة ـ نعت ـ للمكر مرفوع مثله بالضمة.

(إِلَّا بِأَهْلِهِ) : أداة حصر لا عمل لها. بأهله : جار ومجرور متعلق بيحيق. والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.

(فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا) : الفاء استئنافية. هل : حرف استفهام لا محل لها. ينظرون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. إلا : أداة حصر لا عمل لها.

(سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. الأولين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى إنما ينظرون إنزال العذاب أو العقاب على الذين كذبوا برسلهم من الأمم قبلهم أي الكفار الأولين أو إلا أن تجيئهم سنة الله فيهم أي طريقته سبحانه في أخذ الأولين وتعذيبهم وأصل «الأولين» صفة لموصوف محذوف أقيمت مقامه.

(فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ) : الفاء استئنافية. لن : حرف نفي ونصب واستقبال. تجد : فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه الفتحة الفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. لسنة : جار ومجرور متعلق بالفعل «تجد».

٣١٤

(اللهِ تَبْدِيلاً) : لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة. تبديلا : مفعول به منصوب بالفتحة المنونة.

(وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً) : معطوف بالواو على (فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً) ويعرب إعرابه.

(أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَما كانَ اللهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ عَلِيماً قَدِيراً) (٤٤)

(أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَما كانَ) : هذا القول الكريم أعرب في الآية الكريمة التاسعة من سورة «الروم» الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح.

(اللهُ لِيُعْجِزَهُ) : لفظ الجلالة اسم «كان» مرفوع للتعظيم بالضمة. اللام لام الجحود ـ النفي ـ يعجزه : فعل مضارع بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به مقدم.

(مِنْ شَيْءٍ) : حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. شيء : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه فاعل «يعجز» والجملة الفعلية «يعجزه شيء» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة بعد لام الجحود «وهي حرف جر يؤكد النفي الواقع على الفعل الناقص «كان» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر «كان» المحذوف بتقدير : وما كان الله مريدا أن يعجزه شيء أي وما كان شيء قادرا لإعجازه سبحانه بمعنى : لا يفوته شيء.

(فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «شيء» وهو في محل جر على لفظ «شيء» وفي محل رفع على محل «شيء» الواو عاطفة. لا : زائدة لتأكيد النفي. في الأرض : معطوف على «في السموات» ويعرب مثله.

٣١٥

(إِنَّهُ كانَ عَلِيماً قَدِيراً) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «إن» والجملة الفعلية بعده (كانَ عَلِيماً قَدِيراً) في محل رفع خبر «إن». كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هو. عليما قديرا : خبرا «كان» منصوبان وعلامة نصبهما الفتحة المنونة ويجوز أن يكون «قديرا» صفة للموصوف «عليما».

(وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً) (٤٥)

(وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ) : الواو استئنافية. لو : حرف شرط غير جازم. يؤاخذ : فعل مضارع مرفوع بالضمة. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة بمعنى : ولو يعجل الله العذاب للناس على ذنوبهم.

(النَّاسَ بِما كَسَبُوا) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الباء حرف جر. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء. كسبوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والجملة الفعلية «كسبوا» صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : بما كسبوه أي ما اقترفوه من معاصيهم وآثامهم أو تكون «ما» مصدرية فتكون جملة «كسبوا» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بيؤاخذ. التقدير والمعنى : بسبب كسبهم المعاصي والآثام فحذف المضاف «سبب» وحل المصدر محله.

(ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها) : الجملة جواب شرط غير جازم لا محل لها. ما : نافية لا عمل لها. ترك : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي لفظ الجلالة : على ظهر : جار ومجرور متعلق بترك و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة بمعنى على ظهر البسيطة أي الأرض وإن لم يرد لها ذكر لأنها معلومة.

٣١٦

(مِنْ دَابَّةٍ) : حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. دابة : اسم مجرور لفظا منصوب محلا لأنه مفعول به للفعل «ترك».

(وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ) : الواو زائدة. لكن : حرف استدراك عاطف لا يعمل لأنه مخفف وهو في الأصل حرف مشبه بالفعل. يؤخر : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به أي ولكنه يؤخرهم.

(إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) : جار ومجرور متعلق بالفعل «يؤخر». مسمى : صفة ـ نعت ـ لأجل مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المنونة المقدرة للتعذر على آخره ـ الألف المقصورة ـ قبل تنوينها لأنها اسم مقصور نكرة رباعي مضعف أي مشدد.

(فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ) : الفاء استئنافية. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمان مبني على السكون مضمن معنى الشرط خافض لشرط متعلق بجوابه. جاء : فعل ماض مبني على الفتح. أجل : فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة والجملة الفعلية «جاء أجلهم» في محل جر بالإضافة.

(فَإِنَّ اللهَ كانَ) : الجملة جواب شرط غير جازم لا محل لها أي الجملة المؤولة من «إن» وما في حيزها من اسمها وخبرها. الفاء واقعة في جواب الشرط. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن» منصوب للتعظيم بالفتحة. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هو. والجملة الفعلية «كان بعباده بصيرا» في محل رفع خبر «إن» وبمعنى ولكن الله يؤخر عقابهم فإذا جاء وقتهم المحدد فإن الله كان ..

(بِعِبادِهِ بَصِيراً) : جار ومجرور متعلق بخبر «كان» بصيرا» والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. بصيرا : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : عالما بأحوال عباده فيجازيهم على أعمالهم يوم القيامة.

٣١٧

سورة يس

معنى السورة : قيل : إن الكلمة مثلها كمثل : الم ـ ألف لام ميم ـ وكهيعص ـ كاف ها يا عين صاد ـ أي من الأحرف التي تبدأ بها بعض السور .. أي : يا سين. وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ معناها : يا إنسان في لغة طيئ والله أعلم بصحته وإن صح فوجهه أن يكون أصله : يا أنيسين .. فكثر النداء به على ألسنتهم حتى اقتصروا على شطره كما قالوا في القسم : «م الله» في «أيمن الله» وقيل : أصله : ياسينين.

تسمية السورة : خص الله سبحانه إحدى سور القرآن الكريم فسماها بهذا الاسم وقد وردت لفظة «ياسين» مرة واحدة في بداية السورة الشريفة المسماة بها. وكان حبيب النجار ـ وهو من الحواريين ـ هو صاحب ياسين .. جاء ذكره في السورة نفسها في قوله تعالى : (وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى) وكرر في سورة «القصص» : في قوله عزوجل : «وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى» في سورة «يس» قدم شبه الجملة «من أقصى المدينة» وأخر الفاعل «رجل» أما في سورة «القصص» فحصل العكس.

فضل قراءة السورة : قال النبي الطاهر الداعي إلى الإحسان والمعروف محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ إن في القرآن سورة يشفع لقارئها ويغفر لمستمعها ألا وهي سورة «يس» صدق رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : «كنت لا أعلم ما روي في فضائل «يس» وقراءتها كيف خصت بذلك فإذا أنه لهذه قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : إن لكل شيء قلبا وإن قلب القرآن «يس» من قرأ «يس» يريد بها وجه الله غفر الله تعالى له وأعطي من الأجر كأنما قرأ القرآن اثنتين وعشرين مرة وأيما مسلم قرئ عنده ـ إذا نزل ملك الموت ـ سورة «يس» نزل بكل حرف منها عشرة أملاك ـ جمع ملك ـ يقومون بين يديه صفوفا يصلون عليه ويستغفرون له ويشهدون غسله ويتبعون جنازته ويصلون عليه ويشهدون دفنه .. وأيما مسلم قرأ «يس»

٣١٨

وهو في سكرات الموت لم يقبض ملك الموت روحه حتى يحييه «رضوان» خازن الجنة بشربة من شراب الجنة يشربها وهو على فراشه .. فيقبض ملك الموت روحه وهو ريان ويمكث في قبره وهو ريان ولا يحتاج إلى حوض من حياض الأنبياء حتى يدخل الجنة وهو ريان» صدق رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ.

إعراب آياتها

(يس) (١)

(يس) : قيل إن الكلمة من الأحرف التي تبدأ بها بعض السور ـ وقد شرح ذلك بإسهاب ـ في سورة «يوسف» ومنعت من الصرف لأنها ليست اسما للسورة أو للتأنيث والعلمية .. وقرئت بالفتح كأين وكيف .. أو بالنصب على أنها مفعول بمحذوف تقديره : اتل .. أو بالضم كحيث .. وبالكسر على الأصل .. كجير. وفخمت الألف وأميلت وقرئت بالرفع خبرا لمبتدإ محذوف تقديره : هذه يس. وجاز قراءة الكلمة مبنية على الوقف إن أريدت الحكاية .. ومثله : حم .. طس. ويقال قرأت «يس» ويعرب إعراب ما لا ينصرف ـ أي ممنوعا من الصرف ـ إن جعل اسما للسورة لأن وزن «فاعيل» ليس من أبنية العرب فهو بمنزلة هابيل وقابيل ويجوز أن يمتنع من الصرف للتأنيث والعلمية وجاز أن يكون مبنيا على الفتح لالتقاء الساكنين واختير الفتح لخفته كما في «أين» و «كيف» ويبنى على الوقف إن أريدت الحكاية ومثله في التقديرات : حم .. وطس .. كما أشير آنفا.

(وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ) (٢)

(وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ) : الواو حرف جر ـ واو القسم ـ القرآن : اسم مقسم به مجرور بالواو وعلامة جره الكسرة .. والجار والمجرور متعلق بفعل القسم المحذوف .. التقدير : أحلف بالقرآن الحكيم. وقد أبدلت الواو من الباء. الحكيم : صفة ـ نعت ـ للقرآن ـ مجرور مثله وعلامة جره الكسرة.

(إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) (٣)

٣١٩

(إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب اسم «إن» اللام واقعة في جواب القسم المحذوف. من المرسلين : جار ومجرور متعلق بخبر «إن» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته واللام في «لمن ..» هي نفسها لام التوكيد أكدت الجملة المقسم عليها التي هي جوابها و «إن» وما بعدها لا محل لها لأنها جواب القسم.

(عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٤)

(عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) : جار ومجرور في محل رفع خبر ثان لإن. أو متعلق بالمرسلين أي صلة للمرسلين على تأويل فعل اسم المفعولين. مستقيم : صفة ـ نعت ـ لصراط مجرور مثله وعلامة جرهما ـ الصفة والموصوف ـ الكسرة المنونة بمعنى : على طريق قويم.

** (وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية المعنى : وحق القرآن المحكم بنظمه وبديع ألفاظه ومعانيه وحذف المقسم به المضاف «حق» وحل المضاف إليه «القرآن» محله والقسم أكد أن الرسول محمدا ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ هو نبي مبعوث من الله سبحانه.

** سبب نزول الآية : نزلت الآية الكريمة حينما هم ناس من قريش أن يأخذوا الرسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ الذي أوذوا من قراءته سورة السجدة فجمعت أيديهم إلى أعناقهم فقالوا : ننشدك الله والرحم يا محمد .. فدعا حتى ذهب ذلك عنهم فنزلت هذه الآية الكريمة والآيات التي بعدها إلى الآية العاشرة.

** (عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة .. المعنى إنك يا محمد رسول من جملة المرسلين إلى الناس لهدايتهم وحثهم على اتباع الحق وإنك مرسل على الطريق القويم طريق من سبقك من الأنبياء. ونكر «صراط لإفادته التفخيم والتعظيم وأصله : السراط.

** (تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة .. المعنى : تنزيل الله العزيز الرحيم أي منزل من عند العزيز الرحيم .. ولم يذكر اسم لفظ الجلالة الموصوف لأنه معلوم وأقيمت صفتاه جلت قدرته.

** (لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة .. المعنى : لقد وجب القول أو ثبت على أكثرهم بالعذاب ويعني قوله (وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) يقال : حق الشيء ـ يحق ـ حقا .. بمعنى : وجب من بابي «ضرب وقتل» وحقت القيامة .. من باب «قتل» بمعنى : أحاطت بالخلائق فهي حاقة ـ اسم فاعل ـ ومن هنا قيل : حقت الحاجة : إذا نزلت واشتدت.

٣٢٠