الرحلة السرية للعقيد الروسي عبد العزيز دولتشين إلى الحجاز

عبد العزيز دولتشين

الرحلة السرية للعقيد الروسي عبد العزيز دولتشين إلى الحجاز

المؤلف:

عبد العزيز دولتشين


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٠٦

سجاداتهم ، افتتح بازار حقيقي قرب خيمة الطبيب ، وعكف الأطباء اليونانيون القادمون عادة من خارج المخيم على الشراء.

دام الحجر الصحي في الطور ١٢ يوما ؛ وطوال هذه المدة سادت بين الحجاج كآبة عميقة عامة وهبوط شديد في المعنويات ، الأمر الذي يمكن تفسيره بادراك الحرمان من الحرية وبالتخوف من إمكان استطالة هذا الاعتقال زمنا طويلا غير محدد فيما إذا ظهر مرض ما مشكوك فيه. أغلب الظن أن التغذية الرديئة جدّا كان لها هي أيضا دورها ، لأن النقود كادت تنتهي عند الكثيرين من الحجاج ، فكانوا يعيشون ببيع امتعتهم ، ناهيك بانه لم يكن ثمة شيء يمكن شراؤه بهذه النقود عدا لحم الضأن السيء النوعية أو أحيانا دجاجة هزيلة. كذلك لعبت دورا ، أغلب الظن ، المحلة الخارقة الكآبة ، والرياح الشمالية المتواصلة التي تهب هنا بقوة كبيرة جدّا ، قالبة الخيام ، والتي تخفف القيظ نوعا ما والحق يقال ، ولكن التي تغطي جميع الأشياء على الدوام بشريحة سميكة من الرمل.

قبل انتهاء مدة الحجر الصحي بيومين ، قام الطبيب بفحص عام ، جديد ، جاسا الغدد ، ووجد أن كل شيء على ما يرام. وقد توسل الحجاج من الله باصدق نحو أن يموت جميع الضعفاء والمرضى منهم ، إذا كان لا بدّ لهم من الموت ، في أي مكان ، فيما عدا هذا المكان ، فيما عدا هذا الحجر الصحي. وغالبا جدّا ما تذكروا أحاديث الحجاج السابقين ، ومفادها ما يلي : في زمن الوباء ، إذا مات حجاج في الأيام الأخيرة من الحجر الصحي ، كان رفاقهم يدفنونهم خفية في الخيام ؛ وكان الجميع موافقون تماما على انه هكذا ينبغي التصرف إذا توفي أحد ما فجأة ، لا سمح الله!

وأخيرا حل يوم الفرح بالنسبة للجميع ، يوم إنتهاء مدة الحجر الصحي ؛ ونقلوا الحجاج بالطريقة نفسها ولكن بسرعة بالغة إلى الباخرة التي تعرضت هي أيضا في هذه الأثناء للتعقيم العام.

٢٨١

وقد أفادني بعض من الحجاج ممن كانوا في الطور في السنة الماضية أيضا (سنة ١٨٩٧) أن ظروف الحجر الصحي في السنة الجارية أخف إلى ما لا قياس له ؛ فآنذاك وصلت من ينبع دفعة واحدة ٦ بواخر ؛ والبواخر التي وصلت بعد غيرها اضطرت إلى انتظار دورها لانزال الركاب اكثر من ١٠ أيام ؛ وهذه الأيام لم تدخل في حساب مدة الحجر الصحي (١٥ يوما). وهكذا ، امضى ركاب الباخرة «ماغنيت» في الطور ٢٧ يوما. وأثناء التعقيم ، أصاب التلف عددا كبيرا جدّا من شتى الأشياء. مثلا ، قدّر أحد المسلمين من رعايا روسيا خسائره بمبلغ يربو على ٥٠٠ روبل.

إن كل حجر صحي هو بالطبع عبارة عن مضايقة معينة ، أي التأخر مدة متفاوتة الطول في الطريق ، والنفقات الإضافية ، والحرمانات ، والانتقال مع جميع الأمتعة إلى الشاطئ والعودة معها إلى الباخرة ، وما إلى ذلك ؛ ولكن إذا تفحصنا نظام الحجر الصحي في الطور ، اتضح لنا جزئيّا لماذا ينظر الحجاج إليه باحتراس وحذر وخوف. ليس من الصعب اقناع الحجاج أن التعقيم ضروري لتحاشي نقل الوباء إلى وطنهم ، رغم أن لديهم اعتراضا جاهزا مفاده انه لم يكن ثمة أي وباء في النقاط التي زاروها في الحجاز. ولكن حين يرون أن بعض الأشياء يجري تعقيمها ببالغ الصرامة وأن أشياء أخرى مماثلة تمر بدون أي تعقيم أو تطهير ؛ وحين يرون كيف يجبرونهم على التعري تماما ويرسلون جميع الألبسة إلى مقصورة ، وكيف يسمحون بابقاء الأشياء الصغيرة ، وكيف لا يغسلون أجسام الحجاج بأي شيء ـ حينذاك يفقد الحجر الصحي بالطبع كل ثقة. إن التعري أمام الآخرين هو بحد ذاته عمل مرهق جدّا بالنسبة للمسلمين ؛ وارتداء البياض القذر ، يمكنه بالطبع أن ينقل إلى الناس الاصحاء عدوى شتى الأمراض الجلدية ؛ فبين الحجاج ، يوجد مصابون بالسفلس ؛ وقد يكون بينهم برص زاروا الأماكن المقدسة بحثا عن الشفاء ؛ وأخيرا يتسبب

٢٨٢

التعقيم الزاما ببعض الخسارة لأصحاب الأشياء إذ يبهت لونها وتحترق غلافاتها ، الخ .. والعزلة نفسها ، القاسية جدّا بالنسبة للحجاج ، قلّما يتقيد بها الخدم. وكل هذا معا يقنع الحجاج بأن هدف الحجر الصحي ليس البتة المقتضيات الصحية ، بل مجرد التسبب لهم بالخسائر وتصعيب وصولهم إلى الحجاز.

ويستفاد من المعلومات الرسمية أن ٢١ سفينة مرت في هذه السنة عبر المحجر الصحي في الطور ، منها ١٩ باخرة ومركبان شراعيان ، وأنها نقلت بالاجمال ١٦٩٥٢ حاجا. وبلغ عدد الذين ماتوا في الطور ١٩٥ شخصا وفي أبو زليم ٨ أشخاص.

وفي السنة الجارية اعتمدت الحكومة المصرية أكثر من ٣٠٠٠٠ ليرة (حوالي ٣٠٠٠٠٠ روبل) لبناء تخشيبات خاصة في الطور. ولا ريب في أن الظروف لأجل المحجورين في المحجر الصحي ستتحسن كثيرا بعد بناء هذه التخشيبات.

بعد انتهاء الحجر الصحي في الطور تبقى البواخر التي تستقبل الحجاج من سكان مصر وغيرها من اقطار افريقيا الشمالية لأجل الفحص في جوار أبو زليم ؛ أما البواخر التي تحمل حجاجا من بلدان أبعد إلى الشمال ، فإنها تتجه للهدف ذاته إلى بيروت التي كان يتعين علينا أن نمضي إليها.

ومما له دلالته أن نسبة الوفيات بين ركاب الباخرة كان أكبر نسبة أثناء الانتقال من الطور إلى بيروت ، وأنهم كانوا في هذه الأيام الأربعة من السفر يرمون يوميا في البحر جثث ثلاثة أو أربعة أشخاص. ومرد ذلك ، أغلب الظن ، إلى الحرمانات السابقة ، والضنك الأقصى ، وكتمة الهواء التي لا تطاق والضيق في الباخرة ، ولربما أيضا إلى التموج القوي جدّا الذي رافق هذه المرحلة.

٢٨٣

في السويس أخذت الباخرة طبيبين صحيين وأوصلتهما إلى بور سعيد ؛ ورافقتها في القناة سفية خافرة لتحاشي فرار الركاب ، الأمر الذي يصعب حدوثه فعلا.

المحجر الصحي في بيروت

في بيروت تتوقف الباخرة في مكلأ مفتوح ؛ والنزول صعب جدّا إذا هبت ريح شديدة نوعا ما. ولنقل الركاب ، يأتي أصحاب زوارق من المرفأ ويقومون بهذه العملية على زوارقهم الصغيرة جدّا.

يقع المحجر الصحي في بيروت في محلة جميلة ، بين البساتين ، على ساحل البحر بالذات ، على بعد زهاء فرستا اثنين إلى الشمال من المدينة ؛ وعن حق وصواب يعتبر الحجاج إقامتهم في هذا المحجر استراحة مستطابة. وعند دخول المحجر يجري التعقيم هنا أيضا ولكن بصورة سطحية جدّا ، وبصورة خفيفة بالنسبة للجميع. يوزعون الحجاج في تخشيبات مريحة جدّا ورحبة وجزئيّا في خيام منصوبة في ظلال الأشجار. الماء جيد جدّا وموجود في كل مكان. النسيم الذي يهب من البحر بارد نسبيّا ومستطاب على الدوام. أما المزية الرئيسية لمحجر بيروت الصحي ، فهي الدكانة الواسعة المزودة بجميع السلع والمآكل الضرورية ، والتي كل شيء فيها رخيص نسبيّا ومن نوعية جيدة. وهنا اشترى الحجاج للمرة الأولى لحم الضأن الجيد («كما عندنا في روسيا» ، قال حجاجنا) ، ووجدا شتى الخضراوات ، واكلوا الفواكه للمرة الأولى ، وشربوا الحليب الممتاز ، ورأوا الجليد. ولم يستطع قزغيزيونا إلا أن يشربوا حتى التخمة من اللبن البارد. وهنا انتعش الجميع ، ومرحوا ، وتحسنت صحتهم.

وللمحجر الصحي في بيروت مزية كبيرة أخرى ؛ فأن المرء لا يشعر

٢٨٤

٢٨٥

بانه محبوس ، معزول ، ولا يرى أي حرس ، وأي خفر ، والمجال إلى البحر مفتوح ؛ وبفضل ذلك يتنعم الجميع بالاستحمام الرائع في مياه البحر.

حوش المحجر الصحي نظيف كفاية ؛ بيوت الخلاء المبنية في أماكن مختلفة على شاطئ البحر ينظفونها ويعقمونها بعناية ؛ وجميع الدروب والتخشيبات التي يسكن فيها الحجاج تنار ليلا ؛ ولكن المرء يشعر هنا بالاهمال الكبير فيما يتعلق بالنظام الداخلي والمراقبة. المحجر الصحي يشرف عليه طبيب خاص يعيش فيه على الدوام. نفقات المحجر الصحي يغطيها رسم عن كل حاج قدره ٥ ، ٣٧ قرشا ؛ ولكن في هذه السنة على الأقل لم يدفع إلا من كان ضميرهم لا يطاوعهم في الامتناع عن الدفع ، لأنه لم يكن ثمة أية رقابة أو أي مطالبة بالوصل عند الخروج.

بين ركاب باخرتنا ، لم تحدث في بيروت أية وفاة ؛ كذلك لم تحدث اية إصابات باية أمراض. وعند الرحيل قال الحجاج : من الأفضل لو أن الحجر الصحي كان في بيروت فقط ، عوضا عن الطور ؛ وقالوا أنهم يوافقون على البقاء في محجر بيروت ولو بضعة أشهر.

عند إنقضاء الأيام الخمسة ، سمحوا للحجاج الذين أخذوا التذاكر حتى بيروت بالخروج من المحجر إلى المدينة ، أما المسافرون إلى القسطنطينية فقد نقلوهم إلى الباخرة. وفي حال التموج ، يجري ركوب الباخرة في مكلأ مغلق.

زيارة القدس ودمشق والقاهرة

يبقى بعض من حجاجنا في بيروت لكي يمضوا من هنا إلى القدس وإلى دمشق حيث مدفن يحيى (يوحنا) ، ويزورون كذلك القاهرة حيث مدفن رأس حفيد النبي محمد (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) ، الحسين وحيث مدفن أحد الأئمة

٢٨٦

السنيين الأربعة ، الشافعي ، ولكن هذه الرحلات تتحقق على الأغلب قبل السفر إلى الجزيرة العربية ، لأن الحجاج بعد إنتهاء الحج يشتاقون بشدة إلى الوطن.

عودة الحجاج إلى روسيا

في طريق العودة يصل حجاجنا إلى القسطنطينية ؛ وهي النقطة الأخيرة التي يمكن شراء التذاكر للسفر إليها ، وهي كذلك مكان لأجل وقفة قد تطول أو تقصر. وإذا كان الحجاج العائدون من الحجاز لا يملكون الوثائق التي تتيح لهم حرية الدخول إلى روسيا ، فإنهم يأخذون أمتعتهم من السماسرة ويحاولون أن يصنفوها بحيث يكون من الأسهل تمريرها عبر الحدود ؛ مثلا ، يسكبون قسما من ماء زمزم في زجاجات ، ويتركون القسم الآخر لأجل الارسال فيما بعد إذا سنحت الفرصة ويستعلمون عن أسهل السبل للعودة ، وما إلى ذلك.

وقد عرفت عن حجاج سنة ١٨٩٨ أن أكثرهم يسرا عادوا إلى روسيا بالسكة الحديدية ، عبر فيينا وفرصوفيا ، أما الآخرون فقد انتظروا طويلا في القسطنطينية ، واستأجروا بواخر خاصة نقلتهم إلى فيودوسيا.

والحجاج العائدون يستقبلهم أقاربهم ومعارفهم بمهابة واحتفال كما في حال توديعهم ، ويكونون في الأونة الأولى موضع انتباه وتقدير خاص في أوساطهم. ويتوافد جميع الأقارب المقيمين في المنطقة المعنية لرؤيتهم ؛ المطلوب من الحاج الجديد الحديث بالتفصيل عما رآه وسمعه أثناء هذه الرحلة الطويلة.

تأثير الحج في مسلمينا

أي تأثير يمارسه الحج في مسلمينا؟

بقدر ما استطعت أن اراقب في موطني وأثناء المأمورية الأخيرة ،

٢٨٧

ينقسم حجاجنا إلى قسمين ، القسم الأول يتألف عادة من الشيوخ ، وهم أناس ذوو ثقافة ضعيفة جدّا ، ينظرون بلا مبالاة وبلا مشاركة إلى كل ما يحيط بهم ، ولا يبتغون غير الهدف النهائي من السفرة ، وينفذون على العمياء شعائر الحج بما فيها أقل التفاصيل ؛ وهم يرون حتى في عمليات النهب والسلب التي يقوم بها البدو سرا يستحيل فهمه ومكيدة من الشيطان للحيلولة دون إداء الشعائر المقدسة ، ويعتبرون جميع التدابير الصحية أمرا غير ضروري إطلاقا ، لأنه لا ملاذ على كل حال من القضاء والقدر ، وما إلى ذلك. وإذا سألهم أحد بعد العودة من الحج عما رأوه أثناء الرحلة ، فليس بمقدورهم أن يفيدوا شيئا غير بعض الحكايات والخرافات التي سمعوها في الطريق عن مختلف المعجزات. وبعد العودة إلى البيت ، يتحلون ببالغ التصوّف والتقوى ، هذا إذا لم يكونوا كذلك من قبل ، وغالبا ما يكرسون بقية العمر للصلاة بوجه الحصر ، ويتجنبون الشؤون والهموم الدنيوية.

أما الآخرون ، وعددهم يتزايد سنة بعد سنة ، فهم أناس أكثر تطورا ، وذوو اهتمامات متنوعة ، ويحللون ويفكرون ، ولهم معيار معين. ومنذ أوليالخطوات بالذات بعد الخروج من روسيا ، ينفسح أمامهم مجال غني وشيق لأجل المراقبة والمقارنة. في البدء تتملكهم خيبة أمل مرة في عاصمة الخلافة ـ أي في القسطنطينية التي يعتبرها مسلمونا ضربا من العجائب. فإن الشوارع الضيقة والقذرة ، والبيوت الرديئة ، وانعدام النظام ، كل هذا يحمل على المقارنة عن غير قصد مع اوديسا المجاورة التي ينطلق منها حجاجنا في أغلب الأحوال. ثم يتعرف حجاجنا على عمليات استحصال جوازات السفر وعلى النظم التركية وعلى الرشوة السائدة في كل مكان ، ويغادرون القسطنطينية بتصور مغاير تماما. وبعد ذلك يتسنى لهم أن يسمعوا ويروا حقارة البواخر التركية التي غالبا ما تحدث لها أحداث غريبة ، كنفاد احتياطي الفحم في وسط البحر ، أو

٢٨٨

التوقف أسابيع عند مدخل قناة السويس بسبب عدم دفع النقود المتوجبة عن المرور ، ورفض تقديم الفحم لها في المرافئ ، والخ .. وفي الحجاز ينذهلون لكون البدو ، أبناء موطن النبي ، ينهبون في قلب الإسلام اخوانهم في الدين القادمين ببالغ الصعوبة لاداء الشعائر المقدسة التي ينص عليها دينهم الحنيف ؛ وتذهلهم كذلك جرأة عمليات النهب هذه ووقاحتها وغياب كل عقاب عليها ووقوعها في وضح النهار وبحضور الجنود الاتراك ؛ ويدهشون لما تبديه السلطات من لا مبالاة تامة ومن انعدام كل تعاطف واهتمام بمصائر الحجاج. ويعجبون بالغ العجب حين يرون من جانب سكان الحجاز الأصليين الذين اعتادوا في الوطن اعتبارهم قديسين أو يكاد ، موقفا طائشا من إداء شعائر الدين الأساسية وهيمنة المصالح النقدية بنظرهم على جميع المصالح والاهتمامات الأخرى. ويبدو لهم من الغريب جدّا انعدام النظام والنظافة في «أم القرى» وفي «مدينة النبي» بالذات ، ولا يطيب لهم البتة غياب السكون والإجلال في المساجد بالذات ، وقرب الكعبة المقدسة ، وعند قبر النبي (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) ؛ ويتسنى لهم أن يسمعوا عن ارتشاء الشريف ، وعن استئثاره بالاعلانات المالية المقررة لبعض قبائل البدو ؛ ومن جراء ذلك يضطر الحجاج التعساء إلى الدفع من جيوبهم وصحتهم.

لا يجوز ولا يمكن أن ننكر أن الحج يساهم في رفع الشعور الديني نوعا ما ؛ فإن قسما من الحجاج من الفئة الثانية يغيرون حياتهم الروحية كثيرا بعد عودتهم إلى الوطن ، ويحاولون التقيد بقواعد الدين بمزيد من الدقة ، ويؤمنون أنهم قد تخلصوا من الخطايا السابقة ، ويحادلون عدم تفويت مواعيد الصلاة والصيام في السمتقبل ، وتجنب الأشياء الممنوعة ، كالخمر مثلا ؛ والبعض يحرم نفسه حتى المتع البريئة كالمسرح أو السيرك. ولكن يمكن القول قطعا على العموم أن حجاجنا جميعهم تقريبا يعودون إلى الوطن بنظرات تغيرت كثيرا ، وأكثر نضوجا وتبصرا ،

٢٨٩

وبموقف أوعى من وضع الأمور السياسي ؛ فإن تلك الصبغة التي كانوا بتصورون بها من قبل تركيا الإسلامية ورأسها الخليفة تزول تماما.

تبدو الإشارة إلى أن أغلبية حجاجنا يتصرفون بعد العودة ببالغ التمالك بين أبناء شعبهم فيما يتعلق بانتقاد ما رأوه لاعتبارهم انه من غير اللائق التنديد بالبلدان الإسلامية والأماكن المقدسة ، ولعدم رغبتهم في إثارة شتى الملامات ؛ وإذا ما تحدثوا ، ففي وسط الناس القريبين منهم فقط.

لقد اثارت اهتمامي بنحو خاص مسألة ما إذا كان للحج في الظرف الراهن شأن سياسي ما من حيث تقارب المسلمين من مختلف القوميات ؛ ولكن الحج في مكة ، باقتناعي الصادق ، وعلى الأقل في الظرف الراهن ونظرا لوضع الشعوب الإسلامية الحالي لا يؤدي إلى تقارب ، بل أن فكرة مثل هذا التقارب نفسها لا وجود لها. وفضلا عن الماليزيين وعن سكان الهند الغريبين تماما عن سائر الحجاج من حيث اللغة ومن حيث الأصل ، وعن سكان إيران المنعزلين بالخلاف الديني ، ينعزل الحجاج من جميع القوميات الأخرى بعضهم عن بعض بكل شدة ، ويعاملون بعضهم بعضا. إن أوضاع الحج نفسها ، أي الفريضة ذات الطابع الديني الصرف ، والقصيرة جدّا والمتسرعة جدّا ، والحافلة بالهرج والمرج ، والادراك العام لوجود الخطر مثل نشوب وباء للتو ـ كل هذا لا يساعد في ظهور هذه الفكرة ولا يدفع إلى القيام بالمظاهرات السياسية. وعند الجميع فكرة واحدة فقط ـ انجاز الشعائر بأسرع وقت ، والتفوق بأسرع وقت.

إن التجمع في مكة لا يزال يحتفظ بالنسبة لسكان الحجاز وحدهم دون غيرهم ببعض الأهمية السياسية الداخلية إلى جانب الأهمية الدينية والتجارية ؛ فهنا يجري التصالح بين مختلف القبائل المتعادية ، ويدفعون الفدية عن الدم ، والخ ...

٢٩٠

تأثير حجاجنا في سكان الحجاز

تملكتني دهشة مستطابة جدّا لكون وطننا العزيز يتمتع بجاذبية خاصة أيضا بين سكان الحجاز البعيد. فهناك كذلك يتحدثون عن جبروت القيصر الروسي وعن النظام في روسيا ، والأهم ، عن العدالة في روسيا. وغالبا ما تسنى لي أن البي فضول السكان المحليين الذين يهتمون بالغ الاهتمام بالمعلومات عن عظمة الامبراطورية الروسية وعن مدنها ، وعن عدد سكانها وما إلى ذلك. بأي سبيل أمكن أن تنتشر شهرة روسيا وتصل حتى إلى هذا البلد البعيد؟ لا يمكن تفسير هذا الواقع إلا بأحاديث حجاجنا الدائمة المفعمة إعجابا واعتزازا بالوطن ، وبنقلهم شهرة روسيا إلى الحجاز وأن بصورة غير واعية أحيانا. فإن مسلمينا ، إذ يصلون إلى ربوع الجزيرة العربية الشحيحة والقائظة ، الخالية من أبسط أسباب الرفاه ومن أبسط المرافق ، والتي تتبدى فيها ببالغ السطوع افضليات الوطن البعيد في جميع الميادين يتحولون فجأة إلى مواطنين في منتهى الحماسة ويتغنون ويشيدون في كل مناسبة بطبيعة روسيا وثرواتها ونظمها ويرفعونها إلى السحب. وجميع النظم والأوضاع في الحجاز تستثير في الحال المقارنة. «روسيا لن تجيز النهب في أراضيها» ، «القرى هناك تتمتع بنظام أكبر وبقدر من المرافق وأسباب الرفاه أكثر مما تتمتع بها المدن هنا» ، «في الطرق التي يمر بها عشرات الآلاف من الحجاج ، كانت امتدت السكك الحديدية من زمان» ، «المجرمون عندنا في روسيا لا يتخلصون من العقاب مهما دفعوا من النقود». وطبيعة الحجاز الشحيحة التي لا تنتج أي شيء تقريبا تعطي حجاجنا موضوعا لاحاديث لا عد لها عن ثروات بلادنا ، عن وفرة ورخص المأكولات فيها ، الأمر الذي يستمع إليه بانتباه خاص البدو شبه الجياع. وإذا قال حجاجنا «كما عندنا في روسيا» ، اعتبر قولهم هذا من فائق المديح. وتأثير روسيا هذا أصبح ، على ما يبدو ، ملحوظا في الآونة الأخيرة. ويستفاد من الافيد في السنوات

٢٩١

الأخيرة فقط أن يقول الحاج عن نفسه انه من رعايا روسيا ، لأن هذا الإنتماء يوحي بقدر أكبر من الاحترام.

تأثير سائر الأمم الأوروبية

على نقيض روسيا ، لا يعطف سكان الحجاز كثيرا على إنجلترا ؛ فإن الإنجليز يشتهرون هنا بأنهم أمة من الصحيح أنها متفننة وبارعة ولكنها غدارة وقاسية. وفي جميع الأحاديث والقصص والحكايات التي يعيش بها شعب الحجاز ، يعود إلى الإنجليز دور الناس الأوفر دهاء ومكرا ، دور من لا يبتغون سوى نفعهم. ويعتبر أهل الحجاز بصورة قاطعة ومبرمة أن الإنجليز أيضا مسؤولون عن جميع الاضطرابات والفتن. الحركة في السودان ، الإنتفاضة في اليمن ، هجوم إيطاليا على الحبشة ، كل هذا ، برأيهم ، هو من صنع إنجلترا. وفي شهر كانون الأول (ديسمبر) ١٨٩٨ تقابلت صدفة في القاهرة مع بضعة أشخاص من سكان مكة النافذين ، العائدين من القسطنطينية ، إلى حيث مضوا لشراء البضائع. حكيت لهم عن الأحداث التي وقعت في شهر أيار (مايو) عندنا في انديجان ، ورغبة في معرفة ما يقال عنها في القسطنطينية سألت ـ من أين أمكن أن ظهرت عند السرت مثل هذه الفكرة الطائشة ؛ فقرر سكان مكة الإجلاء في الحال أن هذه بلا ريب من مكائد الإنجليز. من الصعب أن أقول من أين ينتقل إلى الحجاز هذا النفور من الإنجليز ـ أغلب الظن ، من مصر ، حيث ، كما اقتنعت ، لا يحبونهم كثيرا ؛ ولربما من الهند.

عن هولندا لا يعرفون في الحجاز أي شيء تقريبا ، ومرد ذلك ، على الأرجح ، إلى أن رعاياها ، الماليزيين يعيشون في عزلة مفرطة. كذلك يتحدثون في الحجاز قليلا جدّا عن الفرنسيين.

٢٩٢

الفصل السادس

الحجاج من الدول الأخرى

القشغريون

القشغريون وسائر المسلمين من تركستان الصينية يتوافد إلى الحجاز باعداد قليلة جدّا نظرا لبعد البلد ولمصاعب الطريق.

والقشغريون ، بقدر ما استطتعت أن أعرف ممن سافرت معهم ، يقومون بهذه الرحلة في واحد من الطرق الثلاثة التالية.

١ ـ الطريق الأغلى ولكن الانسب والأسهل والأسرع إنما هو الطريق عبر معبر ترك ـ داوان إلى أوش وسمرقند وكراسنوفودسك وباكو وباطوم القسطنطينية وإلى أبعد. وإذ تعطيهم السلطات الصينية جوازات السفر تطلب منهم بالأقوال أن يكون لديهم من المال ما يكفي للسفر ، الأمر الذي يشار إليه في الوثائق المعنية. وعند قنصلنا في قشغر يحصلون على التأشيرات اللازمة ؛ وهناك أيضا يقايضون جميع نقودهم بالأوراق النقدية والنقود الذهبية الروسية.

٢ ـ وفي الطريق نفسه يمضون إلى سمرقند ومنها ركوبا عبر كابول إلى بيشاوار ، ثم بالسكة الحديدية إلى بومباي أو كاراتشي ، ثم على البواخر الإنجليزية إلى جدّة.

٢٩٣

٣ ـ أخيرا ، الطريق الثالث ، عبر كوندجوت أو باداخشان إلى كابول دون الدخول إلى روسيا.

السفر في الطريقتين الأخيرين لا يكلف غاليا جدّا ، ـ زهاء ١٠٠ روبل فقط ـ ولكنه محفوف بمصاعب كبيرة ويقتضي الكثير من الوقت ؛ إذ أنهم يمضون دائما على احصنتهم ؛ ويبيعونها بفائدة بعد الوصول إلى بيشاوار ؛ وفي أغلب الأحيان يبيعونها مسبقا في كابول لأجل الخيالة الافغانية. ويلقى الحجاج في البلدان التي يجتازونها الاستقبال الطيب والدعم المادي من جانب السكان المسلمين.

وفي هذه السنة كان عدد القشغريين ١٨ شخصا فقط. ولكن عدد الحجاج من هذا البلد ، كما يقولون ، يبلغ المائة في بعض السنوات.

وفضلا عن القشغريين كان هناك شخصان من تشيغوتشاك ، سافرا على الخيل مرحلة فمرحلة حتى مدينة أو مسك ومنها بالسكة الحديدية ، وثلاثة أشخاص من شعب الدونغان الذين لا يربو أبدا عدد الحجاج منهم ، كما قالوا لي ، على ٥ ـ ٦ أشخاص.

الفرس

يمضي سكان إيران إلى الحجاز في الطرق الرئيسية الأربعة التالية.

١ ـ اقدم الطرق ـ عبر بغداد أو البصرة إلى جبل الشمّر ومكة ؛ والعودة إلى المدن ذاتها عبر المدينة المنورة. هذا الطريق الصعب والخالي من الماء لا يزال يستعمله سكان إيران الجنوبية أو سكان الأقاليم الأخرى ، الراغبون في السجود أثناء الطريق أمام المقدسات الشيعية الرئيسية في كربلاء والنجف.

٢ ـ الطريق الثاني ـ وهو أيضا طريق تاريخي وكان لا يزال منذ ٥٠ ـ ٦٠ سنة الطريق الوحيد بالنسبة لإيران الشمالية ـ يمر عبر دمشق ؛

٢٩٤

٢٩٥

وعلى هذا الطريق يمضي المحمل السوري الذي يحظى بحماية مسلحة ويرافقه دائما عدد كبير من الحجاج والتجار. وهذا الطريق ، كما قالوا لي ، أخذ ينتعش من جديد في الآونة الأخيرة بعد تأسيس المحجر الصحي في الطور وكمران ؛ وشرع كثيرون من الحجاج يفضلون السفر شهرا من المدينة المنورة إلى دمشق على البقاء ١٠ ـ ١٥ يوما في أحد المحجرين الصحيين المعنيين.

٣ ـ يسافر قسم من الحجاج من الأقاليم الجنوبية من إيران بحرا عبر البصرة ، وبندر بوشير أو بندر عباس إلى جدّة.

٤ ـ أخيرا الطريق الحديث والأكثر انتعاشا ؛ وهو يعبر حدود روسيا ؛ فإن سكان خراسان يمضون إلى إحدى محطات سكة حديد ما وراء قزوين ؛ ومن أقليم استراباد أو من أقليم مازندران ، يسافرون إلى باكو ومن طهران واذربيجان يسافرون بسكة حديد ما وراء القفقاس ، وفيما بعد يسافرون إلى القسطنطينية عبر باطوم.

صحيح أنهم يصبرون على الشيعيين ويسمحون لهم ، على قدم المساواة مع سائر الحجاج ، باداء جميع الشعائر التي يقتضيها الحج ، ولكن كره السنيين لهم ، أي كره جميع الحجاج الباقين يتجلى في كل حال. أما اساس هذه العداوة ، فهو ، عدا الأسباب التاريخية ، موقف الازدراء من جانب الفرس أنفسهم حيال بعض المقدسات التي يجلّها السنيون ؛ فأثناء قيامهم الطواف ، مثلا ، يشيحون بوجوههم عن الحجر الأسود ؛ وأحيانا يثبتون عليهم تدنيس المقدسات بصورة افدح ؛ فعند زيارة قبر النبي ، يعبرون بجلاء عن احتقارهم للخليفتين المدفونين هناك مع النبي ، الأمر الذي لا يندر أن يشبعوهم ضربا بسببه.

وليس ثمة امة من الأمم تعرب عن مشاعرها الدينية بنفس القدر من الوضوح الذي يعرف به الفرس عنها ، وتتميز بنفس القدر من الحمية والهياج الذي يتميز به الفرس اثناء إداء شعائر الحج ؛ فحول الكعبة ،

٢٩٦

ينحبون بأصوات مدوية ، قارعين صدورهم بقبضاتهم ، ويبوسون عتبات الحرم ، ويلثمون البوابات ، وما إلى ذلك.

يشكل سكان إيران أكثر طبقات الحجاج يسرا ؛ وإذا كان على البواخر ركاب في الدرجة الأولى والدرجة الثانية ، فهم كلهم تقريبا من الفرس ؛ كما أن الفرس وحدهم يستعملون أغلى واسطة للتنقل في الحجاز وهي تختروان ؛ وخيرة البيوت في جدّة ومكة والمدينة المنورة وينبع يشغلها هؤلاء الحجاج الفرس ؛ والبيوت في منى يستأجرها على الأغلب الفرس وحدهم. وهم يجلبون معهم خياما جيدة ، وسجادات ؛ وعند كثيرين منهم خدم.

وتجدر الإشارة إلى أن البدو يستحصلون من الشيعيين ، لقاء حق المرور ، رسما معينا ؛ ففي هذه السنة ، مثلا ، أخذ رجال قبيلة بني حرب من كل منهم ليرة ونصف ليرة في الطريق من المدينة المنورة إلى ينبع.

وهذه السنة بلغ عدد الفرس الذين زاروا الحجاز ، بمن فيهم النساء والأطفال الذين يأخذوهم الكثيرون من الفرس معهم زهاء ٨٠٠٠ شخص.

الاتراك

يشكل الأتراك أكبر قسم من الحجاج الذين يتوافدون من الشمال. أما النقاط الرئيسية التي يركبون فيها البواخر المنطلقة إلى الحجاز ، هي القسطنطينية وأزمير ، ثم ادنة ومرسين ، وكذلك مرافئ صغيرة أخرى على سواحل البحر الأبيض المتوسط التي تدخل إليها البواخر التركية التي تنقل الحجاج. ونادرا ما يسافر الأتراك مع أفراد عائلاتهم ؛ وهم يشكلون اهدأ طبقة من الحجاج.

وقد ترسخت عند أهالي الأناضول عادة مفادها أن الذين ينوون

٢٩٧

الحج يقضون شهر رمضان كله في مكة ، ولذا يسبقون جميع الحجاج ، إذ انهم يتوافدون قبل الموعد المقرر بأكثر من ثلاثة أشهر.

وفي هذه السنة بلغ عدد الترك زهاء ١٠٠٠٠ شخص.

السوريون

عادة يسافر سكان سوريا وفلسطين عبر طرابلس وبيروت ويافا ، ونظرا لقيام المحاجر الصحية شرعوا في السنوات الأخيرة يفضلون ، لأجل طريق العودة ، سفرا أصعب وأطول مع المحمل.

وكل سنة يمضي كثيرون من دمشق الشام إلى الحجاز مع هذه القافلة بدافع المصالح التجارية حاملين إلى مكة والمدينة المنورة البضائع الحريرية والفواكه المجففة على الأغلب ، عائدين بالبن اليمني والتمر.

في سنة ١٨٩٨ بلغ عدد الحجاج الشاميين قرابة ٤٥٠٠ شخص بينهم عدد كبير من النساء.

المصريون

يمضي سكان مصر إلى الحجاز بحرا عبر السويس ، مستعملين بواخر الشركة الخديوية ويسترون التذاكر ذهابا وإيابا.

في هذه السنة بلغ عددهم ٥٢٤٥ شخصا (المعطيات الرسمية للمحجر الصحي في الطور) ، ثلثهم أو ربعهم من النساء. في السنوات المناسبة ، كما يقال ، يكون عددهم ثلاثة أمثال.

يتميز هؤلاء الحجاج بالفقر المدقع وغياب فئات أوفر ثقافة واطلاعا بينهم ؛ وفي جميع مدن الحجاز يقيمون في خيام مرتجلة ، في أقذر الأحوال. وهم يقدمون أكبر عدد من الحجاج الذين يستفيدون من الطعام المجاني في مكة والمدينة المنورة والطور وأكبر عدد من الركاب المسافرين مجانا في البواخر.

٢٩٨

٢٩٩

ولأجل الحد من حج الطبقة المعدمة التي لا تشكل الحج البتة بالنسبة لها واجبا الزاميا والتي ليس الحج بالنسبة لها غير عبء نافل وخطر ، طبقت الحكومة المصرية في سنة ١٨٩٨ النظام التالي : يتعين على الراغب في الحصول على جواز سفر للحج أن يعرض تذكرة سفر بالباخرة ذهابا وإيابا ، ويقدم كفيلين يؤكدان أن الحاج يملك ما يكفي من المال لإعالة نفسه في الطريق وفي الحجاز. ولسنة ١٨٩٩ ، ظهر مشروع قانون يقضي بأن يقدم المسافرون إلى الحجاز ، علاوة على تذاكر السفر بالباخرة ، ليرة ونصف ليرة (زهاء ١٥ روبلا) ، منهما نصف ليرة يجب دفعه في صالح المحجر الصحي ، وليرة يجب صرفها على إعالة الحاج أثناء إقامته في المحاجر الصحية ، وذلك تحوطا لعد توفر المال لديه. وإذا توفر عنده المال ، يتعين إعادة المبلغ المذكور إليه.

عدا السكان الحضر ، يسافر من مصر أيضا البدو الذين يمضي معظمهم كما من قبل في القوافل عبر السويس وشبه جزيرة سيناء والعقبة ، ورابغ حتى مكة وإيابا عبر المدينة المنورة والوجه. وهذه السنة بلغ عدد هؤلاء الحجاج ٢٠٠٠ شخص.

المغاربة

جميع العرب القاطنين في القسم الشمالي من افريقيا ـ طرابلس ، تونس ، الجزائر ، فاس ـ المغرب ـ يسمونهم في الحجاز «بالمغاربة» أي «الغربيين» خلافا لبدو الجزيرة العربية ـ «الشرقيين».

يأتون بحرا إلى الإسكندرية ، ويعرجون على القاهرة ، ثم يواصلون السفر بالطريق البحري العادي عبر السويس ، ولكن يوجد بينهم أيضا بعض القبائل التي تفضل السفر برا عبر شبه جزيرة سيناء.

والبدو الافارقة المتعادون مع الشرقيين يحملون معهم ، لأجل

٣٠٠