أحدهما عن الآخر ، وتلك الخصوصية مأخوذة في المعنى على نحو التقييد ، فيكون معنى الفعل الماضي تحقق المادة مقيداً بكونه قبل زمن التلفظ بنحو دخول التقيد وخروج القيد ، ومعنى المضارع تحقق المادة مقيداً بكونه في زمن التكلم أو فيما بعده. هذا كلّه فيما إذا كان الفعل مطلقاً فيدل على تحقق المادة ونسبتها إلى الذات قبل زمن التكلم أو مقارناً معه أو متأخراً عنه. ولكن قد يقيد بالسبق واللحوق أو التقارن بالاضافة إلى شيء آخر غير التكلم ، إذن لا يكون الماضي ماضياً حقيقة والمستقبل مستقبلاً كذلك ، وإنّما يكون ماضياً أو مستقبلاً بالاضافة إلى شيء آخر ، كما في قولنا : جاءني زيد قبل سنة وهو يضرب غلامه ، فاللحوق أو التقارن إنّما يلاحظ في هذا المثال بالقياس إلى شيء آخر وهو المجيء لا زمن التلفظ ، و[ قولنا : ] يجيء زيد في شهر كذا وقد ضرب عمراً قبله بأيام ، فالسبق هنا إنّما يلاحظ بالإضافة إلى شيء آخر وهو مجيء زيد ، لا زمن التكلم.
وعلى الجملة : لا ريب في صحّة استعمال الماضي والمضارع في هذه الموارد في اللغة العربية وغيرها.
فقد ظهر : أنّ الملاك في صحّة استعمال الماضي جامع السبق ، سواء كان بالإضافة إلى زمن التكلم أم كان بالإضافة إلى شيء آخر ، وإن كان الظاهر عند الإطلاق خصوص الأوّل ، والملاك في صحّة استعمال المضارع جامع التقارن أو اللحوق ، وإن كان الظاهر عند الاطلاق خصوص التقارن أو اللحوق بالإضافة إلى زمن التكلم.
الأمر الثالث : أنّ مواد المشتقات ومبادءها تنقسم إلى أقسام :
منها : ما يكون من قبيل الأفعال الخارجية كالقيام والقعود والركوع والسجود والتكلم والمشي وما شاكل ذلك ، ويكون الانقضاء فيها برفع اليد عن تلك