تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك

الدكتور محمّد علي سلطاني

تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك

المؤلف:

الدكتور محمّد علي سلطاني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار العصماء
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٦٧

المفعول معه

تعريفه ، ناصبه :

ينصب تالي الواو مفعولا معه

في نحو «سيري والطريق مسرعة» (١)

بما من الفعل وشبهه سبق

ذا النصب لا بالواو في القول الأحق (٢)

المفعول معه : هو الاسم (٣) ، المنتصب ، بعد واو بمعنى مع (٤).

__________________

(١) ينصب : مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة. تالي : نائب فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل. الواو : مضاف إليه من إضافة اسم الفاعل لمفعوله مجرور. مفعولا : حال من «تالي الواو» منصوب. معه : مع : ظرف منصوب بالفتحة متعلق بمفعولا ، والهاء : مضاف إليه. في نحو : جار ومجرور متعلق بينصب سيزي : فعل أمر مبني على حذف النون. والياء فاعل. والطريق : الواو للمعية ، الطريق : مفعول معه منصوب بالفتحة. مسرعة : حال من الياء في سيري منصوب بالفتحة على التاء المقلوبة هاء للوقف.

(٢) بما : الباء جارة. ما : اسم موصول في محل جر والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم ل «ذا النصب» من الفعل : جار ومجرور ومن بيانية ، وشبه : الواو عاطفة ، شبه معطوف على الفعل ومجرور مثله ، والهاء مضاف إليه. سبق : فعل ماض مبني على الفتح وسكن للروي وفاعله ضمير مستتر والجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. ذا : اسم إشارة مبتدأ مؤخر. النصب : بدل من ذا أو عطف بيان مرفوع.

(٣) أي الفضلة.

(٤) بعد واو واقعة بعد جملة ذات فعل أو اسم فيه معناه وحروفه ، والمراد بكون الواو للمعية أنها للتنصيص على مصاحبة ما بعدها لمعمول العامل السابق في زمان تعلقه به ، سواء صاحبه في حكم العامل أيضا مثل : «جئت وزيدا» فإن العدول عن العطف إلى النصب يدل على قصد المعية ، أم لم يصاحبه في الحكم مثل : استوى الماء والخشبة ، أي ارتفع الماء حال كونه مصاحبا للخشبة.

٢٦١

والناصب له : ما تقدمه من الفعل ، أو شبهه.

فمثال الفعل : «سيري والطريق مسرعة» أي مع الطريق ، فالطريق : منصوب ب «سيري» ومثال شبه الفعل : «زيد سائر والطريق» وأعجبني سيرك والطريق» فالطريق منصوب بسائر وسيرك. (وزعم قوم أن الناصب للمفعول معه الواو ، وهو غير صحيح ، لأن كل حرف اختص بالاسم ولم يكن كالجزء منه ، لم يعمل إلا الجرّ كحروف الجر ، وإنما قيل «ولم يكن كالجزء منه» احترازا من الألف واللام ؛ فإنها اختصت بالاسم ولم تعمل فيه شيئا لكونها كالجزء منه ، بدليل تخطي العامل لها ، نحو «مررت بالغلام»).

ويستفاد من قول المصنف «في نحو سيري والطريق مسرعة» أن المفعول معه مقيس فيما كان مثل ذلك ، وهو : كل اسم وقع بعد واو بمعنى مع ، وتقدّمه فعل أو شبهه ، وهو الصحيح من قول النحويين.

وكذلك يفهم من قوله : «بما من الفعل وشبهه سبق» أن عامله لا بد أن يتقدم عليه ، فلا تقول : «والنيل سرت» وهذا باتفاق ، وأما تقدّمه على مصاحبه ، نحو «سار والنيل زيد» ففيه خلاف ، والصحيح منعه.

نصب المفعول معه بفعل مضمر :

وبعد «ما» استفهام أو «كيف» نصب

بفعل كون مضمر بعض العرب

حقّ المفعول معه أن يسبقه فعل أو شبهه ، كما تقدّم تمثيله ، وسمع من كلام العرب نصبه بعد «ما» و «كيف» الاستفهاميتين من غير أن يلفظ بفعل ، نحو «ما أنت وزيدا؟» (١) و «كيف أنت وقصعة من

__________________

(١) ما أنت وزيدا : ما اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب خبر مقدم لتكون المحذوفة. أنت : ضمير منفصل في محل رفع اسم تكون ـ وهذا الضمير في الأصل مستتر فيها فلما حذفت برز وانفصل. وزيدا : الواو للمعية. زيدا : مفعول معه منصوب بتكون المحذوفة.

٢٦٢

ثريد؟» (١) فخرّجه النحويون على أنه منصوب بفعل مضمر مشتق من الكون ، والتقدير : ما تكون وزيدا ، وكيف تكون وقصعة من ثريد ، فزيدا وقصعة منصوبان ب «تكون» المضمرة.

أحوال الاسم الواقع بعد الواو ثلاثة :

والعطف إن يمكن بلا ضعف أحقّ

والنصب مختار لدى ضعف النّسق (٢)

والنصب إن لم يجز العطف يجب

أو اعتقد إضمار عامل تصب

الاسم الواقع بعد هذه الواو : إما أن يمكن عطفه على ما قبله ، أو لا ، فإن أمكن عطفه فإما أن يكون بضعف ، أو بلا ضعف.

(أ) ترجيح العطف :

فإن أمكن عطفه بلا ضعف فهو أحقّ من النصب نحو «كنت أنا وزيد كالأخوين» فرفع «زيد» عطفا على المضمر المتصل أولى من نصبه مفعولا

__________________

(١) كيف : اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب خبر مقدم لتكون المحذوفة. أنت : ضمير منفصل في محل رفع اسم تكون ـ وقصعة : الواو للمعية قصعة : مفعول معه منصوب ، بتكون المضمرة.

(٢) العطف : مبتدأ مرفوع. إن : حرف شرط جازم. يمكن : مضارع مجزوم بإن فعل الشرط وفاعله ضمير مستتر جوازا. بلا : الباء جارة ، ولا : نافية معترضة. ضعف : مجرور بالباء. والجار والمجرور متعلق بيمكن. أحق : خبر العطف مرفوع وسكّن للروي. وجواب الشرط محذوف لدلالة الكلام عليه تقديره «فالعطف أحق» لدى : ظرف مكان منصوب بفتحة مقدرة متعلق بمختار. ضعف : مضاف إليه مجرور.

٢٦٣

معه : لأن العطف ممكن للفصل (١). والتشريك أولى من عدم التشريك (٢) ، ومثله : «سار زيد وعمرو» فرفع «عمرو» أولى من نصبه.

(ب) ترجيح النصب على المعية :

وإن أمكن العطف بضعف ، فالنصب على المعية أولى من التشريك ، لسلامته من الضعف ، نحو «سرت وزيدا» فنصب «زيد» أولى من رفعه.

لضعف العطف على المضمر المرفوع المتصل بلا فاصل.

(ج) وجوب النصب ـ مفعولا معه ، أو مفعولا به ـ

وإن لم يمكن عطفه تعيّن النصب : على المعيّة ، أو على إضمار فعل يليق به ، كقوله :

٢٥ ـ علفتها تبنا وماء باردا (٣).

__________________

(١) الفصل بين الضمير المتصل والمعطوف عليه وهو «زيد» بالضمير المنفصل «أنا» كما سيأتي في العطف.

(٢) التشريك في الحكم لصحة توجه العامل إلى المعطوف أولى من عدمه لئلا تصير العمدة فضلة. لأن الأصل في الواو العطف.

(٣) قائله : غير معروف ، وتمام البيت : «حتى غدت همّالة عيناها». والضمير في «علفتها» عائد على الدابة. همّالة : مبالغة اسم فاعل من همل الدمع : جرى.

المعنى : «علفت هذه الدابة تبنا وسقيتها ماء باردا حتى صارت دموع عينيها كثيرة الجريان».

الإعراب : علفتها : علف : فعل ماض مبني على السكون ، والتاء فاعل ، وها مفعوله الأول. في محل نصب. تبنا : مفعول به ثان لعلفت منصوب. وماء : الواو عاطفة ـ عطف جمل ـ ماء : مفعول به لفعل محذوف تقديره «سقيتها ماء» وجملة : سقيتها ماء معطوفة على جملة : علفتها تبنا. ويجوز في «ماء» أن تكون معطوفة على تبنا ـ عطف مفرد على مفرد بتأويل «علفتها» ب «أنلتها» ونحوه. لا يصح جعل الواو للمعية لانتفاء المصاحبة لأن الماء لا يصاحب التبن في العلف

٢٦٤

فماء : منصوب على المعية (١) ، أو على إضمار فعل يليق به ، والتقدير «وسقيتها ماء باردا» وكقوله تعالى : (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ)(٢) فقوله تعالى (وَشُرَكاءَكُمْ) لا يجوز عطفه على «أمركم» لأن العطف على نية تكرار العامل ؛ إذ لا يصح أن يقال : «أجمعت شركائي» وإنما يقال : «أجمعت أمري ، وجمعت شركائي» فشركائي منصوب على المعية ، والتقدير ـ والله أعلم ـ فأجمعوا أمركم مع شركائكم ، أو منصوب بفعل يليق به ، والتقدير «فأجمعوا أمركم واجمعوا شركاءكم».

__________________

ولا يصح جعل الواو عاطفة ـ بدون تأويل علفتها ـ لانتفاء المشاركة بين التبن والماء في العلف. باردا : صفة لماء منصوب. حتى : ابتدائية. غدت : غدى فعل ماض ناقص بمعنى صار مبني على فتح مقدر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين. والتاء للتأنيث. واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي. همالة : خبر غدت منصوب بالفتحة. عيناها : فاعل همالة مرفوع بالألف لأنه مثنى ، وحذفت نونه للإضافة. وها : مضاف إليه وجملة غدت ـ لا محل لها من الإعراب.

الشاهد : في قوله : وماء : حيث لم يمكن عطفه على ما قبله فتعين نصبه بإضمار فعل يناسبه.

تقديره : وسقيتها. ويمكن عطف ماء على تبنا بعد تأويل علفتها بفعل يصح تسلطه على المعطوف والمعطوف عليه. كأنلتها.

(١) رأى الشارح في نصب «ماء» على المعية مردود لأن النصب على المعية ممتنع كالعطف إذ الماء لا يشارك التبن في معنى العلف ولا زمانه. ذكره ابن هشام ، والعلامة الخضري.

(٢) الآية ٧١ من يونس وهي «وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ : يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللهِ فَعَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ.»

٢٦٥

أسئلة ومناقشات

١ ـ عرف المفعول معه ، وبيّن الناصب له ... ومثل لما تقول.

٢ ـ ما الشروط التي يجب توافرها في المفعول معه؟ وما شرط العامل فيه؟

مثّل لذلك بأمثلة من عندك.

٣ ـ (للاسم الواقع بعد الواو أحوال مختلفة)

اشرح متى يجب نصبه؟ ولماذا؟ ومتى يجب عطفه؟ ومتى يترجح أحدهما؟ مثل لكل ما تقول.

٤ ـ وضح الناصب للمفعول معه فيما يلي : ـ كيف أنت والمعرفة؟ ـ ما أنت والمذاكرة؟

٥ ـ علّل لما يلي باختصار :

(أ) أرجحيّة العطف في : «كنت أنا وخالد كالأخوين»؟

(ب) أرجحية النصب على المعية في : «ذاكرت وخالدا»؟

(ج) وجوب النصب على المعية في : «فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ (١) وَشُرَكاءَكُمْ»؟

٦ ـ ما وجه نصب ما بعد الواو في : ـ «وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ (٢) مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ»؟ «ما أنت وصروف الزمان؟». علّل ووجّه ..

__________________

(١) آية ٧١ سورة يونس.

(٢) آية ٩ سورة الحشر.

٢٦٦

فهرس الموضوعات

الموضوع

الصفحة

١ ـ أفعال المقاربة................................................................. ٤

٢ ـ (إنّ) وأخواتها............................................................... ٢٦

٣ ـ (لا) النافية للجنس.......................................................... ٦٥

٤ ـ (ظن) وأخواتها.............................................................. ٨٦

٥ ـ أعلم وأرى................................................................ ١١٤

٦ ـ الفاعل................................................................... ١٢٧

٧ ـ النائب عن الفاعل......................................................... ١٦٥

٨ ـ اشتغال العامل عن المعمول.................................................. ١٨١

٩ ـ تعدي الفعل ولزومه........................................................ ١٩٨

١٠ ـ التنازع في العمل......................................................... ٢١٠

١١ ـ المفعول المطلق........................................................... ٢٢١

١٢ ـ المفعول له (لأجله)....................................................... ٢٣٩

١٣ ـ المفعول فيه (الظرف)..................................................... ٢٤٨

١٤ ـ المفعول معه............................................................. ٢٦١

٢٦٧