موسوعة أخلاق القرآن - ج ٦

الدكتور أحمد الشرباصي

موسوعة أخلاق القرآن - ج ٦

المؤلف:

الدكتور أحمد الشرباصي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الرائد العربي
الطبعة: ٣
الصفحات: ٢٠٧

١٠ ـ الاقبال على الله تعالى ، والتوبة من الذنوب ، ورد المظالم الى أهلها.

ويصور أدب الدعاء قوله تعالى في سورة الاعراف :

«ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ» (١).

فأشارت الآية الى الضراعة في الدعاء وهي اظهار الضعف والافتقار والتذلل ، وأشارت الى أن الدعاء يكون خفية ، أي في سر واستخفاء.

يقول تفسير المنار : ادعوا ربكم ومدبر أموركم متضرعين مبتهلين اليه تارة ، ومسرين مستخفين تارة أخرى ، أو دعاء تضرع وتذلل وابتهال ، ودعاء مناجاة واسرار ووقار ، ولكل من الدعاءين وقت ، وداعية من النفس ، فالتضرع بالجهر المعتدل يحسن في حال الخلوة ، والامن من رؤية الناس للداعي ومن سماعهم لصوته ، فلا جهره يؤذيهم ، ولا الفكر فيهم يشغله عن التوجه الى الرب وحده ، أو يفسد عليه دعاءه بحب الرياء والسمعة ، والاسرار يحسن في حال اجتماع الناس في المساجد والمشاعر وغيرها ، الا ما ورد رفع الصوت فيه من الجميع ، كالتلبية في الحج وتكبير العيد ، وهو مشترك لا رياء فيه. ولما كان الليل سترا ولباسا شرع فيه الجهر في قراءة الصلاة ، وهو للمتهجد في خلوته يطرد الوسواس ، ويقاوم فتور النعاس ، ويعين على تدبر القرآن ، وبكاء الخشوع للرحمن.

وقد روي عن الحسن البصري أنه قال : «ان كان الرجل قد جمع القرآن وما يشعر به الناس ، وان كان الرجل لقد فقه الفقه الكثير وما يشعر به الناس ، وان كان الرجل ليصلي الصلاة الطويلة في بيته وعنده

__________________

(١) سورة الاعراف ، الآية ٥٥ و ٥٦.

٤١

الزوار وما يشعرون به. ولقد أدركنا أقواما ما على الارض من عمل يقدرون أن يعملوه في السر فيكون علانية أبدا ، ولقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء وما يسمع لهم صوت ، ان كان الا همسا بينهم وبين ربهم ، وذلك أن الله تعالى يقول : «ادعو ربكم تضرعا وخفية» ، وذلك أن الله ذكر عبدا صالحا رضي فعله فقال :

«إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا» (١).

وأشار النص الكريم أن الدعاء يكون خوفا وطمعا. أي ادعوه خائفين من عقابه اياكم على مخالفتكم لشرعه المصلح لأنفسكم ، وطامعين في رحمته واحسانه في الدنيا والآخرة.

والقول الجامع في حال النفس عند الدعاء أن تكون غارقة في الشعور بالعجز والافتقار الى الرب القدير الرحيم ، الذي بيده ملكوت كل شيء ، يصرف الاسباب ، ويعطي بحساب وبغير حساب ، فان دعاء الرب الكريم بهذا الشعور يقوي أمل النفس ، ويحول بينها وبين اليأس ، عند تقطع الاسباب ، والجهل بوسائل النجاح ـ وكما يضيف رشيد رضا ـ لو لم يكن للدعاء فائدة الا هذا لكفى ، فكيف وهو مخ العبادة ولبابها ، واجابته مرجوة بعد استكمال شروطه وآدابه ، وأولها عدم الاعتداء فيه ، فان لم يكن باعطاء الداعي ما طلبه ، كانت بما يعلم الله أنه خير له منه.

وقد تضمن التراث الاسلامي أدعية مأثورة لمختلف المناسبات ، وكأن الحكمة من هذا أن يصبح الدعاء عند المؤمنين عادة وخلقا وطبيعة ، فجاءت أدعية تقال عند الخروج من المنزل ، وعند دخول المسجد والخروج منه ، وعند الفراغ من الصلاة ، وعند القيام من المجلس ، وعند دخول السوق ،

__________________

(١) سورة مريم ، الآية ٣.

٤٢

وعند رؤية الهلال ، وعند هبوب الريح ، وعند الشروع في أمر ، وعند النظر الى السماء ، وعند النوم ، وعند الاستيقاظ ... وهكذا.

ومن أمثلة هذه الادعية ما كان يقوله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعد صلاة الفجر وهو : اللهم اني أسألك رحمة من عندك ، تهدي بها قلبي ، وتجمع بها شملي ، وتلم بها شعثي ، وترد بها الفتن عني ، وتصلح بها ديني ، وتحفظ بها غائبي ، وترفع بها شاهدي ، وتزكي بها عملي ، وتبيض بها وجهي ، وتلهمني بها رشدي ، وتعصمني بها من كل سوء ، اللهم أعطني ايمانا صادقا ، ويقينا ليس بعده كفر ، ورحمة أنال بها شرف كرامتك في الدنيا والآخرة. اللهم اني أسألك الفوز عند القضاء ، ومنازل الشهداء ، وعيش السعداء ، والنصر على الاعداء ، ومرافقة الانبياء ... الى آخر الحديث.

ومن أمثلة ذلك الدعاء الذي علمه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لعائشة رضي الله عنها :

«اللهم اني أسألك من الخير كله عاجله وآجله ، ما علمت منه وما لم أعلم ، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ، ما علمت منه وما لم أعلم ، وأسألك الجنة وما قرب اليها من قول وعمل ، وأعوذ بك من النار وما قرّب اليها من قول وعمل ، وأسألك من الخير ما سألك عبدك ورسولك محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، واستعيذك مما استعاذك منه عبدك ورسولك محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، واسألك ما قضيت لي من أمر أن تجعل عاقبته رشدا برحمتك يا أرحم الراحمين.

وقد يقول قائل : اذا كان الله قد قال : «أجيب دعوة الداع اذا دعان» فهل معنى هذا أن الله يجيب كل داع؟.

ويجيب رشيد رضا : ليس الامر كذلك ، كما هو ثابت بالمشاهدة ،

٤٣

بل المراد أن من شأنه الاجابة ، فهو يجيب ان شاء كما قال في آية أخرى : «فيكشف ما تدعوه ان شاء» فهو على قولك : فلا يعطي الكثير فاطلب منه ، أي ان من شأنه ذلك ، ولا يلزم منه أن يعطي كل طالب عين ما طلبه.

وأجاب بعضهم بأن الاجابة أعم من اعطاء السؤال. وقد ورد في الحديث الصحيح أن الاجابة تكون باحدى ثلاث : اما أن يعجل له دعوته ، واما أن يدخر له ، واما أن يكف عنه من السوء مثلها. والآية سيقت لبيان أن الله تبارك وتعالى قريب من عباده المتوجهين اليه ، فلا حاجة بهم الى الصياح في تكبيره ودعائه ، ولا الى أن يتخذوا وسطاء بينهم وبينه في التوجه اليه ، وسؤال رحمته وفضله ، بل يجب أن يصمدوا اليه وحده ، فانه وحده هو الذي يجيب الدعاء.

ويقول الاستاذ الامام : ان الداعي شخص يطلب شيئا ، وهو يصدق على أكثر الناس الذين يطلبون كل يوم أشياء كثيرة ، وليس كل واحد منهم متحققا بدعاء الله تعالى وحده كما يجب أن يدعى ، فهو يقول : أجيب دعوة الداعي اذا خصني بالدعاء ، والتجأ اليّ التجاء حقيقيا ، بحيث ذهب عن نفسه اليّ ، وشعر قلبه بأنه لا ملجأ له الا اليّ ، ومثل هذا لا يطمع في غير مطمع ، ولا يطلب ما لا يصح أن يطلب ، وانما يمتثل أمر الله تبارك وتعالى ، باتخاذ جميع الوسائل من طرقها الصحيحة المعروفة ، وهي لا تتحقق الا بالعلم والعزيمة والعمل ، فان تم للعبد ما يريد بذلك فقد أعطاه الله سبحانه من خزائنه التي يفيض منها على جميع متبعي سننه في الخلق ، وان بذل جهده ولم يظفر بسؤاله ، فما عليه الا أن يلجأ الى مسبب الاسباب وهادي القلوب الى ما غاب عنها وخفي عليها ، ويطلب المعونة والتوفيق ممن بيده ملكوت كل شيء ، وقد قال بعض السلف : ان هذا مجاب لا محالة.

وقال الصوفية : الدعاء المجاب هو الدعاء بلسان الاستعداد ، وقد استعاذ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم من الطمع في غير مطمع. فمن يترك

٤٤

السعي والكسب ويدعو قائلا : يا رب أعطني ألف جنيه ، فهو غير داع حقيقة ، وانما هو جاهل.

ومثل ذلك المريض لا يراعي الحمية ولا يتخذ الدواء ، ويقول : يا رب اشفني وعافني ، كأنه يقول : اللهم أبطل سننك التي قلت انها لا تبدل ولا تحول ، أبطلها من أجلي.

وكم استجاب الله تبارك وتعالى لنا من دعاء ، وكم كشف عنا من بلاء ، ورزقنا من حيث لا نحتسب ولا نتخذ الأسباب ، ولكن بتسخيره هو للاسباب.

ولقد قيل لابراهيم بن أدهم : ما بالنا ندعو الله سبحانه فلا يستجاب لنا؟.

فقال : لأنكم عرفتم الله فلم تطيعوه ، وعرفتم الرسول فلم تتبعوا سنته ، وعرفتم القرآن فلم تعملوا بما فيه ، وأكلتم نعمة الله فلم تردوا شكرها ، وعرفتم الجنة فلم تطلبوها ، وعرفتم النار فلم تهربوا منها ، وعرفتم الشيطان فلم تحاربوه ووافقتموه ، وعرفتم الموت فلم تستعدوا له ، ودفنتم الاموات فلم تعتبروا بهم ، وتركتم عيوبكم واشتغلتم بعيوب الناس.

وثمة سؤال أخير في هذا المجال : ما فائدة الدعاء وقد عرفنا أن القضاء لا مرد له؟.

ويجيب «الاحياء» للغزالي :

من القضاء رد البلاء بالدعاء ، فالدعاء سبب لرد البلاء ، واستجلاب الرحمة كما أن الترس سبب لرد السهم ، والماء سبب لخروج النبات من الارض ، فكما أن الترس يدفع السهم فيتدافعان ، فكذلك الدعاء والبلاء

٤٥

يتعالجان ، وليس من شرط الاعتراف بقضاء الله تعالى أن لا يحمل السلاح. وقد قال تعالى في سورة النساء :

«وَخُذُوا حِذْرَكُمْ» (١).

وأن لا يسقي الارض بعد بث البذر ، فيقال : ان سبق القضاء بالنبات نبت البذر ، وان لم يسبق لم ينبت ، بل ربط الاسباب بالمسببات هو القضاء الاول الذي هو كلمح البصر أو هو أقرب ، وترتيب تفصيل المسببات على تفاصيل الاسباب على التدريج والتقدير هو القدر ، والذي قدر الخير قدره بسبب ، والذي قدر الشر قدر لدفعه سببا ، فلا تناقض بين هذه الامور عند من انفتحت بصيرته.

والدعاء فيه ذكر الله ، والذكر يستدعي حضور القلب مع الله ، وهو منتهى العبادات ، ولذلك قال الرسول عليه الصلاة والسّلام : «الدعاء مخ العبادة». والغالب على الخلق أنه لا تنصرف قلوبهم الى ذكر الله عزوجل الا عند المام حاجة وارهاق ملمة ، فان الانسان اذا مسه الشر فذو دعاء عريض ، فالحاجة تحوج الى الدعاء ، والدعاء يرد القلب الى الله عزوجل بالتضرع والاستكانة ، فيحصل به الذكر الذي هو أشرف العبادات ، ولذلك صار البلاء موكلا بالانبياء عليهم الصلاة والسّلام ، ثم الاولياء ، ثم الامثل فالامثل ، لأنه يرد القلب الى الافتقار والتضرع الى الله عزوجل ، ويمنع من نسيانه ، وأما الغنى فسبب للبطر في غالب الامور : «كلا ان الانسان ليطغى أن رآه استغنى».

ربنا انك سميع الدعاء ، ربنا فتقبل منا الدعاء.

__________________

(١) سورة النساء ، الآية ١٠٢.

٤٦

الحفظ والمحافظة

تقول اللغة : حفظ المتاع أي حرسه ، وحفظ القرآن استظهره ، أي وعاه عن ظهر قلب ، ورجل حافظ العين أي لا يغلبه النوم ، وحفظ الشيء حفظا رعاه وصانه ، فهو حفيظ وحافظ ، والحفيظ الموكل بالشيء يحفظه ، وقد يضمن الحافظ معنى الرقيب المهيمن ، فالله حفيظ على كل شيء أي مهيمن ، واستحفظه مالا أو سرا : استودعه اياه وائتمنه عليه ، والمحافظة على الشيء المواظبة عليه ، مثل : هو محافظ على سبحة الضحى. وتحفظ بالشيء عني به ، والطريق الحافظ : الواضح البيّن المستقيم ، والحفاظ : المحافظة على العهد ، وهي أن يحفظ كل واحد الآخر ، والوفاء بالقصد. والتمسك بالود ، والمحافظة : الذب عن المحارم.

وقد ذكر الاصفهاني في المفردات أن «الحفظ تارة يقال لهيئة النفس التي بها يثبت ما يؤدي اليه الفهم ، وتارة لضبط في النفس ، ويضاده النسيان ، وتارة لاستعمال تلك القوة ، فيقال حفظت كذا حفظا ، ثم يستعمل في كل تفقد وتعهد ورعاية».

والنسيان هو ضد الحفظ ، وقد ورد في مواطن من القرآن تدل على ذمه أو التنفير منه ، ففي سورة البقرة يقول الله تبارك وتعالى :

٤٧

«أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ» (١).

وفي سورة المائدة يقول :

«يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ» (٢).

وفي سورة يوسف :

«فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ» (٣).

وفي سورة ص :

«لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ» (٤).

وفي سورة المجادلة :

«اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللهِ» (٥).

والحفظ أو المحافظة خلق من أخلاق القرآن الكريم ، وفضيلة من فضائل الاسلام العظيم ، وجانب من هدي الرسول عليه الصلاة والتسليم. والحفظ بالمعنى الاخلاقي الاسلامي ، أنواع وألوان ، كل منها له مكانته ومنزلته ، فهناك حفظ القرآن وحفظ الدين ، وحفظ الصلاة ، وحفظ الجار ، وحفظ الجوارح : كالسمع والبصر ، واليد والرجل ، وحفظ الفرج ، وحفظ

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية ٤٤.

(٢) سورة المائدة ، الآية ١٣.

(٣) سورة يوسف ، الآية ٤٢.

(٤) سورة ص ، الآية ٢٦.

(٥) سورة المجادلة ، الآية ١٩.

٤٨

العورة ، وغير ذلك من ألوان الحفظ والمحافظة التي سنتعرف اليها بعد قليل

والحفيظ اسم من أسماء الله الحسنى ، بمعنى الذي لا يغرب عنه شيء ، أي مثقال ذرة عن حفظه في السموات ولا في الارض تعالى شأنه ، وهو عزوجل قد حفظ على خلقه وعباده ما يعملون من خير أو شر ، وقد حفظ السماوات والارض بقدرته.

وقد جاء في سورة هود :

«إِنَّ رَبِّي عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ» (١).

أي قائم ورقيب عليه بالحفظ والبقاء ، على ما اقتضته سننه ، وتعلقت به مشيئته. وفي سورة يوسف :

«فَاللهُ خَيْرٌ حافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ» (٢).

أي حفظه خير من حفظ غيره. وقد جاء في آية الكرسي من سورة البقرة :

«وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ» (٣).

أي لا ينقله حفظ هذه العوالم المبثوثة في السماوات والارض ولا يشق عليه ، وهو العلي العظيم ، فيتعالى بذاته أن يكون شأنه كشأن البشر

__________________

(١) سورة هود ، الآية ٥٧.

(٢) سورة يوسف ، الآية ٦٤.

(٣) سورة البقرة ، الآية ٢٥٥.

٤٩

في حفظ أموالهم ، ويتنزه بعظمته عن الاحتياج الى من يعلمه بحقيقة أحوالهم.

ومما يدل على شرف فضيلة الحفظ والمحافظة أنها مكرمة اعتز بها الانبياء عليهم الصلاة والسّلام فجاء على لسان يوسف مثلا قوله : «اني حفيظ عليم» أي اني حفيظ للامانات وأموال الخزائن عليم بوجوه التصرف فيها على وجه المصلحة.

ويقول الله تبارك وتعالى في سورة البقرة :

«حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ» (١).

والمحافظة على الصلاة تعني صونها ورعايتها وحسن ادائها ، وذلك لا يكون الا بالمحافظة عليها. وقد قال بعض المفسرين في وجه اختيار لفظ المحافظة على الحفظ : ان الصيغة على أصلها تفيد المشاركة في الحفظ ، وهي هنا بين العبد وربه ، كأنه قيل : احفظ الصلاة يحفظك الله الذي أمرك بها ، كقوله :

«فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ» (٢).

أو بين المصلي والصلاة نفسها. أي احفظوها تحفظكم من الفحشاء والمنكر ، بتنزيه نفوسكم عنهما ، ومن البلاء والمحن بتقوية نفوسكم عليهما ، كما قال :

«وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ» (٣).

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية ٢٣٨.

(٢) سورة البقرة ، الآية ١٥٢.

(٣) سورة البقرة ، الآية ٤٥.

٥٠

ويقول القرآن في سورة المؤمنين :

«وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ» (١).

وفي هذا تنبيه الى أنهم يحفظون الصلاة بمراعاة أوقاتها ، ومراعاة أركانها ، والقيام بها في غاية ما يكون من الطوق ، وأن الصلاة تحفظهم الحفظ الذي نبه عليه القرآن في قوله :

«إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ» (٢).

وقد جاءت هذه الآية ضمن آيات ذكرت في صدر سورة المؤمنون تسرد طائفة من صفات المؤمنين ، ولذلك جاء في تفسير «غرائب القرآن للنيسابوري» هذه العبارة في التعليق على الآية : «الصفة السادسة المحافظة على الصلاة ، كما مر في قوله (حافظوا على الصلوات) وذلك في سورة البقرة ، وصفهم أولا بالخشوع في صلاتهم ، وآخرا بالمداومة عليها ، وبمراقبة أعدادها وأوقاتها ، فرائض كانت أو سننا ، رواتب أو غيرها ، فالمحافظة أعم من الخشوع وأشمل ، ومن هنا يعرف فضيلة الصلاة اذا وقع الافتتاح بها والاختتام عليها ، وان اختلف الاعتباران والعبارتان».

ويقول القرآن في سورة ق :

«هذا ما تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ» (٣).

أي يصون نفسه ويرعاها من أن تقع فيما يعيب ، فهذا الثواب يعد به الله تعالى كل رجّاع الى مولاه بالاعراض عما سواه. والحفيظ هنا هو

__________________

(١) سورة المؤمنون ، الآية ٩.

(٢) سورة العنكبوت ، الآية ٤٥.

(٣) سورة ق ، الآية ٣٢.

٥١

الحافظ لحدود الله ، أو لاوقات عمره ، أو لما يجده من المقامات والاحوال فلا ينعكس على عقبيه.

وقد أشار القرآن الكريم الى حفظ الفروج ، وهو كناية عن العفة ، وطالب بهذا الحفظ الرجال والنساء ، فقال في سورة النور :

«قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ ، وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ» (١).

وقد أكد القرآن التوجيه الى هذه الفضيلة حين ساق أوصاف المسلمين والمسلمات في سورة الاحزاب ، وذكر من بينها قوله :

«وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ» (٢).

ودعا القرآن الى حفظ الايمان وترك الاستخفاف بها ، فقال في سورة المائدة :

«وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ» (٣).

أي لا تبذلوها في كل أمر ، ولا تكثروا من الايمان الصادقة ، فضلا عن الايمان الكاذبة ، وذلك مثل قوله تعالى :

«وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ» (٤).

__________________

(١) سورة النور ، الآية ٣٠ و ٣١.

(٢) سورة الاحزاب ، الآية ٣٥.

(٣) سورة المائدة ، الآية ٨٩.

(٤) سورة البقرة ، الآية ٢٢٤.

٥٢

وقد نوه التنزيل المجيد بالمسلمات القانتات فقال عنهن في سورة النساء :

«فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللهُ» (١).

أي ان النساء الصالحات راعيات لحقوق الازواج عند غيبتهم بمراعاة ما شرعه الله تبارك وتعالى من الاحكام لحفظ الحدود. وقيل ان المعنى : يحفظن عهد الازواج عند غيبتهم بسبب ان الله تعالى يحفظهن من الانحراف أو الميل ، أو بسبب رعايتهن حق الله تعالى ، لا لرياء أو تصنع منهن.

يقول النيسابوري في ذلك : «وصف الصالحات منهن بأنهن قانتات ، مطيعات لله والزوج ، حافظات للغيب قائمات بحقوق الزوج في غيبته ، والغيب خلاف الشهادة ، ومواجب حفظ غيبة الزوج أن تحفظ نفسها عن الزنا ، لئلا يلحق الزوج العار بسبب زناها ، ولئلا يلحق به الولد الحاصل من نطفة غيره ، وان تحفظ أسراره عن الافشاء ، وماله عن الضياع ، ومنزلها عما لا ينبغي شرعا وعرفا.

عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «خير النساء امرأة ان نظرت اليها سرتك ، وان أمرتها أطاعتك ، وان غبت عنها حفظتك في مالك ونفسها» وتلا الآية.

فعليهن أن يحفظن حقوق الزوج في مقابلة ما حفظ الله حقوقهن على أزواجهن ، حيث أمرهن بالعدل فيهن بقوله :

«فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ» (٢).

فهذا بذاك ، أي هذا في مقابلة ذلك.

__________________

(١) سورة النساء ، الآية ٣٤.

(٢) سورة البقرة ، الآية ٢٢٩.

٥٣

والمعنى أنهن حافظات للغيب بحفظ الله اياهن ، فانهن لا يتيسر لهن حفظ الغيب الا بتوفيق الله تعالى ، أو بما حفظهن حين وعدهن الثواب العظيم على الامانة ، وأوعدهن العذاب الشديد على الخيانة.

ويقول الامام محمد عبده : الغيب هنا ما يستحى من اظهاره ، أي حافظات لكل ما هو خاص بأمور الزوجية الخاصة بالزوجين ، فلا يطلع أحد منهن على شيء مما هو خاص بالزوج.

ويشير تفسير المنار الى أن هذا يشمل كتمان كل ما يكون بينهن وبين أزواجهن في الخلوة ، ولا سيما حديث الرفث ، فما بالك بحفظ العرض ، وقد قيل ان هذه العبارة هي أبلغ ما في القرآن من دقائق كنايات النزاهة ، تقرؤها خرائد العذارى جهرا ، ويفهمن ما تومىء اليه مما يكون سرا ، وهن على بعد من خطرات الخجل أن تمس وجدانهن الرقيق بأطراف أناملها ، فلقلوبهن الامان من تلك الخلجات ، التي تدفع الدم الى الوجنات. ناهيك بوصل حفظ الغيب بما حفظ الله ، فالانتقال السريع من ذكر ذلك الغيب الخفي ، الى ذكر الله الجلي ، يصرف النفس عن التمادي في التفكر فيما يكون وراء الاستار ، من تلك الخفايا والاسرار ، وتشغلها بمراقبته عزوجل.

فهن حافظات للغيب بحفظ الله عزوجل ، أي بالحفظ الذي يؤتيه الله لهن بصلاحهن. فان المرأة الصالحة يكون لها من مراقبة الله تعالى وتقواه ما يجعلها محفوظة من الخيانة ، قوية على حفظ الامانة ، أو حافظات له بسبب أمر الله بحفظه ، فهن يطعنه ويعصين الهوى.

* * *

ومما يزكي حديث الحفظ والمحافظة في المجال الاخلاقي القرآني أن نجد الكتاب المجيد يقول في سورة ق :

٥٤

«وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ» (١).

وهو اللوح المحفوظ ، أي حافظ لاعمال العباد ، أو محفوظ لا يضيع ، كقوله عز من قائل :

«عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى» (٢).

ويقول التنزيل الحكيم في سورة الانعام :

«وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً» (٣).

أي يرسل عليكم ملائكة مراقبين لكم من حيث لا تشعرون ، يحصون أعمالكم ، ويكتبونها عليكم ، وهم الحافظون الذين أشار اليهم القرآن في سورة الانفطار :

«وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ كِراماً كاتِبِينَ ، يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ» (٤).

جاء في تفسير غرائب القرآن : «من جملة قهر الله ارسال الحفظة ، وهي جمع حافظ على عبيده ، بضبط أعمالهم من الطاعات والمعاصي والمباحات ، لأنهم مطلعون على أقوال بني آدم لقوله :

«ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ» (٥).

__________________

(١) سورة ق ، الآية ٤.

(٢) سورة طه ، الآية ٥٢.

(٣) سورة الانعام ، الآية ٦١.

(٤) سورة الانفطار ، الآية ١٠ ـ ١٢.

(٥) سورة ق ، الآية ١٨.

٥٥

وعلى أفعالهم بقوله :

«يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ» (١).

واما صفات القلوب ـ كالجهل والعلم ـ فليس في الآيات ما يدل على اطلاعهم عليها ، وعن ابن عباس : ان مع كل انسان ملكين ، أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره ، فاذا تكلم الانسان بحسنة كتبها من على اليمين ، واذا تكلم بسيئة قال من على اليمين لمن على اليسار : انتظر لعله يتوب عنها ، فان لم يتب كتب عليه.

قالت العلماء : من فوائد هذه الكتبة ان المكلف اذا علم أن الملائكة الموكلين عليه يكتبون أعماله في صحائف تعرض على رؤوس الاشهاد في مواقف القيامة كان ذلك زجرا له عن القبائح. ومنها أن توزن تلك الصحائف يوم القيامة ، فان وزن الاعمال غير ممكن. ومنها التعبد ، فعلى المكلف أن يؤمن بكل ما ورد به الشرع ، وان لم يعرف وجه الحكمة في بعض ذلك».

ويقول القرآن الكريم في سورة الرعد :

«لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ» (٢).

ذلك الحفظ عن أمر من الله تعالى ، وقيل ان الكلام فيمن اتخذ لنفسه حرسا يحفظونه بزعمه من قضاء الله عزوجل.

ويقول الحق عز شأنه في سورة المائدة :

__________________

(١) سورة الانفطار ، الآية ١٢.

(٢) سورة الرعد ، الآية ١١.

٥٦

«إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ» (١).

أي يحكمون بما أودعه الله عندهم من التوراة ، وائتمنهم عليه ، وطلب منهم بوساطة رسله أن يحفظوه ، ولا يضيعوا منه شيئا ، وكان سلفهم الصالحون رقباء على الكتاب ، وعلى من يريد العبث به ، أو شهداء على أنه شرع الله تبارك وتعالى.

* * *

وننتقل من روضة القرآن الكريم الى روضة السنة المطهرة ، لنجد سيدنا رسول الله صلوات الله وسلامه عليه ينوه بفضيلة الحفظ ومكرمة المحافظة ، فيقول في حديثه الصحيح :

«احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، تعرف الى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ، واعلم أن الامة لو اجتمعت على ان ينفعوك بشيء لم ينفعوك الا بشيء قد كتبه الله لك ، ولو اجتمعت على أن يضروك بشيء لم يضروك الا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الاقلام وجفت الصحف». ويشير الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله في موطن آخر الى بعض ألوان الحفظ والمحافظة ، فيقول : «الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى (أي البصر والسمع واللسان) والبطن ما حوى (أي الطعوم والفرج) ولتذكر الموت والبلى ، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا».

ونوّه الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه بفضيلة حفظ

__________________

(١) سورة المائدة ، الآية ٤٤.

٥٧

القرآن فقال : «مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة ، ومثل الذي يقرأ القرآن وهو يتعاهده وهو عليه شديد فله أجران».

ويرشد المصطفى عليه الصلاة والسّلام الى الاسباب التي تؤدي بالانسان الى حفظه حقوق الله ، فيحفظه الله جزاء كريما ، فيقول : «اذا أويت الى فراشك فاقرأ آية الكرسي ، لن يزال عليك من الله حافظ ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح.

ويرشد الرسول المعلم الى الاتجاه نحو حمى الله ورحمته ، لكي يرجو الانسان من بارئه أن يحفظه ويصونه ، فعلم المسلم هذا الدعاء عند النوم «اللهم أنت خلقت نفسي وأنت تتوفاها ، لك مماتها ومحياها ، إن أحييتها فاحفظها ، وإن أمتها فاغفر لها».

أو كما جاء في رواية البخاري : «باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه ، ان أمسكت نفسي فارحمها ، وان ارسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين».

فلنسأل الله خير الحافظين وارحم الراحمين أن يحفظنا بحفظه ، وأن يجعلنا بمنه وكرمه ممن يحفظون كل ما أمرهم الله بحفظه ليرضى عنهم ويقبلهم بين عباده الصالحين.

* * *

٥٨

روح السّلام

مادة «السّلام» تدل على السلامة والخلاص والنجاة والخلو من العوارض. والقلب السليم. الخالص من دغل الشرك والذنوب. والسلم ـ بالكسر والفتح ـ الامان والنجاة وعدم الحرب. والسلم ـ بفتحتين ـ الصلح والمهادنة ، والخضوع والاستسلام. ويقول الرجل الآخر : بيننا سلام ، أو أمري معك سلام : أي أتركك وتتركني ، فاسلم منك وتسلم مني. والسّلام : النجاة والامان من الشرور والآفات. والسلم والسلامة : التعري من الآفات الظاهرة والباطنة ، والسلامة الحقيقية لا تكون الا في الجنة ، اذ فيها بقاء بلا فناء ، وغنى بلا فقر ، وعز بلا ذل ، وصحة بلا سقم ، ولذلك قال عنها القرآن : «لهم دار السّلام عند ربهم» أي السلامة.

والاسلام : الدخول في السلم ، وهو أن يسلم كل واحد منهما أن يناله ألم من صاحبه ، وأسلمت أمري الى الله عزوجل أي : فوضته اليه.

والمراد بالسلام في هذا المجال الاخلاقي هو أن تكون روح الانسان صافية مطبوعة على المسالمة والصفاء وحمل مشاعر الخير للناس. وهو بهذا المعنى فضيلة من فضائل الاسلام العظيم ، وخلق من اخلاق القرآن الكريم ، وجانب من هدي الرسول عليه الصلاة والتسليم. وقد تحدث القرآن عن

٥٩

السّلام في أكثر من موطن ومن أمثلة ذلك ما ذكره في سورة البقرة وهو قوله :

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ» (١).

وكأنه بهذا النص الكريم يريد لنا أن نفهم أن الدخول في رحاب السّلام ينجي الانسان من الضلال باتباع خطوات الشيطان ، وهو أعدى الاعداء للانسان.

يقول القشيري في هذه الآية : كلف الله المؤمن بأن يسالم كل أحد الا نفسه فانها لا تتحرك الا بمخالفة سيده ، فان من سالم نفسه فتر عن مجاهداته ، وذلك سبب انقطاع كل قاصد ، وموجب فترة كل مريد. وخطوات الشيطان هي ما يوسوسه اليك من عجزك عن القيام باستيفاء الواجب ، ولا ينبغي أن نلفت اليها.

وقد وجهنا القرآن الى ايثار روح السّلام حتى مع الجاهلين ، فقال تبارك وتعالى في سورة الفرقان في شأن عباد الرحمن :

«وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً» (٢).

أي نحن شأننا السّلام والمسالمة ونحن نطلب منكم هذه المسألة. كما وجه القرآن الى الاستجابة لروح السّلام حتى مع الاعداء فقال في سورة الانفال :

«وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ» (٣).

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية ٢٠٨.

(٢) سورة الفرقان ، الآية ٦٣.

(٣) سورة الانفال ، الآية ٦١.

٦٠