تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك

الدكتور محمّد علي سلطاني

تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك

المؤلف:

الدكتور محمّد علي سلطاني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار العصماء
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٦٧

٥ ـ و «خبّر» كقولك : «خبّرت زيدا عمرا غائبا» ، ومنه قوله :

١٤٢ ـ وخبّرت سوداء الغميم مريضة

فأقبلت من أهلي بمصر أعودها (١)

وإنما قال المصنف : «وكأرى السابق» لأنه تقدم في هذا الباب أن «أرى» تارة تتعدى إلى ثلاثة مفاعيل ، وتارة تتعدى إلى اثنين ، وكان قد ذكر أولا «أرى» المتعدية إلى ثلاثة ، فنبّه على أن هذه الأفعال الخمسة مثل «أرى» السابقة ، وهي المتعدية إلى ثلاثة ، لا مثل «أرى» المتأخرة وهي المتعدية إلى اثنين.

__________________

(١) البيت للعوام بن عقبة بن كعب بن زهير ، الغميم : اسم موضع كانت تنزل به هذه المرأة فعرفت به واسمها ليلى (الغميم : بفتح الغين) ، وقد كان الشاعر خرج إلى مصر مع أهله ، فسمع بمرضها ـ وكانا متحابّين ـ فترك أهله وعاد إليها يعودها.

الإعراب : خبرت : فعل ماض ونائب فاعل وهو المفعول الأول ، سوداء : مفعول به ثان ، الغميم : مضاف إليه مجرور ، مريضة : مفعول به ثالث ، فأقبلت : الفاء : عاطفة ، أقبلت : فعل وفاعل ، من : حرف جر متعلق بأقبلت ، أهلي : مجرور بمن بالكسرة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم ، والياء : في محل جر بالإضافة ، بمصر : الباء : حرف جر متعلق بحال محذوفة من أهلي (أو بصفة) ، مصر : مجرور بمن بالفتحة نيابة عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث ، أعودها : أعود : فعل مضارع ، والفاعل : أنا. وها : في محل نصب مفعول به. والجملة : حالية في محل نصب.

الشاهد فيه : قوله : «خبرت سوداء الغميم مريضة» فقد أعمل «خبر» في مفاعيل ثلاثة. ويلاحظ أن الأكثر في نبأ وما بعدها أن تستعمل مبنيّة للمجهول.

١٢١

أسئلة

١ ـ اذكر أقسام الأفعال القلبية باعتبار معناها ـ ثم مثل لكل منها بمثال.

٢ ـ متى تنصب كلّ من (رأى ـ علم) مفعولا واحدا؟ ومتى تنصبان مفعولين؟ مثل لكل منهما في جمل تامة.

٣ ـ ماذا يراد بأفعال التحويل؟ وما عملها؟ مثل لكل فعل منها في جمل من عندك.

٤ ـ (من أفعال القلوب ما يتصرف ومنها ما لا يتصرف).

بيّن المقصود بالتصرف وعدمه .. ثم عدّد أفعال كل قسم في جمل تامّة.

٥ ـ ما التعليق؟ وما الإلغاء؟ وبماذا يختصان؟ وما الفرق بينهما؟ اشرح ذلك شرحا مفصلا مع ذكر الأمثلة ..

٦ ـ اذكر متى يجوز إلغاء الفعل القلبي؟ ومتى يستوى إعماله وإهماله؟ ومتى يكون أحدهما أرجح من الآخر؟ وكيف توجّه قول الشاعر : (وما إخال لدينا منك تنويل) وقول الآخر : (أنّي وجدت ملاك الشيمة الأدب).

٧ ـ قال تعالى : (وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ (١) إِلَّا قَلِيلاً).

ما نوع (إن) في هذه الآية؟ وهل ترى أن الفعل فيها معلق عن العمل؟ بيّن ما قيل في ذلك .. ثم اذكر رأيك ..

٨ ـ اذكر أهم معلّقات الفعل القلبي عن العمل ومثل لكل منها بمثال.

__________________

(١) آية ٥٢ سورة الإسراء.

١٢٢

٩ ـ متى تأتي (ظن) متعدية لمفعولين؟ ومتى تأتي متعدية لواحد مثّل لذلك.

١٠ ـ تأتي (رأى) في العربية .. (علمية وبصرية وحلمية وبمعنى الرأي) مثل لها في كل حالة. وبيّن ما تحتاجه من مفاعيل ...

١١ ـ ما شرط إجراء القول مجرى الظن؟ وما حكم ما بعده من جملة أو مفرد مثل.

١٢ ـ متى يجوز حذف المفعولين أو أحدهما في هذا الباب؟ ومتى يمتنع ذلك مثل لما تقول.

١٣ ـ ما الأفعال التي تنصب ثلاثة مفاعيل؟ وما حكم مفعوليها الثاني والثالث بالتفصيل؟ اذكر ما بينها وما بين ما ينصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر من صلة؟ ومثّل لما تقول.

١٤ ـ ما حكم مفعولي (أرى وأعلم) إذا تعديا إلى مفعولين لا إلى ثلاثة؟ مثّل.

١٢٣

تمرينات

١ ـ بيّن فيما يأتي الأفعال المتعدية إلى ثلاثة أو إلى اثنين أو إلى واحد .. ثم أعربها.

(ا) (وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ)(١).

(ب) (إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلاً ـ وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنازَعْتُمْ)(٢) فِي الْأَمْرِ.

(ج) (قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا؟ قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ)(٣).

(د) (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً ـ أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ)(٤)؟

(ه) (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ)(٥).

(و) (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً)(٦).

٢ ـ بين ما في الأمثلة الآتية من إلغاء أو تعليق مع بيان الأرجح وذكر السبب؟

(ا) البركة أعلمنا الله مع الأكابر.

(ب) (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)(٧).

__________________

(١) آية ١٤٣ سورة آل عمران.

(٢) آية ٤٣ سورة الأنفال.

(٣) آية ٣ سورة التحريم.

(٤) آية ١٩ سورة الزخرف.

(٥) آية ٤٢ سورة إبراهيم.

(٦) آية ٧٨ سورة النحل.

(٧) آية ٢٢٧ آخر آية من سورة الشعراء.

١٢٤

(ج) (لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً)(١).

(د) الامتحان سهلا ظنت.

٣ ـ كوّن ثلاث جمل تتضمن كلّ منها فعلا ناصبا لثلاثة مفاعيل ـ بحيث يكون المفعول الثالث في الأولى جمع تكسير ، وفي الثانية جمع مذكر سالما ـ وفي الثالثة جمع مؤنث.

٤ ـ هات ثلاث جمل تستوعب فيها أنواع (رأى) علمية وبصرية وحلمية مشيرا إلى مفاعيلها.

٥ ـ هات جملتين تتضمن كل منها فعلين ناصبين لمفعولين وهما غير متصرفين ....

٦ ـ بين المحذوف في العبارات الآتية ثم اذكر تقديره ....

(أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ)(٢).

بأي كتاب أم بأيّة سنّة

ترى حبّهم عارا عليّ وتحسب؟

(وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى)(٣).

(حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ)(٤).

(فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى)(٥).

٧ ـ كون جملتين فيهما فعلان من هذا الباب لم ينصبا مفعولين.

٨ ـ علام يستشهد النحاة بما يأتي؟

(ا) قوله تعالى : (إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً)(٦).

(ب) قوله تعالى : (وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ)(٧).

__________________

(١) آية ١٢ سورة الكهف.

(٢) آية ٦٢ سورة القصص.

(٣) آية ٥ سورة الضحى.

(٤) آية ٢٩ سورة التوبة.

(٥) آيتا ٥ ، ٦ سورة الليل.

(٦) آية ٣٦ سورة يوسف.

(٧) آية ٢٤ سورة التكوير.

١٢٥

(ج) قوله تعالى : (وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ)(١).

(د) قول الشاعر :

أجهالا تقول بني لؤىّ

لعمر أبيك أم متجاهلينا

(ه) قول الشاعر :

ولقد نزلت فلا تظني غيره

مني بمنزلة المحبّ المكرم

٩ ـ قال ابن زيدون :

لا تحسبوا نأيكم عنّا يغيرنا

إن طالما غيّر النأي المحبينا

اشرح هذا البيت وأعرب ما تحته خط.

__________________

(١) آية ٩٩ سورة الكهف.

١٢٦

بسم الله الرحمن الرحيم

الفاعل

الفاعل الذي كمرفوعي : أتى

زيد ، منيرا وجهه ، نعم الفتى (١)

لما فرغ من الكلام على نواسخ الابتداء شرع في ذكر ما يطلبه الفعل التامّ من المرفوع ، وهو : الفاعل أو نائبه ، وسيأتي الكلام على نائبه في الباب الذي يلي هذا الباب.

تعريف الفاعل :

فأما الفاعل فهو : الاسم المسند إليه فعل على طريقة «فعل» (٢) أو شبهه.

__________________

(١) زيد : فاعل أتى مرفوع بالضمة. وجهه : فاعل منيرا مرفوع بالضمة. والهاء. ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة. زيد ووجه : هما الفاعلان المرفوعان الممثل بهما في كلام المؤلف ـ الأول مرفوع بفعل ، والثاني مرفوع بشبه فعل ـ منيرا : صفة مشبهة تعمل عمل الفعل ـ

(٢) فعل : بفتحتين : وطريقته هي كونه مبنيا للفاعل ثلاثيا كان أو غيره. مفتوح العين أو غيره.

١٢٧

أحكام الفاعل (١)

١ ـ وحكمه الرفع (٢) :

والمراد بالاسم : ما يشمل الصريح نحو : «قام زيد». والمؤول به نحو : «يعجبني أن تقوم» (٣) ، أي قيامك فخرج بالمسند إليه فعل ما أسند إليه غيره نحو : زيد أخوك (٤). أو جملة : نحو : زيد قام أبوه (٥) أو : زيد قام (٦).

__________________

(١) أحكام الفاعل سبعة أوردها ابن مالك في الألفية وهي : ١ ـ الرفع. ٢ ـ وجوب تأخره عن رافعه. ٣ ـ وجوب ذكره لأنه عمدة. ٤ ـ إفراد الفعل له في حال تثنيته وجمعه. ٥ ـ جواز حذف فعله. ٦ ـ تأنيث الفعل للفاعل المؤنث. ٧ ـ استحقاقه للاتصال بفعله دون فاصل.

(٢) قد يجر لفظ الفاعل بإضافة المصدر نحو «ولو لا دفع الله الناس» أو اسم المصدر نحو «من قبلة الرجل امرأته الوضوء» من قبيل إضافة المصدر أو اسم المصدر لفاعله كما يجر لفظ الفاعل بمن والباء الزائدتين نحو «أن تقولوا : ما جاءنا من بشير» «كفى بالله شهيدا» أي ما جاءنا بشير وكفى الله. فالفاعل مجرور لفظا مرفوع تقديرا. نقول في إعرابه : من بشير : من حرف زائد. بشير فاعل مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد.

(٣) أن تقوم : أن حرف مصدري ونصب. تقوم : فعل مضارع منصوب بأن علامة نصبه فتحة ظاهرة. والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. وأن وما بعدها في تأويل مصدر مرفوع فاعل يعجبني تقديره «قيامك».

(٤) زيد أخوك : أخو : خبر المبتدأ زيد مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنه من الأسماء الستة. والكاف مضاف إليه وهو اسم جامد أسند للمبتدأ زيد.

(٥) قام أبوه : فعل وفاعل : جملة فعلية في محل رفع خبر عن المبتدأ زيد ، فهي جملة مسندة للمبتدأ.

(٦) قام فعل ماض ، فاعله ضمير مستتر جوازا يعود على زيد تقديره : هو. والفعل والفاعل جملة في محل رفع خبر المبتدأ.

١٢٨

أو ما هو في قوة الجملة نحو : زيد قائم غلامه (١) ، أو زيد قائم أي هو (٢) وخرج بقولنا : على طريقة «فعل» ، ما أسند إليه فعل على طريقة «فعل» وهو النائب عن الفاعل نحو : ضرب زيد.

والمراد بشبه الفعل المذكور :

(أ) اسم الفاعل ، نحو : أقائم الزيدان؟ (٣).

(ب) والصفة المشبهة ، نحو : زيد حسن وجهه.

(ج) والمصدر ، نحو : عجبت من ضرب زيد عمرا. (٤).

(د) واسم الفعل ، نحو : هيهات العقيق (٥).

__________________

(١) قائم غلامه : قائم : خبر المبتدأ زيد مرفوع ـ علامة رفعه ضمة ظاهرة ، غلامه : فاعل بقائم مرفوع بضمة ظاهرة ، والهاء : مضاف إليه ضمير متصل مبني على الضم في محل جر. فاسم الفاعل قائم ومرفوعه في قوة الجملة ولكنه اسم مفرد وهو جزء من جملة.

(٢) قائم وفاعله الضمير المستتر مثل المثال السابق (١) في الإعراب والحكم.

(٣) أقائم الزيدان : الهمزة للاستفهام. قائم : مبتدأ مرفوع ـ بضمة ظاهرة. الزيدان : فاعل بقائم مرفوع علامة رفعه الألف لأنه مثنى ، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد. وهذا الفاعل سدّ مسدّ الخبر.

(٤) بتنوين ضرب ورفع زيد على أنه فاعل المصدر لأن الكلام في الفاعل المرفوع لفظا.

(٥) هيهات العقيق : هيهات : اسم فعل ماض بمعنى بعد مبني على الفتح لا محل له. العقيق : فاعل مرفوع بهيهات علامة رفعه ضمة ظاهرة.

١٢٩

(ه) والظرف ، والجار والمجرور ، نحو : زيد عندك أبوه (١). أو : زيد في الدار غلاماه (٢).

(و) وأفعل التفضيل ، نحو : مررت بالأفضل أبوه ، فأبوه مرفوع بالأفضل.

وإلى ما ذكر أشار المصنف بقوله : «كمرفوعي أتى ـ الخ» ، والمراد بالمرفوعين :

(أ) ما كان مرفوعا بالفعل.

(ب) أو بشبه الفعل ، كما تقدم ذكره.

ومثل للمرفوع بالفعل بمثالين : أحدهما ما رفع بفعل متصرف نحو «أتى زيد» والثاني : ما رفع بفعل غير متصرف : نحو «نعم الفتى» ومثل للمرفوع بشبه الفعل بقوله «منيرا وجهه».

__________________

(١) زيد : مبتدأ مرفوع. عند : ظرف مكان منصوب بالفتحة متعلق بخبر محذوف لزيد تقديره «كائن» والكاف في محل جر مضاف إليه. أبوه : فاعل بالظرف عندك مرفوع علامة رفعه الواو لأنه من الأسماء الستة والهاء مضاف إليه. هكذا أراد الشارح ، ولعلّ الأنسب والأسهل في الإعراب أن نجعل : عندك متعلق بمحذوف خبر مقدم لأبوه ، والجملة الاسمية «عندك أبوه» في محل رفع خبر المبتدأ زيد ، وعلى هذا الوجه لا يبقى في الجملة استشهاد لعمل الظرف عمل الفعل.

(٢) زيد : مبتدأ مرفوع. في الدار : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لزيد تقديره «كائن» غلاماه : فاعل بالجار والمجرور وعلامة رفعه الألف لأنه مثنى وحذفت النون للإضافة. والهاء مضاف إليه في محل جر.

١٣٠

٢ ـ وجوب تأخر الفاعل عن رافعه :

وبعد فعل فاعل فإن ظهر

فهو وإلا فضمير استتر (١)

حكم الفاعل التأخّر عن رافعه ، وهو الفعل أو شبهه ، نحو : قام الزيدان ، وزيد قائم غلاماه (٢). وقام زيد. ولا يجوز تقديمه على رافعه (٣) فلا تقول : الزيدان قام ولا زيد غلاماه قائم. ولا زيد قام على أن يكون زيد فاعلا مقدما. بل على أن يكون مبتدأ ، والفعل بعده رافع لضمير مستتر والتقدير : زيد قام هو. وهذا مذهب البصريين وأما الكوفيون فأجازوا التقديم في ذلك كلّه (٤).

__________________

(١) بعد : ظرف منصوب متعلق بمحذوف خبر مقدم. فاعل : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. فهو : الفاء : رابطة لجواب الشرط «إن ظهر» هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ وخبره محذوف تقديره «المطلوب» والجملة الاسمية في محل جزم جواب الشرط. وإلا : الواو عاطفة. إن حرف شرط جازم يجزم فعلين. لا نافية. وفعل الشرط محذوف لدلالة الكلام عليه تقديره «وإن لا يظهر» فضمير : الفاء واقعة في جواب الشرط. ضمير : خبر لمبتدأ محذوف تقديره فهو ضمير. والجملة في محل جزم جواب الشرط.

(٢) قائم : خبر زيد مرفوع. غلاماه : فاعل بقائم مرفوع علامة رفعه الألف لأنه مثنى. وحذفت النون للإضافة. والهاء مضاف إليه.

(٣) لأن الفعل وفاعله كجزأي كلمة واحدة فلا يقوم عجزها عن صدرها ، فإن وجد ما ظاهره التقديم وجب كون الفاعل ضميرا مستترا. والمقدم إما مبتدأ كزيد ضرب ، أو فاعل بمحذوف نحو : وإن أحد من المشركين استجارك فأجره.

(٤) دليل الكوفيين قول الزبّاء ـ بفتح الزاي وشدّ الموحّدة :

ما للجمال مشيها وئيدا

أجندلا يحملن أم حديدا

أم الرجال جثّما قعودا

رفع مشيها على أنه فاعل مقدم لوئيدا ، وهو ليس مبتدأ لعدم وجود خبر له ـ لنصب وئيدا على الحال وللبيت روايتان غير هذه : إحداهما بنصب مشيها على المصدر : التقدير : تمشي مشيها والثانية بجر مشيها على أنه بدل اشتمال من الجمال. وعلى رواية الرفع لا يتحتم استدلال الكوفيين لإمكان جعل مشيها مبتدأ خبره محذوف لسدّ الحال مسدّه التقدير : مشيها يظهر وئيدا.

١٣١

وتظهر فائدة الخلاف في غير الصورة الأخيرة وهي صورة الإفراد ، نحو : زيد قام ، فتقول على مذهب الكوفيين : الزيدان قام ، والزيدون قام. وعلى مذهب البصريين يجب أن تقول : الزيدان قاما ، والزيدون قاموا ، فتأنّي بألف وواو في الفعل ويكونان هما الفاعلين. هذا معنى قوله : وبعد فعل فاعل.

٣ ـ وجوب ذكر الفاعل لأنه عمدة :

وأشار بقوله : فإن ظهر إلى آخره : إلى أن الفعل وشبهه لا بدّ له من مرفوع ، فإن ظهر فلا إضمار ، نحو قام زيد. وإن لم يظهر فهو ضمير ، نحو : زيد قام أي هو.

٤ ـ إفراد الفعل في حالة تثنية الفاعل أو جمعه :

وجرد الفعل إذا ما أسندا

لاثنين أو جمع كفاز الشهدا (١)

وقد يقال : سعدا وسعدوا

والفعل للظاهر بعد مسند (٢)

__________________

(١) إذا : ظرف يتضمن معنى الشرط مبني على السكون في محل نصب على الظرفية متعلق بالجواب المحذوف وتقديره «فجرده» ما : زائده. أسند : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. ونائب الفاعل : ضمير مستتر فيه جوازا تقديره «هو» يعود إلى الفعل والجملة من الفعل والفاعل في محل جر بإضافة إذا إليها. فاز الشهدا : فاز : فعل ماض مبني على الفتح. الشهدا : فاعل مرفوع بضمة مقدرة على الألف لأنه الآن مقصور ـ وهو في الأصل ممدود ـ فهذه العبارة مثال على أن الفعل بقي مفردا مع أن فاعله جمع.

(٢) مراد المؤلف : قد يقال : سعدا المحسنان ـ مثلا ـ وسعدوا المحسنون. وتعرب كما يلي : سعد : فعل ماض مبنى على الفتح ، والألف حرف يدل على أن الفاعل مثنى. المحسنان : فاعل لسعد مرفوع وعلامة رفعه الألف لأنه مثنى. والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد. ومثله : سعدوا. فالفعل فيهما ليس مسندا للضمير وإنما هو مسند للاسم الظاهر بعد الضمير.

١٣٢

مذهب جمهور العرب أنه إذا أسند الفعل إلى ظاهر مثنى أو مجموع ، وجب تجريده من علامة تدل على التثنية أو الجمع ، فيكون كحاله إذا أسند إلى مفرد : فتقول : قام الزيدان ، وقام الزيدون ، وقامت الهندات ، كما تقول : قام زيد. ولا تقول على مذهب هؤلاء ؛ قاما الزيدان ولا قاموا الزيدون ، ولا قمن الهندات ؛ فتأتي بعلامة في الفعل الرافع للظاهر ، على أن يكون ما بعد الفعل مرفوعا به ، وما اتصل بالفعل من الألف والواو والنون حروف تدل على تثنية الفاعل أو جمعه ، بل على أن يكون الاسم الظاهر مبتدأ مؤخرا والفعل المتقدم وما اتصل به اسما في موضع رفع به ، والجملة في موضع رفع خبرا عن الاسم المتأخر (١). ويحتمل وجها آخر وهو أن يكون ما اتصل بالفعل مرفوعا به كما تقدم. وما بعده بدل مما اتصل بالفعل من الأسماء المضمرة أعني : الألف والواو والنون (٢).

ومذهب طائفة من العرب ـ وهم بنو الحارث بن كعب ، كما نقل الصفّار في شرح الكتاب : ـ أن الفعل إذا أسند إلى ظاهر مثنى أو مجموع ، أتي فيه بعلامة تدل على التثنية أو الجمع فتقول : قاما الزيدان. وقاموا الزيدون. وفمن الهندات (٣) ،

__________________

(١) قاما الزيدان ، وما بعدهما على هذا الوجه تكون جملة اسمية الخبر فيها جملة فعلية ، وإنما قدم الخبر على المبتدأ ، فبدلا من «الزيدان قاما» على الأصل ـ قالوا : «قاما الزيدان».

(٢) قاما الزيدان ، وما بعدها على هذا الوجه تكون جملة واحدة فعلية قوامها الفعل وفاعله الضمير المتصل والاسم الظاهر بدل من الضمير المتصل.

(٣) قمن الهندات : إعراب هذه الجملة على مذهب هؤلاء : قام : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بالنون. والنون حرف يدل على جمع الإناث. الهندات : فاعل قمن مرفوع بالضمة ومثل هذا يعرب المثالان الآخران.

١٣٣

فتكون الألف والواو والنون حروفا تدل على التثنية والجمع ـ كما كانت التاء في : «قامت هند» حرفا تدل على التأنيث عند جميع العرب ـ والاسم الذي بعد الفعل المذكور مرفوع به ، كما ارتفعت هند بقامت ، ومن ذلك قوله :

١ ـ تولّى قتال المارقين بنفسه

وقد أسلماه مبعد وحميم (١)

__________________

(١) قائل هذا البيت عبد الله بن قيس الرقيّات يرثي مصعب بن الزبير. المارقين : جمع مارق من مرق من الدين : خرج منه وهم الخوارج. أسلماه : خذلاه وتركا نصرته. مبعد. بصيغة اسم المفعول. الأجنبي من النسب. الحميم : القريب الذي نهتم لأمره.

المعنى : نهض مصعب بقتال الخوارج معتمدا على الله ثم على بأسه وقوته الخاصة بعد أن تخلى عنه الأعوان والأنصار قريبهم وبعيدهم.

الإعراب : «تولّى» فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر. والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره : هو يعود على قتيل في بيت سابق. قتال : مفعول به منصوب بفتحة ظاهرة. المارقين ؛ مضاف إليه مجرور علامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم. «بنفسه» الباء حرف جر زائد نفس : توكيد للضمير المستتر في تولى وهو مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال آخره بحركة حرف الجر الزائد ـ والواجب في مثل هذا التوكيد بالنفس والعين لضمير الرفع أن تسبق النفس والعين بضمير منفصل ـ تولى هو بنفسه ـ قلنا تخلصا من هذه المخالفة أن تعرب «بنفسه» جار ومجرور متعلق بتولى. وقد : الواو حالية. قد : حرف تحقيق «أسلماه» : أسلم فعل ماض مبني على الفتح. والألف حرف دال على التثنية. والهاء : ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به. «مبعد» فاعل أسلم مرفوع بضمة ظاهرة. «وحميم» الواو حرف عطف حميم : معطوف على مبعد ومرفوع مثله بضمة ظاهرة. وجملة «وقد أسلماه مبعد» في محل نصب حال من ضمير تولى.

الشاهد : أسلماه مبعد وحميم. حيث وصل بالفعل أسلم علامة التثنية الألف مع أن الفعل مسند للظاهر مبعد. وهذا الكلام على مذهب بني الحارث بن كعب. أو لغة أكلوني البراغيث ولو جرى على اللغة الفصحى لقال : وقد أسلمه مبعد وحميم.

١٣٤

وقوله :

٢ ـ يلومونني في اشتراء النخيل

أهلي فكلّهم يعذل (١)

وقوله :

٣ ـ رأين الغواني الشيب لاح بعارضي

فأعرضن عني بالخدود النواضر (٢)

__________________

(١) اللّوم والعذل : مترادفان. الأهل : أهل الرجل وقرابته ويطلق على الزوجة وعلى أهل البيت (اللغة) ومنه : أهل الرجل وتأهّل : تزوج.

المعنى : قد لامني أهلي وأقربائي جميعهم في اشترائي النخيل ، فكلما لقيت واحدا منهم عذلني ولا مني.

الإعراب : يلومونني : فعل مضارع مرفوع للتجرد علامة رفعه ثبوت النون والنون الثانية للوقاية. والواو حرف دال على جمع الذكور. والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم : «أهلي» : فاعل يلومونني مرفوع علامة رفعه ضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم. وياء المتكلم في محل جر بالإضافة. «فكلهم» الفاء عاطفة. كل : مبتدأ مرفوع. والهاء مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور. يعذل : فعل مضارع مرفوع. فاعله ضمير مستتر جوازا يعود على كل. تقديره هو وجملة يعذل في محل رفع خبر كلّ.

الشاهد : قوله : «يلومونني أهلي» حيث لحقته واو الجمع مع استناده إلى ظاهر دال على الجمع وهو أهلي ـ كما هي لغة أكلوني البراغيث ، ولو جرى على اللغة الفصحى لقال : يلومنى أهلي.

(٢) قائله : محمد بن عبد الله العبثي. الغواني : جمع غانية وهي المرأة المستغنية بحسنها عن الزينة. العارض : صفحة الخد. النواضر : الجميلة الحسنة.

المعنى : إن النساء الحسان المعتدات بجمالهن أبصرن الشيب قد ظهر في صفحة خدي فأعرضن وولين عني بخدودهن الجميلة.

الإعراب : رأين : رأى فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بالنون. والنون : حرف دال على جماعة الإناث الغواني. فاعل رأى مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل. الشيب : مفعول به منصوب. لاح : فعل ماض مبني على الفتح. والفاعل : ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الشيب بعارضي : جار ومجرور متعلق بلاح :

١٣٥

فمبعد وحميم : مرفوعان بقوله : أسلماه. والألف في : أسلماه حرف يدل على كون الفاعل اثنين وكذلك أهلي مرفوع بقوله : يلومونني ، والواو حرف يدل على الجمع ، والغواني : مرفوع ب «رأين» والنون حرف يدل على جمع المؤنث.

وإلى هذه اللغة أشار المصنف بقوله : وقد يقال سعدا وسعدوا إلى آخر البيت ومعناه أنه يؤتي في الفعل المسند إلى الظاهر بعلامة تدل على التثنية أو الجمع. فأشعر قوله : «وقد يقال» بأن هذا قليل ، والأمر كذلك ، وإنما قال «والفعل للظاهر بعد مسند» لينبه على أن مثل هذا التركيب إنما يكون قليلا إذا جعلت الفعل مسندا إلى الظاهر الذي بعده ، وأما إذا جعلته مسندا إلى المتصل به من الألف والواو والنون وجعلت الظاهر مبتدأ أو بدلا من من الضمير فلا يكون ذلك قليلا.

وهذه اللغة القليلة هي التي يعبّر عنها النحويون بلغة «أكلوني البراغيث» ويعبّر عنها المصنف في كتبه بلغة «يتعاقبون (١) فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار».

__________________

وياء المتكلم في محل جر مضاف إليه. فأعرضن : الفاء حرف عطف. أعرض. فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة. والنون : ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل. عني : جار ومجرور وبينهما نون الوقاية. متعلق بأعرضن. بالخدود : جار ومجرور متعلق بأعرضن النواضر : صفة للخدود مجرور. جملة رأين الغواني : ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة لاح بعارضى : في محل نصب حال من الشيب. وجملة أعرضن : معطوفة على جملة رأين فهي مثلها لا محل لها من الإعراب.

الشاهد : قوله : «رأين الغواني» حيث لحقت الفعل نون الإناث مع إسناده للاسم الظاهر بعده وهو «الغواني» على لغة «أكلوني البراغيث» ولو جرى على اللغة الفصحى لقال : رأت الغواني أو رأى الغواني.

(١) يتعاقبون : تأتي طائفة عقب أخرى.

١٣٦

فالبراغيث : فاعل أكلوني ، وملائكة : فاعل يتعاقبون. هكذا زعم المصنف (١).

* * *

٥ ـ حذف فعل الفاعل :

ويرفع الفاعل فعل أضمرا

كمثل : زيد في جواب من قرا؟ (٢)

(أ) حذفه جوازا :

إذا دلّ دليل على الفعل جاز حذفه وإبقاء فاعله ، كما إذا قيل لك :

من قرأ؟ فتقول : زيد. التقدير قرأ زيد.

(ب) حذفه وجوبا :

وقد يحذف الفعل وجوبا كقوله تعالى : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ)(٣) فأحد فاعل بفعل محذوف وجوبا والتقدير «وإن استجارك أحد استجارك».

__________________

(١) يشير الشارح إلى أن جعل المصنف ابن مالك «يتعاقبون ملائكة» من اللغة القليلة مردود غير مسلم لأن ما ذكره المصنف هو حديث مختصر حذف الراوي صدره ولفظه الكامل : «إن لله ملائكة يتعاقبون فيكم ، ملائكة بالليل ، وملائكة بالنهار» فيتعاقبون : صفة لملائكة السابق. والواو في : يتعاقبون ضمير يرجع إلى ملائكة ، وملائكة بالليل ، مستأنف لبيان ما أجمل أولا. وهكذا يكون الحال في الاختصار ، فالواو ضمير عائد إلى ملائكة المحذوفة كأصلها.

(٢) زيد : فاعل بفعل محذوف جوازا دل عليه السؤال تقديره : قرأ زيد. مرفوع بضمة ظاهرة. من قرأ : من اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. قرأ : فعل ماض مبني على الفتح وفاعله ضمير مستتر فيه. جوازا يعود إلى من. والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر من.

(٣) الآية ٦ من سورة التوبة وتمامها : «فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ».

١٣٧

وكذلك كل اسم مرفوع وقع بعد إن أو إذا فإنه مرفوع بفعل محذوف وجوبا. ومثال ذلك في إذا قوله تعالى : (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ)(١) فالسماء فاعل بفعل محذوف والتقدير : إذا انشقت السماء انشقّت. وهذا مذهب جمهور النحويين.

وسيأتي الكلام على هذه المسألة في باب الاشتغال إن شاء الله تعالى.

٦ ـ تأنيث الفعل إذا أسند لفاعل مؤنث :

وتاء تأنيث تلي الماضي إذا

كان لأنثى كأبت هند الأذى (٢)

إذا أسند الفعل الماضي (٣) لمؤنث لحقته تاء ساكنة تدل على كون الفاعل مؤنثا (٤) ولا فرق في ذلك بين الحقيقي والمجازي (٥) : نحو : «قامت هند» و «طلعت الشمس» (٦). ولكن لها حالتان :

(أ) حالة لزوم.

(ب) وحالة جواز ، وسيأتي الكلام على ذلك.

__________________

(١) الآية الأولى من سورة الانشقاق.

(٢) أبت : أبى فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف المحذوفة تخلصا من التقاء الساكنين : الألف المقصورة وتاء التأنيث. والتاء للتأنيث. هند : فاعل مرفوع. الأذى : مفعول به منصوب بالفتحة المقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر.

(٣) أما المضارع فتلزمه في أوله تاء المضارعة إذا أسند لمؤنث.

(٤) مثل الفاعل في هذا نائبه ، واسم كان ، نحو : زوّجت الفتاة. كانت زينب نائمة.

(٥) المؤنث الحقيقي : ما له فرج كالمرأة والنعجة ، والمؤنث المجازي : ما لا فرج له كالشمس والأرض وقد يكون الاسم مؤنثا بالتأويل كالكتاب مرادا به الصحيفة. أو مؤنثا بالحكم وهو المضاف لمؤنث كصدر القناة.

(٦) كسرت تاء التأنيث الساكنة تخلصا من التقاء الساكنين.

١٣٨

لزوم تاء التأنيث :

وإنما تلزم فعل مضمر

متصل ، أو مفهم ذات حر (١)

تلزم تاء التأنيث الساكنة الفعل الماضي في موضعين :

أحدهما : أن يسند الفعل إلى ضمير مؤنث متصل. ولا فرق في ذلك بين المؤنث الحقيقي والمجازي : فتقول : هند قامت ، والشمس طلعت ، ولا تقول : قام ولا طلع.

فإن كان الضمير منفصلا لم يؤت بالتاء ، نحو : هند ما قام إلا هي.

الثاني : أن يكون الفاعل ظاهرا حقيقيّ التأنيث (٢). نحو : قامت هند ، وهو المراد بقوله : أو مفهم ذات حر ، وأصل حر : حرح فحذفت لام الكلمة.

وفهم من كلامه أن التاء لا تلزم في غير هذين الموضعين ؛ فلا تلزم في المؤنث المجازى الظاهر فتقول : طلع الشمس ، وطلعت الشمس ، ولا في الجمع على ما سيأتي تفصيله.

__________________

(١) قوله : فعل مضمر ـ أي فعل فاعل مضمر. إنما : كافة ومكفوفة لا عمل لها. والكافة هي : ما الزائدة. والمكفوفة هي إنّ. لأنها فقدت اختصاصها بالمبتدأ والخبر بعد دخول ما الزائدة عليها. أو : حرف عطف. مفهم. معطوف على مضمر ومجرور مثله. والمعنى أو فعل اسم ظاهر مفهم. ذات : مفعول به لاسم الفاعل مفهم. منصوب فتحته ظاهرة. حر : مضاف إليه مجرور.

(٢) سواء كان مؤنثا بالتاء كفاطمة أو لا كزينب.

١٣٩

جواز حذف التاء :

وقد يبيح الفصل ترك التاء في

نحو : أتى القاضي بنت الواقف (١)

إذا فصل بين الفعل وفاعله المؤنث الحقيقي بغير إلا جاز إثبات التاء وحذفها (٢) والأجود الإثبات فتقول : أتى القاضي بنت الواقف ، والأجود : أتت. وتقول : قام اليوم هند ، والأجود قامت.

والحذف مع فصل بإلا فضّلا

كما زكا إلا فتاة ابن العلا (٣)

وإذا فصل بين الفعل وفاعله المؤنث بإلا ، لم يجز إثبات التاء عند الجمهور (٤) فتقول. ما قام إلّا هند ، وما طلع إلا الشمس. ولا يجوز : ما قامت إلا هند ، وما طلعت إلا الشمس. وقد جاء في الشعر كقوله :

__________________

(١) أتى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر. القاضي. مفعول به مقدم منصوب ـ فتحته ظاهرة بنت : فاعل مؤخر مرفوع. في هذه الجملة ـ تجرد الفعل الماضى أتى من تاء التأنيث لوجود الفاصل بين الفعل والفاعل وهو المفعول به.

(٢) لأن الفصل بين الفعل والفاعل يضعف العناية بالفاعل لبعده عن الفعل ويصيّر الفصل كالعوض عن التاء.

(٣) ما زكا : ما نافية. زكا : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر. إلا : أداة حصر : فتاة : فاعل زكا مرفوع ضمته ظاهرة. في هذه الجملة حذفت تاء التأنيث من الفعل زكا لأن إلا فصلت بين الفعل والفاعل.

(٤) لأن الفاعل في الحقيقة مذكر محذوف إذ المعنى : ما قام أحد إلا هند ، وإنما جوّز المصنف إثباتها نظرا للظاهر الملفوظ به.

١٤٠