نسيان السلام في الصلاة على وجه يستند الإخلال إليه ؛ لملازمته لوقوع المنافي قبله ؛ إذ مع عدم تحقّق المنافي لا يصدق الإخلال به ؛ لبقاء محلّه ، فإذا وقع المنافي استند الإخلال إليه لا إلى ترك السلام ؛ لخروجه عن الصلاة بالمنافي. فلا يبقى محلّ للسلام ليصدق الإخلال به ؛ لأنّ « لا تعاد » باعتبار حكومتها على أدلّة العمد ، إنّما موضوعها الإخلال بالشيء على وجه يمتنع تداركه. فخروج السلام عن كونه جزءاً للناسي وتمام الصلاة بدونه ، إنّما هو حيث يتحقّق نسيانه على وجه يمتنع تداركه ، ولا يكون إلّا بتحقّق المنافي قبله ، وإلّا لم يمتنع التدارك ، فيكون وقوع المنافي سابقاً على الامتناع الموجب لتماميّة الصلاة بدونه ؛ لتقدّم السبب على المسبّب ، فيقع المنافي في الأثناء فيؤثّر أثره ، وهو البطلان قبل تحقّق موضوع « لا تعاد » ، هذا حيث تكون « لا تعاد » حاكمة على خصوص أدلّة الأجزاء والشرائط.
وأمّا إذا جعلناها حاكمة على أدلّة سائر ما له دخل في الصلاة وجوداً وعدماً ، من الأجزاء والشرائط والموانع والقواطع ، كان مقتضاها الصحّة ؛ لأنّ مفادها حينئذ أنّ إعادة الصلاة لا تكون ممّا عدا الخمسة من جميع ذلك ، ومن جملة ما عداها وجود المنافي ، غاية الأمر قيام الإجماع على إخلاله لو وقع قبل الأركان ، فيكون ذلك تخصيصاً في « لا تعاد ». ويبقى ما إذا وقع المنافي بعد تمام الأركان داخلاً في عمومها فلا يكون مبطلاً ، بل يمكن أن يقال : إن ذلك لا يستلزم التخصيص في « لا تعاد » ؛ لأنّه مستلزم للإخلال بأحد الخمسة ؛ لأنّ المنافي إذا وقع قبل الركن كان موجباً لقطعه عمّا قبله وإسقاطه عن قابليّة اتّصاله به ، فرجع بالآخرة إلى الإخلال بأحد الخمسة ، فيتطابق ما دلّ على تحقّق البطلان به مع « لا تعاد » ، فلا يوجب تخصيصها ، والله العالم.
قوله رحمهالله : ( ولو علم أنّه ترك سجدتين ولم يدرِ أنّهما من ركعة أو ركعتين رجّحنا جانب الاحتياط ) .. إلى آخره.
أقول : في المسألة أقوال ثلاثة : وجوب الإعادة ، والصحّة وعدم الحاجة إلى قضاء