مفتاح الأصول - ج ٢

آية الله الشيخ إسماعيل الصالحي المازندراني

مفتاح الأصول - ج ٢

المؤلف:

آية الله الشيخ إسماعيل الصالحي المازندراني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: نشر الصالحان
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٦٨

إكرام الطّبيعي مع الخصوصيّة الاخرى غير العالم ، كالعادل ، أو المؤمن ، أو الهاشمي أو غيرها من سائر العناوين.

ولقد أجاد المحقّق الخراساني قدس‌سره فيما أفاده في المقام ، حيث قال في ردّ هذا الوجه ، ما هذا لفظه : «لأنّ الاحترازيّة لا توجب إلّا تضييق دائرة موضوع الحكم في القضيّة» (١) وكذا المحقّق الحائري قدس‌سره حيث قال : «ونظير ما ذكر ، الاستدلال بقولهم : الأصل في القيود أن تكون احترازيّة ، فإنّه بعد تسليم ظهور كلّ قيد في ذلك يوجب تضييق دائرة الموضوع ، ولا يفيد انتفاء سنخ الحكم من غير مورد القيد ، كما هو واضح». (٢)

ومنها : التّمسّك بأنّ أبي عبيدة فهم من قوله عليه‌السلام : «ليّ الواجد يحلّ عقوبته وعرضه» (٣) أو من قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «مطل الغني ظلم» (٤) أنّ ليّ غير الواجد لا يحلّ عقوبته ، ومطل غير الغني لا يكون ظلما ، وهذا يكشف عن دلالة القولين على المفهوم.

والجواب عنه ، كما عن الإمام الرّاحل قدس‌سره هو أنّا لا ننكر دلالة التّقييد بالوصف على المفهوم أحيانا وبمعونة القرائن ولو كانت القرينة هو تناسب الحكم والموضوع كالمقام ، بل إنّما ننكرها بنفسه ومع الغمض عن دلالة القرائن ، وعليه ، فلا يكون فهم أبي عبيدة في خصوص المثال دليلا على كون الوصف بطبعه ذا مفهوم.

ومنها : أنّ الوصف والقيد لو لم يدلّ على المفهوم ، لم يكن لحمل المطلق على

__________________

(١) كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٣٢٣.

(٢) درر الفوائد : ج ١ ، ص ٢٠١ و ٢٠٢.

(٣) قد مرّت الإشارة إلى رواية أبي عبيدة ، فراجع.

(٤) قد مرّت الإشارة إلى رواية أبي عبيدة ، فراجع.

٢٠١

المقيّد وجه ؛ إذ ليس لهذا الحمل نكتة إلّا دلالة المقيّد بمعونة قيده على انحصار التّكليف به وعدم ثبوته لغيره ، وإلّا فلا جهة اخرى موجبة لهذا الحمل أصلا.

وفيه : أنّ وجه حمل المطلق على المقيد ليس دلالة الوصف على المفهوم ، كما نسب إلى الشّيخ البهائي قدس‌سره (١) ، بل وجهه ـ كما عن شيخنا الاستاذ الآملي قدس‌سره (٢) ـ هو إحراز وحدة المطلوب ، على أنّك قد عرفت آنفا ، أن مقتضى التّقييد حينئذ ليس إلّا تضييق دائرة موضوع الحكم ، بمعنى : إثبات حكم لموضوع خاصّ مع السّكوت عن غيره من موضوعات اخرى ، وهذا المقدار لا يكون من باب المفهوم ، لما سبق ، من أنّ المفهوم عبارة عن نفي سنخ ذلك الحكم عن غير الموضوع الخاصّ ، لا السّكوت عنه.

هذه هي أدلّة القائلين بمفهوم الوصف ، وقد عرفت ما فيها من الضّعف والخلل.

أمّا القول الثّاني (نفي المفهوم عن الوصف) وهو الحقّ المختار تبعا للمشهور ، فقد استدلّ له بأمرين ؛ أحدهما بقوله تعالى : (وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ)(٣).

بتقريب : أنّ الوصف (اللّاتي في حجوركم) لو دلّ على المفهوم ، للزم اختصاص حرمة الرّبيبة بما إذا كانت في الحجر ، مع أنّ الثّابت ـ بضرورة الفقه ـ هو حرمتها مطلقا وإن لم تكن في الحجر.

وفيه : أوّلا : أنّ عدم المفهوم في الآية مستند إلى الأدلّة الخارجيّة الدّالّة على حرمة الرّبيبة مطلقا ، كما أشار إليه المحقّق الخراساني قدس‌سره بقوله : «أنّ الاستعمال في غيره

__________________

(١) راجع ، مطارح الأنظار : ص ٢٢١ ، س ٨.

(٢) تقريرات بحوثه قدس‌سره القيّمة بقلم الرّاقم ، منتهى الأفكار : ص ٢٢٢.

(٣) سورة النّساء (٤) : الآية ٢٣.

٢٠٢

أحيانا مع القرينة ممّا لا ينكر ، كما في الآية قطعا». (١)

وثانيا : أنّ الوصف هنا ورد مورد الغالب ، وهذا خارج عن مورد الكلام ضرورة ، أنّ القيود الغالبيّة لا تصدر من المتكلّم لأجل الاحتراز عن غيره حتّى تدلّ على المفهوم ، بل إنّما هي صادرة منه لأجل التّوضيح والتّفسير ، ولا كلام في عدم دلالة مثل هذا على المفهوم حتّى عند القائل به.

ثانيهما بما ذكره شيخنا الاستاذ الآملي قدس‌سره ولقد أحسن وأجاد فيه ، حيث قال : «إنّه لا بدّ في انعقاد المفهوم وأخذه من أمرين يكونان ركنين وعمودين له ؛ الأوّل : كون الموضوع وما علّق عليه الحكم علّة منحصرة له ؛ الثّاني : كون الحكم سنخا.

أمّا الأوّل ، فيمكن إحرازه بمعونة مقدّمات الحكمة ، فيقال : إنّ الموضوع بما له من الشّئون ، كالأوصاف والنّعوت ، علّة تامّة مستقلّة للحكم على ما قرّر وبيّن في الشّرط من الإطلاق الواوي والإطلاق الأوي.

أمّا الثّاني (كون الحكم سنخا) ، فلا يمكن إحرازه في المقام ؛ إذ استظهار ذلك متوقّف على اشتمال القضيّة على قيد زائد على أركان الكلام وما يتمّ به الفائدة ، كالجملة الشّرطيّة المشتملة على الشّرط الّذي لا يكون محمولا ، ولا موضوعا ، ولا من شئون الموضوع ونعوته ، بل يكون من قيود الحكم ومن الحيثيّات التّعليليّة له ؛ ولذا يكون المحمول والحكم في الشّرط سنخا ينتفي بانتفاء الشّرط ؛ بناء على القول بالمفهوم له ، ومن الواضح : أنّ الوصف لا يكون زائدا على أركان الكلام وما يتمّ به

__________________

(١) كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٣٢٣.

٢٠٣

الفائدة ، بل هو من شئون أحد ركني الكلام وهو الموضوع ، فحينئذ لا يكون المحمول سنخا في الوصف ، بل يكون حصّة فتنتفي تلك الحصّة فقط بانتفاء الموضوع الموصوف لا السّنخ ، فقولنا : «أكرم الرّجل العالم» لا يدلّ على أنّ كلّ الإكرام ، للرّجل العالم بحيث لا إكرام للرّجل المتّقي أو العادل ـ مثلا ـ بل هو ساكت عن ذلك. (١)

أمّا القول الثّالث (ثبوت المفهوم للأوصاف من جهة ، ونفيه عنها من جهة اخرى) ، فحاصله يرجع إلى أمرين :

الأوّل : دلالة تقييد الموضوع أو المتعلّق بالوصف ، على عدم ثبوت الحكم له على نحو الإطلاق ، فيثبت المفهوم له بهذا المعنى.

الثّاني : عدم دلالته على انتفاء الحكم عن غيره ، فينفي المفهوم عنه بهذا المعنى.

أمّا الأوّل : فوجهه ، أنّ ظاهر القيد يقتضي الاحتراز والدّخل في موضوع الحكم أو متعلّقه ، إلّا أن تقوم قرينة على عدم الدّخل ، ومن الواضح : أنّ معنى الاحتراز هو عدم ثبوت الحكم له ، إلّا مقيّدا بالوصف والقيد ولولاه لكان القيد لغوا.

أمّا الثّاني : فوجهه بأنّه لا تنافي بين قولنا : «أكرم رجلا عالما» وقولنا : «أكرم رجلا عادلا» ـ مثلا ـ بنظر العرف أصلا ، مع أنّه لو دلّت الجملة الاولى على المفهوم ، بمعنى : نفي الحكم عن حصص اخرى للزم التّنافي بينهما لا محالة.

هذا ، ولكن يمكن الجواب عن الأوّل بما مرّ آنفا ، من عدم انحصار الغرض في الوصف والقيد ، بالاحتراز حتّى يلزم اللّغويّة عند عدمه ، بل للوصف أغراض أخر ، وقد أشرنا إليها في مقام ردّ الوجه الثّالث ، فراجع.

__________________

(١) تقريرات بحوثه قدس‌سره القيّمة بقلم الرّاقم.

٢٠٤

أضف إلى ذلك ، أنّه لو سلّم الانحصار في الاحتراز ، فهو وإن كان مفيدا للمفهوم ، بمعنى : عدم ثبوت الحكم للموضوع ، أو المتعلّق على نحو الإطلاق ، إلّا أنّ مثل هذا المفهوم مصبّا للنّزاع ، بل النّزاع إنّما هو في المفهوم ، بمعنى : دلالة الوصف والقيد على انتفاء الحكم عن حصص اخرى.

ومن المعلوم : أنّ انتفاء الحكم عن الموضوع العاري عن قيد ، كالعلم ـ مثلا ـ وعدم ثبوته له على نحو الإطلاق ، لا يستلزم انتفائه عنه وعدم ثبوته له مطلقا ولو كان مع قيد آخر ، كالعدل ، مثلا.

وبالجملة : فما يفيده الانحصار في الاحتراز من المفهوم بالمعنى المذكور ليس مصبّ الدّعوى ، وما هو مصبّ الدّعوى وهو المفهوم بمعنى آخر ، فلا يفيده الانحصار في الاحتراز ، كما هو واضح.

هذا تمام الكلام في النّحو الثّاني من المفاهيم الّتي وقع فيها الاختلاف وهو مفهوم الوصف.

(مفهوم الغاية)

النّحو الثّالث : مفهوم الغاية.

يقع الكلام هنا في مقامين :

الأوّل : في ثبوت المفهوم للغاية وعدمه.

الثّاني : في أنّ الغاية داخلة في المغيّى ، أم لا؟

أمّا الأوّل : فالحقّ ، أنّ الغاية إن كانت للحكم ، كقوله عليه‌السلام : «كلّ شيء نظيف

٢٠٥

حتّى تعلم أنّه قذر» (١) تكون ذات مفهوم عرفا ؛ حيث إنّ معنى الجملة المذكورة ، أنّ كلّ مشكوك الطّهارة والنّجاسة طاهر إلى زمن العلم بالقذارة وهو زمن ارتفاع الشّكّ ، فترتفع الطّهارة حينئذ قهرا ، فلا طهارة بعد الغاية وحصول العلم.

وأمّا إن كانت للموضوع ، كقوله تعالى : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ)(٢) أو للمتعلّق ، كقوله تعالى : (أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ)(٣) فلا مفهوم لها إلّا إذا كانت هناك قرينة ؛ إذ التّقييد بالغاية حينئذ ، كالتّقييد بالوصف ، فكما أنّ تقييد الموضوع أو المتعلّق بالوصف لا يدلّ على المفهوم ـ كما عرفت ـ كذلك تقييدهما بالغاية.

أمّا المقام الثّاني : فالحقّ عدم كون الغاية داخلة في المغيّى ، كما هو ظاهر ، إلّا إذا كانت هناك قرينة ، كقولنا : «قرأت القرآن أو حفظته من أوّله إلى آخره».

(مفهوم الاستثناء)

النّحو الرّابع : مفهوم الاستثناء.

لا ريب : أنّ كلمة : «إلّا» بمعنى : الصفة والوصف خارجة عن حريم البحث هنا ويكون حالها حال سائر النّعوت والأوصاف الرّاجعة إلى الموضوع الموصوف بلا إفادة انتفاء سنخ الحكم عن غير موردها على ما حقّق في مبحث الوصف.

وأمّا إذا كانت ، بمعنى : الاستثناء ، فلا كلام في أنّ الاستثناء من النّفي ، يدلّ على

__________________

(١) وسائل الشّيعة : ج ٢ ، كتاب الطّهارة ، الباب ٣٦ من ابواب النّجاسات ، الحديث ٤ ، ص ١٠٥٤.

(٢) سورة المائدة (٥) : الآية ٦.

(٣) سورة البقرة (٢) : الآية ١٨٧.

٢٠٦

الإثبات ، وكذلك العكس ؛ بمعنى : أنّه يفيد الحصر ، إلّا أنّه لا يكون من باب المفهوم ، بل يكون من باب المنطوق ، فقولنا : «إلّا زيدا» في «أكرم القوم إلّا زيدا» معناه : «لا تكرم زيدا» فهنا جملتان متخالفتان من حيث الموضوع ، كتخالفهما من حيث الإيجاب والسّلب ، لا أنّ لهما موضوعا واحدا منحفظا ، كما يكون ذلك في باب المنطوق والمفهوم.

ويدلّ على ما قلنا : هو الارتكاز العرفي والتّبادر ، كما لا يخفى.

ثمّ إنّ هذا البحث ليس له ثمرة فقهيّة من جهة عدم كون المنطوق والمفهوم موضوعين للأحكام ، كما لا ثمرة عمليّة اصوليّة له ـ أيضا ـ من جهة أنّ الملاك هنا هو الظّهور منطوقا كان أو مفهوما ، بمعنى : أنّ الظّاهر هي الحجّة وعند دوران الأمر بين الظّاهر والأظهر ، فالمتّبع هو الأظهر ولو كان مفهوما ، كما أشار إلى ذلك ـ أيضا ـ المحقّق الخراساني قدس‌سره. (١)

فتحصّل : أنّه لا خلاف ولا إشكال في أنّ كلمة : «إلّا» بمعنى : الاستثناء ، يفيد الحصر.

نعم ، خالف ذلك أبو حنيفة مستدلّا بقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا صلاة إلّا بطهور» (٢) و «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب» (٣).

بتقريب : أنّ كلمة : «إلّا» ـ في الجملتين المذكورتين ـ لو دلّت على الحصر لزم أن تكون الصّلاة مع الطّهور وحده أو مع الفاتحة وحدها ـ منفكّة عن الأجزاء

__________________

(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٣٢٨.

(٢) وسائل الشّيعة : ج ١ ، كتاب الطّهارة ، الباب ٩ من ابواب احكام الخلوة ، الحديث ١ ، ص ٢٢٢.

(٣) مستدرك الوسائل : ج ٤ ، كتاب الصّلاة ، الباب ١ ، الحديث ٥ ، ص ١٥٨.

٢٠٧

والشّرائط الأخر ـ صلاة تامّة منطبقا عليها عنوان : «معراج المؤمن» و «تنهى عن الفحشاء والمنكر» وهذا كما ترى.

وكذا لزم أن لا يكون الفاقد للطّهور أو الفاتحة ، صلاة مطلقا ولو كان واجدا لغيرهما من سائر الأجزاء والشّرائط بالأسر.

وأنت ترى ، أنّ كلا اللازمين باطل ولا يمكن الالتزام بهما.

وفيه : أنّ الرّوايتين لا تدلّان إلّا على جزئيّة الفاتحة أو شرطية الطّهارة للصّلاة ، ومقتضى ذلك انتفاء الكلّ بانتفاء جزئه أو المشروط بانتفاء شرطه ، لا أنّهما تدلّان على أنّ الصّلاة تتحقّق بهما مطلقا ولو كانت منفكّة عن جميع الشّرائط والأجزاء ، وإلّا لكان المعنى : أنّ الصّلاة هو الطّهور ، أو هي الفاتحة ، وهذا ممّا لا يلتزم به أحد حتّى القائل المذكور ، كما هو واضح.

ثمّ إنّه يستدلّ لإثبات الحصر في كلمة : «إلّا» بقبول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إسلام من قال كلمة التّوحيد (لا إله إلّا الله).

تقريب الاستدلال : هو أنّ هذه الكلمة إنّما تفيد نفي الوجود عن إله آخر غير الله سبحانه وتعالى وإثبات الوجود له تعالى فقط ، وهذا معنى الانحصار.

ولكن اورد عليه بأنّ كلمة : «لا» في الجملة المذكورة تحتاج إلى تقدير خبر ، وهو يدور بين كلمتي : «ممكن» و «موجود» وليس شيء منهما مفيدا للحصر وأمّا كلمة «ممكن» ، فلأنّه تدلّ على إمكانه تعالى فقط ، لا على وجوده فضلا عن وجوبه ، وأمّا كلمة : «موجود» فهي وإن دلّت على وجوده تعالى ، لكنّها لا تدلّ على الحصر وعدم إمكان إله آخر ، وهو واضح.

٢٠٨

وقد أجاب عنه المحقّق الخراساني قدس‌سره بقوله : «إنّ المراد من «الإله» هو «واجب الوجود» والخبر المقدّر هو «موجود» ونفي ثبوته ووجوده في الخارج وإثبات فرد منه فيه وهو الله تعالى ، يدلّ بالملازمة البيّنة على امتناع تحقّقه في ضمن غيره تبارك وتعالى ؛ ضرورة ، أنّه لو لم يكن ممتنعا لوجد ، لكونه من أفراد الواجب». (١)

وفيه : أوّلا : أنّ «الإله» ـ من أله يأله ـ يكون بمعنى : المعبود ، لا الواجب ، كما يشهد له قوله تعالى : (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ)(٢) وقوله تعالى : (قالُوا يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ)(٣) وقوله تعالى : (ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي)(٤).

وثانيا : أنّه لا حاجة إلى تقدير شيء ؛ وذلك ، لأنّ المشركين ليس شركهم في ذات الباري تعالى أو فعله تعالى ، بل إنّما هو في العبادة فقط ، كما يستفاد ذلك من قوله تعالى : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ)(٥) وقوله تعالى : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى)(٦).

وعليه ، فالجواب الصّحيح عن الإيراد هو أن يقال : بأنّ كلمة : «إلّا» تكون وصفيّة تفيد معنى : «غير» لا استثنائيّة كي تدلّ على النّفي والإثبات ، فيصير المعنى إذا

__________________

(١) كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٣٢٧ و ٣٢٨.

(٢) سورة الفرقان (٢٥) ، الآية ٤٣.

(٣) سورة الاعراف (٧) ، الآية ١٣٨.

(٤) سورة القصص (٢٨) ، الآية ٣٨.

(٥) سورة لقمان (٣١) ، الآية ٢٥.

(٦) سورة الزّمر (٣٩) ، الآية ٣.

٢٠٩

هو «انتفى المعبود غير الله» وهذا لا يحتاج إلى تقدير خبر ، كما لا يخفى.

وبعبارة اخرى : أنّ كلمة : «لا إله إلّا الله» لم تجئ للنّفي والإثبات حتّى تكون في حكم جملتين : أحدهما ، السالبة ؛ والآخر ، الموجبة ، بل تكون جملة واحدة نافية للشّرك في العبادة مطلقا ، سواء كان من قبيل شرك المشركين وعبدة الأصنام أو شرك النّصارى واليهود والمجوس.

(مفهوم اللّقب والعدد)

بقي في المقام حكم مفهوم اللّقب والعدد.

أمّا اللّقب ، فليس معناه : ما يشعر بالمدح أو الذّمّ ـ مقابل الإسم والكنية ـ كما هو المصطلح عند النّحاة ، بل معناه : هو المطلق من الأسماء والألقاب والكنى.

والحقّ عدم دلالته على المفهوم ، كما عن المحقّق الخراساني قدس‌سره (١) ودليله واضح ، كيف ، وأنّه لا ينبغي أن يتفوّه بأنّ قولنا : «زيد عالم» يدلّ على انتفاء سنخ العلم عن غير زيد ، بحيث يكون «زيد» في ذلك القول ونحوه ، علّة منحصرة أو موضوعا منحصرا للعلم ، بل غاية ما يستفاد من جملة «زيد عالم» هو أن يكون «زيد» موضوعا خاصّا ، كسائر الموضوعات الخاصّة ، الّتي ليس لها إلّا إثبات شيء وحكم ، ومن المعلوم : أنّ إثباته لموضوع ، كما لا يدلّ على عدم ثبوت أشياء وأحكام آخر لذلك الموضوع ، كذلك لا يدلّ على انتفاء سنخ ذلك الشّيء والحكم عن موضوعات اخرى.

__________________

(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٣٣٠.

٢١٠

وبالجملة : لا يدلّ قولنا : «زيد عالم» على عدم عالميّة غيره من «عمرو وبكر» وغيرهما ، كما لا يدلّ على عدم عادليّة «زيد» أو عدم كاتبيّته ونحوهما ، وهذا لعمري واضح لا يحتاج إلى مزيد بيان.

وقد خالف ذلك جماعة (١) ، فقالوا : بدلالة اللّقب على المفهوم ، مستدلّين له بأمرين :

أحدهما : أنّه لو لم يدلّ على المفهوم ، للزم اللّغويّة والخلوّ عن الفائدة.

ثانيهما : أنّ الجملة المشتملة على اللّقب في مثل قول القائل ـ في جواب من نسب إليه وإلى اخته الزّنا ـ : «لا أنا بزان ولا اختي بزانية» تدلّ على القذف والرّمي للنّاسب ولاخته بالزّنا ؛ ولذا أوجبوا على هذا القائل حدّ القذف ، وليس هذا إلّا لأجل دلالة اللّقب على المفهوم.

ولكن يمكن الجواب عنهما بما أفاده الشّيخ الأنصاري قدس‌سره من قوله : «وفي كليهما ما لا يخفى ؛ إذ في الأوّل عدم انحصار الفائدة في المفهوم ، وفي الثّاني ، أنّ دلالته تكون بقرينة المقام» (٢). هذا في اللّقب.

أمّا العدد ، فالكلام فيه يقع تارة من ناحية النّقيصة والأقلّ ، واخرى من ناحية الزّيادة والأكثر.

أمّا النّقيصة ، فهي وإن كانت موجبة للقدح وعدم الإجزاء فيما إذا جعل العدد الخاصّ موضوعا لحكم ، نظير ما ورد في كفّارة الخصال «صم ستّين يوما أو «أطعم

__________________

(١) راجع ، مطارح الأنظار : ص ١٩٠ و ١٩١.

(٢) مطارح الأنظار : ص ١٩١.

٢١١

ستّين مسكينا» حيث إنّه دلّ على عدم الإجزاء إذا صام خمسين يوما ، أو أطعم خمسين مسكينا ، إلّا أنّه ليس وجه هذا القدح هو دلالة العدد على المفهوم ، بمعنى : انتفاء سنخ الحكم عمّا دونه المنتقص عنه ، بل هو ساكت بالنّسبة إليه رأسا ، من حيث الوجوب وعدمه ، وإنّما وجهه هو عدم انطباق المأمور به على المأتي به ، وهذا هو مقتضى المنطوق الّذي جعل الموضوع فيه عددا خاصّا.

أمّا الزّيادة ، فيختلف حكمها باختلاف الموارد.

توضيحه : أنّ التّقييد بعدد خاصّ على أنحاء ثلاثة :

الأوّل : أن يكون تحديدا بالنّظر إلى طرف النّقيصة والأقلّ فقط ، بحيث لا تقدح الزّيادة ، كالعشرة في تحقّق الإقامة ، وكالثّلاثة في ترتيب أحكام الحيض ، فإنّ العدد في أمثال هذه الموارد يكون مأخوذا «بشرط لا» بالنّسبة إلى جانب الأقلّ ، دون الأكثر ؛ ولذا لو جاوز عن العشرة لما يضرّ بتحقّق الإقامة ، وكذا لو جاوز عن الثّلاثة ، فيترتّب أحكام الحيض حينئذ ، إلّا إذا بلغ إلى العشرة ، فلا يترتّب حينئذ أحكامه زائدا عليها ؛ وذلك ، لما دلّ الدّليل على تحديد جانب أكثر الحيض بعشرة أيّام.

الثّاني : أن يكون تحديدا بالنّسبة إلى طرف الزّيادة والأكثر فقط ، بلا كون الأقلّ قادحا ، كالعشرة في تحديد أكثر الحيض ، فإنّ العدد في مثله يكون مأخوذا «بشرط لا» بالنّسبة إلى خصوص جانب الأكثر ؛ ولذا لا إشكال في ترتّب أحكام الحيض على الأقلّ منها ، كتسعة أيّام ودونها ، إلّا إذا بلغ إلى ثلاثة ، فلا يترتّب حينئذ أحكامه على الأقلّ منها ، لأجل الدّليل الثّابت في محلّه.

الثّالث : أن يكون تحديدا بالنّظر إلى كلا طرفي النّقيصة والزّيادة ، كالسّبع في

٢١٢

الأشواط ، فلا ريب ، أنّ العدد في مثل هذا المورد يكون مأخوذا على نحو «بشرط لا» بالنّسبة إلى طرفي الأقلّ والأكثر ، فلا يجوز الزّيادة ولا النّقيصة ، وكذا عدد الثّلاث في تسبيحات العصمة الكبرى الصّدّيقة الشّهيدة «روحي فداها» فإنّه ـ بناء على القول بوجوبه ـ مأخوذ فيها على نحو «بشرط لا» في جانبي الأقلّ والأكثر فلا تجزى الزّيادة ولا النّقيصة فيها.

وبالجملة ؛ فالمتّبع في أمثال المقام هي الأدلّة ، فقد تدلّ على عدم جواز الأقلّ ، وقد تدلّ على عدم جواز الأكثر ، وقد تدلّ على عدم جواز كلّ منهما ، كما عرفت آنفا.

هذا تمام الكلام في المسألة الثّالثة (المفاهيم).

٢١٣
٢١٤

المسألة الرّابعة : العامّ والخاصّ

* الجهة الاولى : الفرق بين العامّ والمطلق

* الجهة الثّانية : عدم احتياج العامّ إلى مقدّمات الحكمة

* الجهة الثّالثة : تقسيم العامّ

* الجهة الرّابعة : ألفاظ العموم

* الفصل الأوّل : حجّيّة العامّ المخصّص في الباقي

* الفصل الثّاني : العمل بالعامّ قبل الفحص

* الفصل الثّالث : الخطابات الشّفاهيّة

* الفصل الرّابع : تعقّب العامّ بضمير يرجع إلى بعض

* الفصل الخامس : تخصيص العامّ بالمفهوم المخالف

* الفصل السّادس : الاستثناء المتعقّب للجمل

* الفصل السّابع : تخصيص الكتاب بالخبر الواحد

* الفصل الثّامن : دوران الأمر بين التّخصيص والنّسخ

* النّسخ

* البداء

٢١٥
٢١٦

(المسألة الرّابعة : العامّ والخاصّ)

هنا جهات أربعة لا بدّ من تقديمها قبل الورود في مبحث العامّ والخاصّ :

الجهة الاولى : أنّ القوم قد خلطوا بين باب العموم والإطلاق ؛ ولذا قد قسّموا العموم إلى وضعيّ وإطلاقيّ ، مع أنّ الفرق بين البابين أمر واضح ، وقد أشار الإمام الرّاحل قدس‌سره إلى وجه الفرق بينهما ببيان أوفى ، فقال ما حاصله (١) : أنّ الإطلاق إنّما يفيد كون الطّبيعة بنفسها تمام الموضوع للحكم من دون إفادة للكثرة والعموم كي يسمّى عموما إطلاقيّا ، قبال العموم الوضعيّ المستفاد من مثل لفظ : «كلّ» و «جميع» و «الألف واللّام» ونحوها ، وأمّا العموم ، فهو يتقوّم أوّلا بنفس الطّبيعة ، وثانيا بما يدلّ على العموم والشّمول ، كلفظ : «كلّ» ونحوه ، ففي مثل «كلّ إنسان ناطق يدلّ لفظ : «إنسان» وهو من أسماء الأجناس على نفس الطّبيعة وصرفها بلا حكاية على شيء آخر من الأفراد والكثرة ، ويدلّ لفظ : «كلّ» على كثرة الطّبيعة الإنسانيّة. فالطّبيعة اللّابشرطيّة مستفادة من دالّ وهو متعلّق لفظ : «كلّ» والكثرة والعموم مطلقا ـ استغراقيّا كان أو مجموعيّا أو بدليّا ـ مستفاد من دالّ آخر وهو لفظ : «كل» ونحوه فيكون المقام من باب لتعدّد الدّال والمدلول.

وإن شئت ، فقل : إنّ حال الوضع في المطلقات هو حاله في أسماء الأجناس ، فكما أنّ الوضع هناك انحدر على نفس الطّبيعة المهملة العارية عن كلّ قيد حتّى قيد

__________________

(١) راجع ، تهذيب الاصول : ج ٢ ، ص ١.

٢١٧

الإهمال ، كذلك الوضع هنا ، فإنّه يرد على نفس الطّبيعة المفروضة ويتعلّق بها في موقف الإطلاق بلا أيّة دلالة على العموم والكثرة حتّى يسمّى إطلاقيّا ، وهذا بخلاف العموم ، فإنّه يفيد الكثرة وكيفيّتها ـ من استغراق وغيره ـ قطعا ، وعليه ، فتعريف العامّ بأنّه ما دلّ على شمول مفهوم لجميع ما يصلح أن ينطبق عليه ، كما عن المحقّق الخراساني قدس‌سره (١) وتلميذه الأكبر المحقّق النّائيني قدس‌سره (٢) غير خال عن المسامحة ؛ ضرورة ، أنّ لفظ : «كلّ» في المثال لا تدلّ على شمول «الإنسان» لجميع أفراده بل «الإنسان» إنّما استعمل في معناه فقط ، وهي الطّبيعة نفسها ، والكثرة دلّت عليها كلمة اخرى وهو «الكلّ» ؛ والصّحيح أن يعرّف العامّ بأنّه : ما دلّ وحكى عن تمام مصاديق متعلّقه ممّا يصحّ أن ينطبق عليه.

ومن هنا يظهر ، أنّ تقسيم العامّ إلى العامّ المقابل للخاصّ ـ وهو الّذي يبحث عنه في باب العامّ والخاصّ ـ وإلى المطلق المقابل للمقيّد ـ وهو الّذي يبحث عنه في باب المطلق والمقيّد ـ بدعوى ، أنّ العموم ، كما يستفاد من الدّليل اللّفظي ، نظير لفظ : «كلّ» كذلك يستفاد من مقدّمات الحكمة (٣) ، ممّا لا يمكن المساعدة عليه ؛ إذ عرفت آنفا ، أنّه لا جامع قريبا بين البابين ، كيف ، وأنّ موضوع الحكم في العامّ هي أفراد الطّبيعة ومصاديقها ، وفي المطلق هو نفس الطّبيعة بصرافتها وإطلاقها من دون قيد ، ومن هنا نقول : إنّ الإطلاق هو رفض القيود لا ضمّ القيود.

__________________

(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٣٣٢.

(٢) فوائد الاصول : ج ٢ ، ص ٥١١.

(٣) راجع ، فوائد الاصول : ج ٢ ، ص ٥١١ ؛ ودرر الفوائد : ج ١ ، ص ٢١٠.

٢١٨

ولقد أحسن وأجاد الإمام الرّاحل قدس‌سره في المقام ، حيث قال : «وإن شئت ، فاستوضح الفرق بين العامّ والمطلق من قوله سبحانه (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(١) وقوله عزوجل (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ)(٢) فإنّ مفاد الأوّل هو التّصريح بوجوب الوفاء بكلّ مصداق من العقد و... ، ومفاد الثّاني بناء على الإطلاق وتماميّة المقدّمات إثبات النّفوذ والحلّيّة لنفس طبيعة البيع من غير أن يكون للموضوع كثرة ...». (٣)

الجهة الثّانية : إنّ المحقّق الخراساني قدس‌سره قد ذهب إلى توقّف استظهار العموم من ألفاظه على إجراء مقدّمات الحكمة ، ولولاه ، لا يستفاد منها العموم ، بتقريب : أنّ أداة العموم تابعة لمتعلّقها ، فمع إطلاق المتعلّق تدلّ على تمام الأفراد ، ومع إهماله أو تقييده ، فلا تدلّ عليه ، وهكذا النّكرة في سياق النّفي أو النّهي ، فتفيد العموم إذا اخذت مرسلة لا مبهمة قابلة للتّقييد ، وإلّا فسلبها لا يقتضي إلّا استيعاب السّلب لما اريد منها يقينا ، لا استيعاب ما يصلح انطباقها عليه من أفرادها. (٤)

وفيه : أنّك عرفت ، أنّ متعلّق أداة العموم إنّما يدلّ على نفس الطّبيعة وصرفها ، وأنّ أداة العموم يدلّ على الكثرة واستيعاب ما يصلح انطباق المتعلّق من أفراده ، وإذا ، فلا حاجة إلى إجراء مقدّمات الحكمة.

وقد تفطّن المحقّق الخراساني قدس‌سره لهذا ـ أيضا ـ فقال قدس‌سره : «اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ في دلالتهما (النّهي والنّفي) على الاستيعاب كفاية ودلالة ، على أنّ المراد من المتعلّق هو

__________________

(١) سورة المائدة (٥) : الآية ١.

(٢) سورة البقرة (٢) : الآية ٢٧٥.

(٣) تهذيب الاصول : ج ٢ ، ص ٤.

(٤) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٢٧٥ و ٢٧٦.

٢١٩

المطلق ، كما ربّما يدّعى ذلك في مثل كلّ رجل ، وأنّ مثل لفظة : «كلّ» يدلّ على استيعاب جميع أفراد الرّجل من غير حاجة إلى ملاحظة إطلاق مدخوله وقرينة الحكمة ، بل يكفي إرادة ما هو معناه من الطّبيعة المهملة ولا بشرط في دلالته على الاستيعاب» (١).

وقال ـ أيضا ـ في مبحث العامّ والخاصّ ، ما هذا لفظه : «نعم ، لا يبعد أن يكون (لفظ كلّ) ظاهرا عند إطلاقها في استيعاب جميع أفرادها». (٢)

وحاصل كلامه قدس‌سره هو أنّ نفس كلمة : «كلّ» ـ مثلا ـ في قولنا : «أكرم كلّ رجل» تدلّ على الاستيعاب وسراية الحكم إلى جميع من ينطبق عليه الرّجل من العالم والجاهل والعادل والفاسق وغيرها من الخصوصيّات الأخر ، فتدلّ بوضعها على عدم أخذ أيّة خصوصيّة في متعلّقها ، فلا حاجة إلى مقدّمات الحكمة وغيرها.

وممّا يشهد على ما قلناه : ما عند العرف من الفرق بين البابين ، حيث إنّهم يتوقّفون في باب الإطلاقات من جهة أنّ المتكلّم ، هل كان في مقام البيان ، أم لا؟ بخلاف باب العمومات ، فلا يتوقّفون هناك من تلك الجهة ، بل يحملونها على العموم والاستيعاب ، كما هو واضح.

الجهة الثّالثة : أنّ العموم ينقسم إلى ثلاثة أقسام.

أحدها : الاستغراقيّ ، واللّفظ المفيد له هو «كلّ» ونحوه.

ثانيها : المجموعيّ ، واللّفظ المفيد له هو «مجموع» ونحوه.

__________________

(١) كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٢٧٦.

(٢) كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٣٣٤.

٢٢٠