تفسير المراغي - ج ١٣

أحمد مصطفى المراغي

لا يشعر بإلهام أو شىء خفى ، ولكن الحقيقة أن أفعال الإنسان قد تكون نتيجة تفكيره واختباراته ويكون سبب حركاتها ظاهرا ؛ وقد تكون أفعاله غير منطبقة على تفكيره واختباراته ولكنه مع ذلك يندفع إلى العمل ، وكثيرا ما نشاهد أشخاصا لا يفكرون فى الحج مدة طويلة ، ولكن فجأة وبدون سبب ظاهر يصممون على الحج وينفذون إرادتهم ، وهذا العمل ظاهره الاختيار طبعا ولكنهم مدفوعون بقوة مسيطرة عليهم أشبه بالغريزة أو الوحى.

وقد أجاب الله إبراهيم إلى دعائه ، فألهم الناس الحج فى آلاف السنين وإلى ما شاء الله ، لا فى مدى حياته فحسب ؛ وفى هذا إظهار لقدرة الخالق وصدق وعده اه.

(لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) أي رجاء أن يشكروا تلك النعمة بإقامة الصلاة وأداء واجبات العبودية.

وفى هذا إيماء إلى أن تحصيل منافع الدنيا إنما هو ليستعان بها على أداء العبادات وتحصيل الطاعات ، وفى دعائه عليه السلام مراعاة للأدب والمحافظة على الضراعة وعرض الحاجة واجتلاب الرأفة ، ومن ثم منّ الله عليه بالقبول وإعطاء المسئول ، ولا بدع فى ذلك فهو خليل الرحمن وأبو الأنبياء جميعا.

(رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ) أي أنت تعلم ما تخفى قلوبنا حين سؤالك ما نسأل ، وما نعلن من دعائنا فنجهر به.

(وَما يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) أي ولا يخفى على الله شىء يكون فى الأرض أو فى السماء ، لأن ذلك كله ظاهر متجلّ له ، لأنه مدبره وخالقه ، فكيف يخفى عليه.

(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ) أي الحمد لله الذي وهب لى وأنا آيس من الولد لكبر سنى ـ ولدين : إسماعيل وإسحاق.

(إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ) أي إن ربى لسميع دعائى الذي أدعو به من قولى : «اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ» وقد كان إبراهيم سأله الولد

١٦١

بقوله : «رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ» فلما استجاب الله دعاءه قال الحمد لله إلخ.

(رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ) أي رب اجعلنى مؤديا ما ألزمتنى من فريضتك التي فرضتها علىّ.

(وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) أي واجعل أيضا ذريتى مقيمى الصلاة ، وقد خص الصلاة من بين فرائض الدين لأنها العنوان الذي يمتاز به المؤمن من غيره ، ولما لها من المزية العظمى فى تطهير القلوب بترك الفواحش ما ظهر منها وما بطن

(رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ) المراد بالدعاء العبادة أي ربنا تقبل عبادتى كما جاء فى قوله : «وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَأَدْعُوا رَبِّي».

وجاء فى الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم : «إن الدعاء هو العبادة ثم قرأ. وقال ربّكم (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ)».

(رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ) أي ربنا اغفر لى ما فرط منى من الذنوب ولأبوىّ ، وقد روى عن الحسن أن أمه كانت مؤمنة : واستغفاره لأبيه كان عن موعدة وعدها إياه ، فلما تبين له أنه عدو الله تبرأ منه كما قال تعالى : «وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ» الآية ، وللمؤمنين بك ممن تبعني على الدين الذي أنا عليه ، فأطاعك فى أمرك ونهيك ـ يوم تحاسب عبادك فتجازيهم بأعمالهم إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر.

(وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ (٤٢) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ (٤٣) وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَ لَمْ

١٦٢

تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ (٤٤) وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ (٤٥) وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ (٤٦) فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ (٤٧) يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ (٤٨) وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ (٤٩) سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (٥٠) لِيَجْزِيَ اللهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (٥١) هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ (٥٢)).

تفسير المفردات

تشخص : ترتفع ، مهطعين : مسرعين إلى الداعي ، مقنعى رءوسهم : أي رافعيها مع الإقبال بأبصارهم إلى ما بين أيديهم من غير التفات إلى شىء. لا يرتد : لا يرجع ، هواء : خالية من العقل والفهم لفرط الحيرة والدهشة ، ويقال للجبان والأحمق قلبه هواء : أي لا قوة ولا رأى له كما قال حسان يهجو أبا سفيان بن حرب :

ألا أبلغ أبا سفيان عنى

فأنت مجوّف نحب هواء

من زوال : أي من انتقال من دار الدنيا إلى دار أخرى للجزاء وضربنا لكم الأمثال : أي بينا لكم أنهم مثلكم فى الكفر واستحقاق العذاب. عزيز : أي غالب

١٦٣

على أمره ينتقم من أعدائه لأوليائه ، وبرزوا : أي خرجوا من قبورهم ، مقرّنين أي مشدودين ، فى الأصفاد : أي فى القيود واحدها صفد ، سرابيلهم ، واحدها سربال : وهو القميص ، والقطران : دهن يتحلّب من شجر الأبهل والعرعر والتوت كالزفت تدهن به الإبل إذا جربت. ويقال له الهناء ، وهو أسود اللون منتن الريح تقول هنأت البعير أهنؤه إذا طليته بالهناء ، وتغشى وجوههم النار : أي تعلوها وتحيط بها ، بلاغ : كفاية فى العظة والتذكير.

المعنى الجملي

بعد أن ذكر عز اسمه أن جزاء من بدّلوا نعمة الله كفرا وجعلوا له الأنداد جهنم يصلونها وبئس المهاد ، وطلب إلى عباده المؤمنين مجاهدة النفس والهوى وإقامة فرائض الدين ـ ذكر هنا تسلية لرسوله وتهديدا للظالمين من أهل مكة أن تأخيرهم وتمتعهم بالحظوظ الدنيوية ليس إعمال للعقوبة ولا لغفلة عن حالهم ، وإنما كان لحكمة اقتضت ذلك وهم مرصدون ليوم شديد الهول ، له من الأوصاف ما بيّن بعد ، وعليك أيها الرسول أن تنذر الناس بقرب حلوله ، وأنهم فى ذلك اليوم سيطلبون المردّ إلى الدنيا ليجيبوا دعوة الداعي ، وهيهات هيهات.

صاح هل ريت أو سمعت براع

ردّ فى الصّرع ما قرى فى الحلاب

وقد كان لكم معتبر فى تلك المساكن التي تسكنونها ، فإنها كانت لقوم أمثالكم كفروا بأنعم الله ، فأخذهم أخذ عزيز مقتدر.

ألا إن وعد الله لرسله لا يحلف ، وهو ناصرهم وخاذل أعدائه ، كما قال : «إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا» وقال : «كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي» ومحاسبهم فى يوم تبدّل الأرض غير الأرض والسموات. يوم يخرجون من قبورهم للحساب أمام الواحد القهار ، وترى حال المجرمين يجلّ عن الوصف.

١٦٤

وهذا الذي قصصته عليكم تبليغ وإنذار ، ليتذكر به ذوو العقول الراجحة ، وليعلموا أن الله واحد لا شريك له.

الإيضاح

(وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) تقدم أن مثل هذا الخطاب من وادي قولهم : (إياك أعنى واسمعي يا جاره) فهو فى صورته للنبى صلى الله عليه وسلّم والمراد أمته ، وفيه تسلية للمؤمنين وتهديد للظالمين بأن الله محص أعمالهم ومحيط بها ، وسيجزيهم وصفهم فى الحين الذي سبق فى علمه ، وأن عقابهم لا بد آت ، فتركه بمنزلة حسبانه تعالى غافلا عن أعمالهم ، إذ العلم بذلك مستوجب لعقابهم لا محلة.

ثم أوعدهم حلول يوم يحاسبون فيه على أعمالهم وفيه من الهول ما يحيّر اللب ، ويدهش العقل فقال :

(إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ) أي إنما يمهلهم ويمتعهم بكثير من لذات الحياة ولا يعجل عقوبتهم ، ليوم شديد الهول ترتفع فيه أبصار أهل الموقف ، وتبقى مفتوحة لا تطرف من الفزع والاضطراب.

(مُهْطِعِينَ) أي يأتون مسرعين إلى الداعي بالذلة والاستكانة كما يسرع الأسير والخائف.

(مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ) أي رافعيها مع دوام النظر من غير التفات إلى شىء.

(لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ) أي لا يرجع إليهم تحريك أجفانهم كما كانوا يفعلون فى الدنيا فى كل لحظة ، بل تبقى أعينهم مفتوحة لا تطرف من شدة الفزع والخوف.

(وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ) أي إنها مضطربة تجيش فى صدورهم ، تجىء وتذهب ، ولا تستقر فى مكان حتى تبلغ الحناجر ، لشدة ما يرون من هول موقف الحساب.

ثم ذكر مقالتهم حين يرون هذا الهول وما فيه من العذاب فقال :

(وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ

١٦٥

نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ) أي وحوّف أيها الرسول القوم الظالمين ، وازجرهم عما هم عليه من الظلم شفقة بهم ـ هول يوم العذاب وشدته حين يقولون من الهلع والجزع : ربنا أرجعنا إلى الدنيا ، وأمهلنا أمدا قريبا ، نجب فيه دعوة الرسل إلى توحيدك ، وإخلاص العبادة لك ، بعد أن جحدنا ذلك.

ثم رد عليهم مقالتهم بقوله :

(أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ) أي وحينئذ يقال لهم على سبيل التوبيخ والتقريع : ألم تحلفوا فى الدنيا أنكم إذا متّم لا تخرجون لبعث ولا حساب كما حكى الله عنهم «وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت» فذوقوا وبال أمركم.

أخرج البيهقي عن محمد بن كعب القرظي أنه قال : لأهل النار خمس دعوات يجيبهم الله تعالى فى أربع منها ، فإذا كانت الخامسة لم يتكلموا بعدها أبدا يقولون : «رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا ، فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ؟» فيجيبهم الله عزّ وجلّ «ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ ، وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا ، فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ» ثم يقولون : «رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ» فيجيبهم جل شأنه : «فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا» الآية ، ثم يقولون : «رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ» فيجيبهم تبارك وتعالى : «أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ» الآية ، ثم يقولون : «رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ» فيجيبهم جل جلاله «أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ» فيقولون «رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ» فيجيبهم جلا وعلا «اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ» فلا يتكلمون بعدها إن هو إلا زفير وشهيق وحينئذ ينقطع رجاؤهم ويقبل بعضهم ينبح فى وجه بعض وتطبق عليهم جهنم. اللهم إنا نعوذ

١٦٦

بك من غضبك ، ونلوذ بكنفك من عذابك ، ونسألك التوفيق للعمل الصالح فى يومنا لغدنا ، والتقرب إليك بما يرضيك قبل أن يخرج الأمر من يدنا اه.

(وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ) أي وأقمتم فيها واطمأننتم وسرتم سيرة من قبلكم فى الظلم والفساد ، لم تفكروا فيما سمعتم من أخبار من سكنوها قبلكم ولم تعتبروا بأيام الله فيهم وأنه أهلكهم بظلمهم ، وأنكم إن سرتم سيرتهم حاق بكم مثل ما حاق بهم ، بعد أن تبين لكم ما فعلنا بهم من الإهلاك والعقوبة بمعاينة آثارهم وتواتر أخبارهم ، ومثلنا لكم فيما كنتم مقيمين عليه من الشرك الأشباه والنظائر ، فلم ترعووا ولم تتوبوا من كفركم.

الآن تسألون التأخير للتوبة حين نزل بكم من العذاب ما نزل؟ فهيهات هيهات ، قد فات ما فات ، ولن يكون ذلك حتى يلج الجمل فى سم الخياط.

ثم بين أن حالهم كحال من سبقهم حذو القذّة بالقذّة فقال :

(وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ) أي وقد مكروا فى إبطال الحق وتقرير الباطل مكرهم الذي استفرغوا فيه كل جهدهم ، وأحكموا أسبابه حتى لم يبق فى قوس الحق منزع.

ثم ذكر بعدئذ أن الله عليم بكل ما دبّروا فقال :

(وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ) أي ومكتوب عند الله مكرهم ، وهو لا محالة لمجازيهم عليه ، ومعذبهم من حيث لا يشعرون.

والخلاصة ـ عند الله جزاؤهم وما هو أعظم منه ، فرأيهم آفن ، إذ هم سلكوا طريقا كان ينبغى البعد عنها بعد أن استبان فسادها.

ثم ذكر أن عاقبة مكرهم الخسران والبوار فقال :

(وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ) أي وما كان مكرهم لتزول به آيات الله وشرائعه ، ومعجزاته الظاهرة على أيدى الرسل التي هى كالجبال فى الرسوخ والثبات.

١٦٧

والخلاصة ـ تحقير شأن مكرهم وأنه ما كان لتزول منه الآيات والنبوات الثابتة ثبوت الجبال ، فليس بمزيل شيئا منها مهما قوى وكان غاية فى المتانة والعظم.

(فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ) هذا الخطاب لرسوله صلى الله عليه وسلّم على نهج سالفه ، والمقصود منه تثبيت أمته على ثقتهم بوعد ربهم وتيقنهم بإنجازه ، بتعذيب الظالمين وأنه منزل سخطه بمن كذّبه وجحد نبوته.

(إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ) أي غالب على أمره ، لا يمتنع منه من أراد عقوبته ، قادر على كل من طلبه ، لا يفوته بالهرب منه ، وهو ذو انتقام ممن كفر برسله ، وكذبتهم وجحد نبوتهم ، وأشرك به واتخذ معه إلها غيره.

ثم ذكر زمان الانتقام فقال :

(يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ) أي إنه تعالى ذو انتقام يوم تبدل الأرض غير الأرض بأن تتطاير هذه الأرض كالهباء وتصير كالدخان المنتشر ثم ترجع أرضا أخرى بعد ذلك ، وتبدل السموات بانتشار كواكبها وانفطارها وتكوير شمسها وخسوف قمرها.

قال ابن عباس رضى الله عنهما هى تلك الأرض إلا أنها تغيرت فى صفاتها ، فتسير عن الأرض جبالها ، وتفجّر بحارها وتسوّى ، فلا يرى فيها عوج ولا أمت ، وروى عن أبى هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : «يبدل الله الأرض غير الأرض فيسطها ويمدها مدّ الأديم العكاظىّ ، فلا ترى فيها عوجا ولا أمتا».

وهذه الآية الكريمة من معجزات القرآن التي أيدها العلم الحديث وانطبقت عليه أشد الانطباق ، فعلماء الفلك الآن يقولون إن الأرض والشمس وسائر الكواكب السيارة كانت فيما مضى كرة نارية حارة طائرة فى الفضاء ، ودارت على محورها ملايين السنين ، ثم تكونت منها الشمس ، وبعد ملايين أخرى فصلت منها السيارات ومنها الأرض ، وبعد مئات الألوف انفصلت عنها الأقمار.

١٦٨

ولا شك أن هذه الحال بعينها ستعاد كرّة أخرى : أي إن الأرض والكواكب والشمس بعد ملايين السنين ستنحلّ مرة أخرى ويذوب ذلك الموجود كله ، ويتطاير فى الفضاء حقبة من الزمن ، ثم تعاد كرة أخرى وتكون شمس غير هذه الشمس وأرض غير هذه الأرض وسموات غير هذه السموات.

روى مسلم عن عائشة قالت «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن قوله : يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات ـ فأين يكون الناس يومئذ يا رسول الله؟ فقال : على الصراط».

وروى عن أبىّ بن كعب أنه قال فى معنى التبديل : إن الأرض تصير نيرانا.

وعلى الجملة فقد اتفق العلم الحديث مع الآيات والأحاديث على أن الأرض تصير نارا وأن الناس لا يكونون عليها ، بل هناك ما هو أعجب وهو ما روى عن ابن مسعود وأنس رضى الله عنهما من قولهما : يحشر الناس على أرض بيضاء لم يخطئ عليها أحد خطيئة ، ولا بدع فى أن تكون أرضا جديدة لم يسكنها أحد ، بل تخلق خلقا جديدا.

(وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) أي وخرجوا من قبورهم لحكم الله والوقوف بين يدى الواحد القهار ، فلا مستغاث لأحد إلى غيره ولا مستجار سواه.

وفى هذا من تهويل الخطب ما لا يخفى ، لأنهم إذا وقفوا عند ملك عظيم قهار لا يشاركه سواه فى سلطانه كانوا على خطر ، إذ لا منازع له ولا مغيث سواه.

وبعد أن وصف سبحانه نفسه بكونه قهارا ـ بين عجز المجرمين وذلتهم فقال :

(وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ. سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ) وصفهم سبحانه بحملة أمور :

(١) إنه يقرن بعضهم إلى بعضهم فى القيود ويضمّ كلّ إلى مشاركه فى كفره وعمله كما قال تعالى «وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ» وقال : «فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ» وفى الحديث : «أنت مع من أحببت».

١٦٩

(٢) إن قمصهم التي يلبسونها من قطران ، والمراد من ذلك أن جلود أهل النار تطلى بالقطران حتى يعود طلاؤها كالسرابيل ، ليجتمع عليهم أربعة ألوان من العذاب : لذع القطران وحرقته ، وإسراع اشتعال النار فى الجلود ، واللون الأسود الموحش ، وننن الريح.

(٣) إن وجوههم تعلوها النار ، وتحيط بها وتسعّر أجسامهم المسربلة بالقطران ، وإنما ذكرت الوجوه مع أن ذلك يكون لسائر الجسم ـ لكونها أعز الأعضاء الظاهرة وأشرفها.

ونظير الآية قوله : «أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ» وقوله : «يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ».

(لِيَجْزِيَ اللهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ) أي فعل الله ذلك بهم جزاء وفاقا بما كسبوا فى الدنيا من الآثام ، لكى يثيب كل نفس بما كسبت من خير أو شر ، فيجزى المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته.

(إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) فيحاسب جميع العباد فى أسرع من لمح البصر ، ولا يشغله حساب عن حساب : كما لا يشغله رزق زيد عن رزق عمرو.

(هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ) أي هذا القرآن الكريم بلاغ للناس ، أبلغ الله به إليهم فى الحجة ، وأعذر إليهم بما أنزل فيه من مواعظه وعبره.

(وَلِيُنْذَرُوا بِهِ) عقاب الله ويحذروا به نقمته.

(وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ) أي وليعلموا بما احتج به عليهم من الحجج فيه ، إنما هو اله واحد لا آلهة شتى كما يقول المشركون بالله ، وهو الذي سخر لهم الشمس والقمر ، والليل والنهار ، وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لهم.

(وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ) أي وليتذكروا ويتعظوا بما احتج الله به من الحجج ، فيزدجروا عن أن يجعلوا معه إلها غيره ، وفى تخصيص التذكر بأولى الألباب إعلاء لشأنهم ، وإيماء إلى أنهم هم أهل النظر والاعتبار.

١٧٠

وجملة القول : إنه سبحانه جعل لهذا البلاغ ثلاث فوائد هى الحكمة من إنزال الكتب والرسل :

(١) إن الرسل يخوّفون الناس عقاب الله وينذرونهم بأسه ، ليكمّلوهم بمعرفة ربهم وتقواه والعمل على طاعته.

(٢) إن الناس ترتقى قوتهم النظرية إلى منتهى كما لها ، بتوحيد الخالق والاعتراف بأنه مدبر الكون والمسيطر عليه.

(٣) إنهم يستصلحون قوتهم العملية بتدرعهم بلباس التقوى.

فذلكة لمحتويات السورة

(١) هداية الناس إلى معرفة ربهم الخالق للسموات والأرض.

(٢) دم الكافرين الذين يستحبون الدنيا ويصدّون عن الدين القويم.

(٣) بيان أن الرسل إنما يرسلون بلغات أقوامهم ، ليسهل عليهم فهم الأوامر والنواهي.

(٤) التذكير بأيام الله ببيان ما حدث للرسل مع أقوامهم ، ليكون فى ذلك تسلية لرسوله ، وما هدد به الأمم رسلهم من الإخراج والنفي من الديار.

(٥) وعيد الكافرين على كفرهم وذكر ما يلقونه من العذاب ، وضرب الأمثلة لذلك.

(٦) وعد المؤمنين بجنات تجرى من تحتها الأنهار ، وضرب المثل لذلك.

(٧) دعوة إبراهيم ربه أن يجنبه وبنيه عبادة الأصنام التي أضلت كثيرا من الناس ، ثم شكره على ما وهبه من الأولاد على كبر سنه ، ثم طلبه المغفرة منه له ولوالديه وللمؤمنين يوم العرض والحساب.

١٧١

(٨) بيان أن تأخير العذاب عن المجرمين ليوم معلوم إنما كان لحكمة اقتصت ذلك ، وحينئذ يرون من الذلة والصغار وسوء العذاب ما يجل عنه الوصف.

ثم تفسير هذا الجزء بحلوان من أرباض القاهرة فى صبيحة يوم الأحد لثلاثين من شهر ربيع الثاني من سنة ثلاث وستين وثلاثمائة وألف من الهجرة النبوية.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه الكرام.

١٧٢

فهرست

أهم المباحث العامة التي فى هذا الجزء

تولية يوسف رئيسا لحكومة مصر.................................................. ٤

اللغة التي كلم بها يوسف ملك مصر............................................... ٥

الجهل وسوء تدبير الثروة أضاعا كثيرا من الممالك الشرقية فى القرون الأخيرة........... ٦

جىء بيوسف مملوكا فأصبح مالكا ذا نفوذ.......................................... ٧

لما ولى يوسف الوزارة ساس البلاد سياسة رشيدة وقت البلاد شر المجاعات.............. ٩

فى سفر التكوين أنه استنبأهم عن أنفسهم متنكرا لهم............................... ١١

طلب من إخوته إحضار أخيه الشقيق............................................. ١٢

ممانعة الأب فى إرسال الأخ ثم الإذن لهم بذلك..................................... ١٣

أخذه العهد والميثاق عليهم....................................................... ١٥

مقابلتهم ليوسف بعد إحضار الأخ وحسن معاملته لهم.............................. ١٩

سرقة الصواع................................................................. ٢٠

قضت الحكمة الإلهية عقاب إخوة يوسف بما فرطوا فى يوسف....................... ٢١

أصح ما قيل فى سرقة يوسف.................................................... ٢٣

تشاورهم فيما يفعلون عند رجوعهم إلى أبيهم..................................... ٢٦

لم يصدقهم يعقوب فى المعاذير التي أبدوها فى عدم رجوع الأخ معهم................. ٢٧

سبب ما أصاب يعقوب من ابيضاض عينيه........................................ ٢٨

نصيحة أولاد يعقوب له على حزنه الممضّ........................................ ٢٩

كان لدى يعقوب إلهام بأن يوسف لا يزال حيا.................................... ٣٠

لم لم يعرّف يوسف إخوته بنفسه بادئ بدء؟...................................... ٣٤

١٧٣

تمثل النبي صلى الله عليه وسلّم حين فتح مكة بقول يوسف لا تثريب عليكم اليوم...... ٣٥

كيف شم يعقوب رائحة يوسف................................................. ٣٩

تأويل رؤيا يوسف من قبل...................................................... ٤١

خرّ يعقوب وأولاده سجدا ليوسف............................................... ٤٣

طلب يوسف من ربه حسن الخاتمة............................................... ٤٥

فى ذكر قصص يوسف إثبات لنبوة محمد صلى الله عليه وسلّم....................... ٤٦

التوسل إلى الله بصالح عباده..................................................... ٥٠

الحكمة فى إبهام وقت الساعة.................................................... ٥١

الدين الإسلامى دين حجة وبرهان لا دين تقليد وتسليم............................ ٥٢

أرسل الله من البشر رسلا من قبل محمد فكيف يعجبون من رسالته عليه السلام؟...... ٥٣

نصر الله رسله ينزل حين ضيق الحال وانتظار الفرج................................ ٥٥

فى قصص يوسف عبرة لذوى البصائر............................................ ٥٦

اهتدى المسلمون بهدى القرآن فامتلكوا أكثر المعمور............................... ٦١

الأدلة على وجود الله ووحدانيته وقدرته.......................................... ٦٣

تفكروا فى آلاء الله ولا تتفكروا فى الله............................................ ٦٧

إنكار المشركين للبعث.......................................................... ٧٠

طلبهم من النبي صلى الله عليه وسلّم آية غير القرآن................................ ٧٢

الرسول نذير لا جبار مسيطر.................................................... ٧٣

أقصى المدة التي يبقى فيها الجنين حيا فى الرحم..................................... ٧٥

فى قوله عالم الغيب والشهادة دليل على وجود عوالم لا ترى بالعين المجردة كالجرائيم التي أثبتها العلم حديثا ٧٥

١٧٤

المرء بين أربعة أملاك بالليل وأربعة بالنهار......................................... ٧٧

ليس أمر الحفظة ببعيد من العقل بعد أن كشف العلم أن كثيرا من الأعمال العامة يمكن إحصاؤها  ٧٧

الظلم مؤذن بخراب العمران..................................................... ٧٨

وفد عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم وما كان من أمرهما ٨١

كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم إذا سمع صوت الرعد تغير لونه حتى يعرف ذلك فى وجهه     ٨٢

تأنيب المشركين على اتخاذ الشركاء.............................................. ٨٥

من عنده مسكة من عقل لا يعبد ما لا يضر ولا ينفع............................... ٨٦

مثل الحق والباطل.............................................................. ٨٨

كان رسول الله يأتى المقابر فيقول : سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار........... ٩٥

جزاء ناقضى العهد والميثاق...................................................... ٩٦

لا تعلق لبسطة الرزق بإيمان ولا كفر............................................. ٩٨

طلبهم من الرسول آية غير القرآن................................................ ٩٩

ليس محمد ببدع من الرسل ولا قومه بأول المكذبين............................... ١٠٢

ليس ما اقترحوه من الآيات مما تقتضيه الحكمة................................... ١٠٥

اصبر أيها الرسول كما صبر أولو العزم من الرسل................................ ١٠٦

ليس هناك من دليل عقلى ولا نقلى على وجود الشركاء.......................... ١٠٨

مهام الرسالة................................................................. ١١٢

إنكار اليهود على النبي صلى الله عليه وسلّم كثرة الزوجات مع ذكر الحكمة فى ذلك. ١١٣

لا تأتى المعجزات إلا على مقتضى الحكمة....................................... ١١٤

لكل أجل كتاب لا يعدوه..................................................... ١١٤

١٧٥

مثل الدنيا مثل مصنع رتبت أعماله على نهج معين لا تغيير فيه ولا تبديل............ ١١٥

على الرسول البلاغ وعلى الله الحساب.......................................... ١١٧

لا معقب لحكم الله........................................................... ١١٨

الله هو خالق الأكوان ، والمنفرد بالعظمة والسلطان............................... ١٢٤

الإنسان يجب أن يكون فى هذه الحياة بين صبر وشكر............................ ١٢٩

كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه................. ١٣٣

ما أعد الله لعباده السعداء من الثواب............................................ ١٤٣

محاورة بين الشيطان وأتباعه.................................................... ١٤٥

مآل المتقين جنات النعيم....................................................... ١٤٦

مثل الكلمة الطيبة والكلمة الخبيثة.............................................. ١٤٧

فائدة ضرب الأمثال........................................................... ١٤٩

سؤل الملكين فى القبر.......................................................... ١٥٠

الأمر بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة............................................... ١٥٤

نعم الله على عباده............................................................ ١٥٦

وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها................................................. ١٥٧

دعاء إبراهيم بجعل مكة بلدا آمنا............................................... ١٥٨

الدعاء سنة طبيعية............................................................ ١٦٠

إجابة دعاء إبراهيم........................................................... ١٦١

سيطلب المجرمون العودة إلى الدنيا وهيهات هيهات............................... ١٦٤

وصف حال المجرمين فى ذلك اليوم.............................................. ١٦٥

حال مشركى قومك كحال من سبقهم......................................... ١٦٧

يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات........................................ ١٦٨

سيكون المجرمون مقرنين فى الأصفاد والسلاسل.................................. ١٦٩

١٧٦