ولنأخذ بالنقد على ما أفاده قدسسره من الأجوبة.
أمّا الأوّل : فيرد عليه ما أوردناه على الجواب الأوّل حرفاً بحرف فلا نعيد.
وأمّا الاستشهاد على ذلك بالآيات والروايات فغريب جداً ، لما سبق من أنّ الآيات والروايات قد نصّتا على خلاف ذلك ، وأمّا قوله تعالى : (إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)(١) فلا يكون مشعراً بذلك فضلاً عن الدلالة ، ضرورة أنّ مدلوله جزاء الناس بسبب الأعمال الصادرة منهم في الخارج ، وأمّا كونه من آثارها ولوازمها التي لا تتخلف عنها فلا يدل عليه بوجه أصلاً.
وأمّا قوله عليهالسلام : « إنّما هي أعمالكم ترد إليكم » (٢) فظاهر في تجسم الأعمال ، ولا يدل على أنّ العقاب ليس من معاقب خارجي ، بداهة أنّه لا تنافي بين الالتزام بتجسم الأعمال في الآخرة وكونه بيد الله تعالى وتحت اختياره.
وأمّا الثاني ، فيرد عليه ما تقدّم في ضمن البحوث السابقة (٣) من أنّ مجرد كون الفعل مسبوقاً بالارادة لا يصحح مناط اختياريته رغم أنّ الارادة بكافة مبادئها غير اختيارية من ناحية ، وكونها علّة تامّةً من ناحية اخرى ومنتهية [ إلى ] الارادة الأزلية من ناحية ثالثة ، بداهة أنّ الفعل والحال هذه كيف يعقل كونه اختيارياً. وعلى هذا الضوء فلا يمكن القول باستحقاق العقاب عليه ، لاستقلال العقل بقبح العقاب على الفعل الخارج عن الاختيار. فإذن هذا الجواب
__________________
(١) الطور ٥٢ : ١٦.
(٢) بحار الأنوار ٣ : ٩٠.
(٣) في ص ٣٩٥ وما بعدها.