نعم ، لو فرض كلام وصل إلينا من النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله بلا وساطة الأئمة الأطهار عليهمالسلام فيمكن أن تظهر الثمرة فيه إذا فرض الشك في مراده صلىاللهعليهوآله منه ، إلاّ أنّه فرض في فرض ، فبالنتيجة أنّه لا ثمرة للبحث عن هذه المسألة اصلاً ، بل هو بحث علمي فقط.
الجهة الثانية : قد تقدّم أنّ الوضع على قسمين : أحدهما : تعييني. والثاني : تعيّني. أمّا الوضع التعييني في المقام ـ بأن كان الشارع المقدس قد تصدى للوضع صريحاً ـ فهو مقطوع العدم ، ضرورة أنّه لو كان كذلك لنقل إلينا بالتواتر ، كيف ولم ينقل حتّى بخبر الواحد ، وذلك لعدم المانع منه مع توفر الداعي على نقله ، وليس الوضع كمسألة الخلافة ونحوها لتوفّر الدواعي هناك على إخفائها وكتمانها ، دونه.
وأمّا الوضع التعييني بمعنى آخر ، بأن يكون الوضع متحققاً بنفس الاستعمال كما ذكره المحقق صاحب الكفاية قدسسره (١) فيقع الكلام في إمكانه أوّلاً ، وفي وقوعه ثانياً ، فهنا مقامان :
أمّا الكلام في المقام الأوّل : فقد اختار شيخنا الاستاذ قدسسره (٢) عدم إمكانه ، بدعوى أنّ حقيقة الاستعمال إفناء اللفظ في المعنى وإلقاء المعنى في الخارج ، بحيث تكون الألفاظ مغفولاً عنها ، فالاستعمال يقتضي أن يكون النظر إلى الألفاظ آلياً ، والوضع يستدعي أن يكون النظر إلى الألفاظ استقلالياً ، فالجمع بين الوضع والاستعمال في شيء يلازم الجمع بين اللحاظ الآلي والاستقلالي ، وهو غير معقول.
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢١.
(٢) أجود التقريرات ١ : ٤٩.