السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]
المحقق: جواد القيّومي الاصفهاني
الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ٢
ISBN: 964-424-300-5
الصفحات: ٥١٥
الْمَعْرُوفِ الَّذِي لا يَنْقَطِعُ أَبَداً.
يا مُقَيِّضَ (١) الرَّكْبِ لِيُوسُفَ فِي الْبَلَدِ الْقَفْرِ ، وَمُخْرِجَهُ مِنَ الْجُبِّ ، وَجاعِلَهُ بَعْدَ الْعُبُودِيَّةِ مَلِكاً ، يا رادَّ يُوسُفَ عَلى يَعْقُوبَ بَعْدَ أَنْ ابْيَضَّتْ عَيْناه مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (٢).
يا كاشِفَ الضُّرِّ وَالْبَلاءِ عَنْ أَيُّوبَ ، يا مُمْسِكَ يَدِ إِبْراهِيمَ عَنْ ذَبْحِ ابْنِهِ بَعْدَ كِبَرِ سِنِّهِ وَفَناءِ عُمْرِهِ ، يا مَنِ اسْتَجابَ لِزَكَرِيّا فَوَهَبَ لَهُ يَحْيى وَلَمْ يَدَعْهُ فَرْداً وَحِيداً ، يا مَنْ أَخْرَجَ يُونُسَ مِنْ بَطْنِ الْحُوتِ ، يا مَنْ فَلَقَ الْبَحْرَ لِبَنِي إِسْرائِيلَ فَأَنْجاهُمْ وَجَعَلَ فِرْعَوْنَ وَجُنُودَهُ مِنَ الْمُغْرَقِينَ.
يا مَنْ أَرْسَلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ، يا مَنْ لا يُعَجِّلُ (٣) عَلى مَنْ عَصاهُ مِنْ خَلْقِهِ ، يا مَنِ اسْتَنْقَذَ السَّحَرَةَ مِنْ بَعْدِ طُولِ الْجُحُودِ (٤) ، وَقَدْ غَدَوْا فِي نِعْمَتِهِ ، يَأْكُلُونَ رِزْقَهُ ، وَيَعْبُدُونَ غَيْرَهُ ، وَقَدْ حادُّوهُ وَنادُّوهُ ، وَكَذَّبُوا رُسُلَهُ.
يَا اللهُ يا بَدِيءُ لا بَدْءَ لَكَ ، يا دائِماً لا نَفادَ (٥) لَكَ ، يا حَيُّ يا قَيُّومُ ، يا مُحْيِي الْمَوْتَى ، يا مَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ ، يا مَنْ قَلَّ لَهُ شُكْرِي فَلَمْ يَحْرِمْنِي ، وَعَظُمَتْ خَطِيئَتِي فَلَمْ يَفْضَحْنِي ، وَرَآنِي عَلَى الْمَعاصِي فَلَمْ يَخْذُلْنِي (٦).
يا مَنْ حَفِظَنِي فِي صِغَرِي ، يا مَنْ رَزَقَنِي فِي كِبَرِي ، يا مَنْ أَيادِيهِ (٧) عِنْدِي لا تُحْصى ، يا مَنْ نِعَمُهُ عِنْدِي لا تُجازى ، يا مَنْ عارَضَنِي بِالْخَيْرِ وَالإِحْسانِ ، وَعارَضْتُهُ بِالإِساءَةِ وَالْعِصْيانِ ، يا مَنْ هَدانِي بِالإِيْمانِ قَبْلَ أَنْ أَعْرِفَ شُكْرَ الامْتِنانِ.
__________________
(١) مقيّض : مقدّر.
(٢) الكظيم بمعنى المكظوم وهو المملوّ كربا.
(٣) لم يعجل ( خ ل ).
(٤) جحد : أنكر.
(٥) النفاد : الانقطاع.
(٦) فلم يخزني ( خ ل ) ، وفي البلد الأمين : فلم يشهرني.
(٧) أياديه : نعمائه.
يا مَنْ دَعَوْتُهُ مَرِيضاً فَشَفانِي ، وَعُرْياناً فَكَسانِي ، وَجائِعاً فَأَطْعَمَنِي ، وَعَطْشاناً فَأَرْوانِي ، وَذَلِيلاً فَأَعَزَّنِي ، وَجاهِلاً فَعَرَّفَنِي ، وَوَحِيداً فَكَثَّرَنِي ، وَغائِباً فَرَدَّنِي ، وَمُقِلًّا فَأَعْنانِي ، وَمُنْتَصِراً فَنَصَرَنِي ، وَغَنِيّاً فَلَمْ يَسْلُبْنِي ، وَأَمْسَكْتُ عَنْ جَمِيعِ ذلِكَ فَابْتَدَأَنِي.
فَلَكَ الْحَمْدُ يا مَنْ أَقالَ عَثْرَتِي ، وَنَفَّسَ كُرْبَتِي ، وَأَجابَ دَعْوَتِي ، وَسَتَرَ عَوْرَتِي وَذُنُوبِي ، وَبَلَّغَنِي طَلِبَتِي ، وَنَصَرَنِي عَلى عَدُوِّي ، وَإِنْ أَعُدَّ نِعَمَكَ وَمِنَنَكَ وَكَرائِمَ مِنَحِكَ (١) لا أُحْصِيها يا مَوْلايَ.
أَنْتَ الَّذِي أَنْعَمْتَ ، أَنْتَ الَّذِي أَحْسَنْتَ ، أَنْتَ الَّذِي أَجْمَلْتَ ، أَنْتَ الَّذِي أَفْضَلْتَ ، أَنْتَ الَّذِي مَنَنْتَ ، أَنْتَ الَّذِي أَكْمَلْتَ ، أَنْتَ الَّذِي رَزَقْتَ ، أَنْتَ الَّذِي أَعْطَيْتَ ، أَنْتَ الَّذِي أَغْنَيْتَ ، أَنْتَ الَّذِي أَقْنَيْتَ ، أَنْتَ الَّذِي آوَيْتَ ، أَنْتَ الَّذِي كَفَيْتَ.
أَنْتَ الَّذِي هَدَيْتَ ، أَنْتَ الَّذِي عَصَمْتَ ، أَنْتَ الَّذِي سَتَرْتَ ، أَنْتَ الَّذِي غَفَرْتَ. أَنْتَ الَّذِي أَقَلْتَ ، أَنْتَ الَّذِي مَكَّنْتَ ، أَنْتَ الَّذِي أَعْزَزْتَ ، أَنْتَ الَّذِي أَعَنْتَ ، أَنْتَ الَّذِي عَضَدْتَ ، أَنْتَ الَّذِي أَيَّدْتَ ، أَنْتَ الَّذِي نَصَرْتَ ، أَنْتَ الَّذِي شَفَيْتَ ، أَنْتَ الَّذِي عافَيْتَ ، أَنْتَ الَّذِي أَكْرَمْتَ ، تَبارَكْتَ رَبِّي (٢) وَتَعالَيْتَ ، فَلَكَ الْحَمْدُ دائِماً ، وَلَكَ الشُّكْرُ واصِباً (٣).
ثُمَّ أَنَا يا إِلهِي الْمُعْتَرِفُ بِذُنُوبِي فَاغْفِرْها لِي ، أَنَا الَّذِي أَخْطَأْتُ ، أَنَا الَّذِي أَغْفَلْتُ ، أَنَا الَّذِي جَهِلْتُ ، أَنَا الَّذِي هَمَمْتُ ، أَنَا الَّذِي سَهَوْتُ ، أَنَا الَّذِي اعْتَمَدْتُ ، أَنَا الَّذِي تَعَمَّدْتُ ، أَنَا الَّذِي وَعَدْتُ ، أَنَا الَّذِي أَخْلَفْتُ ، أَنَا الَّذِي نَكَثْتُ ، أَنَا الَّذِي أَقْرَرْتُ.
__________________
(١) المنحة : العطية.
(٢) ربنا ( خ ل ).
(٣) واجبا ( خ ل ) ، أقول : واصبا : دائما.
إِلهِي (١) أَعْتَرِفُ بِنِعْمَتِكَ عِنْدِي ، وَأَبُوؤُهُ (٢) بِذُنُوبِي فَاغْفِرْ لِي ، يا مَنْ لا تضُرُّهُ ذُنُوبُ عِبادِهِ ، وَهُوَ الْغَنِيُّ عَنْ طاعَتِهِمْ ، وَالْمُوَفِّقُ مَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ صالِحاً بِمَعُونَتِهِ وَرَحْمَتِهِ ، فَلَكَ الْحَمْدُ.
إِلهِي أَمَرْتَنِي فَعَصَيْتُكَ ، وَنَهَيْتَنِي فَارْتَكَبْتُ نَهْيَكَ ، فَأَصْبَحْتُ لا ذا بَراءَةٍ فَأَعْتَذِرُ ، وَلا ذا قُوَّةٍ فَأَنْتَصِرُ ، فَبِأَيِّ شَيْءٍ أَسْتَقْبِلُكَ (٣) يا مَوْلايَ ، أَبِسَمْعِي أَمْ بِبَصَرِي ، أَمْ بِلِسانِي أَمْ بِيَدِي أَمْ بِرِجْلِي؟ أَلَيْسَ كُلُّها نِعَمَكَ عِنْدِي ، وَبِكُلِّها عَصَيْتُكَ يا مَوْلايَ ، فَلَكَ الْحُجَّةُ وَالسَّبِيلُ عَلَيَّ.
يا مَنْ سَتَرَنِي مِنَ الآباءِ وَالأُمَّهاتِ أَنْ يَزْجُرُونِي ، وَمِنَ الْعَشائِرِ وَالإِخْوانِ أَنْ يُعَيِّرُونِي ، وَمِنَ السَّلاطِينِ أَنْ يُعاقِبُونِي ، وَلَوِ اطَّلَعُوا يا مَوْلايَ عَلى مَا اطَّلَعْتَ عَلَيْهِ مِنِّى ، إِذاً ما أَنْظَرُونِي وَلَرَفَضُونِي وَقَطَعُونِي.
فَها أَنَا ذا بَيْنَ يَدَيْكَ يا سَيِّدِي ، خاضِعاً ذَلِيلاً حَقِيراً (٤) ، لا ذُو بَراءَةٍ فَأَعْتَذِرُ ، وَلا ذُو قُوَّةٍ فَأَنْتَصِرُ ، وَلا حُجَّةٍ لِي فَأَحْتَجَّ بِها ، وَلا قائِلٌ لَمْ أَجْتَرِحْ (٥) وَلَمْ أَعْمَلْ سُوءاً.
وَما عَسَى الْجُحُودُ لَوْ جَحَدْتُ يا مَوْلايَ فَيَنْفَعُنِي (٦) ، وَكَيْفَ وَأَنَّى ذلِكَ وَجَوارِحِي كُلُّها شاهِدَةٌ عَلَيَّ بِما قَدْ [ عَمِلْتُ وَ ] (٧) عَلِمْتُ يَقِيناً غَيْرَ ذِي شَكٍّ أَنَّكَ سائِلِي عَنْ عَظائِمِ الأُمُورِ.
وَأَنَّكَ الْحَكَمُ الْعَدْلُ الَّذِي لا يَجُورُ ، وَعَدْلُكَ مُهْلِكِي ، وَمِنْ كُلِّ عَدْلِكَ مَهْرَبِي ، فَانْ تُعَذِّبْنِي فَبِذُنُوبِي يا مَوْلايَ (٨) بَعْدَ حُجَّتِكَ عَلَيَّ ، وَإِنْ تَعْفُ عَنِّي
__________________
(١) أنا يا الهي ( خ ل ).
(٢) أبوء به : اعترف به.
(٣) أستقيلك ( خ ل ).
(٤) حصيرا حقيرا ( خ ل ).
(٥) اجترح الشيء : اكتسبه.
(٦) ينفعني ( خ ل ).
(٧) من البلد الأمين.
(٨) يا إلهي ( خ ل ).
فَبِحِلْمِكَ وَجُودِكَ وَكَرَمِكَ.
لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُسْتَغْفِرِينَ ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ ، لا إِلهَ إِلاَّ انْتَ سُبْحانَكَ انِّي كُنْتُ مِنَ الْوَجِلِينَ ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الرَّاجِينَ الرَّاغِبِينَ ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ السَّائِلِينَ ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُهَلِّلِينَ الْمُسَبِّحِينَ ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ رَبِّي وَرَبُّ آبائِيَ الْأَوَّلِينَ.
اللهُمَّ هذا ثَنائِي عَلَيْكَ مُمَجِّداً ، وَإِخْلاصِي لَكَ مُوَحِّداً ، وَإِقْرارِي بِآلائِكَ مُعَدِّداً ، وَإِنْ كُنْتُ مُقِرّاً أَنِّي لا أُحْصِيها لِكَثْرَتِها وَسُبُوغِها ، وَتَظاهُرِها وَتَقادُمِها ، إِلى حادِثٍ ما لَمْ تَزَلْ تَتَغَمَّدُنِي بِهِ مَعَها ، مُذْ خَلَقْتَنِي وَبَرَأْتَنِي مِنْ أَوَّلِ الْعُمْرِ ، مِنَ الإِغْناءِ بَعْدَ الْفَقْرِ وَكَشْفِ الضُّرِّ ، وَتَسْبِيبِ الْيُسْرِ ، وَدَفْعِ الْعُسْرِ ، وَتَفْرِيجِ الْكَرْبِ ، وَالْعافِيَةِ فِي الْبَدَنِ وَالسَّلامَةِ فِي الدِّينِ.
وَلَوْ رَفَدَنِي (١) عَلى قَدْرِ ذِكْرِ نِعَمِكَ عَلَيَّ جَمِيعُ الْعالَمِينَ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالاخِرِينَ ، لَما قَدَرْتُ وَلا هُمْ عَلى ذلِكَ ، تَقَدَّسْتَ وَتَعالَيْتَ مِنْ رَبٍّ عَظِيمٍ كَرِيمٍ رَحِيمٍ ، لا تُحْصى آلاؤُكَ ، وَلا يَبْلُغُ ثَناؤُكَ ، وَلا تُكافِئ نَعْماؤُكَ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَتْمِمْ عَلَيْنا نِعْمَتَكَ ، وَأَسْعِدْنا بِطاعَتِكَ سُبْحانَكَ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ.
اللهُمَّ إِنَّكَ تُجِيبُ دَعْوَةَ الْمُضْطَرِّ إِذا دَعاكَ ، وَتَكْشِفُ السُّوءَ ، وَتُغِيثُ الْمَكْرُوبَ ، وَتَشْفِي السَّقِيمَ ، وَتُغْنِي الْفَقِيرَ ، وَتَجْبُرُ الْكَسِيرَ ، وَتَرْحَمُ الصَّغِيرَ ، وَتُعِينُ الْكَبِيرَ ، وَلَيْسَ دُونَكَ ظَهِيرٌ ، وَلا فَوْقَكَ قَدِيرٌ ، وَأَنْتَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ.
يا مُطْلِقَ الْمُكَبَّلِ الْأَسِيرِ ، يا رازِقَ الطِّفْلِ الصَّغِيرِ ، يا عِصْمَةَ الْخائِفِ الْمُسْتَجِيرِ ، يا مَنْ لا شَرِيكَ لَهُ وَلا وَزِيرَ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَعْطِنِي
__________________
(١) رفده : أعانه.
فِي هذِهِ الْعَشِيَّةِ أَفْضَلَ ما أَعْطَيْتَ ، وَأَنَلْتَ أَحَداً مِنْ عِبادِكَ مِنْ نِعْمَةٍ تُوَلِّيها ، وَآلاءٍ تُجَدِّدُها ، وَبَلِيَّةٍ تَصْرِفُها ، وَكُرْبَةٍ تَكْشِفُها ، وَدَعْوَةٍ تَسْمَعُها ، وَحَسَنَةٍ تَتَقَبَّلُها ، وَسَيِّئَةٍ تَغْفِرُها ، إِنَّكَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ، وَعَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
اللهُمَّ إِنَّكَ أَقْرَبُ مَنْ دُعِيَ ، وَأَسْرَعُ مَنْ أَجابَ ، وَأَكْرَمُ مَنْ عَفى ، وَأَوْسَعُ مَنْ أَعْطى ، وَأَسْمَعُ مَنْ سُئِلَ ، يا رَحْمانَ الدُّنْيا وَالاخِرَةِ وَرَحِيمَهُما ، لَيْسَ كَمِثْلِكَ مَسْئُولٌ ، وَلا سِواكَ مَأْمُولٌ ، دَعَوْتُكَ فَأَجَبْتَنِي ، وَسَأَلْتُكَ فَأَعْطَيْتَنِي ، وَرَغِبْتُ إِلَيْكَ فَرَحِمْتَنِي ، وَوَثِقْتُ بِكَ فَنَجَّيْتَنِي ، وَفَزِعْتُ إِلَيْكَ فَكَفَيْتَنِي.
اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَنَبِيِّكَ وَعَلى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ أَجْمَعِينَ ، وَتَمِّمْ لَنا نَعْماءَكَ ، وَهَنِّئْنا عَطاءَكَ وَاجْعَلْنا لَكَ شاكِرِينَ ، وَلِآلائِكَ ذاكِرِينَ ، آمِينَ رَبَّ الْعالَمِينَ.
اللهُمَّ يا مَنْ مَلِكَ فَقَدَرَ ، وَقَدَرَ فَقَهَرَ ، وَعُصِيَ فَسَتَرَ ، وَاسْتُغْفِرَ فَغَفَرَ ، يا غايَةَ رَغْبَةِ الرَّاغِبِينَ ، وَمُنْتَهى أَمَلِ الرَّاجِينَ ، يا مَنْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً ، وَوَسِعَ الْمُسْتَقْبِلِينَ (١) رَأْفَةً وَحِلْماً.
اللهُمَّ إِنَّا نَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ فِي هذِهِ الْعَشِيَّةِ الَّتِي شَرَّفْتَها وَعَظَّمْتَها بِمُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ وَرَسُولِكَ وَخِيَرَتِكَ ، وَأَمِينِكَ عَلى وَحْيِكَ ، اللهُمَّ صَلِّ عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرِ ، السِّراجِ الْمُنِيرِ ، الَّذِي أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ، وَجَعَلْتَهُ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ.
اللهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ كَما مُحَمَّدٌ أَهْلُ ذلِكَ يَا عَظِيمُ ، فَصَلِّ عَلَيْهِ وَعَلى آلِ مُحَمَّدٍ الْمُنْتَجَبِينَ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ أَجْمَعِينَ ، وَتَغَمَّدْنا بِعَفْوِكَ عَنَّا ، فَالَيْكَ عَجَّتِ (٢) الْأَصْواتُ بِصُنُوفِ اللُّغاتِ ، وَاجْعَلْ لَنا فِي هذِهِ الْعَشِيَّةِ نَصِيباً فِي كُلِّ خَيْرٍ تَقْسِمُهُ ، وَنُورٍ تَهْدِي بِهِ ، وَرَحْمَةٍ تَنْشُرُها ، وَعافِيَةٍ تُجَلِّلُها ، وَبَرَكَةٍ تُنْزِلُها ، وَرِزْقٍ تَبْسُطُهُ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
اللهُمَّ اقْلِبْنا فِي هذا الْوَقْتِ مُنْجِحِينَ مُفْلِحِينَ مَبْرُورينَ غانِمِينَ ،
__________________
(١) في البلد الأمين والبحار : المستقيلين.
(٢) عجّت : ارتفعت.
وَلا تَجْعَلْنا مِنَ الْقانِطِينَ ، وَلا تُخْلِنا مِنْ رَحْمَتِكَ وَلا تَحْرِمْنا ما نُؤَمِّلُهُ مِنْ فَضْلِكَ ، وَلا تَرُدَّنا خائِبِينَ ، وَلا مِنْ (١) بابِكَ مَطْرُودِينَ ، وَلا تَجْعَلْنا مِنْ رَحْمَتِكَ مَحْرُومِينَ ، وَلا لِفَضْلِ ما نُؤَمِّلُهُ مِنْ عَطاياكَ قانِطِينَ ، يا أَجْوَدَ الْأَجْوَدِينَ وَيا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ.
اللهُمَّ إِلَيْكَ أَقْبَلْنا مُوقِنِينَ (٢) ، وَلِبَيْتِكَ الْحَرامِ آمِّينَ قاصِدِينَ ، فَأَعِنَّا عَلى مَنْسَكِنا وَأَكْمِلْ لَنا حَجَّنا ، وَاعْفُ اللهُمَّ عَنَّا وَعافِنا ، فَقَدْ مَدَدْنا إِلَيْكَ أَيْدِيَنا ، وَهِيَ بِذِلَّةِ الاعْتِرافِ مَوْسُومَةٌ ، اللهُمَّ فَأَعْطِنا فِي هذِهِ الْعَشِيَّةِ ما سَأَلْناكَ ، وَاكْفِنا مَا اسْتَكْفَيْناكَ ، فَلا كافِيَ لَنا سِواكَ وَلا رَبَّ لَنا غَيْرُكَ ، نافِذٌ فِينا حُكْمُكَ ، مُحِيطٌ بِنا عِلْمُكَ ، عَدْلٌ فِينا قَضاؤُكَ ، اقْضِ لَنا الْخَيْرَ وَاجْعَلْنا مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ.
اللهُمَّ أَوْجِبْ لَنا بِجُودِكَ عَظِيمَ الْأَجْرِ ، وَكَرِيمَ الذُّخْرِ وَدَوامَ الْيُسْرِ ، وَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا أَجْمَعِينَ ، وَلا تُهْلِكْنا مَعَ الْهالِكِينَ ، وَلا تَصْرِفْ عَنَّا رَأْفَتَكَ ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، اللهُمَّ اجْعَلْنا فِي هذا الْوَقْتِ مِمَّنْ سَأَلَكَ فَأَعْطَيْتَهُ ، وَشَكَرَكَ فَزِدْتَهُ ، وَتابَ إِلَيْكَ فَقَبِلْتَهُ ، وَتَنَصَّلَ (٣) إِلَيْكَ مِنْ ذُنُوبِهِ فَغَفَرْتَها لَهُ ، يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، اللهُمَّ وَفِّقْنا وَسَدِّدْنا وَاعْصِمْنا وَاقْبَلْ تَضَرُّعَنا.
يا خَيْرَ مَنْ سُئِلَ ، وَيا أَرْحَمَ مَنِ اسْتُرْحِمَ ، يا مَنْ لا يَخْفى عَلَيْهِ إِغْماضُ الْجُفُونِ ، وَلا لَحْظِ الْعُيُونِ ، وَلا مَا اسْتَقَرَّ فِي الْمَكْنُونِ ، وَلا مَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ مُضْمِراتُ الْقُلُوبِ ، الا كُلُّ ذلِكَ قَدْ أَحْصاهُ عِلْمُكَ ، وَوَسِعَهُ حِلْمُكَ.
سُبْحانَكَ وَتَعالَيْتَ عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوّاً كَبِيراً ، تُسَبِّحُ لَكَ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ ، وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ ، فَلَكَ الْحَمْدُ وَالْمَجْدُ ، وَعُلُوُّ الْجِدِّ ، يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، وَالْفَضْلِ وَالإِنْعامِ وَالْأَيادِي الْجِسامِ وَأَنْتَ
__________________
(١) عن ( خ ل ).
(٢) مؤمنين ( خ ل ).
(٣) تنصّل : تبرّأ.
الْجَوادُ الْكَرِيمُ ، الرَّءُوفُ الرَّحِيمُ ، أَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ ، وَعافِنِي فِي بَدَنِي وَدِينِي ، وَآمِنْ خُوفِي ، وَأَعْتِقْ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ.
اللهُمَّ لا تمكرْ بِي وَلا تَسْتَدْرِجْنِي وَلا تَخْذُلْنِي ، وَادْرَءْ (١) عَنِّي شَرَّ فَسَقَةِ الْجِنِّ وَالانْسِ ، يا أَسْمَعَ السَّامِعِينَ ، وَيا أَبْصَرَ النَّاظِرِينَ ، وَيا أَسْرَعَ الْحاسِبِينَ ، وَيا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ.
وَأَسْأَلُكَ اللهُمَّ حاجَتِيَ الَّتِي إِنْ أَعْطَيْتَنِيها لَمْ يَضُرَّنِي ما مَنَعْتَنِي ، وَإِنْ مَنَعْتَنِيها لَمْ يَنْفَعْنِي ما أَعْطَيْتَنِي ، أَسْأَلُكَ فَكاكَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ ، لَكَ الْمُلْكُ ، وَلَكَ الْحَمْدُ ، وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِ (٢).
ومن الدعوات في يوم عرفة دعاء مولانا زين العابدين علي بن الحسين عليهالسلام ، وهو من أدعية الصحيفة :
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، اللهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ بَدِيعَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، وَإِلهَ كُلِّ شَيْءٍ مَأْلُوهٍ (٣) ، وَخالِقَ كُلِّ شَيْءٍ مَخْلُوقٍ ، وَوارِثَ كُلِّ شَيْءٍ ، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ، وَلا يَعْزُبُ (٤) عَنْهُ عِلْمُ شَيْءٍ ، وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبٌ.
أَنْتَ اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، الْأَحَدُ الْمُتَوَحِّدُ ، الْفَرْدُ ، الدَّائِمُ الْمُتَفَرِّدُ ، وَأَنْتَ اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، الْكَرِيمُ الْمُتَكَرِّمُ ، الْعَظِيمُ الْمُتَعَظِّمُ ، الْكَبِيرُ الْمُتَكَبِّرُ ، وَأَنْتَ اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ ، الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ، وَأَنْتَ اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ، الْقَدِيمُ الْخَبِيرُ.
__________________
(١) ادرء : أسقط.
(٢) المألوه : المعبود من دونه تعالى.
(٣) لا يعزب : لا يغيب.
(٤) عنه البحار ٩٨ : ٢١٦ ـ ٢٢٧ ، أخرجه الكفعمي في البلد الأمين : ٢٥١ ـ ٢٥٨ ، أقول : يوجد هنا في بعض النسخ المخطوطة زيادة ، ولا يوجد في النسخة المعتبرة من الكتاب.
وَأَنْتَ اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، الْكَرِيمُ الاكْرَمُ ، الدَّائِمُ الادْوَمُ (١) ، وَأَنْتَ اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، الْأَوَّلُ قَبْلَ كُلِّ احَدٍ ، وَالْآخِرُ بَعْدَ كُلِّ عَدَدٍ ، وَأَنْتَ اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، الدَّانِي (٢) فِي عُلُوِّهِ ، وَالْعالِي فِي دُنُوِّهِ ، وَأَنْتَ اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، أَنْشَأْتَ الأَشْياءَ مِنْ غَيْرِ سِنْخٍ (٣) وَصَوَّرْتَ ما صَوَّرْتَ مِنْ غَيْرِ مِثالٍ ، وَابْتَدَأْتَ الْمُبْتَدَعاتِ بِلَا احْتِذاءٍ (٤).
وَأَنْتَ اللهُ الَّذِي قَدَّرْتَ كُلَّ شَيْءٍ تَقْدِيراً ، وَيَسَّرْتَ كُلَّ شَيْءٍ تَيْسِيراً ، وَدَبَّرْتَ ما دَبَّرْتَ تَدْبِيراً ، أَنْتَ الَّذِي لَمْ يُعِنْكَ عَلى خَلْقِكَ شَرِيكٌ وَلَمْ يُوازِرْكَ (٥) فِي امْرِكَ وَزِيرٌ ، وَلَمْ يَكُنْ لَكَ مُشابِهٌ (٦) وَلا نَظِيرٌ.
أَنْتَ الَّذِي أَرَدْتَ فَكانَ حَتْماً ما أَرَدْتَ ، وَقَضَيْتَ فَكانَ عَدْلاً ما قَضَيْتَ ، وَحَكَمْتَ فَكانَ نِصْفاً (٧) ما حَكَمْتَ ، أَنْتَ الَّذِي لا يُحْوِيكَ (٨) مَكانٌ ، وَلا يَقُومُ (٩) لِسُلْطانِكَ سُلْطانٌ ، وَلَمْ يُعْيِكَ (١٠) بُرْهانٌ وَلا بَيانٌ ، أَحْصَيْتَ كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً ، وَجَعَلْتَ لِكُلِّ شَيْءٍ أَحَداً ، وَقَدَّرْتَ كُلِّ شَيْءٍ تَقْدِيراً.
أَنْتَ الَّذِي قَصُرَتِ الأَوْهامُ عَنْ كَيْفِيَّتِهِ وَلَمْ تُدْرِكِ الأَبْصارُ مَوْضِعَ انِّيَّتِهِ (١١) ، أَنْتَ الَّذِي لا تُحَدُّ فَتَكُونَ مَحْدُوداً ، وَلا تُمَثَّلُ فَتَكُونَ مَوْجُوداً (١٢) مَشْهُوداً ، وَلَمْ تَلِدْ فَتَكُونَ مَوْلُوداً.
__________________
(١) وأنت الله لا إله إلاّ أنت العلي المتعال الشديد المحال ( خ ل ).
(٢) الداني : القريب.
(٣) السنخ : الأصل.
(٤) بلا احتذاء : بلا اقتداء.
(٥) يؤازرك : يعاونك.
(٦) مشاهد ( خ ل ).
(٧) نصفا : عدلا.
(٨) يحويك : يضمّك ويجمعك.
(٩) لم يقم ( خ ل ).
(١٠) يعيك : يعجزك.
(١١) كيفيتك ، أينيتك ( خ ل ).
(١٢) ممثلا ( خ ل ).
أَنْتَ الَّذِي لا ضِدَّ لَكَ [ فَيُعانِدُكَ ] (١) وَلا عِدْلَ (٢) لَكَ فَيُكاثِرُكَ ، وَلا نِدَّ لَكَ فَيُعارِضُكَ ، أَنْتَ الَّذِي ابْتَدَأَ وَاخْتَرَعَ ، وَاسْتَحْدَثَ ، وَابْتَدَعَ ، وَاحْسَنَ صُنْعَ ما صَنَعَ.
سُبْحانَكَ مِنْ لَطِيفٍ ما أَلْطَفَكَ ، وَرَءُوفٍ ما ارْافَكَ ، وَعَلِيمٍ (٣) ما اعْرَفَكَ ، وَسُبْحانَكَ مِنْ مَنِيعٍ (٤) ما امْنَعَكَ ، وَجَوادٍ ما اوْسَعَكَ ، وَرَفِيعٍ ما ارْفَعَكَ (٥) ، سُبْحانَكَ بَسَطَتْ بِالْخَيْراتِ يَدُكَ ، وَعَرَفْتُ الْهِدايَةَ مِنْ عِنْدِكَ ، فَمَنْ الْتَمَسَكَ لِدِينٍ اوْ دُنْيا وَجَدَكَ.
سُبْحانَكَ خَضَعَ لَكَ وَمَنْ جَرى فِي عِلْمِكَ (٦) ، وَخَشَعَ لِعَظَمَتِكَ ما دُونَ عَرْشِكَ ، وَانْقادَ لِلتَّسْلِيمِ لَكَ كُلُّ خَلْقِكَ ، سُبْحانَكَ لا تُحَسُ (٧) وَلا تُمَسُّ ، وَلا تُكادُ وَلا تُماطُ (٨) ، وَلا تُغالَبُ وَلا تُنازَعُ ، وَلا تُجارى (٩) وَلا تُمارى ، (١٠) وَلا تُخادَعُ وَلا تُماكَرُ ، وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِكَ.
سُبْحانَكَ قَوْلُكَ حُكْمٌ ، وَقَضاؤُكَ حَتْمٌ ، وَإِرادَتُكَ عَزْمٌ ، فَسُبْحانَكَ لا رادَّ لِمَشِيَّتِكَ ، يا (١١) فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، بانِيَ الْمَسْمُوكاتِ (١٢) ، بارِئَ النَّسَماتِ (١٣).
__________________
(١) من الصحيفة السجادية.
(٢) عديل ( خ ل ) ، أقول : العدل : المثل والنظير.
(٣) حكيم ( خ ل ).
(٤) مليك ( خ ل ).
(٥) ذي البهاء والمجد والكبرياء والجمال ( خ ل ).
(٦) حوى علمك ( خ ل ).
(٧) لا تحس : لا تفحص إخبارك.
(٨) لا تحاط ( خ ل ) ، أقول : لا تماط : لا تدفع ولا تبعد.
(٩) لا تجاري : لا تطاول ولا تغالب.
(١٠) لا تماري : لا تجادل.
(١١) سبحانك باهر الآيات ( خ ل ).
(١٢) سمك الشيء : رفعه ، المسموكات : السماوات.
(١٣) بارئ النسمات : خالق النفوس.
لَكَ الْحَمْدُ حَمْداً يَدُومُ بِدَوامِكَ ، وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْداً خالِداً بِنِعْمَتِكَ (١) ، وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْداً يَزِيدُ عَلى رِضاكَ ، وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْداً مَعَ حَمْدِ كُلِّ حامِدٍ ، وَحَمْداً يَقْصُرُ عَنْهُ (٢) شُكْرُ كُلِّ شاكِرٍ ، حَمْداً لا يَنْبَغِي إِلاَّ لَكَ وَلا يُتَقَرَّبُ إِلاَّ إِلَيْكَ.
حَمْداً يُسْتَدامُ بِهِ الْأَوَّلُ وَيُسْتَدْعى بِهِ دَوامُ الْآخِرِ ، حَمْداً يَتَضاعَفُ عَلى كُرُورِ الْأَيّامِ ، وَيَتَزايَدُ أَضْعافاً مُتَرادِفَةً (٣) ، حَمْداً يَعْجُزُ عَنْ إِحْصائِهِ الْحَفَظَةُ ، وَيَزِيدُ عَلى ما احْصَتْهُ فِي كِتابِكَ الْكَتَبَةُ ، حَمْداً يُوازِنُ عَرْشَكَ الْمَجِيدَ وَيُعادِلُ كُرْسِيَّكَ الرَّفِيعَ.
حَمْداً يَكْمُلُ لَدَيْكَ ثَوابُهُ ، وَيَسْتَغْرِقُ كُلَّ جَزاءٍ جَزاؤُهُ ، حَمْداً ظاهِرُهُ وِفْقٌ لِباطِنِهِ ، وَباطِنُهُ وِفْقٌ لِصِدْقِ النِّيَّةِ فِيهِ ، حَمْداً لَمْ يَحْمِدْكَ خَلْقٌ مِثْلُهُ ، وَلا يَعْرِفُ أَحَدٌ سِواكَ فَضْلَهُ ، حَمْداً يَعْجُزُ (٤) مَنِ اجْتَهَدَ فِي تَعْدِيدِهِ ، وَيَزِيدُ عَلى مَنِ ادَّعى فِي تَرْفِيَتِهِ (٥).
حَمْداً يَجْمَعُ ما خَلَقْتَ مِنَ الْحَمْدِ ، وَيَنْتَظِمُ ما أَنْتَ خالِقُهُ مِنْ بَعْدُ ، حَمْداً لا حَمْدَ اقْرَبُ الى قَوْلِكَ مِنْهُ ، وَلا حَمْدَ مِمَّنْ يَحْمِدُكَ بِهِ ، حَمْداً يُوجِبُ بِكَرَمِكَ الْمَزِيدَ بِوُفُورِهِ ، تَصِلُهُ بَمَزِيدٍ (٦) بَعْدَ مَزِيدٍ طَوْلاً مِنْكَ ، حَمْداً يَجِبُ لِكَرَمِ وَجْهِكَ وَيُقابِلُ عِزَّ جَلالِكَ.
رَبِّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الْمُنْتَجَبِ (٧) الْمُصْطَفى ، الْمُكَرَّمِ الْمُقَرَّبِ ، افْضَلَ صَلَواتِكَ ، وَبارِكْ عَلَيْهِ أَتَمَّ بَرَكاتِكَ ، وَتَرَحَّمْ عَلَيْهِ اسْبَغَ (٨) رَحَماتِكَ.
__________________
(١) يوازي بنعمتك ( خ ل ).
(٢) حمدا ينقضي عنه ( خ ل ).
(٣) مترادفة : متتابعة.
(٤) يعان ( خ ل ).
(٥) في الصحيفة : يؤيد من أغرق نزعا في توفيته.
(٦) يصادف مزيدا ( خ ل ).
(٧) المنتجب : المنتخب.
(٨) امتع ( خ ل ).
رَبِّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ صَلاةً زاكِيَةً (١) لا تَكُونُ صَلاةً أَزْكَى مِنْها ، وَصَلِّ عَلَيْهِ وَآلِهِ صَلاةً راضِيَةً لا تَكُونُ صَلاةً أَرْضى مِنْها ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ صَلاةً تُرْضِيهِ وَتَزِيدُ عَلى رِضاكَ لَهُ ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ صَلاةً تُجاوِزُ رِضْوانَكَ وَيَتَّصِلُ اتِّصالُها بِبَقاءِكَ (٢) وَلا يُنْفَدُ كَما لا يَنْفَدُ كَلِماتُكَ.
وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ صَلاةً تَنْتَظِمُ صَلَواتِ مَلائِكَتِكَ وَأَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ ، وَاهْلِ طاعَتِكَ ، وَتَجْتَمِعُ عَلى صَلَواتِ عِبادِكَ مِنْ جِنِّكَ وَانْسِكَ وَاهْلِ طاعَتِكَ ، وَتَشْتَمِلُ عَلى صَلاةِ كُلِّ مَنْ ذَرَأْتَ وَبَرَأْتَ مِنْ أَصْنافِ خَلْقِكَ ، وَصَلِّ عَلَيْهِ صَلاةً تُحِيطُ بِكُلِّ صَلاةٍ سالِفَةٍ وَمُسْتَأْنِفَةٍ (٣).
صَلِّ اللهُمَّ عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ صَلاةً مَرْضِيَّةً لَكَ وَلِمَنْ دُونَكَ ، وَتُنْشِئُ مَعَ ذلِكَ صَلَواتٍ تُضاعِفُ مَعَها تِلْكَ الصَّلَواتُ عِنْدَها ، وَتَزِيدُها عَلى كُرُورِ الأَيّامِ ، زِيادَةً فِي تَضاعِيف لا يَعُدُّها (٤) غَيْرُكَ.
اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ أَطايِبِ اهْلِ بَيْتِهِ الَّذِينَ اخْتَرْتَهُمْ لَامْرِكَ ، وَجَعَلْتَهُمْ خَزَنَةَ عِلْمِكَ ، وَحَفَظَةَ دِينِكَ ، وَخُلَفاءِكَ فِي ارْضِكَ ، وَحُجَجِكَ عَلى عِبادِكَ ، وَطَهَّرْتَهُمْ مِنَ الرِّجْسِ وَالدَّنَسِ تَطْهِيراً بِإِرادَتِكَ ، وَجَعَلْتَهُمُ الْوَسِيلَةَ الَيْكَ وَالْمَسْلَكَ الى جَنَّتِكَ.
رَبِّ صَلِّ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ صَلاةً تُجْزِلُ (٥) لَهُمْ بِها مِنْ نِحَلِكَ (٦) وَكَرامَتِكَ وَنِعَمِكَ ، وَتُكْمِلُ (٧) لَهُمْ بِهَا الْأَسْنى (٨) مِنْ عَطاياكَ وَنَوافِلِكَ ، (٩) وَتُوَفِّرُ عَلَيْهِمُ
__________________
(١) زاكية : تامة مباركة.
(٢) بدوامك ( خ ل ).
(٣) مستأنفة : مبتدئة.
(٤) لا يحصيها ( خ ل ).
(٥) تجزل : تكثر.
(٦) تحفك ، نحلتك ( خ ل ) ، أقول : نحلك : عطياتك.
(٧) تكمل لهم بها الأشياء ( خ ل ).
(٨) أسنى : أعلى وارفع.
(٩) نوافلك : هباتك وغنائمك.
الْحَظَّ مِنْ عَوائِدِكَ وَفَوائِدِكَ.
رَبِّ صَلِّ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ صَلاةً زِنَةَ عَرْشِكَ وَما دُونَهُ ، وَمِلءَ سَماواتِكَ وَما فَوْقَهُنَ (١) ، وَعَدَدَ أَرَضِيكَ وَما تَحْتَهُنَّ وَما بَيْنَهُنَّ ، صَلاةً تُقَرِّبِهُمْ مِنْكَ زُلْفى ، وَتَكُونُ لَهُمْ (٢) رِضى وَمُتَّصِلَةً بِنَظائِرِهِنَّ ابَداً.
اللهُمَّ انَّكَ ايَّدْتَ دِينَكَ فِي كُلِّ أَوانٍ بِإِمامٍ اقَمْتَهُ عَلَماً لِعِبادِكَ ، وَمَناراً فِي بِلادِكَ ، بَعْدَ انْ وَصَلْتَ حَبْلَهُ بِحَبْلِكَ ، وَجَعَلْتَهُ الذَّرِيعَةَ الى رِضْوانِكَ ، وَافْتَرَضْتَ طاعَتَهُ ، وَحَذَّرْتَ مَعْصِيَتَهُ ، وَامَرْتَ بِامْتِثالِ امْرِهِ (٣) وَالانْتِهاءِ عِنْدَ نَهْيِهِ ، وَانْ لا يَتَقَدَّمَهُ مُتَقَدِّمٌ ، وَلا يَتَأَخَّرَ عَنْهُ مُتَأَخِّرٌ ، فَهُوَ عِصْمَةُ اللاّئِذِينَ ، وَكَهْفُ الْمُؤْمِنِينَ ، وَعُرْوَةُ الْمُسْتَمْسِكِينَ (٤) ، وَبَهاءُ (٥) الْعالَمِينَ.
اللهُمَّ فَاوْزِعْ لِوَلِيِّكَ شُكْرَ ما أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيْهِ ، وَأَوْزِعْنا مِثْلَهُ فِيهِ ، وَآتِهِ مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً ، وَافْتَحْ لَهُ فَتْحاً يَسِيراً ، وَاعِنْهُ بِرُكْنِكَ الأَعَزِّ ، وَاشْدُدْ ازْرَهُ ، وَقَوِّ عَضُدَهُ ، وَراعِهِ بِعَيْنِكَ ، وَاحْمِهِ بِحِفْظِكَ ، وَانْصُرْهُ بِمَلائِكَتِكَ وَامْدُدْهُ بِجُنْدِكَ الاغْلَبِ.
وَاقِمْ بِهِ كِتابَكَ وَحُدُودَكَ وَشَرائِعَكَ ، وَسُنَنَ نَبِيِّكَ وَرَسُولِكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ السَّلامُ (٦) ، وَاحْيِ بِهِ ما أَماتَهُ الظَّالِمُونَ ، مِنْ مَعالِمِ دِينِكَ ، وَاجْلُ (٧) بِهِ صَداءَ الْجَوْرِ عَنْ طَريقِكَ ، وَابِنْ بِهِ الضَّراءَ عَنْ سَبِيلِكَ ، وَازِلْ بِهِ النَّاكِبِينَ (٨) عَنْ صِراطِكَ ، وَامْحَقْ (٩) بِهِ بُغاةَ قَصْدِكَ عِوَجاً ، وَالِنْ جانِبَهُ لأوْلِياءِكَ ، وَابْسُطْ يَدَهُ
__________________
(١) ما دونهن ( خ ل ).
(٢) لك ولهم ( خ ل ).
(٣) أوامره ( خ ل ).
(٤) المتمسّكين ( خ ل ).
(٥) زين ( خ ل ).
(٦) ورسوله صلواتك اللهم عليه ( خ ل ).
(٧) أجل : اكشف.
(٨) الناكبين : العادلين عن القصد.
(٩) أمحق : امح وأهلك.
عَلى أَعْداءِكَ ، وَهَبْ لَنا رَأْفَتَهُ وَرَحْمَتَهُ ، وَتَعَطُّفَهُ وَتَحَنُّنَهُ ، وَاجْعَلْنا لَهُ سامِعِينَ طائِعِينَ (١) ، وَفِي رِضاهُ ساعِينَ ، وَالى نُصْرَتِهِ وَالْمُدافَعَةِ عَنْهُ مُكْنِفِينَ (٢) ، وَالَيْكَ وَالى رَسُولِكَ صَلَواتُكَ اللهُمَّ عَلَيْهِ وَآلِهِ بِذلِكَ مُتَقَرِّبِينَ.
اللهُمَّ صَلِ (٣) عَلَيْهِمْ وَعَلى أَوْلِيائِهِمُ الْمُعْتَرِفِينَ بِمَقامِهِمْ ، الْمُتَّبِعِينَ مَنْهَجَهُمْ ، الْمُقْتَفِينَ آثارَهُمْ ، الْمُتَمَسِّكِينَ بِعُرْوَتِهِمْ ، الْمُؤْتَمِّينَ بِإِمامَتِهِمْ ، الْمُسَلِّمِينَ لَامْرِهِمْ ، الْمُجْتَهِدِينَ فِي طاعَتِهِمْ ، الْمُنْتَظِرِينَ ايَّامَهُمْ الْمادِّينَ الَيْهِمْ اعْيُنَهُمْ ، وَاحْفَظْهُمْ بِالصَّلَواتِ الْمُبارَكاتِ الزَّاكِياتِ (٤).
وَصَلِ (٥) عَلَيْهِمْ وَعَلى أَرْواحِهِمْ ، وَاجْمَعْ عَلَى التَّقْوَى امْرَهُمْ ، وَاصْلِحْ لَهُمْ شُؤُونَهُمْ (٦) ، وَتُبْ عَلَيْهِمْ انَّكَ انْتَ التوَّابُ الرَّحِيمُ وَخَيْرُ الْغافِرِينَ ، وَاجْعَلْنا مَعَهُمْ فِي دارِ السَّلامِ ، بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
اللهُمَّ وَهذا يَوْمُ عَرَفَةَ ، يَوْمٌ كَرَّمْتَهُ وَشَرَّفْتَهُ (٧) وَعَظَّمْتَهُ ، وَنَشَرْتَ فِيهِ رَحْمَتَكَ ، وَمَنَنْتَ فِيهِ بِعَفْوِكَ ، وَاجْزَلْتَ فِيهِ عَطِيَّتَكَ ، وَتَفَضَّلْتَ فِيهِ عَلى عِبادِكَ.
اللهُمَّ وَأَنا عَبْدُكَ الَّذِي انْعَمْتَ بِهِ عَلَيْهِ (٨) قَبْلَ خَلْقِكَ لَهُ وَبَعْدَ خَلْقِكَ إِيَّاهُ ، فَجَعَلْتَهُ مِمَّنْ هَدَيْتَهُ لِدِينِكَ ، وَوَفَّقْتَهُ لِحَقِّكَ ، وَعَصَمْتَهُ بِحَبْلِكَ ، وَادْخَلْتَهُ فِي حِزْبِكَ ، وَارْشَدْتَهُ لِمُوالاةِ أَوْلِياءِكَ ، وَمُعاداةِ أَعْداءِكَ ، ثُمَّ امَرْتَهُ فَلَمْ يَأْتَمِرْ ، وَزَجَرْتَهُ (٩) فَلَمْ يَنْزَجِرْ ، وَنَهَيْتَهُ عَنْ مَعْصِيَتِكَ ، فَخالَفَ امْرَكَ الى نَهْيِكَ ، لا مُعانِدَةً لَكَ ، وَلا اسْتِكْباراً عَلَيْكَ.
__________________
(١) مطيعين ( خ ل ).
(٢) مكتفين ( خ ل ) ، أقول : مكنفين : معينين ومحيطين.
(٣) وصل ( خ ل ).
(٤) الناميات الغاديات الرائحات ( خ ل ).
(٥) وصل وسلم ( خ ل ).
(٦) الشأن : الأمر والحال.
(٧) شرفته وكرمته ( خ ل ).
(٨) أنعمت عليه ( خ ل ).
(٩) زجرته : منعته.
بَلْ دَعاهُ هَواهُ الى ما نَهَيْتَهُ وَالى ما حَذَّرْتَهُ ، وَأَعانَهُ عَلى ذلِكَ عَدُوُّكَ وَعَدُوُّهُ ، فَاقْدَمَ عَلَيْهِ خائِفاً لِوَعِيدِكَ (١) ، راجِياً لِعَفْوِكَ ، واثِقاً بِتَجاوُزِكَ ، وَكانَ أَحَقَّ عِبادِكَ مَعَ ما انْعَمْتَ بِهِ عَلَيْهِ (٢) انْ لا يَفْعَلَ.
فَها انَا ذا بَيْنَ يَدَيْكَ صاغِراً (٣) ، خاضِعاً خاشِعاً خائِفاً ، مُعْتَرِفاً بِعَظِيمٍ مِنَ الذُّنُوبِ تَحَمَّلْتُهُ ، وَجَلِيلٍ مِنَ الْخَطايا اجْتَرَمْتُهُ (٤) ، مُسْتَجِيراً بِصَفْحِكَ ، لائِذاً بِرَحْمَتِكَ ، مُوقِناً انَّهُ لا يُجِيرُنِي مِنْكَ مُجِيرٌ ، وَلا يَمْنَعُنِي مِنْكَ مانِعٌ.
فَعُدْ عَلَيَّ بِما تَعُودُ بِهِ عَلى مَنِ اقْتَرَفَ (٥) مِنْ تَغَمُّدِكَ ، وَجُدْ عَلَيَّ بِما تَجُودُ بِهِ عَلى مَنْ أَلْقى بِيَدِهِ الَيْكَ مِنْ عَفْوِكَ ، وَامْنُنْ عَلَيَّ بِما لا يَتَعاظَمُكَ انْ تَمُنَّ بِهِ عَلى مَنْ أَمَّلَكَ مِنْ غُفْرانِكَ ، وَاجْعَلْ لِي فِي هذا الْيَوْمِ نَصِيباً أَنالُ بِهِ حَظّاً مِنْ رِضْوانِكَ ، وَلا تَرُدَّنِي صِفْراً (٦) مِمَّا يَنْقَلِبُ بِهِ الْمُعْتَذِرُونَ الَيْكَ (٧).
فَانِّي وَانْ لَمْ اقَدِّمْ ما قَدَّمُوهُ مِنَ الصَّالِحاتِ ، فَقَدْ قَدَّمْتُ تَوْحِيدَكَ وَنَفْيَ الأَضْدادِ وَالأَنْدادِ وَالأَشْباهِ عَنْكَ ، وَأَتَيْتُكَ مِنَ الأَبْوابِ الَّتِي امَرْتَ انْ يُؤْتى مِنْها ، وَتَقَرَّبْتُ الَيْكَ بِما لا يُتَقَرَّبُ بِهِ احَدٌ مِنْكَ الاَّ بِالتَّقَرُّبِ بِهِ.
ثُمَّ اتَّبَعْتُ ذلِكَ بِالإِنابَةِ الَيْكَ وَالتَّذَلُّلِ وَالاسْتِكانَةِ (٨) لَكَ وَحُسْنِ الظَّنِّ بِكَ وَالثِّقَةِ بِما عِنْدَكَ ، وَشَفَعْتُهُ مِنْ رَجاءِكَ الَّذِي لا يَخِيبُ (٩) عَلَيْكَ بِهِ راجِيكَ ، وَسَأَلْتُكَ مَسْأَلَةَ الذَّلِيلِ الْحَقِيرِ (١٠) الْبائِسِ الصَّغِيرِ الْفَقِيرِ الْخائِفِ الْمُسْتَجِيرِ.
__________________
(١) عارفا لوعيدك ( خ ل ).
(٢) مننت عليه ( خ ل ).
(٣) ذليلا ( خ ل ).
(٤) اجترمته : عملته.
(٥) تعود على من أسرف ( خ ل ).
(٦) صفرا : خاليا.
(٧) المتعبدون لك من عبادك ( خ ل ).
(٨) استكان : خضع وذل.
(٩) قلّ ما يخيب ( خ ل ).
(١٠) الحقير الذليل ( خ ل ).
وَمَعَ ذلِكَ خِيفَةً وَتَضَرُّعاً ، وَتَعَوُّذاً ، لا مُتَعالِياً بِدالَّةِ (١) الْمُطِيعِينَ ، وَلا مُسْتَطِيلاً (٢) بِشَفاعَةِ الشَّافِعِينَ ، وَانَا بَعْدَ ذلِكَ أَقَلُّ الاقَلِّينَ وَأَذَلُّ الاذَلِّينَ وَمِثْلُ الذَّرَّةِ اوْ دُونَها ، فَيَا مَنْ لا يُعاجِلُ (٣) الْمُسِيئِينَ ، وَلا يُعافِصُ الْمُقْتَرِفِينَ (٤) ، وَيا مَنْ يَمُنُّ بِإِقالَةِ (٥) الْعاثِرِينَ ، وَيَتَفَضَّلُ إِنْظارَ الْخاطِئِينَ (٦).
انَا الْمُسِيءُ الْمُعْتَرِفُ الْخاطِئُ (٧) ، أَنَا الَّذِي اقْدَمُ عَلَيْكَ مُجْتَرِئاً ، أَنَا الَّذِي عَصاكَ مُتَعَمِّداً ، أَنَا الَّذِي اسْتَخْفى مِنْ خَلْقِكَ وَبارَزَكَ (٨) ، أَنَا الَّذِي لَمْ يَرْهَبْ سَطْوَتَكَ وَلَمْ يَخَفْ بَأْسَكَ (٩) ، انَا الْجانِي عَلى نَفْسِهِ ، انَا الْمُرْتَهِنُ بِبائِقَتِهِ (١٠) ، انَا الْقَلِيلُ الْحَباءُ ، انَا الطَّوِيلُ الْعَناءُ.
فَبِحَقِ (١١) مَنِ انْتَجَبْتَ مِنْ خَلْقِكَ وَمَنِ اصْطَفَيْتَ لِنَفْسِكَ ، وَبِحَقِّ مَنِ اخْتَرْتَ مِنْ بَرِيَّتِكَ وَمَنِ اجْتَبَيْتَ مِنْ عِبادِكَ ، وَبِحَقِّ مَنْ وَصَلْتَ (١٢) طاعَتَهُ بِطاعَتِكَ ، وَمَنْ جَعَلْتَ مَعْصِيَتَهُ كَمَعْصِيَتِكَ (١٣) ، وَبِحَقِّ مَنْ قَرَنْتَ مُوالاتَهُ بِمُوالاتِكَ ، وَمَنْ نُطْتَ مُعاداتَهُ بِمُعاداتِكَ.
تَغَمَّدْنِي فِي يَوْمِي هذا بِما تَغَمَّدْتَ بِهِ مَنْ حارَ الَيْكَ مُتَنَصِّلاً ، وَعاذَ بِاسْتِغْفارِكَ تائِباً ، وَتَوَلَّنِي بِهِ اهْلُ طاعَتِكَ ، وَالزُّلْفى لَدَيْكَ ، وَالْمَكانَةِ مِنْكَ ،
__________________
(١) بدالّة : بوثوق واتكال.
(٢) مستطيلا : مترفعا.
(٣) لم يعاجل ( خ ل ).
(٤) لم يغافص ( خ ل ) المترفين ( خ ل ).
(٥) الإقالة : المسامحة.
(٦) بإنظار : بإمهال.
(٧) العاثر ( خ ل ).
(٨) استحيي من عبادك وبارزك بالمعصية ( خ ل ).
(٩) بأسك : عذابك.
(١٠) نفسي ، ببلية ( خ ل ).
(١١) بحق ( خ ل ).
(١٢) وصلت : قرنت.
(١٣) ـ معصيتك ( خ ل ).
وَتَوَحَّدْنِي (١) بِما تَتَوَحَّدُ بِهِ مَنْ وَفا بِعَهْدِكَ ، وَأَتْعَبَ نَفْسَهُ فِي ذاتِكَ ، وَأَجْهَدَها فِي مَرْضاتِكَ.
وَلا تُؤَاخِذْنِي بِتَفْرِيطِي فِي جَنْبِكَ وَتَعَدِّي طَوْرِي (٢) فِي حُدُودِكَ وَمُجاوَزَةِ أَحْكامِكَ ، وَلا تَسْتَدْرِجْنِي بِإِمْلائِكَ (٣) لِي اسْتِدْراجَ مَنْ يَمْنَعُنِي (٤) خَيْرَ ما عِنْدَهُ ، وَنَبِّهْنِي مِنْ رَقْدَةِ الْغافِلِينَ ، وَسَنَةِ الْمُسْرِفِينَ ، وَنَعْسَةِ الْمَخْذُولِينَ.
وَخُذْ بِقَلْبِي الى مَا اسْتَعْمَلْتَ بِهِ الطَّائِعِينَ (٥) ، وَاسْتَعْبَدْتَ بِهِ الْمُتَعَبِّدِينَ ، وَاسْتَنْقَذْتَ بِهِ الْمُتَهاوِنِينَ ، وَاعِذْنِي مِمَّا يُباعِدُنِي عَنْكَ ، وَيَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَ حَظِّي مِنْكَ ، وَيَصُدُّنِي عَمَّا أُحاوِلُ لَدَيْكَ.
وَسَهِّلْ لِي مَسْلَكَ الْخَيْراتِ الَيْكَ ، وَالْمُسابَقَةِ إِلَيْها مِنْ حَيْثُ امَرْتَ ، وَالْمُسارَعَةِ (٦) فِيها عَلى ما ارَدْتَ ، وَلا تَمْحَقْنِي فِيمَنْ تَمْحَقُ مِنَ الْمُسْتَخِفِّينَ بِما اوْعَدْتَ ، وَلا تُهْلِكْنِي مَعَ مَنْ تُهْلِكُ مِنَ الْمُتَعَرِّضِينَ لِمَقْتِكَ ، وَلا تُتَبِّرْنِي فِيمَنْ تُتَبِّرُ (٧) مِنَ الْمُنْحَرِفِينَ عَنْ سَبِيلِكَ (٨).
وَنَجِّنِي مِنْ غَمَراتِ الْفِتْنَةِ ، وَخَلِّصْنِي مِنْ هَفَواتِ (٩) الْبَلْوَى ، وَاجِرْنِي مِنْ اخْذِ الإِمْلاءِ ، وَحُلْ بَيْنِي وَبَيْنَ عَدُوٍّ يُضِلُّنِي ، وَهَوىً يُوبِقُنِي (١٠) ، وَمَنْقَصَةً تَرْهَقُنِي (١١) ، وَلا تُعْرِضْ عَنِّي إِعْراضَ مَنْ لا تَرْضى عَنْهُ بَعْدَ غَضَبِكَ ، وَلا تُؤْيِسْنِي مِنَ الأَمَلِ فِيكَ فَيَغْلِبَ عَلَيَّ الْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَتِكَ ، وَلا تَمْتَحِنِّي بِما لا طاقَةَ لِي
__________________
(١) توحدني : خصّني.
(٢) تعدّي طوره : تجاوز حده.
(٣) املاءك : إمهالك.
(٤) منعني ( خ ل ).
(٥) القانتين ( خ ل ).
(٦) المشاحة ( خ ل ) ، المشاحّة : المنافسة.
(٧) تبرني فيمن تبير ( خ ل ) ، أقول : تتبرني : تدمّرني.
(٨) سبلك ( خ ل ).
(٩) لهوات ( خ ل ).
(١٠) يوبقني : يهلكني.
(١١) ترهقني : تغشاني.
بِهِ فَتَبْهَظُنِي (١) بِما تُحَمِّلُنِيهِ مِنْ فَضْلِ مَحَبَّتِكَ.
وَلا تُرْسِلْنِي مِنْ يَدِكَ إِرْسالَ مَنْ لا خِيَرَةَ فِيهِ ، وَلا حاجَةَ بِكَ إِلَيْهِ ، وَلا إِنابَةَ لَهُ ، وَلا تَرْمِ بِي رَبِّي مَنْ سَقَطَ مِنْ عَيْنِ رَعايَتِكَ ، وَمَنِ اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْخِزْيُ مِنْ عِنْدِكَ ، بَلْ خُذْ بِيَدِي مِنْ سَقَطَةِ الْمُتَرَدِّينَ وَوَهْلَةِ الْمُتَعَسِّفِينَ (٢) وَزَلَّةِ الْمَغْرُورِينَ وَوَرَطَةِ الْهالِكِينَ.
وَعافِنِي مِمَّا ابْتَلَيْتَ بِهِ طَبَقاتُ عَبِيدِكَ وَإِماءِكَ ، وَبَلِّغْنِي مَبالِغَ مَنْ عَنَيْتَ بِهِ وَانْعَمْتَ عَلَيْهِ ، فَاعَشْتَهُ حَمِيداً وَتَوَفَّيْتَهُ سَعِيداً ، وَطَوِّقْنِي طَوْقَ الإِقْلاعِ عَمَّا يَحْبِطُ الْحَسَناتِ وَيُذْهِبُ بِالْبَرَكاتِ.
وَاشْعِرْ قَلْبِي الازْدِجارَ (٣) عَنْ قَبائِحِ السَّيِّئاتِ وَفَواضِحِ الْحُوباتِ (٤) ، وَلا تَشْغَلْنِي بِما لا ادْرِكُهُ الاَّ بِكَ عَمَّا لا يُرْضِيكَ عَنِّي غَيْرُهُ ، وَانْزَعْ مِنْ قَلْبِي حُبَّ دُنْيا دَنِيَّةٍ يَقْطَعُنِي (٥) عَمَّا عِنْدَكَ ، وَيَصُدُّنِي عَنْ ابْتِغاءِ الْوَسِيلَةِ الَيْكَ وَيُذْهِلُنِي عَنِ التَّقَرُّبِ مِنْكَ وَالتَّفَرُّدِ (٦) بِمُناجاتِكَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ ، وَهَبْ لِي عِصْمَةً تُدْنِينِي مِنْ خَشْيَتِكَ ، وَتَقْطَعُنِي عَنْ رُكُوبِ مَحارِمِكَ ، وَتَفُكُّنِي عَنْ اسْرِ الْعَظائِمِ ، وَهَبْ لِيَ التَّطْهِيرَ مِنْ دَنَسِ الْعِصْيانِ ، وَاذْهِبْ عَنِّي دَرَنَ (٧) الْخَطايا ، وَسَرْبِلْنِي بِسِرْبالِ (٨) عافِيَتِكَ ، وَرَدِّنِي رِداءَ مُعافاتِكَ ، وَجَلِّلْنِي سَوابِغَ نَعْمائِكَ ، وَظاهِرْ عَلَيَّ بِفَضْلِكَ (٩) وَطَوْلِكَ ، وَايِّدْنِي بِتَوْفِيقِكَ وَتَسْدِيدِكَ (١٠).
__________________
(١) تبهظني : تثقلني.
(٢) المتعسّفين : السالكين على غير هداية.
(٣) الانزجار ( خ ل ).
(٤) فضائح ( خ ل ) ، أقول : الحوبات : الآثام والخطيئات.
(٥) تنهى ( خ ل ).
(٦) وزيّن لي التفرد ( خ ل ).
(٧) رين ( خ ل ).
(٨) السربال : القميص.
(٩) ظاهر لديّ فضلك ( خ ل ).
(١٠) سددني بتسديدك ( خ ل ) ، أقول : تسديدك : تقويمك.
وَاعِنِّي عَلى صالِحِ النِّيَّةِ وَمَرْضِيِّ الْقَوْلِ وَمُسْتَحْسِنِ الْعَمَلِ ، وَلا تَكِلْنِي الى حَوْلِي وَقُوَّتِي دُونَ حَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ ، وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ تَبْعَثُنِي لِلِقاءِكَ ، وَلا تَفْضَحْنِي بَيْنَ يَدَيْ أَوْلِياءِكَ ، وَلا تُنْسِنِي ذِكْرَكَ ، وَلا تُذْهِبْ عَنِّي شُكْرَكَ ، بَلْ الْزِمْنِيهِ فِي أَحْوالِ السَّهْوِ عِنْدَ غَفَلاتِ الْجاهِلِينَ (١).
وَاوْزِعْنِي انْ اثْنِي عَلَيْكَ بِما اوْلَيْتَنِيهِ (٢) ، وَاعْتَرِفُ بِما اسْدَيْتَهُ الَيَ (٣) ، وَاجْعَلْ رَغْبَتِي الَيْكَ فَوْقَ رَغْبَةِ الرَّاغِبِينَ ، وَحَمْدِي لَكَ فَوْقَ حَمْدِ الْحامِدِينَ ، وَلا تَخْذُلْنِي عِنْدَ فاقَتِي الَيْكَ ، وَلا تَهْتِكْنِي بِما اسْرَرْتُهُ (٤) لَدَيْكَ ، وَلا تُخَيِّبْنِي بِما جَنَيْتُ (٥) لَكَ.
فَانِّي مُسْلِمٌ (٦) ، اعْلَمُ انَّ الْحُجَّةَ لَكَ وَانْتَ أَوْلى بِالْفَضْلِ وَاعْوَدُ بِالإِحْسانِ ، وَاهْلُ التَّقْوى وَاهْلُ الْمَغْفِرَةِ ، وَانَّكَ بِانْ تَعْفُو أَوْلى مِنْكَ بِانْ تُعاقِبَ ، وَانَّكَ بِانْ تَسْتُرَ أَقْرَبُ مِنْكَ الى انْ تَشْهَرَ.
فَاحْيِنِي حَياةً طَيِّبَةً تَنْتَظِمُ بِكُلِّ ما أُرِيدُ وَتَبْلُغُ بِما (٧) أُحِبُّ مِنْ حَيْثُ لا آتِي ما تَكْرَهُ ، وَلا ارْتَكِبُ ما نَهَيْتَ عَنْهُ ، وَامِتْنِي مَيْتَةَ مَنْ يَسْعى نُورُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَاعِزَّنِي عِنْدَ خَلْقِكَ ، وَضَعْنِي (٨) إِذا خَلَوْتُ بِكَ ، وَارْفَعْنِي بَيْنَ عِبادِكَ ، وَاغْنِنِي عَمَّنْ هُوَ غَنِيٌّ عَنِّي ، وَزِدْنِي الَيْكَ فاقَةً وَفَقْراً.
وَاعِذْنِي مِنْ شَماتَةِ الأَعْداءِ وَمِنْ حُلُولِ الْبَلاءِ ، وَمِنَ الذُّلِّ وَالْعِناءِ ، وَتَغَمَّدْنِي فِيمَا اطْلَعْتَ عَلَيْهِ مِنِّي بِما يَتَغَمَّدُ بِهِ الْقادِرُ عَلَى الْبَطْشِ لَوْلا حِلْمُهُ ،
__________________
(١) الخاطئين ( خ ل ).
(٢) أوليتنيه : أعطيتنيه.
(٣) أبوء بما أسديت ، لالائك ( خ ل ).
(٤) لا تهلكني بما أسديته ( خ ل ).
(٥) لا يجبهني بما جبهت ، جنيت ( خ ل ).
(٦) فانّي لك مسلم ( خ ل ).
(٧) تنتظم بما ، تبلغ ما ( خ ل ).
(٨) ضعني : اجعلني متواضعا.
وَالاخْذِ عَلَى الْجَرِيرَةِ (١) لَوْ لا أَناتُهُ ، وَإِذا ارَدْتَ بِقَوْمٍ فِتْنَةً اوْ سُوءاً وَانَا فِيهِمْ ، فَنَجِّنِي مِنْهُمْ عَنْ إِرادَتِكَ ، وَإِذْ لَمْ تُقِمْنِي مَقامَ فَضِيحَةٍ فِي دُنْياكَ ، فَلا تُقِمْنِي مِثْلَهُ فِي آخِرَتِكَ.
وَاشْفَعْ (٢) لِي أَوائِلَ مِنَنِكَ بِأَواخِرِها وَقَدِيمَ فَوائِدِكَ بِحَوادِثِها ، وَلا تُمْدِدْ لِي (٣) مَدّاً يَقْسُوا مَعَهُ قَلْبِي وَلا تُقْرِعْنِي قارِعَةً (٤) يَذْهَبُ بِها (٥) بَهائِي ، وَلا تَسُمْنِي (٦) خَسِيسَةً يَصْفر بِها (٧) قَدْرِي ، وَلا تَرْعُنِي رَوْعَةً ابْلَسُ (٨) بِها ، وَلا تَخِفْنِي خِيفَةً اوْجَسُ (٩) بِها.
اجْعَلْ هَيْبَتِي (١٠) فِي وَعِيدِكَ ، وَحَذَرِي مِنْ إِعْذارِكَ وَإِنْذارِكَ ، وَرَهْبَتِي عِنْدَ تِلاوَةِ كِتابِكَ (١١) ، وَاعِنِّي بِانْقِطاعِي فِيهِ لِعِبادَتِكَ ، وَتَفَرُّدِي بِالتَّهَجُّدِ لَكَ ، وَتَجْرِيدِي عِنْدَ شُكْرِي لَكَ ، وَإِنْزالِ حَوائِجِي بِبابِكَ (١٢) ، وَمُنازَلَتِي إِيَّاكَ (١٣) فِي فَكاكِ رَقَبَتِي مِنْ نارِكَ ، وَإِجارَتِي مِمَّا فِيهِ أَهْلُها مِنْ عَذابِكَ.
وَلا تَذَرْنِي فِي طُغْيانِي عامِهاً (١٤) ، وَلا فِي غَمْرَتِي ساهِياً حَتّى حِينَ ، وَلا تَجْعَلْنِي عِظَةً لِمَنِ اتَّعَظَ ، وَلا نَكالاً لِمَنِ اعْتَبَرَ وَلا فِتْنَةً لِمَنْ نَظَرَ ، وَلا تَمْكُرْ بِي فِيمَنْ تَمْكُرُ بِهِ ، وَلا تَسْتَبْدِلْ بِي غَيْرِي ، وَلا تُغَيِّرْ لِي اسْماً ، وَلا تُبَدِّلْ لِي
__________________
(١) الجريرة : الجناية والذنب.
(٢) أخراك ( خ ل ) ، فاشفع ( خ ل ).
(٣) لا تمدد لي : لا تمهلني.
(٤) القارعة : الداهية.
(٥) لها ( خ ل ).
(٦) لا تسمني : لا تلزمني.
(٧) لها ( خ ل ).
(٨) أبلس : آيس.
(٩) أوجس : أحسّ.
(١٠) دونها ، بل اجعل ( خ ل ).
(١١) آياتك ( خ ل ).
(١٢) تجرّدي بسكوني إليك ، وانزالي في الآمال بك ( خ ل ).
(١٣) منازلتي إياك : مراجعتي إياك وسؤالي مرة بعد مرة.
(١٤) عامها : مترددا ومتحيرا.
جِسْماً ، وَلا تَتَّخِذْنِي هُزُواً لِخَلْقِكَ (١) ، وَلا تَجْعَلْنِي مُتَحَيِّراً إِلاَّ الَيْكَ ، وَلا مُتَّبِعاً إِلا لِمَرْضاتِكَ ، وَلا مُرْتَهِناً (٢) الاَّ بِالانْتِقامِ لَكَ.
وَاوْجِدْنِي بَرْدَ عَفْوِكَ وَرَوْحِكَ وَرَيْحانِكَ (٣) وَجَنَّةَ نَعِيمِكَ ، وَاذِقْنِي طَعْمَ الْفَراغِ لِما تُحِبُّ بِسَعَةٍ مِنْ سَعَتِكَ ، وَالاجْتِهادِ فِيمَا يُزْلِفُ لَدَيْكَ وَعِنْدَكَ ، وَاتْحِفْنِي بِتُحْفَةٍ مِنْ تُحَفاتِكَ.
وَاجْعَلْ تِجارَتِي رابِحَةً ، وَكَرَّتِي غَيْرَ خاسِرَةٍ ، وَاخِفْنِي مَكانَكَ (٤) ، وَشَوِّقْنِي الى لِقاءِكَ ، وَتُبْ عَلَيَّ تَوْبَةً نَصُوحاً لا تَبْقى (٥) مَعَها ذُنُوباً ، صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً ، وَلا تَذَرْ (٦) مَعَها (٧) عَلانِيَةً وَلا سَرِيرَةً ، وَانْزَعِ الْغِلَّ مِنْ صَدْرِي لِلْمُؤْمِنِينَ ، وَاعْطِفْ بِقَلْبِي عَلَى الْخاشِعِينَ ، وَكُنْ لِي كَما تَكُونُ لِلصَّالِحِينَ ، وَالْبِسْنِي حِلْيَةَ (٨) الْمُتَّقِينَ.
وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْغابِرِينَ ، وَذِكْراً باقِياً (٩) فِي الْآخِرِينَ ، وَتَمِّمْ لِي سُبُوغَ نِعْمَتِكَ عَلَيَّ ، وَظاهِرْ نَعْماكَ وَكَراماتِها (١٠) لَدَيَ (١١) ، وَسُقْ كَرائِمَ (١٢) مَواهِبِكَ الَيَّ ، وَجاوِرْ بِيَ الاطْيَبِينَ مِنْ أَوْلِياءِكَ فِي الْجِنانِ الَّتِي زَيَّنْتَها (١٣) لَاصْفِياءِكَ وَانْحَلْنِي شَرائِفَ نِحلِكَ (١٤) فِي الْمَقاماتِ الْمُعِدَّةِ لَاحِبّائِكَ.
__________________
(١) ولا سخريا لك ( خ ل ).
(٢) تبعا الا مرضاتك ولا ممتهنا ( خ ل ).
(٣) روحك وريحانك : رحمتك ورزقك الطيب.
(٤) مقامك ( خ ل ).
(٥) لا تبق ( خ ل ).
(٦) لا تذر : لا تترك.
(٧) بها ( خ ل ).
(٨) زينة ( خ ل ).
(٩) ناميا ( خ ل ).
(١٠) كراماتك ( خ ل ).
(١١) إملاء من فوائدك يدي ( خ ل ).
(١٢) الكرائم : النفائس.
(١٣) رتبتها ( خ ل ).
(١٤) نحلك : عطاياك.