تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك

الدكتور محمّد علي سلطاني

تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك

المؤلف:

الدكتور محمّد علي سلطاني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار العصماء
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٦٧

المفعول المطلق

تعريف :

المصدر اسم ما سوى الزمان من

مدلولي الفعل كأمن من أمن (١)

الفعل يدل على شيئين : الحدث ، والزمان ؛ ف «قام» يدلّ على قيام في زمن ماض ، و «يقوم» يدلّ على قيام في الحال أو الاستقبال ، و «قم» يدل على قيام في الاستقبال ، والقيام : هو الحدث ـ وهو أحد مدلولي الفعل ـ وهو المصدر ، وهذا معنى قوله : «ما سوى الزمان من مدلولي الفعل» فكأنه قال : «المصدر اسم الحدث كأمن فإنه أحد مدلولي أمن».

والمفعول المطلق : هو المصدر ، المنتصب : توكيدا لعامله ، أو بيانا لنوعه ، أو عدده ، نحو «ضربت ضربا» (٢) و «سرت سير زيد» (٣)

__________________

(١) المصدر : مبتدأ مرفوع. اسم : خبره مرفوع. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالإضافة ، سوى : خبر لمبتدأ محذوف تقديره «هو» مرفوع بضمة مقدرة على الألف للتعذر ، والمبتدأ المحذوف هو العائد على الموصول ، والجملة لا محل لها صلة الموصول الزمان : مضاف إليه مجرور بالكسرة. من مدلولي : من حرف جر. مدلولي : مجرور بمن وعلامة جره الياء لأنه مثنى ، وحذفت نونه للإضافة والجار والمجرور متعلق بمحذوف حال من اسم الموصول «ما» تقديره «كائنا من مدلولي الفعل». الفعل : مضاف إليه.

(٢) ضربا : مفعول مطلق منصوب بالفتحة ، وهو مؤكد لعامله «ضربت» لأن الضرب مفهوم من الفعل فتأكد بذكر المصدر.

(٣) سير زيد : سير : مفعول مطلق منصوب ، وهو مضاف ـ وزيد : مضاف إليه ، وسير : مبين لنوع عامله ، فهو محدد بأنه سير زيد وليس سيرا عاما مبهما.

٢٢١

و «ضربت ضربتين» (١) ، وسمّي مفعولا مطلقا لصدق المفعول عليه غير مقيّد بحرف جر ونحوه ، بخلاف غيره من المفعولات ؛ فإنه لا يقع عليه اسم المفعول إلا مقيّدا ، كالمفعول به والمفعول فيه ، والمفعول معه ، والمفعول له.

عامل المصدر :

المصدر أصل للفعل :

بمثله أو فعل أو وصف نصب

وكونه أصلا لهذين انتخب (٢)

ينتصب المصدر بمثله ، أي بالمصدر ، نحو «عجبت من ضربك زيدا ضربا شديدا» أو بالفعل نحو «ضربت زيدا ضربا» ، أو بالوصف نحو «أنا ضارب زيدا ضربا».

(أ) ومذهب البصريين أن المصدر أصل ، والفعل والوصف مشتقان منه.

وهذا معنى قوله : «وكونه أصلا لهذين انتخب» أي : المختار أن المصدر أصل لهذين ، أي الفعل ، والوصف.

(ب) ومذهب الكوفيين أن الفعل أصل ، والمصدر مشتق منه.

(ج) وذهب قوم إلى أن المصدر أصل ، والفعل مشتق منه ، والوصف مشتق من الفعل.

__________________

(١) ضربتين : مفعول مطلق منصوب بالياء لأنه مثنى ، وهو مبين لعدد عامله ، فالضرب حدث أكثر من مرة ..

(٢) كونه : كون : مبتدأ مرفوع بالضمة مصدر كان الناقصة ، والهاء : في محل جر بالإضافة من إضافة المصدر لمرفوعه. أصلا : خبر كون منصوب بالفتحة لهذين : اللام حرف جر ، والهاء للتنبيه ، ذين : اسم إشارة مبني على الياء في محل جر باللام ، والجار والمجرور متعلق بأصلا انتخب : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح وسكن للوقف. ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة في محل رفع خبر المبتدأ : كونه.

٢٢٢

(د) وذهب ابن طلحة إلى أن كلا من المصدر والفعل أصل برأسه ، وليس أحدهما مشتقا من الآخر.

والصحيح المذهب الأول ، لأن كلّ فرع يتضمّن الأصل وزيادة ، والفعل والوصف بالنسبة إلى المصدر كذلك ، لأن كلا منهما يدل على المصدر وزيادة ؛ فالفعل يدلّ على المصدر والزمان ، والوصف يدل على المصدر والفاعل.

أنواع المفعول المطلق :

توكيدا أو نوعا يبين أو عدد

كسرت سيرتين ، سير ذي رشد (١)

المفعول المطلق يقع على ثلاثة أحوال كما تقدم :

(أ) أحدها : أن يكون مؤكدا ، نحو : «ضربت ضربا».

(ب) الثاني : أن يكون مبينا للنوع (٢) ، نحو «سرت سير ذي رشد» و «سرت سيرا حسنا».

__________________

(١) توكيدا : مفعول به مقدم ليبين منصوب بالفتحة ، أو نوعا : أو حرف عطف ، نوعا : معطوف على توكيدا ومنصوب مثله بالفتحة ، يبين : مضارع مرفوع بالضمة ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. أو عدد : أو حرف عطف عدد : معطوف على توكيدا ومنصوب مثله وسكن للروي. كسرت : الكاف حرف جر لمجرور محذوف تقديره «قولك» سرت : فعل وفاعل سار فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بالتاء ، والتاء في محل رفع فاعل. سيرتين : مفعول مطلق مبين للعدد منصوب بالياء لأنه مثنى ، والنون عوض عن التنوين. سير : مفعول مطلق مبين للنوع منصوب بالفتحة. ذي : مضاف إليه مجرور بالياء لأنه من الأسماء الستة. رشد : مضاف إليه مجرور بالكسرة وسكن للروي.

(٢) المبين للنوع على ثلاثة أقسام :

(أ) المضاف ، نحو : سرت سير ذي رشد ، وسعيت سعي المجدين.

(ب) الموصوف ، نحو : سرت سيرا حسنا ، وعملت عملا صالحا.

(ج) المحلّى بأل العهدية ، نحو : سرت السير ، أي المعهود بينك وبين مخاطبك.

٢٢٣

(ج) الثالث : أن يكون مبينا للعدد ، نحو «ضربت ضربة ، وضربتين.

وضربات».

نائب المصدر في النصب على المفعولية المطلقة :

وقد ينوب عنه ما عليه دلّ

كجدّ كلّ الجدّ ، وافرح الجذل (١)

قد ينوب عن المصدر ما يدل عليه :

(أ) ككل وبعض ، مضافين إلى المصدر ، نحو «جدّ كلّ الجدّ» وكقوله تعالى : (فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ)(٢) و «ضربته بعض الضرب».

(ب) وكالمصدر المرادف لمصدر الفعل المذكور ، نحو «قعدت جلوسا ،

__________________

(١) قد ينوب : قد حرف تقليل. ينوب : مضارع مرفوع. عنه : جار ومجرور متعلق بينوب. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل ينوب. عليه : جار ومجرور متعلق بدلّ. دلّ : فعل ماض مبني على الفتح وسكن للروي ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على ما. وجملة دلّ لا محل لها من الإعراب صلة الموصول. كجد : الكاف حرف جر والمجرور قول محذوف ، جدّ : فعل أمر مبني على السكون وحرك بالفتح تخفيفا لتعذر السكون بسبب التضعيف ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت. كلّ الجد : كلّ : مفعول مطلق منصوب بالفتحة. الجد ، مضاف إليه مجرور بالكسرة. وافرح : الواو عاطفة. افرح : افعل امر مبني على السكون وحرك بالكسر تخلصا من التقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت. الجذل : مفعول مطلق منصوب بالفتحة وسكن للروي.

(٢) من الآية ١٢٩ من النساء وهي «وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً».

٢٢٤

وافرح الجذل» فالجلوس : نائب مناب القعود لمرادفته له ، والجذل نائب مناب الفرح لمرادفته له.

(ج) وكذلك ينوب مناب المصدر اسم الإشارة ، نحو «ضربته ذلك الضرب» (وزعم بعضهم أنه إذا ناب اسم الإشارة مناب المصدر ، فلا بدّ من وصفه بالمصدر كما مثّلنا ، وفيه نظر ، فمن أمثلة سيبويه «ظننت ذاك» أي ظننت ذاك الظنّ ، فذاك إشارة إلى الظنّ ، ولم يوصف به).

(د) وينوب عن المصدر ـ أيضا ـ ضميره ، نحو «ضربته زيدا» أي : ضربت الضرب ، ومنه قوله تعالى : (لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ)(١) أي لا أعذب العذاب.

(ه) وعدده ، نحو «ضربته عشرين ضربة» ومنه قوله تعالى : (فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً)(٢).

(و) والآلة ، نحو «ضربته سوطا» والأصل : «ضربته ضرب سوط» ، فحذف المضاف ، وأقيم المضاف إليه مقامه. والله تعالى أعلم.

__________________

(١) من الآية ١١٥ من المائدة وهي : «قالَ اللهُ إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ».

لا أعذبه. لا نافية : أعذب : مضارع مرفوع بالضمة ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنا ، والهاء : ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول مطلق. أحدا : مفعول به منصوب بالفتحة. من العالمين. من : حرف جر. العالمين مجرور بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم ، والجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة لأحد.

(٢) من الآية ٤ من النور وهي : «وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ».

٢٢٥

أحكام المصدر المؤكد من حيث الإفراد والتثنية والجمع :

وما لتوكيد فوحّد أبدا

وثنّ واجمع غيره وأفردا (١)

لا يجوز تثنية المصدر المؤكّد لعامله ، ولا جمعه ، بل يجب إفراده ، فتقول : «ضربت ضربا» وذلك لأنه بمثابة تكرير الفعل ، والفعل لا يثنّى ولا يجمع.

وأما غير المؤكّد ـ وهو المبين للعدد والنوع ـ فذكر المصنف أنه يجوز تثنيته وجمعه ؛

فأما المبيّن للعدد فلا خلاف في جواز تثنيته وجمعه نحو «ضربتين وضربات».

وأما المبيّن للنوع فالمشهور أنه يجوز تثنيته وجمعه إذا اختلفت أنواعه ، نحو «سرت سيرى زيد الحسن والقبيح» (وظاهر كلام سيبويه أنه لا يجوز تثنيته ولا جمعه قياسا بل يقتصر فيه على السماع. وهذا اختيار الشلوبين).

__________________

(١) ما لتوكيد : ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم لوحّد. لتوكيد : جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة الموصول تقديرها «استقرّ» فوحّد : الفاء زائدة تفيد التفصيل. وحد : فعل أمر مبني على السكون ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت. أبدا : مفعول فيه ظرف زمان منصوب بالفتحة متعلق بوحّد. وثنّ : الواو عاطفة. ثن : فعل أمر مبني على حذف حرف العلة ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت ، ... وأفردا : الواو عاطفة أفردا : فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المقلوبة ألفا ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت.

٢٢٦

حذف عامل المصدر :

وحذف عامل المؤكّد امتنع

وفي سواه لدليل متّسع (١)

المصدر الموكّد لا يجوز حذف عامله ، لأنه مسوق لتقرير عامله وتقويته ، والحذف مناف لذلك.

وأمّا غير المؤكّد فيحذف عامله للدلالة عليه : جوازا ، ووجوبا.

فالمحذوف جوازا كقولك : «سير زيد» لمن قال : «أيّ سير سرت؟» و «ضربتين» لمن قال : «كم ضربت زيدا؟» (٢) والتقدير : سرت سير زيد ، وضربته ضربتين.

وقول ابن المصنف : «إن قوله» : «وحذف عامل المؤكد امتنع» سهو منه ؛ لأن قولك : «ضربا زيدا» مصدر مؤكد وعامله محذوف وجوبا ، كما سيأتي ، ليس بصحيح ، وما استدلّ به على دعواه من وجوب حذف عامل المؤكد بما سيأتي ليس منه ، وذلك لأن «ضربا زيدا» ليس من التأكيد في شيء ، بل هو أمر خال من التأكيد ، بمثابة : «اضرب

__________________

(١) حذف : مبتدأ مرفوع بالضمة ، عامل : مضاف إليه مجرور بالكسرة. المؤكد : مضاف إليه مجرور بالكسرة. امتنع : فعل ماض مبني على الفتح وسكن للوقف. وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو ، وجملة امتنع في محل رفع خبر المبتدأ حذف. وفي سواه : الواو عاطفة. في : حرف جر. سوى مجرور بفي بكسرة مقدرة على الألف للتعذر والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم لمتسع. والهاء مضاف إليه. لدليل : جار ومجرور متعلق بمتسع. متسع : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة وسكن للوقف.

(٢) كم ضربت زيدا؟ كم اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب مفعول مطلق. ضربت : فعل وفاعل. ضرب : فعل ماض مبني على السكون ، والتاء فاعل. زيدا. مفعول به منصوب بالفتحة.

٢٢٧

زيدا» لأنه واقع موقعه ، فكما أن «اضرب زيدا» لا تأكيد فيه كذلك «ضربا زيدا» وكذلك جميع الأمثلة التي ذكرها ليست من باب التأكيد في شيء ؛ لأن المصدر فيها نائب مناب الفعل ، دال على ما يدلّ عليه وهو عوض منه ، ويدلّ على ذلك عدم جواز الجمع بينهما ، ولا شيء من المؤكدات يمتنع الجمع بينها وبين المؤكّد.

ومما يدلّ أيضا على أن «ضربا زيدا» ونحوه ليس من المصدر المؤكد لعامله أن المصدر المؤكد لا خلاف في أنه لا يعمل ، واختلفوا في المصدر الواقع موقع الفعل : هل يعمل أولا؟ والصحيح أنه يعمل : ف «زيدا» في قولك «ضربا زيدا» منصوب ب «ضربا» على الأصح ، وقيل ، «إنه منصوب بالفعل المحذوف» وهو : «اضرب» فعلى القول الأول ناب «ضربا» عن «اضرب» في الدلالة على معناه وفي العمل. وعلى القول الثاني ناب عنه في الدلالة على المعنى دون العمل.

والحذف حتم مع آت بدلا

من فعله ك «ندلا» اللذكاندلا (١)

يحذف عامل المصدر وجوبا في مواضع :

(أ) منها إذا وقع المصدر بدلا من فعله (٢) ، وهو مقيس في الأمر والنهي ،

__________________

(١) الحذف : مبتدأ مرفوع بالضمة. حتم : خبر مرفوع بالضمة. مع : ظرف منصوب بالفتحة متعلق بحتم. آت : مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدرة على الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين. بدلا : حال من ضمير آت منصوب بالفتحة من فعله : جار ومجرور متعلق ببدلا ، والهاء في محل الجر بالإضافة.

(٢) المصدر الآتي بدلا من فعله نوعان : طلبي ، وخبري ، فالطلبي هو الواقع أمرا أو نهيا أو دعاء أو توبيخا وهذا النوع مقيس على الصحيح بشرط أن يكون له فعل من لفظه وأن يكون مفردا منكرا ، وإلا كان سماعيا نحو : ويله.

٢٢٨

نحو «قياما لا قعودا» (١) أي : قم قياما ، ولا تقعد قعودا ، والدعاء نحو «سقيا لك» (٢) أي سقاك الله.

وكذلك يحذف عامل المصدر وجوبا إذا وقع المصدر بعد الاستفهام المقصود به التوبيخ ، نحو «أتوانيا وقد علاك المشيب؟» (٣) أي : أتتوانى وقد علاك.

ويقلّ حذف عامل المصدر وإقامة المصدر مقامه في الفعل المقصود به الخبر (٤) نحو : «أفعل وكرامة» أي وأكرمك. فالمصدر في هذه الأمثلة ونحوها منصوب بفعل محذوف وجوبا ، والمصدر نائب منابه في الدلالة على معناه.

وأشار بقوله : «كندلا» إلى ما أنشده سيبويه ، وهو قول الشاعر :

٢١ ـ يمرون بالدهنا خفافا عيابهم

ويرجعن من دارين بجر الحقائب

__________________

(١) قياما : مفعول مطلق منصوب بفعل محذوف تقديره قم وعلامة نصبه الفتحة. لا قعودا : لا ناهية. قعودا : مفعول مطلق منصوب بفعل محذوف وجوبا تقديره «لا تقم».

(٢) سقيا : مفعول مطلق منصوب بفعل محذوف وجوبا تقديره : سقاك الله. وعلامة نصبه الفتحة. لك : جار ومجرور متعلق بسقيا.

(٣) أتوانيا : الهمزة للاستفهام. توانيا : مفعول مطلق منصوب بفعل محذوف وجوبا تقديره «أتتوانى» وعلامة نصبه الفتحة ، وقد : الواو حالية قد : حرف تحقيق. علاك : علا فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف. والكاف مفعوله. المشيب : فاعله مرفوع بالضمة.

(٤) المراد بالخبر ما قابل الطلب. فيشمل الإنشاء غير الطلبي كقولهم عند تذكر النعمة : حمدا وشكرا لا كفرا ، وعند تذكر الشدة : صبرا لا جزعا وعند الامتثال : سمعا وطاعة ، أي : حمدت حمدا ، وشكرت شكرا ، وصبرت صبرا ... الخ. والمراد بقلة الحذف في ذلك قصره على السماع.

٢٢٩

على حين ألهى الناس جلّ أمورهم

فندلا زريق المال ندل الثعالب (١)

__________________

(١) قائلهما : أعشى همدان يهجو لصوصا. الدّهنا : اسم موضع لتميم بنجد. العياب : جمع عيبة وهي : زنبيل من أدم أو ما تجعل فيه الثياب ، دارين : بكسر الراء ـ اسم قرية بالبحرين فيها سوق كان يحمل إليها مسك من ناحية الهند. بجر الحقائب : بجر : جمع بجراء : ممتلئة ، الحقائب : جمع حقيبة : ما يحمل على الفرس خلف الراكب ، وهي العياب المذكورة.

المعنى : إن هؤلاء اللصوص يمرون بالدهنا وأوعيتهم خفيفة لفراغها ثم يرجعون من دارين وأوعيتهم ممتلئة مما سرقوه ـ حين انشغال الناس بأمورهم الجليلة ـ وهم يتواصون بخطف المال واختلاسه بسرعة مثل خطف الثعالب.

الإعراب : يمرون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة ، والواو فاعل. بالدهنا : جار ومجرور متعلق بيمرون خفافا : حال من ضمير يمرون منصوب بالفتحة. عيابهم : فاعل خفافا مرفوع بالضمة. والهاء في محل جر بالإضافة ، والميم علامة جمع الذكور ويرجعن : الواو عاطفة ، يرجعن : مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة ، والنون فاعل ـ واستعمل الشاعر هنا نون النسوة لضمير الذكور مجازا تحقيرا لهم ـ من دارين : جار ومجرور ـ دارين : مجرور بالفتحة لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث ، والجار متعلق بيرجعن. بجر : حال من ضمير يرجعن منصوب بالفتحة. الحقائب : مضاف إليه مجرور بالكسرة. على حين على : حرف جر. حين ظرف زمان مبني على الفتح في محل جر. والجار والمجرور متعلق بقول محذوف تقديره : يقولون ندلا على حين ... الخ. ألهى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر. الناس : مفعول به مقدم منصوب. جلّ : فاعل ألهى مرفوع بالضمة. أمورهم : مضاف إليه مجرور والهاء : مضاف إليه ، والميم لجماعة الذكور. وجملة : ألهى الناس جل أمورهم : في محل جر بإضافة حين إليها. فندلا : الفاء فصيحة أو زائدة. ندلا : مفعول مطلق منصوب بفعل محذوف وجوبا ، علامة نصبه الفتحة ، زريق : منادى مفرد علم مبني على الضم في محل نصب المال : مفعول به لندلا منصوب بالفتحة. ندل الثعالب : ندل مفعول مطلق مبين للنوع عامله ندلا. الثعالب : مضاف إليه.

الشاهد : في قوله : «فندلا» حيث أنه مصدر نائب مناب فعل الأمر وهو «اندل» وعامله محذوف وجوبا.

٢٣٠

ف «ندلا» نائب مناب فعل الأمر ، وهو اندل. والنّدل : خطف الشيء بسرعة ، و «زريق» منادى ، والتقدير : ندلا يا زريق المال ، وزريق : اسم رجل.

وأجاز المصنف أن يكون مرفوعا بندلا ، وفيه نظر ؛ لأنه إن جعل «ندلا» نائب مناب فعل الأمر للمخاطب والتقدير : «اندل» لم يصح أن يكون مرفوعا به ؛ لأن فعل الأمر إذا كان للمخاطب لا يرفع ظاهرا ، فكذلك ما ناب منابه. وإن جعل نائبا مناب فعل الأمر للغائب ، والتقدير «ليندل» صحّ أن يكون مرفوعا به ، لكن المنقول أن المصدر لا ينوب مناب فعل الأمر للغائب ، وإنما ينوب مناب فعل الأمر للمخاطب ، نحو «ضربا زيدا» أي اضرب زيدا. والله أعلم.

وما لتفصيل كإمّا منّا

عامله يحذف حيث عنّا (١)

(ب) يحذف أيضا عامل المصدر وجوبا إذا وقع تفصيلا لعاقبة ما تقدمه ، كقوله تعالى : (حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً)(٢) فمنّا وفداء : مصدران منصوبان بفعل محذوف وجوبا

__________________

(١) ما : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. لتفصيل : جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة الموصول تقديرها «استقر» عامله : مبتدأ ثان مرفوع بالضمة والهاء مضاف إليه. يحذف : مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة في محل رفع خبر المبتدأ الثاني «عامله». وجملة «عامله يحذف» في محل رفع خبر المبتدأ الأول «ما لتفصيل» حيث : ظرف مكان مبني على الضم في محل نصب متعلق بيحذف. عنّ : فعل ماض مبني على الفتح. وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والألف للإطلاق ـ وجملة عنّ : في محل جر بإضافة حيث إليها.

(٢) من الآية ٤ سورة محمد وهي : «فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ذلِكَ وَلَوْ يَشاءُ اللهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ» فإمّا منا : الفاء : عاطفة. إما : حرف تفصيل. منا : مفعول مطلق بفعل محذوف وجوبا منصوب بالفتحة.

٢٣١

والتقدير : ـ والله أعلم ـ فإما تمنون منا ، وإمّا تفدون فداء ، وهذا معنى قوله : «وما لتفصيل ـ إلى آخره» أي يحذف عامل المصدر المسوق للتفصيل حيث عنّ أي : عرض.

كذا مكرّر وذو حصر ورد

نائب فعل لاسم عين استند (١)

(ج) أي كذلك يحذف عامل المصدر وجوبا إذا ناب المصدر عن فعل استند لاسم عين ، أي : أخبر به عنه ، وكان المصدر مكررا أو محصورا ، فمثال المكرّر : «زيد سيرا سيرا» والتقدير : زيد يسير سيرا فحذف «يسير» وجوبا لقيام التكرير مقامه ، ومثال المحصور ، «ما زيد إلا سيرا» و «إنما زيد سيرا» والتقدير : ما زيد إلا يسير سيرا ، وإنما زيد يسير سيرا ، فحذف «يسير» وجوبا لما في الحصر من التأكيد القائم مقام التكرير.

فإن لم يكرّر ولم يحصر لم يجب الحذف ، نحو «زيد سيرا» والتقدير : زيد يسير سيرا ؛ فإن شئت حذفت «يسير» وإن شئت صرّحت به ، والله أعلم.

ومنه ما يدعونه مؤكّدا

لنفسه أو غيره ؛ فالمبتدا (٢)

__________________

(١) كذا : الكاف حرف جر. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالكاف ، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم لمكرر. مكرر : مبتدأ مرفوع بالضمة. وذو حصر : الواو عاطفة. ذو : معطوف على مكرر مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الستة. حصر : مضاف إليه. ورد : فعل ماض مبني على الفتح ، وسكن للوقف. وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو ، والجملة «ورد» في محل رفع صفة لمكرر وذو حصر. نائب : حال من ضمير ورد منصوب بالفتحة فعل : مضاف إليه مجرور بالكسرة.

(٢) ومنه : من : حرف جر. والهاء في محل جر والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم ل «ما». ما : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر. يدعونه : مضارع مرفوع للتجرد بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة ، والواو :

٢٣٢

نحو «له عليّ ألف عرفا»

والثان ك «ابني أنت حقا صرفا» (١)

(د) أي من المصدر المحذوف عامله وجوبا ما يسمّى : المؤكّد لنفسه ، والمؤكّد لغيره.

فالمؤكد لنفسه هو : الواقع بعد جملة لا تحتمل غيره ، نحو «له عليّ ألف عرفا» أي : اعترافا ، فاعترافا : مصدر منصوب بفعل محذوف وجوبا ، والتقدير : «أعترف اعترافا» ويسمّى مؤكدا لنفسه ؛ لأنه مؤكد للجملة قبله وهي نفس المصدر ، بمعنى أنها لا تحتمل سواه ، وهذا هو المراد بقوله «فالمبتدا» أي : فالأول من القسمين المذكورين في البيت الأول.

(ه) والمؤكّد لغيره هو : الواقع بعد جملة تحتمله وتحتمل غيره ، فتصير بذكره نصا فيه ، نحو «أنت ابني حقّا» فحقّا : مصدر منصوب بفعل محذوف وجوبا ، والتقدير : «أحقّه حقا» وسمّي مؤكدا لغيره ؛ لأن الجملة قبله تصلح له ولغيره ؛ لأن قولك «أنت ابني» يحتمل أن يكون حقيقة ، وأن يكون مجازا على معنى : أنت عندي

__________________

فاعل. والهاء : مفعول أول ليدعون. مؤكدا : مفعوله الثاني منصوب بالفتحة. لنفسه : جار ومجرور متعلق بمؤكدا. والهاء مضاف إليه. أو غيره : أو عاطفة ، غيره : معطوفة على نفسه ومجرورة مثلها ، والهاء : مضاف إليه.

(١) له عليّ ألف عرفا : مثال المصدر المؤكد لنفسه. له : جار ومجرور ، علي : جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم ألف : مبتدأ مؤخر مرفوع. عرفا : مفعول مطلق منصوب بفعل محذوف وجوبا علامة نصبه الفتحة.

أنت ابني حقا صرفا : مثال المصدر المؤكد لغيره : أنت : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. ابني : خبره مرفوع بضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم والياء في محل جر بالإضافة. حقا : مفعول مطلق منصوب بفعل محذوف وجوبا صرفا : نعت لحقا ومنصوب مثله بالفتحة

٢٣٣

في الحنوّ بمنزلة ابني ، فلما قال «حقا» صارت الجملة نصا في أن المراد البنوة حقيقة ، فتأثرت الجملة بالمصدر ؛ لأنها صارت به نصا ، فكان مؤكدا لغيره ، لوجوب مغايرة المؤثّر للمؤثّر فيه.

كذاك ذو التشبيه بعد جمله

ك «لي بكا بكاء ذات عضله» (١)

(و) أي كذلك يجب حذف عامل المصدر إذا قصد به التشبيه بعد جملة مشتملة على فاعل المصدر في المعنى ، نحو : «لزيد صوت صوت حمار ، وله بكاء بكاء الثكلى» ف «صوت حمار» مصدر تشبيهي وهو منصوب بفعل محذوف وجوبا ، والتقدير : يصوّت صوت حمار ، وقبله جملة وهي «لزيد صوت» وهي مشتملة على الفاعل في المعنى ، وهو «زيد» وكذلك «بكاء الثكلى» منصوب بفعل محذوف وجوبا ، والتقدير : يبكي بكاء الثكلى. فلو لم يكن قبل هذا المصدر جملة وجب الرفع ، نحو «صوته صوت حمار» و «بكاءه بكاء الثكلى» (٢) وكذلك (٣) لو كان قبله جملة وليست

__________________

(١) كذاك : الكاف : حرف تشبيه وجر. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر ، والكاف للخطاب ، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. ذو التشبيه : ذو مبتدأ مؤخر مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الستة التشبيه : مضاف إليه مجرور بالكسرة. بعد : مفعول فيه منصوب بالفتحة متعلق بمحذوف حال من «ذو التشبيه». جملة : مضاف إليه مجرور وسكن للروي لي : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم لبكا محذوف تقديره «كائن». بكا : مبتدأ مؤخر مرفوع بضمة مقدرة على الهمزة المحذوفة للضرورة ـ الأصل «بكاء». بكاء : مفعول مطلق منصوب بفعل محذوف وجوبا ، علامة نصبه الفتحة الظاهرة. ذات : مضاف إليه مجرور بالكسرة ، عضلة : مضاف إليه مجرور بالكسرة وسكن للروي.

(٢) وجب رفع المصدر لأنه خبر عما قبله : صوت : خبر المبتدأ صوته مرفوع. بكاء : خبر بكاؤه مرفوع أيضا.

(٣) أي يجب رفع المصدر لكن ليس خبرا لما قبله ، بل بدل منه أو نعت بتقدير مثل.

٢٣٤

مشتملة على الفاعل في المعنى ، نحو «هذا بكاء بكاء الثّكلى ، وهذا صوت صوت حمار» (١) ولم يتعرض المصنف لهذا الشرط ولكنه مفهوم من تمثيله.

__________________

(١) هذا : الهاء للتنبيه : ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. بكاء : خبره مرفوع. بكاء : بدل من بكاء الأولى أو نعت له بتقدير مضاف محذوف ـ أي مثل بكاء الثكلى ـ حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه الثكلى : مضاف إليه مجرور بكسرة مقدرة. وكذلك إعراب : هذا صوت صوت حمار ـ صوت حمار ـ صوت : بدل من صوت الأولى ـ الخبر ـ أو نعت له بتقدير مضاف محذوف ـ أي مثل صوت حمار ـ في الأصل ـ حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.

٢٣٥

أسئلة ومناقشات

١ ـ ماذا يقصد النحاة بالمفعول المطلق؟ ولم سمّي مطلقا؟ اشرح ذلك ومثل له ...

٢ ـ ماذا يقصد ابن مالك بقوله : «المصدر اسم ما سوى الزمان»؟ اشرح مدلول المصدر في ضوء كلام ابن مالك مع التمثيل.

٣ ـ اشرح بالتفصيل ما ذا يعمل في المفعول المطلق؟ ثم بيّن أيهما أصل للآخر : المصدر أم الفعل؟ وما دليلك على ذلك؟ مثّل لكل ما تقول.

٤ ـ قال النحاة : «ينوب عن المصدر بعد حذفه أمور».

وضّح هذه الأمور بالتفصيل واذكر شرط نيابتها عن المصدر ـ مع التمثيل. ومن أيها قول الله سبحانه : «فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ (١) عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ». وقوله سبحانه «فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ (٢) جَلْدَةٍ»؟.

٥ ـ متى يلزم إفراد المفعول المطلق؟ ولماذا؟ ومتى يجوز تثنيته وجمعه؟ اشرح ذلك مع التمثيل ..

٦ ـ قال النحاة : «يحذف عامل المفعول المطلق جوازا في مواضع ، ووجوبا في مواضع وقد يمتنع حذفه».

اشرح هذا القول شرحا مفصلا مع التمثيل والتعليل حيث أمكن.

__________________

(١) آية ١١٥ سورة المائدة.

(٢) آية ٢ من سورة النور.

٢٣٦

تمرينات

١ ـ بيّن فيما يأتي أنواع المفعول المطلق ـ والعامل فيه ـ ونوع النائب عنه بعد حذفه : «عجبا لبعض الناس ، إذا تحدث لا ينظر فيما يقول نظرة فاحصة ، ولا يهذبه التهذيب المطلوب ، بل تراه يخبط خبط عشواء ، ومن هنا فهو لا يتمسك بما يقول ، بل سرعان ما يرجع القهقري عنه ، ويندم ندامة الخاطئين ، ولو أنه فكّر بعض التفكير لأصاب كل الإصابة ، ولم يندفع ذلك الاندفاع الذي يورثه حسرة ، ولأثنى عليه سامعوه ثناء كريما ، فكان المتحدث اللبق حقا ، فانبذ التسرّع نبذ النواة ، وبعدا له وسحقا .. وصبرا صبرا على إجادة القول ... فالكلم الطيب يصعد إلى رب العباد» ..

٢ ـ كوّن خمس جمل من إنشائك تتضمن ما يأتي : ـ مصدرا محذوف العامل وجوبا ـ مصدرا محذوف العامل جوازا ـ مصدرا تمتنع تثنيته وجمعه ـ مصدرا تنوب عنه آلته بعد حذفه ـ مصدرا يمتنع حذف عامله.

٣ ـ اكتب قطعة في وصف يوم مطير تتضمن أنواع المفعول المطلق.

٤ ـ هات ما يأتي في جمل تامة :

(أ) مفعولا مطلقا ناصبه فعل.

(ب) مفعولا مطلقا ناصبه وصف.

(ج) مفعولا مطلقا ناصبه مصدر.

(د) مصدرا مؤكدا لنفسه ـ ثم لغيره.

٢٣٧

٥ ـ بين مواضع الاستشهاد فيما يأتي في باب المفعول المطلق :

فصبرا في مجال الموت صبرا

فما نيل الخلود بمستطاع

أعبدا حل في شعبى غريبا

ألؤما لا أبالك واغترابا

أشوقا ولما يمض لي غير ساعة

فكيف إذا جد المطى بنا عشرا

٦ ـ قال تعالى : ـ

(فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ (١) جَلْدَةً ـ وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ)(٢) نَباتاً أعرب الآيتين الكريمتين بالتفصيل.

٧ ـ اشرح البيت الآتي ثم أعرب ما تحته خط منه :

وقد يجمع الله الشتيتين بعد ما

يظنان كلّ الظن ألا تلاقيا

__________________

(١) آية ٤ سورة النور.

(٢) آية ١٧ سورة نوح.

٢٣٨

المفعول له

تعريفه وشروطه :

ينصب مفعولا له المصدر إن

أبان تعليلا ك «جد شكرا ، ودن» (١)

وهو بما يعمل فيه متّحد

وقتا وفاعلا ، وإن شرط فقد (٢)

فاجرره بالحرف ، وليس يمتنع

مع الشروط ، ك «لزهد ذا قنع»

__________________

(١) ينصب : مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة. مفعولا : حال من المصدر منصوب بالفتحة ، له : جار ومجرور متعلق بمفعولا المصدر : نائب فاعل مرفوع بالضمة. إن : حرف شرط جازم يجزم فعلين. أبان : فعل ماض مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على المصدر. تعليلا : مفعول به لأبان منصوب بالفتحة ، وجواب الشرط محذوف لدلالة الكلام السابق عليه. جد : فعل أمر مبني على السكون ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. شكرا : مفعول له منصوب بالفتحة.

(٢) وهو : هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ ، بما : جار ومجرور الباء جارة ما اسم موصول مبني على السكون في محل جر متعلق بمتحد يعمل : مضارع مرفوع بالضمة ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول فيه : جار ومجرور متعلق بيعمل. متحد : خبر «هو» مرفوع بالضمة وسكن للوقف. وقتا : منصوب بنزع الخافض «في» أو تمييز نسبة. وفاعلا : الواو عاطفة. فاعلا : معطوفة على وقتا ومنصوبة مثلها ، وإن : الواو استئنافية. إن : حرف شرط جازم يجزم فعلين. شرط نائب فاعل مرفوع بفعل محذوف وجوبا يفسره ما بعده وهو فعل الشرط ، فقد : فعل ماض

٢٣٩

المفعول له : هو المصدر ، المفهم علة ، المشارك لعامله في الوقت ، والفاعل ، نحو «جد شكرا» فشكرا : مصدر ، وهو مفهم للتعليل ؛ لأن المعنى : جد لأجل الشكر ؛ ومشارك لعامله وهو «جد» في الوقت ؛ لأن زمن الشكر هو زمن الجود ، وفي الفاعل ، لأن فاعل الجود هو المخاطب وهو فاعل الشكر ، وكذلك : «ضربت ابني تأديبا» ف «تأديبا» مصدر وهو مفهم للتعليل ؛ إذ يصح أن يقع في جواب : «لم فعلت الضرب؟» وهو مشارك ل «ضربت» في الوقت ، والفاعل.

وحكمه : جواز النصب إن وجدت فيه هذه الشروط الثلاثة ـ أعني :

(أ) المصدرية.

(ب) وإبانة التعليل.

(ج) واتحاده مع عامله في الوقت والفاعل.

فإن فقد شرط من هذه الشروط تعيّن جرّه بحرف التعليل ، وهو «اللام» ،

__________________

مبني للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو ، والجملة تفسيرية لا محل لها من الإعراب. فاجرره : الفاء واقعة في جواب الشرط. اجرر : فعل أمر مبني على السكون ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا والهاء : في محل نصب مفعول به. بالحرف : جار ومجرور متعلق باجرره. وجملة اجرره في محل جزم جواب الشرط. وليس : الواو استئنافية : ليس : فعل ماض ناقص مبني على الفتح ، واسمها ضمير مستتر مفهوم من الكلام السابق تقديره «الجر» يمتنع : مضارع مرفوع بالضمة ، وفاعله ضمير مستتر جوازا تقديره هو ، والجملة «يمتنع» في محل نصب خبر ليس ، وليس واسمها وخبرها استئنافية لا محل لها. مع : ظرف منصوب بالفتحة متعلق بيمتنع. الشروط : مضاف إليه مجرور. كلزهد : الكاف جارة لقول محذوف. لزهد : اللام جارة ، زهد مجرور باللام وعلامة جره الكسرة وهو المفعول له متعلق بقنع ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. قنع : فعل ماض مبني على الفتح وسكن للوقف ، وفاعله ضمير مستتر جوازا تقديره هو والجملة في محل رفع خبر المبتدأ ذا.

٢٤٠