الخصوصية وهكذا ، من دون أن تكون لها معانٍ مخصوصة قد وضعت بازائها (١).
ولكن هذا القول لا يمكن المساعدة عليه ، وذلك لأنّ الخصوصيات التي دلّت عليها الحروف والأدوات هي بعينها المعاني التي وضعت الحروف بازائها ، إذ المفروض أنّ تلك المعاني ليست ممّا تدلّ عليه الأسماء ، لعدم كونها مأخوذة في مفاهيمها ، فانحصر أن يكون الدال عليها هو الحروف ، ومن الواضح أنّ دلالتها عليها ليست إلاّمن جهة وضعها بازائها ، وعليه فلا معنى للقول بأ نّها لم توضع لمعنى وإنّما وضعت لكذا ، بل هذا يشبه الجمع بين المتناقضين. وعلى كل حال فبطلان هذا القول من الواضحات الأوّلية. ومنه ظهر حال المقيس عليه وهو حركات الاعراب بلا زيادة ونقيصة.
القول الثالث : ما اختاره جماعة من المحققين قدسسرهم وهو أنّ المعاني الحرفية والمفاهيم الاسمية متباينتان بالذات والحقيقة ، ولكنّهم اختلفوا في كيفية هذا التباين وما به الامتياز.
فقد ذهب شيخنا الاستاذ قدسسره إلى التباين بينهما بالايجادية والاخطارية بمعنى أنّ المفاهيم الاسمية بأجمعها مفاهيم إخطارية ومتقررة في عالم المفهومية ومستقلة بحد ذاتها وهويتها في ذلك العالم ، والمعاني الحرفية والمفاهيم الأدوية بأجمعها معان إيجادية في الكلام ولا تقرر لها في عالم المفهومية ولا استقلال بذاتها وحقيقتها.
وبيان ذلك : أنّ الموجودات في عالم الذهن كالموجودات في عالم العين ، فكما أنّ الموجودات في عالم العين على نوعين :
أحدهما : ما يكون له وجود مستقل بحد ذاته في ذلك العالم ، كالجواهر
__________________
(١) تشريح الاصول : ٤٠.