كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ٢

الشيخ جعفر كاشف الغطاء

كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ٢

المؤلف:

الشيخ جعفر كاشف الغطاء


المحقق: مكتب الإعلام الإسلامي ، فرع خراسان
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-424-953-4
الصفحات: ٤٦٣

ثم القطع إن كان في جهة العمق (١) أو العرض قام الباقي مقام الأصل ، وجرى على الباطن في الأصل حكم الظاهر (٢).

وإن كان في الطول. فإن استغرق المغسول أو الممسوح ولم يبق منهما شي‌ء ، كما إذا قطع اليدان من فوق المرفقين ، والقدمان من فوق الكعبين (على أصحّ القولين سقط الحكم. وإن كان من نفس الكعبين) (٣) أو المرفقين وقد بقي منهما شي‌ء (٤) أو من تحتهما تعلّق الحكم بالباقي في المقامين ، وصار محلّ القطع ظاهراً بعد ما كان باطناً ومع الشكّ في البقاء يجب الاستيفاء.

فقد ينتهي الوضوء إلى عملين : غسل الوجه ومسح الرأس ، وإلى ثلاثة ، وأربعة ، وهكذا ولو فرض قطع الجميع وبقاء الحياة سقط التكليف.

ولو قطع العضو بعد غسله أو مسحه كان العمل تامّاً. ولو كان بعد غسل بعضه أو مسحه اكتفي بالمتقدّم ، لأنّ نيّة الجزئيّة والكلّيّة لا اعتبار لها.

ولو قطع فالتحم فالظاهر طهارته بانتقاله ، واتّصاله وجزئيّته ، ويجتزأ بغسل ما بقي منه إن عاد بعد الدخول في عضوٍ آخر ، ولو قبل تمام الوضوء. وقبل الدخول يقوى ذلك على إشكال ، أشدّه في الأخير ، ولا يجب الوصل لتحصيل الطهارة التامّة.

ولو أتى بعمل المؤخّر على عكس الترتيب فقطع المقدّم لم يحصل الترتيب وإن كان في الأثناء. وانقطاع الماسح كالغاسل لا يرفع حكم المغسول والممسوح ، بخلاف العكس.

وسقوط العضو لبعض الأمراض يجري مجرى القطع ، ولو قطع شيئاً من أعضائه قبل تعلّق الوجوب بالطهارة فلا معصية من جهتها ، وكذلك بعد التعلّق لدخول وقت الفريضة ونحوه على الأقوى فيهما ويفرّق بين المقصود لنفسه ولغيره.

__________________

(١) في «س» ، «م» : الثخن.

(٢) في «ح» زيادة : وفي عمق الوجه كلام مرّ سابقاً ، وفي الناقص حكم الكامل.

(٣) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

(٤) في «ح» زيادة : ولو من طرفي العضدين المكتنفين لأعلى الساعد ، لدخولهما في المرفقين على الأقوى أو من تحتهما ، أو من تحت الكعبين.

٦١

ولا ينزّل المضطر لجابر أو نحوه إلى ترك غسل العضو أو بعضه منزلة الأقطع قطعاً. ولا نقص في عبادة الأقطع ونحوه ، فتجوز إمامته ، وتصحّ نيابته.

وإذا قطع الماسح قام مقامه ما هو الأقرب ، فيقوم باطن الكفّ اليسرى مقام باطن اليمنى ، فإن فقد أيضاً (قام ظاهر اليمنى ، فإن فقد فظاهر اليسرى ، فإن فقد فباقي اليد اليمنى عنها ، وباقي اليسرى عن اليسرى ، والأقرب فالأقرب ، فإن تعذّر المماثل قام غيره مقامه ، فان تعذّر الجميع مسح ببعض البدن ، فان تعذّر فغيره من) (١) خارج البدن ، ولا فرق بين بدن الغير وغيره من الأجسام ، (والقول بوجوب الترتيب على النحو المذكور غير خالٍ ، عن المحذور) (٢)

القسم الثالث : وضوء العاجز لمرض أو نحوه عن المباشرة لأفعال الوضوء.

وحكمه أنّه إن عمّ عجزه جميع أعضائه وانسدّ عليه طريق المباشرة برمس أو وضع تحت الماء استناب في الجميع ، وإن اختصّ ببعض الأعضاء دون بعض أو ببعض عضو دون بعض خصّت النيابة به ، وفي لزوم قصد الاستنابة والنيابة والانفعال لأنّها كالوكالة إشكال.

ويجب عليه تحصيل النائب بملك يمين أو استئجار لا يضرّ بحاله ، أو التماس لا يبعث على نقصه ، أو أمر لمن يجب ائتماره كالولد ، ولو عجز عن الصبّ تولّى الإجراء ، وبالعكس.

ويلزم في النائب جواز نيابته ، فلا يستنيب (٣) مملوكاً بغير إذن مالكه ، ولا مجبوراً أو حرّا من دون استرضائه ، ولا يستناب غير المحرَم فيما يتوقّف على المسّ ممّا لا يجوز له لمسه أو النظر لما لا يجوز له نظره (٤) ، ولا من يترتّب على مباشرته تنجيس الماء أو الأعضاء

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في «ح» : فباقي اليد مقدّماً على ما عداه من البدن ، ومقدّماً لمحلّ القطع على ما فوقه مرتّباً ، الأقرب فالأقرب فإن فقد فمن خارج البدن ، ولا فرق بين بدن الغير وغيره من الأجسام.

(٢) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

(٣) في «ح» زيادة : بدونه اختياراً ، ولا اضطراراً ، فلا تجوز استنابة من لم يكن له تصرّف في نفسه ، ولا بأس مع كونه مجبوراً من غيره كأن يكون.

(٤) في «ح» زيادة : ولو استناب في الجميع جبراً أو من غير علم صحّ.

٦٢

قبل الفراغ من حكمها ، كالكافر إذا توقّف على مسّه مطلقاً.

ولا بدّ من كون الماسح من أعضاء المنوب عنه مع الإمكان ، ويتولّى النيّة المنوب عنه دون النائب.

ولا بأس بتعدّد النوّاب حتّى في العضو الواحد ولا يلزم على المنوب عنه تجديد النيّة ، ولا تعيين النائب ، فلو عيّن شخصاً فظهر غيره فلا بأس.

ولو زعمه موافقاً فظهر خلافه في أثناء العمل أو بعد الفراغ صحّ ما عمل حيث يكون الشرط علميّاً (١) ، وإن كان العكس بطل العمل.

ويستحقّ النائب الأُجرة مع المقاطعة ومطلق الأمر مع عدم ظهور التبرّع وفي صورة الجبر من الغير على الجابر إذا كان ولا تلزم المباشرة عليه إلا مع الاشتراط عليه ، أو الظهور من الحال.

ولا تجب النيابة للزوج على الزوجة ، ولا العكس.

ولو توقّف فعل الطهارة المائيّة على الغصب أو المسّ المحرّم تعيّن التيمّم (٢). ولو توقّف كلّ منهما دخل في فاقد الطهورين (٣).

ولو كان المنوب عنه أعمى أو بصيراً لا يرى عمل النائب وجب عليه استنابة العدل ، أو إقامة ناظر عدل ، وفي تمشية أصل الصحّة في هذا بُعد ؛ لأنّ العامل هو المستنيب كمؤدّي الدين والزكاة ونحوهما مع عدم اليد والتصرّف.

ويجب عليه رفع سبب العجز بالتداوي اليسير ونحوه ، دون الرجوع إلى الأطبّاء والتزام كثرة الدواء. وصفة العجز إن ظهرت عنده فلا كلام ، وإلا رجع إلى أهل الخبرة. وهذا الحكم متمشّ في الطهارات وفي سائر العبادات البدنيّات.

القسم الرابع : وضوء من يلزم في وضوئه الجفاف لحرارة شمسٍ أو نارٍ أو هواءٍ أو حمّى أو لزوم فصل أو إجبارٍ على تجفيف ونحو ذلك ممّا يلزم منه فوات الموالاة.

__________________

(١) بدلها في «س» ، «م» لعلميّة الشرط.

(٢) في «ح» زيادة : ولو بقي العلوق بها أجزأ بخلاف الغصب.

(٣) في «ح» زيادة : واحتمال الفرق بين وجود المندوحة.

٦٣

والحكم فيه أنّه إن أمكن بقاءها بالتخلّص بحجب الهواء والاستظلال عن الشمس ، أو الدخول في مكان رطب كالحمّام ، أو الإتيان بالغسلة الثانية أو ما يقوم مقامها ، أو تكرير الماء إلى غير ذلك (وجب وإلا فإن جفّت الرطوبة وبقي منها على أعضاء الوضوء ولو على الشعر أو تحته ، من غير مسترسل ، أو منه في وجه قويّ ، أخذ منه ، مسح به ، ولو تعذّر الجميع مسح بماء جديد) (١).

والماء المتخلّف في غير الأعضاء والمجتمع من تقاطر مائها من الجديد ، والقول بلزوم تقديمه على غيره لشبهة الأصل لا يخلو من وجه ، والأوجه خلافه.

ولو شكّ في الجفاف في الأثناء بني على عدمه ، ولم يجب عليه التجسّس كثر شكّه أو قلّ ، ولا يتمشّى الأصل فيمن انسدّ عليه طريق العلم ولو بالعارض ، بل يقلّد على إشكال ، لا سيّما في الأخير.

ولو شكّ قبل الشروع في وصول الماء إليه قبل الجفاف فدخل وأصاب المطلوب قوي القول بالصحّة ، والاحتياط في عدم الدخول ، كما في الشاكّ في إدراك الإمام قبل الركوع ، والتمكّن من الأيّام الثلاثة في الاعتكاف.

وكذا كلّ شاكّ في عروض ما يمنع من إتمام العمل كحيض في الصلاة ، وحيض أو سفر في الصيام ونحو ذلك ، وإن كان القول بالصحّة في القسم الأخير ممّا لا ينبغي الشكّ فيه.

والمدار في الجفاف على ما يسمّى جفافاً عرفاً والظاهر أنّ هذا الشرط وجوديّ على وفق الأصل ، فلو انكشف الجفاف بعد الفراغ مع عدم الاضطرار (٢) ، حكم بالبطلان.

ولا يجري حكم الاضطرار بمعنى التعذّر أو التعسّر أو الإجبار على الغاية أو ترك شرطها في اغتفار عدم الشرط في الابتداء بالأعلى والترتيب وإطلاق الماء وطهارته ؛

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في «ح» كذا : حصل الشرط ووجب في الواجب على نحو وجوبه وسنّ في السنّة وإلا فإن جفّت الرطوبة وبقي شي‌ء منها حيث يكون عن غسل صحيح على أعضاء الوضوء ولو على الشعر أو تحته أو بينه من غير المسترسل أو منه ما لم يخرج عن العادة في وجه قوي أخذ منه ومسح به ولا يجب الانتظار وإن قلنا بوجوبه في بعض الأعذار على إشكال. وفي إلحاق الاضطرار في إقامة السنة بالاضطرار وجه قريب ، وفي لزوم تحرّي أضعف مراتب الجفاف وجه ضعيف.

(٢) في «ح» زيادة : بمعنى التعذّر أو التعسّر.

٦٤

وبالمعنى الأوّل في إباحته وإباحة مكانه وآلاته وما يتعلّق بمقدّماته ويجري مع الجبر والغفلة والنسيان وجهل الموضوع.

القسم الخامس : وضوء صاحب الحدث المستدام من ريح أو بول أو غائط ونحوها.

والحكم فيها أنّها إذا استمرّت ولم يكن لها فترات لزم الوضوء ثمّ الصلاة ، والأحوط عدم الجمع بين صلاتين والإتيان بعمل المستحاضة الصغرى. وإن كانت لها فترات تسع الصلاة أو أوقات يقلّ فيها الحدث انتظرت احتياطاً ، كما في سائر أصحاب الأعذار ، وإلا استوت جميع الأوقات فيها.

ثمّ إن حصلت فترة في أثناء الصلاة وقد دخل مع الحدث ثمّ عاد بعدها أو استمرّت استمرّ (ويقوى ترجيح المقدّمة على الغاية ، والسابقة على اللاحقة ، ويسري الحكم إلى الغسل والتيمّم) (١). وإن دخل متطهّراً ففاجأه واستمرّ أو انقطع ذهب للطهارة مستقبلاً أو مستدبراً ، أتياً بالفعل الكثير أو لا ، إن لم يكن له مندوحة عن ذلك ، متجنّباً باقي المنافيات من ضحك وكلام ونحوهما ، وبنى على ما فعل وأتمّ الصلاة بشرائطها.

ويحكم باستمراره مع الفواصل المعتادة على وجه لا تفي بالعبادة أو تفي ولا توقيتَ لها ، بحيث يحصل الاعتياد الباعث على الاطمئنان ، ولا تكفي المرّة والمرّتان.

ويقوى إلحاق النفل بالفرض ، والطواف الواجب بالصلاة المفروضة. ويجب في القسمين الأخيرين. ويشترط في الأوّل المحافظة على الحفيظة الحافظة لبدنه وثيابه من سراية النجاسة.

ومن مثل هذا يفهم أنّ تخفيف النجاسة من الواجبات الشرعيّة ، ولا تصحّ مع الحفيظة إذا تنجّست وكانت ساترة للعورتين ، إلا إذا لم يحتفظ بالأقلّ ، فيدخل في المضطرّ ، وعدم الفرق بين الساتر وغيره في المستحاضة باعتبار النصوص ، والأحوط تمشية حكمها فيها.

ولا حاجة في صلاة الاحتياط والأجزاء المنسيّة وسجود السهو مع الاتّصال إلى

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

٦٥

تبديل ، وفي تمشية الحكم في صلاة الجنازة بناءً على اشتراط الطهارة من الخبث فيها ، وجه قويّ ، ولا يجب الشدّ والسدّ ولو مع عدم الضرر على الأقوى.

ولو كان في مواضع التخيير ، وكانت الفترة تفي بالقصر ولا تفي بالتمام تعيّن عليه التقصير في وجه قويّ. وفي وجوب الاقتصار على الواجب وجه ، أمّا لو أطال في السنن زائداً على المتعارف فلا بحث في البطلان.

ولو ضاق الوقت عن التبديل فلا تبديل ، ولو ضاق عن الوضوء الجديد مع المفاجأة توضّأ ، وأتى بالباقي أداءً إن أدرك ركعة ، وإلا قضاءً ، والأحوط النيّة مجرّدة عن الصفتين.

ويجوز للمستدام أن يقضي ما فاته مجامعاً للحدث أو لا. وأن ينوب عن الغير بتحمّل أو إجارة على إشكال في القسم الأخير ، (وفي جواز تعاطي ما يشترط بالطهارة لتعظيمه كمسّ القرآن ونحوه فيهما وفي المستحاضة إشكال والأقوى الجواز) (١).

القسم السادس : وضوء الجبائر ونحوها.

إذا كان في أعضاء أو الغسل أو المسح كسر أو جرح أو قرح مكشوفة وكانت طاهرة أو متنجّسة يمكن غسلها ، ولم يترتّب ضرر على إصابة الماء لها أو وصول رطوبة المسح إليها وجبت مباشرتها بالغَسل والمسح.

وإن لم يكن كذلك وجب تجبيرها أو تعصيبها أو وضع لُطوخ أو حاجب آخر عليها مرتّبة احتياطاً والمسح حقيقة على ظاهر الجبيرة أو العصابة ونحوهما برطوبة من ماء الوضوء أو من خارج ، بخارج من البدن أو بعضو منه ، كفّاً أو غيرها.

(فإن تعذّر وضع الحاجب فالأحوط أن يمسح على البشرة ويتيمّم ، فإن تعذّر أمكن القول بالاجتزاء بغسل ما حوله ، فإن تعذّر رجع إلى التيمّم. ولا يمنع من ذلك نجاسة ما بين العصائب) (٢)

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

(٢) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

٦٦

ولا يُجزي مسّها من غير مسح ، ولا غسلها ولو خفيفاً على الأقوى ، ولا فرق بين أن تكون ماسحة أو ممسوحة ، أو يكون بينهما تماسح.

ولا يلزم فيها البحث عن الفُرَج الصغار بين الخيوط أو طيّات العصائب التي يتعسّر الإحاطة بها ، ولا يجوز إدخال شي‌ء سالم تحتها ممّا خلا عن العارض ، إلا ما يتوقّف عليه الشدّ ، وإن كانت مجبّرة أو معصّبة أو تحت لُطوخ وشبهه ممّا يتعسّر فصله ، فإن أمكن إزالة الحاجب عنها أو إدخالها في الماء بحيث يصل إلى ما تحتها وإن كان شعراً وكان ما تحتها طاهراً أو قابلاً للتطهير بوصول الماء بجرمه ، ولو بدون جريان ، أزالها وأدخلها وغسلها ، وإلا مسح على الجبيرة أو العصابة أو اللطوخ.

ولو كانت نجسة بدّلها (إن أمكن إن دخلت في لباس تتمّ به الصلاة وإلا أجزأ أن يضع) (١) عليها طاهراً ومسح عليه. ويستمرّ حكمها إلى أن يأمن من سيلان الدم والضرر ، ومع بقاء الاحتمال لا يلزم حلّها والعبث بها.

والفصد والحجامة والشقوق الصغار الحادثة غالباً في الكفّين والقدمين من إصابة برد ونحوه ، من الجرح.

ويرجع في معرفة الضرر من وصول الماء إلى فهمه مع القابليّة ، وإلا فإلى العارفين ، (ولا يعتمد على الأصل ، فإن لم يسأل وفعل بطل) (٢).

ولو ارتفع المانع بعد المسح أو سقط الشداد وأمكن الغسل أو صار الظهر بطناً بعد تمام الصلاة ، أو بعد الدخول فيها ، أو قبلها بعد تمام الوضوء أو قبله ، بعد تمام العضو أو قبله ، فلا إعادة على إشكال في الثلاثة الأخيرة ، ومعظمه في الأخير منها.

ولو أمكن المسح على البشرة لم يجتز به ، تعذّر الشداد أو لا ، ولا يُجزي غسل ما حولها ؛ لأنّ الوضوء لا يتبعّض ، بل يرجع إلى التيمم (ويكتفي بالمسح عليها فيه ، واشتراط طهارة العصابة فيه ، فيه بحث). (٣)

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في «س» ، «م». أو وضع.

(٢) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

(٣) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

٦٧

ولو التصق شي‌ء بالبدن وتعسّر قلعه دخل في حكم الجبيرة ، سواء كان على كسر وقرح وجرح أو لا.

وفي الاستناد في حكم المرارة وأشباهها إلى رفع الحرج دلالة على عموم الحكم لجميع الحواجب. وفي الاستناد إلى حديث الميسور (١) ونحوه ضعف.

ولو كانت نجاسة لا يمكن غسلها قام فيها احتمال الإلحاق بذلك ، فيوضع عليها ما يمسح عليه واحتمال إجرائها مجرى الجرح حيث نقول بغسل ما حوله لا وجه له ، والأحوط في جميع هذه الجمع بين الطهارتين.

أمّا لو كان حاجب يمكن إزالته عن الجرح والقرح ولا يفي الماء بغسله ويفي بالوضوء مع المسح عليه فالمقام مقام التيمّم ، وكيف كان فالتيمّم أصل في هذا المكان.

ولو أمكن غسلها قبل الشدّ وأراد شدّها قبل الوضوء ، فإن لم يكن وقت وجوب فلا بأس ، وإلا توضّأ ، ثمّ شدّ ، فإن شدّ وتعذّر الحلّ عصى وصحّ على الأصحّ ، وخبر لعلك غير مناف. ولو صحّ جانب كشفه وغسله مع عدم السراية ، ولو استغرقت الأعضاء وجب الانتقال إلى التيمّم.

وكذا إذا لزم من الماء في غير محلّ العذر ضرر السراية ، وكذا لو استغرقت أكثرها ، وفي الأقلّ (٢) يقوى القول بلزوم الوضوء ، وإن كان الأحوط الجمع بين الوضوء والتيمّم في العضو التامّ فما زاد ، أو الأبعاض المتكثّرة ، وتخفيف الشداد مع الإمكان أقرب إلى الاحتياط (٣).

وتفصيل الحال أنّه بين تجاوز العادة ومقارنها وغيرهما ففي الأوّل التيمّم ، وفي الأخير الوضوء ، وكذا الوسط ، والجمع فيه أحوط.

ولو كانت الجبيرة ونحوها على الماسح أو الممسوح أو عليهما معاً قامت مقام البشرة في المسح بها وعليها برطوبة الوضوء ، ووجوب التخفيف بعيد ، وإن وافق الاحتياط ،

__________________

(١) انظر عوالي اللآلي ٤ : ٥٨ ح ٢٠٥.

(٢) في «ح» زيادة : إن يكن من المغسول عضواً تامّاً فما زاد أو أبعاضاً متكثّرة.

(٣) بدلها في «ح» : الإمكان.

٦٨

إلا أن يخرج عن المعتاد ، وإذا كان الشداد على المرفق أو في أعلى الجبهة وجب الابتداء به ، ويجري في مسحها نحو ما جرى في غسل ما تحتها من التثنية والابتداء بظاهر الذراع وباطنها ، وأمر الموالاة ونحوها.

ولو وضعه من غير شدّ فلا بأس. وفي الاكتفاء بمثل الثوب والقباء وجه ، وفي إلحاق الخاتم والسير (١) ونحوهما مع المنع ، وعدم إمكان النزع وجه قويّ.

ولو كان العارض في محالّ الوضوء انحداراً ووجع مفاصل (٢) أو صليل أو رمد أو ألم غير ذلك (٣) انتقل إلى التيمّم.

ولو كان ظاهر الشداد مغصوباً عيناً أو منفعة أو للذات أو للعرض كالصبغ مثلاً لم يجتز بالمسح عليه ، وفي الباطن إشكال ، والمنع قويّ.

ولو أمكن إيصال الماء إلى البشرة مع تعذّر الحلّ فأدخلها في ماء مغصوب وأخرجها قبل وصول الماء إلى البشرة ، فأخرجها وخرج عن التموّل ثمّ وصل فالأقوى عدم الإجزاء.

ولو جهل مغصوبيّة الجبيرة أو نسيها فذكر أو عدم بعد مسحها بعضاً أو كلا ، قبل تمام العضو أو بعده صحّ ما فعل وأكمل ، ولو كانت من لباس الحرير أو الذهب للذكر ظاهراً أو باطناً فلا مانع ولو كانت من جلد الميتة باطناً أشكل.

ولو تعدّدت جبائر العضو وكان بينها بياض وجب غسله ، ومع ضيقه وخوف سرايته وجهان.

ولا فرق بين الوضوء المفروض والمسنون ، ويستباح به الصلاة والطواف الواجب أداءً وقضاءً عن النفس والغير ، تبرّعاً أو تحمّلاً لإجارة أو قرابة.

ويخرج عن عهدة النذر بالطهارة أو الوضوء بفعله على تأمّل فيه.

ويجري الحكم في الوضوء فرضاً أو نفلاً ، رافعاً أو لا. وكذا في الأغسال بأقسامها ، ولا يجري مثلها في التيمّم ، لأنّه لا يدخل تحت إطلاق الطهارة (وذو الجبائر فيها كذي

__________________

(١) السير : الشراك. لسان اللسان ١ : ٦٤٤.

(٢) في «س» : أو رجوع مفاصل.

(٣) في «ح» : أو ألم إلى غير ذلك غير ما تقدّم.

٦٩

الجبائر فيه ، وفي جريان حكم نذر الطهارة في غير الرافع من القسمين إشكال ، وتمشيته إلى التيمّم ابتداء أشدّ إشكالاً ، ويجري في دخول تيمّم الجبائر فيه نحو ما جرى في ذي الجبائر فيها.

وبناء المسألة لو جرى الإطلاق على مصطلح الشرع على أنّ أسماء العبادات موضوعة للصحيح الأصلي ، أو لما يعمّ العذري ، أو لمحض الصور ، ويختلف الحكم.

وفي كونه شرطاً وجوديّاً أو علميّاً وجهان) (١).

المقام الرابع : في ارتفاع الأعذار

وهو على أقسام :

منها : ارتفاع العذر بعد الإتيان بعمل بعض العضو قبل إتمامه.

ومنها : بعد إتمامه قبل الفراغ من الوضوء.

ومنها : بعد الفراغ منه قبل الدخول في العمل المترتّب عليه (٢).

ومنها : بعد الدخول في الصلاة قبل الركوع.

ومنها : بعده قبل التمام أو بعده قبل مضيّ الوقت أو بعده.

ثمّ العذر إمّا أن يكون ممّا يمكن فيه الإتمام من عمل المختار وسيجي‌ء بيان حكمه أو لا ، كأن يكون مانعاً عن استعمال الماء موجباً للتيمّم ، فبارتفاعه قبل الدخول في العمل بأقسامه أو بعد الدخول فيه قبل التمام إذا لم تكن صلاة يتعيّن الوضوء ويبطل ما تقدّم (وفيما إذا كان بعده بعد خروج الوقت وقبله ولا ينبغي التأمّل في الصحّة ، واحتمال خلافها في الأخير ضعيف) (٣).

وأمّا في الصلاة فإن كان بعد الركوع اختياريّاً أو اضطراريّاً قبل الشروع في الذكر أو بعده مضت صلاته ، وبعد الدخول قبل الركوع وجهان أقواهما البطلان.

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

(٢) في «ح» زيادة : أو بعده قبل خروج الوقت أو بعده.

(٣) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

٧٠

(والاستناد في إثبات الصحّة إلى الأصل في غير الصلاة وإليه وإلى الروايات فيها غير صحيح. وزعم أنّ حرمة القطع تُدخله في الاضطرار ناشٍ من عدم الفرق بين القطع والانقطاع) (١).

ثمّ إن استمرّ ارتفاعه إلى التمام توضّأ للصلاة الاتية ، وإن عاد الامتناع قبل الفراغ بقي على التيمّم السابق.

وإن كان من القسم الأوّل كأن يكون العذر تقيّة أو قطعاً أو عجزاً أو جبيرة أو مرضاً أو جفافاً بنى على صحّة ما تقدّم من عمل عضو واحد أو بعضه أو تمام الوضوء دخل في الغاية أم لم يدخل ، أتمّها أم لا ، خرج الوقت أم لا ، على إشكال فيما عدا إتمام الغاية ، وأشكلها القسمان الأوّلان ، وأشكلهما الثاني.

وإن كان حدثاً مستداماً فارتفع العذر قبل الدخول في العمل بأقسامه لزمت إعادة الوضوء ، وبعد الدخول يبني على الصحّة ، ولو ظنّ الارتفاع عن غير طريق شرعيّ أو شكّ أو توهّم بنى على بقائه.

ولو أمكنه رفع العذر فيما عدا التقيّة ولو بمالٍ لا يضرّ بحاله وجب ، وأمّا التقيّة فلا يجب دفعها ، ولو دار العذر بين عدّة أُمور خصّ المختار منها بعمل المختار ، وتختلف الأعذار باختلاف الأشخاص وصاحب العذر أدرى بنفسه.

المقام الخامس : في انتظار أصحاب الأعذار

لا يجب الانتظار في باب التقيّة المجامعة للصّحة إلى وقت ارتفاعها ، وإن كان معلوماً عنده قبل مضيّ الوقت ، كما لا يجب طلب المندوحة في التخلّص منها بتباعد أو بذل أو غيرهما.

وأمّا عذر التيمّم فإن علم زواله مع بقاء الوقت وجب الانتظار لفوات الاضطرار والإجبار. وإن علم العدم إلى ما بعد الوقت فلا يجب الانتظار.

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

٧١

وإن ظنّ أو شكّ أو توهّم وكان في الصحراء والعذر فقد الماء طلب الغلوة (١) أو الغلوتين على اختلاف المقامين ، وسيجي‌ء الكلام فيه في بحث التيمّم والله انتظر إلى آخر الوقت ليتحقّق الاضطرار.

وأمّا باقي الأعذار من جبيرة أو حدث مستدام أو عجز أو جفاف تامّ فيجوز فيها البدار وعدم الانتظار وأولى منه ما كان من عذر إلى آخر في تلك العبادة أو غيرها. ولو مع العلم بزوال الأعذار مع بقاء الوقت فضلاً عن الظنّ ثمّ الشك والوهم على اختلافها شدّة وضعفاً.

(والذي يظهر بعد إمعان النظر اختلاف الأعذار ؛ فإنّ منها ما يظهر منها أنّها أنواع مستقلّة كطهارة الجبائر والتقيّة ، وطهارة العاجز وصلاته ونحوها ، فيحكم بعدم وجوب الانتظار إلا فيما يتعلّق بالمقدّمات.

ومنها ما يظهر منها أنّها أعذار محضة لا تنويع فيها ، كالمسجون ومشدود اليدين والرجلين والمجبور ونحوها ، والمشكوك فيه يلحق بالقسم الثاني ، والمدار في الانتظار على مسمّاه عرفاً) (٢).

ولو أتى بطهارة المعذور للبقاء على طهارةٍ أو لغايةٍ مستحبّةٍ من جملتها التأهّب قبل الوقت جاز الدخول بها في الفرض ، وكذا التجديد ، والأحوط التجديد ، وهذان المقامان جاريان في الأغسال ، مفروضاتها ومسنوناتها.

المقام السادس : في بيان الواجب والشرط

وهو أقسام :

أحدها : ما يتّصف بالوجوب والشرطيّة معاً

وهو أُمور :

أحدها : ما كان من الوضوء الواقع من مشغول الذمة بصلاة واجبة بأمر الشارع أوّلاً وبالذات ، أو ثانياً وبالعرض ، كالأمر الصادر من مفترض الطاعة كالمولى ، قصد فعلها

__________________

(١) الغَلوة : قدر رمية بسهم. لسان اللسان ٢ : ٢٧٩.

(٢) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

٧٢

به أو لا ، أدائيّة أو قضائيّة ، أصاليّة أو تحمّليّة جمعة أو آئيّة ، يوميّة أو عيديّة ، في وقت وجوبها أصليّة أو ملتزمة بأحد الأسباب الشرعيّة ، أو سجود السهو ، أو الركعات الاحتياطيّة والأجزاء المنسيّة. (ومع قصد الندب يخالف القيد الغاية ، واعتبار الوجه في مثله بعيد الوجه ، ومعرفة كيفيّته على تقديره غير لازمة) (١).

دون صلاة النافلة والصلاة الاحتياطيّة المسنونة وإن تحقّقت فيهما الشرطيّة (وفي الأخير نيّة الوجوب على وجه القيديّة) (٢).

ودون صلاة الجنازة وسجود الشكر ، والسجدات القرآنيّة ، ومقدّمات الصلاة من أذان أو إقامة ، أو التكبيرات الست أو دعوات يوميّة ، أو تعقيبات بعد الفراغ حتّى التسليم الأخير بعد الإتيان بالمتوسّط. وإن أوجبناه لا على طريق الجزئيّة فإنه لا وجوب فيها ولا شرطيّة ابتداء.

ولو دخل في الصلاة بقصد الندب فالتزم بملزم في الضمير على القول به ، أو بصورة الدعاء إن تمّ (٣) أو بلوغ ، أو حصول شرط الالتزام جاءه حكم الواجب (ولا يلزم فيه تجديد نيّة كما في حرام القطع من الندب) (٤) والوجوب تابع لوجوب الغاية توسعة وتضييقاً ، تعيّناً وكفاية ، تعييناً وتخييراً ، ابتداء واستمراراً.

فلو دخل في صلاة مندوبة كان وضوؤها مندوباً ، فلو كان قد التزم بنذر أو شبهه بأنّه متى دخل في مندوب أو صلاة مندوبة أتمّها وجب الاستمرار عليها ، فلا يجوز قطعها ، ووجب الاستمرار على طهارتها ، فلا يجوز نقضها.

ولو دخل في واجب ملتزم فانحلّ سبب الالتزام بما يحلّ به النذر وشبهه ، أو بإقالة المستأجر وقبول الأجير أو وكيله إن أجزنا سبقه على الإيجاب أو رضا الوكيل خاصّة إن قلنا بالتوقّف على القبول المتأخّر كانا واجبين في الابتداء مستحبين في الأثناء ، فيجوز القطع حينئذٍ إن جوّزنا قطع النافلة ، ولا يحتاج إلى تبديل النيّة فيهما ؛ لأنّه من الانقلاب

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

(٢) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

(٣) ما بين الحاصرتين زيادة في «ح».

(٤) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

٧٣

القهري كانقلاب يوم شعبان إلى رمضان ، فلا فرق فيه بين المنويّ وغيره ، وقد يغتفر في الثواني ما لا يغتفر في الأوائل.

ثمّ على القول بأنّ الوجه يتبع الحكم الظاهري ابتداء يسهل الخطب. ثمّ الذي يهدم استمرار حكم النيّة ما ينافي كونه عبادة وغيره يبقى على حكم الأصل ، وربما بُنيت المسألة على جواز الأمر بالمشروط مع علم الأمر بانتفاء شرطه ، وقد تُبنى على أنّ الأجزاء مخاطب بها بالأصالة أو لا.

ومثل هذا الحكم يجري في كلّ طهارة رافعة أو مبيحة ، وفي جميع ما يجتمع فيه الوجوب والشرطيّة.

ثانيها : ما كان للطواف الواجب بأمر الشارع لا لأمر المخلوق أصالة ) أو تحمّلاً ؛ لمعاوضة لازمة أو للالتزام ببعض الملتزمات ، دون المندوب أصالة أو احتياطاً (وإن قوي القول في الأخير بالشرطيّة) (٢) وأمّا ما كان لأمر المخلوق كأمر السيّد عبده فالظاهر إلحاقه بالمندوب.

ولو دخل فيه مندوباً فوجب إتمامه للالتزامه بأحد الملتزمات بإتمامه بعد أن شرع فيه وقد دخل محدثاً بطل (٣) وكذا لو أحدث بعد الوجوب ، ولو رجع إلى حكم الندب بإقالة مستأجر أو انحلال ملزم فلا يضرّه عروض الحدث بعد ذلك ، لجريان حكم الندب عليه. (ويحتمل إجراء حكم الوجوب أو الندب في المقامين أو الأوّل في الأوّل ، والثاني في الثاني ، أو بالعكس ، وفي طرآن الوجوب على الندب وبالعكس في الصلاة في جريان المسامحة في الجلوس ونحوه يجري نحو ذلك) (٤).

ثالثها : ما كان للمسّ وإن لم يكن لمساً الواجب بالالتزام لنذر ونحوه مع حصول الشرط ، أو لضم منتشر ، أو إنقاذ من يد غاصب أو كافر إذا وجبت أو رفع من محلّ

__________________

(١) في «ح» زيادة : أو تبعاً.

(٢) ما بين القوسين ليس في «م» ، وبدل ذلك في «س» : وإن ثبت في الأخير الشرطيّة.

(٣) وفي «ح» زيادة : إن استمرّ.

(٤) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

٧٤

نجس تخشى سرايته ، أو امتثال أمر مفترض طاعته ونحوها أو لرفع النجاسة الذي يوجبه الاحترام مع توقّفه عليه وفي مجرّد الاتّصال إشكال لرسم حروف القرآن (لما يتخيّل عن حكم العقل ، وما استفيد من الكتاب والسنّة من وجوب التعظيم ، وللآية (١) المفسّرة بالرواية (٢) ، لتضمّنها الاستدلال بها على حكمها ، مع بعض الروايات المعتبرة (٣)) (٤).

ومنها المدّ والتشديد ، دون الحركات ، إعرابيّة أو بنائيّة ، ودون السكنات ، ودون التعشيرات (٥) ، وأسماء السور ، وأعداد الآيات ، وسائر ما عيّن للضبط ، وغيره من التقديرات ، من غير منسوخ التلاوة ، منسوخ الحكم أو لا ، أو رسم اسم الجلالة ، أو صفاته الخاصّة إذ احترام النقش تابع لاحترام اللفظ ، دون المعنى ، ويحتمل عدم التخصيص بالخاصّة ، كما أنّ الأقوى عدم التخصيص بالعربيّة.

دون باقي كتب الأنبياء ، فإنّها لا تزيد على منسوخ التلاوة من القرآن ببعض بشرة البدن ، من يد وغيرها ، ممّا حلّته الحياة أولا ، سوى الشعر كما ينبئ عنه خروجه عن الغَسل في الغُسل ، من غير فرق بين المكتوب من المستقيم أو المقلوب ، والمنقوش والمبصوم ، وما يحصل بإحاطة لونين بمغايرهما ، (والموسوم) (٦) وربما سبّب تحريم الجماع ، (ومماسة البدن البدن مع الجنابة) (٧).

(وبالنسبة إلى الموشوم يحتمل ذلك ، فيجب رفعه بوصل مساوٍ في اللون يسلبه صدق الحروف ، وفي المكتوب نحوه أو نحوه ، وفي الفرق بين السابق على الحدث

__________________

(١) (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) الواقعة : ٥٦.

(٢) انظر الكافي ٣ : ٥٠ ح ٥ ، التهذيب ١ : ١٢٧ ح ٣٤٢ ، الاستبصار ١ : ١١٣ ح ٣٧٧ ، الوسائل ١ : ٢٦٩ أبواب الوضوء ب ١٢ ح ٣١.

(٣) انظر الكافي ٣ : ٥٠ ح ٥ ، التهذيب ١ : ١٢٧ ح ٣٤٢ ، ٣٤٣ ، الاستبصار ١ : ١١٣ ح ٣٧٧ ، الوسائل ١ : ٢٦٩ أبواب الوضوء ب ١٢ ح ١ ٣.

(٤) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

(٥) في «س» ، «م» : العشيرات.

(٦) بدل ما بين القوسين في «ح» : الوسم بالنسبة إلى الخارج.

(٧) بدل ما بين القوسين في «ح» ومع مماسة البدن مع الجنابة.

٧٥

واللاحق وجه ، وفي إدخال حكم النشر في المسّ وجه) (١). وجميع ما جعل في خاتم أو حليّ أو جدار أو سلاح ونحوها بخط عربي أو فارسي أو باقي اللغات.

وأمّا ما حصل برسم الريح أو تقطير الأرض والمبدع الخاصّ في رسم الكتابة ففيه إشكال.

وفي مسّ الكافر يجي‌ء المنع من وجهين ، والمدار على تسمية مسّ قران لا كتابة.

وفي المفصول من بدن المتطهّر مع الطهارة أو غير المتطهّر وجهان ، أقواهما الجواز ، والأولى الاحتياط ، ولا سيّما في الأخير.

(ولو استغرقت الكتابة تمام الممسوح ، ولم تمكن الإزالة احتمل حكم التيمّم ، والقطع ، والجبائر وإن استدامت ، والأوّل أولى) (٢).

ويحترم (٣) الاسم المهان إذا دخل في القرآن ، كإبليس وفرعون وهامان ، والكلب والخنزير والشيطان ، وإن كان التحريم في غيره أشدّ ، ولو مسّ اسم الله في القرآن تضاعف العصيان.

ولعلّ حرمة مسّ الأسماء والسور والآيات المختلفة في التعظيم مختلفة في شدّة التحريم وضعفه وتظهر الثمرة فيما إذا اضطرّ إلى أحدها.

والحروف المفردة الخالية من المعاني إذا قصد بها القرآن يجري عليها الحكم إذا أُريد إتمامها ، بخلاف الخلاف. (ولو فصلّ من القرآن سور أو آيات جرى الحكم ، وكذا الكلمات في وجه قويّ ، وفي الحروف إشكال) (٤).

ولو رُسِم مشترك ، فالمدار على قصد الراسم ويصدّق فيه مع البلوغ كتصديقه مع اليد ، لا مع عدمه مع التمييز وعدمه كما في أمثاله. دون القارئ. وإذا خلا عن القصد أو جهل قصده ارتفع المنع. وينبغي المحافظة على الاحتياط في القسم الأخير.

ولو اختلف القصدان مع اشتراكهما في ضرب إله النقش قدّم القرآن على الأقوى.

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

(٢) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

(٣) في «س» ، «م» : يحرم.

(٤) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

٧٦

ولو اختلف القصد في الأبعاض لحق كلا حكمه ، ولا يؤثّر العدول بالنيّة بل يبقى على ما كان عليه.

وحرمة الاستدامة على نحو حرمة الابتداء ، فلو وضع جاهلاً أو غافلاً ثمّ علم أو تفطّن وجب عليه الرفع ، (ولو محي الصورة بوضعه على في ابتدائه دون استدامته) (١). ولو غيّرت الكلمة إلى غير القرآن تغيّر الحكم.

ولو توقّفت إزالة النجاسة عنه على مماسّته أو إصلاحه مع خوف الضياع جاز ، بل وجب (في القسم الأوّل ، وفي الثاني على إشكال ، ولو وقف رفع بشرة محدث على مسّ آخر لوحظ الترجيح بسبب طول المدّة وقصرها ، أو الشدّة والضعف على إشكال) (٢) غير أنّه يلزم ترجيح الأخفّ حدثاً مع الدوران ، كالمحدث بالأصغر على المحدث بالأكبر ، والأضعف من الأكبر على الأقوى منه.

ولا يجب على الأولياء ولا على المعلّمين حفظ غير المكلّفين (٣) والأحوط المحافظة على منعهم عن المسّ خصوصاً المميّزين. ولا يرتفع حكم الحدث إلا بعد تمام الوضوء ، فلو بقي مقدار ذرّة من الجزء الأخير لم يجز المسّ بما تقدّم. ويقوى الجواز هنا في مسّ اسم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والإمام عليه‌السلام.

وتجب إزالة النجاسة (٤) فوراً وإخراجه من الخبث لو وقع فيه ما لم تنمحي كتابته أو تنقلب حقيقته ، كما في غيره من المحترمات ، كالتربة الحسينيّة ونحوها.

والظاهر تسرية الحكم إلى غلافه وجميع ما اتّصل به حال الاتّصال.

(ولا بأس بمسّ المحدث أرض المسجد والتربة الحسينيّة ، والضرائح المقدّسة) (٥).

وفي كتابة المحترم بالمداد أو على القرطاس المتنجّسين أو بالدم النجس مثلاً وجهان : الجواز ، والمنع ، والأقرب الثاني لا سيّما فيما كان من نجس العين وفيما يكون من

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

(٢) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

(٣) في «ح» زيادة : ومع عدم الاشتراط عليهم.

(٤) وفي «ح» : الخبثيّة السارية فوراً وفي غيرها إشكال.

(٥) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

٧٧

النقدين وشبههما الأقرب الأوّل. (وفي حرمة مسّ المحدث في ذلك الفرض المتقدّم وجه قويّ وكذا بالنجس والمتنجّس حينئذٍ على إشكال) (١). وكتابة القرآن مع الخلوّ عن المسّ لا حرج فيها ، وإن كرهت ، ويقوى لحوق كتابة سائر المحترمات.

وفي كراهة مسّ أبدان الأنبياء والأئمّة عليهم‌السلام حال الحياة والممات (من مثلهم أو من غيرهم ولا سيّما في الأخير) (٢) وجه. (وكذا في مسّهم المحترمات مع الحدث. وفي وجوب إزالة النجاسة عن أبدانهم مع الموت أو عدم العلم منهم وجه بعيد) (٣).

وهذا الحكم متمشّ في جميع الطهارات الرافعة للحدث أو الخبث أو المبيحة على الأقوى.

وما كان من جميع ما مرّ وجوبه بأمر المخلوق يتبع المندوب في الشروط والأحكام على الأقوى.

القسم الثاني : ما يختصّ بالشرطيّة ولا يوصف بالوجوب

وهو ما كان لصلاة مندوبة في الأصل باقية على الندب ، أو للاحتياط ، أو طواف مندوب في الأصل باقٍ على حاله ، أو ندبه الاحتياط (أو وجب لعارض) (٤) ، أو لصلاة أو طواف واجبين أوجبهما الوضوء ؛ لتعليق جهة الالتزام من نذرٍ أو شبهه على فعله.

أو لمبعّضين عرض الوجوب لهما بعد أن كانا ندبين ، وإن جاءهما حكم الوجوب في البين.

وما كان لصلاة النفل مستحب وإن استحقّ العقاب مع تركه ؛ لأنّ الواجب ما يستحق العقاب على تركه ، واستحقاق العقاب هنا إنّما هو على التشريع لا على عدم صحّة النافلة (٥) ، فمن ادّعى الوجوب على الحقيقة هنا فقد أخطأ ، وإن سمّاه وجوباً وأراد معنى الشرطيّة فلا مشاحة في الاصطلاح.

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

(٢) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

(٣) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

(٤) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

(٥) في «ح» : لأعلى عدم الإتيان بالنافلة.

٧٨

القسم الثالث : ما يتّصف بالوجوب دون الشرطيّة.

كالوضوء الملتزم بنذرٍ أو شبهه من غير تقييد بما يتوقّف عليه ، ومع الخلوّ عن شغل الذمّة بواجب يتوقّف عليه.

ويجب الإتيان به على نحو ما التزم ، فإن أطلق اكتفى بالمطلق ، وإن قيّد وكان عملاً يتوقّف على القربة ، فإن جاء به مع القيد فلا كلام ، وإن أخلاه عن القيد قاصداً به القربة في تأدية النذر بطل ، وإن قصد العصيان صحّ.

ويكفي الإتيان به مقصوراً على الواجبات ، إلا أن يقضي العرف بدخول بعض المندوبات ، ومع فراغ الذمة تتّحد جهة الوجوب ، ومع الاشتغال بما يتوقّف عليه يتعدّد.

المقام السابع : فيما يستحبّ فيه الوضوء

وهو ضروب كثيرة :

منها : الصلاة المندوبة ، والمسّ المندوب (١) والطواف المندوب ، بل جميع أفعال الحجّ سوى الطواف الواجب وصلاته ، ودخول المساجد وقعر البئر ، ومحلّ أُسس الجدران ، ورأس المنارة ، والمحاريب الداخلة فيها داخلة فيها. ويحتمل إلحاق دخول البعض من البدن بكلّه ومراتب الفضل على نحو مراتبها (٢) وقد ورد في كثير من الأخبار أنّها بيوت الله (٣) وسرّه واضح.

وروى : أنّ من أتاها متطهّراً طهّره الله من ذنوبه (٤) ، وأنّ على المزور كرامة الزائر (٥).

ودخول الروضات والضرائح المقدّسة ، وتختلف مراتب الفضل باختلاف مراتبها.

__________________

(١) في «ح» زيادة : وهو شرط فيهما.

(٢) في «ح» زيادة : كما في غيرها.

(٣) الفقيه ١ : ١٥٤ ح ٧٢١ ، هداية الأمّة ٢ : ١٠٣ ، وص ١٧٨ ح ١١٥٧ ، الجواهر السنيّة : ٦٢ ، ١٤٩.

(٤) أمالي الصدوق : ٢٩٣ ح ٨ ، هداية الأمّة ١ : ١٠٣ ، الوسائل ١ : ٢٦٧ أبواب الوضوء ب ١٠ ح ٢ ، البحار ٨٠ : ٣٨٤ ح ٥٩.

(٥) الفقيه ١ : ١٥٤ ح ٧٢١ ، الوسائل ١ : ٢٦٧ أبواب الوضوء ب ١٠ ح ٤.

٧٩

ويقوى القول برجحانه للدخول في كلّ مكان شريف على اختلاف المراتب بقصد تعظيم الشعائر من قباب الشهداء ، ومحالّ العلماء والصلحاء ، من الأموات والأحياء وما يتبع الروضات من رواق ونحوه ، وكلّ حرم محترم وقراءة القرآن ، وإن كان منسوخ الحكم ، دون منسوخ التلاوة مع احتماله فيه.

وتختلف مراتب الفضل بتفاوت فضل المقروء ، وقلّته وكثرته ، وروى «أنّ من قرأ القرآن متطهّراً كان له خمس وعشرون حسنة ، ومن قرأه غير متطهّر فله عشر حسنات» (١).

وما كان من الغايات راجحاً يتضاعف رجحانه بفعله قبله. وجعل اختلاف الأجر في قراءة القرآن بمنزلة الميزان غير بعيد. وإذا تبدّل حكم غاية في الأثناء تبدّل حكمه على نحو تبدّله.

والنوم للمحدث بالأصغر ، والنوم للجنب (٢) ، أو مطلق المحدث بالأكبر فتتكرّر جهة الندب والاقتصار على الأوّل أولى حتّى يكون فراشه كمسجده.

وإن ذكر أنّه على غير وضوء تيمّم من دثاره. وتسريته إلى الترك عمداً مع العلم فضلاً عن الجهل كما أُطلق في كلامهم قويّ ولإلحاق الأحداث الكبر وجه.

وحمل المصحف متصلاً به أو مطلقاً ، تامّاً أو مطلقاً ، قليلاً أو كثيراً ، على اختلاف الوجوه ومسّ هامشه وغلافه وما رسم فيه ممّا عدا كلماته ، وربما تلحق به الكتب المعظّمة السماويّة ، وجميع ما اشتمل على الأخبار والدعوات ، والأذكار.

وصلاة الجنازة ولو على مخالف. وسجود الشكر ، وسجود التلاوة والتعقيبات ، والدعوات والزيارات.

والسعي في الحاجة ؛ لقوله عليه‌السلام : «من طلب حاجة وهو على غير وضوء فلم تقض فلا يلومنّ إلا نفسه» (٣). وجماع المحتلم كما ذكره بعض الفضلاء ؛ ، (٤) وذكر

__________________

(١) عدّة الداعي : ٢٥٧ ، أعلام الدين للديلمي : ١٠٢ ، وهداية الأُمّة ٣ : ٧١ ح ٣٩٥ ، الوسائل ٤ : ٨٤٨ أبواب قراءة القرآن ب ١٣ ح ٣.

(٢) في «س» «م» : للمبيت.

(٣) التهذيب ١ : ٣٥٩ ح ١٠٧٧ ، الوسائل ١ : ٢٦٢ أبواب الوضوء ب ٦ ح ١.

(٤) كابن سعيد في الجامع للشرائع : ٣٢ ، والعلامة في منتهى المطلب ٢ : ١٥٨.

٨٠