الرحلة السرية للعقيد الروسي عبد العزيز دولتشين إلى الحجاز

عبد العزيز دولتشين

الرحلة السرية للعقيد الروسي عبد العزيز دولتشين إلى الحجاز

المؤلف:

عبد العزيز دولتشين


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٠٦

وتوجد في المدينة صيدليتان خاصتان صغيرتان جدّا وفقيرتان وصيدلية حكومية واحدة؛ وهذه الصيدليات لا تملك غير الأدوية الأكثر استعمالا.

السلطات الادارية والقضائية في المدينة

المدينة يحكمها مباشرة الوالي والشريف ، ولا توجد البتة اية سلطات مدينية (بلدية) حقا. لأجل حل الخلافات والدعاوي ، يوجد ضرب من قاض مديني (بلدي) هو «المحتسب». وللنظر في القضايا الشرعية ، يرسلون كل سنة من القسطنطينية إلى مكة المكرّمة والمدينة المنورة قضاة خاصين ؛ وفضلا عن ذلك ، يوجد أربعة مفاتي ، أي مفتي واحد بكل من المذاهب السنّية. ولحفظ النظام في الشوارع لم ار سوى دورية عسكرية واحدة ، قرب الحرم. أما في الأماكن الأخرى ، فإن أمر المراقبة على النظام متروك للسكان أنفسهم ؛ والسكان يقومون بالفعل جزئيّا مقام رجال الشرطة ؛ ففي حال الشجار ، الأمر الذي غالبا ما يحدث بين صبيان الشوارع العرب ، يتراكض التجار من الدكاكين المجاورة أو يتراكض المارة ، ويفرقون فورا بين المتشاجرين ؛ وإذا ما تهاوى جمل في الشارع ، أو إذا ما حدثت سرقة ما ، ـ وهذه ظاهرة نادرة نسبيّا هنا رغم تقاطر الناس من كل شاكلة وطراز بأعداد كبيرة ـ يحرص الناس أنفسهم على أنهاض الجمل ، وعلى اعتقال السارق وإيصاله إلى السلطات. أما النظم التي تتطلب الرقابة الدائمة ، فلا وجود لها هنا ؛ مثلا. لا ضبط ولا تنظيم لحركة القوافل في الشوارع ؛ ومن جراء ذلك تتوقف الحركة ساعات وساعات ، وتمتلئ الشوارع بالجمال دون أن تترك مكانا حتى لسير المشاة.

٢٠١

البريد والبرق

توجد في مكة مؤسسة للبريد والبرق تحفل دائما بالعمل أثناء تجمع الحجاج. والبريد المحلي لا يقبل الطرود ولا الإرساليات النقدية ، ولا حتى الرسائل المسجلة ؛ وأثناء الحج يقتصر عمله كله في قبول وتسليم الرسائل البسيطة فقط. ونقل البريد على ظهور الحمير إلى جدّة في اتجاه ، وإلى الطائف في اتجاه آخر ، يقوم به أحد سكان المحليين. أما النقل إلى المدينة المنورة ، فيقوم به البدو على الهجائن. وغالبا ما سمعت الشكاوي من أن الرسائل البسيطة ، وبخاصة في زمن الحج ، تضيع بكثرة.

ومكة موصولة بخط برقي (تلغرافي) مع جدّ والطائف. وأثناء إقامة الحجاج في منى يفتتحون فيها محطة موقتة. وجدّة تعمل بكبل يمتد إلى سواكن ـ وهي بلدة مصرية على الساحل المقابل من البحر الأحمر. وختاما للكلام عن هذه المسألة ، يبقى أن اقول انه لا توجد في الحجاز مؤسسات للبريد والبرق إلا في النقاط الثلاث المذكورة أعلاه ـ مكة ، وجدّة ، والطائف. وفي المدينة المنورة لا يوجد سوى مركز بريدي يقبل الرسائل البسيطة والمسجلة فقط ، ويعمل بصورة غير منتظمة ؛ فإن الرسائل تصل من مكة تارة مرة في الأسبوع ، وطورا مرة في كل أسبوعين ؛ ولا وجود للاتصال المباشر مع ينبع حيث توجد أيضا مؤسسة بريدية. ونقل البريد في البحر الأحمر تقوم به شركة الملاحة الخديوية السابقة التي تدخل سفنها في الوقت الحاضر كل أسبوع إلى مرفأ جدّة ، ومرتين في الأسبوع إلى مرفأ ينبع. وفي غضون ٣ ـ ٤ أشهر في السنة ، حين يجري نقل الحجاج من ينبع إلى أوطانهم ، لا تدخل سفن البريد إلى هذا المرفأ اطلاقا نظرا لمضايقات الحجر الصحي.

٢٠٢

مدينة الطائف

إن القيظ الذي لا يطاق صيفا في مكة يجبر سكانها على الذهاب إلى مدينة الطائف الواقعة على بعد ٧٠ ـ ٨٠ فرستا تقريبا إلى الشرق من مكة.

يقول العرب أن إبراهيم خاطب الله حين بنى الكعبة قائلا : «يا الله! بأمرك بنيت مذبحا وأسست مدينة ، فبماذا سيتغذى سكانها من الآن وصاعدا؟». آنذاك أرسل الله رئيس الملائكة جبرائيل إلى سوريا ودار دورة (قام بالطواف) حول قطعة كبيرة من الأرض وحملها إلى الطائف. ولذا ، كما يقول العرب ، كان المناخ في الطائف والنبات أيضا سوريين حقا. وبالفعل تختلف مدينة الطائف وضواحيها ، بفضل موقعها العالي (على ارتفاع ٥١٥٠ قدما فوق سطح البحر) ، اختلافا شديدا عن سائر أنحاء الحجاز ، وتتميز بمناخ أكثر اعتدالا ، وبغياب رياح السموم ، وبوفرة الماء الجاري ، وبهطول الأمطار أحيانا كثيرة نسبيّا ؛ ولذا تتواجد تبعا للظروف المذكورة أعلاه ، نباتات مغايرة تماما ؛ منها الكروم وبساتين الموز والبرتقال والدراق والمشمش والرمان وغير ذلك. والطائف تزود مكة بخضراوات لا تنبت في أنحاء الحجاز الأخرى.

تقع مدينة الطائف في محلة مكشوفة ، على السفح الشرقي من جبل القرى ، وتحيط بها بساتين كثيرة يخص قسم منها سكان المدينة وقسم آخر بدو الضواحي. والطائف تشبه مكة من حيث الشوارع والبازارات ومعمارية البيوت. وحول الطائف تشبه مكة من ينتصب سور حجري له ٣ بوابات يغلقونها ليلا. وعدد السكان الدائمين في الطائف ألف وخمسمئة.

المدينة المنورة

المدينة المنورة أو مدينة النبي محمد (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) هي المدينة الثانية من حيث الكبر في الحجاز من حيث الأهمية في العالم الإسلامي.

٢٠٣

تقع المدينة على بعد حوالي ٣٥٠ فرستا بخط مباشر إلى الشمال من انقاض مدينة يثرب القديمة ، وسط سهل عريض يحيطه جبل أحد من الشمال وجبل خيبر من الجنوب ويضيق السهل إلى الغرب وينفتح إلى الشرق. والمدينة مطوقة بسور حجري تنتصب أبراج في زواياه ، وقرب بواباته الأربع ؛ وقد بنى السور في عام ١٥٣٥ وتم تجديده عند انتهاء حركة الوهابيين. والمدينة بالذات تشغل رقعة صغيرة جدّا من الأرض ، حوالي فرستا مربع واحد ؛ من الجهة الغربية تلتصق بها ضاحية «مناخة» التي نشأت في الآونة الحديثة والمسيجة بدورها بسياج يلتصق في أطرافه بسور المدينة المنورة.

الشوارع

إذا دخلنا عبر البوابة الغربية للضاحية المسماة «الانبارية» ، التي لا يجيزون إلا عبرها دخول وخروج القوافل والركب ، فأن العين تقع على شارع عريض ، مخطط باستقامة ، وتنتصب فيه أعمدة للمصابيح من كلا الجانبين وبيوت كبيرة. من الجانب الأيسر في هذا الشارع ، قرب البوابة بالذات ، يقوم المبنى الشاسع للتكية المصرية التي تتفق وظيفتها مع وظيفة التكية المماثلة في مكة ؛ من الجانب الأيمن ، مقابل التكية ، تقوم ثكنات كبيرة ، وبقربها مستشفى عسكري ، وإلى أبعد ، دار الحاكم المحلي ـ المحافظ. ينتهي الشارع بساحة شاسعة تتوقف فيها القوافل وتقوم فيها أسواق الحبوب والحطب والماشية. وضاحية مناخية تتصل بالمدينة عبر بوابتين ، أهمهما البوابة السورية التي تؤدي إلى شارع ضيق لا يربو عرضه على ٤ ـ ٥ ساجينات ، ولكنه أكثر شوارع المدينة المنورة انتعاشا وحركة ؛ وهو يعبر المدينة كلها وينتهي عبد بوابة الحرم. وهناك شارع رئيسي آخر ، أوسع بقليل وتقوم فيه أفضل البيوت في المدينة المنورة ؛ وهو يتجه شمالا ، بموازاة الشارع الأول ، وينتهي إلى بوابة أخرى من

٢٠٤

٢٠٥

الحرم. القسم الباقي من المدينة تتقطعه في اتجاهات مختلفة أزقة ضيقة موزعة بشكل شبكة مشوشة خارقة التشوش.

البيوت

الحجر هو مادة بناء البيوت هنا كما في مكة. كذلك يستعملون الحمم (السائل البركاني) المتجمدة التي تغطي كل السهل في جوار المدينة المنورة. ومعمارية البيوت كما في مكة ، ولكن يبنون أيضا في الطوابق السفلى غرفة خاصة بدون نوافذ مزودة بمدخنة عريضة متصاعدة إلى أعلى ، وتجوز جميع الطوابق العليا. هذه الغرفة المسماة «القاعة» هي غرفة الاستقبال عند أهل المدينة لأنها أبرد من غيرها. وفي الطوابق العليا يبنون مشربيات ؛ وعلى السطح يوجد مكان لأجل راحة الليل صيفا والتدفؤ في الشمس شتاء.

سكان المدينة وأشغالهم

بموجب المعطيات التركية الرسمية ، يبلغ عدد السكان الدائمين في المدينة المنورة ٨٠٠٠٠ نسمة ، ولكنه ، نظرا لأبعاد المدينة ، بالكاد يربو على نصفي هذا العدد. والسكان أنفسهم يعتبرون هم أيضا أن عددهم يبلغ زهاء ٤٠٠٠٠ نسمة.

يتألف السكان من عناصر متنوعة كما في مكة. وسكان الحجاز الأصليون هم هنا ، في المدينة المنورة ، أقل أيضا مما في مكة ؛ وجميع الأفراد الذين يقولون عن أنفسهم أنهم عرب ، فيما عدا استثناء طفيف ، غرباء تجنسوا من زمان بالجنسية الحجازية. ويتألف نصف السكان من قادمين من زمن غير بعيد ـ من أتراك وجزائريين وتونسيين ومصريين وسرتيين وتتر وغيرهم.

وقد بدا لي عرب المدينة المنورة ألطف من سكان مكة ؛ فهم

٢٠٦

بشوشون جدّا ، مضيافون ، ودودون ، مستعدون دائما لمد يد العون عند الاقتضاء ، رفاق ممتازون في الطريق ؛ وسكان الحجاز الآخرون يفسرون على طريقتهم هذه السمات من طبع أهل المدينة المنورة قائلين أن بركة النبي لا تزال تشملهم لأنهم كرموه بعد الهجرة من مكة.

في عداد السكان القادمين يوجد بضع مئات من السرت ؛ وهم هنا على الأغلب فعلة عاديون ، غير ماهرين ، ينافسون الارقاء بنجاح. والأتراك والمصريون وغيرهم يلعبون هنا نفس الدور الذي يلعبونه في مكة.

وفي المدينة تعيش ٣١ عائلة من التتر من رعايا روسيا ، هاجرت إلى هنا في أزمان مختلفة ولأسباب مختلفة ، واحبت هذه المدينة وشكلت هنا جالية صغيرة في ضاحية مناخة. وهذه الجالية يرأسها عبد الستار ، الذي استقر هنا منذ ٤٠ سنة والذي نزح من محافظة استراخان.

والتتر المحليون نزحوا بأغلبيتهم من روسيا بعد الاضطرابات التي نشبت بينهم في سنة ١٨٩٢ ؛ وقسم منهم حرفيون وتعساء جاؤوا يبحثون عن السعادة ؛ وهناك بينهم أيضا تلامذة في المدارس الدينية المحلية تزوجوا واستقروا هنا للإقامة الدائمة. وأعضاء هذه الجالية يكسبون جميع موارد رزقهم من الحجاج من أبناء قوميتهم ؛ فهم يستقبلون القوافل القادمة من جهة ينبع ويحاولون أن ينزلوا الحجاج في بيوتهم ، ويقدمون لهم الطعام ويحاولون أن يستحصلوا على «بدل» ؛ وحين تعتزم القوافل مواصلة السير ، يتجمع جميع أعضاء الجالية لتوديع القوافل لكي يحصلوا من مواطنيهم على صدقة هي عادية في مثل هذه الأحوال ؛ وأن من يفلحون في الحصول على بدل ، يذهبون مع الحجاج لأجل إداء فرائض الحج في مكة ؛ ومن مكة يعودون مع حجاج آخرين ، وينزلونهم في البيوت ويودعونهم بموجب النظام نفسه. وعند إنتهاء الحد ، يذهب بعض من التتر المحليين إلى روسيا لزيارة اقربائهم ، والأهم ، لجمع الصدقات التي يقدمونها لهم بطيبة خاطر بوصفهم من سكان المدينة المقدسة ،

٢٠٧

وللحصول على بدل إذا سنحت الفرصة. وقد رأيت بين المهاجرين المحليين واحدا فقط كان فيما مضى تاجرا ميسروا وفر إلى المدينة المنورة بسبب إدمان الخمر ، وهو الوحيد الذي لا يهتم بالحجاج ، ويكسب رزقه بعمله. ومنذ حوالي ٢٩ سنة ، بدأ عبد الستار المذكور أعلاه يجمع في روسيا النقود لبناء مدرسة دينية ومسجد في المدينة المنورة. ولجمع التبرعات سافر أولا بنفسه ؛ وعندما منعوه من دخول روسيا ، شرع يرسل أقرب معاونيه مع الرسائل ؛ وعلى هذا النحو ، كما يقال ، تم جمع ٥٠ ألف روبل تقريبا. وبهذا المبلغ بنوا مدرسة دينية مرفقة بأربعين منسكا ضيقا جدّا ينزلون فيها أيضا ، في زمن الحج ، بعضا من الحجاج ، كما بنوا مسجدا غير كبير وستة بيوت يعيش فيها جامعو النقود أنفسهم. وفي الوقت الحاضر يستمر جمع النقود وتشييد المباني.

وقد تسنى لي أن اسمع مرارا من أفراد مختلفين انه إذا توفي حاج توقف عند عبد الستار أو عند أنصاره الستة أو السبعة أو في المدرسة الدينية ، فإن أمواله ونقوده تختفي باوقح شكل ، بلا ذمة ولا ضمير ؛ كذلك يتصرفون بأموال التلامذة في المدرسة الدينية ، ويتخاطفون ويسرقون أمتعتهم ، ويستبدلون كتب الأوقاف بكتبهم ؛ وبعد ذاك فقط يعلمون السلطات بموت التلميذ.

إن عبد الستار وأقرب أعوانه ، سعيا منهم إلى نشر نفوذهم وزيادة عدد اتباعهم حولهم ، يحاولون بجميع الوسائل أن يوحوا لمواطنيهم العائشين في روسيا بأن «الهجرة» أي النزوح إلى دولة إسلامية هي من أهم واجبات كل مؤمن. وفي سنة ١٨٩٧ وضع الشيخ عبد القادر الذي كان يتمتع بالشهرة في المدينة المنورة (المتوفي حاليا) ، بتكليف منهم ، كراسا خاصا يحتوي جميع آيات القرآن المتعلقة بتلك المرحلة من نضال النبي ضد الوثنيين المكيين التي طلب فيها من اتباعه النادرين آنذاك من عداد سكان مكة اللحاق به. وكان من المرتأى ، بعد طبع الكراس في

٢٠٨

القاهرة ، ارسال ١٠٠٠ نسخة إلى روسيا حيث كان من الممكن ، باعتبار أنها ترتكز على القرآن الكريم وحسب ، أن تستثير الاضطراب والغليان وسط قسم معين من السكان المسلمين. وحين غادرت القاهرة في شهر كانون الثاني (يناير) من السنة الجارية ، لم يكن الكراس قد طبع بعد ، نظرا لمرض الشخص الذي عهد إليه بطبعه.

ومع ذلك لا يتزايد عدد التتر في المدينة المنورة من جراء الظروف المناخية المرهقة ومن جراء النسبة الكبيرة من الوفيات. وإذا ماتت الزوجة ، راح الأرمل للتزوج من جديد إلى روسيا ؛ ومنها يحاول أن يجلب أيضا زوجات لأولاده الراشدين واخوته وغيرهم ، متجنبا بكل اجتهاد القران بالعربيات المحليات إذ يجد أنهن مفرطات في تطلباتهن ومتقلبات الهواء.

أشغال السكان في المدينة المنورة تشبه أشغال السكان التي رأيناها في مكة ـ جزئيّا التجارة ؛ وأساسا مختلف موارد الرزق من خدمة الحجاج.

البازارات في المدينة المنورة عبارة عن نسخة غير كبيرة عن بازار مكة ، وهي تتاجر بالبضائع ذاتها تماما ، ولكنها تبيع بأسعار أغلى بكثير ونادرا ما تطرأ عليها التقلبات ، نظرا لأن استجلاب البضائع أصعب ولأن العرض غير كبير. وبدرجة كبيرة جدّا ترتفع أسعار مواد الضرورة الأولية المستجلبة من ينبع ومنها مثلا الشاي والسكر. أما القمح والرز فإن المدينة المنورة تحصل عليهما جزئيّا بفضل القوافل القادمة من منطقة ما بين النهرين ؛ بينما ترد سمنة البقر والضأن والدهن من نجد. وفي سنة ١٨٩٨ ، تشكي الناس بخاصة من غلاء أسعار المنتوجات المعيشية المحلية ، الناجم عن انقطاع المطر في الشتاء السابق والنقص العام في المعلف. وكانت أسعار سلع الضرورة الأولية بالمتوسط للرطل الواحد كما يلي :

٢٠٩

الظروف الصحية في المدينة المنورة

الظروف الصحية في المدينة المنورة أفضل مما في مكة ، بفضل توفر بعض المرافق العامة ، والأهم بفضل عد تجمع الحجاج في آن واحد بأعداد كبيرة.

الماء

حصلت المدينة المنورة على الماء في سنة ١٥٩٠ وذلك من آبار عين الزرقة الواقعة على بعد زهاء خمسة فرستات عن المدينة ، قرب جامع القبّة. ونظام توزيع مجارير الماء كما في مكة. الأنبوب الحجري يمتد على عمق زهاء ساجينين وله كثرة من منافذ الهواء ـ الآبار المرفوعة كثيرا تخوفا من ظاهرات السيول فوق سطخ الأرض. ولاستعمال الماء توجد أحواض مبلطة بالحجر ، ولكن الناس لا يستقون الماء من المزراب ، بل يمررونه بواسطة حنفيات نحاسية عبر خراطيم خاصة إلى القرب مباشرة. ونقل الماء وتوزيعه على البيوت وحفظه كما في مكة. وهذا الماء لا يستعملونه في المدينة المنورة إلا لأجل الشرب والطعام ؛ أما الحاجات الأخرى فتلبيها الآبار القائمة في كل بيت. والماء في المدينة المنورة جيد ، ولا نقص فيه.

٢١٠

حالة البيوت

تتصف البيوت ببالغ النظافة والترتيب ، ولكن بيوت الخلاء كما في مكة ؛ وفي بعض البيوت تفوح رائحة كريهة في الطوابق السفلى ، وبخاصة إذا كان عدد السكان كبيرا. وتنظيف البالوعات يجري على الأغلب مرة واحدة في السنة. وبعض أصحاب البيوت لا يقومون بهذه العملية إلا مرة واحدة كل سنتين أو ثلاث. ومحتوى البالوعة ينقلونه إلى خارج المدينة.

حالة الشوارع

المدينة نفسها تقع ضمن سور وفي رقعة أضيق مما في مكة ؛ والشارع الأفضل الذي ينطلق من باب الشام وتشغله كليا الدكاكين من جانبيه لا يبلغ عرضه أكثر من ٤ ـ ٥ ساجينات. والأزقة خارقة الضيق ، وعرض بعضها أرشينان ونصف أرشين فقط. وهناك عمارات تطل على الشارع الكسب مكان ، تاركة في أسفل ممرا غير عال ، الأمر الذي يعيق كثيرا ، بالطبع ، حركة الهواء. وترتيب البيوت في ضاحية مناخة أرحب بكثير رغم انه لا وجود هنا للأحواش ورغم أن المباني تلتصق بعضها ببعض على الشارع وفي العمق. والشوارع تشكل مكانا لرمي الزبالة والنفايات من كل شاكلة ، ويجري تكنيسها مرة واحدة في اليوم.

ولكن الشارعين الرئيسيين في المدينة المنورة مرصوفان بالبلاطات الحجرية ؛ ورش الشوارع يقوم به في كل مكان تقريبا أصحاب البيوت أنفسهم.

أما السبب الرئيسي لكون شوارع المدينة المنورة أنظف ، هو أن المدينة ذاتها لا تجيز دخول الجمال وسائر الحيوانات ، فتتوقف القوافل العابرة خارج المدينة أو في ساحة بمناخة ؛ وجميع الحمير والأحصنة التي تخص السكان يزربونها هي أيضا في هذه الضاحية.

٢١١

المسلخ

يقع المسلخ خارج المدينة ، عرى مقربة من سورها ؛ وهو قذر جدّا.

المقبرة

للمدينة المنورة مقبرة صغيرة واحدة تقع وراء سور المدينة بالذات ، ويطوقها سور غير عال. أسلوب دفن الموتى هنا كما في مكة : يحفرون حفرا عميقة كفاية ، لا أقل من أرشين ونصف أرشين ، وفي المدافن القديمة نظرا لضيق المكان. كذلك لا وجود هنا لعادة جلب الموتى من غير أهل المدينة.

الظروف المناخية

تقع المدينة المنورة أبعد إلى الشمال وفي محلة مكشوفة ، ولذا تتمتع بحرارة أدنى بعض الشيء في فصل الصيف ؛ وفي الشتاء يكون البرد ، كما يقولون ، محسوسا جدّا. وحسب مراقباتي في شهري أيار (مايو) وحزيران (يونيو) ، كان متوسط الحرارة في اليوم في غرفة غير كبيرة ، ولكنها محمية جيدا من الشمس ، ٢٧ درجة ريومور فوق الصفر ، ولكنها كانت ترتفع في النهار إلى ٢٩ درجة وتهبط في الليل إلى ٢٥ درجة. وفي الشتاء تهبط الحرارة في الغرفة ذاتها ، كما قالوا لي ، إلى ١٣ درجة فوق الصفر.

ولربما بسبب الفرق الكبير بين حرارة الصيف وحرارة الشتاء ، أو بسبب وفرة وقرب المياه الجوفية المتواجدة في كل مكان على عمق ساجينين أو ثلاثة ، أو بسبب إنشاء الآبار في البيوت بالذات ، تتخذ الملاريا في المدينة المنورة شكلا خطيرا جدّا ، فاتكة بكثيرين من المرضى. وعدا ذلك ، توجد ، وأن اندر مما في مكة ، أمراض مختلفة

٢١٢

٢١٣

لأعضاء جهاز الهضم. ونسبة الوفيات ، وبخاصة بين السكان الدخلاء ، كبيرة جدّا ؛ ويموت على الأخص عدد كبير من الأولاد. وعند التتر المقيمين هنا ، كما يقولون ، لا يعيش سوى عدد تافه من المواليد الجدد. كذلك نسبة الوفيات كبيرة بين العساكر.

المستشفى

لا صيدلية في المدينة المنورة ؛ ولكن المرضى يحصلون على الأدوية مجانا من المستشفى المبني على نفس الأسس كما في مكة ، بأموال الأوقاف التي كانت تتبرع بها والدة السلطان عبد المجيد ؛ وهذا المستشفى يشغل مبنى رحبا جدّا من ثلاثة طوابق عند بوابة الحرم بالذات ويملك ثلاثين سريرا دائما. ويعمل في المستشفى طبيب واحد وصيدلي واحد.

المدارس الدينية في المدينة المنورة

تسنى لي أن أطلع بمزيد من التفصيل على المدارس الدينية في المدينة المنورة ، حيث الدروس لا تتوقف حتى في زمن تجمع الحجاج. وكل ما اقوله هنا عن هذا النوع من المدارس يصح كذلك على المؤسسة التعليمية من هذا الطراز في مكة ، التي لا تختلف إلا من حيث قوام التلامذة ؛ ففي مكة يشكل الماليزيون الأغلبية ، وفي المدينة المنورة الأتراك والسوريون والتتر وغيرهم.

في المدينة المنورة ١٧ مدرسة دينية تضم قرابة ٢٥٠ تلميذا. وجميع المدارس الدينية تشكل أوقافا تركية بوجه الحصر ، ويؤمن لها دخل معين يجري انفاقه على المعلمين وعلى منح التلامذة النقود لأجل الطعام. وأغنى المدارس الدينية مدرسة المحمودية حيث يتقاضى التلميذ ليرة تركية واحدة في الشهر ؛ وفي المدارس الباقية ينال التلميذ بالمتوسط

٢١٤

في كل شهر مجيديتين (حوالي ٣ روبلات و ٥٠ كوبيكا). أما العائشون في مدرسة قازان ، فيعيشون على حسابهم.

جميع مباني المدارس الدينية مبنية حسب طراز واحد ـ عمارة مربعة الزوايا من طابق أو من طابقين مع حوش في الوسط تطل عليه جميع أبواب غرف غير كبيرة ـ أي مناسك معد كل منها لايواء شخص واحد. وعدد هذه الغرف لا يربو عادة على ١٠ ـ ١٥ ؛ وعددها في المحمودية ٢٦ ، وفي مدرسة قازان ٤٠ ؛ وفي مدارس دينية أغنى تبلغ مساحة الغرفة حوالي ٢٠ ارشينا مربعا ؛ وفي كل من الغرف توجد نافذة غير كبيرة ؛ أما في مدرسة قازان فإن مساحة الغرف ١٢ ارشينا ، والنوافذ موجودة في غرف الزوايا فقط. وفي المدارس الدينية جميعها تقريبا توجد مكتبات وغرفة أوسع هي صالة للمحاضرات. ولكل مدرسة دينية ناظرها ؛ وهو يعيّن وفقا لمشيئة صاحب الوقف ، كما انه يشرف على قبول وصرف التلامذة وإعطائهم النقود الواجبة ، والتقيد بالنظام ، وخلاف ذلك. وعدا الناظر ، ينبغي أن يكون ثمة معلم ، أي مدرّس يعيّن كذلك بإشارة من صاحب الوقف أو ورثته.

في عداد التلامذة يقبلون أبناء جميع القوميات ما عدا السكان المحليين ، ومن جميع الأعمار ، وفقا لعدد الغرف الفارغة ، دون السؤال عن المعارف التي يملكها طالب العالم. وعدد سني الإقامة في المدرسة غير محدد. وهناك من يعيشون فيها ٢٠ سنة. ولا تتخذ اية تدابير للاجبار أو الحث أو التشجيع في الدراسة أو للتحقق من النجاحات. ولا يصرف التلامذة خلافا لإرادتهم إلا في حال اقترافهم أعمالا غير لائقة جدّا ، ـ وليس ثمة تقريبا مثال على ذلك ـ وكذلك في حال زواجهم. ونظرا لهذه النظم ، يعيش على الدوام في المدارس الدينية عدد عديد من شتى الأفراد الذين لا مأوى لهم والذين لا علاقة لهم البتة بشؤون الدراسة ، وذلك لمجرد الرغبة في الانتفاع من الشقة الجاهزة والنقود للعيش. وفي كل

٢١٥

مدرسة دينية تقع العين على بضعة شيوخ هرمين جاؤوا إلى المدينة المنورة لكي يقضوا هنا أواخر أيامهم لكي يدفنوهم على مقربة من قبر نبيّهم.

تبدأ الدروس في المدرسة فور صلاة الصبح ، مع طلوع الشمس ؛ وجميع التلامذة والعائشين في المدرسة ملزمون بالاستماع إلى محاضرة واحدة من مدرّسهم ، ثم يتصرفون بوقتهم كما يطيب لهم ، دون أية رقابة. وعادة ، يذهب الراغبون في تحصيل العلم إلى الحرم حيث يلقى ائمة المدينة المنورة ، الواسعو الشهرة ، الخطب في ساعات معينة من النهار ، وكل منهم في موضوعه ؛ ويتجمع حوله عدد كبير من المستمعين ، وحين يجد التلميذ انه يملك ما يكفي من المعارف في الموضوع المعني ، ينتقل إلى إمام آخر ، وهكذا دواليك.

ومن عداد مواضيع الدراسة ، باستثناء العلوم الدينية المدرّسة في جميع المدارس الإسلامية ، اشتهر ائمة المدينة المنورة بتفسير القرآن الكريم وبخاصة تفسير الأحاديث النبوية. وكثيرون من التلامذة يتوافدون إلى المدينة المنورة لسنة أو لسنتين خصيصا لتحصيل هذه العلوم من معلميها.

ولكن من يعيش في المدرسة الدينية مفروشاته ولوازم منزلية بسيطة ؛ وهو يعتم شخصيا بإعداد الطعام لنفسه. وحوالي الساعة ٩ مساء تقفل المدرسة أبوابها ؛ وقبل ذاك يعود الجميع في المعتاد إلى غرفهم.

حين كنت في المدينة المنورة كان فيها ٤٢ تلميذا تتريا من رعايا روسيا موزعين في مدارس دينية مختلفة ، ولكن أغلبيتهم كانت في مدرسة قازان لأنه يوجد هناك عدد كبير من الغرف الفارغة. وعدد هؤلاء الشبان ازداد كثيرا في السنوات الأخيرة بالانتقال إلى هنا من المدارس الدينية في القاهرة والقسطنطينية (في أواخر سنة ١٨٩٧ بقي في القاهرة ٧

٢١٦

٢١٧

أشخاص وفي القسطنطينية ١٥ شخصا من السفط (١) من رعايا روسيا) وذلك جزئيّا بدافع الرغبة في الاستماع إلى خطب ائمة المدينة المنورة ، وبصورة رئيسية ، بامكان العيش بصورة أقل حقارة وفقرا ، بفضل إمكانية جمع الصدقة والإحسان من الحجاج من أبناء الوطن والحصول أحيانا على ابدال مفيدة.

وقد اقتنعت بأن تلامذتنا هنا يتميزون بصورة إيجابية عن زملائهم في مدارس بخارى ؛ فلا يلحظ المرء فيهم ذلك التعصب الأعمى المتطرف وذلك الازدراء الجاهل لك ما لا يدخل في إطار الشريعة وبجميع من لا يسيرون بكل دقة في طريقها المرسوم ؛ ويتميز ارباء المدينة المنورة بافق أوسع بكثير ، ونظرات أصح ؛ ويعتمون بكل شيء. وقد بدا لي أن سبب ذلك ، بصورة رئيسية ، هو روح سكان المدينة المنورة الأصليين ، وهي روح مغايرة تماما ، اوفر حرية إلى ما لا قياس له ؛ وانه يجب أن ننسب جزئيّا هذا التأثير إلى السفرة الطويلة التي تحمل إلى الشبان الصحو وصفاء الذهن ؛ وجزئيّا إلى نفوذ العالم الديني السيّد على الزاهر الواسع الشعبية في الحجاز ؛ وهو رجل لا ريب في انه ذكي جدّا ورأى الكثير في دهره ، وذو وجهة ليبيرالية نادرة جدّا بين العلماء. وهذا العالم يلقى تفسيرات للأحاديث النبوية ؛ ومحاضراته في الحرم تجتذب دائما عددا كبيرا من الناس. إن التفسيرات التي يعطيها عن اقوال النبي تتميز عن تفسيرات العلماء الآخرين ؛ فهو يرى في كل شيء مغزى داخليا أوسع. وقد تسنى لي أن حضرت إحدى المحاضرات في تفسير الأحاديث المتعلقة بالهجرة (أي عن النزوح من دولة غير إسلامية إلى دولة إسلامية) ؛ وقد قال السيّد على أن واجب كل مسلم أن يحب الوطن الذي يعيش فيه ، وأن يحترم السلطة القائمة هناك ، أيا كانت العقائد هناك ، وانه

__________________

(١) سوفت ـ تلميذ المدرسة الدينية.

٢١٨

لا مبرر للنزوح لا في القرآن ولا في الأحاديث ، إذا كان الإيمان لا يتعرض للعنف. وهذا العالم المحترم هو من كبار أنصار روسيا ؛ وغالبا ما يحكي لزواره العديدين من الحجاج من جميع البلدان ، عن زيارته لموسكو حيث شاهد بالتفصيل جميع الطرائف ، ويمدح كثيرا نظمنا وأوضاعنا ؛ وهو يقول : «ايماننا صحيح ، ولا شك في هذا ، ولكن العدالة غائبة في الدول الإسلامية ؛ ويجب البحث عنها عند الروس».

المكتبات

عدا المكتبات غير الكبيرة الموجودة في كل مدرسة دينية توجد في المدينة المنورة مكتبتان عامتان غنيتان نسبيّا : مكتبة شيخ الإسلام ومكتبة المحمودية ، وفي كل منهما قرابة ٦٠٠٠ مجلد ، أغلبها كتب مخطوطة دينية المضمون ، وبينها نسخ نادرة جدّا. والمكتبات ، مثلها مثل المباني التي تقوم فيها ، تمولها الأوقاف ؛ ومن أموال الأوقاف يتقاضى قيمو المكتبات رواتبهم.

سلطات المدينة

إدارة المدينة يرأسها العامل ، أي حاكم سنجق المدينة المنورة ، وللبت في الدعاوي القضائية يوجد قاض تجري الاستعاضة عنه سنويا من القسطنطينية ، ومحتسب. وهناك مفتيان لأجل المذهب الحنفي والمذهب الشافعي. ولحفظ النظام تقام في زمن إقامة قوافل الحجاج دورية عسكرية خاصة في ساحة ضاحية مناخة. أما في الوقت الباقي فلا يظهر في الشوارع أي من حراس الأمن والنظام. وجميع بوابات المدينة يحرسها حراس ؛ وفي الليل يغلقونها ؛ ولا يسمحون بالخروج لقوافل الحجاج إلا نهارا وشرط أن يقدم البدو ترخيصا خطيّا من العامل.

٢١٩

البساتين في ضواحي المدينة المنورة

ضواحي المدينة عبارة عن سهل رملي عريض ، تتخلله الحجارة والسائل البركاني المتجمد ، ويكسوه السباخ. ولا وجود البتة للماء الجاري ، ولكن الشريحة المنطوية على الماء تمتد على عمق غير كبير جدّا ، على عمق ساجينين أو ثلاثة ، ومن جراء ذلك تكثر البساتين وأحواض الخضراوات في ضواحي المدينة المنورة ، وبخاصة في جانبها الشرقي ؛ وهي تخص البدو جزئيّا ، وجزئيّا الطبقة المسيورة من سكان المدينة. تتألف البساتين بوجه الحصر تقريبا من أشجار النخيل ؛ وتمر المدينة المنورة يعتبرونه ، من حيث وفرة السكر فيه ، أفضل تمر في العالم ، ويشكل المادة الوحيدة للتصدير من هذه المنطقة ؛ وإلى شراء التمر يتوافدون من أبعد أنجاء الحجاز ؛ كذلك يبيعونه في محله أو عبر مكة من الحجاج. وتبلغ الصادرات قرابة ٥٠٠٠٠ بود (١). وسعر خيرة الأصناف ، حين يشتريها الحجاج ، زهاء ١٠ كوبيكات للرطل الواحد. وهنا يحسبون انه يوجد أكثر من ٧٠ نوعا من أشجار النخيل المختلفة من حيث صفات ثمارها. تعيش شجرة النخيل حوالي مائة سنة ، وتبلغ أقصى مردودها حين يتراوح عمرها بين ٥٠ و ٦٠ سنة ، ثم تبدأ تشيخ تدريجيا ؛ وحين تقل كمية الثمار كثيرا ، يقطعون الشجرة من جذعها ويستعيضون عنها بشجرة فتية. تعطي شجرة النخيل في موسم جيد وفي أفضل أوقاتها زهاء ٣٠٠ رطل من التمر ؛ ويجنون بالمتوسط من كل شجرة زهاء ١٨٠ رطلا. ويعتبرون أن خيرة الأنواع هي : الجاليابي ، الحلوة ، البرني ، الحتلاية ، الجادي ، البيض ، اللبانه ، العجوة. السقاية تجري ببالغ الوفرة ؛ وأثناء نضوج الثمار تجري أحيانا كثيرة جدّا ـ مرة كل ٥ أو ٦ أيام ، بل أكثر من ذلك إذا توفرت الإمكانيات. يستخرجون الماء من

__________________

(*) البود : ٣٨٠ ، ١٦ كيلوغراما. المترجم.

٢٢٠