موسوعة أخلاق القرآن - ج ٦

الدكتور أحمد الشرباصي

موسوعة أخلاق القرآن - ج ٦

المؤلف:

الدكتور أحمد الشرباصي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الرائد العربي
الطبعة: ٣
الصفحات: ٢٠٧

خصومهم ما قام الاسلام ، انما هي الحفنة المؤمنة ، استعدت بقدر ما استطاعت ، ثم خاضت المعركة فكان فيها الفرقان».

وقد جاء ذكر الاعداد في موطن آخر من القرآن الكريم ، حيث يقول الله تبارك وتعالى في سورة التوبة :

«وَلَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلكِنْ كَرِهَ اللهُ انْبِعاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقاعِدِينَ» (١).

قال بعض أهل التأويل ، اعداد العدة هنا يراد به متابعة الانبياء.

وفي لطائف الاشارات : لو صدقوا في الطاعة لاستجابوا ببذل الوسع والطاقة ولكن سقمت ارادتهم ، فحصلت دون الخروج بلادتهم ، وكذلك قيل : «لو صح منك الهوى أرشدت للحيل».

وينبغي أن نلاحظ أن معنى الاعداد والاستعداد قد يظهر لنا من معنى الاستباق الى الخير والبر ، كما في قول الله تعالى في سورة المائدة :

«فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً» (٢).

وكذلك يظهر في معنى التزود من الصالحات ، حيث يقول الحق جل جلاله في سورة البقرة :

«وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ» (٣).

__________________

(١) سورة التوبة ، الآية ٤٦.

(٢) سورة المائدة ، الآية ٤٨.

(٣) سورة البقرة ، الآية ١٩٧.

٨١

أي تزودوا لمعادكم من الاعمال الصالحة ، وخير الزاد اتقاء المنهيات ، وفي هذا تنبيه على أن هذه الدار ليست بدار قرار ، ولذلك قال أهل الاشارات : ذكّرهم الله تعالى سفر الآخرة ، وحثهم على تزود التقوى فان التقوى زاد الآخرة. يقول الشاعر :

اذا أنت لم ترحل بزاد من التقى

ولاقيت بعد الموت من قد تزودا

ندمت على أن لا تكون كمثله

وأنك لم ترصد كما كان أرصدا

ويقول الآخر :

الموت بحر طامح موجه

تذهب فيه حيلة السابح

يا نفس اني قائل فاسمعي

مقالة من مشفق ناصح

لا يصحب الانسان في قبره

غير التقى والعمل الصالح

ولقد أرشدتنا السنة المطهرة الى أمور تعد من لباب الاعداد والاستعداد بالمعنى الاخلاقي الجليل ، فروى الامام مسلم قول سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسّلام : «ان أفضل ما نعد شهادة أن لا اله الا الله».

وعن أنس رضي الله عنه أن رجلا ـ هو ذو الخويصرة اليماني ـ سأل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : متى الساعة؟.

فقال له النبي : وماذا أعددت لها؟.

قال الرجل : لا شيء الا أني أحب الله ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

فقال النبي أنت مع من أحببت.

قال أنس : فما فرحنا بشيء فرحنا بقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أنت مع من أحببت.

ثم قال أنس : فأنا أحب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبا بكر وعمر ،

٨٢

وأرجو أن أكون معهم بحبي اياهم ، وان لم أعمل بمثل أعمالهم. رواه البخاري.

وهناك رواية أخرى رواها البخاري أيضا عن أنس قال : بينما أنا والنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم خارجان من المسجد ، فلقينا رجل عند سدة المسجد ، فقال : يا رسول الله متى الساعة؟ (أي متى تقوم القيامة).

فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ما أعددت لها؟

فكأن الرجل استكان.

ثم قال : يا رسول الله ، ما أعددت لها كبير صيام ولا صلاة ولا صدقة ، ولكن أحب الله ورسوله.

قال النبي : أنت مع من أحببت.

ويروي الترمذي قول سيد الخلق صلوات الله وسلامه عليه : كن في الدنيا كأنك غريب ، أو عابر سبيل ، وعد نفسك من أهل القبور.

وهذه الحال تجعل صاحبها يحسن الاعداد والاستعداد ، كما جاء في الاثر الاسلامي القائل : «اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا».

وقد أشار عمر رضوان الله عليه الى فضيلة الاعداد والاستعداد حين قال : حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوها قبل أن توزنوا ، وتهيأوا للعرض الاكبر ، يومئذ تعرضون على ربكم لا تخفى منكم خافية.

نسأل الله عزوجل أن يهبنا نعمة الاعداد لما عنده ، والاستعداد ليوم لقائه ، انه بالمؤمنين رؤوف رحيم.

٨٣

التحدث بنعمة الله

التحدث من الحديث ، والحديث تدل مادته على وجود أمر بعد أن لم يكن ، والحديث بمعنى الكلام من هذا الباب ، لأنه كلام يحدث منه الشيء بعد الشيء. وحداثة السن كناية عن الشباب واول العمر. هكذا تقول اللغة ، وفي تاج العروس أنه جاء في حديث الحسن : «حادثوا هذه القلوب بذكر الله تعالى ، فانها سريعة الدثور ، أي اجلوها بالمواعظ ، واغسلوا الدرن عنها ، وشوقوها حتى تلقي عنها الصدأ الذي تراكم عليها ، وتعاهدوها بذلك.

والتحدث بنعمة الله تبارك وتعالى خلق من أخلاق القرآن الكريم ، وفضيلة من فضائل الاسلام العظيم ، وجانب من هدي الرسول عليه الصلاة والتسليم.

وقد جاء ذكر التحدث بنعمة الله عز شأنه ذكرا صريحا في قول الله سبحانه مخاطبا سيدنا وقائدنا ورائدنا رسول الله صلوات الله وسلامه عليه ، وذلك قوله في سورة الضحى :

«وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ» (١).

__________________

(١) سورة الضحى ، الآية ١١.

٨٤

أي ما جاءك من الله تعالى من نعمة وكرامة ، كالنبوة ، أو القرآن ، أو جميع الخيرات الاخرى ، فحدث بها واذكرها وادع اليها. وقال ابن كثير : كما كنت عائلا فقيرا فأغناك الله سبحانه ، فحدث بنعمة الله عليك ، كما جاء في الدعاء المأثور النبوي : «اجعلنا شاكرين لنعمتك ، مثنين بها عليك ، قابلين لها ، وأتمها علينا». وقيل ان المعنى : انشر ما أنعم الله به عليك بالشكر وألثناء والتحدث بالنعمة. والاعتراف بها شكر.

وللرازي في تفسير هذه الآية عبارة يقول فيها : اذا وفقك الله فراعيت حق اليتيم والسائل ـ وذلك التوفيق نعمة من الله عليك ـ فحدث بها ليقتدي بك غيرك. ومنه ما روي عن الحسين بن علي عليهما‌السلام أنه قال : اذا عملت خيرا فحدث اخوانك ليقتدوا بك. الا أن هذا انما يحسن اذا لم يتضمن رياء ، وظن أن غيره يقتدي به. ومن ذلك أنه لما سئل أمير المؤمنين علي عليه‌السلام عن الصحابة ، أثنى عليهم وذكر خصالهم ، فقالوا له : فحدثنا عن نفسك. فقال : مهلا فقد نهى الله عن التزكية.

فقيل له : أليس الله تعالى يقول : وأما بنعمة ربك فحدث؟.

فقال : فاني أحدّث ، كنت اذا سئلت أعطيت ، واذا سكت ابتديت ، وبين الجوانح علم جم ، فاسألوني.

ويقول الله تبارك وتعالى في شأن ذكر نعم الله والتحدث بها في سورة البقرة :

«اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ» (١).

أي لا تغفلوا عن نعمتي التي أنعمت بها ولا تناسوها ، بل اذكروها

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية ٤٠.

٨٥

وتحدثوا بها ، واشكروها قولا وعملا.

ولقد قال المحققون : التحديث بنعم الله تعالى جائز مطلقا ، بل مندوب اليه اذا كان الغرض منه أن يقتدي غيره به ، أو أن يشيع شكر ربه بلسانه ، واذا لم يأمن على نفسه الفتنة والاعجاب فالستر أفضل. ولذلك يقول الحسن رضي الله عنه : اذا أصبت خيرا ، أو عملت خيرا ، فحدث به الثقة من اخوانك. وكان عمرو بن ميمون يردد قوله : اذا لقي الرجل من اخوانه من يثق به يقول له : رزق الله من الصلاة البارحة كذا وكذا.

ولا شك أن الرجل الذي يحلي نفسه ويجمل ذاته بفضيلة التحدث بنعم الله سبحانه ـ قولا وعملا ـ رجل جدير بالتقدير والمثوبة والاجر من خالقه تبارك وتعالى لأن هذا التحدث يدل أولا على تقدير النعمة ، ويدل ثانيا على روح الاعتراف والاقرار بفضل خالقها وواهبها ، ويدل ثالثا على أن النعمة وجدت لديه الارض الطيبة التي تثمر خير الاثمار ولذلك يعد التحدث بالنعمة من أكرم خصال الانبياء وفضائلهم ، وهذا زعيمهم محمد ، كان أحرص الناس على التحدث بفضل ربه ، وأسرع الناس الى عبادته وشكره ، وكلما قال له أحد من خاصته : لم تجهد نفسك في العبادة ، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فيجيب قائلا : «أفلا أكون عبدا شكورا»؟.

وقد أشار القرآن الى أن التحدث بالنعمة وشكرها من فضائل الانبياء ، فقال في سورة النمل على لسان سليمان :

«رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ

٨٦

فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ» (١).

أي ألهمني أن أشكر نعمتك التي مننت بها عليّ وعلى والديّ ، وأن أعمل عملا تحبه وترضاه ، واذا توفيتني فألحقني بالصالحين من عبادك ، والرفيق الاعلى من أوليائك.

وفي الجزء الاول من كتابي «أخلاق القرآن (٢)» تحدثت عن فضيلة الشكر ، خلال عشر صفحات ، ومن هذا الحديث ندرك عمق الصلة بين فضيلة الشكر وفضيلة التحدث بنعمة الله ، لأن الشكر هو تصور النعمة واظهارها ، وضده الكفر ، وهو نسيان النعمة وسترها ، بل توسع بعضهم في تصوير الشكر فوصفه بأنه مقابلة النعمة بالفعل والقول والنية فيثني على النعم بلسانه ، ويذيب نفسه في طاعته ، ويعتقد أنه موليها.

ويروي أبو نضرة قوله : كان المسلمون يرون أن من شكر النعم التحدث بها.

ومن جميل صنع الله بنا أنه جعل شكرنا للناس على معروفهم داخلا ضمنا في شكر الله تعالى ، فروى الترمذي وأبو داود قول الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا يشكر الله من لا يشكر الناس».

وروى أبو داود الحديث التالي : «من أبلى بلاء فذكره فقد شكره ، ومن كتمه فقد كفره».

وروى أيضا : «من أعطي عطاء فوجد فليجز به ، فان لم يجد فليثن به ، فمن أثنى به فقد شكره ، ومن كتمه فقد كفره».

__________________

(١) سورة النمل ، الآية ١٩.

(٢) كتابي «أخلاق القرآن» ج ١ ص ١١٢ ـ ١٢١. نشر دار الرائد العربي ، سنة ١٩٧١.

٨٧

ومن مظاهر فضيلة التحدث بنعمة الله تبارك وتعالى أن يتمتع الانسان تمتعا معقولا مقبولا معتدلا بما ساق الله اليه من نعم وخيرات وآلاء ، والرسول صلوات الله وسلامه عليه يقول في هذا الشأن : «ان الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده».

وعن مالك بن نضلة الجشمي : كنت عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم جالسا ، فرآني رث الثياب ، فقال : ألك مال؟. قلت : نعم يا رسول الله ، من كل المال. قال : اذا آتاك الله مالا ، فلير أثره عليك.

والتحدث بنعمة الله عز شأنه يتضمن الثناء على الله المنعم المتفضل ، ولابن القيم في «مدارج السالكين» عبارة تبين الصلة بين التحدث والثناء ، يقول فيها :

«الثناء على المنعم المتعلق بالنعمة نوعان : عام وخاص ، فالعام وصفه بالجود والكرم والبر والاحسان ، وسعة العطاء ، ونحو ذلك. والخاص التحدث بنعمته ، والاخبار بوصولها اليه ، من جهته ، كما قال تعالى :

«وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ» (١).

وفي هذا التحديث المأمور به قولان ، أحدهما أنه ذكر النعمة ، والاخبار بها ، وقوله : أنعم الله عليّ بكذا وكذا. قال مقاتل : يعني اشكر ما ذكر من النعم عليك في هذه السورة ، من جبر اليتم ، والهدى بعد الضلال ، والاغناء بعد العيلة.

والتحدث بنعمة الله شكر ، كما في حديث جابر مرفوعا : «من صنع اليه معروف فليجز به ، فان لم يجد ما يجزي فليثن ، فانه اذا أثنى عليه فقد شكره ، وان كتمه فقد كفره ، ومن تحلى بما لم يعط كان كلابس ثوبي زور».

__________________

(١) سورة الضحى ، الآية ١١.

٨٨

فذكر اقسام الخلق الثلاثة : شاكر النعمة المثني بها ، والجاحد لها والكاتم لها ، والمظهر أنه من أهلها ، وليس من أهلها ، فهو متحل بما لم يعطه.

وفي أثر آخر مرفوع : «من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير ، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله ، والتحدث بنعمة الله شكر ، وتركه كفر ، والجماعة رحمة ، والفرقة عذاب».

والقول الثاني : ان التحدث بالنعمة المأمور به في هذه الآية : هو الدعوة الى الله ، وتبليغ رسالته ، وتعليم الامة. قال مجاهد : هي النبوة.

قال الزجاج : أي بلّغ ما ارسلت به ، وحدّث بالنبوة التي آتاك الله. وقال الكلبي : هو القرآن ، أمره أن يقرأه.

والصواب انه يعم النوعين ، اذ كل منهما نعمة مأمور بشكرها ، والتحدث بها. واظهارها من شكرها.

وضد التحدث بالنعمة هو جحود النعمة وانكارها. والجحود رذيلة من أقبح الرذائل ، وخصوصا اذا كانت النعمة من الله تبارك وتعالى ، والقرآن الكريم يقول في سورة النحل عن اخساء من الناس :

«يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ» (١).

أي يعرفون نعم الله الكثيرة الغزيرة التي أنعم بها عليهم ، أي يعرفون أنها من عند الله تبارك وتعالى ، ثم لا يتحدثون بها ، ولا ينسبونها الى خالقها وواهبها ، بل يقولون ، انهم ورثوا عن آبائهم. أو قد عرّفهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بهذه النعم وقررهم بها ، فأقروا ، ولكنهم قالوا انها جاءت بشفاعة أهلنا ، أو هم يعرفون نعم الله تعالى ، لأنهم يتمتعون بها

__________________

(١) سورة النحل ، الآية ٨٣.

٨٩

ويتقلبون فيها ، ولكنهم ينكرونها بترك الشكر عليهم ، فهم يعرفونها بأقوالهم ، وينكرونها بأفعالهم ، أو يعرفونها بقلوبهم ، وينكرونها بألسنتهم ، أو يعرفونها عند الشدة ، وينكرونها عند الرخاء.

ويقول الله تبارك وتعالى في سورة النمل عن طائفة من الجاحدين :

«وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ» (١).

أي أنكروا آية الله سبحانه في ظاهر أنفسهم ، وعلموا في أنفسهم أنها من عند الله عز شأنه ، ولكنهم جحدوها وعاندوها ، ظلما من أنفسهم ، واستكبارا عن اتباع الحق ، فانظر كيف عاقبة امرهم في اهلاك الله جل جلاله اياهم.

نسأل الله عز شأنه أن يوفقنا فيجعلنا بفضله ورحمته من المزدانين بفضيلة التحدث بنعمه وآلائه ، وأن يباعد بيننا وبين رذيلة الجحود والنكران ، انه سميع مجيب.

__________________

(١) سورة النمل ، الآية ١٤.

٩٠

تعظيم شعائر الله

تقول اللغة : الشعيرة والشعار والشعارة : تطلق على المكان أو الشيء الذي يشعر بأمر له شأن ، وأطلق على معالم الحج ومواضع النسك ، وتسمى مشاعر ـ جمع مشعر ـ وعلى العمل الاجتماعي المخصوص الذي هو عبادة ونسك. والشعائر هي المعالم التي ندب الله اليها وأمر بالقيام بها ، وقيل ان معالم الحج معالمه الظاهرة للحواس ، وقيل ان شعائر الحج هي آثاره وعلاماته ، أو كل ما كان من أعماله ، كالوقوف والطواف والسعي والرمي والذبح وغير ذلك. والشعار ما يشعر به الانسان نفسه في الحرب أي يعلّم ، وشعار الحرب ما يتعارف به الجيش.

وتعظيم حرمات الله تبارك وتعالى هو صيانتها واجلالها ، والشعور في قلب الانسان بالرهبة منها والحرص على أداء الحقوق المتعلقة بها في وفاء واخلاص ، وهذا بالمعنى الاخلاقي يعد خلقا من أخلاق القرآن الكريم وفضيلة من فضائل الاسلام العظيم ، وجانبا من هدي النبي عليه الصلاة والتسليم ، وقد تكرر ذكر الشعائر في القرآن الكريم ، فمن ذلك قوله تبارك وتعالى في سورة البقرة :

«إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ

٩١

أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ» (١).

أي ان السعي بين جبلي الصفا والمروة من أعلام دين الله سبحانه ، أو هما من متعبداته ، على أساس أن شعائر الله هي اعلام طاعته ، فكل شيء جعل علما من أعلام طاعة الله فهو من شعائر الله عزوجل ، ويعلل «تفسير المنار» كون المناسك والاعمال في الحج شعائر وعلامات بأن القيام بها علامة على الخضوع لله تعالى وعبادته ايمانا وتسليما ، فالشعائر لا تطلق الا على الاعمال المشروعة التي فيها تعبد لله سبحانه ، ولذلك غلب استعمال الشعائر لأنها تعبدية ، ولذلك قال الزجاج في قوله تعالى :

«لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ» (٢).

أي جميع متعبداته التي أشعرها الله ، أي جعلها الله اعلاما لنا.

ويذكر تفسير «في ظلال القرآن» أن حديث القرآن هنا عن الصفا والمروة مثال من المنهج القرآني التربوي العميق ، اذ يبدأ بتقرير أن الصفا والمروة من شعائر الله : «ان الصفا والمروة من شعائر الله» فاذا اطوّف بهما مطوّف فانما يؤدي شعيرة من شعائر الله. وانما يقصد بالطواف بينهما الى الله ، ثم يختم الآية بتحسين التطوع بالخير اطلاقا : «ومن تطوع خيرا فان الله شاكر عليهم» فيلمح الى أن هذا الطواف من الخير ، ينيب عليه بالخير ، والله شاكر ، وهذا تعبير يشيع ظلال الرضا الكامل ، حتى كان الشكر من الرب للعبد ، ومن هنا يوحي التعبير بالادب الواجب من العبد مع الرب ، فاذا كان الرب يشكر لعبده الخير ، فماذا يصنع العبد ليوفي

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية ١٥٨.

(٢) سورة المائدة ، الآية ٢.

٩٢

الرب حقه من الشكر والحمد ، وهو جل جلاله الذي يعلم ما تنطوي عليه القلوب من نية وشعور.

ويقول الله تبارك وتعالى في سورة البقرة أيضا :

«فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ» (١).

والمشعر الحرام هو الجبل الذي يقف عليه الامام في الحج ، وقيل هو المزدلفة ، وروي ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لما أتاه دعا وكبر وهلل. أي اذا دفعتم ركائبكم من عرفات بعد الوقوف المعروف عليها ، فاذكروا الله تعالى بالدعاء والتهليل ، والتكبير والتلبية عند المشعر الحرام وهو الجبل المعروف ، ويسمى قزح ـ بضم ففتح ـ وسمي مشعرا لأنه معلم للعبادة ، ووصف بالحرام لحرمته.

ويقول القرآن الكريم في سورة المائدة :

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً ، وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا ، وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا ، وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية ١٩٨.

٩٣

الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ» (١).

الشعائر هنا ما يهدي الى بيت الله سبحانه ، وسميت بذلك لأنها تشعر ، أي تعلّم بأن تدمى بحديدة ، وقيل ان شعائر الله هي محارمه ، أي لا تحلوا محارم الله التي حرمها الله عزوجل ، وقيل ان المعنى : لا تجعلوا شعائر الله حلالا تتصرفون بها كما تشاؤون. وقد جعلها الله معالم وأمارات تعلمون بها فرائض الله وحدوده ، وحلاله وحرامه ، بل اعملوا فيها بما بينه لكم ، فلا تتعدوا حدود الله في أمر من الامور ، وشعائر الله ـ على هذا ـ هي جميع ما أمر الله به ونهى عنه ، ولذلك قال الحسن : شعائر الله هي دين الله كله. وقال القشيري : الشعائر معالم الدين ، وتعظيم ذلك واحلاله خلاصة الدين ، ولا يكون ذلك الا بالاستسلام عند هجوم التقدير ، والتزام الامر بجميل الاعتناق ، واخلال الشعائر يكون بالاخلال بالاوامر.

ولنلاحظ هنا كيف جمع النص الكريم بين تعظيم شعائر الله والتقوى ، ولعل السر في ذلك هو أن تعظيم شعائر الله مظهر لاجلال الله سبحانه ، واجلال الله باعث على التقوى محقق لها ، وهذا الربط بين التقوى وتعظيم الشعائر يوضح لنا عمق الصلة بين التقوى وهذا التعظيم ، وبذلك يتضح لنا ان تعظيم شعائر الله خلق قرآني وفضيلة اسلامية وهدي نبوي.

ويقول القرآن الكريم في سورة الحج :

«ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ» (٢).

__________________

(١) سورة المائدة ، الآية ٢.

(٢) سورة الحج ، الآية ٣٢.

٩٤

وقد جاء قبل هذه الآية قوله تعالى :

«ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ، وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ، حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ» (١)

وتعظيم حرمات الله ـ كما يقول أهل التفسير ـ يتبعه التحرج من المساس بها ، وذلك خير عند الله : خير في عالم الضمير والمشاعر وخير في عالم الحياة والواقع ، فالضمير الذي يتحرج هو الضمير الذي يتطهر ، والحياة التي ترعى فيها حرمات الله هي الحياة التي يأمن فيها البشر من البغي والاعتداء ، ويجدون فيها مثابة أمن ، وواحة سلام ، ومنطقة اطمئنان.

وفي قوله تعالى : «ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ» نص صريح واضح على الارتباط بين تعظيم شعائر الله وتقوى القلوب ، حتى لو أخذنا بالتفسير الضيق النطاق لمعنى شعائر الله وهو الهدي الذي يسوقه الحجيج ، فالتقوى ـ كما يشرح تفسير في ظلال القرآن ـ هي الغاية من مناسك الحج ومشاعره ، فهذه الشعائر ما هي الا رموز تعبر عن التوجه الى رب البيت وطاعته ، وقد تحمل في طياتها ذكريات قديمة من عهد أبي الانبياء ابراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسّلام وما تلا عهد ابراهيم ، وهي ذكريات الطاعة والانابة لله والتوجه اليه منذ نشأت هذه الامة المسلمة ، فهي والدعاء والصلاة سواء.

__________________

(١) سورة الحج ، الآية ٣٠ و ٣١.

٩٥

وهذه الانعام التي ينحرها الحجيج في نهاية أيام الاحرام يجوز لصاحبها الانتفاع بها ، ان كان في حاجة اليها لركوبها ، أو حاجة الى ألبانها لشربها ، الى أن تبلغ مكانها وهو البيت الحرام ، ثم تنحر هناك ، ولقد كان المسلمون على عهد رسول الله عليه الصلاة والسّلام يغالون في الهدي فيختارونه سمينا غالي الثمن ، يعلنون بذلك عن تعظيمهم لشعائر الله مدفوعين بتقوى الله حتى روي أن عمر بن الخطاب أهدى نجيبة ـ أي ناقة كريمة أصيلة ـ فأراد بعضهم أن يعطيه بدلها ثلاثمائة دينار ، فذهب الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يستشيره وسأله : أفأبيعها واشتري بثمنها نياقا أنحرها؟ فقال له النبي : انحرها اياها.

ولم يكن عمر يريد بهذا أن يضن بقيمة هذه الناقة ، بل كان يريد أن يبيعها ليشتري بثمنها نياقا أو بقرا للذبح ، فنصحه الرسول أن يضحي بالناقة نفسها ، لأنها أدل على التقوى والاخلاص والبذل في سبيل الله : «فانها من تقوى القلوب».

ولنتذكر ما سبق من قول الحسن : شعائر الله هي دين الله كله ، ويفسر هذا أحسن تفسير قول الحسن أيضا : قوله «ذلك ومن يعظم شعائر الله فانها من تقوى القلوب» أي دين الله.

وفي تفسير القرطبي : وهذا القول هو الراجح الذي يقدم على غيره لعمومه.

وعند ما تحدث تفسير «لطائف الاشارات» عن بيان قوله تعالى : «ذلك ومن يعظم شعائر الله فانها من تقوى القلوب» أورد هذه العبارة التي جاءت على طريقته الخاصة به : «يقف المؤمن على تعيين شعائر الله وتفصيلها بشهادة العلم جهرا ، وبخواطر الالهام سرا ، وكما لا تجوز مخالفة شهادة الشرع لا تجوز مخالفة شهادة خواطر الحق ، فان خاطر الحق لا

٩٦

يكذب ، وعزيز من له عليه وقوف. وكما أن النفس لا تصدق فالقلب لا يكذب ، واذا خولف القلب عمي في المستقبل ، وانقطعت عنه تعريفات الحقيقة ، والعبارة والشرح يتقاصران عن ذكر هذا على التعيين والتفسير». ويقول الله تبارك وتعالى في سورة الحج أيضا :

«وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوافَّ فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ، لَنْ يَنالَ اللهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ» (١).

والبدن هي الابل والبقر ، جعلها الله من أعلام الشريعة التي شرعها الله لكم ، فيها ثواب في الآخرة ، وصواف : قائمة مصفوفة الايدي والارجل ، ووجبت جنوبها : سقطت على الارض بعد الذبح. والقانع : السائل. والمعتر : الذي يتعرض لكم دون سؤال.

ولنلاحظ هنا مرة أخرى كيف ربط القرآن الكريم تعظيم شعائر الله مع التقوى والاخلاص ، وافراد الله بالتوجه اليه سبحانه ، ولذلك يقرر القشيري أنه لا عبرة بأعيان الافعال سواء أكانت بدنية محضة ، أو مالية صرفة ، أو بما له تعلق بالوجهين ، ولكن العبرة باقترانها بالاخلاص ، أي أن تكون خالصة لله حتى تصلح للقبول : «لن ينال الله لحومها ولا دماؤها

__________________

(١) سورة الحج ، الآية ٣٦ و ٣٧.

٩٧

ولكن يناله التقوى منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين.

وتعظيم حرمات الله يكون بتعظيم أمره ، وتعظيم أمره يكون بترك مخالفته ، لأن من طلب الرضا بغير رضا الله لا يصل الى القبول أو الرضوان. والحرمات جمع حرمة وهي ما يحل هتكه ، وجميع ما كلفنا الله به بهذه الصفة ، من مناسك الحج وغيرها ، ويحتمل أن يكون ذلك عاما في جميع تكاليفه ، وقد روي أن الحرمات خمس : الكعبة الحرام ، والمسجد الحرام ، والبلد الحرام ، والشهر الحرام ، والمشعر الحرام.

ويقول ابن كثير : من يجتنب معاصي الله ومحارمه ، ويكون ارتكابها عظيما في نفسه ، فهو خير له عند ربه ، أي فله على ذلك خير كثير وثواب جزيل ، فكما يوجد على فعل الطاعات ثواب كثير وأجر جزيل ، يوجد مثل ذلك على ترك المحرمات واجتناب المحظورات.

ويعقد ابن القيم في كتابه «مدارج السالكين» رابطة بين فضيلة المعرفة بالله وتعظيمه في القلب ـ وتعظيم الله يستتبع تعظيم شعائر الله وحرماته فيقول : «ومن منازل «اياك نعبد واياك نستعين» منزلة التعظيم ، وهذه المنزلة تابعة للمعرفة ، فعلى قدر المعرفة يكون تعظيم الرب تعالى في القلب ، وأعرف الناس به أشدهم له تعظيما واجلالا ، وقد ذم الله تعالى من لم يعظمه حق عظمته ، ولا عرفه حق معرفته ، ولا وصفه حق صفته. وأقوالهم تدور على هذا ، فقال تعالى : «ما لكم لا ترجون لله وقارا». قال ابن عباس ومجاهد : لا ترجون لله عظمة. وقال سعيد بن جبير : ما لكم لا تعظمون الله حق عظمته؟. وقال الكلبي : لا تخافون لله عظمة.

قال البغوي : والرجاء بمعنى المخوف ، والوقار العظمة ، اسم من التوقير ، وهو التعظيم. وقال الحسن : لا تعرفون لله حقا ، ولا تشكرون

٩٨

له نعمة. وقال ابن كيسان : لا ترجون في عبادة الله أن يثيبكم على توقيركم اياه خيرا.

وروح العبادة هو الاجلال والمحبة ، فاذا تخلى أحدهما عن الآخر فسدت ، فاذا اقترن بهذين الثناء على المحبوب المعظم فذلك حقيقة الحمد ، والله سبحانه أعلم».

وتعظيم الله تعالى يشمل تعظيم أمره ونهيه ، بلا تردد ولا تشكك ولا تأول ، وبلا افراط ولا تفريط ، وتعظيم حكمه يقتضي عرفان قضاء كل حق ، وتعظيم الحق سبحانه ، لأنه الخالق لكل شيء. نسأل الله عزت ارادته وغلبت مشيئته ان يجملنا بفضيلة التعظيم لشعائر الله ، والحفظ لحرمات الله ، انه على كل شيء قدير.

* * *

٩٩

التنافس في الخير

التنافس ـ كما قال الطبري ـ مأخوذ من الشيء النفيس ، والشيء النفيس هو الثمين الذي تحرص عليه نفوس الناس وتشتهيه وتطلبه. وتنافسا في الامر تغالبا. ونافس الرجل صاحبه في الامر أي سابقه ، وأنفس الاعمار أطولها ، وتنافس الرجلان في الخير تغالبا في احرازه ، وتسابقا يريد كل منهما أن يستأثر به ، أو يفوق صاحبه فيه ، ومأخذ ذلك من النفاسة ، وهي رفعة الشيء وعظم مكانته ، فان التغالب يكون في الشيء النفيس ، أو أن كلا منهما يريد أن يكون أنفس من الآخر بما يحرزه من الفضل ، أو يتفوق فيه.

والمنافسة بالمعنى الاخلاقي هي مجاهدة النفس للتشبه بالافاضل ، واللحوق بهم من غير ادخال ضرر على آخر ، والتنافس بهذا المعنى خلق من أخلاق القرآن الكريم ، وفضيلة من فضائل الاسلام العظيم ، وجزء من هدي النبي عليه الصلاة والتسليم.

وقد ورد ذكر هذه الفضيلة القرآنية في القرآن المجيد ، حيث يقول الله تبارك وتعالى في سورة المطففين :

١٠٠