الأصول الأصليّة والقواعد الشرعيّة

السيّد عبد الله شبّر

الأصول الأصليّة والقواعد الشرعيّة

المؤلف:

السيّد عبد الله شبّر


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: منشورات مكتبة المفيد
المطبعة: مهر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٣٦

اللهِ) وقال تعالى : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) وقال تعالى : (إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) إلى أن قال : فقال لها أبو بكر : إني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : نحن معاشر الأنبياء لا نورث ذهبا ولا فضة ولا دارا ولا عقارا وإنما نورث الكتب والحكمة ، إلى أن قال : فقالت عليها‌السلام : سبحان الله ما كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن كتاب الله صادفا ولا لأحكامه مخالفا بل كان يتبع أثره ويقفو سوره أفتجمعون وتميلون إلى الغدر وعدم الوفاء اعتلالا عليه واعتذارا بالزور وهذا الذي صدر عنكم بعد وفاته شبيه بما بغي له من الغوائل والدواهي في حياته هذا كتاب الله حكما عدلا لا جور فيه وناطقا فصلا يقول : (يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) (وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ) فبين عزوجل فيما وزع من الأقساط وشرع من الفرائض والميراث وأباح من حظ الذكران والإناث ما أزاح علة المبطلين وأزال التظني والشبهات في الغابرين إلى أن قالت : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) إلى آخر كلامها وخطبتها ، وهي ظاهرة كمال الظهور كالنور على الطور في المطلوب وحقية مضامينها يغني عن ملاحظة سندها على أنها مروية من طرق العامة والخاصة بأسانيد عديدة ومتون سديدة فقد رواها السيد ابن طاوس في الطرائف وعلي بن عيسى الأربلي في كشف الغمة والسيد المرتضى في الشافي وروى الصدوق في العلل جملة منها ورواها من المخالفين الجوهري في كتاب السقيفة والمرزباني وصاحب الفائق والحافظ وابن أبي الحديد وغيرهم وقد شرحناها في رسالة مفردة.

نهج البلاغة ـ ثم اختار سبحانه لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله لقاه ورضي له ما عنده فأكرمه عن دار الدنيا ورغب به عن مقارنة البلوى فقبضه إليه كريما صلى‌الله‌عليه‌وآله وخلف فيكم ما خلفت الأنبياء في أممها ، إذ لم يتركوهم هملا بغير طريق واضح ولا علم قائم كتاب ربكم مبينا حلاله وحرامه وفرائضه وفضائله وناسخه ومنسوخه ورخصه وعزائمه وخاصه وعامه وعبره وأمثاله ومرسله ومحدوده ومحكمه ومتشابهه مفسرا جملة ومبينا غوامضه بين مأخوذ ميثاق علمه وموسع على العباد في جهله ، وبين مثبت في الكتاب فرضه معلوم في السنة نسخه ، وواجب في السنة أخذه مرخص في الكتاب تركه ، وبين واجب لوقته وزائل في مستقبله ومباين بين محارمه ، من كبير أوعد عليه نيرانه أو صغير أرصد له غفرانه ، وبين مقبول في أدناه وموسع في أقصاه.

نهج البلاغة ـ فانظر أيها السائل فما ذلك عليه القرآن من صفته

١٠١

فائتم به واستضئ بنور هدايته وما كلفك الشيطان علمه مما ليس في الكتاب عليك فرضه ولا في سنة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأئمة الهدى أثره فكل علمه إلى الله سبحانه فإن ذلك منتهى حق الله عليك.

نهج البلاغة ـ قال عليه‌السلام في التحكيم : إنا لم نحكم الرجال وإنما حكمنا القرآن وهذا القرآن إنما هو خط مسطور بين الدفتين لا ينطق بلسان ولا بد له من ترجمان وإنما ينطق عنه الرجال ولما دعانا القوم إلى أن يحكم بيننا القرآن لم نكن الفريق المتولي عن كتاب الله تعالى ، وقال الله سبحانه : (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ) فرده إلى الله سبحانه أن يحكم بكتابه ورده إلى الرسول أن يؤخذ بسنته إلخ.

نهج البلاغة ـ انتفعوا ببيان الله واتعظوا بمواعظه واقبلوا نصيحة الله فإن الله قد أعذر إليكم بالجلية واتخذ عليكم الحجة وبين لكم محابه من الأعمال ومكارهه لتتبعوا هذه وتجتنبوا هذه إلى أن قال عليه‌السلام : واعلموا أن هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغش والهادي الذي لا يضل والمحدث الذي لا يكذب وما جالس هذا القرآن أحد إلا قام عنه بزيادة أو نقصان زيادة في هدى ونقصان من عمى إلى أن قال عليه‌السلام : فكونوا من حرثته وأتباعه واستدلوه على ربكم واستنصحوه على أنفسكم واتهموا عليه آراءكم واغتشوا فيه أهواءكم.

نهج البلاغة ـ قال عليه‌السلام في ذكر القرآن : فالقرآن آمر زاجر وصامت ناطق حجة الله على خلقه أخذ عليهم ميثاقهم وارتهن عليه أنفسهم.

نهج البلاغة ـ في وصف المتقين : أما الليل فصافون أقدامهم تالون لأجزاء القرآن يرتلونه ترتيلا يحزنون به أنفسهم ويستثيرون دواء دائهم فإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا وتطلعت نفوسهم إليها شوقا وظنوا أنها نصب أعينهم وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم وظنوا أن زفير جهنم وشهيقها في أصول آذانهم.

نهج البلاغة ـ ثم أنزل عليه الكتاب نورا لا تطفأ مصابيحه وسراجا لا يخبو توقده وبحرا لا يدرك قعره ومنهاجا لا يضل نهجه وشعاعا لا يظلم ضوؤه وفرقانا لا يخمد برهانه وبنيانا لا تهدم أركانه وشفاء لا يخشى أسقامه وعزا لا يهزم أنصاره وحقا لا يخذل أعوانه ، فهو معدن الإيمان

١٠٢

وبحبوحته وينابيع العلم وبحوره ورياض العدل وغدرانه وأثافي الإسلام وبنيانه وأودية الحق وغيطانه وبحر لا ينزفه المستنزفون وعيون لا ينضبها الماتحون ومناهل لا يغيضها الواردون ومنازل لا يضل نهجها المسافرون وأعلام لا يعمى عنها السائرون وآكام لا يجور عنها القاصدون ، جعله الله ريا لعطش العلماء وربيعا لقلوب الفقهاء ومحاج لطريق الصلحاء ودواء ليس بعده داء ونورا ليس معه ظلمة وحبلا وثيقا عروته ومعقلا منيعا ذروته وعزا لمن تولاه وسلما لمن دخله وهدى لمن ائتم به وعذرا لمن انتحله وبرهانا لمن تكلم به وشاهدا لمن خاصم به وفلجا لمن حاج به وحاملا لمن حمله ومطية لمن أعمله وآية لمن توسم وجنة لمن استلأم وعلما لمن وعى وحديثا لمن روى وحكما لمن قضى.

نهج البلاغة ـ وأنزل عليكم الكتاب تبيانا وعمر فيكم نبيه زمانا حتى أكمل له ولكم دينه فيما أنزل من كتابه الذي رضي لنفسه وأنهى إليكم على لسانه محابه من الأعمال ومكارهه ونواهيه وأوامره فألقى إليكم المعذرة وأنجد عليكم الحجة وقدم إليكم بالوعيد وأنذركم (بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ).

نهج البلاغة ـ ومن كلام له عليه‌السلام عند تلاوته (رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ) : إن الله سبحانه جعل الذكر جلاء للقلوب يسمع به بعد الوقرة ويبصر به بعد العشوة وينقاد به بعد المعاندة.

نهج البلاغة ـ ومن كتابه عليه‌السلام إلى الأشتر أمره بتقوى الله وإيثار طاعته واتباع ما أمر به في كتابه من فرائضه وسننه التي لا يسعد أحد إلا باتباعها ولا يشقى إلا مع جحودها وإضاعتها إلى أن قال : واردد إلى الله ورسوله ما يضلعك من الخطوب ويشتبه عليك من الأمور فقد قال الله سبحانه لقوم أحب إرشادهم : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ) فالرد إلى الله الأخذ بمحكم كتابه والراد إلى الرسول الأخذ بسنته الجامعة غير المفرقة ، إلى أن قال عليه‌السلام : والواجب عليك أن تتذكر ما مضى لمن تقدمك من حكومة عادلة أو سنة فاضلة أو أثر عن نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله أو فريضة في كتاب الله فتقتدي بما شاهدت مما عملنا فيه وتجتهد لنفسك في اتباع ما عهدت إليك في عهدي هذا.

نهج البلاغة ـ ومن كتاب له عليه‌السلام إلى الحارث الهمداني : وتمسك بحبل القرآن وانتصحه وأحل حلاله وحرم حرامه وصدق بما سلف من الحق.

١٠٣

العيون ـ عن أبيه ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد جميعا عن سعد بن عبد الله عن محمد بن عبد الله المسمعي عن أحمد بن الحسن الميثمي عن الرضا عليه‌السلام في حديث قال فيه في الخبرين المتعارضين : فما ورد عليكم من خبرين مختلفين فأعرضوهما على كتاب الله فما كان في كتاب الله موجودا حلالا أو حراما فاتبعوا ما وافق الكتاب.

الصحيفة السجادية ـ قال عليه‌السلام في دعاء ختم القرآن : اللهم إنك أعنتني على ختم كتابك الذي أنزلته نورا وجعلته مهيمنا على كل كتاب أنزلته وفضلته على كل حديث قصصته وفرقانا فرقت به بين حلالك وحرامك وقرآنا أعربت به عن شرائع أحكامك وكتابا فصلته لعبادك تفصيلا ووحيا أنزلته على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله تنزيلا وجعلته نورا نهتدي به من ظلم الضلالة والجهالة باتباعه وقال عليه‌السلام في وداع شهر رمضان : أنت الذي فتحت لعبادك بابا إلى عفوك وسميته التوبة وجعلت على ذلك الباب دليلا من وحيك لئلا يضلوا عنه فقلت تبارك اسمك : (تُوبُوا إِلَى اللهِ) إلى آخرها.

نهج البلاغة ـ وكتاب الله بين أظهركم ناطق لا يعيا لسانه وبيت لا تهدم أركانه وعز لا تهزم أعوانه إلى أن قال عليه‌السلام : كتاب الله تبصرون به وتنطقون به وتسمعون به وينطق بعضه ببعض ويشهد بعضه ببعض ولا يختلف في الله ولا يخالف بصاحبه عن الله.

نهج البلاغة ـ إن من أحب عباد الله عبدا أعانه الله على نفسه إلى أن قال : وقد أمكن الكتاب من زمامه فهو قائده وأمامه يحل حيث حل ثقله وينزل حيث كان منزله.

العيون ـ بالأسانيد الثلاثة عن الرضا عن آبائه قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : كأني قد دعيت فأجبت وإني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله تبارك وتعالى حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما.

بيان ـ أخبار الثقلين مستفيضة بل قريبة التواتر بين الفريقين وفي بعضها أني مخلف فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، وفي بعضها مستخلف فيكم ، وفي بعضها ذكر خليفتين بعد الثقلين أو بدله ، وفي

١٠٤

بعضها ألا وهما الخليفتان من بعدي وفي بعضها ألا وإن مثلهما فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق ، والتقريب أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله جعل الكتاب حجة وخليفة كأهل البيت ومعنى عدم افتراقهما إما في الوجود كما دلت الأدلة على وجوب وجود الحجة قبل الخلق وبعدهم ومعهم وأن كلا منهم يأمر باتباع الآخر ويصدقه ويشهد بتصديقه أو المراد عدم حصول الافتراق والاختلاف بينهما ، وتفسير عدم الافتراق بوجوب الرجوع في معاني القرآن إلى العترة تكلف ظاهر بل المفرق من قصر العمل على أحدهما دون الآخر كما قالوا : حسبنا كتاب الله ويشهد لذلك ما تقدم من تفسير قوله تعالى : (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ) ويشهد لذلك ما في بعض الروايات من قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أولهما كتاب الله فيه النور فخذوا كتاب الله واستمسكوا به ، وفي بعضها الثقل الأكبر كتاب الله طرف بيد الله وطرف بأيديكم فتمسكوا به لن تضلوا ولن تزلوا ، ولعل وصف الكتاب بكونه الثقل الأكبر لكونه أصلا لقول أهل البيت ودليلا على إمامتهم ومؤكدا لحجتهم أو لأن قضاء الله وحكمته جريا بظهوره دائما دون الآخر ولذا ورد الأمر بعرض الأخبار المشتبهة عليه.

العيون ـ عن البيهقي عن الصولي عن محمد بن موسى الرازي عن أبيه قال ذكر الرضا عليه‌السلام يوما القرآن فعظم الحجة فيه والآية المعجزة في نظمه فقال : هو حبل الله المتين وعروته الوثقى وطريقته المثلى المؤدي إلى الجنة والمنجي من النار لا يختلف من الأزمنة ولا يفت على الألسنة لأنه لم يجعل لزمان دون زمان بل جعل دليل البرهان وحجة على كل إنسان (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ).

معاني الأخبار ـ عن أبيه عن أحمد بن إدريس عن الأشعري عن إبراهيم بن هاشم عن ابن سنان وغيره عمن ذكره قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن القرآن والفرقان أهما شيئان أم شيء واحد؟ قال : فقال : القرآن جملة الكتاب والفرقان المحكم الواجب العمل به.

تفسير العياشي ـ عن ابن سنان قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن القرآن والفرقان : قال : القرآن جملة الكتاب وأخبار ما يكون والفرقان المحكم الذي يعمل به وكل محكم فهو فرقان.

تفسير القمي ـ عن أبيه عن النضر بن سويد عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : الفرقان هو كل أمر محكم والكتاب هو جملة القرآن

١٠٥

الذي يصدقه من كان قبله من الأنبياء.

تفسير العياشي ـ بأسانيده عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أيها الناس إنكم في زمان هدنة وأنتم على ظهر السفر والسير بكم سريع ، وقد رأيتم الليل والنهار والشمس والقمر يبليان كل جديد ويقربان كل بعيد ويأتيان بكل موعود فأعدوا الجهاز لبعد المفاز فقام المقداد فقال : يا رسول الله ما دار الهدنة قال : دار بلاغ وانقطاع فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فإنه شافع مشفع وماحل مصدق من جعله أمامه قاده إلى الجنة ومن جعله خلفه ساقه إلى النار وهو الدليل يدل على خير سبيل وهو كتاب تفصيل وبيان وتحصيل وهو الفصل ليس بالهزل وله ظهر وبطن فظاهره حكم وباطنه علم ظاهره أنيق وباطنه عميق له نجوم وعلى نجومه نجوم لا تحصى عجائبه ولا تبلى غرائبه فيه مصابيح الهدى ومنار الحكمة ودليل على المعروف لمن عرفه.

نوادر الراوندي ـ بإسناده عن موسى بن جعفر عن آبائه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مثله إلى قوله : ودليل على المعرفة لمن عرف الصفة فليرع رجل بصره وليبلغ الصفة نظره ينجو من عطب ويتخلص من نشب فإن التفكر حياة قلب البصير كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور بحسن التخلص ويقل التربص.

جامع الأخبار ـ قال عليه‌السلام : القرآن قاد به الله فتعلموا مأدبة ما استطعتم إن هذا القرآن هو حبل الله وهو النور المبين والشفاء النافع الخبر. وقال الحسين بن علي عليه‌السلام : كتاب الله عزوجل على أربعة أشياء على العبارة والإشارة واللطائف والحقائق فالعبارة للعوام والإشارة للخواص واللطائف للأولياء والحقائق للأنبياء.

المجازات النبوية ـ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن القرآن شافع مشفع وماحل مصدق وهذا القول مجاز والمراد أن القرآن سبب لثواب العامل به وعقاب العادل عنه فكأنه يشفع للأول فيشفع ويشكو من الآخر فيصدق والماحل هنا الشاكي إلى آخره.

تفسير العياشي ـ عن يوسف بن عبد الرحمن رفعه إلى الحارث الأعور قال : دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام فقلت : يا

١٠٦

أمير المؤمنين إنا إذا كنا عندك سمعنا الذي نستر به ديننا وإذا خرجنا من عندك سمعنا أشياء مختلفة مغمومة لا ندري ما هي. قال : أوقد فعلوها؟ قال قلت : نعم قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : أتاني جبرئيل فقال : يا محمد سيكون في أمتك فتنة قلت فما المخرج منها؟ فقال : كتاب الله فيه بيان ما قبلكم من خبر وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم وهو الفصل ليس بالهزل من وليه من جبار فعمل بغيره قصمه الله ومن التمس الهدى في غيره أضله الله وهو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم لا تزيفه الأهواء ولا تلبسه الألسنة ولا يخلق على الرد ولا تنقضي عجائبه ولا يشبع منه العلماء ، هو الذي لم تكنه الجن إذ سمعته أن قالوا : (إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ) من قال به صدق ومن عمل به أجر ومن اعتصم به (هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) هو الكتاب العزيز الذي (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ).

تفسير العياشي : عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه‌السلام عن أبيه عن جده قال : خطبنا أمير المؤمنين عليه‌السلام خطبة فقال فيها : نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله أرسله بكتاب فصله وأحكمه إلى أن قال : من قال به صدق ومن عمل به أجر ومن خاصم به فلج ومن قاتل به نصر ومن قام به (هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) فيه نبأ من كان قبلكم والحكم فيما بينكم إلى أن قال : فجعله الله نورا (يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) وقال : (فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) وقال : (اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ) إلى أن قال : وفي تركه الخطأ المبين وقال : (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ) ... (فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى) فجعل في اتباعه كل خير يرجى في الدنيا والآخرة فالقرآن أمر زاجر ، حد فيه الحدود وسن فيه السنن وضرب فيه الأمثال وشرع فيه الدين إعذارا من نفسه وحجة على خلقه الخبر. وفيه أيضا عن أبيه عن عبد الله مولى بني هاشم عن أبي سخيلة قال حججت أنا وسلمان الفارسي من الكوفة فمررت بأبي ذر فقال : انظروا إذا كانت بعدي فتنة وهي كائنة فعليكم بخصلتين بكتاب الله وبعلي بن أبي طالب فإني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعلي : هذا أول من آمن بي وأول من يصافحني يوم القيامة ، وهو الصديق الأكبر وهو الفاروق يفرق بين الحق والباطل ، وهو يعسوب المؤمنين والمال يعسوب المنافقين. وفيه عن الحسن بن موسى الخشاب رفعه قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : لا يرفع الأمر والخلافة إلى آل أبي فلان أبدا ولا إلى آل فلان أبدا ولا إلى آل بني

١٠٧

أمية ولا في ولد طلحة والزبير أبدا ، وذلك أنهم نبذوا القرآن وأبطلوا السنن وعطلوا الأحكام. وقال : القرآن هدى من الضلالة وتبيان من العمى واستقالة من العثرة ونور من الظلمة وضياء من الأجداث وعصمة من الهلكة ، ورشد من الغواية وبيان من الفتن وبلاغ من الدنيا إلى الآخرة وخبر كمال دينكم ، فهذه صفة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله للقرآن وما عدل أحد من القرآن إلا إلى النار ، وفيه أيضا عن مسعدة بن صدقة قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إن الله جعل ولايتنا أهل البيت قطب القرآن وقطب جميع الكتب ، عليها يستدير محكم القرآن وبها نوهت الكتاب ويستبين الإيمان وقد أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يقتدى بالقرآن وآل محمد صلوات الله عليهم وذلك حيث قال في آخر خطبة خطبها : إني تارك فيكم الثقلين الثقل الأكبر والثقل الأصغر فأما الأكبر فكتاب ربي وأما الأصغر فعترتي أهل بيتي فاحفظوني فيهما ، فلن تضلوا ما تمسكتم بهما. وفيه عن الحسن بن علي قال : قيل لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن أمتك ستفتن فسئل ما المخرج من ذلك؟ فقال : كتاب الله العزيز الذي (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) من ابتغى العلم في غيره أضله الله ومن ولي هذا الأمر من جبار فعمل بغيره قصمه الله وهو الذكر الحكيم والنور المبين والصراط المستقيم ، فيه خبر ما قبلكم ونبأ ما بعدكم وحكم ما بينكم وهو الفصل ليس بالهزل وهو الذي سمعته الجن فلم تناها أن قالوا : (إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ) لا يخلق على طول الرد ولا تنقضي عبره ولا تفني عجائبه. وفيه عن ابن سنان عمن ذكره قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن القرآن والفرقان أهما شيئان أم شيء واحد؟ فقال : القرآن جملة الكتاب والفرقان المحكم الواجب العمل به.

تفسير الإمام ـ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن هذا القرآن هو النور المبين والحبل المتين والعروة والوثقى والدرجة العليا والشفاء الأشفى والفضيلة الكبرى والسعادة العظمى ، من استضاء به نوره الله ومن عقد به أموره عصمه الله ومن تمسك به أنقذه الله ومن لم يفارق أحكامه رفعه الله ومن استشفى به شفاه الله ومن آثره على ما سواه هداه الله ومن طلب الهدى في غيره أضله الله ومن جعله شعاره ودثاره أسعده الله ومن جعله إمامه الذي يقتدي به ومعوله الذي ينتهي إليه آواه الله إلى جناب النعيم والعيش السليم فلذلك قال : (وَهُدىً) يعني هذا القرآن هدى (وَبُشْرى) لِلْمُؤْمِنِينَ) يعني بشارة لهم في الآخرة إلى أن قال : وقال

١٠٨

الحسن بن علي عليه‌السلام : إن هذا القرآن فيه مصابيح النور وشفاء الصدور فليجل جال بصره ليبلغ الصفة فكره فإن التفكر حياة قلب البصير كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور.

الفقيه : عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام ألا تخبرني من أين علمت وقلت : إن المسح ببعض الرأس وبعض الرجلين فضحك عليه‌السلام وقال : يا زرارة قاله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ونزل به الكتاب من الله عزوجل لأن الله عزوجل قال : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) فعرفنا أن الوجه كله ينبغي أن يغسل ثم قال : (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) فوصل اليدين إلى المرفقين بالوجه فعرفنا أنه ينبغي لهما أن يغسلا إلى المرفقين ، ثم فصل بين الكلام فقال : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) فعرفنا حين قال (بِرُؤُسِكُمْ) المسح ببعض الرأس لمكان الباء ثم وصل الرجلين بالرأس كما وصل اليدين بالوجه فقال : (وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) فعرفنا حين وصلهما بالرأس أن المسح على بعضهما الخبر.

الكافي ـ علي بن إبراهيم عن أبيه وعن محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن حماد بن عيسى عن زرارة مثله.

التهذيب ـ محمد بن يعقوب إلى آخر ما تقدم إلا أنه أسقط : فوصل اليدين إلى قوله : ثم فصل.

الكافي ـ العدة عن أحمد بن محمد البرقي عن إسماعيل بن مهران عن أبي سعيد القماط عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ألا أخبركم بالفقيه حق الفقيه؟ من لم يقنط الناس من رحمة الله ولم يرخص لهم في معاصي الله ولم يترك القرآن رغبة عنه إلى غيره ، ألا لا خير في عبادة ليس فيها تفكر. وفي رواية أخرى ألا لا خير في علم ليس فيه تفهم ألا لا خير في قراءة ليس فيها تدبر الخبر.

الكافي ـ علي بن إبراهيم عن العباس بن معروف عن ابن أبي نجران عن حماد بن عثمان عن عبد الرحيم بن عتيك القصير قال : كتبت على يدي عبد الملك بن أعين إلى أبي عبد الله عليه‌السلام إلى أن قال فكتب إلي : فاعلم رحمك الله أن المذهب الصحيح في التوحيد ما نزل به القرآن من صفات الله جل وعز فانف عن الله البطلان والتشبيه فلا نفي ولا تشبيه هو الله الثابت الموجود تعالى الله عما يصفه الواصفون ولا تعدوا القرآن فتضلوا بعد البيان.

١٠٩

الإحتجاج ـ عن أمير المؤمنين عليه‌السلام في جواب الزنديق الذي سأله عن آي من القرآن زاعما تناقضها وذكر فيه بعد ما بين دلالة جملة من الآيات بالرمز والإشارة على إمامة الأئمة عليهم‌السلام : أنه لو علم المنافقون لعنهم الله ما عليهم من ترك هذه الآيات التي بينت لك تأويلها لأسقطوها مع ما أسقطوا منه ولكن الله تبارك اسمه ماض حكمه بإيجاب الحجة على خلقه كما قال تعالى : (فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ) أغشى أبصارهم وجعل على قلوبهم أكنة عن تأمل ذلك فتركوه بحاله وحجبوا عن تأكيد الملتبس بإبطاله فالسعداء يثبتون عليه والأشقياء يعمهون عنه (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ) ، ثم إن الله جل ذكره بسعة رحمته ورأفته بخلقه وعلمه بما يحدثه المبدلون من تغيير كتابه قسم كلامه ثلاثة أقسام فجعل قسما منه يعرفه العالم والجاهل وقسما لا يعرفه إلا من صفا ذهنه ولطف حسه وصح تمييزه ممن (شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ) وقسما لا يعرفه إلا الله وأمناؤه الراسخون في العلم وإنما فعل الله ذلك لئلا يدعي أهل الباطل من المستولين على ميراث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من علم الكتاب ما لم يجعله الله لهم وليقودهم الاضطرار إلى الائتمار لمن ولاه أمرهم إلى أن قال : فأما ما علمه الجاهل والعالم من فضل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من كتاب الله فهو قول الله سبحانه : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) وقوله : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) ولهذه الآية ظاهر وباطن فالظاهر قوله (صَلُّوا عَلَيْهِ) والباطن قوله (وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) أي سلموا لمن وصاه واستخلفه عليكم وفضله ، وما عهد به إليه تسليما وهذا مما أخبرتك أنه لا يعلم تأويله إلا من لطف حسه وصفا ذهنه وصح تمييزه وكذا قوله : (سلام على آل ياسين) لأن الله سمى النبي بهذا الاسم حيث قال : (يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) الخبر.

تفسير العياشي ـ عن السكوني عن جعفر عن أبيه عن جده عن أبيه عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن فيكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله وهو علي بن أبي طالب.

الدرة الباهرة ـ قال الصادق عليه‌السلام : كتاب الله عزوجل على أربعة أشياء على العبارة والإشارة واللطائف والحقائق فالعبارة للعوام والإشارة للخواص واللطائف للأولياء والحقائق للأنبياء.

١١٠

منية المريد ـ قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه.

وعن ابن عباس قال : الذي يقرأ القرآن ولا يحسن تفسيره كالأعرابي يهذ الشعر هذا.

أسرار الصلاة ـ روي أن رجلا جاء إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ليعلمه القرآن فانتهى إلى قوله تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) فقال : يكفيني هذا وانصرف ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : انصرف الرجل وهو فقيه.

الخصال ـ في الثلاثيات عن العسكري عن أحمد بن محمد بن أسد عن أحمد بن يحيى الصدفي عن أبي عينان عن مسعود عن سعد عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أشد ما يتخوف على أمتي من بعدي ثلاثة خصال : أن يتأولوا القرآن على غير تأويله أو يتبعوا زلة العالم أو يظهر فيهم المال حتى يطغوا ويبطروا وسأنبئكم بالمخرج من ذلك ، أما القرآن فاعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه وأما العالم فانتظروا فيأه ولا تتبعوا زلته وأما المال فإن المخرج منه شكر النعمة وأداء حقه.

التوحيد ـ عن الدقاق عن الأسدي عن البرمكي عن علي بن عباس عن إسماعيل بن إسحاق عن فرج بن فروة عن مسعدة بن صدقة عن الصادق عليه‌السلام عن أمير المؤمنين عليه‌السلام في خطبة قال في جملتها : فما دلك القرآن عليه من صفته فاتبعه ليوصل بينك وبين معرفته ، وائتم به واستضئ بنور هدايته فإنها نعمة أوتيتها فخذ ما أوتيت (وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) وما دلك الشيطان مما ليس في القرآن عليك فرضه ولا في سنة الرسول وأئمة الهدى أثره فكل علمه إلى الله عزوجل فإن ذلك منتهى حق الله عليك واعلم أن الراسخين في العلم هم الذين أغناهم الله عن الاقتحام في السدد المضروبة دون الغيوب فلزموا الإقرار بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب فقالوا : (آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) فمدح الله عزوجل اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علما وسمى تركهم التعمق فيما لم يكلفهم البحث عنه رسوخا فاقتصر على ذلك ولا تقدر عظمة الله على قدر عقلك فتكون من الهالكين.

تفسير العياشي ـ بإسناده عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد

١١١

الله عليه‌السلام يقول : إن القرآن فيه محكم ومتشابه فأما المحكم فنؤمن به ونعمل به وندين به وأما المتشابه فنؤمن به ولا نعمل به وفيه عن ابن مكاد قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : من لم يعرف أمرنا من القرآن لم يتنكب الفتن وفيه أيضا عن داود بن فرقد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال لا تقولوا لكل آية هذه رجل وهذه رجل إن من القرآن حلالا ومنه حراما ، وفيه نبأ من قبلكم وخير من بعدكم وحكم ما بينكم فهكذا هو كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مفوضا فيه إن شاء فعل وإن شاء ترك حتى إذا فرضت فرائضه وخمست أخماسه حق على الناس أن يأخذوا به لأن الله تعالى قال : (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا).

أمالي الشيخ ـ عن التمار عن محمد بن القاسم الأنباري عن محمد ابن علي بن عمر عن داود بن رشيد عن الوليد بن مسلم عن عبد الله بن لهيعة عن المرج بن هاعان عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يعذب الله قلبا وعى القرآن. وفيه عن الحفار عن السماك عن عبد الملك بن محمد الرقاشي عن أبيه عن محمد بن مروان عن المعارك بن عباد عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : تعلموا القرآن وتعلموا غرائبه ، وغرائبه فروضه وحدوده ، فإن القرآن نزل على خمسة وجوه حلال وحرام ومحكم ومتشابه واعتبروا بالأمثال.

معاني الأخبار ـ عن أبيه عن محمد بن أبي القاسم عن محمد بن علي الكوفي عن محمد البرقي عن بعض رجاله عن البرقي عن الثمالي عن أبي جعفر قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ألا أخبركم بالفقيه حقا؟ قالوا : بلى يا أمير المؤمنين ، قال : من لم يقنط الناس من رحمة الله ولم يؤمنهم من عذاب الله ولم يرخص لهم في معاصي الله ولم يترك القرآن رغبة عنه إلى غيره ، ألا لا خير في علم ليس فيه تفهم ، ألا لا خير في قراءة ليس فيها تدبر ، ألا لا خير في عبادة ليس فيها تفقه.

عدة الداعي ـ عن حفص بن غياث عن الزهري قال سمعت علي ابن الحسين عليه‌السلام يقول : آيات القرآن خزائن العلم فكلما فتحت خزانة فينبغي لك أن تنظر فيها.

تفسير الصافي ـ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : القرآن ذلول ذو وجوه فاحملوه على أحسن الوجوه. وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إلا أن يؤتي الله عبدا فهما في القرآن ، وقال عليه‌السلام من فهم القرآن فسر جمل العلم.

١١٢

الكافي ـ العدة عن سهل بن زياد عن الحسن بن محبوب عن عبد العزيز العبدي عن عبيد بن زرارة قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) ، قال : ما أبينها!! من شهد فليصمه ومن سافر فلا يصمه. ورواه الصدوق بإسناده عن عبيد بن زرارة.

العيون ـ أبي عن علي عن أبيه عن أبي حيون مولى الرضا عن الرضا عليه‌السلام قال : من رد متشابه القرآن إلى محكمه (فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ثم قال عليه‌السلام : إن في أخبارنا متشابها كمتشابه القرآن ومحكما كمحكم القرآن فردوا متشابهها إلى محكمها ولا تتبعوا متشابهها دون محكمها فتضلوا.

أمالي الشيخ ـ المفيد عن علي بن خالد المراغي عن أحمد بن الصلت عن حاجب بن الوليد عن الوصاف بن صالح عن أبي إسحاق عن خالد بن طليق عن أمير المؤمنين عليه‌السلام في حديث قال فيه : فقام رجل فقال : يا أمير المؤمنين فمن نسأل بعدك وعلى ما نعتمد؟ فقال : استفتحوا كتاب الله فإنه إمام مشفق وهاد مرشد وواعظ ناصح ودليل يؤدي إلى جنة الله عزوجل.

الإحتجاج ـ عن سليم بن قيس عن أمير المؤمنين عليه‌السلام في احتجاجه على جملة من المهاجرين والأنصار بعد أن احتج بجملة من الآيات والروايات وذكر ما يتعلق بالقرآن قال له طلحة : فأخبرني عما كتب عمر وعثمان أقرآن كله أم فيه ما ليس قرآنا؟ قال : بل قرآن كله ، وقال : إن أخذتم بما فيه نجوتم من النار ودخلتم الجنة الحديث.

تفسير العياشي ـ عن هشام رفعه عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قيل له : روي عنكم أن (الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ) رجال؟ فقال عليه‌السلام : ما كان الله ليخاطب خلقه بما لا يعقلون.

كنز الفوائد ـ قال جاء في الحديث أن قوما أتوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا له ألست رسولا من الله؟ قال لهم : بلى قالوا له : هذا القرآن الذي أتيت به كلام الله تعالى؟ قال : نعم قالوا فأخبرنا عن قوله تعالى : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ) إذا كان معبودهم معهم في النار فقد عبدوا المسيح أتقول أنه في النار؟ فقال لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إن الله سبحانه أنزل القرآن علي بكلام العرب والمتعارف

١١٣

في لغتها أن (ما) لما لا يعقل و (من) لمن يعقل و (الذي) يصلح لهما جميعا فإن كنتم من العرب فأنتم تعلمون هذا قال الله : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ) يريد الأصنام التي عبدوها وهي لا تعقل والمسيح لا يدخل في جملتها فإنه يعقل ولو قال : إنكم ومن تعبدون لدخل المسيح في الجملة فقال القوم : صدقت يا رسول الله.

الكافي ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن الحسن بن الجهم قال : قال لي أبو الحسن الرضا عليه‌السلام : يا أبا محمد ما تقول في رجل تزوج نصرانية على مسلمة؟ قال : قلت : جعلت فداك وما قولي بين يديك؟ قال : لتقولن فإن ذلك يعلم به قولي ، قلت : لا يجوز تزويج النصرانية على المسلمة ولا على غير مسلمة قال : ولم قلت : لقول الله عزوجل : (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ) قال : فما تقول في هذه الآية : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ)؟ فقلت فقوله : (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ) نسخت هذه الآية فتبسم ثم سكت. ورواه الشيخ في التهذيب أيضا ولو لا جواز الاحتجاج بظواهر الآيات لما ساغ التقرير منه عليه‌السلام بل ربما كان تبسمه عليه‌السلام مما يؤذن بتحسينه ذلك.

الفقيه ـ عن زرارة ومحمد بن مسلم قالا : قلنا لأبي جعفر عليه‌السلام : ما تقول في الصلاة في السفر كيف هي وكم هي؟ فقال : إن الله عزوجل يقول : (وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ) فصار التقصير واجبا كوجوب التمام في الحضر ، قالا : قلنا إنما قال الله عزوجل : (وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ) ولم يقل افعلوا فكيف أوجب ذلك كما أوجب التمام في الحضر؟ فقال عليه‌السلام : أو ليس قد قال الله عزوجل : (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما) ألا ترون أن الطواف بهما واجب مفروض لأن الله ذكره في كتابه وصنعه نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله وكذلك التقصير في السفر شيء صنعه النبي وذكره الله في كتابه الخبر. فانظر كيف أقرهما عليهما‌السلام على ما فعلا وعارضهما بآية أخرى ولو كان القرآن لا يجوز تفسيره والأخذ بظاهره بدون نص لقال لهما ما أنتما وهذا وشبهه.

الكافي والمحاسن ـ عن محمد بن منصور قال سألت عبدا صالحا عن قول الله عزوجل : (إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ)

١١٤

فقال عليه‌السلام : إن القرآن له ظاهر وباطن فجميع ما حرم الله في القرآن فهو حرام على ظاهره وباطن من ذلك أئمة الجور وجميع ما أحل الله في الكتاب فهو حلال وهو الظاهر والباطن من ذلك أئمة الهدى.

تفسير العياشي ـ في سورة المائدة عن هشام رفعه عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قيل له : روي عنكم (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ) رجال فقال عليه‌السلام : ما كان الله ليخاطب خلقه بما لا يعقلون.

الخصال ـ عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : القراء ثلاثة ثم ذكرهم وذم اثنين ومدح واحدا وهو من قرأ فاستتر به تحت برنسه ، فهو يعمل بمحكمه ويؤمن بمتشابهه ويقيم فرائضه ويحل حلاله ويحرم حرامه قال : فهذا ممن ينقذه الله من مضلات الفتن وهو من أهل الجنة ويشفع في من شاء.

الإحتجاج ـ عن الحسن عليه‌السلام في احتجاجه على جماعة بحضرة معاوية قال عليه‌السلام : أنشدكم الله أتعلمون أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال في حجة الوداع : أيها الناس إني قد تركت فيكم ما لم تضلوا بعده كتاب الله أحلوا حلاله وحرموا حرامه واعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه.

السيد المرتضى ـ في رسالة المحكم والمتشابه نقلا عن تفسير النعماني بإسناده عن إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله عليه‌السلام عن أمير المؤمنين سلام الله عليه في ذكر أقسام القرآن قال عليه‌السلام أما المحكم الذي لم ينسخه شيء من القرآن فهو قول الله عزوجل : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ) وإنما هلك الناس في المتشابه لأنهم لم يقفوا على معناه ولم يعرفوا حقيقته فوصفوا له تأويلات من عند أنفسهم بآرائهم واستغنوا بذلك عن مسألة الأوصياء ونبذوا قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وراء ظهورهم ، وقال عليه‌السلام : والحكم مما ذكرته في الأقسام ما تأويله في تنزيله من تحليل ما أحل الله سبحانه في كتابه وتحريم ما حرم الله فيه من المآكل والمشارب ومنه ما فرض الله عزوجل من الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد وما دلهم مما لا غنى بهم عنه في جميع تصرفاتهم مثل قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) الآية وهذا من المحكم الذي تأويله في تنزيله ولا يحتاج في تأويله أكثر من التنزيل ومنه قوله عزوجل : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ

١١٥

وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) فتأويله في تنزيله ومنه قوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ) إلى آخر الآية فهذا كله محكم لم ينسخه شيء قد استغنى بتنزيله عن تأويله ثم قال عليه‌السلام في موضع آخر من الحديث : فأما الذي تأويله في تنزيله فهو كل آية محكمة نزلت في تحريم أمر من الأمور المتعارفة التي كانت في أيام العرب تأويلها في تنزيلها فليس يحتاج فيها إلى تفسير أكثر من تنزيلها وذلك مثل قوله تعالى في التحريم (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ) الآية وقوله تعالى : (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ) وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا) إلى قوله : (وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا) وقوله تعالى : (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً) إلى قوله تعالى : (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) قال : ومثل ذلك في القرآن كثير مما حرم الله سبحانه لا يحتاج المستمع إلى مسألة عنه الحديث.

التهذيب ـ الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن شعيب العقرقوفي قال : كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام ومعنا أبو بصير وأناس من أهل الجبل يسألونه عن ذبائح أهل الكتاب فقال لهم أبو عبد الله عليه‌السلام : قد سمعتم ما قال الله عزوجل في كتابه فقالوا له : نحب أن تخبرنا فقال : لا تأكلوها الخبر.

الكافي ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن سيف بن عميرة عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه سأله عن صيد البزاة والصقورة والكلب والفهد ، فقال : لا تأكل صيد شيء من هذه إلا ما ذكيتموه إلا الكلب المكلب ، قلت : فإنه قتله قال : كل لأن الله عزوجل يقول : (وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ) ... (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ).

تفسير العياشي ـ عن جميل عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه سئل عن الصيد يأخذه الرجل ويتركه الرجل حتى يموت قال : نعم إن الله يقول : (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ). وعن أبي جميلة عن ابن حنظلة عنه عليه‌السلام في الصيد يأخذه الكلب فيدركه الرجل فيأخذه ثم يموت في يده أيأكل؟ قال : نعم إن الله يقول : (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ).

الكافي ـ العدة عن سهل بن زياد وعن علي بن إبراهيم عن أبيه وعن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد جميعا عن أحمد بن محمد بن أبي

١١٦

نصر عن جميل بن دراج قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يرسل الكلب على الصيد فيأخذه ولا يكون معه سكين فيذكيه بها أفيدعه حتى يقتله ويأكل منه؟ قال : لا بأس قال الله عزوجل : (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ).

تفسير العياشي ـ عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ما خلا الكلاب مما يصيد الفهود والصقورة وأشباه ذلك فلا تأكلن من صيده إلا ما أدركت ذكاته لأن الله قال : (مُكَلِّبِينَ) فما خلا الكلاب فليس صيده بالذي يؤكل إلا أن تدرك ذكاته.

الكافي ـ العدة عن أحمد بن أبي عبد الله عن عمرو بن عثمان عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث أن أبا بكر أتي برجل قد شرب الخمر فقال : لم شربت الخمر وهي محرمة؟ فقال : إني أسلمت ومنزلي بين ظهراني قوم يشربون الخمر ويستحلونها ولو أعلم أنها حرام اجتنبتها ، فقال علي : عليه‌السلام لأبي بكر ابعث معه من يدور به على مجالس المهاجرين والأنصار فمن كان تلا عليه آية التحريم فليشهد عليه فإن لم يكن تلي عليه آية التحريم فلا شيء عليه ففعل فلم يشهد عليه أحد فخلي سبيله.

الفقيه ـ عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لو أن رجلا دخل في الإسلام وأقر به ثم شرب الخمر وزنى وأكل الربا ولم يتبين له شيء من الحلال والحرام لم أقم عليه الحد إذا كان جاهلا إلا أن تقوم عليه البينة أنه قرأ السورة التي فيها الربا والخمر وأكل الربا وإذا جهل ذلك أعلمته وأخبرته ، فإن ركبه بعد ذلك جلدته وأقمت عليه الحد.

الكافي ـ والتهذيب ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن فضال عن ابن بكير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : شرب رجل على عهد أبي بكر خمرا فرفع إلى أبي بكر فقال له : أشربت خمرا؟ قال : نعم فقال : ولم هي محرمة؟ قال : فقال له الرجل : إني أسلمت وحسن إسلامي ومنزلي بين ظهراني قوم يشربون الخمر ويستحلون ولو علمت أنها حرام اجتنبتها فالتفت أبو بكر إلى عمر فقال ما تقول في أمر هذا الرجل؟ فقال عمر : معضلة وليس لها إلا أبو حسن ، فقال أبو بكر : ادع لنا عليا فقال عمر : يؤتى الحكم في بيته فقاما والرجل معهما ومن حضرهما من الناس

١١٧

حتى أتوا أمير المؤمنين عليه‌السلام فأخبراه بقصة الرجل وقص الرجل قصته قال فقال : ابعثوا معه من يدور به على مجالس المهاجرين والأنصار من كان تلا عليه آية التحريم فليشهد عليه ففعلوا به ذلك ولم يشهد عليه أحد بأنه قرئ عليه آية التحريم فخلي عنه وقال له : إن شربت بعدها أقمنا عليك الحد.

الكافي ـ أبو عبد الله (وفي نسخة أبو علي) الأشعري عن بعض أصحابنا رفعه عن هشام بن الحكم قال : قال لي أبو الحسن عليه‌السلام : يا هشام إن الله تبارك وتعالى بشر أهل العقل والفهم في كتابه فقال : (فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ) الخبر وفيه شواهد كثيرة على المطلوب.

الكافي ـ العدة عن أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن جميل ابن صالح عن هشام بن أحمر وعن علي بن إبراهيم عن أبيه وعن محمد ابن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن ابن أبي عمير عن إبراهيم بن عبد الحميد عن سالمة مولاة أبي عبد الله عليه‌السلام قال : (كذا في الأصل ولا يبعد أن الأصح قالت) كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام حين حضرته الوفاة فأغمي عليه فما أفاق قال أعطوا الحسن بن علي بن الحسين وهو الأفطس سبعين دينارا وأعطوا فلانا كذا وكذا وفلانا كذا وكذا فقلت : أتعطي رجلا حمل عليك بالشفرة؟ فقال ويحك أما تقرءين القرآن؟ قلت : بلى قال : أما سمعت قول الله عزوجل : (الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) ... (وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ) ، ورواه الشيخ والصدوق بإسنادهما عن محمد بن أبي عمير مثله.

الكافي ـ عن معاوية بن وهب قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن أفضل ما يتقرب به العباد إلى ربهم وأحب ذلك إلى الله ما هو؟ فقال : ما أعلم شيئا بعد المعرفة أفضل من هذه الصلاة ألا ترى أن العبد الصالح عيسى بن مريم قال : (وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ).

الإحتجاج ـ عن العسكري عليه‌السلام في قصة هاروت وماروت وفي تفسير الإمام أيضا أنه عليه‌السلام قال للراويين لما قالا له فعلى هذا لم يكن إبليس أيضا ملكا قال : لا بل كان من الجن أما تسمعان الله يقول : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ)

١١٨

وعنه عليه‌السلام قال : ذكر عند الصادق عليه‌السلام الجدال في الدين وأن رسول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمة قد نهوا عنه فقال الصادق عليه‌السلام : لم ينه مطلقا ولكن نهى عن الجدال بغير التي هي أحسن أما تسمعون الله يقول : (وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) وقوله تعالى : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).

التهذيب ـ أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن علي بن الحسن بن رباط عن عبد الأعلى مولى آل سام قال قلت : لأبي عبد الله عليه‌السلام عثرت فانقطع ظفري فجعلت على إصبعي مرارة فكيف أصنع بالوضوء؟ قال : تعرف هذا وأشباهه من كتاب الله عزوجل قال الله تعالى : (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) امسح عليه.

الكافي ـ العدة عن أحمد بن محمد مثله.

تفسير العياشي ـ عن إسحاق بن عبد الله بن محمد بن علي بن الحسين عن الحسن بن زيد عن أبيه عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : سألت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الجبائر تكون على الكسير كيف يتوضأ صاحبها وكيف يغتسل إذا أجنب؟ قال : يجزئه المسح عليها في الجنابة والوضوء ، قلت : فإن كان في برد يخاف على نفسه إذا أفرغ الماء على جسده فقرأ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً).

الكافي والتهذيب ـ عن أبي أيوب الخزاز عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث قال فيه : فإن الله عزوجل يقول : (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) فلو سكت لم يبق أحد إلا تعجل لكنه قال : (وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ).

تفسير العياشي ـ عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت كيف يمسح الرأس؟ قال : إن الله يقول : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ).

التهذيب ـ أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن أبان بن عثمان عن شعيب بن يعقوب العقرقوفي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سئل وأنا عنده أسمع عن طلاق العبد قال ليس له طلاق ولا نكاح أما تسمع قول الله تعالى يقول : (عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ) قال لا يقدر على طلاق ولا نكاح إلا بإذن مولاه.

١١٩

التهذيب ـ علي بن إسماعيل الميثمي عن الحسن بن علي بن فضال عن المفضل بن صالح عن ليث المرادي قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن العبد هل يجوز طلاقه؟ فقال : إن كانت أمتك فلا إن الله تعالى يقول : (عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ) وإن كانت أمة قوم آخرين أو حرة جاز طلاقه.

التهذيب ـ علي بن الحسن بن فضال عن أيوب بن نوح عن صفوان ابن يحيى عن عبد الله بن مسكان عن الحسن الصيقل عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت : رجل طلق امرأته طلاقا لا تحل له (حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ) فتزوجها رجل متعة أتحل للأول؟ قال : لا لأن الله يقول : (فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ) والمتعة ليس فيها طلاق.

تفسير العياشي ـ عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت : كيف مسح الرأس؟ قال : إن الله يقول : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) فما مسحت من رأسك فهو كذا ولو قال امسحوا رءوسكم لكان عليك المسح بكله.

وفيه عن عبد الله بن خليفة أبي الغريف الهمداني قال : قام ابن الكواء إلى علي عليه‌السلام فسأله عن المسح على الخفين ، فقال : بعد كتاب الله تسألني قال الله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا) إلى قوله (الْكَعْبَيْنِ) ثم قام إليه ثانية فسأله فقال له مثل ذلك ثلاث مرات كل ذلك يتلو عليه هذه الآية. وفيه عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : ألا تخبرني من أين علمت وقلت إن المسح ببعض الرأس وبعض الرجلين فضحك ثم قال : يا زرارة قاله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ونزل به الكتاب من الله لأن الله يقول : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) فعرفنا أن الوجه كله ينبغي أن يغسل ثم قال : (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) ثم فصل بين الكلامين فقال : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) فعرفنا حين قال برءوسكم أن المسح ببعض الرأس لمكان الباء ثم وصل الرجلين بالرأس كما وصل اليدين بالوجه فقال : (وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) فعرفنا حين وصلها بالرأس أن المسح على بعضها الحديث. وفيه عن زرارة وبكير ابني أعين عن الباقر عليه‌السلام في حديث قال فيه : إن الله يقول : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) فليس له أن يدع شيئا من وجهه إلا غسله وأمر بغسل الدين إلى المرفقين فليس ينبغي له أن يدع من يديه إلى المرفقين شيئا إلا غسله لأن الله يقول : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ

١٢٠