لا يضر باستعماله فيه. أو قيل : هذا أسد ثمّ بان أنّه حيوان آخر. أو إذا رأى أحد شبحاً من بعيد ، وتخيل أنّه إنسان فقال : هذا انسان ثمّ ظهر أنّه ليس بانسان وهكذا ...
فاللفظ في أمثال هذه الموارد استعمل في معناه الموضوع له ، والتوسع إنّما هو في التطبيق والإسناد إمّا ادعاءً وتنزيلاً ، أو خطأً وجهلاً. وكذا المشتقات فان كلمة الجاري في مثل قولنا : النهر جارٍ ، أو الميزاب جارٍ ، قد استعملت في معناها الموضوع له وهو المتلبس بالجريان ، والمجاز إنّما هو في إسناد الجري إلى النهر أو الميزاب ، لا في الكلمة ، وهذا من دون فرق بين أن يكون مفهوم المشتق مركباً أو بسيطاً ، كما هو واضح.
ومن هنا يظهر ما في كلام الفصول (١) من أنّه يعتبر في صدق المشتق واستعماله فيما وضع له حقيقةً أن يكون الاسناد والتطبيق أيضاً حقيقياً ، فاستعمال المشتق في مثل قولنا : الميزاب جار ، ليس استعمالاً في معناه الحقيقي ، فانّ التلبّس والاسناد فيه ليس بحقيقي ، وذلك لأنّ ما ذكره قدسسره مبني على الخلط بين المجاز في الكلمة ، والمجاز في الاسناد ، بتخيل أنّ الثاني يستلزم الأوّل ، مع أنّ الأمر ليس كذلك ، فانّ كلمتي سائل وجار في مثل قولنا : الميزاب جار ، أو النهر سائل ، استعملتا في معناهما الموضوع له ، وهو المتلبس بالمبدأ فعلاً ، غاية الأمر تطبيق هذا المعنى على النهر أو الميزاب إنّما هو بنحو من التوسعة والعناية ، وهذا معنى مجاز في الاسناد دون الكلمة. فما أفاده قدسسره من اعتبار الاسناد الحقيقي في صدق المشتق حقيقة في غير محلّه.
يتلخص البحث حول الموضوعات المتقدمة في عدّة امور :
__________________
(١) الفصول الغروية : ٦٢.