قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

أنوار التنزيل وأسرار التأويل [ ج ٢ ]

أنوار التنزيل وأسرار التأويل [ ج ٢ ]

22/195
*

والنصارى في إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، وزعم كل فريق أنه منهم وترافعوا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فنزلت. والمعنى أن اليهودية والنصرانية حدثتا بنزول التوراة والإنجيل على موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام ، وكان إبراهيم قبل موسى بألف سنة وعيسى بألفين فكيف يكون عليهما. (أَفَلا تَعْقِلُونَ) فتدعون المحال.

(ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ حاجَجْتُمْ فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(٦٦)

(ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ حاجَجْتُمْ فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ) ها حرف تنبيه نبهوا بها على حالهم التي غفلوا عنها ، وأنتم مبتدأ و (هؤُلاءِ) خبره و (حاجَجْتُمْ) جملة أخرى مبينة للأولى. أي أنتم هؤلاء الحمقى وبيان حماقتكم أنكم جادلتم فيما لكم به علم مما وجدتموه في التوراة والإنجيل عنادا ، أو تدعون وروده فيه فلم تجادلون فيما لا علم لكم به ولا ذكر له في كتابكم من دين إبراهيم. وقيل (هؤُلاءِ) بمعنى الذين و (حاجَجْتُمْ) صلته. وقيل ها أنتم أصله أأنتم على الاستفهام للتعجب من حماقتهم فقلبت الهمزة هاء. وقرأ نافع وأبو عمرو (ها أَنْتُمْ) حيث وقع بالمد من غير همز ، وورش أقل مدا ، وقنبل بالهمز من غير ألف بعد الهاء والباقون بالمد والهمز ، والبزي بقصر المد على أصله. (وَاللهُ يَعْلَمُ) ما حاججتم فيه. (وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) وأنتم جاهلون به.

(ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٦٧) إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ)(٦٨)

(ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا) تصريح بمقتضى ما قرره من البرهان. (وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً) مائلا عن العقائد الزائغة. (مُسْلِماً) منقادا لله وليس المراد أنه كان على ملة الإسلام وإلا لاشترك الإلزام. (وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) تعريض بأنهم مشركون لاشراكهم به عزيرا والمسيح ورد لادعاء المشركين أنهم على ملة إبراهيم عليه‌السلام.

(إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ) إن أخصهم به وأقربهم منه ، من الولي وهو القرب ، (لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ) من أمته. (وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا) لموافقتهم له في أكثر ما شرع لهم على الأصالة. وقرئ والنبي بالنصب عطفا على الهاء في اتبعوه ، وبالجر عطفا على إبراهيم. (وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) ينصرهم ويجازيهم الحسنى لإيمانهم.

(وَدَّتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَما يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ)(٦٩)

(وَدَّتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ) نزلت في اليهود لما دعوا حذيفة وعمارا ومعاذا إلى اليهودية و (لَوْ) بمعنى أن. (وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ) وما يتخطاهم الإضلال ولا يعود وباله إلا عليهم إذ يضاعف به عذابهم ، أو ما يضلون إلا أمثالهم. (وَما يَشْعُرُونَ) وزره واختصاص ضرره بهم.

(يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (٧٠) يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)(٧١)

(يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ) بما نطقت به التوراة والإنجيل ودلت على نبوة محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم (وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ) أنها آيات الله أو بالقرآن وأنتم تشهدون نعته في الكتابين أو تعلمون بالمعجزات أنه حق.