تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك

الدكتور محمّد علي سلطاني

تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك

المؤلف:

الدكتور محمّد علي سلطاني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار العصماء
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٦٧

خرّج على أنّ اللام زائدة كما شذّ زيادتها في خبر «أمسى» ، نحو قوله :

١٠١ ـ مرّوا عجالى فقالوا : كيف سيّدكم

فقال من سألوا : أمسى لمجهودا (١)

__________________

بحث : الفاعل) ، في حب : جار ومجرور متعلق بيلوم ، ليلى : مضاف إليه مجرور بالفتحة المقدرة على الألف للتعذر نيابة عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف لألف التأنيث المقصورة ، عواذلي : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم ، والياء : في محل جر بالإضافة ، ولكنني : الواو : استئنافية ، لكن : حرف مشبه بالفعل ، ينصب الاسم ويرفع الخبر ، والنون : للوقاية ، والياء ، في محل نصب اسم لكن ، من : حرف جر متعلق بعميد ، حب : مجرور بمن ، في محل جر بالإضافة ، لعميد : اللام ابتدائية ، عميد : خبر لكن مرفوع ، وجملة لكن مع معموليها : استئنافية لا محل لها من الإعراب.

الشاهد فيه : قوله «ولكنني لعميد» فقد دخلت لام الابتداء في خبر لكن مما أجازه الكوفيون ورده البصريون بأن البيت لا يحتج به لأن أحدا من الأثبات لم ينقله ، أو أنه ـ لو صح يخرج على زيادة اللام ، أو أنه شاذ لا يقاس عليه. وخرجوه على غير ذلك أيضا.

(١) لم ينسب إلى قائل معين. عجالي (بضم العين وفتحها) جمع عجلان ، والمجهود : الذي نالت منه المشقة والمرض ، ويروي فعل (سألوا) مبنيا للمعلوم والمجهول.

المعنى : مر بنا القوم سراعا فقالوا : كيف حال سيدكم ، فأجاب المسؤلون : لقد نال منه الهوى حتى أتعبه وأضناه.

الإعراب : مروا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة ، والواو : في محل رفع فاعل ، عجالي : حال منصوب بالفتحة المقدرة للتعذر. فقالوا : الفاء : حرف عطف ، قالوا : فعل وفاعل ، والجملة معطوفة على جملة مروا الابتدائية لا محل لها من الإعراب ، كيف : اسم استفهام في محل رفع خبر مقدم ، سيدكم : سيد : مبتدأ مؤخر مرفوع ، والكاف : في محل جر بالإضافة ، والميم : للجمع ، فقال : الفاء : عاطفة ، قال : فعل ماض ، من : اسم موصول في محل رفع فاعل ، سألوا : فعل ماض مبني على الضم ، والواو : في محل رفع فاعل ، والجملة : صلة الموصول لا محل لها من الإعراب ، والعائد محذوف تقديره : من

٤١

أي : أمسى مجهودا ، وكما زيدت في خبر المبتدأ شذوذا كقوله :

١٠٢ ـ أمّ الحليس لعجوز شهربه

ترضى من اللحم بعظم الرّقبه (١)

وأجاز المبرّد دخولها في خبر «أنّ» المفتوحة ، وقد قرىء شاذّا : (إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ)(٢) بفتح «أنّ» ، ويتخرج أيضا على زيادة اللام.

__________________

سألوه ، أمسى : فعل ماض ناقص مبني على فتحة مقدرة على آخره للتعذر ، واسمه ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود إلى «سيدكم» لمجهودا : اللام زائدة ، مجهودا : خبر أمسى منصوب ، وجملة أمسى مع معموليها : في محل نصب مقول القول.

الشاهد فيه : قوله : «أمسى لمجهودا» فقد زيدت اللام في خبر أمسى وذلك شاذ.

(١) نسب البيت إلى عنترة بن عروس وإلى رؤبة بن العجاج ، أم الحليس : كنية الأتان ـ أنثى الحمار ـ وقد كنى الشاعر بها عن هذه المرأة ، شهربة : فانية طاعنة في السن ، من اللحم : بدل اللحم.

المعنى : هذه العجوز طعنت في السن حتى غدت لا تميز فهي ترضى بعظام الرقبة بدل اللحم.

الإعراب : أم : مبتدأ ، الحليس : مضاف إليه ، لعجوز : اللام : زائدة ، عجوز : خبر المبتدأ ، شهربة صفة لعجوز ، ترضى : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة للتعذر ، والفاعل : هي ، من اللحم : جار ومجرور متعلق بترضى ، أو بحال محذوفة من عظم الرقبة ، بعظم : جار ومجرور متعلق بترضى ، الرقبة : مضاف إليه مجرور بالكسرة ، والجملة : في محل رفع صفة ثانية لعجوز.

الشاهد فيه : قوله : «أم الحليس لعجوز» فقد زاد اللام في خبر المبتدأ شذوذا ، وللبيت تخريجات أخرى.

(٢) من قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ ، وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ، وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً) الفرقان (٢٠).

٤٢

ولا يلي ذي اللام ما قد نفيا

ولا من الأفعال ما ك «رضيا» (١)

وقد يليها مع «قد» ك : «إنّ ذا

لقد سما على العدا مستحوذا» (٢)

إذا كان خبر «إنّ» منفيا لم يدخل عليه اللام ، فلا تقول «إنّ زيدا لما يقوم» ، وقد ورد في الشعر كقوله :

١٠٣ ـ وأعلم إنّ تسليما وتركا

للا متشابهان ولا سواء (٣)

__________________

(١) ذي : اسم إشارة في محل نصب مفعول مقدم ليلى ، اللام : بدل من اسم الإشارة. ما : اسم موصول في محل رفع فاعل مؤخر ، ما الثانية : معطوفة على الأولى في محل رفع ، كرضيا : (قصد اللفظ) جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة للموصول والتقدير : ما استقر كرضيا (أي الفعل الماضي).

(٢) يليها : يلي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة للثقل ، والفاعل : ضمير مستتر جوازا تقديره : هو يعود إلى (الفعل الماضي) ، وها : في محل نصب مفعول به ، وهذا الضمير عائد إلى لام الابتداء ، مع : ظرف متعلق بمحذوف حال من فاعل يلي ، قد : مضاف إليه ، ذا : اسم إشارة في محل نصب اسم إنّ ، لقد : اللام : ابتدائية (مزحلقة) ، قد : حرف تحقيق ، سما : فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر ، والفاعل : هو ، والجملة : خبر إن في محل رفع ، مستحوذا : حال من الفاعل.

(٣) البيت لأبي حرام غالب بن الحارث العكلي.

المعنى : إنني لأعلم أن تحية الناس أو تسليم الأمور إلى ذويها وعدم ذلك لا يستويان ولا يتشابهان.

الإعراب : أعلم : فعل مضارع ينصب مفعولين وقد علّق عن العمل بلام الابتداء ، والفاعل : ضمير مستتر وجوبا تقديره. أنا ، إن : حرف مشبه بالفعل ينصب الاسم ويرفع الخبر ، (يجب كسر الهمزة إذا اعتبرت اللام ابتدائية ، وتفتح إذا اعتبرت اللام زائدة) ، تسليما : اسم إن ، تركا : معطوف بالواو ، للا : اللام : إبتدائية ، لا : نافية ، متشابهان : خبر إن مرفوع بالألف لأنه مثنى ، ولا : الواو :

٤٣

وأشار بقوله : «ولا من الأفعال ما كرضيا» إلى أنّه إذا كان الخبر ماضيا متصرفا غير مقرون بقد لم تدخل عليه اللام ، فلا تقول : «إنّ زيدا لرضي» ، وأجاز ذلك الكسائيّ وهشام.

فإن كان الفعل مضارعا دخلت اللام عليه ، ولا فرق بين المتصرّف نحو : «إن زيدا ليرضى» ، وغير المتصرف نحو : «إنّ زيدا ليذر الشرّ» ، هذا إذا لم تقترن به السين أو سوف ، فإن اقترنت به نحو : «إنّ زيدا سوف يقوم» ، أو «سيقوم» ؛ ففي جواز دخول اللام عليه خلاف ، فيجوز إذا كان «سوف» على الصحيح ، وأمّا إذا كانت السين فقليل.

وإن كان ماضيا غير متصرف فظاهر كلام المصنف جواز دخول اللام عليه فتقول : «إنّ زيدا لنعم الرّجل ، وإنّ عمرا لبئس الرّجل» (١) ، وهذا مذهب الأخفش والفرّاء ، والمنقول أنّ سيبويه لا يجيز ذلك.

فإن قرن الماضي المتصرف ب «قد» جاز دخول اللام عليه ، وهذا هو المراد بقوله : «وقد يليها مع : قد» نحو : «إنّ زيدا لقد قام».

* * *

دخول اللام على معمول الخبر :

وتصحب الواسط معمول الخبر

والفصل ، واسما حلّ قبله الخبر (٢)

__________________

عاطفة ، لا : نافية ، سواء : معطوف على متشابهان ، وإن مع معموليها في محل نصب سد مسدّ المفعولين.

الشاهد فيه : قوله : «للامتشابهان» فقد دخلت لام الابتداء شذوذا على خبر «إن» المنفيّ ووجه الشذوذ أن «اللام» للتوكيد و «لا» للنفي فبينهما تعارض.

(١) اللام في المثالين : ابتدائية ، نعم وبئس : فعلان ماضيان جامدان ، الرجل : ىفاعل ، والجملة في محل رفع خبر لإن.

(٢) الواسط : بمعنى : المتوسط ، وهو مفعول به لفعل تصحب ، والفاعل : ضمير مستتر تقديره : هي يعود إلى لام الابتداء ، معمول : حال أو بدل من الواسط ، الفصل. معطوف على الواسط ، والمراد به ضمير الفصل ، اسما : معطوف أيضا على الواسط وجملة (حل الخبر قبله) في محل نصب صفة لاسما.

٤٤

تدخل لام الابتداء على معمول الخبر إذا توسّط بين اسم «إنّ» والخبر نحو «إنّ زيدا لطعامك آكل» (١) ، وينبغي أن يكون الخبر حينئذ مما يصحّ دخول اللام عليه كما مثّلنا ، فإن كان الخبر لا يصحّ دخول اللام عليه لم يصح دخولها على المعمول ، كما إذا كان الخبر فعلا ماضيا متصرّفا غير مقرون ب «قد» لم يصح دخول اللام على المعمول ، فلا تقول : «إنّ زيدا لطعامك أكل» ، وأجاز ذلك بعضهم.

وإنما قال المصنّف «وتصحب الواسط» أي : المتوسط ، تنبيها على أنّها لا تدخل على المعمول إذا تأخّر ، فلا تقول : «إنّ زيدا آكل لطعامك».

وأشعر قوله بأن اللام إذا دخلت على المعمول المتوسّط لا تدخل على الخبر ، فلا تقول : «إنّ زيدا لطعامك لآكل» ، وذلك من جهة أنّه خصّص دخول اللام بمعمول الخبر المتوسّط ، وقد سمع ذلك قليلا ، حكي من كلامهم : «إني لبحمد الله لصالح».

وأشار بقوله «والفصل» إلى أنّ لام الابتداء تدخل على ضمير الفصل نحو «إنّ زيدا لهو القائم» ، قال الله تعالى : (إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ)(٢) ف «هذا» : إسم إنّ ، و «هو» : ضمير الفصل ودخلت عليه اللام ، و «القصص» : خبر إنّ. وسمي ضمير الفصل لأنه يفصل بين الخبر والصفة ، وذلك إذا قلت : «زيد هو القائم» ، فلو لم تأت ب «هو» لاحتمل أن يكون

__________________

(١) لطعامك : اللام : ابتدائية ، طعام : مفعول به مقدم لخبر إن (آكل) ، والكاف : في محل جر بالإضافة.

(٢) من قوله تعالى : (إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ ، وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللهُ ، وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) آل عمران (٦٢) هذا : اسم إشارة في محل نصب اسم إن ، لهو : اللام : ابتدائية ، هو : ضمير الفصل لا محل له من الإعراب ، القصص : خبر إنّ الحق : نعت.

٤٥

«القائم» صفة لزيد وأن يكون خبرا عنه ، فلما أتيت ب «هو» تعيّن أن يكون «القائم» خبرا عن زيد (١).

وشرط ضمير الفصل أن يتوسّط بين المبتدأ والخبر نحو : «زيد هو القائم» ، أو بين ما أصله المبتدأ والخبر نحو : «إن زيدا لهو القائم».

وأشار بقوله : «واسما حلّ قبله الخبر» إلى أنّ لام الابتداء تدخل على الاسم إذا تأخّر عن الخبر نحو : «إنّ في الدار لزيدا» ، قال الله تعالى : (وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ)(٢).

وكلامه يشعر أيضا بأنّه إذا دخلت اللام على ضمير الفصل أو على الاسم المتأخر لم تدخل على الخبر ، وهو كذلك ، فلا تقول : «إنّ زيدا لهو لقائم» ولا : «إنّ لفي الدار لزيدا».

ومقتضى إطلاقه في قوله : إنّ لام الابتداء تدخل على المعمول المتوسط بين الاسم والخبر : أنّ كل معمول إذا توسّط جاز دخول اللام عليه : كالمفعول الصريح ، والجار والمجرور ، والظرف ، والحال ، وقد نصّ النحويّون على منع دخول اللام على الحال ، فلا تقول : «إنّ زيدا لضاحكا راكب».

* * *

اتصال هذه الأحرف ب «ما» الزائدة الكافة :

ووصل «ما» بذي الحروف مبطل

إعمالها ، وقد يبقّى العمل

__________________

(١) للنحاة آراء كثيرة في ضمير الفصل : طبيعته وإعرابه ، وأيسرها أن نقول : ضمير الفصل لا محل له من الإعراب.

(٢) سورة القلم (٣) والشاهد في الآية دخول لام الابتداء على اسم إنّ المتأخر عن الخبر وذلك للفصل بين إنّ واسمها بالخبر فلم يتعاقب مؤكدان. وحاصل ما ذكر أن لام الابتداء تدخل بعد إن المكسورة الهمزة على أربعة أشياء :

(ا) الخبر ، والاسم وهما متأخران.

(ب) معمول الخبر ، وضمير الفصل وهما متوسطان.

٤٦

إذا اتّصلت «ما» غير الموصولة بإن وأخواتها كفّتها عن العمل ، إلا «ليت» فإنه يجوز فيها الإعمال والإهمال (١). فتقول : «إنّما زيد قائم» ، ولا يجوز نصب «زيد» ، وكذلك : «إنّ ، وكأنّ ، ولكنّ ، ولعلّ». وتقول : «ليتما زيد قائم» ، وإن شئت نصبت «زيدا» فقلت : «ليتما زيدا قائم» (٢).

وظاهر كلام المصنّف ـ رحمه‌الله تعالى ـ أنّ «ما» إن اتّصلت بهذه الأحرف كفتها عن العمل ، وقد تعمل قليلا ، وهذا مذهب جماعة من النحويين كالزجّاجي وابن السرّاج ، وحكى الأخفش والكسائي : «إنما زيدا قائم». والصحيح المذهب الأوّل ، وهو أنّه لا يعمل منها مع «ما» إلا «ليت» ، وأمّا ما حكاه الأخفش والكسائي فشاذ.

واحترزنا بغير الموصولة من الموصولة ، فإنها لا تكفّها عن العمل ، بل تعمل معها ، والمراد بالموصولة التي بمعنى «الذي» نحو : «إنّ ما عندك حسن» (٣) أي : إنّ الذي عندك حسن ، والتي هي مقدرة بالمصدر نحو «إنّ ما فعلت حسن» (٤) أي : إن فعلك حسن.

__________________

(١) اتصال «ما» الحرفية الزائدة يهيء هذه الأدوات للدخول على الأفعال ويزيل اختصاصها بالأسماء فيبطل عملها ، إلا «ليت» فاتصال «ما» بها لا يزيل اختصاصها بالجملة الاسمية فيبقى عملها استصحابا للأصل ، ويجوز إهمالها حملا على أخواتها.

(٢) ليتما في المثال الأوّل : كافة ومكفوفة ، وما بعدها مبتدأ وخبر ، وليت في المثال الثاني حرف مشبه بالفعل وما : زائدة ، وما بعدها اسم وخبر لها.

(٣) ما : اسم موصول في محل نصب اسم إن ، عندك : عند : ظرف مكان منصوب متعلق بصلة الموصول المحذوفة والتقدير إن الذي استقر عندك حسن ، والكاف : مضاف إليه في محل جر ، حسن : : خبر إن.

(٤) ما : مصدرية لا محل لها من الإعراب ، جملة : فعلت : صلة الموصول الحرفي لا محل لها من الإعراب ، وما المصدرية مع صلتها في تأويل مصدر منصوب على أنه اسم إنّ ، حسن : خبر.

٤٧

العطف على اسم «إنّ» وأخواتها :

وجائز رفعك معطوفا على

منصوب «إنّ» بعد أن تستكملا (١)

أي : إذا أتي بعد اسم «إنّ» وخبرها بعاطف جاز في الاسم الذي بعده وجهان :

أحدهما : النصب عطفا على اسم «إنّ» نحو : «إنّ زيدا قائم وعمرا» (٢).

والثاني : الرفع نحو : «إنّ زيدا قائم وعمرو» ، واختلف فيه ، فالمشهور أنه معطوف على محل اسم «إنّ» فإنّه في الأصل مرفوع لكونه مبتدأ ، وهذا يشعر به ظاهر كلام المصنف. وذهب قوم إلى أنه مبتدأ وخبره محذوف ، التقدير : «وعمرو كذلك» وهو الصحيح.

فإن كان العطف قبل أن تستكمل «إنّ» ـ أي : قبل أن تأخذ خبرها ـ تعيّن النصب عند جمهور النحويين فتقول : «إنّ زيدا وعمرا قائمان ، وإنك وزيدا ذاهبان» ، وأجاز بعضهم الرفع (٣).

__________________

(١) جائز : خبر مقدم للمبتدأ ، رفع ، والكاف : في محل جر بالإضافة من إضافة المصدر إلى فاعله ، معطوفا : مفعول به للمصدر ، إنّ (قصد لفظها) : مضاف إليه ، بعد : ظرف زمان متعلق برفعك ، أن وما بعدها في تأويل مصدر مجرور بالإضافة ، أي : بعد استكمالها الخبر.

(٢) العطف بالنصب جائز قبل مجيء الخبر وبعده.

(٣) ورد ذلك في القرآن الكريم وفي الشعر نحو : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ) برفع (ملائكته). وقال الشاعر (ضابىء بن الحارث البرجمي).

فمن يك أمسى بالمدينة رحله

فإني وقيار بها لغريب

وخرجه النحاة على أن المرفوع ليس معطوفا على اسم إن باعتبار أصله : بل هو مبتدأ ، وخبره بعده كما في الآية (يصلون) ، وقد دلّ على خبر الناسخ ، وجملة المبتدأ والخبر معطوفة على جملة إن ومعموليها ، وتقدير الكلام : إن الله يصلي وملائكته يصلون أو يعرب المرفوع مبتدأ وخبره محذوف دل عليه خبر إن كما في البيت لاقتران الخبر بلام الابتداء ، وتعطف الجملة على الجملة.

وقد أجاز الكوفيون إعراب المرفوع معطوفا على محل اسم إن باعتباره مبتدأ في الأصل

٤٨

وألحقت ب «إنّ» : «لكنّ وأنّ»

من دون «ليت ، ولعلّ ، وكأنّ» (١)

حكم «أنّ» المفتوحة ، و «لكنّ» في العطف على اسمهما حكم «إنّ» المكسورة ، فتقول : «علمت أنّ زيدا قائم وعمرو» برفع «عمرو» ونصبه ، وتقول : «علمت أنّ زيدا وعمرا قائمان» بالنصب فقط عند الجمهور ، وكذلك تقول : «ما زيد قائم لكنّ عمرا منطلق وخالدا» بنصب «خالد» ورفعه ، «وما زيد قائما لكنّ عمرا وخالدا منطلقان» بالنصب فقط.

وأمّا «ليت ، ولعلّ ، وكأنّ» فلا يجوز معها إلا النصب سواء تقدم المعطوف أو تأخّر ، فتقول : «ليت زيدا وعمرا قائمان ، وليت زيدا قائم وعمرا» بنصب «عمرو» في المثالين ، ولا يجوز رفعه ، وكذلك «كأنّ» ، و «لعلّ». وأجاز الفرّاء الرفع فيه متقدما ومتأخرا مع الأحرف الثلاثة.

تخفيف «إنّ» :

وخفّفت «إنّ» فقلّ العمل

وتلزم اللام إذا ما تهمل (٢)

وربّما استغني عنها إن بدا

ما ناطق أراده معتمدا (٣)

__________________

(١) لكنّ (قصد لفظها) : نائب فاعل لألحقت. من دون : جار ومجرور متعلق بألحق.

(٢) إن (قصد لفظها) : نائب فاعل لخففت ، اللام : فاعل تلزم ، إذا : ظرف متضمن معنى الشرط في محل نصب على الظرفية ، متعلق بجواب الشرط المحذوف لدلالة ما قبله عليه ، والتقدير : إذا ما تهمل «إنّ» المخففة تلزمها اللام ، ما : زائدة ، جملة تهمل مع نائب الفاعل المستتر في محل جر بإضافة الظرف إليها.

(٣) ربما : رب : حرف دال على التقليل ، ما : حرفية كافة ، استغني : فعل ماض مبني للمجهول ، عنها : جار ومجرور في محل رفع نائب فاعل ، إن : حرف شرط جازم ، بدا : فعل ماض فعل الشرط مبني على الفتح المقدر للتعذر في محل جزم ، ما : اسم موصول في محل رفع فاعل بدا ، ناطق : مبتدأ ، جملة أراده مع فاعلها المستتر في محل رفع خبر المبتدأ : ناطق ، وجملة المبتدأ والخبر : صلة الموصول (ما) لا محل لها من الإعراب ، معتمدا : حال من فاعل أراد.

٤٩

إذا خففت «إنّ» فالأكثر في لسان العرب إهمالها فتقول : «إن زيد لقائم» (١). وإذا أهملت لزمتها اللام فارقة بينها وبين «إن» النافية.

ويقل إعمالها فتقول : «إن زيدا قائم» وحكى الإعمال سيبويه والأخفش رحمهما‌الله تعالى ، فلا تلزمها حينئذ اللام ، لأنها لا تلتبس والحالة هذه بالنافية ، لأن النافية لا تنصب الاسم وترفع الخبر ، وإنما تلتبس ب «إن» النافية إذا أهملت ولم يظهر المقصود بها ، فإن ظهر المقصود بها فقد يستغنى عن اللام كقوله :

١٠٤ ـ أنا ابن أباة الضّيم من آل مالك

وإن مالك كانت كرام المعادن (٢)

__________________

(١) إن : مخففة مهملة ، زيد : مبتدأ ، لقائم : اللام : فارقة ، قائم : خبر المبتدأ.

(٢) البيت للشاعر الخارجي الطرماح بن حكيم. الضيم : الظلم ، مالك : قبيلة ، المعادن : الأصول.

المعنى : إنني من آل مالك الذين يأبون الظلم ويعافون المذلة. ولقد عرفت مالك على الأيام بكرم أصولها ورفعة أنسابها. وفي رواية : ونحن أباة ....

الإعراب : أنا : ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ ، ابن : خبر ، أباة : مضاف إليه. الضيم : مضاف إليه من إضافة اسم الفاعل إلى مفعوله ، من آل : جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من أباة الضيم. مالك : مضاف إليه ، وإن : الواو : حرف عطف ، إن : مخففة من الثقيلة مهملة ، مالك : مبتدأ ، كانت : كان : فعل ماض ناقص ، والتاء : للتأنيث ، واسم كان : ضمير مستتر جوازا تقديره هي ، كرام : خبر كان منصوب. المعادن : مضاف إليه مجرور ، وجملة كان مع معموليها في محل رفع خبر المبتدأ : مالك. وجملة المبتدأ والخبر معطوفة على جملة أنا ابن أباة الضيم الابتدائية لا محل لها من الإعراب.

الشاهد فيه : قوله : «إن مالك كانت كرام المعادن» فقد أهمل الشّارح «إن» المخففة. ولم يأت في الخبر باللام الفارقة بين المؤكدة والنافية وذلك للقرينة المعنوية ، فالموقف موقف مديح وتأكيد للكرم ، والنافية لا تناسب المقام ولذا استغني عن اللام لعدم اللبس. وقد تكون القرينة لفظية لا معنوية كقولهم : إن الحقّ لا يخفى على ذي بصيرة ، فالنفي بلا دليل على أنّ معنى «إن» المخففة التوكيد. لا النفي ، لأن نفي النفي إثبات ، والإثبات مفسد للمعنى في الجملة.

٥٠

التقدير : وإن مالك لكانت ، فحذفت اللام لأنها لا تلتبس بالنافية ، لأن المعنى على الإثبات ، وهذا هو المراد بقوله : «وربما استغني عنها إن بدا .. إلى آخر البيت».

واختلف النحويّون في هذه اللام : هل هي لام الابتداء أدخلت للفرق بين «إن» النافيه و «إن» المخففة من الثقيلة ، أم هي لام أخرى اجتلبت للفرق؟ وكلام سيبويه يدلّ على أنها لام الابتداء دخلت للفرق.

وتظهر فائدة هذا الخلاف في مسألة جرت بين ابن أبي العافية وابن الأخضر ، وهي قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «قد علمنا إن كنت لمؤمنا» ، فمن جعلها لام الابتداء أوجب كسر همزة «إن» (١) ، ومن جعلها لاما أخرى اجتلبت للفرق فتح «أن» (٢) ، وجرى الخلاف في هذه المسألة قبلهما بين أبي الحسن عليّ بن سليمان البغداديّ الأخفش الصغير وبين أبي على الفارسيّ ، فقال الفارسيّ : هى لام غير لام الابتداء اجتلبت للفرق ، وبه قال ابن أبي العافية ، وقال الأخفش الصغير : إنما هي لام الابتداء أدخلت للفرق وبه قال ابن الأخضر.

__________________

(١) وجملة كنت لمؤمنا في محل نصب سدت مسد مفعولي علم المعلق عن العمل في اللفظ بلام الابتداء ، و «إن» المخففة : مهملة.

(٢) وتكون أن : مخففة من الثقيلة ، واسمها ضمير الشأن المحذوف ، كنت : كان الناقصة مع اسمها ، لمؤمنا : اللام فارقة ، مؤمنا : خبر كان ، وجملة كان مع معموليها في محل رفع خبر أن ، وأن مع معموليها في تأويل مصدر منصوب مفعول لعلم.

٥١

والفعل إن لم يك ناسخا فلا

تلفيه غالبا ب «إن» ذي موصلا (١)

إذا خففت «إنّ» فلا يليها من الأفعال إلا الأفعال الناسخة للابتداء (٢) نحو «كان» وأخواتها ، و «ظنّ» وأخواتها ، قال الله تعالى : (وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ)(٣) ، وقال الله تعالى : (وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ)(٤) ، وقال الله تعالى : (وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ)(٥). ويقلّ أن يليها غير الناسخ ، وإليه

__________________

(١) الفعل : مبتدأ وخبره مجموع جملتي الشرط والجواب. إن : حرف شرط جازم ، لم : حرف جازم ، يك : فعل مضارع ناقص مجزوم بلم وعلامة جزمه السكون على النون المحذوفة تخفيفا ، وقوله : لم يك : فعل الشرط في محل جزم ، واسم يك : ضمير مستتر تقديره هو ، ناسخا : خبر يك ، فلا : الفاء رابطة للجواب ، لا : نافية ، تلفية : تلفي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة للثقل : والفاعل : أنت والهاء : مفعول أول ، غالبا : حال ، بإن : جار ومجرور متعلق بموصلا ، ذي : اسم إشارة في محل جر صفة لإن ، موصلا : مفعول ثان لتلفي ، والجملة في محل جزم جواب للشرط.

(٢) لأنها لمّا ضعفت بالتخفيف وزال اختصاصها بالمبتدأ والخبر عوضوها الدخول على فعل يختص بهما مراعاة لحالها الأصليّ.

(٣) من قوله تعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ، وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ ، وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ ، وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ ، إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) البقرة (١٤٣).

(٤) الآية : «وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ : إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ» القلم (٥١) الذين : اسم يكاد ، جملة ليزلقونك : خبر يكاد ، واللام : فارقة.

(٥) من قوله تعالى : (وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ ، وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ) الأعراف (١٠١) إن : مخففة مهملة. وجدنا : فعل وفاعل ، أكثر : مفعول أول ، اللام : فارقة ، فاسقين : مفعول ثان منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم.

٥٢

أشار بقوله : «غالبا» ، ومنه قول بعض العرب : «إن يزينك لنفسك ، وإن يشينك لهيه» (١) وقولهم : «إن قنّعت كاتبك لسوطا» (٢) ، وأجاز الأخفش : «إن قام لأنا» ، ومنه قول الشاعر :

١٠٥ ـ شلّت يمينك إن قتلت لمسلما

حلّت عليك عقوبة المتعمّد (٣)

__________________

(١) مراتب الفعل من حيث كثرة ورودها بعد «إن» المخففة المهملة أربع :

(ا) الماضي الناسخ وهو أكثرها.

(ب) المضارع الناسخ وهو كثير. ويقاس على هذا والذي قبله اتفاقا.

(ج) ماضي غير الناسخ وهو نادر وأجاز الأخفش القياس عليه ومثّل : «إن قام لأنا».

(د) مضارع غير الناسخ وهو أندر الأقسام ، ولا يجوز القياس عليه اتفاقا.

(٢) قنعت (بتشديد النون) : ضربته على رأسه فجعلت السوط له كالقناع.

(٣) البيت لابنة عم عمر بن الخطاب عاتكة بنت زيد العدوية تخاطب به عمرو بن جرموز قاتل زوجها الزبير بن العوام في معركة الجمل. شلت (بفتح الشين وضمها) جمدت وهلكت.

المعنى : أصاب الله يمينك بالشلل. فقد قتلت مسلما ووجبت عليك عقوبة من قتل المؤمن متعمدا.

الإعراب : شلت : شل : فعل ماض ، والتاء : للتأنيث ، يمينك : يمين فاعل (أو نائب فاعل باعتبار شل مبنيا للمجهول) والكاف : في محل جر بالإضافة ، إن : مخففة مهملة ، قتلت : فعل وفاعل ، لمسلما : اللام : فارقة ، مسلما : مفعول به منصوب ، حلت : حل : فعل ماض ، والتاء : للتأنيث ، عليك : جار ومجرور متعلق بحلت ، عقوبة : فاعل حل ، المتعمد : مضاف إليه مجرور.

الشاهد فيه : قولها : «إن قتلت لمسلما» فقد ولي «إن» المخففة المهملة فعل ماض غير ناسخ وذلك نادر.

٥٣

تخفيف «أنّ» :

وإن تخفّف «أنّ» فاسمها استكن

والخبر اجعل جملة من بعد «أن» (١)

إذا خففت «أنّ» المفتوحة بقيت على ما كان لها من العمل ، لكن لا يكون اسمها إلا ضمير الشأن محذوفا ، وخبرها لا يكون إلا جملة وذلك نحو : «علمت أن زيد قائم» ، ف «أن» مخففة من الثقيلة ، واسمها : ضمير الشأن ، وهو محذوف والتقدير : «أنّه» ، و «زيد قائم» : جملة في موضع رفع خبر «أن» ، والتقدير : «علمت أنه زيد قائم».

وقد يبرز اسمها وهو غير ضمير الشأن كقوله :

١٠٦ ـ فلو أنك في يوم الرّخاء سألتني

طلاقك لم أبخل وأنت صديق (٢)

__________________

(١) استكن بمعنى حذف وجوبا ولم يستكن فيها لأنها حرف. وجملة : استكن مع الفاعل المستتر خبر للمبتدأ اسمها ، والجملة في محل جزم جواب لشرط «إن» ، الخبر : مفعول أول مقدم لأجعل ، جملة : مفعول ثان ، من بعد : جار ومجرور متعلق باجعل أن (قصد لفظها) مضاف إليه.

(٢) لم ينسب البيت لقائل معيّن. يقال : امرأة صديق وصديقة.

المعنى : لو أنك سألتني الطلاق والفراق أيام السعة والرخاء لأبى عليّ كرمي أن أردّ سؤالك على مودتك وحبك. وخص زمن الرخاء بالذكر لأن الإنسان قد يهون عليه فراق من يحب زمن الشدة.

الإعراب : فلو : الفاء : بحسب ما قبلها ، لو : حرف امتناع لامتناع (أداة شرط غير جازمة) أنك : أن : حرف مشبه بالفعل وهي مخففة من الثقيلة ، تنصب الاسم وترفع الخبر ، والكاف : اسمها في محل نصب في يوم : جار ومجرور متعلق بسألتني ، الرخاء : مضاف إليه ، سألتني : سألت : فعل وفاعل ، والنون للوقاية ، والياء : في محل نصب مفعول أول لسأل ، طلاقك : طلاق : مفعول ثان لسأل وهو مضاف ، والكاف : مضاف إليه مبني على الكسر في محل جر ، وجملة سألتني : في محل رفع خبر ان المخففة ، لم : حرف جازم ، أبخل : فعل مضارع

٥٤

وإن يكن فعلا ، ولم يكن دعا

ولم يكن تصريفه ممتنعا (١)

فالأحسن الفصل ب «قد ، أو نفي ، او

تنفيس ، او لو» ، وقليل ذكر «لو» (٢)

إذا وقع خبر «أن» المخففة جملة اسمية لم يحتج إلى فاصل فتقول : «علمت أن زيد قائم» من غير حرف فاصل بين «أن» وخبرها ، إلا إذا قصد النفي فيفصل بينهما بحرف النفي كقوله تعالى : (وَأَنْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)(٣).

__________________

مجزوم بلم ، والفاعل : ضمير مستتر وجوبا تقديره أنا ، والجملة : لا محل لها من الإعراب لأنها جواب شرط غير جازم. وأنت : الواو : حالية ، أنت : ضمير منفصل مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ ، صديق : خبر مرفوع بالضمة وجملة المبتدأ والخبر في محل نصب على الحال من التاء في سألت.

الشاهد فيه : قوله «أنك» فقد خففت «أنّ» وبرز اسمها وهو شاذ أو ضرورة عند النحاة الذين يرون أن يكون اسمها ضمير الشأن محذوفا ، ويجيز بعضهم أن يكون ضميرا عائدا إلى مذكور في الكلام. وقد رأيت الشارح يوجب أن يضمر اسمها وأن يكون خبرها جملة ، فإن برز اسمها شذوذا أو للضرورة فقد يكون الخبر جملة ، وقد يكون مفردا كقول جنوب بنت العجلان ترثي أخاها :

بأنك ربيع ، وغيث مريع

وأنك هناك تكون الثمالا

(١) يكن : فعل مضارع ناقص فعل الشرط مجزوم بإن ، واسمه : ضمير مستتر جوازا تقديره : هو يعود إلى الخبر ، فعلا : خبر يكن ، دعا : خبر يكن الثانية وقد قصره للوزن ، واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود إلى الفعل.

(٢) فالأحسن : الفاء رابطة لجواب إن في البيت السابق ، الأحسن : مبتدأ ، الفصل : خبر ، بقد : الباء : حرف جر متعلق بالفصل ، قد (قصد لفظه) : مجرور بالباء ، قليل : خبر مقدم ، ذكر : مبتدأ مؤخر ، لو : مضاف إليه.

(٣) قال تعالى : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ* فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ وَأَنْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) هود (١٣ و ١٤) ، والشاهد في قوله : «أن لا إله إلا هو» أن : مخففة ، واسمها ضمير الشأن المحذوف ، وجملة : لا إله إلا هو الاسمية في محل رفع خبر إن ، وقد فصل بينهما حرف النفي.

٥٥

وإن وقع خبرها جملة فعلية فلا يخلو : إما أن يكون الفعل متصرفا ، أو غير متصرف فإن كان غير متصرف لم يؤت بفاصل نحو قوله تعالى : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى)(١) ، وقوله تعالى : (وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ)(٢). وإن كان متصرفا فلا يخلو إمّا أن يكون دعاء ، أو لا. فإن كان دعاء لم يفصل كقوله تعالى : (وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها)(٣) في قراءة من قرأ «غضب» بصيغة الماضي. وإن لم يكن دعاء فقال قوم : يجب أن يفصل بينهما إلا قليلا. وقالت فرقة منهم المصنّف : يجوز الفصل وتركه ، والأحسن الفصل. والفاصل أحد أربعة أشياء :

__________________

(١) سورة النجم (٣٩) والشاهد فيها عدم الفصل بين «أن» المخففة وخبرها المصدّر بفعل جامد بفاصل. واسم أن ضمير الشأن المحذوف ، للإنسان : متعلق بمحذوف خبر ليس : إلا أداة حصر ، ما سعى : في تأويل مصدر مرفوع اسم ليس والتقدير : ليس للإنسان إلا سعيه. (يمكن اعتبار ما : اسم موصول في محل رفع اسم ليس).

(٢) من قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ ، وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ ، فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ) الأعراف (١٨٤).

أن : مخففة من الثقيلة ، تنصب الاسم وترفع الخبر ، واسمها ضمير الشأن المحذوف ، عسى : فعل ماض دال على الرجاء تام ، أن حرف مصدري ونصب يكون : فعل مضارع ناقص ، أجلهم : اسم ليكون وفاعل اقترب ضمير أو العكس على التنازع ، وجملة قد اقترب مع الفاعل : في محل نصب خبر يكون ، وأن يكون مع معموليها : في تأويل مصدر مرفوع فاعل لعسى التامة ، وجملة عسى مع فاعلها : في محل رفع خبر أن المخففة ، والشاهد أن الخبر جاء جملة فعلية فعلها جامد فلم تحتج إلى فاصل.

(٣) قال تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ* وَالْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ* وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ* وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ) النّور (٦ ـ ١٠).

٥٦

الأول : «قد» كقوله تعالى : (وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا)(١).

الثاني : «حرف التنفيس» ، وهو السين أو سوف ، فمثال السين قوله تعالى : (عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى)(٢). ومثال سوف قول الشاعر :

١٠٧ ـ واعلم فعلم المرء ينفعه

أن سوف يأتي كلّ ما قدرا (٣)

__________________

(١) من قوله تعالى : (قالُوا : نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْها وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا وَنَكُونَ عَلَيْها مِنَ الشَّاهِدِينَ) المائدة (١١٦) ، أن : مخففة واسمها : ضمير الشأن المحذوف ، وجملة قد صدقتنا في محل رفع خبر أن ، وأن مع معموليها في تأويل مصدر منصوب سدّ مسدّ مفعولي نعلم. والشاهد الفصل بين أن المخففة وخبرها الجملة الفعلية التي فعلها متصرف غير دعاء بقد ، والفاصل في حالة الإثبات قد أو التنفيس كما سيأتي وفي حالة النفي «بلم» أو «لن» أو «لا» أو «لو» تفريقا بين المخففة من الثقيلة والناصبة للمضارع.

(٢) من قوله تعالى : (عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى ، وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ ، وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ ، فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ ، وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً ...) المزمّل من الآية (٢٠). اسم أن المخففة ضمير الشأن المحذوف ، وجملة : سيكون منكم مرضى في محل رفع خبر أن ، وأن مع معموليها في تأويل مصدر منصوب سدّ مسدّ مفعولي علم.

(٣) لم ينسب البيت إلى قائل معين.

المعنى : اعلم أن الذي قدره الله لا بد من وقوعه ، ولعلك منتفع بهذا الذي علمته ومعتبر به.

الإعراب : واعلم : الواو : بحسب ما قبلها ، اعلم : فعل أمر ، والفاعل : مستتر وجوبا تقديره : أنت ، فعلم : الفاء : تعليليّة ، علم : مبتدأ ، المرء : مضاف إليه ، ينفعه : ينفع : فعل مضارع ، وفاعله : هو يعود إلى علم ، والهاء : في محل نصب مفعول به ، والجملة : في محل رفع خبر المبتدأ : علم ، والمبتدأ والخبر : جملة معترضة لا محل لها من الإعراب ، أن : مخففة من الثقيلة تنصب الاسم وترفع

٥٧

الثالث : «النفي» كقوله تعالى : (أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً)(١) وقوله تعالى : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ)(٢) ، وقوله تعالى : (أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ)(٣).

الرابع : «لو» وقلّ من ذكر كونها فاصلة من النحويين ، ومنه قوله تعالى :

(وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ)(٤). وقوله تعالى : «أَوَلَمْ

__________________

الخبر ، واسمها : ضمير الشأن المحذوف ، سوف : حرف تنفيس ، يأتي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة للثقل ، كل : فاعل ، والجملة : في محل رفع خبر أن المخففة ، وأن مع معموليها في تأويل مصدر منصوب سدّ مسدّ مفعولي ، اعلم ، ما : اسم موصول في محل جر بالإضافة ، قدرا : فعل ماض مبني للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو وهو العائد ، والألف : للإطلاق ، والجملة : صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.

الشاهد فيه : قوله : «أن سوف يأتي» فقد فصل بين «أن» المخففة وخبرها الجملة الفعلية بسوف لأن الفعل متصرف غير دال على دعاء.

(١) قال تعالى : (فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا : هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ* أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً) سورة طه (٨٨ و ٨٩) ، أن لا : أن : مخففة واسمها ضمير الشأن ، لا نافية ، يرجع : فعل مضارع مرفوع ، والفاعل هو ، والجملة خبر أن في محل رفع ، والشاهد الفصل بلا النافية.

(٢) سورة القيامة (٣) وجملة : لن نجمع عظامه : في محل رفع خبر «أن» المخففة ، واسمها ضمير الشأن المحذوف ، وهي مع معموليها في تأويل مصدر منصوب بيحسب سدّ مسدّ المفعولين. والشاهد الفصل بين «أن» المخففة وخبرها.

(٣) سورة البلد (٧) والشاهد فيها الفصل بين «أن» المخففة وجملة الخبر بلم.

(٤) قال تعالى : (وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً ، وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً ، لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ..) سورة الجن من الآيات (١٥ ـ ١٧) أن : مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن المحذوف ، جملة لأسقيناهم : لا محل لها من الإعراب لأنها جواب شرط غير جازم ، ومجموع الشرط والجواب خبر «أن» في محل رفع ، والشاهد الفصل بلو بين «أن» المخففة وجملة الخبر.

٥٨

يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِها أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ» (١).

ومما جاء بدون فاصل قوله :

١٠٨ ـ علموا أن يؤمّلون فجادوا

قبل أن يسألوا بأعظم سؤل (٢)

__________________

(١) من قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِها أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ) الأعراف (١٠٠) والشاهد فيها كالآية السابقة. واسم «أن» ضمير الشأن المحذوف أو ضمير الجماعة (أننا).

(٢) لا يعلم قائل هذا البيت. والسؤل : المسؤول.

المعنى : أنهم قوم كرام يعلمون أن الناس يرجون معروفهم ونوالهم ، فأغدقوا عليهم العطاء كأكثر ما يسأل الناس قبل أن يطلب منهم أحد شيئا.

الإعراب : علموا : علم : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة ، والواو : فاعل ، أن : مخففة من الثقيلة تنصب الاسم وترفع الخبر ، واسمها : ضمير الشأن المحذوف ، يؤملون : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون ، والواو : في محل رفع نائب فاعل ، والجملة في محل رفع خبر أن ، وأن مع معموليها في تأويل مصدر منصوب سدّ مسدّ مفعولي علم ، فجادوا : الفاء : حرف عطف ، جادوا : فعل وفاعل ، والجملة معطوفة على جملة علموا الابتدائية لا محل لها من الإعراب. قبل : ظرف زمان منصوب متعلق بجادوا ، أن : مصدرية ناصبة ، يسألوا : فعل مضارع مبني للمجهول منصوب بحذف النون لأنه من الأفعال الخمسة ، والواو : نائب فاعل ، وأن يسألوا : في تأويل مصدر مجرور بإضافة الظرف إليه ، بأعظم : جار ومجرور متعلق بجادوا ، سؤل : مضاف إليه.

الشاهد فيه : قوله : «أن يؤملون» فقد جاء خبر «أن» المخففة جملة فعلية فعلها متصرف غير دعاء دون فاصل ، وهو نادر ، والكثير : أن سيؤملون. وبعضهم خرّجه على أنّ (أن) ليست مخففة وإنما هي المصدرية الناصبة للفعل المضارع ، وأنها لم تنصبه هنا ، ولم تنصبه في الآية التي ستلي ، وهذا الرأي ضعيف لسببين.

(أ) أن جمهور النحاة ذهب إلى اعتبار (أن) الواقعة بعد علم غير مؤول بالظن مخففة حتما.

(ب) أن الشاعر قال في الشطر الثاني (قبل أن يسألوا) فنصب بأن ، ولا يلفق الشاعر عادة بين لغتين.

٥٩

وقوله تعالى : (لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ)(١) في قراءة من رفع «يتمّ» في قول (٢) ، والقول الثاني أنّ «أن» ليست مخففة من الثقيلة بل هي الناصبة للفعل المضارع ، وارتفع «يتم» بعده شذوذا.

* * *

تخفيف «كأنّ» :

وخفّفت «كأنّ» أيضا فنوي

منصوبها ، وثابتا أيضا روي (٣)

إذا خففت «كأن» نوي اسمها وأخبر عنها بجملة اسمية نحو : «كأن زيد قائم». أو جملة فعلية مصدّرة ب «لم» كقوله تعالى : (كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ)(٤) ، أو مصدّرة ب «قد» كقول الشاعر :

أفد الترحّل غير أنّ ركابنا

لمّا تزل برحالنا وكأن قد (٥)

أي : وكأن قد زالت ، فاسم «كأن» في هذه الأمثلة محذوف ، وهو ضمير الشأن ، والتقدير : «كأنه زيد قائم ، وكأنه لم تغن بالأمس ،

__________________

(١) من قوله تعالى : (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ ، وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ، لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَها ..) البقرة من الآية (١٣٣).

(٢) أي في قول الذين لم يشترطوا أن تسبق المخففة بعلم أو ظن وهم الكوفيون.

(٣) كأن (قصد لفظها) : نائب فاعل لخففت ، أيضا : مفعول مطلق ، منصوبها : منصوب : نائب فاعل لنوي ، ثابتا : حال من نائب الفاعل المستتر في روي.

(٤) من قوله تعالى : (إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ ، حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها ، أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ، كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) يونس (٢٤).

(٥) البيت أعربناه تحت رقم (٢) في الصفحة (٢٩) ، والشاهد فيه هنا تخفيف (كأن) وكون اسمها ضمير الشأن المحذوف ، والخبر جملة محذوفة يدل عليها الكلام السابق والتقدير : وكأنه قد زالت.

٦٠