الأصول الأصليّة والقواعد الشرعيّة

السيّد عبد الله شبّر

الأصول الأصليّة والقواعد الشرعيّة

المؤلف:

السيّد عبد الله شبّر


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: منشورات مكتبة المفيد
المطبعة: مهر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٣٦

عن محمد بن الحسين عن عبد الرحمن بن أبي هاشم عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إن حديثنا صعب مستصعب أجرد ذكوان وعر شريف كريم فإذا سمعتم منه شيئا ولانت له قلوبكم فاحتملوه واحمدوا الله عليه إن لم تحتملوه ولم تطيقوه فردوه إلى الإمام العالم من آل محمد صلوات الله عليهم فإنما الشقي الهالك الذي يقول : والله ما كان هذا ثم قال : يا جابر إن الإنكار هو الكفر بالله العظيم. وعن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن ابن مسكان عن سدير قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : تركت مواليك مختلفين يتبرأ بعضهم من بعض قال : وما أنت وما ذاك؟ إنما كلف الله الناس ثلاثة معرفة الأئمة والتسليم لهم فيما يرد عليهم والرد إليهم فيما اختلفوا فيه. وعن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن أبي أيوب عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام عن قول الله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا) قال : هم الأئمة عليهم‌السلام ويجري في من استقام من شيعتنا وسلم لأمرنا وكتم حديثنا عند عدونا فتستقبلهم الملائكة بالبشرى من الله بالجنة وقد والله مضى أقوام كانوا على مثل ما أنتم عليه من الدين فاستقاموا وسلموا لأمرنا وكتموا حديثنا ولم يذيعوه عند عدونا ولم يشكوا كما شككتم فاستقبلتهم الملائكة بالبشرى من الله بالجنة. وعن أيوب بن نوح عن صفوان عن موسى بن بكر عن زرارة عن أبي عبيدة قال قال أبو جعفر عليه‌السلام : من سمع من رجل أمرا لم يحط به علما فكذب به ومن أمره الرضا بنا والتسليم لنا فإن ذلك لا يكفره.

بيان ـ قال في البحار لعل المراد أنه إذا كان تكذيبه للمعنى الذي فهمه وعلم أنه مخالف لما علم صدوره عنا ويكون في مقام الرضا والتسليم ويقربانه بأي معنى صدر من المعصوم فهو الحق فذلك لا يصير سببا لكفره. أقول : ويحتمل أن يكون الكفر في الأخبار السابقة محمولا على أحد معانيه وهنا محمولا على معناه المعروف.

البصائر ـ عن أحمد بن محمد عن ابن سنان عن منصور الصيقل قال : دخلت أنا والحارث بن المغيرة وغيره على أبي عبد الله عليه‌السلام فقال له الحارث : إن هذا يعني منصور الصيقل لا يريد إلا أن يسمع حديثنا فو الله ما يدري ما يقبل مما يرد فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : هذا الرجل من المسلمين إن المسلمين هم النجباء. وعن أحمد بن محمد عن الأهوازي عن القاسم بن محمد عن مسلمة بن حيان عن أبي الصباح الكناني قال : كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام فقال يا أبا الصباح (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) قال

١٦١

أبو عبد الله عليه‌السلام : قد أفلح المسلمون قالها ثلاثا وقلتها ثم قال إن المسلمين هم المنتجبون يوم القيامة هم أصحاب الحديث. وعن أحمد بن محمد عن الأهوازي عن حماد بن عيسى عن الحسين بن المختار عن زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قلت له : إن عندنا رجلا يسمى كليبا فلا نتحدث عنكم شيئا إلا قال : إذا أسلم فسميناه كليب التسليم قال : فترحم عليه ثم قال أتدرون ما التسليم؟ فسكتنا فقال : هو والله الإخبات قول الله تعالى (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ). وعن أحمد بن محمد عن الأهوازي عن حماد بن عيسى عن منصور بن يونس عن بشير الدهان قال سمعت كاملا يقول قال أبو جعفر عليه‌السلام قد أفلح المؤمنون أتدري من هم؟ قلت جعلت فداك أنت أعلم قال قد أفلح المسلمون إن المسلمين هم النجباء. وعنه عن عمر بن عبد العزيز عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه‌السلام : إن من قرة العين التسليم إلينا أن تقولوا لكل ما اختلف عنا أن تردوا إلينا. وعن محمد بن الحسين عن صفوان عن داود بن فرقد عن زيد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال أتدري بما أمروا؟ أمروا بمعرفتنا والرد إلينا والتسليم لنا.

السرائر ـ عن كتاب المشيخة لابن محبوب عن جميل بن صالح عن أبي عبيدة الحذاء عن أبي جعفر عليه‌السلام قال سمعته يقول : أما والله إن أحب أصحابي إلي وأورعهم وأفقههم وأكتمهم (١) لحديثنا وإن أسوأهم عندي حالا وأمقتهم إلي الذي إذا سمع الحديث ينسب إلينا ويروي عنا فلم يعقله ولم يقبله قلبه اشمأز منه وجحده وكفر بمن دان به وهو لا يدري لعل الحديث من عندنا خرج وإلينا أسند فيكون بذلك خارجا من ولايتنا.

العلل ـ أبي عن سعد عن البرقي عن ابن بزيع عن ابن بشير عن ابن حصين عن أبي بصير عن أحدهما عليهما‌السلام قال : لا تكذبوا بحديث أتاكم به مرجئ ولا قدري ولا خارجي نسبه إلينا فإنكم لا تدرون لعله شيء من الحق فتكذبوا الله عزوجل فوق عرشه. ورواه البرقي في المحاسن عن ابن بشير عن أبي بصير مثله.

__________________

(١) كذا في الأصل والظاهر زيادة إحدى الواوات.

١٦٢

معاني الأخبار ـ أبي وابن الوليد عن الحميري عن ابن أبي الخطاب عن النضر بن شعيب عن عبد الغفار الحاري قال : حدثني من سأله يعني الصادق عليه‌السلام هل يكون كفر لا يبلغ الشرك؟ قال : إن الكفر هو الشرك ثم قام فدخل المسجد فالتفت إلي وقال : نعم الرجل يحمل الحديث إلى صاحبه فلا يعرفه فيرده عليه وهي نعمة كفرها ولم يبلغ الشرك. وعن أبيه عن محمد العطار عن سهل عن جعفر بن محمد الكوفي عن عبد الله الدهقان عن درست عن ابن عبد الحميد عن أبي إبراهيم عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ألا هل عسى رجل يكذبني وهو على حشاياه متكئ قالوا : يا رسول الله ومن الذي يكذبك؟ قال : الذي يبلغه الحديث فيقول : ما قال هذا رسول الله قط فما جاءكم عني من حديث موافق للحق فأنا قلته وما أتاكم عني من حديث لا يوافق الحق فلم أقله ولن أقول إلا الحق.

بيان ـ على حشاياه أي فرشه المحشوة وظاهر آخره أن المراد التكذيب بمحض الرأي من غير عرض على الكتاب والسنة المعلومة ويحتمل أن يكون المراد لا تعملوا بما لا يوافق الحق الذي في أيديكم ولا تكذبوا الخبر أيضا إذ لعله موافق للحق ولم تعرفوا معناه.

الخصال ـ في الأربعمائة قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إذا سمعتم من حديثنا ما لا تعرفون فردوه إلينا وقفوا عنده وسلموا حتى يتبين لهم (الظاهر لكم) الحق ولا تكونوا مذاييع عجلي.

بيان ـ المذاييع جمع مذياع من أذاع الشيء إذا أفشاه.

رجال الكشي ـ جبرئيل بن أحمد عن اليقطيني عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير عن جابر بن يزيد قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : يا جابر حديثنا صعب مستصعب أمرد ذكوان وعر أجرد لا يحتمله والله إلا نبي مرسل أو ملك مقرب أو مؤمن ممتحن فإذا ورد عليك يا جابر شيء من أمرنا فلان له قلبك فاحمد الله له وإن أنكرته فرده إلينا أهل البيت ولا تقل كيف جاء هذا وكيف كان وكيف هو فإن هذا والله الشرك بالله العظيم.

وعن حمدويه عن الحسن بن موسى عن إسماعيل بن مهران عن محمد ابن منصور عن علي بن سويد السائي قال : كتب إلي أبو الحسن عليه‌السلام وهو في الحبس أما بعد : فإنك امرؤ نزلك الله من آل محمد بمنزلة خاصة بما ألهمك من رشدك وبصرك من أمر دينك بتفضيلهم ورد الأمور إليهم والرضا بما قالوا إلى أن قال : وادع إلى صراط ربك فينا من رجوت إجابته ووال

١٦٣

آل محمد ولا تقل لما بلغك عنا أو نسب إلينا هذا باطل وإن كنت تعرف خلافه فإنك لا تدري لم قلناه وعلى أي وجه وصفناه الخبر.

البحار عن كتاب سليم بن قيس ـ أن علي بن الحسين عليهما‌السلام قال لأبان بن أبي عياش : يا أخا عبد قيس فإن وضح لك أمر فاقبله وإلا فاسكت تسلم ورد علمه إلى الله فإنك في أوسع مما بين السماء والأرض.

باب ـ من بلغه من روايات النبي والأئمة عليهم‌السلام ثواب على عمل فأتى به أوتي ذلك الثواب وإن لم يكن الخبر مطابقا للواقع وفيه أيضا دلالة على حجية أخبارهم عليهم‌السلام.

الكافي ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من سمع شيئا من الثواب على شيء فصنعه كان له وإن لم يكن على ما بلغه.

الكافي ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن سنان عن عمران الزعفراني عن محمد بن مروان قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : من بلغه ثواب من الله على عمل فعمل ذلك العمل التماس ذلك الثواب أوتيه وإن لم يكن الحديث كما بلغه.

الإقبال ـ لعلي بن موسى بن جعفر بن طاوس نقلا من كتاب هشام ابن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من سمع شيئا من الثواب على شيء فصنعه كان له وإن لم يكن على ما بلغه. وروي عن الصادق عليه‌السلام قال : من بلغه شيء من الخير فعمل به كان له ذلك وإن لم يكن الأمر على ما بلغه.

عدة الداعي ـ روى الصدوق عن محمد بن يعقوب بطرقه إلى الأئمة عليهم‌السلام أن من بلغه شيء من الخير فعمل به كان له من الثواب ما بلغه وإن لم يكن الأمر كما نقل إليه.

المحاسن ـ عن علي بن الحكم عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من بلغه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله شيء من الثواب فعمله كان أجر ذلك له وإن كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يقله.

المحاسن ـ عن أبيه عن أحمد بن النضر عن محمد بن مروان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من بلغه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله شيء من الثواب ففعل ذلك طلب قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان له ذلك الثواب وإن كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يقله.

١٦٤

ثواب الأعمال ـ عن أبيه عن علي بن موسى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن هشام عن صفوان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من بلغه شيء من الثواب على شيء من الخير فعمل به كان له أجر ذلك وإن كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يقله (وفي نسخة أخرى وإن لم يكن على ما بلغه).

العيون ـ عن عبد الواحد بن محمد بن عبدوس عن علي بن محمد بن قتيبة عن حمدان بن سليمان قال : سألت أبا الحسن علي بن موسى الرضا عن قول الله عزوجل (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ) قال : من يرد الله أن يهديه بإيمانه في الدنيا إلى جنته ودار كرامته في الآخرة يشرح صدره للتسليم لله والثقة به والسكون إلى ما وعده من ثوابه حتى يطمئن إليه الحديث.

باب ـ ثواب من حفظ أربعين حديثا وفيه دلالة على حجية الخبر.

الكافي ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن جمهور عن عبد الرحمن بن أبي نجران عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من حفظ من أحاديثنا أربعين حديثا بعثه الله يوم القيامة عالما فقيها.

الأمالي ـ أبي عن سعد عن أحمد بن الحسين بن سعيد عن محمد ابن جمهور القمي عن ابن أبي نجران عن ابن حميد عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام قال من حفظ من شيعتنا أربعين حديثا بعثه الله عزوجل يوم القيامة عالما فقيها ولم يعذبه.

الإختصاص ـ ابن قولويه عن الحسين بن محمد بن عامر عن المعلى عن محمد بن جمهور عن ابن أبي نجران عن بعض أصحابه رفعه إلى أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من حفظ من أحاديثنا أربعين حديثا بعثه الله يوم القيامة عالما فقيها.

الخصال ـ ابن الوليد عن الصفار عن علي بن إسماعيل عن عبد الله بن الدهقان عن إبراهيم بن موسى المروزي عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من حفظ من أمتي أربعين حديثا مما يحتاجون إليه من أمر دينهم بعثه الله يوم القيامة فقيها عالما.

١٦٥

ثواب الأعمال ـ العطار عن أبيه عن أحمد بن محمد عن علي بن إسماعيل عن عبد الله الدهقان عن موسى بن إبراهيم المروزي عنه عليه‌السلام مثله.

الإختصاص ـ ابن الوليد عن الصفار عن ابن عيسى عن بعض أصحابنا عن الدهقان مثله.

الخصال ـ طاهر بن محمد عن عثمان الهروي عن جعفر بن محمد بن سوار عن علي بن حجر السعدي عن سعيد بن نجيح عن ابن جريح عن عطاء عن ابن عباس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من حفظ من أمتي أربعين حديثا من السنة كنت له شفيعا يوم القيامة.

الخصال ـ بالإسناد المتقدم عن ابن سوار عن عيسى بن أحمد العسقلاني عن عروة بن مروان البرقي عن ربيع بن بدر عن أبان عن أنس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من حفظ عني من أمتي أربعين حديثا في أمر دينه يريد به وجه الله عزوجل والدار الآخرة بعثه الله يوم القيامة فقيها عالما.

الخصال ـ العجلي والصائغ والوراق جميعا عن حمزة العلوي عن ابن شبل عن علي الساري عن علي بن يوسف عن حنان قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : من حفظ من أمتي أربعين حديثا من أحاديثنا في الحلال والحرام بعثه الله يوم القيامة فقيها عالما ولم يعذبه.

الخصال ـ الدقاق والمكتب والسناني عن الأسدي عن النخعي عن عمه النوفلي عن ابن الفضل الهاشمي والسكوني جميعا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن أبيه عن أبيه الحسين بن علي عليه‌السلام قال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أوصى إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام وكان فيما أوصى به أن قال له : يا علي من حفظ من أمتي أربعين حديثا يطلب بذلك وجه الله عزوجل والدار الآخرة حشره الله يوم القيامة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا الحديث.

صحيفة الرضا ـ عن الرضا عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من حفظ على أمتي أربعين حديثا من أمر دينها بعثه الله يوم القيامة في زمرة الفقهاء والعلماء ومن حفظ على أمتي أربعين حديثا ينتفعون بها بعثه الله يوم القيامة فقيها عالما.

غوالي اللئالي ـ روى معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من حفظ على أمتي أربعين حديثا من أمر دينها بعثه الله يوم القيامة في زمرة الفقهاء والعلماء. وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من حفظ على أمتي أربعين حديثا ينتفعون بها في أمر دينهم بعثه الله يوم القيامة فقيها عالما.

١٦٦

باب ـ آداب الرواية) قال الله تعالى (وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ).

الكافي ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن منصور بن يونس عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : قول الله تعالى : (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ) قال : هو الرجل يسمع الحديث فيحدث به كما سمعه لا يزيد فيه ولا ينقص منه.

الكافي ـ محمد عن أحمد ومحمد بن الحسين عن السراد عن عبد الله بن سنان قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : يجيء القوم فيسمعون مني حديثكم فأضجر ولا أقوى ، قال : فاقرأ عليهم من أوله حديثا ومن وسطه حديثا ومن آخر حديثا.

الكافي ـ عنه بإسناده عن أحمد بن عمر الحلال قال : قلت لأبي الحسن الرضا عليه‌السلام : الرجل من أصحابنا يعطيني الكتاب ولا يقول اروه عني يجوز لي أن أرويه عنه؟ قال : فقال : إذا علمت أن الكتاب له فاروه عنه.

الكافي ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني وعلي عن البرقي عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام إذا حدثتم بحديث فأسندوه إلى الذي حدثكم فإن كان حقا فلكم وإن كان كذبا فعليه.

الكافي ـ العدة عن البرقي عن محمد بن علي رفعه قال ، قال : أبو عبد الله عليه‌السلام إياكم والكذب المفترع قيل له : وما الكذب المفترع؟ قال أن يحدثك الرجل بالحديث فتتركه وترويه عن الذي لم يحدثك به.

الكافي ـ محمد بن عيسى عن البزنطي عن جميل بن دراج قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : أعربوا حديثنا فإنا قوم فصحاء.

أمالي الشيخ ـ حمويه عن أبي الحسين عن أبي خليفة عن محمد بن كثير عن شعبة عن الحكم عن ابن أبي ليلى عن حمزة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من روى عني حديثا وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين ، (ويدل على عدم جواز رواية الخبر والمعلوم الكذب وإن أسنده إلى رواية)

معاني الأخبار ـ أبي عن سعد عن البرقي عن محمد بن علي رفعه قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام إياكم والكذب المفترع قيل له : وما الكذب المفترع؟ قال : أن يحدثك الرجل بالحديث فترويه عن غير الذي حدثك به

١٦٧

وفيه. أبي عن سعد عن ابن عيسى عن الحسين بن سيف عن أخيه عن أبيه عن محمد بن مارد عن عبد الأعلى بن أعين قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : جعلت فداك حديث يرويه الناس أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : حدث عن بني إسرائيل ولا حرج ، قال : نعم قلت فنحدث عن بني إسرائيل بما سمعناه ولا حرج علينا؟ قال : أما سمعت كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع قلت وكيف هذا؟ قال : ما كان في الكتاب أنه كان في بني إسرائيل فحدث أنه كان في هذه الأمة ولا حرج.

بيان ـ وجهه أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله قد أخبر بأن ما وقع في بني إسرائيل يقع في هذه الأمة حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة ، وفيه دلالة على أنه لا ينبغي نقل كلام من لا يوثق به.

البصائر ـ محمد بن عيسى عن فضالة عن أبان عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله تعالى : (وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) قال فقال : الاقتراف التسليم لنا والصدق علينا وأن لا يكذب علينا.

غوالي اللئالي ـ قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : اتقوا الحديث عني إلا ما علمتم فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ، وفيه روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : رحم الله امرأ سمع مقالتي فوعاها فأداها فرب حامل فقه ليس بفقيه. وفي رواية فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه.

روضة الواعظين ـ قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : اعقلوا الخبر إذا سمعتموه عقل رعاية لا عقل رواية فإن رواة العلم كثير ورعاته قليل.

رجال الكشي ـ وجدت في كتاب جبرئيل بن أحمد بخطه حدثني محمد بن عيسى عن محمد بن الفضيل عن عبد الله بن عبد الرحمن عن الهيثم بن واقد عن ميمون بن عبد الله عن أبي عبد الله عن آبائه عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من كذب علينا أهل البيت حشره الله يوم القيامة أعمى وإن أدرك الدجال آمن به في قبره. وفيه : علي بن محمد بن قتيبة عن جعفر بن أحمد عن محمد بن خالد أظنه البرقي عن محمد بن سنان عن أبي الجارود عن القاسم بن عوف قال : كنت أتردد بين علي بن الحسين عليه‌السلام وبين محمد بن الحنفية وكنت آتي هذا مرة وهذا مرة قال ولقيت علي بن الحسين عليهما‌السلام فقال لي : يا هذا إياك أن تأتي أهل العراق فتخبرهم أنا استودعناك علما فإنا والله ما فعلنا ذلك وإياك أن تترأس منا فيضعك الله وإياك أن تستأكل بنا فيزيدك الله فقرا واعلم أنك

١٦٨

إن تكن ذنبا في الخير خير من أن تكون رأسا في الشر ، واعلم أنه من يحدث عنا بحديث سألناه يوما فإن حدث صدقا كتبه الله صديقا وإن حدث كذبا كتبه الله كذابا وإياك أن تشد راحلة ترحلها تأتي هاهنا تطلب العلم حتى يمضي لكم بعد موتي سبع حجج ثم يبعث الله لكم غلاما من ولد فاطمة ينبت الحكمة في صدره كما ينبت الطل الزرع قال : فلما مضى علي بن الحسين حسبنا الأيام والجمع والسنين والشهور فما زادت يوما ولا نقصت حتى تكلم محمد بن علي بن الحسين باقر العلم.

تفسير العياشي ـ عن السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليه‌السلام قال : الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة وتركك حديثا لم تروه خير من روايتك حديثا لم تحصه ، إن على كل حق حقيقة وعلى كل صواب نورا فما وافق كتاب الله فخذوا به وما خالف كتاب الله فدعوه.

باب ـ نقل الحديث بالمعنى

الكافي ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن محمد بن مسلم قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أسمع الحديث منك فأزيد وأنقص قال : إن كنت تريد معانيه فلا بأس.

الكافي ـ محمد بن عيسى عن محمد بن الحسين عن ابن سنان عن داود بن فرقد قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام إني أسمع الكلام منك فأريد أن أرويه كما سمعته منك فلا يجيء ذلك قال : فتعمد ذلك؟ قلت لا قال : تريد المعاني؟ قلت : نعم قال فلا بأس.

السرائر ـ السياري عن بعض أصحابنا ، رفعه إلى أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا أصبت يعني حديثنا فأعرب عنه بما شئت وقال بعضهم : لا بأس إن نقصت أو زدت أو قدمت أو أخرت إذا أصبت المعنى وقال : هؤلاء يأتون الحديث مستويا كما يسمعونه وإنا ربما قدمنا وأخرنا وزدنا ونقصنا فقال : ذلك زخرف القول غرورا إذا أصبتم المعنى فلا بأس.

بيان ـ قال المجلسي : الإعراب الإبانة والإفصاح وضمير بعضهم راجع إلى الأئمة عليهم‌السلام وفاعل قال في قوله (قال هؤلاء) أحد الرواة.

وفي قوله : فقال (الإمام) قوله : ذلك أي الذي ترويه العامة زخرف القول ، أي الأباطيل المموهة من زخرفه إذا زينه يغر به الناس أو هو داخل في قوله تعالى في شأن المبطلين (وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً). والحاصل أن أخبارهم موضوعة مصنوعة وإنما يزينونها ليغتر بها الناس.

١٦٩

باب ـ علل اختلاف الأخبار وكيفية الجمع بين الأخبار المختلفة ووجوه الاستنباط وبيان أنواع ما يجوز الاستدلال به.

الكافي ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن عيسى عن صفوان بن يحيى عن داود بن الحصين عن عمر بن حنظلة قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان وإلى القضاة أيحل ذلك؟ قال : من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الطاغوت وما يحكم له فإنما يأخذ سحتا وإن كان حقا ثابتا لأنه أخذه بحكم الطاغوت وقد أمر الله أن يكفر به قال الله : (يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ) قلت : فكيف يصنعان قال : ينظران من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكما فإني قد جعلته عليكم حاكما فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنما استخف بحكم الله وعلينا رد والراد علينا الراد على الله (في بعض النسخ كالراد على الله) وهو على حد الشرك بالله ، قلت : فإن كان كل رجل اختار رجلا من أصحابنا فرضيا أن يكونا الناظرين في حقهما واختلفا فيما حكما وكلاهما اختلفا في حديثكم قال : الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما ولا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر قال : قلت : فإنهما عدلان مرضيان عند أصحابنا لا يفضل واحد منهما على الآخر قال : فقال ينظر إلى ما كان من روايتهما عنا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه عند أصحابك فيؤخذ به من حكمنا ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك فإن المجمع عليه لا ريب فيه وإنما الأمور ثلاثة : أمر بين رشده فيتبع ، وأمر بين غيه فيجتنب ، وأمر مشكل يرد علمه إلى الله وإلى رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : حلال بين وحرام بين وشبهات بين ذلك فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات وهلك من حيث لا يعلم ، قلت : فإن كان الخبران عنكما مشهورين قد رواهما الثقات عنكم قال : ينظر فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنة وخالف العامة فيؤخذ به ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنة قلت : جعلت فداك أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنة ووجدنا أحد الخبرين موافقا للعامة والآخر مخالفا لهم بأي الخبرين يؤخذ؟ قال : ما خالف العامة ففيه الرشاد فقلت جعلت فداك

١٧٠

فإن وافقهم الخبران جميعا قال : ينظر إلى ما هم إليه أميل حكامهم وقضاتهم فيترك ويؤخذ بالآخر قلت : فإن وافق حكامهم الخبران جميعا قال : إذا كان ذلك فأرجه حتى تلقى إمامك فإن الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات.

الكافي ـ علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبان بن عياش عن سليم بن قيس الهلالي قال : قلت لأمير المؤمنين عليه‌السلام : إني كنت سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذر شيئا من تفسير القرآن ومن أحاديث عن نبي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله غير ما في أيدي الناس ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن نبي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنتم تخالفونهم وتزعمون أن ذلك كله باطل أفترى الناس يكذبون على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله متعمدين ويفسرون القرآن بآرائهم؟ قال : فأقبل علي فقال : قد سألت فافهم الجواب إن في أيدي الناس حقا وباطلا وصدقا وكذبا وناسخا ومنسوخا وعاما وخاصا وحكما ومتشابها وحفظا ووهما وقد كذب على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على عهده حتى قام خطيبا فقال : أيها الناس قد كثرت علي الكذابة فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ، ثم كذب عليه من بعده وإنما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس ، رجل منافق يظهر الإيمان متصنع بالإسلام لا يتأثم ولا يتحرج أن يكذب على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله متعمدا ، فلو علم الناس أنه منافق كذاب لم يقبلوا منه ولم يصدقوه ولكنهم قالوا : هذا صحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ورواه وسمع منه ، وأخذوا عنه وهم لا يعرفون حاله ، وقد أخبره الله عن المنافقين بما أخبره ووصفهم بما وصفهم فقال عزوجل (وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ) ثم بقوا بعده فتفرقوا إلى أئمة الضلالة والدعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان فولوهم الأعمال وحملوهم على رقاب الناس وأكلوا بهم الدنيا وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم الله فهذا أحد الأربعة ورجل سمع من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله شيئا لم يحمله على وجهه ووهم فيه ولم يتعمد كذبا فهو في يده يقول به ويعمل به ويرويه فيقول : أنا سمعته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلو علم المسلمون أنه وهم لم يقبلوه ولو علم هو أنه وهم لرفضه ورجل ثالث سمع من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله شيئا أمر به ثم نهى عنه وهو لا يعلم أو سمعه ينهى عن شيء ثم أمر به وهو لا يعلم فحفظ منسوخه ولم يحفظ الناسخ فلو علم أنه منسوخ لرفضه ولو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنه منسوخ لرفضوه وآخر رابع لم يكذب على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مبغض للكذب خوفا من الله وتعظيما لرسول الله لم يسه بل حفظ ما سمع منه

١٧١

على وجهه فجاء به كما سمع لم يزد فيه ولم ينقص منه ، وعلم الناسخ من المنسوخ فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ ، فإن أمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مثل القرآن ناسخ ومنسوخ وخاص وعام ومحكم ومتشابه قد كان يكون من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الكلام له وجهان وكلام عام وكلام خاص مثل القرآن وقال الله عزوجل في كتابه : (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) فيشتبه على من لم يعرف ولم يدر ما عنى الله به ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله وليس كل أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يسأله عن الشيء فيفهم ، وكان منهم من يسأله ولا يستفهمه حتى أن كانوا ليحبون أن يجيء الأعرابي والطارئ فيسأل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى يسمعوا وقد كنت أدخل على رسول الله كل يوم دخلة وكل ليلة دخلة فيخليني فيها أدور معه حيث دار ، وقد علم أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه لم يصنع ذلك بأحد من الناس غيري فربما كان في بيتي يأتيني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أكثر من ذلك في بيتي وكنت إذا دخلت عليه ببعض منازله أخلاني وأقام عني نساءه فلا يبقى عنده غيري ، وإذا أتاني للخلوة معي في منزلي لم تقم عني فاطمة ولا أحد من بني وكنت إذا سألته أجابني ، وإذا أمسكت عنه وفنيت مسائلي ابتدأني ، فما نزلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله آية من القرآن إلا أقرأنيها وأملاها علي فكتبتها بخطي وعلمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها ومحكمها ومتشابهها وخاصها وعامها ودعا الله أن يعطيني فهمها وحفظها فما نسيت آية من كتاب الله ولا علما أملاه علي وكتبته منذ دعا الله لي بما دعا وما ترك شيئا مما علمه الله من حلال ولا حرام ولا أمر ولا نهي كان أو يكون ولا كتاب منزل على أحد قبله من طاعة أو معصية إلا علمنيه وحفظته فلم أنس حرفا واحدا ثم وضع يده على صدري ودعا الله لي أن يملأ قلبي علما وفهما وحكما ونورا فقلت : يا نبي الله بأبي أنت وأمي منذ دعوت الله لي بما دعوت لم أنس شيئا ولم يفتني شيء لم أكتبه أفتتخوف علي النسيان فيما بعد؟ فقال : لا لست أتخوف عليك النسيان والجهل. ورواه الصدوق في الخصال والطبرسي في الاحتجاج.

الكافي ـ العدة عن أحمد بن محمد عن عثمان بن عيسى عن أبي أيوب الخزاز عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : ما بال أقوام يروون عن فلان وفلان عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يتهمون بالكذب فيجيء منكم خلافه؟ قال : إن الحديث ينسخ كما ينسخ القرآن.

الكافي ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن منصور بن حازم قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما

١٧٢

بالي أسألك عن المسألة فتجيبني فيها بالجواب ثم يجيئك غيري فتجيبه فيها بجواب آخر؟ فقال : إنا نجيب الناس على الزيادة والنقصان ، قال : قلت فأخبرني عن أصحاب محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله صدقوا على محمد أم كذبوا؟ قال بل صدقوا قلت : فما بالهم اختلفوا؟ فقال أما تعلم أن الرجل كان يأتي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيسأله عن المسألة فيجيبه فيها بالجواب ثم يجيئه بعد ذلك ما ينسخ ذلك الجواب فنسخت الأحاديث بعضها بعضا.

الكافي ـ علي بن محمد عن سهل بن زياد عن ابن محبوب عن علي بن رئاب عن أبي عبيدة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال لي : يا زياد ما تقول لو أفتينا رجلا ممن يتولانا بشيء من التقية؟ قال قلت له : أنت أعلم جعلت فداك قال : إن أخذ به فهو خير له وأعظم أجرا وفي رواية أخرى إن أخذ به أوجر وإن تركه والله أثم.

الكافي ـ أحمد بن إدريس عن محمد بن عبد الجبار عن الحسن بن علي عن ثعلبة بن ميمون عن زرارة بن أعين عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن مسألة فأجابني ثم جاءه رجل فسأله عنها فأجابه بخلاف ما أجابني ثم جاء آخر فأجابه بخلاف ما أجابني وأجاب صاحبي ، فلما خرج الرجلان قلت : يا ابن رسول الله رجلان من أهل العراق من شيعتكم قدما يسألان فأجبت كل واحد منهما بغير ما أجبت به صاحبه فقال : يا زرارة هذا خير لنا وأبقى لنا ولكم ولو اجتمعتم على أمر واحد لصدقكم الناس علينا ولكان أقل لبقائنا وبقائكم قال : ثم قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : شيعتكم لو حملتموهم على الأسنة أو على النار لمضوا وهم يخرجون من عندكم مختلفين قال فأجابني بمثل جواب أبيه.

الكافي ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن عيسى عن محمد بن سنان عن نصر الخثعمي قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : من عرف أنا لا نقول إلا حقا فليكتف بما يعلم منا ، فإن سمع منا خلاف ما يعلم فليعلم أن ذلك دفاع منا عنه.

الكافي ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن عثمان بن عيسى والحسن بن محبوب جميعا عن سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن رجل اختلف عليه رجلان من أهل دينه في أمر كلاهما يرويه أحدهما يأمره بأخذه والآخر ينهاه عنه كيف يصنع؟ قال : يرجئه حتى يلقى من يخبره فهو في سعة حتى يلقاه ، وفي رواية أخرى بأيهما أخذت من باب التسليم وسعك.

الكافي ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن عثمان بن عيسى عن الحسين بن المختار عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : أرأيتك لو حدثتك

١٧٣

بحديث العام ثم جئتني من قابل فحدثتك بخلافه بأيهما كنت تأخذ؟ قال : كنت آخذ بالأخير فقال لي : رحمك الله.

الكافي ـ وعنه عن أبيه عن إسماعيل بن مرار عن يونس عن داود بن فرقد عن المعلى بن خنيس قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إذا جاء حديث عن أولكم وحديث عن آخركم بأيهما نأخذ؟ فقال : خذوا به حتى يبلغكم عن الحي فإن بلغكم عن الحي فخذوا بقوله ، قال : ثم قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إنا والله لا ندخلكم إلا فيما يسعكم وفي حديث آخر خذوا بالأحدث.

الكافي ـ وعنه عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن على كل حق حقيقة وعلى كل صواب نورا فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه.

الكافي ـ محمد بن يحيى عن عبد الله بن الحكم عن أبان بن عثمان وعبد الله بن أبي يعفور قال وحدثني الحسين بن أبي العلاء أنه حضر ابن أبي يعفور في هذا المجلس قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن اختلاف الحديث يرويه من نثق به ومنهم من لا نثق به قال : إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهدا من كتاب الله أو من قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وإلا فالذي جاءكم به أولى به.

الكافي ـ وعنه عن أحمد بن محمد عن عيسى بن أبي فضال عن علي بن عقبة عن أيوب بن راشد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لا يسع الناس حتى يسألوا ويتفقهوا ويعرفوا إمامهم ويسمعهم أن يأخذوا بما يقول وإن كان تقية.

الكافي ـ العدة عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن أيوب بن الحر قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول كل شيء مردود إلى الكتاب والسنة وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف.

الكافي ـ محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن ابن أبي عمير عن هشام بن الحكم وغيره عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : خطب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بمنى فقال : أيها الناس ما جاءكم عني يوافق كتاب الله فأنا قلته وما جاءكم يخالف كتاب الله فلم أقله.

الكافي والفقيه ـ عن داود بن الحصين عن أبي عبد الله عليه‌السلام في رجلين اتفقا على عدلين جعلاهما بينهما في حكم وقع بينهما فيه اختلاف فرضيا بالعدلين فاختلف العدلان بينهما ، عن قول أيهما يمضي الحكم؟

١٧٤

قال : ينظر إلى أفقههما وأعلمهما بأحاديثنا وأورعهما فينفذ حكمه ، ولا يلتفت إلى الآخر. ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب عن الحسن بن موسى الخشاب عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن داود بن الحصين مثله.

الإحتجاج ـ روي عن الصادق عليه‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ما وجدتم في كتاب الله عزوجل فالعمل به لازم ولا عذر لكم في تركه وما لم يكن في كتاب الله عزوجل وكان في سنة مني فلا عذر لكم في ترك سنتي وما لم يكن فيه سنة مني فما قال أصحابي فقولوا به فإنما مثل أصحابي فيكم كمثل النجوم بأيها أخذ اهتدى وبأي أقاويل أصحابي أخذتم اهتديتم واختلاف أصحابي لكم رحمة ، قيل : يا رسول الله من أصحابك قال : أهل بيتي فيه وفيما قبله دلالة على حجية السنة النبوية). قال محمد بن الحسين بن بابويه القمي (رضي الله عنه) أهل البيت لا يختلفون ولكن يفتون الشيعة بمر الحق وربما أفتوهم بالتقية فما يختلف من قولهم فهو للتقية ، رحمة للشيعة ويؤيد تأويله (رضي الله عنه) أخبار كثيرة منها : ما رواه محمد بن سنان عن نصر الخثعمي قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : من عرف من أمرنا أنا لا نقول إلا حقا فليكتف بما يعلم منا فإن سمع منا خلاف ما يعلم فليعلم أن ذلك منا دفاع واختيار له. وعن عمر بن حنظلة قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحا كما إلى السلطان أو إلى القضاة أيحل ذلك؟ قال عليه‌السلام : من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الجبت والطاغوت المنهي عنه وما حكم له به فإنما يأخذ سحتا وإن كان حقه ثابتا لأنه أخذه بحكم الطاغوت ومن أمر الله عزوجل أن يكفر به قال الله عزوجل : (يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ) قلت : فكيف يصنعان وقد اختلفا؟ قال : ينظران إلى من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكما فإني قد جعلته عليكم حاكما فإذا حكم بحكم (وفي نسخة بحكمنا ولم يقبله) (وفي نسخة لم يقبل منه) فإنما بحكم الله استخف وعلينا رد والراد علينا كافر راد على الله وهو على حد الشرك بالله قلت : فإن كان كل واحد منها اختار رجلا من أصحابنا فرضيا أن يكونا الناظرين في حقهما فاختلفا فيما حكما فإن الحكمين اختلفا في حديثكم ، قال : إن الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما ولا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر ، قلت : فإنهما عدلان مرضيان عرفا بذلك لا يفضل أحدهما صاحبه قال : ينظر الآن إلى ما كان

١٧٥

من روايتهما عنا في ذلك الذي حكما المجمع عليه بين أصحابك فيؤخذ به من حكمهما ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك فإن المجمع عليه لا ريب فيه فإنما الأمور ثلاثة : أمر بين رشده فيتبع ، وأمر بين غيه فيجتنب وأمر مشكل يرد حكمه إلى الله عزوجل وإلى رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : حلال بين وحرام بين وشبهات تتردد بين ذلك فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات وهلك من حيث لا يعلم قلت : فإن كان الخبران عنكما مشهورين قد رواهما الثقات عنكما قال : ينظر ما وافق حكمه حكم الكتاب والسنة (١) ووافق العامة قلت : جعلت فداك أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنة ثم وجدنا أحد الخبرين يوافق العامة والآخر يخالف ، بأيهما نأخذ من الخبرين قال ينظر إلى ما هم إليه يميلون فإن ما خالف العامة ففيه الرشاد قلت : جعلت فداك فإن وافقهم الخبران جميعا قال : انظروا إلى ما يميل إليه حكامهم وقضاتهم فاتركوه جانبا وخذوا بغيره قلت : فإن وافق حكامهم الخبرين جميعا؟ قال إذا كان كذلك فأرجه وقف عنده حتى تلقى إمامك فإن الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات والله المرشد.

غوالي اللئالي ـ روى محمد بن علي بن محبوب عن محمد بن عيسى عن صفوان عن داود بن الحصين عن عمر بن حنظلة مثله.

الإحتجاج ـ الحسن بن الجهم قال : قلت للرضا عليه‌السلام : تجيئنا الأحاديث عنكم مختلفة قال : ما جاءك عنا فقسه على كتاب الله عزوجل وأحاديثنا فإن كان يشبههما فهو منا وإن لم يشبهها فليس منا ، قلت : يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين فلا نعلم أيهما الحق فقال : إذا لم تعلم فموسع عليك بأيهما أخذت. وعن الحارث بن المغيرة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا سمعت من أصحابك الحديث وكلهم ثقة فموسع عليك حتى ترى القائم عليه‌السلام فترده إليه. وعن سماعة بن مهران قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام قلت : يرد علينا حديثان واحد يأمرنا بالأخذ به والآخر ينهانا عنه قال : لا تعمل بواحد منهما حتى تلقى صاحبك فتسأله قال : قلت لا بد من أن نعمل بأحدهما قال : خذ بما فيه خلاف العامة.

__________________

(١) كذا في الأصل وربما كان الصحيح (وخالف العامة).

١٧٦

وروي أيضا عنهم عليهم‌السلام أنهم قالوا : إذا اختلفت أحاديثنا عليكم فخذوا بما اجتمعت عليه شيعتنا فإنه لا ريب فيه. وعن أبي جعفر الثاني عليه‌السلام في مناظرته مع يحيى بن أكثم قال : قال : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في حجة الوداع : قد كثرت علي الكذابة وستكثر فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار فإذا أتاكم الحديث فاعرضوه على كتاب الله وسنتي فما وافق كتاب الله وسنتي فخذوا به وما خالف كتاب الله وسنتي فلا تأخذوا به الخبر ومما أجاب به أبو الحسن علي بن محمد العسكري عليه‌السلام في رسالته إلى أهل الأهواز حين سألوه عن الجبر والتفويض أن قال : أجمعت الأمة قاطبة لا اختلاف بينهم في ذلك أن القرآن حق لا ريب فيه عند جميع فرقها فهم في حالة الاجتماع عليه مصيبون وعلى تصديق ما أنزل الله مهتدون لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تجتمع أمتي على ضلالة (١). فأخبر صلى‌الله‌عليه‌وآله أن ما اجتمعت عليه الأمة ولم يخالف بعضهما بعضا هو الحق فهذا معنى الحديث لا ما تأوله الجاهلون ولا ما قاله المعاندون من إبطال حكم الكتاب واتباع حكم الأحاديث المزورة والروايات المزخرفة واتباع الأهواء المردية المهلكة التي تخالف نص الكتاب وتحقيق الآيات الواضحات النيرات ثم قال عليه‌السلام : فإذا شهد الكتاب بتصديق خبر وتحقيقه فأنكرته طائفة من الأمة وعارضته بحديث من هذه الأحاديث المزورة صارت بإنكارها ودفعها الكتاب كفارا ضلالا إلخ (فيه دلالة على حجية الكتاب).

__________________

(١) فيه دلالة على حجية الإجماع.

١٧٧

أمالي ـ الصدوق عن أحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال قال علي عليه‌السلام : إن على كل حق حقيقة وعلى كل صواب نورا فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه.

قرب الإسناد ـ ابن طريف عن ابن علوان عن جعفر عن أبيه عليه‌السلام قال : قرأت في كتاب لعلي عليه‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : كأنه سيكذب علي كما كذب على من كان قبلي فما جاءكم عني من حديث وافق كتاب الله فهو حديثي وما خالف كتاب الله فليس من حديثي.

العلل والعيون ـ حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ومحمد بن موسى البرقي ومحمد بن علي ماجيلويه ومحمد بن علي بن هشام وعلي بن عيسى المجاور رضي الله عنهم قالوا حدثنا علي بن محمد ماجيلويه عن أحمد بن محمد بن خالد عن أحمد بن محمد السياري قال : حدثنا علي بن أسباط قال : قلت للرضا عليه‌السلام : يحدث الأمر من أمري لا أجد بدا من معرفته وليس في البلد الذي أنا فيه أحد أستفتيه من مواليك قال : فقال عليه‌السلام : ائت فقيه البلد فاستفته في أمرك فإذا أفتاك بشيء فخذ بخلافه فإن الحق فيه.

العيون ـ أبي وابن الوليد عن سعد عن المسمعي عن الميثمي أنه سئل الرضا عليه‌السلام يوما وقد اجتمع عنده قوم من أصحابه وقد كانوا تنازعوا في الحديثين المختلفين عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في الشيء الواحد فقال عليه‌السلام : إن الله عزوجل حرم حراما وأحل حلالا وفرض فرائض فما جاء في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله ودفع فريضة في كتاب الله رسمها بين قائم بلا ناسخ نسخ ذلك فذلك ما لا يسع الأخذ به لأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يكن ليحرم ما أحل الله ولا ليحلل ما حرم الله ولا ليغير فرائض الله وأحكامه إلى أن قال : قلت فإنه يرد عنكم الحديث في الشيء عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مما ليس في الكتاب وهو في السنة ثم يرد خلافه فقال : وكذلك قد نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نهي حرام فوافق في ذلك نهيه نهي الله تعالى وأمر بأشياء فصار ذلك الأمر واجبا لازما كعدل فرائض الله تعالى ووافق في ذلك أمره أمر الله عزوجل فما جاء في النهي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نهي حرام ثم جاء خلافه لم يسع استعمال ذلك وكذلك فيما أمر به لأنا لا نرخص فيما لا يرخص فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا نأمر بخلاف ما أمر رسول

١٧٨

الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلا لعلة خوف وضرورة ، فأما أن نستحل ما حرم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أو نحرم ما استحله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلا يكون ذلك أبدا لأنا تابعون لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مسلمون له كما كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تابعا لأمر ربه عزوجل مسلما له وقال الله عزوجل (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) وإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن أشياء ليس نهي حرام بل إعافة وكراهة وأمر بأشياء ليس أمر فرض ولا واجب بل أمر فضل ورجحان في الدين ثم رخص في ذلك للمعلول وغير المعلول فما كان عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نهي إعافة أو أمر فضل فذلك الذي يسع احتمال الرخص فيه (١) إذا ورد عليكم عنا فيه الخبر باتفاق يرويه من يرويه في النهي ولا ينكره وكان الخبران صحيحين معروفين باتفاق الناقلة فيهما يجب الأخذ بأحدهما أو بهما جميعا أو بأيهما شئت وأحببت موسع ذلك لك من باب التسليم لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والرد إليه وإلينا وكان تارك ذلك من باب العناد والإنكار وترك التسليم لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مشركا بالله العظيم فما ورد عليكم من خبرين مختلفين فاعرضوهما على كتاب الله فما كان في كتاب الله موجودا حلالا أو حراما فاتبعوا ما وافق الكتاب وما لم يكن في الكتاب فاعرضوه على سنن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فما كان في السنة موجودا منهيا عنه نهي حرام أو مأمورا به عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أمر إلزام فاتبعوا ما وافق نهي رسول الله وأمره وما كان في السنة نهي إعافة أو كراهة ثم كان الخبر الآخر خلافه فذلك رخصة فيما عافه رسول الله وكرهه ولم يحرمه فذلك الذي يسع الأخذ بهما جميعا أو بأيهما شئت وسعك الاختيار من باب التسليم والاتباع والرد إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وما لم تجدوه في شيء من هذه الوجوه فردوا إلينا علمه فنحن أولى بذلك ولا تقولوا فيه بارئكم وعليكم بالكف والتثبت والوقوف وأنتم طالبون باحثون حتى يأتيكم البيان من عندنا.

أمالي ـ الشيخ المفيد عن ابن قولويه عن الكليني عن علي عن أبيه عن اليقطيني عن يونس عن عمرو بن شمر عن جابر قال : دخلنا على أبي جعفر محمد بن علي عليه‌السلام ونحن جماعة بعد ما قضينا نسكنا فودعناه وقلنا له أوصنا يا بن رسول الله فقال ليعن قويكم ضعيفكم وليعطف غنيكم على فقيركم ولينصح الرجل أخاه كنصحه لنفسه ، واكتموا أسرارنا ولا تحملوا الناس على أعناقنا وانظروا أمرنا وما جاءكم عنا فإن وجدتموه للقرآن

__________________

(١) فيه دلالة على الحمل على الاستحباب مع الاختلاف. (منه).

١٧٩

موافقا فخذوا به وإن لم تجدوه موافقا فردوه وإن اشتبه الأمر عليكم فقفوا عنده وردوه إلينا حتى نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا الخبر.

العلل ـ أبي عن سعد عن محمد بن الوليد والسندي عن أبان بن عثمان عن محمد بن بشر وحريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قلت له : إنه ليس شيء أشد علي من اختلاف أصحابنا قال : ذلك من قبلي.

بيان ـ أي بما أمرتهم من جهة التقية وأمرتهم به للمصلحة.

العلل ـ ابن الوليد عن الصفار عن أحمد بن محمد عن ابن سنان عن الخراز عمن حدثه عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : اختلاف أصحابي لكم رحمة وقال : إذا كان ذلك جمعتكم على أمر واحد ، وسئل عن اختلاف أصحابنا فقال عليه‌السلام أنا فعلت ذلك بكم لو اجتمعتم على أمر واحد لأخذ برقابكم.

بيان ـ قوله إذا كان ذلك أي ظهور الحق وقيام القائم عليه‌السلام.

العلل ـ أبي عن سعد عن محمد بن عبد الجبار عن الحسن بن فضال عن ثعلبة عن زرارة عن ابن جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن مسألة فأجابني قال : ثم جاء رجل فسأله فأجابه بخلاف ما أجابني ، ثم جاء رجل آخر فأجابه بخلاف ما أجابني وأجاب صاحبي فلما خرج الرجلان قلت : يا بن رسول الله رجلان من أهل العراق من شيعتك قدما يسألان فأجبت كل واحد منهما بغير ما أجبت به الآخر قال : فقال : يا زرارة إن هذا خير لنا وأبقى لنا ولكم ولو اجتمعتم على أمر واحد لقصدكم الناس ولكان أقل لبقائنا وبقائكم قال : فقلت لأبي عبد الله عليه‌السلام شيعتكم لو حملتموهم على الأسنة أو على النار لمضوا وهم يخرجون من عندكم مختلفين قال : فسكت فأعدت عليه ثلاث مرات فأجابني بمثل جواب أبيه.

العلل ـ أبي عن أحمد بن إدريس عن أبي إسحاق الأرجان رفعه قال. قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : أتدري لم أمرتم بالأخذ بخلاف ما تقول العامة؟ فقلت : لا ندري فقال : إن عليا عليه‌السلام لم يكن يدين الله بدين إلا خالف عليه الأمة إلى غيره إرادة لإبطال أمره وكانوا يسألون أمير المؤمنين عن الشيء لا يعلمون هم فإذا أفتاهم جعلوا له ضدا من عندهم ليلبسوا على الناس.

١٨٠