تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك

الدكتور محمّد علي سلطاني

تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك

المؤلف:

الدكتور محمّد علي سلطاني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار العصماء
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٦٧

(د) أو دلّ على نظافة ك «طهر الثوب ونظف» أو على دنس ك «دنس الثوب ووسخ».

(ه) أو دلّ على عرض (١) نحو «مرض زيد ، واحمرّ»

(و) أو كان مطاوعا لما تعدّى إلى مفعول واحد نحو : «مددت الحديد فامتدّ ، ودحرجت زيدا فتدحرج» واحترز بقوله «لواحد» مما طاوع المتعدي إلى اثنين ، فإنه لا يكون لازما بل يكون متعديا إلى مفعول واحد نحو «فهّمت زيدا المسألة ففهمها ، وعلّمته النحو فتعلّمه».

تعدي الفعل اللازم بحرف الجر :

وعدّ لازما بحرف جرّ

وإن حذف فالنصب للمنجرّ (٢)

نقلا وفي «أنّ» و «أن» يطّرد

مع أمن لبس كعجبت أن يدوا (٣)

تقدّم أن الفعل المتعدي يصل إلى مفعوله بنفسه ، وذكر هنا أن الفعل اللازم يصل إلى مفعوله بحرف جر (٤) ، نحو «مررت بزيد» وقد يحذف

__________________

(١) العرض : هو المعنى الذي لا يلازم الفاعل ، ولا يكون دالا على حركة.

(٢) عدّ : فعل أمر مبني على حذف حرف العلة وهو الياء والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت. وإن حذف : الضمير المستتر فيه نائب فاعل يعود إلى حرف الجر.

(٣) يطّرد : الضمير المستتر فيه جوازا تقديره هو أي الحذف يعود إلى المصدر المفهوم من قوله «حذف» في البيت السابق.

(٤) يتعدى اللازم ويصل إلى مفعوله بهمزة التعدية مثل «أذهبت زيدا» وهذه الهمزة مقيسة في الفعل اللازم عند سيبويه ، كما يصل إلى مفعوله أيضا بتضعيف العين. مثل «كرّم الله المؤمنين» وإنما اقتصر الشارح على ذكر التعدي بحرف الجر لأن الفعل اللازم معه يبقى على صيغته.

٢٠١

حرف الجر فيصل إلى مفعوله بنفسه نحو «مررت زيدا» قال الشاعر :

١٨ ـ تمرّون الديار ولم تعوجوا

كلامكم عليّ إذا حرام (١)

أي : تمرون بالديار.

ومذهب الجمهور : أنه لا ينقاس حذف حرف الجر مع غير أنّ وأن (٢) ، بل يقتصر فيه على السماع.

وذهب أبو الحسن علي بن سليمان البغداديّ وهو الأخفش الصغير إلى أنه يجوز الحذف مع غيرهما قياسا بشرط تعيّن الحرف ، ومكان الحذف ، نحو «بريت القلم بالسكين» فيجوز عنده حذف الباء فتقول : «بريت

__________________

(١) قائله : جرير. لم تعوجوا : لم تقيموا. من عاج بالمكان : أقام به.

المعنى : «أقول لأصحابي في حال رحيلنا ومرورنا بديار الأحبة : مررتم بديار أحبتي ولم تقيموا بها مدة من الزمان ، لهذا فقد حرّمت على نفسي كلامكم مجازاة لكم».

الإعراب : تمرون : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة ، والواو فاعل. الديار : منصوب على نزع الخافض ـ الأصل تمرون بالديار كما قدره الشارح ـ ولم تعوجوا : الواو عاطفة أو حالية لم : حرف نفي وجزم وقلب. تعوجوا : مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. والواو فاعل. وجملة «لم تعوجوا» معطوفة على جملة «تمرون». أو حالية في محل نصب كلامكم. كلام : مبتدأ مرفوع والكاف مضاف إليه. والميم علامة جمع الذكور. عليّ : جار ومجرور متعلق بحرام. إذا : حرف جزاء وجواب. حرام : خبر كلام مرفوع.

الشاهد : قوله «تمرون الديار» حيث حذف حرف الجر الذي يتعدى به الفعل اللازم «تمرون» فنصب المجرور على نزع الخافض وهذا مقصور على السماع لا يطرد في كلامنا.

(٢) مثلها «كي» المصدرية فيطرد تقدير اللام قبلها نحو «جئت كي تكرمني» أي «لكي».

٢٠٢

القلم السكين» فإن لم يتعين الحرف لم يجز الحذف نحو «رغبت في زيد» فلا يجوز حذف «في» لأنه لا يدرى حينئذ هل التقدير : «رغبت عن زيد ، أو في زيد» وكذلك إن لم يتعيّن مكان الحذف لم يجز ، نحو «اخترت القوم من بني تميم» فلا يجوز الحذف ، فلا تقول : «اخترت القوم بني تميم» ، لأنه لا يدرى هل الأصل «اخترت القوم من بني تميم» أو «اخترت من القوم بني تميم».

وأما «أنّ وأن» فيجوز حذف حرف الجر معهما قياسا مطردا ، بشرط أمن اللبس كقولك : «عجبت أن يدوا» والأصل «عجبت من أن يدوا» أي من أن يعطوا الدية ، ومثال ذلك مع «أنّ» بالتشديد «عجبت من أنّك قائم» فيجوز حذف «من» فنقول : «عجبت أنّك قائم» فإن حصل لبس لم يجز الحذف ، نحو «رغبت في أن تقوم» أو «رغبت في أنّك قائم» فلا يجوز حذف «في» لاحتمال أن يكون المحذوف «عن» فيحصل اللبس.

واختلف في محل «أنّ وأن» عند حذف حرف الجر :

(أ) فذهب الأخفش إلى أنهما في محل جر (١).

(ب) وذهب الكسائي إلى أنهما في محل نصب (٢).

(ج) وذهب سيبويه إلى تجويز الوجهين.

وحاصله : أن الفعل اللازم يصل إلى المفعول بحرف الجر ، ثم إن كان

__________________

(١) تمسك الأخفش بقول الشاعر :

وما زرت ليلى أن تكون حبيبة

إليّ ولا دين بها أنا طالبه

بجرّ «دين» عطفا على محل «أن تكون».

(٢) هو مذهب الخليل ، وهذا هو الأقيس لضعف الجار عن العمل محذوفا ، ولذا وجب النصب في غيرهما ، فكذا معهما.

٢٠٣

المجرور غير «أنّ وأن» لم يجز حذف حرف الجر إلا سماعا ، وإن كان «أنّ وأن» جاز قياسا عند أمن اللبس ، وهذا هو الصحيح.

ترتيب مفعولي الفعل :

والأصل سبق فاعل معنى كمن

من «ألبسن من زاركم نسج اليمن» (١)

إذا تعدى الفعل إلى مفعولين الثاني منهما ليس خبرا في الأصل ، فالأصل تقديم ما هو فاعل في المعنى نحو «أعطيت زيدا درهما» فالأصل تقديم «زيد» على «درهم» لأنه فاعل في المعنى ؛ لأنه الآخذ للدرهم وكذا «كسوت زيدا جبّة» و «ألبسن من زاركم نسج اليمن» ف «من» مفعول أول ، «ونسج» مفعول ثان ، والأصل تقديم «من» على «نسج اليمن» لأنه اللابس ، ويجوز تقديم ما ليس فاعلا معنى ، لكنه خلاف الأصل.

ويلزم الأصل لموجب عرا

وترك ذاك الأصل حتما قد يرى

أي يلزم الأصل ، وهو تقديم الفاعل في المعنى ـ إذا طرأ ما يوجب ذلك ، وهو خوف اللبس (٢) ، نحو «أعطيت زيدا عمرا» فيجب تقديم

__________________

(١) ألبسن : ألبس فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت من : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به أول. زاركم : زار فعل ماض مبني على الفتح وفاعله ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود على الموصول ، والكاف في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور ، وجملة زاركم لا محل لها من الإعراب صلة الموصول. نسج : مفعول به ثان لألبسن منصوب بالفتحة. اليمن : مضاف إليه مجرور.

(٢) ومنه أيضا كون المفعول الثاني محصورا فيه نحو : «إنما أعطيت زيدا درهما» ومنه كون المفعول الأول ضميرا متصلا والمفعول الثاني اسما ظاهرا نحو «أعطيتك درهما» فلا يقدم الثاني على الأول وإن قدم على الفعل.

٢٠٤

الآخذ منهما ، ولا يجوز تقديم غيره ، لأجل اللبس ؛ إذ يحتمل أن يكون هو الفاعل. وقد يجب تقديم ما ليس فاعلا في المعنى (١) ، وتأخير ما هو فاعل في المعنى ، نحو «أعطيت الدرهم صاحبه» فلا يجوز تقديم «صاحبه» وإن كان فاعلا في المعنى ، فلا تقول : «أعطيت صاحبه الدرهم» لئلا يعود الضمير على متأخر لفظا ورتبة ، وهو ممتنع. والله أعلم.

جواز حذف المفعول به الفضلة :

وحذف فضلة أجز إن لم يضر

كحذف ما سيق جوابا أو حصر (٢)

الفضلة : خلاف العمدة ، والعمدة : ما لا يستغنى عنه كالفاعل ، والفضلة : ما يمكن الاستغناء عنه كالمفعول به ؛ فيجوز حذف الفضلة إن لم يضر ، كقولك في «ضربت زيدا» «ضربت» بحذف المفعول به وكقولك في «أعطيت زيدا درهما» «أعطيت» ومنه قوله تعالى : «فَأَمَّا مَنْ أَعْطى (٣) وَاتَّقى» و «أعطيت زيدا» ومنه قوله تعالى : («وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ (٤) رَبُّكَ

__________________

(١) من أسباب وجوب تقديم غير الفاعل في المعنى الحصر في المفعول الأول نحو : «ما أعطيت الدرهم إلا زيدا» ومنها كون المفعول الثاني ضميرا متصلا والمفعول الأول اسما ظاهرا نحو : «الدرهم أعطيته زيدا» ومنها عود الضمير على متأخر لفظا ورتبة كما ذكر الشارح ومن أمثلته قولهم : «أسكنت الدار بانيها» و «أعطيت القوس باريها».

(٢) لم يضر : مضارع مجزوم ، تقول : ضار يضير ضيرا بمعنى ضرّ. حذف : مفعول به مقدم لأجز. تقدير الكلام : «أجز حذف فضله إن لم يضرّ الحذف».

(٣) «فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى» : الليل : ٥ حذف فيها مفعولا أعطى ، وكذلك حذف المفعولان من المثال : أعطيت.

(٤) «وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى» ـ الضحى : ٥ حذف فيها المفعول الثاني ليعطيك. كما حذف من المثال : أعطيت زيدا.

٢٠٥

فَتَرْضى» و «أعطيت درهما» قيل : ومنه قوله تعالى : (حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ)(١) التقدير ـ والله أعلم ـ حتى يعطوكم الجزية.

فإن ضرّ حذف الفضلة لم يجز حذفها :

(أ) كما إذا وقع المفعول به في جواب سؤال ، نحو : أن يقال : «من ضربت؟» فتقول : «ضربت زيدا».

(ب) أو وقع محصورا ، نحو «ما ضربت إلا زيدا» فلا يجوز حذف «زيدا» في الموضعين ، إذ لا يحصل في الأول الجواب ويبقى الكلام في الثاني دالا على نفي الضرب مطلقا ، والمقصود نفيه عن غير زيد فلا يفهم المقصود عند حذفه.

حذف ناصب الفضلة :

ويحذف الناصبها إن علما

وقد يكون حذفه ملتزما

(أ) يجوز حذف ناصب الفضلة إذا دلّ عليه دليل ، نحو أن يقال : «من ضربت»؟ فتقول «زيدا» التقدير : «ضربت زيدا» فحذف ضربت لدلالة ما قبله عليه ، وهذا الحذف جائز.

(ب) وقد يكون واجبا ، كما تقدم في باب الاشتغال ، نحو «زيدا ضربته» التقدير «ضربت زيدا ضربته» فحذف «ضربت» وجوبا كما تقدم ، والله أعلم.

__________________

(١) الآية : («قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ ـ) التوبة ٢٩» حتى : حرف غاية وجر. يعطوا مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد حتى وعلامة نصبه حذف النون. والواو فاعل. الجزية : مفعول به ثان ليعطوا منصوب. وأن المضمرة وما بعدها في تأويل مصدر مجرور بحتى ، التقدير : حتى إعطائهم الجزية ، والجار والمجرور متعلق بالفعل «قاتلوا» في صدر الآية.

٢٠٦

أسئلة ومناقشات

١ ـ ماذا يقصد بالفعل المتعدي؟ وما علامة التعدية؟ وبم يسمّى هذا الفعل؟ وهل منه قولك : «القعود قعدته»؟ ولماذا؟ مثل لكل ما تقول؟

٢ ـ ما الفعل اللازم؟ وما علامة لزومه؟ وبم يسمى هذا الفعل؟ مثل له في جمل تامة من إنشائك.

٣ ـ «الفعل المتعدي أنواع» اذكرها ومثل لكل واحد منها بمثال.

٤ ـ (للفعل اللازم أوزان خاصة به) اذكر منها خمسة ومثل لما تقول في جمل تامة.

٥ ـ قال النحاة : «يحذف حرف الجر بعد الفعل اللازم وغيره قياسا وسماعا».

اشرح هذا القول بالتفصيل موضحا الحذف القياسيّ .. وغيره ومشيرا إلى الخلاف في هذا الموضوع ـ عزّز إجابتك بالأمثلة.

٦ ـ اختلف النحاة في محل (أنّ وأن) بعد حذف الجار.

وضح هذا الاختلاف .. واذكر أهم هذه الآراء واختر واحدا ترجحه مع التمثيل لكل ما تقول ...

٧ ـ ما حكم تقديم المفعول الثاني من باب (كسا وألبس) على المفعول الأول؟ ومتى يجب هذا التقديم؟ ومتى يجب العكس؟ ولماذا كان الأصل في هذا الباب تقديم المفعول الأول؟ مثل لكل ما تقول.

٨ ـ وضّح مع التمثيل متى يجوز حذف المفعول به؟ ومتى يمتنع ذلك؟

٩ ـ «يحذف ناصب الفضلة جوازا ووجوبا». اشرح ذلك مع التمثيل.

٢٠٧

تمرينات

١ ـ (أ) بيّن في النص القرآن الكريم المفعول به المذكور والمحذوف ... واذكر علة الحذف وحكمه .. ووضح ما تقدم منه على الفاعل وحكم ذلك التقديم : «وَالضُّحى * وَاللَّيْلِ إِذا سَجى * ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى * وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى * أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى * وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى * فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ ..* وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ* وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ».

(ب) اذكر موضعين تقدم فيهما المفعول على الفعل من خلال النص القرآني.

(ج) عيّن من النص ما هو متعد من الأفعال لواحد وما هو متعد لاثنين وما هو لازم.

(د) أكمل مفاعيل الأفعال الآتية وهي من النص : ـ «وما قلا ـ يعطيك ربك ـ فآوى» ثم بيّن سر الحذف.

٢ ـ مثل بمثالين من إنشائك الأول حذف فيه الناصب للمفعول به جوازا والثاني حذف وجوبا مع ذكر السبب.

٣ ـ أنشىء جملا مفيدة تشتمل على الآتي ...

حذف المفعول الأول ـ حذف المفعول الثاني ـ حذف الجار قياسا ـ حذف الجار سماعا ـ ذكر الجار وجوبا ـ فعل من الأفعال اللازمة

٤ ـ أيّ فرق بين حذف الجار في المثالين الآتيين؟

رغبت أن أسافر.

سعيت أن أسافر.

٢٠٨

٥ ـ مثل بثلاثة أمثلة لأفعال لازمة في جمل تامة.

٦ ـ هات الفعل (رأى) في تركيبين يكون في الأول متعديا لمفعول واحد وفي الثاني لاثنين ثم أدخل عليه همزة التعدية واكتب بعده المفاعيل اللازمة ..

٧ ـ علام يستشهد بالآتي وما موضع الشاهد؟

غضبت أن نظرت نساء

ليس يعرفنني مررن الطريقا

تمرون الديار ولم تعوجوا

كلامكم عليّ إذن حرام

٨ ـ قال أبو فراس يعاتب ابن عمه سيف الدولة :

تنكّر سيف الدين لما عتبته

وعرّض بي تحت الكلام وقرّعا

فقولا له : يا صادق الود إنني

جعلتك مما نابني منك مفزعا

(أ) اشرح البيتين بأسلوب أدبي.

(ب) عيّن من البيتين فعلا لازما وفعلا متعديا لواحد وفعلا متعديا لاثنين.

(ج) أعرب الشطر الثاني من البيت الثاني بالتفصيل.

٢٠٩

التنازع في العمل

تعريف التنازع :

إن عاملان اقتضيا في اسم عمل

قبل فللواحد منهما العمل (١)

والثان أولى عند أهل البصرة

واختار عكسا غيرهم ذا أسرة (٢)

التنازع : عبارة عن توجّه عاملين (٣) إلى معمول واحد ، «ضربت

__________________

(١) إن : حرف شرط جازم يجزم فعلين ، عاملان : فاعل بفعل محذوف وجوبا يفسره «اقتضيا». مرفوع بالألف لأنه مثنى ، والفعل المحذوف «اقتضى» في محل جزم فعل الشرط. اقتضيا : فعل ماض مبني على الفتح ، والألف ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة من الفعل والفاعل مفسرة لا محل لها من الإعراب في اسم : جار ومجرور متعلق بالمصدر بعده «عمل». عمل : مفعول به لاقتضيا منصوب وقف عليه بالسكون على لغة ربيعة.

(٢) أسره : بضم الهمزة ـ الدرع الحصينة ، وأسرة الرجل : رهطه الأدنون ، ويروى «أسرة» بفتح الهمزة ومعناه : الجماعة القوية. ذا أسرة : ذا : حال من غيرهم منصوب بالألف لأنه من الأسماء الستة ، أسره مضاف إليه مجرور ، سكن للرويّ.

(٣) يكون العاملان فعلين متصرفين كالآية : «آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً». أو اسمين يشبهانهما كقوله :

عهدت مغيثا مغنيا من أجرته

فلم أتخذ إلا فناءك موئلا

أو اسم وفعل كقوله تعالى : «هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ». ولا بد من ارتباط العاملين. إما بعطف مطلقا كما مثل ، أو بعمل أولهما في ثانيهما نحو «وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا» ـ فظنوا وظننتم : تنازعا «أن لن يبعث» والثاني معمول للأول ، لأنه صفة لمصدره المحذوف ، أي ظنوا : ظنا كظنكم ، أو يكون الثاني جوابا للأول كالآية «آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً».

٢١٠

وأكرمت زيدا» فكل واحد من «ضربت» و «أكرمت» يطلب «زيدا» بالمفعولية ، وهذا معنى قوله : «إن عاملان إلى آخره» وقوله : «قبل» معناه أن العاملين يكونان قبل المعمول كما مثّلنا ، ومقتضاه أنه لو تأخر العاملان لم تكن المسألة من باب التنازع.

وقوله : «فللواحد منهما العمل» معناه أن أحد العاملين يعمل في ذلك الاسم الظاهر ، والآخر يهمل عنه ويعمل في ضميره ، على ما سيذكره.

مذاهب النحاة في ترجيح أحد العاملين :

ولا خلاف بين البصريين والكوفيين أنه يجوز إعمال كل واحد من العاملين في ذلك الاسم الظاهر ، ولكن اختلفوا في الأولى منهما :

(أ) فذهب البصريون إلى أن الثاني أولى به لقربه منه (١).

(ب) وذهب الكوفيون إلى أن الأول أولى به لتقدّمه (٢).

إعمال الفعل المهمل في ضمير المتنازع عليه :

وأعمل المهمل في ضمير ما

تنازعاه والتزم ما التزما

كيحسنان ويسىء ابناكا

وقد بغى واعتديا عبداكا (٣)

__________________

(١) ولسلامته من العطف قبل تمام المعطوف عليه ، ومن الفصل بين العامل والمعمول بأجنبي.

(٢) ولسلامته من الإضمار قبل الذكر كما عند البصريين.

(٣) يحسنان : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة ، والألف ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل ، ويسىء : الواو حرف عطف ، يسيء : فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة. ابناكا : فاعل يسيء مرفوع بالألف لأنه مثنى ، وحذفت النون للإضافة ، والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه ـ والألف للإطلاق. وقد بغى : الواو

٢١١

أي إذا أعملت أحد العاملين في الظاهر وأهملت الآخر عنه ، فأعمل المهمل في ضمير الظاهر ، والتزم الإضمار إن كان مطلوب العامل مما يلزم ذكره ولا يجوز حذفه ، كالفاعل ، وذلك كقولك «يحسن ويسيء ابناك» فكل واحد من «يحسن» و «يسيء» يطلب «ابناكا» بالفاعلية ، فإن أعملت الثاني وجب أن تضمر في الأول فاعله ، فتقول : «يحسنان ويسيء ابناك» وكذلك إن أعملت الأول وجب الإضمار في الثاني فتقول : «يحسن ويسيئان ابناك» ومثله : «بغى واعتديا عبداك» وإن أعملت الثاني في هذا المثال قلت «بغيا واعتدى عبداك» ولا يجوز ترك الإضمار ؛ فلا تقول : «يحسن ويسيء ابناك» ولا «بغى واعتدى عبداك» : لأن تركه يؤدي إلى حذف الفاعل ، والفاعل ملتزم الذكر وأجاز الكسائي ذلك على الحذف ، بناء على مذهبه في جواز حذف الفاعل (١). وأجازه الفرّاء على توجّه العاملين معا إلى الاسم الظاهر (٢) ، وهذا بناء منهما على منع الإضمار في الأول عند إعمال الثاني ؛ فلا تقول : «يحسنان ويسيء ابناك» وهذا الذي ذكرناه عنهما هو المشهور من مذهبهما في هذه المسألة.

__________________

استئنافية. قد : حرف تحقيق. بغى : فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف. واعتديا : الواو عاطفة اعتديا : فعل ماض مبني على الفتح ، والألف ضمير متصل في محل رفع فاعل. عبداكا : فاعل بغى مرفوع بالألف لأنه مثنى وحذفت نونه للإضافة والكاف مضاف إليه والألف للإطلاق.

(١) يجيز الكسائي حذف الفاعل في باب التنازع عند إعمال الثاني فرارا من الإضمار قبل الذكر ، ولكنّ حذف العمدة أشنع مما فرّ منه.

(٢) يكون توجّه العاملين معا إلى الاسم الظاهر إن عطفا بالواو ، واتفقا في طلب الرفع ، أو النصب. مثل : حجّ واعتمر خالد. وضربت وأكرمت سعيدا ، فإن اختلف العاملان أضمر مؤخرا مثل : ضربني وضربت زيدا هو ، فرارا من الإضمار قبل الذكر ، أو حذف الفاعل.

٢١٢

حذف الضمير المنصوب غير العمدة من الأول المهمل :

ووجوب الإضمار للثاني المهمل مطلقا :

ولا تجىء مع أول قد أهملا

بمضمر لغير رفع أوهلا (١)

بل حذفه الزم ان يكن غير خبر

واخّرنه إن يكن هو الخبر (٢)

تقدم أنه إذا عمل أحد العاملين في الظاهر وأهمل الآخر عنه أعمل في ضميره ، ويلزم الإضمار إن كان مطلوب الفعل مما يلزم ذكره كالفاعل أو نائبه ، ولا فرق في وجوب الإضمار حينئذ بين أن يكون المهمل الأول أو الثاني فنقول : «يحسنان ويسيء ابناك ، ويحسن ويسيئان ابناك».

وذكر هنا أنه إذا كان مطلوب المهمل غير مرفوع فلا يخلو : إما أن يكون عمدة في الأصل ـ وهو مفعول ظن وأخواتها ؛ لأنه مبتدأ في الأصل أو خبر ، وهو المراد بقوله ، «إن يكن هو الخبر» ـ أولا ، فإن لم يكن كذلك : فإما أن يكون الطالب له هو الأول ، أو الثاني : فإن كان الأول لم يجز الإضمار ، فتقول : «ضربت وضربني زيد ، ومررت ومر بي زيد» ولا تضمر ؛ فلا تقول : «ضربته وضربني زيد ، ولا مررت به ومر بي زيد» وقد جاء في الشعر كقوله :

__________________

(١) أوهلا : فعل ماض مبني لما لم يسّم فاعله من «أوهله الله لكذا» أي : أهّله ـ جعله أهلا له.

(٢) وأخّرنه : الواو عاطفة. أخرن : فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة ، والنون للتوكيد ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت ، والهاء : ضمير متصل في محل نصب مفعول به ، إن يكن : إن حرف شرط جازم يجزم فعلين ، يكن : فعل مضارع ناقص فعل الشرط مجزوم بالسكون ، واسمه : ضمير مستتر جوازا تقديره هو ، يعود إلى «مضمر» في البيت السابق. هو : ضمير فصل لا محل له. الخبر : خبر يكن منصوب ، وجواب شرط إن محذوف لدلالة الكلام السابق عليه ، التقدير : إن يكن مضمر غير الرفع هو الخبر فأخرنه.

٢١٣

١٩ ـ إذا كنت ترضيه ويرضيك صاحب

جهارا فكن في الغيب أحفظ للعهد (١)

وألغ أحاديث الوشاة فقلّما

يحاول واش غير هجران ذي ودّ

وإن كان الطالب له هو الثاني وجب الإضمار ؛ فتقول : «ضربني

__________________

(١) قائل البيتين غير معروف. جهارا. بكسر الجيم : عيانا. الوشاة : جمع واش وهو الذي يسعى بالفساد بين الناس.

المعنى : إذا كنت تراعي صديقك وتفعل ما يرضيه في حال حضوره ، وكان هو أيضا معك بهذه المثابة ، فكن أكثر حفظا ورعاية لما بينكما من واجبات الصحبة في حال غيبته عنك ولا تلتفت إلى كلام النمامين المفسدين بل أسقطه لأنهم لا يريدون إلا إبعاد الخليل عن خليله.

الإعراب : إذا : ظرف زمان يتضمن معنى الشرط مبني على السكون في محل نصب متعلق ب «أحفظ». كنت : كان : فعل ماض ناقص مبني على السكون ، والتاء : اسمها ترضيه : ترضي : فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة للثقل. والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت والهاء : ضمير متصل في محل نصب مفعول به. وجملة «ترضيه» في محل نصب خبر كنت ، والجملة «كنت ترضيه» في محل جر بإضافة إذا إليها. ويرضيك : الواو عاطفة. يرضي : مضارع مرفوع بضمة مقدرة ، والكاف مفعوله. صاحب : فاعله مرفوع بالضمة. جهارا : منصوب على الظرفية متعلق بترضيه أو يرضيك. فكن : الفاء واقعة في جواب الشرط «إذا» كن : فعل أمر ناقص مبني على السكون. واسمها ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت. في الغيب : جار ومجرور متعلق بأحفظ. أحفظ : خبر كن منصوب للعهد : جار ومجرور متعلق بأحفظ ، وجملة : كن أحفظ للعهد لا محل لها من الإعراب لأنها واقعة في جواب شرط غير جازم.

الشاهد : في قوله «ترضيه ويرضيك صاحب» حيث تنازع كل منهما «صاحب» فالأول يطلبه مفعولا ، والثاني يطلبه فاعلا وأعمل فيه الثاني ، وأضمر فيه الأول ضمير يعود إلى صاحب ـ ولم يحذف الضمير مع أنه غير مرفوع ولا عمدة في الأصل وهذا شاذ.

٢١٤

وضربته زيد» و «مر بي ومررت به زيد» ولا يجوز الحذف ؛ فلا تقول : «ضربني وضربت زيد» و «مر بي ومررت زيد» وقد جاء في الشعر كقوله :

٢٠ ـ بعكاظ يعشى الناظرين

إذا هم لمحوا شعاعه (١)

__________________

(١) قائلة هذا البيت عاتكة بنت عبد المطلب عمة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقبل هذا البيت قولها :

واسأل بنا في قومنا

وليكف من شرّ سماعه

قيسا وما جمعوا لنا

من مجمع باق شناعه

عكاظ : بوزن غراب ـ اسم سوق من أعظم أسواق الجاهلية بناحية مكة وراء قرن المنازل بمرحلة بين نجد والطائف كان العرب يجتمعون بها كل سنة في ذي القعدة فيقيمون نحو شهر ويتبايعون ويتناشدون الشعر ويتفاخرون ، فلما جاء الإسلام أبطل ذلك. يعشى : بضم الياء ـ يضعف البصر. شعاعه : الشّعاع : بضم الشين : ما تراه من الضوء كأنه الحبال مقبلة عليك. والضمير المضاف إليه شعاع ـ عائد على السلاح المفهوم من بيت قبله.

المعنى : في هذا المحل المسمى بعكاظ يضعف شعاع السلاح أبصار الناظرين إليه إذا نظروه.

الإعراب : بعكاظ : الباء حرف جر. عكاظ مجرور بالباء وعلامة جره الفتحة لأنه ممنوع من الصرف للعملية والتأنيث ، والجار والمجرور متعلق بقوله : «جمعوا» في البيت السابق المذكور. يعشى : فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الياء للثقل الناظرين : مفعول يعشي مقدم منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم ، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد. إذا : ظرف يتضمن معنى الشرط مبني على السكون في محل نصب متعلق بالجواب المحذوف لدلالة الكلام عليه. هم : ضمير منفصل في محل رفع فاعل بالفعل المحذوف وجوبا المفسر بما بعده تقديره «لمحوا» ثم حذف الفعل فانفصل الضمير. وجملة الفعل المحذوفة في محل جر بإضافة إذا إليها. لمحوا : لمح : فعل ماض مبني على الضم والواو فاعل والجملة مفسرة للفعل المحذوف لا محل لها. شعاعه : فاعل ليعشي مرفوع بالضمة ، والهاء في محل جر مضاف إليه.

الشاهد : في قولها : «يعشى ـ ولمحوا شعاعه». حيث تنازع الفعلان هذا المعمول «شعاعه» فأعمل الأول حيث رفع «شعاعه» على الفاعلية ، وأضمر في الثاني وحذف الضمير للضرورة وهو شاذ.

٢١٥

والأصل : «لمحوه» فحذف الضمير ضرورة. وهو شاذ ، كما شذّ عمل المهمل الأول في المفعول المضمر الذي ليس بعمدة في الأصل.

هذا كلّه إذا كان غير المرفوع ليس بعمدة في الأصل فإن كان عمدة في الأصل فلا يخلو : إما أن يكون الطالب له هو الأول ، أو الثاني :

(أ) فإن كان الطالب هو الأول وجب إضماره مؤخرا ، فتقول : «ظنّني وظننت زيدا قائما إياه» (١).

(ب) وإن كان الطالب له هو الثاني أضمرته متصلا كان ، أو منفصلا ؛ فتقول : «ظننت وظننيه زيدا قائما ، وظننت وظنّني إياه زيدا قائما» (٢).

ومعنى البيتين : أنك إذا أهملت الأول لم تأت معه بضمير غير مرفوع.

وهو المنصوب والمجرور ، فلا تقول : «ضربته وضربني زيد» ولا «مررت به ومرّ بي زيد» بل يلزم الحذف ، فتقول : «ضربت وضربني زيد» و «مررت ومر بي زيد» إلا إذا كان المفعول خبرا في الأصل فإنه لا يجوز حذفه ، بل يجب الإتيان به مؤخّرا ؛ فتقول : «ظنني وظننت زيدا قائما إياه» ومفهومه : أن الثاني يؤتى معه بالضمير مطلقا : مرفوعا كان ، أو مجرورا ، أو منصوبا ، عمدة في الأصل أو غير عمدة.

وأظهر ان يكن ضمير خبرا

لغير ما يطابق المفسّرا

__________________

(١) ظنني : ظن فعل ماض ينصب مفعولين أصلهما مبتدأ وخبر مبني على الفتح ، وفاعله ضمير مستتر جوازا ، والنون للوقاية ، والياء في محل نصب مفعول أول إياه : إيا ضمير نصب منفصل مبني على السكون في محل نصب مفعول ثان ، والهاء للغائب.

(٢) ظننيه : ظن : فعل ماض ينصب مفعولين ، وفاعله ضمير مستتر جوازا ، والنون للوقاية ، والياء في محل نصب مفعول أول ، والهاء في محل نصب مفعول ثان ، ظنني إياه : الياء : مفعول أول لظن. إيا : مفعوله الثاني.

٢١٦

نحو «أظنّ ويظناني أخا

زيدا وعمرا أخوين في الرخا» (١)

أي : يجب أن يؤتي بمفعول الفعل المهمل ظاهرا إذا لزم من إضماره عدم مطابقته لما يفسّره ، لكونه خبرا في الأصل عما لا يطابق المفسّر ، كما إذا كان في الأصل خبرا عن مفرد ومفسّره مثنى ، نحو : «أظنّ ويظناني زيدا وعمرا أخوين» ف «زيدا» مفعول أول لأظنّ و «عمرا» معطوف عليه و «أخوين» مفعول ثان لأظن ، و «الياء» : مفعول أول ليظنان ، فيحتاج إلى مفعول ثان ، فلو أتيت به ضميرا فقلت : «أظن ويظناني إياه زيدا وعمرا أخوين» لكان «إياه» مطابقا للياء ، في أنهما مفردان ، ولكن لا يطابق ما يعود عليه وهو «أخوين» ؛ لأنه مفرد و «أخوين» مثنى ، فتفوت مطابقة المفسّر للمفسّر (٢) وذلك لا يجوز ، وإن قلت : «أظن ويظناني إياهما زيدا وعمرا أخوين» حصلت مطابقة المفسّر للمفسّر لكون «إياهما» مثنى ، و «أخوين» كذلك ، ولكن تفوت مطابقة المفعول الثاني ـ الذي هو خبر في الأصل ـ للمفعول الأول ـ الذي هو مبتدأ في الأصل ـ لكون المفعول الأول مفردا ، وهو «الياء» ، والمفعول الثاني غير مفرد وهو «إياهما» ولا بد من مطابقة الخبر للمبتدأ ، فلما تعذرت المطابقة مع الإضمار وجب الإظهار : فتقول :

__________________

(١) أظن : فعل مضارع مرفوع بالضمة. وفاعله ضمير مستتر وجوبا تقديره أنا ، ويظناني : الواو : عاطفة ، يظنان ، فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة ، والألف فاعله ، والياء : في محل نصب مفعول أول أخا : مفعول ثان ليظنان منصوب بالفتحة. زيدا : مفعول أول لأظن منصوب بالفتحة ، وعمرا : الواو عاطفة عمرا : معطوف على زيدا ومنصوب مثله ، أخوين : مفعول ثان لأظن منصوب بالياء لأنه مثنى ، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد. في الرخا : جار ومجرور بكسرة مقدرة على الهمزة المحذوفة للضرورة متعلق بمحذوف صفة لأخوين ، والرخا مقصور هنا ضرورة ـ الأصل «الرخاء».

(٢) المفسّر : بكسر السين مشددة هو «أخوين» وهو مثنى ، والمفسّر : بفتح السين مشددة هو الضمير «إياه» وهو مفرد. فلم تتوفر المطابقة وهي واجبة في باب التنازع.

٢١٧

«أظن ويظناني أخا زيدا وعمرا أخوين» (١) «فزيدا وعمرا أخوين» مفعولا أظن ، و «الياء» مفعول يظنان الأول و «أخا» مفعوله الثاني ، ولا تكون المسألة ـ حينئذ ـ من باب التنازع لأن كلا من العاملين عمل في ظاهر ، وهذا مذهب البصريين.

وأجاز الكوفيون الإضمار مراعى به جانب المخبر عنه فتقول : «أظن ويظناني إياه زيدا وعمرا أخوين» (٢).

وأجازوا الحذف ؛ فتقول : «أظن ويظناني زيدا وعمرا أخوين».

__________________

(١) «أخا» في المثال مفعول ثان ليظنان ، وهو اسم ظاهر فلا يحتاج لشيء يفسره كما تقدم فلا تضرّه مخالفته للأخوين لعدم افتقاره إليهما بل إنما يطابق مبتدأه الأصلي.

(٢) المخبر عنه هو ياء المتكلم في يظناني ، والضمير «إياه» يطابقه في الإفراد ويخالف المفسّر «أخوين».

٢١٨

أسئلة ومناقشات

١ ـ اشرح تعريف التنازع من خلال مثالين تذكرهما .. وتوضّح فيهما العاملين المتنازعين .. والاسم المتنازع فيه والعامل الذي تختار إعماله.

٢ ـ ماذا يشترط في العامل في باب التنازع؟ وما شرط المتنازع فيه؟ مثل لما تقول.

٣ ـ أيّ العاملين تختار للعمل في باب التنازع؟ ولماذا؟ وما ذا يجب عليك أن تعمل مع المهمل؟. مثل لذلك بأمثلة من عندك.

٤ ـ ما الذي يجب إضماره مع العامل المهمل؟ وما الذي يمتنع إضماره؟ مثل لذلك وعلّل ما تقول ...

٥ ـ هل تضمر الفضلة مع العامل المهمل؟ ومتى. وضح ذلك بالأمثلة.

٦ ـ علام استشهد النحاة بما يأتي وما موضع الشاهد؟

بعكاظ يعشى الناظرين

إذا هم لمحوا شعاعه

إذا كنت ترضيه ويرضيك صاحب

جهارا فكن في الغيب أحفظ للود

٢١٩

تمرينات

١ ـ بيّن فيما يأتي المتنازع فيه والعامل وحكمه من حيث التقديم والتأخير والإضمار والحذف : «اجتمعوا وتناقش الرؤساء في ظل الكعبة المشرفة .. للتفاهم فيما يعود بالخير على الأمة الإسلامية ، وأبرموا وأصدروا كثيرا من القرارات الهامة ، واغتبطوا وسعد أكثرهم للإجماع الرائع على تلك القرارات ، واشتدت الحماسة واشتعلت عند ما ذكر أعداء الإسلام من شيوعيين وصهاينة ، وقد أخلصوا وابتهج المسلمون بروحهم البناءة ولا شك أن هذا خير من السلبية وأن يسكتوا ويتركوا الأحداث دون مواجهة».

٢ ـ أعمل العامل الأول في الجملتين الآتيتين وأضمر ما يلزم في الثاني ثم أعمل الثاني وأضمر في الأول ما هو مطلوب مع التعليل والتحليل ... أكرمني وأكرمت عليا ـ ظننت وظنني علي مسافرا

٣ ـ قال تعالى : (ءَاتُونِى أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا) (١).

أي العاملين عمل في الآية الكريمة؟ وأيهما أهمل؟ وما دليلك؟

٤ ـ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (تسبّحون وتحمّدون وتكبّرون دبر كلّ صلاة ثلاثا وثلاثين مرّة)

(أ) أين العوامل المتنازعة في الحديث؟ وأين المعمولات المتنازع فيها؟ وما ذا أعمل منها؟ وما الدليل؟

(ب) أعرب ما تحته خط من الحديث.

__________________

(١) آية ٩٦ سورة الكهف.

٢٢٠