الثاني : قد ورد في عدّة من الروايات (١) النهي عن الصلاة خلف المحدود والمجذوم والأبرص وولد الزنا والأعرابي ، فتدل على أنّ المتلبس بأحد هذه العناوين لايليق أن يتصدى هذا المنصب الكبير ، لعدم المناسبة بينهما. وبالأولوية القطعية تدل على أنّ المتلبس بالظلم وعبادة الوثن أولى بعدم اللياقة للجلوس على كرسي الخلافة ، لعلو المنصب وعظم المعصية ، بل إنّ المحدود بالحد الشرعي في زمان ما لا يليق للمنصب المزبور إلى الأبد وإن تاب بعد ذلك وصار من الأتقياء الخيار.
فقد أصبحت نتيجة ما ذكرناه حول الآية المباركة : أنّ الاستدلال بها على عدم لياقة عبدة الأوثان للخلافة أبداً لا يبتني على النزاع في وضع المشتق للأعم أو للمتلبس بالمبدأ.
بل ومن مطاوي ما ذكرناه يستبين أنّه لا تترتب ثمرة على النزاع في وضع المشتق أصلاً ، بيان ذلك : أنّ الظاهر من العناوين الاشتقاقية المأخوذة في موضوعات الأحكام أو متعلقاتها بنحو القضايا الحقيقية ، هو أنّ فعلية الأحكام تدور مدار فعليتها حدوثاً وبقاءً ، وبزوالها تزول لا محالة. وإن قلنا بأنّ المشتق موضوع للأعم ، فمن هذه الجهة لا فرق بينها وبين العناوين الذاتية.
نعم ، قد ثبت في بعض الموارد بمناسبة داخلية أو خارجية أنّ حدوث العنوان
__________________
(١) منها : حسنة زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام في حديث قال « قال أمير المؤمنين عليهالسلام : لايصلين أحدكم خلف المجذوم والأبرص والمجنون والمحدود وولد الزنا ، والأعرابي لايؤمّ المهاجرين » [ الوسائل ٨ : ٣٢٥ / أبواب صلاة الجماعة ب ١٥ ح ٦ ].
ومنها : صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام « أنّه قال : خمسة لا يؤمّون الناس ولا يصلّون بهم صلاة فريضة في جماعة : الأبرص والمجذوم وولد الزنا والأعرابي حتّى يهاجر ، والمحدود » [ الوسائل ٨ : ٣٢٤ / أبواب صلاة الجماعة ب ١٥ ح ٣ ] ، وما شاكلهما من الروايات.