كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ٢

الشيخ جعفر كاشف الغطاء

كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ٢

المؤلف:

الشيخ جعفر كاشف الغطاء


المحقق: مكتب الإعلام الإسلامي ، فرع خراسان
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-424-953-4
الصفحات: ٤٦٣

والقول بأنّ البول في الراكد ليلاً أشد كراهةً ، لأنّه مسكن الجنّ دليله أعمّ من دعواه ، إلا على وجه بعيد. وإلحاق الخارج قبل الاستبراء مع الاشتباه به بعيد ، والدوام يتبع الابتداء تحريماً وكراهةً.

ولا يفرق في تحقّق كراهية البول بالماء بين طاهره ونجسه ، بل لو قيل بذلك مع تغيّره بالنجاسة لم يكن بعيداً. وتختلف مراتب الكراهة فيه.

ولا تعويل على ما قد يشمّ من حديث «أنّ للماء سكّانا» (١) وحديث «أنّ الملائكة لا تدخل بيتاً يبال فيه» (٢) من تخصيص الماء بالطاهر ؛ إذ لولا ذلك لجعل تنجيس الماء عند إرادة البول فيه طريقاً لدفع كراهته ، ولكان السابق بالبول أو بشي‌ء منه يدفع الكراهة عن المتأخّر عنه ، ولو بعد اتّصال أوّل قطرة منه ، ولكانت أوّل قطرة من البول دافعةً لكراهة باقية حيث ينجّسه مجرّد الاتصال ، ولا أظنّ أحداً يتفوّه بذلك والتفرقة بعيدة ، فكراهة البول بالماء على عمومه.

ولا يستثني منه إلا ما يصير ماءً بسبب البول كالملح والثلج الذائبين بسبب البول فيهما على تأمّل في ذلك.

وربما يستثني أيضاً المياه المعدّة لتنظيف الخلوات بالجريان فيها في بعض البلدان كالشام ونحوها ، لدخوله تحت التطهير ، ولرجحان هذا الفرض على جهة الكراهة على تأمّل. وما كان في الخلاء لا عبرة به ، ويحتمل جريان الكراهة في ورود الماء على البول لغير التطهير على تأمّل في ذلك.

ومنها : البول قائماً ؛ توقّياً من البول ، وخوفاً من تلبّس الشيطان ، وعدم خروجه بعد ذلك ، ومقتضى التعليل الأوّل التخصيص بغير متلوّث البدن والثياب ، ويستثنى من ذلك المطليّ خوفاً من حدوث الفتق.

ومنها : الكلام حال التخلّي فقد نهى أن يجيب الرجل الأخر أو يكلّمه وهو على

__________________

(١) الوسائل ١ : ٢٤٠ أبواب أحكام الخلوة ب ٢٤ ح ٣ «بتفاوت لفظيّ».

(٢) الكافي ٣ : ٣٩٣ ح ٢٦ ، ٢٧.

١٦١

الغائط ؛ وأنّه من تكلّم على الخلاء لم تقض حاجته (١) ، وروى إلى أربعة أيّام (٢) إلا بذكر الله تعالى ؛ لأنّه حسن في كلّ حال ، وروى رجحان الإسرار به (٣).

وسوى الأذان ؛ للتنصيص على استثنائه (٤) ، لا من جهة كونه ذاكراً ، فلا حاجة إلى تبديل الحيعلات بالحولقات كما قيل (٥). وسوى أية الكرسي إلى «العظيم» أو إلى «خالدون» على اختلاف الرأيين ، وآية «الحمد لله ربّ العالمين» ورد السلام الواجب ، والصلاة على النبيّ (ص) وآله إذا ذكر اسمه ، وطلب حاجة يضرّ فوتها ، والدعوات المأثورة حال التخلّي (٦).

وقد يلحق بذلك جميع الدعوات ، وما لم يشتمل على حرفين ، أو يكون حرفاً غير مفهم المعنى فلا بأس به ، وأمّا ما كان من العطاس والتنحنح والتنخّم أو البصاق أو الضحك أو البكاء ونحوها غير مقصود به إخراج الحروف فليس من الكلام. وأمّا الأنين والتحسّر فمن الكلام في وجه.

ومنها : الاستنجاء باليمين ، وروى أنّه من الجفاء (٧).

ومنها : الاستنجاء وفي كفّه التي يستنجي بها خاتم فصّه من حجر زمزم ، ويراد ما دخل فيها بالعارض دون المتكوّن بالمسجد ، أو تقييده بالخروج مع كناسة ونحوها ، أو يستثني ذلك من حكم حصى المساجد ، أو نقول بحرمة الإخراج ، وكراهة الاستعمال ، أو نخرج الكراهة عن ظاهرها.

ومنها : الاستنجاء باليسار وفيها خاتم نقش على فصّه اسم الله أو أنبيائه أو أوصيائهم

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢١ ح ٦١ ، الوسائل ١ : ٢١٨ أبواب أحكام الخلوة ب ٦ ح ٢.

(٢) لم نعثر عليه في مظانّه ولكنّ العبارة موجودة في كشف اللثام ١ : ٢٣٧.

(٣) قرب الإسناد : ٧٤ ، الوسائل ١ : ٢٢١ أبواب أحكام الخلوة ب ٧ ح ٩.

(٤) الفقيه ١ : ١٨٧ ح ٨٩٢ ، علل الشرائع : ٢٨٤ ح ١ و ٢ ، الوسائل ١ : ٢٢١ أبواب أحكام الخلوة ب ٨ ح ١ ، ٢ ، ٣.

(٥) المبسوط للشيخ الطوسي ١ : ٩٧ ، وحكي في الجواهر ٩ : ١٢٣ عن العلامة الطباطبائي بقوله : واحك الأذان الكل إلا الحيعلة فإنّها مبدلة بالحوقلة.

(٦) الكافي ٣ : ١٦ باب القول عند دخول الخلد. ح ١ ، الوسائل ١ : ٢١٦ ، أبواب أحكام الخلاء ب ٥.

(٧) الكافي ٣ : ١٧ باب القول عند دخول الخلاء ح ٥.

١٦٢

أو باقي المحترمات ما لم يستلزم التلويث فيكون من المحرّمات.

ومنها : الأكل والشرب ممّا يسمّى أكلاً وشرباً عرفاً ، ولا يبعد القول بتفاوت الكراهة فيهما ، وأنّ الأوّل أشد ، ويختلف شدّة وضعفاً بالكثرة والقلّة والطول وخلافه.

ومنها : السواك حال التخلّي وهو المراد بالخلاء ، ويقرأ بالقصر ، وعلّل بأنّه يورث البخر ، وتختلف مراتب الكراهة في جميع المكروهات بالطول والقصر والاتّحاد والتعدّد على اختلاف مراتبه.

ومنها : كونه في شوارع المسلمين أو ما يعبرون به من شوارع غيرهم ، وهي الطرق النافذة (دون المرفوعة) (١) ، فإنّها من الأملاك ، وسيجي‌ء حكمه فيها ، وتصرف الشريك بالزائد على حصّته لا مانع منه فيه ، وفيما سيجي‌ء من أمثاله ، لبناء الشركة فيها على جواز ذلك ، كما في المياه للشرب والاستعمال ، أو لإذن المالك الأصلي في ذلك.

ومنها : ما أُعدّ لتردّدهم من المدارس أو المقابر أو المنازل أو الحمّامات أو لجلوسهم واجتماعهم لتعزية ونحوها مما يرجّح في نظر الشارع.

وأمّا ما أُعدّ للملاهي وعمل المحرّمات ولو ابتداءً ، (أو بطل الاستطراق فيه ولم يكن مرجوّ السلوك فيه) (٢) مع بقاء الفضلة فلا كراهة فيه.

وطريق الصحراء كطريق القرى والبلدان في الكراهة ، وإذا أضر بالمارّة وبعض المترددين حرم. ويجري الحكم في سائر القذارات وجميع المؤذيات لنجاسة أو رائحة أو كراهة منظر أو إخلال بمعبر ونحو ذلك.

ومنها : كونه في مشارع المسلمين أو مشارع يرد إليها بعض المسلمين أو مطلق المشارع احتراماً لها كالعيون والآبار أو شطوط الأنهار ، وكذا جميع ما يتردّدون إليه لأخذ الماء ، ولو هجرت من دون رجاء العود ارتفع حكمها ، ولو استلزم ضرر الواردين حرم ، ويجتمع في الأملاك والموقوفات الخاصّة حكم الأملاك والمشارع معاً.

ومنها : كونه في مواضع اللعن والسبّ ، والطعن ، وهي أبواب الدور إذا لم يدخل

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في «س» ، «م» : مع عدم ترتّب الضرر ، وإلا حرم ، وكونها مرفوعة.

(٢) بدل ما بين القوسين في «ح» : أو بطلت منفعته بحيث لا يرجى عودها.

١٦٣

فيها ، ولا في مقام تحجيرها.

وقد يضاف إليها مجامع الخلق كيف كانت ، لاشتراكهما في كونهما محلّ السبّ واللعن ، وإن اختلف جهتا هما ، وقد يضاف إليه وضع سائر القذارات خصوصاً ما جمع فيه قذارات الخلوات.

ومنها : كونه تحت الأشجار ، وفيها ثمرتها النافعة لأكل أو غيره ، دون ما ليس من شأنها الإثمار ، ودون ما من شأنها ذلك بالقوّة البعيدة كالفراخ ، أو بالقوة القريبة لعدم بروزها من الإمكان إلى الفعل ، أو بالفعل ممّا لم ينتفع به أصلاً ، لا بالقوّة ولا بالفعل ، ولا فرق في الثمرة بين البالغة حدّ الانتفاع وغيرها.

ويظهر جميع ما ذكر من الأخبار (١) من غير حاجة إلى البحث في المشتق ، وإفادته. ولو كانت الثمرة في جانب فلا بأس بالتخلّي في الجانب الأخر. ولو كان على الفضلة حاجب يمنع عن إصابة القذر الثمر ، أو كانت الثمرة نجسة بمثل ما تخشى إصابته أو مطلقاً ، قوي ارتفاع الكراهة. ولو كانت من شجرة بعيدة يطيرها الريح أو تقع من بناء مرتفع قوي تسرية الكراهة.

ولو كان القذر يزول أو يزول حكمه من حينه بتسلّط الماء المعصوم عليه من غير حصول الإصابة قوي احتمال ارتفاع الكراهة ، ولا يبعد أن يقال بالكراهة مع ذلك ، بناءً على أنّه من جهة الاحترام.

ومنها : ما يكون في في‌ء النزّال ؛ لدخوله في مواضع اللعن ، ولقيام احتمال الضرر ، وإذا هجرت المنازل بحيث لا يرجى عود النزّال مع بقاء الفضلة أو حكمها ارتفعت الكراهة. ومتى ترتّب شي‌ء من الضرر عليه ، أو على أحد الأربعة المتقدّمة عليه ، حرم التخلّي ، كغيره من الأفعال الضارّة ، ومتى كان شي‌ء منها أو ممّا تقدّمها من الأملاك أو الأوقاف الخاصّة جرى عليها حكم الملك.

وتمشية الحكم إلى سائر القذارات له وجه وجيه ، ويختلف الحكم بدخول مسألة

__________________

(١) انظر الكافي ٣ : ١٥ باب الموضع الذي يكره أن يتغوّط فيه أو يبال ، الفقيه ١ : ١٦ باب ارتياد المكان للحدث ، الوسائل ١ : ٢١٢ أبواب أحكام الخلوة ب ٢ وص ٢٢٨ ب ١٥.

١٦٤

التقاطر من المسلوس والخروج من المبطون باختلاف العلل ، فتأمّل.

ومنها : التخلّي في خلاء فيه مظنّة لترشّح البول من جهة ما يرتفع فيه من الهواء أو لضيق أو قرب قعر ونحوها.

ومنها : كونه في جُحر (١) الحيوان لخوف أذيّته أو التأذّي منه ، مع ضعف الاحتمال أو قوّته ، وضعف الضرر ، وإلا حرم في الثاني ، ويحتمل إلحاق الأوّل به ، وهي في البول أظهر.

روي أنّ تأبّط شرّاً جلس ليبول فإذا حيّة خرجت فلذعته (٢) ، وأنّ سعد بن عبادة بال في الشام في جحر فاستلقى ميّتاً ، فسمعت الجنّ تنشد فيه في المدينة ، وتقول :

نحن قتلنا سيّد الخزرج سعد بن عبادة ، ورميناه بسهمين فلم تخط فؤاده.

هكذا نقل في بعض الأخبار (٣) ، والله أعلم بحقائق الأسرار.

ومنها : كونه في أفنية الدور والبساتين والمساجد من الأمكنة المتّسعة أمامها ؛ للتأذّي ، وكونها من مواضع اللعن ، ممّا لم يكن من الحريم أو المملوك الغير المأذون فيه ، والضارّ فإنّه يحرم حينئذٍ.

ومنها : في سائر مواضع احتمال الضرر ممّا لم يكن ممنوعاً ؛ لنهي شرعيّ أو حقّ مالكيّ ، وتبتني اختلاف مراتب أحكام التخلّي تحريماً وكراهةً وندباً فيما يتعلّق بالفرجين على بروزهما أو أحدهما أو بعضهما أو بعض أحدهما ، وفيما يتعلّق بالحدثين على ما يخرج بطريق الاعتياد من الطبيعي وغيره معتاداً (أو) (٤) غير المعتاد.

وبالنسبة إلى الهيئة في الابتداء يحتمل وجوه :

منها : ابتداء القيام للجلوس.

ومنها : الجلوس.

__________________

(١) الجحر : كلّ شي‌ء يحتفره الهوام والسباع لأنفسها ، جمعها حجرة (القاموس المحيط ١ : ٤٠٠).

(٢) لم نعثر عليه ولكنّها موجودة في كشف اللثام ١ : ٢٣٤.

(٣) الطبقات الكبرى لابن سعد ٣ : ٦١٧.

(٤) بدل أو في «ح» : ويحتمل إلحاق.

١٦٥

ومنها : الأخذ بالخروج.

ومنها : الأخذ في الاستبراء.

ومنها : الأخذ في الاستنجاء ، وفي الانتهاء تمام الخروج ، أو تمام الاستبراء ، أو تمام الاستنجاء ، أو الأخذ في القيام ، أو تمامه ، أو الأخذ في الانصراف.

والمتيقّن منها ما قارن الخروج ، والمحافظة على الاحتياط في التخلّص من الحرمة والكراهة ، وفي العمل بالسنّة أولى. وفي تسرية الأحكام إلى أولياء المجانين والأطفال وجه ، (وتشتدّ كراهة المكروهات بضعف الاحتياج إليها ، وتعدّد الجهات وكثرة الكائنات) (١).

المقصد الثاني : في الغسل

وفيه مقامات

الأوّل : في بيان حقيقته

وهي عبارة عن غسل تمام ظاهر بشرة البدن (٢) أو الجمع بين الغسل والمسح معاً كغسل الجبائر في بعض الصور ، وما لها من النظائر مباشرة أو نيابةً مع التعدّد ، أو الاتّحاد أو ملفّقاً ، رافعاً أو غير رافع على وجه يوافق الطلب من الفاعل أو النائب أو المتولّي الشرعي كغسل المولود إن عدّدناه في سلك الأغسال المطلوبة ، لا المقصود بها مجرّد التنظيف. وقد يخرج منه أيضاً غسل الصبي الغير المميّز للإحرام مثلاً أو مطلقاً على قول آخر ، وغسل الميّت.

ويعتبر في الغسل الجريان أو ما يقوم مقامه (وفي سائر ما كان منه من العبادات واجبات ، ومندوبات النية) (٣) وقد مرّ فيها تمام الكلام على وجه يغني عن التعرّض لها

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

(٢) وفي «ح» زيادة : أو ما قام مقامه أو المسح فقط في وجه بعيد.

(٣) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

١٦٦

في هذا المقام. وله في جميع أقسامه واجباته ومندوباته كيفيّتان متضادّتان لا يتصادقان ، ولا يتداخلان تداخل التركيب.

إحداهما : الارتماس ويتحقّق بغمس البدن في الكثير أو القليل أو شبه الغمس بالوقوف تحت الميزاب أو المطر على وجه يشتمل الماء على مجموع ظاهر البدن آناً ما ، به يتحقّق الغسل دون ما قبله من المقدّمات ، وما بعده من الزيادات ، فيستوي الحال في حصول الأثر بين المقدّم من الأعضاء والمؤخّر ، لتعلّق الحكم بها دفعة.

(ولو أدخل شيئاً من الخارج بعد خروج شي‌ء من الداخل أو رتّب مستمرّاً في النيّة ، ولم يعلّقها بالجملة فسد الغسل) (١).

ولو بقيت لمعة بعد مفارقة شي‌ء من البدن لم يصلها الماء ، أعاد الغسل من أصله ، ويكفي الظنّ مع الاطمئنان في الجملة بالشمول ، ولا يلزم التفتيش.

ويختصّ الحكم بالظاهر ، ولا يلزم غسل الباطن ، ومنه ثقب الأنف والأذنين والباطن منهما. ومنه محلّ انطباق الشفتين وأشفار العينين والباطن من السرّة ، والأنف وباطن ثقب الذكر ، وحلقة الدبر ، والفرج ، ولا حاجة إلى الاسترخاء فيهما على الأقوى ، وما تحت أظفار اليدين والرجلين ما لم تعل على الأنامل. وأمّا ما تحت الإباط وما بين أصابع اليدين والرجلين والأليتين فمن الظواهر. والظاهر أنّ الظاهر من باطن الأُذنين ، والباطن من البشرة لمستوريّته بالشعر هنا من الظاهر.

وحقيقته مغايرة لحقيقة الترتيب الاتي ذكرها (إلا أنّه لا يعتبر فيه الخصوصيّة ، فلو أطلق في النيّة فلا بأس ، لعدم تقوّم العادة بهما) (٢) فلو نوى أحدهما في مقام الأخر ففيه وجهان ، والأوجه الصحّة لعدم تقوّم النوع بهما ، والأحوط البناء على البطلان.

وللارتماس طرق مشتركة في الصحّة (يجمعها الكون تحت الماء ، لأنّه إمّا بعد خروج كلّ البدن ، أو بعضه قلّ أو كثر بفعله ، أو بفعل الماء ، مع اختلاف السطوح كذلك أو لا ثمّ إمّا أن تكون النيّة قبل الكون مقارنة له أو بعده ، أوّلاً ، أو وسطاً أو آخراً ،

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

(٢) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

١٦٧

حال الدخول أو الخروج أو المكث ، ولا بأس بالجميع. غير أنّ الأحوط الاقتصار على المتعارف. والعرف مانع عن تعدّد الأغسال ؛ لأنّ الكون وإن استمرّ واحد) (١) ويختلف في باب الاحتياط شدّة وضعفاً.

ولا بدّ من إزالة الحاجب ولو كان مقدار شعرة ؛ لئلا تبقى لمعة ، ولا يجب البحث عنه مع الشك في أصله ، بخلاف الشك في حجبه. ولو كانت النجاسة حكميّة أغنى الغسل في الماء المعصوم عن الغسل والغسل ولو كان غمسه في كرّ لا زيادة فيه وفيه عين نجاسة (٢) صدرت منه أو من خارج ، وبعد تمام الانغماس فاض الماء حتّى نقص عن الكرّ مع بقائها طهر من الحدث ، وتنجّس بالخبث ، وكذا لو تقارن النقص مع التمام ، ولو كان ناقصاً فاتّصل بالمعصوم بعده انعكس الحكم ، ومع العكس يجي‌ء الحكم الأوّل.

وذو الجبائر ونحوها مع عدم إمكان وصول الماء إلى ما تحتها ينحصر غسله في الترتيب ، وكذا لو كان الارتماس مفسداً للماء المنتاب ، ويتعيّن لو ضاق الوقت عن الترتيب أو بعضه ، ولا مانع منه.

ولو ارتمس فدخل البعض المتقدّم منه في الطين قبل استيلاء الماء على المتأخّر فسد

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في «م» ، «س» : لاشتراكهما في تحقّق الكون تحت الماء آناً واحداً ، الذي يتحقّق به حقيقة الارتماس أحدها : الكون في الماء وهو خارج بتمامه ويغمس تمام بدنه وينويه متّصلاً بحال الدخول.

ثانيها : أن يفعل مثل ذلك وبعضه خارج من الماء وينوي مقارناً لإدخال ذلك البعض.

ثالثها : أن ينوي حال الكون الأوّل في الماء.

رابعها : رابها أن ينوي حال الكون الثاني أو الثالث وهكذا مع عدم اختلاف السطوح المستند إلى الماء.

خامسها : أن ينوي مع اختلاف السطوح المستند إلى الماء.

سادسها : أن ينوي مع اختلاف السطوح المستند إلى فعله.

سابعها : أن ينوي حال خروجه.

ثامنها : أن ينوي حال استيلائه بالصبّ أو الانصباب على تمام بدنه بنحو يشبه الانغماس. ويقوى الجواز في جميع الصور.

(٢) في «ح» زيادة : باقية.

١٦٨

الغسل ، وكذا لو أصابته نجاسة غيره من داخل أو خارج ، وبقيت بعد دخول الخارج ونحوه مطلق الحاجب.

ولو ارتدّ عن ملّة أو ارتدّت مطلقاً بعد انغماس البعض فتاب مع قبول التوبة ، أو تابت قبل التمام أو بعده قبل الأخذ بالخروج مع استصحاب النيّة (١) صحّ.

ولو نذر مطلق الغسل تخيّر بينه وبين الترتيب ، ولو عيّن أحدهما تعيّن ولو ارتماساً على الأقوى ، ولو أتى بغير المنذور متقرّباً بالمنذور بطل ؛ للزوم التشريع ، وفي مقام العذر تقوى الصحّة ، ولو كان عاصياً صحّ.

ولا ترتيب صوريّاً في الارتماس ، ولا مانع من البدئة بالرأس أو القدمين أو ما بينهما.

واعتبار الترتيب الحكمي فيه بمعنى جري حكمه شرعاً من دون نيّة ، أو معها في الإدخال أو الإخراج أو المكث أو الملفّق أو في أصل الانغماس مع قطع النظر عن الخصوصيّات لا وجه له (٢) ، ومع الخروج وبقاء لمعة تقوم احتمالات :

أحدها : البطلان.

ثانيها : الصحّة مع المبادرة إلى غسلها ليقوم مقام الدفعة.

ثالثها : الصحّة مع التراخي.

رابعها : الانقلاب إلى الترتيب فيعمل عمل المرتّب ، فإن كانت في الجانب الأيسر اكتفى بغسلها ، وإن كانت بغيره غسلها وأعاد غسل العضو المتأخّر عمّا اشتمل عليها ، والأوّل أقوى.

ولو ارتمس من تعيّن عليه فرض الصوم بالأصالة أو بالعارض كقضاء شهر رمضان بعد الزوال عمداً بطل غسله وصومه. وسهواً صحّا معاً ، وفي الموسّع من الصوم والنفل منه مع العمد يبطل الصوم دون الغسل وفي الماء المغصوب عالماً بالغصب ناسياً للصوم يبطل الغسل دون الصوم ، وذاكراً للصوم ناسياً للغصب بالعكس.

ويصحّ مع طهارة البدن الارتماس بالماء القليل مرّات على قولنا ، وعلى القول بعدم

__________________

(١) بدله في «س» ، «م» : مستصحباً للنيّة.

(٢) بدله في «م» ، «س» : لا اعتبار به.

١٦٩

جواز الغسل بالغسالة يقتصر (١) على المرّة.

ولو نوى الارتماس فيما لا اطمئنان بوفائه بالغمس قاصداً له على الاحتمال فوافق ذلك قوي الإجزاء ؛ لتعلّقه بالمتعلّق لا بأصل النيّة في وجه ، والأحوط الإعادة.

ولو شكّ في اشتمال الماء بنى على العدم. ولو شهد به عدل فضلا عن عدلين فما زاد قبلت شهادته.

ثانيتهما : غسل الترتيب وهو عبارة عن غسل ظاهر جميع البشرة (٢) من مكشوف ومستور بالشعر ، بإجراء الماء ولو خفيفاً كالدهن ، أو غمس أو جمع بين الأمرين في الأعضاء المختلفة أو المتّحدة أو إصابة كما في البواطن المحكوم عليها بحكم الظواهر ، كما تحت الشعر والجبائر ونحوها حيث يمكن إيصال الماء إلى ما تحتها مع الترتيب على النحو المطلوب شرعاً ، بأن يغسل الرأس ومنه الرقبة بتمامها ، ثمّ الجانب الأيمن من أسفل الرقبة إلى باطن القدم ، ومنه النصف الأيمن من السرّة والدبر والفرج والذكر والبيضتين ، وفقار الظهر ونحوها ، والأحوط الإتيان بغسل جملتها مع كلّ من الجانبين. ولو خلق بعضها مائلة الأصل إلى أحد الجانبين تبعته خاصّة ، وميل الطرف لا يغيّر الحكم.

ثم الجانب الأيسر من أسفل الرقبة إلى باطن القدم الأيسر مع مثل الأنصاف السابقة من الجانب الأيسر ، فيجب ألا يدخل في لاحق إلا بعد الفراغ من تمام السابق بحيث لا يبقى منه مقدار شعرة ، فإن بقي شي‌ء من السابق عاد عليه ، وأعاد اللاحق.

ولو تقلّص من أحد الجانبين إلى الأخر شي‌ء ولم يخرج عن الاسم أو جذب بقي على حكمه السابق.

ولا ترتيب بين أبعاض الأعضاء ، فيبدء منها بما يشاء ، فيجوز تقديم أسفل كلّ من الرأس والجانبين على أعلاه ، وهو شرط وجوديّ يستوي فيه العالم والجاهل ، والناسي والغافل ، لا علميّ يختصّ الفساد فيه بعمل العالم (٣).

__________________

(١) بدله في «ح» يغتسل.

(٢) في «ح» زيادة : أو باطن قام مقام الظاهر ، أو ظاهر قام مقام الباطن كالجبائر ونحوها.

(٣) في «ح» : العامل.

١٧٠

ويحصل الترتيب بغمس الأعضاء بتمامها مُرتّبةً مع تعدّد الغمس على نحو تعدّدها أو اختصاصه ببعضها أو ببعض أبعاضها أو دفعة كذلك مع ترتّب القصد ، وبارتماسات ثلاث ناوياً عند الإدخال بكلّ واحدة عضواً مرتّباً وبرمستين أو واحدة منضمّة إلى بعض الصور السابقة ، وبرمسة واحدة مقصود بها ترتيب الأعضاء مع الترتيب في القصد وبدونه على إشكال.

ويجري في الإخراج نحو ما في الإدخال وفي حال المكث إشكال ، وصوره كثيرة غير محصورة والأحوط الاقتصار على الطور المتعارف.

(ولا يجوز احتساب الأكوان ودفعات الجريان غسلات متعدّدة ، لا في حدث ولا في خبث ، ولو أعاد ما غسل من وضوء أو غسل كان مؤكّداً لا مؤسّساً) (١) وحكمه في التعلّق بالظواهر دون البواطن على نحو ما مرّ الكلام فيهما في حكم الارتماس.

ويجب إزالة ما يتوقّف وصول الماء على إزالته ، وتحريك ما يلزم تحريكه من حلقة أو شعر أو نحوهما ، وتكفي المظنّة في وصول الماء فيما لا يراه البصر ؛ للعمى أو الظلمة أو الكون خلف القفا.

ولا يشترط فيه فرك ولا دلك ، ويجب استيفاء تمام البدن ، ولو بقي مقدار شعرة من الجانب الأيسر بقي حكم الجنابة في المغسول فضلاً عن غيره ، فلا يمسّ به القرآن ، ولو بقيت لمعة من غسلة الفرض فغسلت بغسلة السنّة أجزأت.

ولو أتى بغسلة مع البناء على (٢) التثليث بطلت ، ولو زعمها من المشروعة فظهرت ثالثة (٣) أجزأت على إشكال. والمسألة جارية في الوضوء والغسل ومثلهما يجري في التيمّم.

ولو أتى بغسل بدعة أو مسح كذلك مُدخلاً لهما في أصل النيّة أفسدا ، وإلا فسدا ولم يُفسدا على إشكال.

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

(٢) في «ح» : زيادة : ما فوق.

(٣) في «ح» : رابعة.

١٧١

(وذو الحقو الواحد مع الوحدة يبدءان بكلا الرأسين دفعة أو متعاقبين ، ثم بكلا الجانبين الأيمنين ثم الأيسرين ، ويحتمل احتساب الجثّتين عوض الجانبين ، مع كون أحدهما إلى جنب الأخر ، ومع الاثنينيّة يلزم غسل الرجلين مرّتين ، مع تقديم اليمنى لو كانا جُنبين مثلاً ، ومع غسل أحدهما في استباحة الأخر مسّ المحترم بالأسافل إشكال) (١).

ولا يشترط المتابعة فلا يخلّ الفصل وإن طال ولا الموالاة ، فلا يخلّ الجفاف من غير فرق فيهما بين الأعضاء وأبعاضها.

(ولو رتّب بعد بعض الارتماس أو بالعكس فلا بأس ، وكذا لو ارتمس في بعض أغساله المجتمعة ورتّب في بعض.

ولو رتّب في البعض فقصر الماء ، وتيمّم وصلّى ثمّ وجده أتمّ ، ولم يعد الماضي ، ويكفي في تعدد الارتماس إخراج جزء من البدن ولو صغر) (٢).

ويجري كلّ من قسمي الارتماس والترتيب في أغسال الأموات والأحياء الرافعة وغيرها ، الحقيقيّة والصوريّة. والترتيب بأقسامه قسم واحد يراد حصوله بأيّ نحو كان ، فلو نواه بالأجزاء في الجميع أو الرمس كذلك أو الاختلاف ، فعدل إلى غير المنويّ في الابتداء أو الأثناء فلا بأس ، ولا حاجة إلى تجديد النيّة.

وأمّا بالنسبة إلى النوعين فالحكم ذو وجهين ، ويقوى الجواز في المقامين ، ولو دخل مرتّباً أرتّب البعض خارجاً لم يلزمه الإتمام ، بل يجوز له العدول إلى الارتماس. وكذا لو أدخل بعضه بقصد الارتماس لم يلزمه إتمامه ، فله الترتيب خارجاً.

فلو قطع من بدنه شي‌ء فيه الجنابة قبل الغسل فالتحم بعد الغسل رمساً أو ترتيباً تبع في الطهارة على إشكال. وعلى القول بعدم التبعيّة يجري فيه حكم اللمعة.

المقام الثاني : في بيان أقسامه :

وهي على ضربين : رافعة : وهي شرط لبعض العبادات تجب لوجوبها وتندب

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

(٢) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

١٧٢

لندبها. وسنن : لا وجوب فيها إلا بالتزام ونحوه ، ولا رفع ولا شرطيّة فيها ، ففيها بحثان ، الأوّل في الرافعة ، وهي أقسام :

الأوّل : في غسل الجنابة وقد علمت حقيقته ممّا تقدّم ، والبحث فيه من وجوه :

الأوّل في بيان السبب ، وهو أمران :

أحدهما : خروج المني إلى خارج من ذكر ذكرٍ ) ، أو فرج أنثى ، ولا عبرة بتحرّكه من محلّه بلغ المخرج أو لا ، ما لم يخرج ، ولا بالخارج من محلّ لا تعلم أصالته ، ولا تحكم عليه عادته ، فالخارج من إحدى فرجي الخنثى المشكل أو ثقب الممسوح مع عدم الاعتياد لا يحكم بحدثيّته ، وإن حكم بخبثيّته. ولو خرج منهما معاً حكم بهما (٢).

ويحتمل قويّاً الاكتفاء بأحدهما مطلقاً ، وهو المنحدر عن الشهوة ، ومعها (٣) قويّا كانحدار السيل من قوي المزاج ، وضعيفاً من ضعيفه ، ومن شأنه انعقاد الولد منه.

وبذلك يفترق عن الخارج من الفرجين ممّا يماثله من مذي سائل كسيلان الماء يخرج بالملاعبة أو بالحركة أو المماسة أو التذكر أو غيرها.

أو وذي بالذال المعجمة يخرج بعد خروج المني من المخرج ، وهو أبيض أغلظ من المذي. أو ودي بالدال المهملة أبيض أغلظ منهما يخرج بعد البول ، فإنّها لا يترتّب عليها حدثيّة ولا خبثيّة ، بل هي كسائر الرطوبات.

ولا فرق فيه بين الخارج نوماً ويقظة ، صادف كثرة أو قلّة ، ولو ذرّة اختياراً أو اضطراراً بجماع أو بغيره ، والمدار على الاسم ، فلو ألحّ بالجماع فخرج دم مقرون بالشهوة فلا عبرة به.

ومن علاماته الدفق مع الشهوة البالغة ، وأمّا الضعيفة فقد تقارن المذي ونحوه من صحيح المزاج ، ويغني مجرّد الشهوة في غيره.

__________________

(١) أثبتناه من «س».

(٢) في «ح» زيادة : وإن كانا اثنين على حقو واحد ، فالمدار على المخرج ، مع ظهور الملازمة بين المصدر وما يوافقه من المخرج.

(٣) في «م» ، «س» : ومنهما.

١٧٣

وخروج منيّ الرجل من فرج المرأة والرطوبة المشتبهة في النوم أو اليقظة ما لم يكن قبل الاستبراء والخارج من غير الأصلي ومن غير العارضي المعتاد. والمحتبس (١) في وسط الذكر ، أو الفرج أو المحبوس في أحدهما كذلك ، لا عبرة به.

ومن إماراته أنّ رائحته رائحة الطلع مع الرطوبة ، وبياض البيض مع الجفاف ، وفتور البدن وضعف الذكر بعد قوّته ، وتكمّشه بعد امتداده ، وضعف الرغبة بالجماع بعد قوّتها بعد خروجه ، وصلابته بعد يبوسته ، وصعوبة إزالته عن الثوب مع إرادة تطهيره.

ولو حصل القطع بتمامها أو ببعضها حكم به ، والخارج من فرج المرأة مع احتمال كونه من منيّ الرجل خالصاً لا يحكم بجنابة المرأة بسببه ، وكذا الموجود في الثوب المشترك مع الاجتماع فيه أو الشك في المتقدّم ومع العلم يحتمل الحكم على المتأخّر والأقوى خلافه ، وجميع ما ذكر سوى المتعلّق بالذكر جار في الأُنثى والذكر على الأظهر.

الأمر الثاني : دخول مقدار حشفة ذكر الفاعل من الإنسان الباعث على التقاء الختان بالختان أو مقدار الغالب من حشفة ذكر الإنسان وغير الإنسان ، فلا يكفي في المقطوع من فوق الختان مجرّد إصابة الختان في فرج الأُنثى أو دبرها أو دبر الذكر بالنسبة إلى الفاعل والمفعول (٢) كبيرين أو صغيرين مميّزين أو غير مميّزين ، ويلحقهما الحكم بعد البلوغ ، وفي الرضيع وشبهه إشكال ، أو مختلفين مع العلم أو الجهل بالموضوع أو الاختيار والاضطرار ، والدخول بنفسه والإدخال مع النعوظ وبدونه ، متلذّذاً أو لا ، قاصداً أو غافلاً أو ساهياً أو ناسياً مكشوفاً أو ملفوفاً ، وفي الموضوع في خرقة أو خشبة إشكال ، (أو مبعّضاً متّصلاً فلا كلام أو منفصلاً بتمامه أو

__________________

(١) ويقرأ في بعض النسخ : المتنجس ولكنّ الأولى ما أثبتناه.

(٢) في «ح» زيادة : من نوع الإنسان. وجملة المسائل اثنتي عشر مسألة : الإنسان بالإنسان فاعلاً ومفعولاً في دبر ذكر أو أنثى أو فرجها ، وفاعلاً بالحيوان ، ومفعولا له.

١٧٤

ببعضه) (١). إذا كان قدراً معتدّاً به مساوي الحشفة فما زاد على إشكال ، مشتملاً على ما فيه الختان فما زاد على إشكال ، أو لا ، حيّاً كان المفعول أو ميّتاً (من ميّت كان الداخل أو من حيّ) (٢) معلوماً موافقة الفرج للموطوء أو لا. كالخنثى المشكل ، فتثبت الجنابة بفعله أو انفعاله كالمهر والحدّ على إشكال فيهنّ ، والقول بالتوقّف على وطء مجموع الأمرين كما إذا فعلت وانفعلت فيترتّب الغسل والحدّ على مجموع الأمرين ، والتعزير (٣) على الواحد هو الأقوى.

ولو وطئت من جانب وأمنت من آخر أو وطئت في دبرها فلا بحث في ثبوتها لها. والمدار على محاذاة الختان من جميع الجهات ، ولا يكفي بعضها ، والمدار على الإدخال ، ولا يتوقّف على الإخراج ، فلو قطع قبل الإخراج بقي حكم الجنابة. ولو شكّ في الدخول أو بلوغ الحشفة فلا جنابة ، ولا يقبل خبر المرأة إلا مع العدالة.

ولو ظهر حمل من منيّ شخص ، فإن كان له مخرج سوى الذكر غير معتاد لم يحكم بالجنابة على الأُنثى ولا الذكر ، لاحتمال المساحقة ، وإلا حكم بالجنابة على الذكر خاصّة. ولو جهل أنّه من وطئه أو وطء غيره فإن لم يكن فراشه من متعة أو أمة فلا جنابة ، وإلا فوجهان.

ولو ساحقها اثنان جرى عليهما حكم الثوب المشترك ، ومقطوع الحشفة يعتبر مقدارها كفاقدها ، وثقب الممسوح وإن اتّسع فأدخل فيه الذكر لا يترتّب عليه حكم.

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في «ح» : أو مبعّضاً وفي الموضوع في خرقة أو خشبة إشكال. ويشهد للعموم قوله عليهم‌السلام «ما أوجب الحدّ أوجب الغسل» (١) وقوله «أتوجبون عليه الرجم والحدّ ، ولا توجبون عليه صاعاً من ماء» (٢) وما يظهر من المرتضى رحمه‌الله أنّه ظاهر الأصحاب ، وبعده عن قول من ردعلى على عليه‌السلام ، وإطلاق الجنب عرفا ضعيفاً متصلاً أو منفصلا بتمامه أو ببعضه في وجه بعيد. ولو انفصل مع الفخذين قوي إجراء الحكم فيه.

ولو أدخله من غير المعتاد لم يلحقه الحكم.

__________________

١ ـ ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

٢ ـ في «س» ، «م» :. التعرض.

(٢ و ٣) كنز العمّال ٩ : ٥٤٣ ح ٢٧٣٣٧ ، السنن الكبرى ١ : ١٦٦ ، الوسائل ١ : ٤٦٩ أبواب الجنابة ب ٦ ح ٤.

١٧٥

ولو كانت المرأة مفضاة أو البهيمة مشقوقة الفرج ، فلم يكن تمام الذكر في المجرى ، بل كان بعضه ترتّب الحكم ، ولو كان كلّه في غيره فلا.

والفرج المقطوع لا عبرة به ، ويعتبر باقي عمقه ، ولو قطع نصف الذكر عرضاً أغنى النصف الباقي.

وشرط التقاء الختانين التحقيق ، ولا يغني التقدير ، فلو أدخل ملتوياً بحيث لو مدّ وصل الحدّ لم يبن عليه حكم.

والكافر أصليّاً أو ارتداديّاً مليّاً أو فطريّاً مأمور بالغسل ، ولا يصحّ منه.

ولو أسلم وكان مليّاً أو امرأة أتى به ، وكذا جميع المقدّمات (من حدث جنابة أو حيض أو نفاس أو حدث أصغر ، وفي النجاسة الحكميّة بحث ، والأقوى الطهارة تبعاً للطهارة من نجاسة الكفر) (١) ، دون الغايات ، فإنّ الإسلام يجبّها بعد مضيّ وقتها إن كانت من ذوات الأوقات ، وتمام سببها إن كانت من ذوات الأسباب.

المقام الثالث في الغايات المتوقّفة عليه من العبادات وغير العبادات

وهي أُمور :

منها : ما يتوقّف على رفع الحدث الأصغر من صلاة ، وطواف ومسّ على نحو ما مرّ ، فهو شرط لما يشترط بالوضوء الرافع ، وواجب لما يجب له ، ومستحبّ لما يستحبّ له ، وهكذا جميع الأغسال الرافعة ؛ لأنّ رفع الأكبر في باب الطهارة أهمّ من رفع الأصغر ، ولأنّ نقض الوضوء كما يحصل بالأصغر يحصل بالأكبر ، فكلّما يمنع منه الأصغر أو يرجح عدمه له من حيث النقص المعنوي المترتّب عليه يجري مثله بطريق أولى في الأكبر.

وكلّ أكبر أصغر من أكبر نسبته إليه كنسبة الأصغر إلى الأكبر ، ولا ينعكس الحكم ، فلا يلزم تسرّي حكم الأكبر إلى ما هو بالأصل أو بالإضافة أصغر.

__________________

(١) ما بين القوسين أثبتناه من «ح».

١٧٦

ويحرم هنا مسّ أسماء الأئمّة عليهم‌السلام والأنبياء ، وفي جواز مسّ منسوخ التلاوة والكتب المنزلة من السماء سوى القرآن إشكال ، (وفي حال الاضطرار يقدّم الأضعف على الأشدّ ، وفي الطواف يتساوى الواجب والندب في المنع مع العمد ، ويختصّ البطلان مع السهو بالواجب ، ومراعاة الجنابة المعلومة أهمّ ممّا كانت من جهة الخروج قبل الاستبراء ، وفي أشدّيّة الإنزاليّة على غيرها ، والجامعة للصفتين على ذات الواحدة احتمال.

ولا فرق بين ما أتى فيه ببعض العمل وإن استقلّ ، وما لم يؤت بشي‌ء منه ، وفي منع المسّ بالشعر الذي يغسل بالوضوء دون غيره ودون شعر الجنب وجه) (١).

ومنها : اللبث في المساجد ابتداء واستدامة التي وضعها المسلمون من أهل الحق أو الباطل مع التخصيص بأهل مذهبهم أو الإطلاق أو التعميم للعبادة مع إدخال الصلاة فيها ، دون ما وضعت لغير الصلاة من دون قصدها فيه ، ودون ما وضعه الكفّار من بيع أو كنائس ، وليست المشاهد منها ، وإن جرى المنع فيها ، إذ لا يجوز دخول بيوتهم مع الجنابة ونحوها أمواتاً وأحياءً لغير أتباعهم.

ويقوى لحوق قباب باقي الأنبياء ، وقباب الشهداء أو العلماء والصلحاء لا يجري فيها المنع ، وإن استحبّ التعظيم بتقديم الغسل على الدخول فيها ، بل يقوى القول بالندب من باب التعظيم والاحترام للدخول في بيوت الأحياء منهم.

والعقاب والثواب في الواجب والندب يختلف شدّة وضعفاً باختلاف المراتب ، فللمسجدين وروضة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقباب أئمّتنا عليهم‌السلام ما ليس لغيرها ممّا يماثلها ، ومع الاضطرار إلى اللبث في أحدها يقدّم المفضول على الفاضل.

واللبث عبارة عن المكث زائداً عن حركة الاجتياز ممّا يناسب حاله ماشياً ، مع التردد أو قائما أو جالساً أو نائماً ، ولبث بعض البدن كلبث تمامه.

ولا فرق بين سبق المسجديّة اللبث ومسبوقيّتها ، فلو جعل مسجداً بعد اللبث لزم

__________________

(١) ما بين القوسين زيادة في «ح».

١٧٧

الخروج ، وتحرّي أقرب الطرق أقرب إلى الاحتياط ، ولو أمكنه الغسل متشاغلاً بالخروج أو بإلقاء نفسه في ماء معصوم مع عدم صدق اللبث فلا بأس.

ولو تيمّم لخروجه من غير المسجدين الحرمين شرّع في دينه ، ولو تيمّم متشاغلاً بالخروج فلا بأس ، ولو اضطر إلى البقاء ولا ماء تَيمّمَ واستباح بذلك التيمّم ما يتوقّف على الطهارة ، وليست القطعة المبانة من الجنب بمنزلته ، ولو مات انقطع حكمه فلا بأس بوضعه في المسجد ، والظاهر استباحة دخول المساجد بالتيمّم ، وكذا جميع المحترمات ؛ والأحوط الامتناع.

وسطح المسجد وأعلى منارته وقعر بئره ومحاريبه المتّخذة من جدرانه ، ومحلّ جدرانه داخل فيه ، إلا أن يصرّح الواضع باستثنائها حين الوضع. ومع الاحتمال يحكم بالإلحاق ، ويكفي في ثبوت حكم المسجديّة الشياع ، واستعمال المسلمين والوضع على هيئة المساجد.

ولو توقّفت إزالة النجاسة على قليل من اللبث أو عليه مطلقاً قوي الجواز ، فالغسل لجواز اللبث واجب لوجوبه ندب لندبه.

وكذا لا يجوز اللبث فيها بطريق الدوام والاستيطان مطلقاً إلا للخدّام ، ولا الاشتغال بعمل مباح أو راجح عبادة أو غير عبادة مع معارضة الصلاة ، ولا سيّما في أوقاتها ، ومع عدم المعارضة لا مانع ؛ لأنّ الموقوفات العامّة بعد تمام الوقف كالمباحات.

وصلاة أهل الباطل في مساجدنا ومساجدهم ، وصلاة من لم يأت بالصلاة على وجهها لا تدخل في الوقف ، واحتمال دخولها في المنع قوّي.

ولو نذر اللبث في المسجد أوقاتاً متّصلة فاتّفقت له جنابة احتمل الانحلال ، ووجوب الخروج للغسل ثمّ الإكمال ، ولعلّه أقوى.

(ويستثنى من حكم المنع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّة عليهم‌السلام ، ولإلحاق بعض المحظورات به وجه) (١).

__________________

(١) ما بين القوسين زيادة في «ح».

١٧٨

ومنها : الجواز في المسجدين الحرمين لمن أجنب خارجاً ،فإنّه حرام ، وفي جوازه مع التيمّم مع فقد الماء أو تعذّر استعماله وجه قويّ ، ولو عصى فدخل جنباً أو تعمّد الجنابة فيهما أو كان معذوراً في جنابته لاحتلام أو غفلة أو نسيان ؛ وجب عليه التيمّم للخروج ، إن لم يزد زمانه على زمان الخروج ، أو الغسل الخالي عن التلويث ، وإلا خرج بلا تيمّم أو اغتسل ، ولا يبعد وجوب الغسل حينئذٍ.

والظاهر حرمة الاجتياز في بيوت الأنبياء والأئمّة عليهم‌السلام أحياءً وأمواتاً لغير أهل الدار ، ومنهم الخدم ، والجوار حال الحياة ، أو مطلقاً على اختلاف الوجهين ومن كان فيها جنباً لسبب من الأسباب خرج من غير تيمّم.

وليست الزيادات المتجدّدة بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المسجدين الحرمين من الأُمويّة والعبّاسيّة والعثمانيّة بحكمهما ، بل بحكم باقي المساجد ، ولا يجري في الصحن الشريف والرواق حكم الروضة ولا المسجد ، وإجراء حكم المسجد في الرواق إن لم نعلم أنّه إنّما جعل لإحكام البناء لاستمرار الصلاة فيه وهو أمارة على المسجديّة غير بعيد.

(وفي جواز المكث في جميع المساجد ، مع التيمّم فيها من غير فرق بين المسجدين وغيرهما ، والاكتفاء بتيمّم الخروج في استباحة الغايات ، مع التمكّن من الماء وجه قويّ) (١).

ومنها : الوضع في المساجد من داخل أو خارج بتمامه أو بعضه بما يسمّى وضعاً ، فالمحمول وإن بقي حامله ، والعابر في الهواء بتعبيره أو في الأرض كما إذا دحرج شيئاً فاستمرّ إلى داخل ، والحيوان المسوق ناطقاً أو صامتاً ، والماء المجريّ ، والمأمور بوضعه ، والساقط لنفسه من غير قصد ليس بموضوع (٢).

والموضوع في مكان زَلِق أو مرتفع والمدحرج إلى داخل أو المتّصل بشي‌ء يندفع باندفاعه بقصد التكوين ، والملقى فيها من إنسان أو حيوان وإن صغر ، والمثبت فيها على

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

(٢) وفي «ح» زيادة : ويشبه حاله حاله في المكث والاجتياز.

١٧٩

الأرض أو في البناء ، والمشترك في وضعه من جنبين أو مختلفين والمعلّق على شي‌ء ليسقط منه بعد دخوله أو عبوره والمعلّق في الهواء والموضوع على فراش أو مكان منخفض أو مرتفع منها من الموضوع.

وفي إلحاق روضة المعصوم ؛ لحصول معنى المسجدية فيها ، أو التنقيح للمناط والأولويّة في وجه قريب ، قريب.

ولا يجب إخراج الموضوع لأعلى الواضع ولا على غيره على الأقوى ، وإذا تكرّر الوضع بعد الإخراج تكرّر العصيان ، وإذا تكرّر من داخل قام فيه احتمالان ، ولعلّ الأقرب وحدة العصيان.

ومنها : قراءة شي‌ء من العزائم الأربع : الم تنزيل ، وحم سجدة ، والنجم ، واقرأ ، قليلاً أو كثيراً مشتملاً على آيات السجدة أو لا ، بما يسمّى قراءة أو في حكمها ، فلا بأس بحديث النفس ، ولا بالترجمة على الاستقامة أو القلب مع التعدّد في الآيات أو الكلمات أو الحروف أو الواحدة مع الجمع أو التفريق ، مع الإتيان باللفظ (١) أو ما يقوم مقامه من إشارة الأخرس ، وإيمائه وترديد لسانه ، وفي تمشية حكمه إلى الاستماع منه بحث.

وتبديل الحروف والكلمات رافع للحكم ، وليس تبديل الإعراب والحركات برافع ، فالمدار على ما يسمّى قراءة والمشترك يتبع القصد من الكاتب أو المملي إن علم ، ولو تعارضا قدّم قصد الكاتب إن لم يستقلّ القارئ بالقصد ، وإلا فالمدار على قصده ، ولو قرأ المشترك معيّناً غيرها ، أو مع الخلوّ عن التعيين فلا بأس.

والمجنون ومن دون البلوغ يجب على الأولياء منعهم عنها ، وعن كلّ ما ينافي احترام المحترمات في وجه قويّ ، والناذر والأجير على قراءة سورة أو بعض سورة منها إن قرأ عالماً متعمّداً لم تفرغ ذمّته ، جاهلاً بالحكم أو لا ، ومع الغفلة والنسيان أو الجبر ، وجهل الموضوع يخرج عن العهدة ، ومثله ما إذا نذر سورة مطلقة ، ولو اشتبهت سورة منها بغيرها وجب الاجتناب لمحصوريّة السور.

__________________

(١) في «ح» زيادة : مع استقلال القارئ بالقراءة ، أو اشتراكه في آية أو كلمة مادّاً للحرف بنحو الغناء أو لا.

١٨٠