لا يجدي في دفع المحذور المزبور.
وأمّا الثالث ، فهو مبتنٍ على تجسم الأعمال ، وهو وإن كان غير بعيد نظراً إلى ما يظهر من بعض الآيات (١) والروايات (٢) إلاّ أنّ مردّه ليس إلى أنّ تلك الأعمال مادّة لصورة اخروية المفاضة من واهب الصور على شكل اللزوم بحيث يستحيل تخلّفها عنها ، بداهة أنّ التجسم بهذا المعنى مخالف صريح للكتاب والسنّة ، حيث إنّهما قد نصّا على أنّ العقاب بيده تعالى ، وله أن يعاقب وله أن يعفو.
وعلى الجملة : فالمجيب بهذا الجواب وإن كان يدفع مسألة قبح العقاب على الأمر الخارج عن الاختيار ، حيث إنّ العقاب على أساس ذلك صورة اخروية للأعمال الخارجية اللازمة لها الخارجة عن اختيار المعاقب الخارجي فلا يتصف بالقبح ، إلاّ أنّه لا يعالج مشكلة لزوم لغوية بعث الرسل وإنزال الكتب.
وقد تحصّل من جميع ما ذكرناه في نهاية المطاف : أنّ الالتزام باستحقاق العقاب من معاقب خارجي وحسنه لا يمكن إلاّعلى ضوء نظريتي الإمامية والمعتزلة. وأمّا على ضوء نظريّتي الأشاعرة والفلاسفة فلا يمكن حلّ هذه المشكلة إلاّبوجه غير ملائم لأساس الأديان والشرائع.
إلى هنا قد استطعنا أن نخرج بعدّة نتائج :
الاولى : أنّ إرادته تعالى عبارة عن المشيئة وإعمال القدرة والسلطنة
وهي فعله سبحانه وتعالى ، هذا من ناحية.
ومن ناحية اخرى : أنّ الشوق المؤكد لا يعقل أن يكون إرادةً له تعالى. ومن ناحية ثالثة : أنّ إرادته سبحانه ليست من الصفات العليا الذاتية. ومن ناحية رابعة : أنّ الكتاب والسنّة تنصّان على أنّ إرادته تعالى فعله.
__________________
(١) منها : آل عمران ٣ : ٣٠ ، الزلزلة ٩٩ : ٦ ، ٧ ، ٨.
(٢) الكافي ٢ : ١٩٠ / ٨ ، ١٩١ / ١٠ و ١٢.