تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك

الدكتور محمّد علي سلطاني

تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك

المؤلف:

الدكتور محمّد علي سلطاني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار العصماء
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٦٧

اشتغال العامل عن المعمول

تعريف الاشتغال :

إن مضمر اسم سابق فعلا شغل

عنه بنصب لفظه أو المحلّ (١)

فالسابق انصبه بفعل أضمرا

حتما موافق لما قد أظهرا (٢)

الاشتغال : أن يتقدّم اسم (٣). ويتأخر عنه فعل (٤) قد عمل في

__________________

(١) عنه : الهاء تعود إلى «اسم سابق». لفظه : الهاء تعود إلى «مضمر اسم سابق». إن مضمر : إن حرف شرط جازم يجزم فعلين. مضمر : فاعل بفعل محذوف وجوبا يفسره ما بعده تقديره : «إن شغل مضمر اسم سابق ..» فعلا : مفعول به مقدم لشغل شغل : فعل ماض مبني على الفتح ، وفاعله ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود إلى مضمر. والفعل المحذوف هو فعل الشرط. وشغل المذكور وفاعله جملة مفسرة للمحذوف لا محل لها من الإعراب.

(٢) فالسابق : الفاء واقعة في جواب الشرط في البيت الأول : «إن» السابق : مفعول به بفعل محذوف وجوبا يفسره الفعل المذكور بعده «انصبه» بسبب اشتغال الفعل المذكور بضمير الاسم السابق. والفعل المحذوف وفاعله في محل جزم جواب الشرط. انصبه : فعل أمر مبني على السكون ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت ، والهاء مفعول به ، والجملة مفسرة لا محل لها من الإعراب. حتما : مفعول مطلق لموافق منصوب.

(٣) الاسم المتقدم هو «المشغول عنه» وهو أحد أركان الاشتغال الثلاثة ، ومن شروطه : أن يكون متقدما ، وأن يكون قابلا للإضمار ، فلا يصح الاشتغال عن حال وتمييز ، وأن يكون مفتقرا لما بعده ، وأن يكون مختصا لا نكرة محضة ليصح رفعه بالابتداء.

(٤) الفعل المتأخر هو «المشغول» وهو الركن الثاني من أركان الاشتغال ، وشرطه الاتصال بالاسم السابق ، وصلاحه للعمل فيما قبله.

١٨١

ضمير ذلك الاسم (١) أو في سببيّه ـ وهو المضاف إلى ضمير الاسم السابق ـ فمثال المشتغل بالضمير : «زيدا ضربته ، وزيدا مررت به».

ومثال المشتغل بالسببيّ : «زيدا ضربت غلامه» وهذا هو المراد بقوله : «إن مضمر اسم إلى آخره.» والتقدير : إن شغل مضمر اسم سابق فعلا عن ذلك الاسم بنصب المضمر لفظا نحو «زيدا ضربته» أو بنصبه محلا نحو : «زيدا مررت به» فكل واحد من «ضربت. ومررت» اشتغل بضمير «زيد» ، لكن «ضربت» وصل إلى الضمير بنفسه ، و «مررت» وصل إليه بحرف جر ، فهو مجرور لفظا ومنصوب محلا ، وكل من «ضربت ومررت» لو لم يشتغل بالضمير لتسلّط على «زيد» كما تسلط على الضمير فكنت تقول : «زيدا ضربت» فتنصب زيدا ويصل إليه الفعل بنفسه كما وصل إلى ضميره ، وتقول : «بزيد مررت» فيصل الفعل إلى زيد بالباء كما وصل إلى ضميره ، ويكون منصوبا محلا كما كان الضمير.

وقوله : «فالسابق انصبه إلى آخره» معناه أنه إذا وجد الاسم والفعل على الهيئة المذكورة فيجوز لك نصب الاسم السابق (٢).

مذاهب النحاة في ناصب الاسم السابق :

واختلف النحويون في ناصبه :

(أ) فذهب الجمهور إلى أن ناصبه فعل مضمر وجوبا ، لأنه لا يجمع بين المفسّر والمفسّر ، ويكون الفعل المضمر موافقا فى المعنى لذلك

__________________

(١) ضمير الاسم السابق هو «الشاغل» وهو الركن الثالث وشرطه كونه ضمير الاسم السابق أو سببيّه.

(٢) هذا تفسير للأمر في كلام المؤلف ابن مالك «فالسابق انصبه» فالنصب لا يكون واجبا مطلقا ، بل يكون جائزا ويكون واجبا كما يكون ممتنعا ، والصورة المألوفة «زيد ضربته» يجوز فيها رفع الاسم السابق ويجوز نصبه.

١٨٢

المظهر ، وهذا يشمل ما وافق لفظا ومعنى ، نحو قولك في : «زيدا ضربته» : إن التقدير «ضربت زيدا ضربته» وما وافق معنى دون لفظ كقولك في : «زيدا مررت به» إنّ التقدير «جاوزت زيدا مررت به» وهذا هو الذي ذكره المصنف.

(ب) والمذهب الثاني أنه منصوب بالفعل المذكور بعده ، وهذا مذهب كوفي ، واختلف هؤلاء ، فقال قوم : إنه عامل في الضمير وفي الاسم معا ؛ فإذا قلت : «زيدا ضربته» كان «ضربت» ناصبا لزيد ، وللهاء ، وردّ هذا المذهب بأنه لا يعمل عامل واحد في ضمير اسم ومظهره ، وقال قوم : هو عامل في الظاهر ، والضمير ملغى ، وردّ بأن الأسماء لا تلغى بعد اتصالها بالعوامل.

وجوب نصب الاسم السابق :

والنصب حتم إن تلا السابق ما

يختصّ بالفعل كإن وحيثما (١)

ذكر النحويون أن مسائل هذا الباب على خمسة أقسام :

أحدها : ما يجب فيه النصب.

والثاني : ما يجب فيه الرفع.

والثالث : ما يجوز فيه الأمران والنصب أرجح.

__________________

(١) إن تلا : إن حرف شرط جازم يجزم فعلين. تلا : فعل ماض مبني على الفتح المقدر في محل جزم فعل الشرط. السابق : فاعل مرفوع. ما : اسم موصول في محل نصب مفعول به. يختص : مضارع مرفوع ، وفاعله ضمير مستتر جوازا تقديره هو. وجملة يختص لا محل لها من الإعراب صلة الموصول. وجواب شرط إن محذوف دل عليه الكلام السابق ، التقدير : «فالنصب حتم».

١٨٣

والرابع : ما يجوز فيه الأمران والرفع أرجح.

والخامس : ما يجوز فيه الأمران على السواء.

فأشار المصنف إلى القسم الأول بقوله : «والنصب حتم إلى آخره» ومعناه أنه يجب نصب الاسم السابق إذا وقع بعد أداة لا يليها إلا الفعل ، كأدوات الشرط (١) نحو : «إن وحيثما» فتقول : «إن زيدا أكرمته أكرمك (٢) ، وحيثما زيدا تلقه فأكرمه» فيجب نصب «زيدا» في المثالين وفيما أشبههما ، ولا يجوز الرفع على أنه مبتدأ ؛ إذ لا يقع الاسم بعد هذه الأدوات ، وأجاز بعضهم وقوع الاسم بعدها ؛ فلا يمتنع عنده الرفع على الابتداء ، كقول الشاعر :

١٦ ـ لا تجزعي إن منفس أهلكته

فإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي (٣)

__________________

(١) مثل أدوات الشرط أدوات التحضيض والعرض لاختصاصها بالفعل مطلقا ، نحو : «هلّا زيدا أكرمته» و «ألا جارك أكرمته».

(٢) إن حرف شرط جازم يجزم فعلين : زيدا مفعول به منصوب بفعل محذوف يفسره المذكور بعده المشغول بضميره التقدير : إن أكرمت زيدا والفعل المحذوف هو فعل الشرط. أكرمته : فعل وفاعل ومفعول به ـ مفسّر للفعل المحذوف ، لا محل له. أكرمك : فعل ماض مبني على الفتح في محل جزم جواب الشرط وفاعله ضمير مستتر جوازا تقديره هو. والكاف في محل نصب مفعول به.

(٣) قائله النمر بن تولب من قصيدة سببها أنه نزل عنده إخوان في الجاهلية فعقر لهم أربع قلائص واشترى لهم خمرا كثيرا فلامته على ذلك زوجته. لا تجزعي : من الجزع وهو عدم الصبر وإظهار الحزن عند حلول المكروه. منفس : المال النفيس. الإهلاك الإفناء. هلكت : مت.

المعنى : لا تحزني إذا أنفقت خيار مالي في إكرام الضيوف ، وإنما يحق لك أن تحزني إذا أنا فارقت الحياة.

الإعراب : لا تجزعي : لا ناهية. تجزعي : مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع

١٨٤

تقديره : إن هلك منفس والله أعلم.

وجوب رفع الاسم السابق :

وإن تلا السابق ما بالابتدا

يختص فالرفع التزمه أبدا (١)

كذا إذا الفعل تلا ما لم يرد

ما قبل معمولا لما بعد وجد (٢)

__________________

فاعل. إن : حرف شرط جازم. منفس : فاعل بفعل محذوف هو فعل الشرط يفسره المذكور بعده. تقديره : إن هلك منفس. فعند ذلك. الفاء واقعة في جواب إذا عند : ظرف زمان منصوب متعلق باجزعي. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. واللام للبعد ، والكاف لخطاب المؤنثة. فاجزعي : الفاء زائدة اجزعي : فعل أمر مبني على حذف النون لاتصاله بالياء. والياء فاعل. وجملة «اجزعي عند ذلك» لا محل لها من الإعراب لأنها واقعة في جواب شرط غير جازم هو «إذا».

الشاهد : قوله : «إن منفس أهلكته» حيث وقع الاسم السابق المشغول عنه بعد أداة لا يليها إلا الفعل ولم ينصب به بل جاء مرفوعا. هذا هو مذهب جمهور النحويين في هذا الشاهد وما ماثله ، يجعلون الاسم المرفوع الواقع بعد إن أو إذا مرفوعا بفعل محذوف وجوبا كما سبق في بحث الفاعل. ولذلك لم يلتفت الشارح إلى مذهب من يجيز وقوع المبتدأ بعد إن. فعقب على الشاهد بقوله : «تقديره إن هلك منفس» تمشيا مع مذهب جمهور النحاة.

(١) ما بالابتداء : ما اسم موصول مفعول به لتلا. بالابتدا : جار ومجرور متعلق بيختص. وجملة : يختص بالابتدا لا محل لها من الإعراب صلة الموصول فالرفع : الفاء واقعة في جواب الشرط ، الرفع : مفعول به بفعل محذوف وجوبا تفسيره ما بعده وجملة الفعل المحذوف في محل جزم جواب الشرط. وجملة : التزمه المذكورة مفسرة لا محل لها. أبدا : مفعول فيه ظرف زمان منصوب.

(٢) ما لم يرد : ما اسم موصول مفعول به لتلا. ما قبل : ما : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل يرد. قبل : ظرف مبني على الضم في محل نصب متعلق بمحذوف صلة الموصول تقديرها «استقر قبل». معمولا : حال : من اسم الموصول : ما قبل. تقدير البيت : «إذا تلا الفعل شيئا لم يرد ما قبله معمولا لما وجد بعده فالتزم الرفع للاسم السابق مثل التزامه في الحالة السابقة».

١٨٥

أشار بهذين البيتين إلى القسم الثاني ، وهو ما يجب فيه الرفع ، فيجب رفع الاسم المشتغل عنه (١) إذا وقع بعد أداة تختصّ بالابتداء ، كإذا التي للمفاجأة ؛ فتقول : «خرجت فإذا زيد يضربه عمرو».

برفع زيد. ولا يجوز نصبه لأن إذا هذه لا يقع الفعل بعدها لا ظاهرا ولا مقدرا.

وكذلك يجب رفع الاسم السابق إذا ولي الفعل المشتغل بالضمير أداة لا يعمل ما بعدها فيما قبلها كأدوات الشرط (٢) والاستفهام ، و «ما» النافية نحو : «زيد إن لقيته فأكرمه ، وزيد هل تضربه؟ وزيد ما لقيته» فيجب رفع زيد في هذه الأمثلة ونحوها ، ولا يجوز نصبه ؛ لأن ما لا يصلح أن يعمل فيما قبله لا يصلح أن يفسّر عاملا فيما قبله. وإلى هذا أشار بقوله : «كذا إذا الفعل إلى آخره» أي كذلك يجب رفع الاسم السابق إذا تلا الفعل شيئا لا يرد ما قبله معمولا لما بعده. ومن أجاز عمل ما بعد هذه الأدوات فيما قبلها فقال : «زيدا ما لقيت» أجاز النصب مع الضمير بعامل مقدر ؛ فيقول : «زيدا ما لقيته».

__________________

(١) يرى بعض النحاة أن هذا القسم ليس من باب الاشتغال ، ولا يدخل تحت تعريفه لأن العامل لو تفرغ من الضمير لم يصلح للعمل في الاسم السابق. وقد صوب هذا الرأي ابن هشام.

(٢) مثل أدوات الشرط أدوات التحضيض والعرض ولام الابتداء وكم الخبرية والحروف الناسخة والموصول والموصوف وحرف الاستثناء فكل ذلك لا يعمل ما بعده فيما قبله : فيجب رفع الاسم السابق كقولك : ١ ـ زيد هلّا ضربته. لوقوع الفعل بعد التحضيض ٢ ـ زيد لأنا ضاربه. لوقوع الوصف بعد لام الابتداء. ٣ ـ زيد كم ضربته ، لوقوع الفعل بعد كم الخبرية ٤ ـ زيد إني ضربته ـ لوقوع الفعل بعد الناسخ ٥ ـ زيد الذي تضربه ـ لوقوع الفعل بعد الموصول ٦ ـ زيد رجل ضربته ، لأن الفعل وقع بعد موصوفه ٧ ـ ما زيد إلا يضربه عمرو. لوقوع الفعل بعد حرف الاستثناء.

١٨٦

ترجيح نصب الاسم السابق :

واختير نصب قبل فعل ذي طلب

وبعد ما إيلاؤه الفعل غلب (١)

وبعد عاطف بلا فصل على

معمول فعل مستقر أوّلا

هذا هو القسم الثالث ، وهو ما يختار فيه النصب ، وذلك :

(أ) إذا وقع بعد الاسم فعل دالّ على طلب ـ كالأمر والنهي والدعاء ـ نحو : «زيدا اضربه ، وزيدا لا تضربه ، وزيدا رحمه‌الله» ، فيجوز رفع زيد ونصيه ، والمختار النصب (٢).

(ب) وكذلك يختار النصب إذا وقع الاسم بعد أداة يغلب أن يليها الفعل ، كهمزة الاستفهام (٣) ؛ نحو «أزيدا ضربته؟» بالنصب والرفع ، والمختار النصب.

(ج) وكذلك يختار النصب إذا وقع الاسم المشتغل عنه بعد عاطف تقدمته جملة فعلية ولم يفصل بين العاطف والاسم نحو «قام زيد وعمرا أكرمته» فيجوز رفع عمرو ونصبه ، والمختار النصب : لتعطف جملة فعلية على جملة فعلية (٤).

__________________

(١) ذي طلب : ذي صفة لفعل مجرور وعلامة جره الياء لأنه من الأسماء الستة. طلب : مضاف إليه مجرور. ما : اسم موصول في محل جر بإضافة بعد إليه. إيلاؤه : مبتدأ مرفوع وهو مضاف والهاء مضاف إليه من إضافة المصدر لمفعوله ، وهو المفعول الثاني ، والفعل : مفعول أول لإيلاء. وفاعل المصدر محذوف تقديره «إيلاء العرب الفعل له».

(٢) المختار النصب لأنه أبعد من الضعف وأقرب للفصيح. أما الرفع فيترتب عليه الإخبار عن المبتدأ بالطلب وهو قليل وخلاف القياس ، لعدم احتماله الصدق والكذب ، والأصل في الخبر أن يكون محتملا للصدق والكذب.

(٣) مثل همزة الاستفهام النفي ب «ما» أو «لا» أو «إن» وكذلك «حيث» المجردة من ما ، لأن دخول هذه الأدوات على الفعل أكثر فيترجح النصب بعدها.

(٤) في حالة الرفع فعطف جملة اسمية على جملة فعلية ، فيكون المتعاطفان متخالفين ، وتخالفهما قليل جدا في العربية ، يراه بعض الثقات قبيحا ، ولذلك ترجح النصب مع الحاجة إلى تقدير فعل محذوف ، لأن التقدير في لغتنا كثير جدا.

١٨٧

فلو فصل بين العاطف والاسم كان الاسم كما لو لم يتقدّمه شيء ، نحو «قام زيد وأما عمرو فأكرمته» فيجوز رفع عمرو ونصبه ، والمختار الرفع كما سيأتي. وتقول : «قام زيد وأما عمرا فأكرمه» فيختار النصب كما تقدم ؛ لأنه وقع قبل فعل دال على طلب.

استواء الرفع والنصب في الاسم السابق :

وإن تلا المعطوف فعلا مخبرا

به عن اسم فاعطفن مخيّرا (١)

أشار بقوله : «فاعطفن مخيّرا» إلى جواز الأمرين على السواء ، وهذا هو الذي تقدم أنه القسم الخامس ، وضبط النحويون ذلك بأنه إذا وقع الاسم المشتغل عنه بعد عاطف (٢) تقدّمته جملة ذات وجهين (٣) جاز الرّفع والنصب على السواء ، وفسّروا الجملة ذات الوجهين بأنها جملة : صدرها اسم ، وعجزها فعل ، نحو : «زيد قام وعمرو أكرمته» فيجوز رفع «عمرو» مراعاة للصدر ، ونصبه مراعاة للعجز.

__________________

(١) فاعطفن : الفاء واقعة في جواب الشرط إن. اعطفن : فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة. والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت. والجملة في محل جزم جواب الشرط ، لأنها اقترنت بالفاء والشرط جازم. مخيرا : حال من فاعل اعطفن منصوب.

(٢) يشترط في العاطف أن يكون متصلا بما قبله غير مفصول ب «أما» لأن ما بعد أما مستأنف ومنقطع عما قبلها.

(٣) ذات وجهين : إنما كانت هذه الجملة ذات وجهين لانها جملة كبرى صدرها اسم هو المبتدأ وعجزها جملة فعلية في محل رفع خبر وهو جملة صغرى. فإذا نظرنا إليها كاملة كانت جملة اسمية ، نعطف عليها بالرفع جملة اسمية مثلها. فهذا الوجه الأول. وإذا نظرنا إلى خبرها وهو الجملة الصغرى كان جملة فعلية نعطف عليها بالنصب جملة فعلية مماثلة.

١٨٨

ترجيح الرفع :

والرفع في غير الذي مرّ رجح

فما أبيح افعل ودع ما لم يبح (١)

هذا هو الذي تقدّم أنه القسم الرابع ، وهو ما يجوز فيه الأمران ويختار الرفع ، وذلك كلّ اسم لم يوجد معه ما يوجب نصبه ، ولا ما يوجب رفعه ، ولا ما يرجّح نصبه ، ولا ما يجوّز فيه الأمرين على السواء ، وذلك نحو : «زيد ضربته» فيجوز رفع زيد ونصبه ، والمختار رفعه : «لأن عدم الإضمار أرجح من الإضمار» (٢).

وزعم بعضهم أنه لا يجوز النصب ؛ لما فيه من كلفة الإضمار ، وليس بشيء ، فقد نقله سيبويه وغيره من أئمة العربية وهو كثير.

وأنشد أبو السعادات ابن الشجريّ في أماليه على النصب قوله :

١٧ ـ فارسا ما غادروه ملحما

غير زميّل ولا نكس وكل (٣)

__________________

(١) فما أبيح : ما اسم موصول في محل نصب مفعول به مقدم لا فعل. أبيح : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ونائب الفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود إلى الموصول ـ والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول. افعل : فعل أمر وفاعله مستتر وجوبا تقديره أنت.

(٢) في حالة الرفع لا يوجد إضمار لفعل محذوف. والكلام مبتدأ وخبره ـ جملة فعلية ـ أما في حالة النصب فإننا نجعل زيدا مفعولا به بفعل مضمر وجوبا يفسره المذكور بعده. لهذا كان الرفع أرجح مع جواز النصب.

(٣) قائلته امرأة من بني الحارث كما في ديوان الحماسة لأبي تمام. الفارس : راكب الفرس والمراد به هنا الشجاع الحاذق بأمر الخيل وركوبها. وما «بعده» : زائدة للتفخيم أي «فارسا أي فارس» ملحم : بصيغة اسم المفعول بضم الميم وفتح الحاء مع سكون اللام : القتيل في الحرب تأكل الطيور والسباع لحمه ، زميّل : بضم الزاي وتشديد الميم المفتوحة وسكون الياء : الضعيف. نكس : بكسر النون وسكون الكاف المقصر عن النجدة ومن لا خير فيه. وكل : بفتح الواو وكسر الكاف : العاجز يكل أمره إلى غيره.

المعنى : أنهم تركوا هذا الفارس العظيم وقد غشيته الحرب من كل جانب حتى صار

١٨٩

ومنه قوله تعالى : (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها)(١) بكسر تاء جنات.

وفصل مشغول بحرف جرّ

أو بإضافة كوصل يجرى (٢)

يعني أنه لا فرق في الأحوال الخمسة السابقة بين أن يتصل الضمير

__________________

لا يجد مخلصا فخر صريعا وهو لا يوصف بجبن ولا عجز ولا ضعف ولا تقصير في النجدة.

الإعراب : فارسا : مفعول به بفعل محذوف يفسره ما بعده ، تقديره «غادروا فارسا» ما : زائدة لتفخيم فارس غادروه : غادر : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. والواو فاعل في محل رفع. والهاء مفعول به في محل نصب ملحما : حال من الهاء منصوب. غير : حال ثانية من الهاء منصوب. وجملة «غادروه» تفسيرية لا محل لها من الإعراب.

الشاهد : قوله «فارسا ما غادروه» فقد جاء الاسم السابق المشغول عنه منصوبا ، وليس في الكلام ما يوجب نصبه أو يرجحه ، مما يدل على جواز النصب خلافا لمن منعه لما فيه من كلفة الإضمار.

(١) الآية : (أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ ..) الرعد ٢٢ ـ ٢٣.

(وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ..) النحل ٣٠ ـ ٣١

(جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يُحَلَّوْنَ فِيها ..) فاطر ٣٣.

جنات : مفعول به بفعل محذوف يفسره المذكور بعد تقديره «يدخلون جنات» منصوب بالكسرة نيابة عن الفتحة لأنه جمع مؤنث سالم. عدن : مضاف إليه. يدخلونها : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو فاعل. وها ضمير متصل في محل نصب على التشبيه بالمفعول به وجملة «يدخلونها» مفسرة لا محل لها من الإعراب.

(٢) كوصل : جار ومجرور متعلق بالفعل «يجري».

يجري : مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره «هو» يعود إلى فصل في صدر البيت. وجملة «يجري» في محل رفع خبر المبتدأ : فصل مشغول.

١٩٠

بالفعل المشغول به نحو : «زيد ضربته» أو ينفصل منه : بحرف جر نحو : «زيد مررت به» أو بإضافة نحو «زيد ضربت غلامه» أو «غلام صاحبه» أو «مررت بغلامه ، أو بغلام صاحبه».

فيجب النصب في نحو «إن زيدا مررت به أكرمك» (١) كما يجب في «إن زيدا لقيته أكرمك».

وكذلك يجب الرفع في «خرجت فإذا زيد مرّ به عمرو» (٢) ويختار النصب في «أزيدا مررت به؟» (٣) ويختار الرفع في «زيد مررت به» (٤).

ويجوز الأمران على السواء في «زيد قام وعمرو مررت به» (٥) وكذلك الحكم في «زيد ضربت غلامه أو مررت بغلامه» (٦).

__________________

(١) وجب النصب لوقوع الاسم السابق بعد أداة لا يليها إلا الفعل وهي إن الشرطية وقد فصل بين الفعل المشغول «مررت» وضمير المشغول عنه «الهاء» بحرف جر فلم يضر الفصل وكان في الحكم كالوصل ، وأمثلة الفصل بالإضافة في هذه الحالة هي : ١ ـ إن زيدا أكرمت صديقه أكرمك ٢ ـ إن زيدا أكرمت ابن صديقه أكرمك ، وأمثلة الفصل بحرف جر ومضاف : ١ ـ إن زيدا مررت بابنه أكرمك. ٢ ـ إن زيدا مررت بابن أخيه أكرمك.

(٢) وجب رفع الاسم السابق لوقوعه بعد أداة تختص بالابتداء وهي «إذا الفجائية» وقد فصل بين الفعل المشغول وضمير الاسم السابق بحرف جر. كما وجب عند اتصال الفعل بالضمير «خرجت فإذا زيد يضربه عمرو» وكذلك الفصل بمضاف مع الجار أو بدونه بين الفعل والضمير حكمه حكم الوصل ..

(٣) اختير النصب لوقوع الاسم السابق بعد همزة الاستفهام والغالب أن يليها الفعل وقد فصل بين الفعل المشغول وضمير الاسم السابق بحرف جر فلم يؤثر في الحكم.

(٤) اختير الرفع لأن عدم الإضمار أرجح من الإضمار. كما في ترجيح الرفع.

(٥) جاز الأمران : الرفع والنصب لوقوع الاسم السابق بعد عاطف تقدمته جملة ذات وجهين

(٦) الظاهر أن هذه العبارة من قوله «وكذلك الحكم ..» معطوفة على قوله : «ويختار الرفع» في «زيد مررت به» فهي مما يختار رفعه. وقد فصل بين المعطوف والمعطوف عليه بعبارة أخرى ، ولو وضعت في مكانها المناسب لأصبحت الجملة الأولى هكذا : «ويختار الرفع» في «زيد مررت به» أو «مررت بغلامه» وكذلك الحكم في «زيد ضربت غلامه».

١٩١

الوصف العامل كالفعل :

وسوّ في ذا الباب وصفا ذا عمل

بالفعل إن لم يك مانع حصل (١)

يعني أن الوصف العامل في هذا الباب يجري مجرى الفعل فيما تقدّم والمراد بالوصف العامل : اسم الفاعل ، واسم المفعول ، واحترز بالوصف مما يعمل عمل الفعل وليس بوصف ، كاسم الفعل نحو : «زيد دراكه» (٢) فلا يجوز نصب زيد لأن أسماء الأفعال لا تعمل فيما قبلها ، فلا تفسّر عاملا فيه. واحترز بقوله : «ذا عمل» من الوصف الذي لا يعمل كاسم الفاعل إذا كان بمعنى الماضي ، نحو «زيد أنا ضاربه أمس» فلا يجوز نصب «زيد» لأن ما لا يعمل لا يفسر عاملا ، ومثال الوصف العامل «زيد أنا ضاربه الآن أو غدا ، والدرهم أنت معطاه» فيجوز نصب زيد والدرهم ورفعهما (٣) كما كان يجوز ذلك مع الفعل ، واحترز بقوله :

__________________

(١) إن لم يك : إن حرف شرط جازم يجزم فعلين. لم حرف نفي وجزم وقلب. يك فعل مضارع ناقص مجزوم بلم وعلامة جزمه السكون الموجود على النون المحذوفة للتخفيف. ولم يك : في محل جزم فعل الشرط لإن. مانع : اسم يكن مرفوع. حصل : فعل ماض مبني على الفتح. وفاعله ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود إلى مانع وجملة حصل في محل نصب خبر يكن. وجواب شرط إن محذوف دل عليه الكلام السابق تقديره «إن لم يك مانع .. فسوّ وصفا بالفعل ..».

(٢) زيد دراكه : زيد مبتدأ مرفوع. دراك : اسم فعل أمر بمعنى أدرك مبني على الكسر. وفاعله ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت. والهاء في محل نصب مفعول به لاسم الفعل والجملة ـ اسم الفعل وفاعله ـ في محل رفع خبر زيد.

(٣) على الرفع يكون إعراب الجملة الأولى : زيد : مبتدأ مرفوع. أنا : ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ ثان. ضارب خبر المبتدأ الثاني مرفوع. والهاء : مضاف إليه. والجملة «أنا ضاربه» في محل رفع خبر المبتدأ الأول. وعلى النصب لزيد يكون الإعراب : زيدا : مفعول به لوصف محذوف يفسره المذكور بعده التقدير أنا ضارب زيدا. وتكون الجملة المذكورة بعد «زيدا» مفسرة لا محل لها من الإعراب. وإعراب الجملة الثانية على الرفع : الدرهم : مبتدأ مرفوع. أنت : ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ ثان معطى : خبر المبتدأ الثاني مرفوع بضمة مقدرة على الألف

١٩٢

«إن لم يك مانع حصل» عما إذا دخل على الوصف مانع يمنعه من العمل فيما قبله ، كما إذا دخلت عليه الألف واللام ، نحو «زيد أنا الضاربه» فلا يجوز نصب «زيد» لأن ما بعد الألف واللام لا يعمل فيما قبلها ؛ فلا يفسّر عاملا فيه ، والله أعلم.

وعلقة حاصلة بتابع

كعلقة بنفس الاسم الواقع (١)

تقدم أنه لا فرق في هذا الباب بين ما اتصل فيه الضمير بالفعل ، نحو «زيدا ضربته» وبين ما انفصل بحرف جر نحو «زيدا مررت به» أو بإضافة نحو «زيدا ضربت غلامه».

وذكر في هذا البيت أن الملابسة بالتابع كالملابسة بالسببيّ ، ومعناه أنه إذا عمل الفعل في أجنبي وأتبع بما اشتمل على ضمير الاسم السابق : من صفة نحو «زيدا ضربت رجلا يحبه» (٢) أو عطف بيان نحو زيدا «ضربت

__________________

للتعذر والهاء في محل جر بالإضافة من إضافة اسم المفعول إلى مفعوله. وعلى النصب : الدرهم : مفعول به ثان لوصف محذوف يفسره المذكور بعده تقديره أنت معطى ، ونائب الفاعل المستتر في معطى هو المفعول الأول. وتكون الجملة المذكورة بعد «الدرهم» مفسرة لا محل لها من الإعراب.

(١) علقة : ارتباط واتصال. تابع : أي تابع الاسم الأجنبي الذي جعل فيه الفعل المشغول. الاسم الواقع : هو ضمير الاسم السابق أو سببيّه ومعنى البيت : «إن الارتباط بين العامل الظاهر والاسم السابق الذي لا بد منه في الاشتغال ليكون العامل موجها إليه في المعنى ـ كما يحصل بنفس الاسم الواقع شاغلا لكونه ضمير الاسم السابق أو سببيه يحصل بتابع الشاغل الأجنبي إذا اشتمل ذلك التابع على ضمير الاسم السابق».

(٢) رجلا : مفعول به لضربت منصوب ، يحب فعل مضارع مرفوع بالضمة ، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود على رجل. والهاء : ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به ليحب ، والهاء هذه هي ضمير الاسم السابق زيد. وجملة : يحبه في محل نصب صفة رجلا. في هذه الجملة : عمل الفعل في اسم أجنبي عن الاسم السابق هو «رجلا» ولكن هذا الاسم الأجنبي وصف بجملة مشتملة على ضمير الاسم السابق ، وهو الهاء.

١٩٣

عمرا أباه» (١) أو معطوف بالواو خاصة نحو «زيدا ضربت عمرا وأخاه» (٢) حصلت الملابسة بذلك كما تحصل بنفس السببي ، فينزّل «زيدا ضربت رجلا يحبه» منزلة «زيدا ضربت غلامه» وكذلك الباقي.

وحاصله : أن الأجنبيّ إذا أتبع (٣) بما فيه ضمير الاسم السابق جرى مجرى السّببيّ والله أعلم.

__________________

(١) عمرا مفعول به لضربت منصوب. أباه : عطف بيان على عمرا والمعطوف على المنصوب منصوب بالألف لأنه من الأسماء الستة ، والهاء مضاف إليه ، في هذه الجملة الاسم السابق «زيدا» ومعمول الفعل ضربت وهو «عمرا» أجنبي منه ولكن عمرا أتبع بعطف بيان مشتمل على ضمير الاسم السابق وهو الهاء في «أباه».

(٢) عمرا : مفعول به لضربت. وأخاه : الواو عاطفة أخاه معطوف على عمرا وهو منصوب بالألف لأنه من الأسماء الستة وهو مضاف والهاء في محل جر مضاف إليه في هذه الجملة عمل الفعل المشغول «ضربت» في اسم أجنبي عن الاسم السابق «زيدا» ولكن هذا الأجنبي أتبع بمعطوف بالواو مشتمل على ضمير الاسم السابق وهو الهاء في أخاه.

(٣) المراد بتابع الشاغل الأجنبي : وصفه ، أو بيانه ، أو نسق عليه بخصوص الواو ، كما مثل الشارح ، ويمتنع أن يكون التابع بدلا أو توكيدا.

١٩٤

أسئلة ومناقشات

١ ـ اكتب مثالين للاشتغال ، ثم عيّن فيهما أركانه ، واستنبط تعريفه ...

٢ ـ اذكر شرط كل من المشغول والمشغول عنه مع التمثيل ..

٣ ـ ما المواضع التي يجب فيها نصب الاسم المشغول عنه؟ ولماذا؟ اذكرها مفصلة ومثل لكل واحد منها.

٤ ـ اذكر المواضع التي يترجح فيها نصب الاسم المشغول عنه ومثّل لكل منها.

٥ ـ متى يجب رفع الاسم المشغول عنه؟ وضح الإجابة بالأمثلة.

٦ ـ متى يجوز في الاسم السابق الوجهان : الرفع والنصب باستواء ولماذا؟ مثل لما تقول.

٧ ـ متى يترجح رفع الاسم المشغول عنه؟ مثّل لما تقول

٨ ـ قال ابن مالك :

وعلقة حاصلة بتابع

كعلقة بنفس الاسم الواقع

اشرح في ضوء هذا البيت صور اتصال الفعل بالضمير ، مفصلا القول في الملابسة الحاصلة بالتابع مبينا أنواعه وممثلا لما تقول.

٩ ـ قال النحاة : «الوصف العامل عمل الفعل يستوي مع الفعل في باب الاشتغال».

اشرح ما المقصود بالوصف؟ وما أنواعه؟ وبماذا احترز النحاة به؟ مثّل لكل وصف بمثال .. ثم اذكر صورة للوصف الذي عرض له مانع يمنعه عن العمل فيما قبله ...

١٩٥

تمرينات

١ ـ بيّن أحوال الاسم المشغول عنه فيما يأتي مع ذكر السبب :

هلّا دينك دافعت عنه ، إن الأعداء يهاجمونه ـ فذد عنه بكل ما تملك ـ وأينما أعداء دينك قابلتهم فلا تتخذ منهم بطانة ، والحزم راعه في ذلك. أعقيدتك تنساها؟ وهي التي شرح الله بها صدرك ، ليتما الدفاع عنها يخصّه المسلم بالرعاية فإنها الدرع الواقي من الضياع.

٢ ـ يستشهد النحاة بما يأتي في باب الاشتغال .. وضح موضع الاستشهاد في ضوء دراستك :

قال تعالى : «وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ (١) ـ وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ (٢) ـ أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ (٣)

وقال جرير :

أثعلبة الفوارس أم رباحا

عدلت بهم طهية والخشابا

وقال آخر :

فارسا ما غادروه ملحما

غير زمّيل ولا نكس وكل

٣ ـ ضع الكلمات الآتية في أسلوب اشتغال بحيث تكون الأولى واجبة النصب والثانية واجبة الرفع والثالثة يستوي فيها الرفع والنصب والرابعة يترجح فيها النصب والخامسة يترجح فيها الرفع وهي : «الجنة ـ الفضيلة ـ الكرامة ـ العزة ـ الأخلاق».

__________________

(١) آية ٥ سورة النحل.

(٢) آية ٦ سورة التوبة.

(٣) آية ٢٤ سورة القمر.

١٩٦

٤ ـ كوّن ثلاث جمل فيها ما يأتي : ـ

(أ) اسم منصوب على الاشتغال لوصف مقدر.

(ب) اسم منصوب بعامل من معنى الفعل المتأخر.

(ج) فعل ناصب لاسم أجنبي مرتبط بتابع مشتمل على ضمير الاسم السابق.

٥ ـ أعرب البيت الآتي وبيّن حكم الاسم المنصوب على الاشتغال :

فنفسك أكرمها وإن ضاق مسكن

عليك بها فاطلب لنفسك مسكنا

١٩٧

تعدي الفعل ولزومه

الفعل المتعدي :

علامة الفعل المعدّى أن تصل

ها غير مصدر به نحو عمل (١)

ينقسم الفعل إلى متعد ، ولازم.

(أ) فالمتعدي : هو الذى يصل إلى مفعوله بغير حرف جر ، نحو : «ضربت زيدا».

(ب) واللازم : ما ليس كذلك وهو ما لا يصل إلى مفعوله إلا بحرف جر ، نحو : «مررت بزيد» أو لا مفعول له نحو : «قام زيد».

ويسمّى ما يصل إلى مفعوله بنفسه : فعلا متعديا ، وواقعا ، ومجاوزا.

وما ليس كذلك يسمّى : لازما ، وقاصرا ، وغير متعد ويسمى متعديا بحرف جر.

وعلامة الفعل المتعدي (٢) أن تتصل به هاء تعود على غير المصدر وهي : هاء المفعول به ، نحو : «الباب أغلقته». واحترز بهاء غير المصدر من هاء المصدر فإنها تتصل بالمتعدي واللازم ، فلا تدل على تعدى الفعل ؛ فمثال

__________________

(١) علامة : مبتدأ. خبره المصدر المؤول من أن وما بعدها تقديره «وصلك هاء غير المصدر به».

(٢) للفعل المتعدي علامة ثانية وهي : صحة صوغ اسم مفعول منه تام ، أي غير مفتقر إلى جار ومجرور ، نحو : مغلق ـ من أغلق ، ومضروب من ضرب.

١٩٨

المتصلة بالمتعدي : «الضرب ضربته زيدا» (١) أي : ضربت الضرب زيدا. ومثال المتصلة باللازم : «القيام قمته» (٢) أي «قمت القيام».

* * *

فانصب به مفعوله إن لم ينب

عن فاعل نحو «تدبرت الكتب»

شأن الفعل المتعدي أن ينصب مفعوله إن لم ينب عن فاعله ، نحو «تدبرت الكتب» فإن ناب عنه وجب رفعه كما تقدم ، نحو : «تدبّرت الكتب».

وقد يرفع المفعول وينصب الفاعل عند أمن اللبس ، كقولهم «خرق الثوب المسمار» ولا ينقاس ذلك بل يقتصر فيه على السماع.

والأفعال المتعدية على ثلاثة أقسام :

(أ) أحدها : ما يتعدى إلى مفعولين. وهي قسمان :

١ ـ أحدهما : ما أصل المفعولين فيه المبتدأ والخبر كظنّ وأخواتها.

٢ ـ والثاني : ما ليس أصلهما كذلك ، كأعطى وكسا.

__________________

(١) الضرب : مبتدأ مرفوع. ضربت : فعل وفاعل. والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول مطلق لأنه ضمير المصدر «الضرب» زيدا : مفعول به لضربت ـ منصوب ـ وجملة ضربت في محل رفع خبر المبتدأ.

(٢) القيام : مبتدأ مرفوع. قمت : فعل وفاعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول مطلق في هذه الجملة اتصلت الهاء بالفعل قمت وهو لازم ، لأن الهاء ضمير المصدر وليست علامة لتعدي الفعل.

١٩٩

(ب) والقسم الثاني : ما يتعدى إلى ثلاثة مفاعيل ، كأعلم وأرى.

(ج) والقسم الثالث : ما يتعدى إلى مفعول واحد ، كضرب ونحوه.

* * *

الفعل اللازم :

ولازم غير المعدّى (١) وحتم

لزوم أفعال السجايا كنهم

كذا افعللّ ، والمضاهي اقعنسسا

وما اقتضى نظافة أو دنسا (٢)

أو عرضا أو طاوع المعدّى

لواحد كمدّة فامتدا

اللازم هو : ما ليس بمتعد ، وهو : ما لا يتصل به هاء ضمير غير المصدر ، ويتحتم اللزوم :

(أ) لكل فعل دالّ على سجيّة وهي الطبيعة (٣) نحو «شرف ، وكرم ، وظرف ، ونهم».

(ب) وكذا كل فعل على وزن «افعللّ» نحو : «اقشّعرّ ، واطمأنّ».

(ج) أو على على وزن «افعنلل» نحو «اقعنسس ، واحرنجم» (٤).

__________________

(١) الفعل ثلاثة أنواع : ١ ـ المتعدي. ٢ ـ اللازم ٣ ـ ما لا يوصف بتعد ولا لزوم وهو «كان وأخواتها». وجاء في التسهيل لابن مالك : أن ما يتعدى تارة بنفسه وتارة بالحرف مع شيوع الاستعمالين كشكرته وشكرت له ، ونصحته ونصحت له هو واسطة بين المتعدي واللازم. وقال أبو حيان : «هو قسم برأسه مقصور على السماع لا لازم ولا متعد».

(٢) المضاهي : المشابه. اقعنسس الجمل : أبى أن ينقاد.

(٣) الطبيعة : هي المعنى الملازم للفاعل الذي لا يفارقه غالبا كالشرف والكرم والظرف والشجاعة والجبن.

(٤) احرنجم : أراد الأمر ثم رجع عنه. واحرنجم القوم أو الإبل : اجتمع بعضها على بعض وازدحموا.

٢٠٠