تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك

الدكتور محمّد علي سلطاني

تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك

المؤلف:

الدكتور محمّد علي سلطاني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار العصماء
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٦٧

وكأنه قد زالت» ، والجملة التي بعدها خبر عنها ، وهذا معنى قوله : «فنوي منصوبها».

وأشار بقوله : «وثابتا أيضا روي» إلى أنه قد روي إثبات منصوبها ولكنه قليل ، ومنه قوله :

١٠٩ ـ وصدر مشرق النّحر

كأن ثدييه حقّان (١)

ف «ثدييه» : اسم كأن ، وهو منصوب بالياء لأنه مثنى ، «حقان» : خبر كأن. وروي «كأن ثدياه حقان» ، فيكون اسم «كأن» محذوفا وهو ضمير الشأن ، والتقدير : «كأنه ثدياه حقّان» ، و «ثدياه حقان» : مبتدأ وخبر في موضع رفع خبر «كأن» ، ويحتمل أن يكون «ثدياه» اسم «كأن» وجاء بالألف على لغة من يجعل المثنى بالألف في الأحوال كلها.

__________________

(١) لم ينسب هذا الشاهد إلى قائل معيّن. النحر : أعلى الصدر أو موضع القلادة ، حقان : مثنى : حقه أو حق وهو وعاء صغير مستدير.

المعنى : رب صدر قد أشرق عنق صاحبته ، وقد ازدهى بثديين كأنهما في استدارتهما واكتنازهما حقا عاج.

الإعراب : وصدر الواو واو ربّ ، صدر : مبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجرّ الزائد ، مشرق : نعت لصدر على اللفظ مجرور ، النحر : مضاف إليه. وارجع إلى عبارات الشارح في إعراب الشطر الثاني.

الشاهد فيه : قوله : «كأن ثدييه حقان» : فقد جاء اسم كأن المخففة ظاهرا منصوبا ، والكثير فيه أن يأتي ضميرا والخبر جملة كما ورد في الرواية الثانية. تنبيه : تخفف لكنّ فيبطل عملها حتما وتعرب حرف استدراك.

٦١

أسئلة

١ ـ ما الأحرف الناسخة المشبهة بالفعل؟ عدّدها ثم اذكر معانيها وعملها ..

٢ ـ تدخل لام الابتداء على اسم (إنّ) وخبرها وعلى معمول الخبر اذكر شروط ما تدخل عليه من ذلك مع التمثيل.

٣ ـ وضّح حكم خبر هذه الحروف ومعمول خبرها من حيث التقديم والتأخير ... ممثلا لما تقول.

٤ ـ ما القاعدة العامة لمواضع كسر همزه (إن)؟ عدّد المواضع التي يجب فيها الكسر معلّلا وممثلا لما تقول.

٥ ـ ما القاعدة العامة لفتح همزة (إن)؟ عدّد هذه المواضع ممثلا لكل واحد منها بمثال من عندك.

٦ ـ متى يجوز في همزة (إن) الفتح والكسر؟ ولماذا؟ مثل لما تقول.

٧ ـ ما حكم (كأنّ ـ ليت ـ لعلّ) إذا اتصلت بهن (ما) الزائدة؟ وضح ذلك مع التمثيل.

٨ ـ كيف تعطف على أسماء هذه الحروف قبل استكمال الخبر وبعده؟ مثّل.

٩ ـ ما حكم (إنّ ـ أنّ ـ كأنّ) إذا خفّفن؟ وما ذا يشترط لبقاء عملهن؟ مثل وفصّل ... وهل من المخففة قوله تعالى : (وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ)(١)؟

__________________

(١) آية ١٦ سورة الجن.

٦٢

تمرينات

١ ـ بيّن فيما يأتي الأدوات العاملة ومعموليها ـ وغير العاملة مع ذكر السبب :

(ا) ليتما الحياة تسعد أبناءها.

(ب) كأنما أنت موكّل بحظوظ الناس.

(ج) تيقّنت أن لن يأخذ المرء إلا حظه.

(د) لعل الغياهب أن تنقشع.

٢ ـ كوّن جملتين مفيدتين يتقدم فيهما الخبر على الاسم جوازا في الأولى ووجوبا في الثانية ...

٣ ـ مثل للام الابتداء في أربعة مواضع متنوعة وبيّن سبب جواز دخولها.

٤ ـ بيّن في الأمثلة الآتية حكم (إن) من حيث فتحها أو كسرها أو جواز الأمرين مع بيان السبب : أزورك حيث إنك مقيم ـ وقد زرتك فإذا أنّك معتل ـ أقسمت أني سأؤدي واجبي نحوك ـ يسرّني أنك موفق ـ فهمت أنك تؤثرني ـ وقد أثنيت عليك وإنك أهل للثناء ـ وهكذا من يخلص للأصدقاء فإنه محبوب منهم ـ ألقى في روعي أنك ستنجح ، في الامتحان ... وإنك لأهل لهذا النجاح.

٥ ـ ليت الأمل يتحقق ـ لعل النجاح يصيبني. صل (ما) الزائدة بالحرفين (ليت ـ لعل) ثم اضبط الاسم بعدهما.

٦ ـ مثل (لأن) المخففة من الثقيلة بحيث تستوفى ما يأتي في جمل (ا) الخبر جملة اسمية.

(ب) جملة فعلية فعلها جامد.

٦٣

(ج) جملة فعلية فعلها دال على الدعاء.

(د) جملة فعلية فعلها متصرف غير دعائي.

٧ ـ إذا قلنا : (إن زيدا قائم) بتخفيف (إن) وبالأعمال.

و: (إن زيد قائم) بتخفيف (إن) كذلك وبالإهمال.

فعلى أيّ المثالين يجوز دخول اللام على الخبر (قائم) ولماذا؟ وبم تسمّي هذه اللام وما ثمرتها ... وما الفرق بين هذه اللام ولام (إن هذا لهو القصص الحق)؟

٨ ـ ما وجه جواز فتح همزة (إنّ) وكسرها في المثال الآتي : ـ (خير القول أني أحمد الله).

قدّر الخبر على كلا الوجهين.

٩ ـ قال أبو تمام :

إن الهلال إذا رأيت نموه

أيقنت أن سيصير بدرا كاملا

اشرح هذا البيت ثم أعربه تفصيلا.

١٠ ـ قال النابغة الذبياني : ـ

أزف الترحّل غير أن ركابنا

لمّا تزل برحالنا وكأن قد

أعرب ما تحته خط من البيت وبين لم فتحت (أنّ) في الشطر الأول

٦٤

«لا» التي لنفي الجنس

معناها وعملها :

عمل «إنّ» اجعل ل «لا» في نكره

مفردة جاءتك أو مكرّره (١)

هذا هو القسم الثالث من الحروف الناسخة للابتداء ، وهي «لا» التي لنفي الجنس ، والمراد بها «لا» التي قصد بها التنصيص على استغراق النفي للجنس كلّه.

وإنما قلت : «التنصيص» احترازا عن التي يقع الاسم بعدها مرفوعا نحو «لا رجل قائما» ، فإنها ليست نصّا في نفي الجنس ، إذ يحتمل نفي الواحد ونفي الجنس ، فبتقدير إرادة نفي الجنس لا يجوز : «لا رجل قائما بل رجلان» ، وبتقدير إرادة نفي الواحد يجوز «لا رجل قائما بل رجلان» وأما «لا» هذه فهي لنفي الجنس ليس إلا ، فلا يجوز : «لا رجل قائم بل رجلان».

وهي تعمل عمل «إنّ» فتنصب المبتدأ اسما لها ، وترفع الخبر خبرا لها ، ولا فرق في هذا العمل بين المفردة ـ وهي التي لم تتكرر ـ نحو

__________________

(١) عمل : مفعول به مقدّم لاجعل ، إنّ (قصد لفظه) : مضاف إليه ، اجعل : فعل أمر مبنيّ على السكون ، والفاعل : أنت ، للا : جار ومجرور متعلق بمحذوف هو المفعول الثاني (لاجعل) : اجعل عمل إن كائنا للا ، مفردة : حال مقدم على صاحبه وهو فاعل جاءتك.

٦٥

«لا غلام رجل قائم» (١) ، وبين المكررة نحو : «لا حول ولا قوة إلا بالله» (٢).

ولا يكون اسمها وخبرها إلا نكرة ، فلا تعمل في المعرفة (٣) ، وما ورد من ذلك مؤول بنكرة كقولهم : «قضية ولا أبا حسن لها» فالتقدير : ولا مسمى بهذا الاسم لها (٤) ، ويدل على أنه معامل معاملة النكرة وصفه بالنكرة كقولك : «لا أبا حسن حلّالا لها» ، ولا يفصل بينها وبين اسمها ، فإن فصل بينهما ألغيت كقوله تعالى : (لا فِيها غَوْلٌ)(٥).

__________________

(١) لا : النافية للجنس ، غلام : اسمها منصوب لأنه مضاف ، رجل : مضاف إليه ، قائم : خبرها مرفوع.

(٢) سيأتي إعرابها مفصلا في : (ص ٣٥٢).

(٣) لإعمالها ستة شروط ، أربعة متعلقة بها وهي : أن تكون نافية ، وأن يكون المنفي الجنس ، وأن يكون نفيه نصا ، وألا يدخل عليها جار ، وشرطان متعلقان بمعموليها وهما : كونهما نكرتين ، وكون اسمها متصلا بها. ويكون النفي نصا على الجنس إذا كان بمعنى الاستغراق وذلك يكون بتضمن «لا» معنى «من» الاستغراقية وهي مختصة بالنكرات.

(٤) أبو الحسن هو علي بن أبي طالب ، وقائل الجملة في حقه هو عمر بن الخطاب ، ثم صار يضرب مثلا للأمر المتعسر ، وتأويل الشارح ليس سليما لكثرة المكنى بأبي الحسن وإنما أوّلها النحاة بقولهم ، قضية ولا فيصل لها ، فكأن أبا الحسن صار اسم جنس رمز به إلى أصحاب الرأي الحاذق الذين يفصلون في الأمور العسيرة.

(٥) قال تعالى : (يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ ، بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ ، لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ) الصافات (٤٥ ـ ٤٧). لا نافية لا عمل لها ، فيها : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدّم ، غول : مبتدأ مؤخر. وقد ألغيت لضعفها بالفصل بينها وبين اسمها ، ووجب حينئذ تكرارها.

٦٦

أحوال اسمها :

فانصب بها مضافا ، او مضارعه

وبعد ذاك الخبر اذكر رافعه (١)

وركّب المفرد فاتحا ك : «لا

حول ولا قوّة» والثّاني اجعلا (٢)

مرفوعا ، او منصوبا ، او مركّبا

وإن رفعت أوّلا لا تنصبا (٣)

لا يخلو اسم «لا» هذه من ثلاثة أحوال : الحال الأول : أن يكون مضافا نحو : «لا غلام رجل حاضر».

الحال الثاني : أن يكون مضارعا للمضاف ، أي : مشابها له ، والمراد به : كل اسم له تعلق بما بعده إمّا بعمل نحو : «لا طالعا جبلا ظاهر ، ولا خيرا من زيد راكب» ، وإما بعطف نحو : «لا ثلاثة وثلاثين

__________________

(١) مضافا : مفعول به لا نصب ، مضارعه : معطوف على مضافا ، والهاء : مضاف إليه ، بعد : ظرف زمان متعلق باذكر ، ذاك : ذا : اسم إشارة في محل جر بالإضافة ، الكاف : للخطاب ، الخبر : مفعول به مقدم لا ذكر ، والفاعل مستتر وجوبا تقديره : أنت ، رافعه : رافع : حال من الفاعل المستتر ، والهاء : في محل جر بالإضافة.

(٢) المفرد : أي ما ليس مضافا ولا شبيها بالمضاف ، لا حول ولا قوة : سيأتي إعرابها مفصلا ، الثاني : مفعول به أوّل مقدم على عامله اجعل ، اجعلا : فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المنقلبة ألفا في الوقف ، والفاعل : أنت ، ونون التوكيد المنقلبة ألفا : حرف لا محل له من الإعراب.

(٣) مرفوعا : مفعول ثان لا جعلن ، أولا (أي الأول) مفعول به لرفعت ، لا : ناهية جازمة حذفت منها الفاء الرابطة للضرورة ، تنصبا : فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المنقلبة ألفا في محل جزم بلا الناهية ، والفاعل : أنت ، والجملة : في محل جزم جواب الشرط.

٦٧

عندنا» ، ويسمى المشبّه بالمضاف : مطوّلا وممطولا أي ممدودا.

وحكم المضاف والمشبه به : النصب لفظا كما مثّل (١).

الحال الثالث : أن يكون مفردا ، والمراد به هنا ما ليس بمضاف ولا مشبّه بالمضاف ، فيدخل فيه المثنى والمجموع ، وحكمه : البناء على ما كان ينصب به لتركّبه مع «لا» وصيرورته معها كالشيء الواحد ، فهو معها كخمسة عشر (٢) ، ولكن محلّه النصب ب «لا» لأنه اسم لها.

فالمفرد الذي ليس بمثنى ولا مجموع يبنى على الفتح لأن نصبه بالفتحة نحو : «لا حول ولا قوّة إلا بالله» (٣) ، والمثنى وجمع المذكر السالم يبنيان على ما كانا ينصبان به وهو «الياء» نحو : «لا مسلمين لك ، ولا مسلمين لزيد» ف «مسلمين ومسلمين» مبنيان لتركبهما مع «لا» كما بني «رجل» لتركبه معها (٤).

وذهب الكوفيّون والزجاج إلى أن «رجل» في قولك : «لا رجل» معرب ، وأن فتحته فتحة إعراب لا فتحة بناء ، وذهب المبرد إلى

__________________

(١) يكون اسم «لا» في هاتين الحالتين معربا وذلك لأن الإضافة عارضت معنى «من» الاستغراقية فأعرب ، وحمل الشبيه بالمضاف على المضاف.

(٢) وقيل : بل بني لتضمنه معنى الحرف وهو من «الاستغراقية» فإن قولنا : «لا رجل في الدار» مبنيّ على سؤال ملفوظ أو مقدر ، كأنه قيل : «هل من رجل في الدار» فأجيب بالنفي على سبيل الاستغراق.

(٣) لا : نافية للجنس تعمل عمل إنّ ، حول : اسمها مبني على الفتح في محل نصب ولا : الواو : حرف عطف ، لا : زائدة لتوكيد النفي ، قوة : معطوفة على حول ، والخبر محذوف والتقدير لا حول ولا قوة كائنان (ستأتي وجوه إعراب أخرى) ، إلا : أداة حصر ، بالله : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر.

(٤) يقال : اسم «لا» مبني على الياء في محل نصب.

٦٨

أنّ «مسلمين ، ومسلمين» معربان (١).

وأما جمع المؤنث السالم ، فقال قوم : مبني على ما كان ينصب به وهو الكسر ، فتقول : «لا مسلمات لك» بكسر التاء ، ومنه قوله.

١١٠ ـ إنّ الشباب الذي مجد عواقبه

فيه ، نلذّ ، ولا لذات للشّيب (٢)

وأجاز بعضهم الفتح نحو : لا مسلمات لك.

__________________

(١) الرأي الأوّل وهو بناء الاسم على ما ينصب به هو رأي جمهور النحاة ، وهو أدعى إلى طرد القاعدة.

(٢) البيت لسلامة بن جندل يأسف على فراق الشباب ، الشيب : جمع : أشيب.

المعنى : إن اللذة في الشباب الذي يعطي كل شيء معنى المجد ، أما الشيخوخة فلا لذة فيها ولا متعة.

الإعراب : إن : حرف مشبه بالفعل ينصب الاسم ويرفع الخبر ، الشباب : اسمه منصوب ، الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب نعت للشباب ، مجد : خبر مقدم ، عواقبه ، عواقب : مبتدأ مؤخر ، والهاء : في محل جر بالإضافة ، والجملة : صلة الموصول لا محل لها من الإعراب ، فيه : جار ومجرور متعلق بنلذ ، نلذ : فعل مضارع والفاعل : نحن : والجملة : في محل رفع خبر إن ، ولا : الواو : عاطفة ، لا : نافية للجنس تعمل عمل إن ، لذات : اسمها مبني على الكسر في محل نصب ، للشيب : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر للا.

الشاهد فيه : قوله : «ولا لذات» فقد جاء اسم «لا» النافية للجنس جمع مؤنث سالما فبني على ما كان ينصب به وهو الكسر ، وأجازوا فيه البناء على الفتح في محل نصب وورد البيت بالروايتين وللنحاة في اسم «لا» إن كان جمع مؤنث سالما أربعة مذاهب :

١ ـ البناء على الكسر في محل نصب وهو أشهرها.

٢ ـ البناء على الفتح في محل نصب.

٣ ـ البناء على الكسر مع التنوين باعتباره تنوين المقابلة لا تنوين التمكين فلا يعارض البناء.

٤ ـ جواز الوجهين : البناء على الكسر أو على الفتح لا وجوب أحدهما.

٦٩

العامل في الخبر

وقول المصنف : «وبعد ذاك الخبر اذكر رافعه» معناه أنه يذكر الخبر بعد اسم «لا» مرفوعا ، والرافع له : «لا» عند المصنّف وجماعة ، وعند سيبويه الرافع له «لا» إن كان اسما مضافا أو مشبّها بالمضاف ، وإن كان الاسم مفردا فاختلف في رافع الخبر : فذهب سيبويه إلى أنّه ليس مرفوعا ب «لا» ، وإنما هو مرفوع على أنه خبر المبتدأ ، لأن مذهبه أنّ «لا» واسمها المفرد في موضع رفع بالابتداء ، والاسم المرفوع بعدهما خبر عن ذلك المبتدأ ، ولم تعمل «لا» عنده في هذه الصورة إلا في الاسم.

وذهب الأخفش إلى أن الخبر مرفوع ب «لا» ، فتكون «لا» عاملة في الجزأين كما عملت فيهما مع المضاف والمشبّه به.

* * *

تكرار «لا» :

وأشار بقوله : «والثاني اجعلا» إلى أنه إذا أتي بعد «لا» والاسم الواقع بعدها بعاطف ونكرة مفردة وتكررت «لا» نحو : «لا حول ولا قوة إلا بالله» يجوز فيهما خمسة أوجه ، وذلك لأن المعطوف عليه : إمّا أن يبنى مع «لا» على الفتح ، أو ينصب ، أو يرفع.

١ ـ فإن بني معها على الفتح جاز في الثاني ثلاثة أوجه :

الأول : البناء على الفتح لتركبه مع «لا» الثانية ، وتكون «لا» الثانية عاملة عمل «إنّ» نحو : «لا حول ولا قوّة إلا بالله» (١).

الثاني : النصب عطفا على محلّ اسم «لا» ، وتكون «لا» الثانية

__________________

(١) «لا» الأولى والثانية عاملتان عمل «إن» ، والاسم : مبني على الفتح في محل نصب ولكل منهما خبر محذوف ، وتعطف الواو جملة على جملة.

٧٠

زائدة بين العاطف والمعطوف (١) نحو : «لا حول ولا قوة إلا بالله» ، ومنه قوله :

١١١ ـ لا نسب اليوم ولا خلّة

اتّسع الحرق على الرّاقع (٢)

الثالث : الرفع (٣) وفيه ثلاثة أوجه :

الأول : أن يكون معطوفا على محلّ «لا» واسمها ، لأنهما في موضع رفع بالابتداء عند سيبويه ، وحينئذ تكون «لا» زائدة (٤).

الثاني : أن تكون «لا» الثانية عملت عمل «ليس» (٥).

__________________

(١) لا : زائدة لتوكيد النفي ، والواو تعطف مفردا على مفرد.

(٢) البيت لأنس بن مرداس السلمي. الخلة : الصداقة ، الراقع : من يصلح موضع الفساد.

المعنى : لم يعد ينفع اليوم ما يشدنا من نسب أو صداقة ، فقد تفاقم الأمر فلا يرجى له صلاح.

الإعراب : لا : نافية للجنس ، نسب : اسمها مبني على الفتح في محل نصب ، اليوم : ظرف زمان متعلق بمحذوف خبر لا ، ولا : الواو : عاطفة ، لا : زائدة لتوكيد النفي خلة : معطوف على اسم «لا» باعتبار المحل ، والجملة ابتدائية لا محل لها من الإعراب ، وإعراب الشطر الثاني واضح.

الشاهد فيه : قوله : «ولا خلة» فقد جاء المعطوف على اسم «لا» منصوبا باعتبار محل المعطوف عليه ، وباعتبار «لا» الثانية زائدة غير عاملة.

(٣) أي الرفع في الثاني والأول مفرد مبنيّ على الفتح في محل نصب.

(٤) وتكون الواو عاطفة لمفرد ، والخبر المحذوف في رأي سيبويه خبر للمبتدأ المكون من «لا» واسمها ، وما عطف عليه بالرفع ، وفي رأي غيره الخبر المحذوف هو خبر : لا.

(٥) فيقدر للأولى خبر مرفوع ، وللثانية خبر منصوب ، وتعطف الجملة على الجملة بالواو.

٧١

الثالث : أن يكون مرفوعا بالابتداء ، وليس ل : «لا» عمل فيه ، وذلك نحو : «لا حول ولا قوّة إلا بالله» ، ومنه قوله :

١١٢ ـ هذا لعمركم الصّغار بعينه

لا أمّ لي ـ إن كان ذاك ـ ولا أب (١)

٢ ـ وإن نصب المعطوف عليه (٢) جاز في المعطوف الأوجه الثلاثة المذكورة ، أعني : البناء ، والرفع ، والنصب (٣) نحو : «لا غلام رجل ولا امرأة ، ولا امرأة ، ولا امرأة».

__________________

(١) نسب البيت لابن أحمر الكنانيّ ، ولهمام بن مرة ، وإلى ضمرة بن ضمرة وإلى غيرهم ، ويقال بأن للشاعر أخا كان أهله يؤثرونه عليه فقال ما قال. والصغار : الذل.

المعنى : قسما بحياتكم إن إيثار أخي عليّ هو المذلّة والهوان ، وإن استمر هذا فلا أم لي ولا أب.

الإعراب : هذا : الهاء للتنبيه ، ذا : اسم إشارة في محل رفع مبتدأ ، لعمركم : اللام : ابتدائية ، عمر : مبتدأ مرفوع ، والكاف في محل جر بالإضافة ، والميم : للجماعة والخبر : محذوف وجوبا تقديره : قسمي ، والجملة معترضة بين المبتدأ والخبر لا محل لها من الإعراب ، الصغار : خبر المبتدأ ، بعينه : الباء : حرف جر زائد. عينه : توكيد للصغار مجرور لفظا مرفوع تقديرا وهو مضاف ، والهاء : في محل جر بالإضافة ، لا : نافية للجنس ، أم : اسمها مبني على الفتح في محل نصب ، لي : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر ، ولا أب : الواو حرف عطف ، ولا أب : في إعرابها الوجوه الثلاثة التي أشار إليها الشارح.

الشاهد فيه : قوله : «ولا أب» فقد جاء مرفوعا على واحد من الأوجه الثلاثة التي بسطها الشارح.

(٢) لكونه مضافا أو شبيها بالمضاف مع كون الثاني مفردا.

(٣) البناء أي على الفتح في محل نصب باعتبار «لا» نافية للجنس تعمل عمل إن والواو تعطف جملة على جملة ، والرفع : باعتبار «لا» زائدة لتوكيد النفي ، والمرفوع معطوف على محل لا مع اسمها من عطف المفرد على المفرد ، أو باعتبار «لا» عاملة عمل ليس ، والواو تعطف جملة على جملة ، والنصب بالعطف على اسم «لا».

٧٢

٣ ـ وإن رفع المعطوف عليه (١) جاز في الثاني وجهان :

الأول : البناء على الفتح نحو : «لا رجل ولا امرأة ، ولا غلام رجل ولا امرأة» ومنه قوله :

١١٣ ـ فلا لغو ولا تأثيم فيها

وما فاهوا به أبدا مقيم (٢)

والثاني : الرفع نحو : «لا رجل ولا امرأة ، ولا غلام رجل ولا امرأة» (٣).

__________________

(١) بإهمال «لا» الأولى وإعراب ما بعدها مبتدأ ، أو بإعمالها عمل ليس.

(٢) البيت لأمية بن أبي الصلت في وصف الجنة ، اللغو : الكلام الباطل ، التأثيم : الرمي بالإثم.

المعنى : تلك الجنة لا يسمع المرء فيها إلا خيرا فلا لغو فيها ، ولا وقوع في الآثام ، وما يشتهيه الإنسان أو يطلبه يجده حاضرا دائما.

الإعراب : فلا : الفاء : بحسب ما قبلها ، لا لغو : في إعرابها الوجهان اللذان أشرنا إليهما في الحاشية السابقة ، ولا : الواو : حرف عطف ، لا : نافية للجنس تعمل عمل إن ، تأثيم : اسمها مبني على الفتح في محل نصب ، فيها : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر «لا» ، والجملة معطوفة على الابتدائية السابقة لا محل لها من الإعراب ، وما : الواو : حرف عطف ، ما : اسم موصول في محل رفع مبتدأ ، فاهوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة ، والواو ، في محل رفع فاعل ، به : الباء : حرف جر متعلق بفاهوا ، والهاء : في محل جر بالباء وهي العائد ، والجملة : صلة الموصول لا محل لها من الإعراب ، أبدا : ظرف زمان منصوب ، متعلق بمقيم ، مقيم : خبر المبتدأ ما ، والجملة معطوفة على الابتدائية أيضا لا محل لها من الإعراب.

الشاهد فيه : قوله : «فلا لغو ولا تأثيم» برفع الأول وبناء المعطوف على الفتح ، وفي الخبر : «فيها تنازع» ، فإما أن يعطى للسابق ويضمر للا الثانية مثله ، وإما أن يعطى للثانية ويضمر مثله خبرا للا التي بمعنى ليس أو للمبتدأ (لغو).

(٣) بإلغاء الاثنتين أو بإعمالهما عمل ليس.

٧٣

ولا يجوز النصب للثاني ، لأنه إنما جاز فيما تقدم للعطف على «محل» اسم «لا» و «لا» هنا ليست بناصبة فيسقط النصب ، ولهذا قال المصنّف : «وإن رفعت أولا لا تنصبا».

* * *

نعت اسم «لا» :

ومفردا نعتا لمبنيّ يلي

فافتح ، أو انصبن ، أو ارفع تعدل (١)

إذا كان اسم «لا» مبنيا ، ونعت بمفرد يليه ـ أي لم يفصل بينه وبينه بفاصل ـ جاز في النعت ثلاثة أوجه :

الأوّل : البناء على الفتح ، لتركبه مع اسم «لا» (٢) نحو : «لا رجل ظريف».

الثاني : النصب ، مراعاة لمحل اسم «لا» نحو : «لا رجل ظريفا».

الثالث : الرفع ، مراعاة لمحل «لا» واسمها لأنهما في موضع رفع عند سيبويه كما تقدم نحو : «لا رجل ظريف».

* * *

وغير ما يلي ، وغير المفرد

لا تبن ، وانصبه ، أو الرّفع اقصد (٣)

__________________

(١) مفردا : مفعول به مقدم لا فتح ، ونقدر للفعلين الآخرين مفعولين نظيره ، نعتا : بدل أو عطف بيان ، فافتح : الفاء زائدة ، افتح : فعل أمر ، والفاعل أنت ، انصبن : فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة ، والفاعل : أنت ، ونون التوكيد : حرف لا محل له من الإعراب ، تعدل : فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب وعلامة جزمه السكون ، وكسر لحركة الرويّ ، والفاعل أنت.

(٢) أي قبل دخول «لا» فيصبح النعت والمنعوت كاسم واحد ثم تدخل «لا» لتركب معهما.

(٣) غير : مفعول به مقدم لقوله (لا تبن) ، ما : اسم موصول في محل جر بالإضافة وجملة يلي مع فاعلها المستتر صلة الموصول لا محل لها من الإعراب ، غير : معطوفة على الأولى بالواو ، تبن : فعل مضارع مجزوم بلا الناهية بحذف حرف العلة ، والفاعل : أنت.

٧٤

تقدم في البيت الذي قبل هذا أنه إذا كان النعت مفردا والمنعوت مفردا ووليه النعت جاز في النعت ثلاثة أوجه ، وذكر في هذا البيت أنه إذا لم يل النعت المنعوت المفرد بل فصل بينهما بفاصل لم يجز بناء النعت ، فلا تقول : «لا رجل فيها ظريف» ببناء ظريف ، بل يتعيّن رفعه نحو : «لا رجل فيها ظريف» ، أو نصبه نحو : «لا رجل فيها ظريفا». وإنما سقط البناء على الفتح لأنه إنما جاز عند عدم الفصل لتركب النعت مع الاسم ، ومع الفصل لا يمكن التركيب كما لا يمكن التركيب إذا كان المنعوت غير مفرد نحو : «لا طالعا جبلا ظريفا» (١).

ولا فرق ـ في امتناع البناء على الفتح في النعت عند الفصل ـ بين أن يكون المنعوت مفردا كما مثّل ، أو غير مفرد.

وأشار بقوله : «وغير المفرد» إلى أنه إن كان النعت غير مفرد ـ كالمضاف والمشبه بالمضاف ـ تعيّن رفعه أو نصبه ، فلا يجوز بناؤه على الفتح ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون المنعوت مفردا أو غير مفرد ولا بين أن يفصل بينه وبين النعت أو لا يفصل ، وذلك نحو : «لا رجل صاحب برّ فيها ، ولا غلام رجل فيها صاحب برّ» (٢).

وحاصل ما في البيتين : أنه إن كان النعت مفردا والمنعوت مفردا ، ولم

__________________

(١) أجيز البناء في الحالة السابقة ، باعتبار النعت والمنعوت كاسم واحد ثم دخلت عليهما «لا» فعومل معاملة خمسة عشر ، فإذا فصل بين النعت والمنعوت أو كان النعت مضافا أو شبيها بالمضاف امتنع البناء لأن العرب لا يركبون أكثر من كلمتين.

(٢) رجل : اسم لا النافية للجنس مبني على الفتح في محل نصب ، صاحب : نعت لرجل منصوب على المحل ، أو مرفوع باعتباره نعتا للا مع اسمها وهما مبتدأ ، وامتنع البناء على الفتح لأن النعت مضاف وليس مفردا. وغلام : اسم «لا» منصوب لأنه مضاف ، وفي إعراب : صاحب الوجهان السابقان ، والجار والمجرور فيها متعلق بالخبر.

٧٥

يفصل بينهما جاز في النعت ثلاثة أوجه ، نحو : «لا رجل ظريف ، وظريفا وظريف» ، وإن لم يكونا كذلك تعيّن الرفع أو النصب ، ولا يجوز البناء.

* * *

العطف دون تكرار «لا» :

والعطف ، إن لم تتكرر «لا» ، احكما

له بما للنّعت ذي الفصل انتمى (١)

تقدّم أنّه إذا عطف على اسم «لا» نكرة مفردة ، وتكررت «لا» يجوز في المعطوف ثلاثة أوجه : الرفع ، والنصب ، والبناء على الفتح ، نحو : «لا رجل ولا امرأة ، ولا امرأة ولا امرأة». وذكر في هذا البيت أنّه إذا لم تتكرر «لا» يجوز في المعطوف ما جاز في النعت المفصول ، وقد تقدم في البيت الذي قبله أنّه يجوز فيه : الرفع ، والنصب (٢) ، ولا يجوز فيه البناء على الفتح ، فتقول : «لا رجل وامرأة ، وامرأة» ، ولا يجوز البناء على الفتح ، وحكى الأخفش «لا رجل وامرأة» بالبناء على الفتح على تقدير تكرر «لا» فكأنه قال : «لا رجل ولا امرأة». ثم حذفت «لا».

وكذلك إذا كان المعطوف غير مفرد لا يجوز فيه إلا الرفع والنصب سواء تكررت «لا» نحو : «لا رجل ولا غلام امرأة» ، أو لم تتكرر نحو : «لا رجل وغلام امرأة».

__________________

(١) العطف : مبتدأ ، خبره مجموع جملتي الشرط والجواب : إن لم تتكرر لا احكما ، واحكم : فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المنقلبة ألفا للوقف. والفاعل : أنت ، والجملة : في محل جزم جواب الشرط ، وحذفت الفاء الرابطة للضرورة ، ذي : صفة للنعت مجرورة بالياء لأنها من الأسماء الستة ، وجملة : انتمى مع الفاعل المستتر : صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.

(٢) النصب بالعطف على محل اسم لا ، والرفع بالعطف على محل الاسم قبل دخول لا.

٧٦

هذا كلّه إذا كان المعطوف نكرة (١) ، فإن كان معرفة لا يجوز فيه إلا الرفع على كلّ حال ، نحو : «لا رجل ولا زيد فيها» ، أو : «لا رجل وزيد فيها» (٢).

* * *

دخول همزة الاستفهام على «لا» :

وأعط «لا» مع همزة استفهام

ما تستحقّ دون الاستفهام (٣)

إذا دخلت همزة الاستفهام على «لا» النافية للجنس بقيت على ما كان لها من العمل وسائر الأحكام التي سبق ذكرها ، فتقول : «ألا رجل قائم؟ ، وألا غلام رجل قائم؟ ، وألا طالعا جبلا ظاهر؟» (٤) ، وحكم المعطوف والصفة ، بعد دخول همزة الاستفهام ، كحكمها قبل دخولها.

هكذا أطلق المصنف ـ رحمه‌الله تعالى ـ هنا ، وفي كل ذلك تفصيل ، وهو أنّه إذا قصد بالاستفهام التوبيخ ، أو الاستفهام عن النفي فالحكم كما

__________________

(١) أي إذا كان صالحا لعمل «لا» النافية للجنس.

(٢) لأن زيد لا يصلح لعمل «لا» لأنه معرف بالعلمية ، فيتعين رفعه بالعطف على محل «لا» مع اسمها.

(٣) أعط : فعل أمر مبنيّ على حذف حرف العلة ، والفاعل : أنت ، لا (قصد لفظها) مفعول به ، مع : ظرف مكان متعلق بمحذوف حال من «لا» ، ما : اسم موصول في محل نصب مفعول ثان لأعط.

(٤) رجل : اسمها مبني على الفتح في محل نصب ، قائم خبر ، غلام : اسمها منصوب لأنه مضاف ، طالعا : اسمها منصوب لأنه شبيه بالمضاف ، جبلا : مفعول به ، وفي الأمثلة كلها : الهمزة للاستفهام ، و «لا» نافية للجنس تعمل عمل «إن».

٧٧

ذكر من أنه يبقى عملها وجميع ما تقدم ذكره من أحكام : العطف ، والصفة ، وجواز الإلغاء. فمثال التوبيخ قولك : «ألا رجوع وقد شبت»؟

ومنه قوله :

١١٤ ـ ألا ارعواء لمن ولّت شبيبته

وآذنت بمشيب بعده هرم (١)

ومثال الاستفهام عن النفي قولك : «ألا رجل قائم» ومنه قوله :

١١٥ ـ ألا اصطبار لسلمى أم لها جلد

إذا ألاقي الذي لاقاه أمثالي (٢)

__________________

(١) لم ينسب البيت إلى قائل معيّن ، ارعواء : كفّ عن القبيح ، ولت : مضت ، آذنت : أعلنت.

المعنى : أما يكف عن القبيح ذلك الذي مضى شبابه وأنذره بشيب يسلمه إلى الهرم والضعف؟

الإعراب : ألا : الهمزة : للاستفهام ، لا : نافية للجنس (وهما معا دالان على التوبيخ والزجر) ارعواء : اسم لا مبني على الفتح في محل نصب ، لمن : اللام : حرف جر متعلق بمحذوف خبر «لا» ، من : اسم موصول في محل جر باللام ، ولت : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ، والتاء : للتأنيث ، شبيبته : فاعل مرفوع وهو مضاف ، والهاء : مضاف إليه في محل جر ، والجملة : صلة الموصول لا محل لها من الإعراب ، وآذنت : الواو : حرف عطف ، آذن : فعل ماض ، والتاء : للتأنيث ، والفاعل : هي يعود إلى شبيبته ، والجملة معطوفة على الصلة لا محل لها من الإعراب ، بمشيب : جار ومجرور متعلق بآذنت ، بعده : بعد : ظرف زمان منصوب متعلق بمحذوف خبر مقدم لهرم ، والهاء في محل جر بالإضافة ، هرم : مبتدأ مؤخر ، والجملة في محل جر صفة لمشيب.

الشاهد فيه : قوله : «ألا ارعواء ..» حيث بقي «للا» عملها مع دخول الهمزة الاستفهامية التي أفادت معها معنى التوبيخ.

(٢) البيت لقيس بن الملوح الشهير بمجنون ليلى. والاصطبار : السلوان والاحتمال ، الجلد : الصلابة.

المعنى : إذا أصابني ما يصيب أمثالي ـ وهو الموت ـ فهل يذهب المصاب بصبر سلمى أم تتماسك وتتجلد أمامه؟

٧٨

وإذا قصد ب «ألا» التمني : فمذهب المازني أنها تبقى على جميع ما كان لها من الأحكام ، وعليه يتمشّى إطلاق المصنّف ، ومذهب سيبويه أنّه يبقي لها عملها في الاسم ، ولا يجوز إلغاؤها ، ولا الوصف أو العطف بالرفع مراعاة للابتداء. ومن استعمالها للتمني قولهم : «ألا ماء ماء باردا» ، وقول الشاعر :

١١٦ ـ ألا عمر ولّى مستطاع رجوعه

فيرأب ما أثات يد الغفلات (١)

__________________

الإعراب : ألا : الهمزة : للاستفهام ، لا : نافية للجنس تعمل عمل : إنّ ، اصطبار : اسمها مبني على الفتح في محل نصب ، لسلمى : اللام : حرف جر متعلق بمحذوف خبر لا ، سلمى : اسم مجرور باللام وعلامة جره الفتحة المقدرة على الألف نيابة عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف لاتصاله بألف التأنيث المقصورة ، أم : حرف عطف ، لها : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم لجلد ، جلد : مبتدأ مؤخر ، والجملة : معطوفة على الابتدائية السابقة لا محل لها من الإعراب. إذا : ظرف متضمن معنى الشرط في محل نصب ، متعلق بجواب الشرط المحذوف دل عليه ما قبله ، ألاقي : فعل مضارع مرفوع للتجرد بالضمة المقدرة على الياء للثقل ، والفاعل : أنا ، الذي : اسم موصول في محل نصب مفعول به لألاقي ، والجملة : في محل جر بإضافة إذا إليها ، لاقاه : لاقى : فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدر على الألف للتعذر ، والهاء : في محل نصب مفعول به ، أمثالي : فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم ، والياء : في محل جر بالإضافة ، والجملة : لا محل لها من الإعراب لأنها صلة الموصول

الشاهد فيه : قوله : «ألا اصطبار» فقد أعمل «لا» النافية المسبوقة بهمزة الاستفهام وهما باقيان على معناها ودالان على : الاستفهام عن النفي ، أي أينتفي صبر محبوبته أم تتجلد؟

(١) لم ينسب البيت إلى قائل معيّن ، ولى : مضى وأدبر ، يرأب : يصلح ، أثأت : أفسدت.

المعنى : ليت ما تصرّم من العمر يعود لأصلح فيه ما أفسدته يد الجهل والغفلة.

الإعراب : ألا : حرف تمنّ ، عمر : اسم لا مبنيّ على الفتح في محل نصب ، وليس (للا) خبر ، ولى : فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدر للتعذر ، والفاعل : هو

٧٩

حذف الخبر :

وشاع في ذا الباب إسقاط الخبر

إذا المراد مع سقوطه ظهر (١)

إذا دلّ دليل على خبر «لا» النافية للجنس وجب حذفه عند التميميين والطائيين ، وكثر حذفه عند الحجازيين ، ومثاله أن يقال : «هل من رجل قائم»؟ فتقول : «لا رجل» ، وتحذف الخبر ـ وهو قائم ـ

__________________

يعود إلى العمر ، والجملة في محل نصب صفة لعمر ، مستطاع : خبر مقدم ، رجوعه : رجوع مبتدأ مؤخر مرفوع وهو مضاف ، والهاء : مضاف إليه في محل جر ، والجملة : في محل نصب صفة ثانية لعمر ، فيرأب : الفاء سببية عاطفة ، يرأب : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد الفاء السببية ، والفاعل : ضمير مستتر جوازا تقديره : هو يعود إلى عمر ، ما : اسم موصول في محل نصب مفعول به ، أثأت : أثأى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ، والتاء : للتأنيث ، يد : فاعل مرفوع وهو مضاف ، الغفلات : مضاف إليه ، والجملة لا محل لها من الإعراب لأنها صلة الموصول ، وجملة يرأب مع أن المصدرية المضمرة في تأويل مرفوع معطوف على مصدر سابق والتقدير : ألا يكون رجوع فرأب ..

الشاهد فيه : قوله : «ألا عمر» فقد جاءت «ألا» بمعنى التمني ، وجعلها سيبويه بمنزلة أتمنى فلا تحتاج إلى خبر ، وبمنزلة ليت فلا يعطف عليها مع محلها بالرفع ، وقال المازني والمبرد : تبقى عاملة في الاسم والخبر ، وجعلا عمر : اسمها ، ومستطاع : خبرها ، ورجوعه : نائب فاعل لاسم المفعول مستطاع ، وقد يفهم هذا من كلام ابن مالك أيضا.

(١) إسقاط : فاعل شاع ، المراد : فاعل لفعل محذوف يفسره المذكور ، والجملة في محل جر بالإضافة ، وجملة : ظهر مع الفاعل المستتر : تفسيرية لا محل لها من الإعراب وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله والتقدير : إذا ظهر المراد شاع إسقاط الخبر.

٨٠