فانّ الخطابات
الشرعية كلّها منزّلة على طبق المفاهيم العرفية ، فلو فرض معنى يكون خارجاً عن
الفهم العرفي لم يقع مورداً للخطاب الشرعي أو العرفي ، ولا يوضع اللفظ بازائه ،
وحيث إنّ الجامع في المقام ليس أمراً عرفياً فلا يكون مسمّى بلفظ الصلاة مثلاً ،
ضرورة أنّ محل كلامنا ليس في تصوير جامع كيف ما كان ، بل في تصوير جامع عرفي يقع
تحت الخطاب ، لا في جامع عقلي بسيط يكون خارجاً عن متفاهم العرف.
وبتعبير آخر : أنّ
المصلحة الداعية إلى وضع الألفاظ إنّما هي الدلالة على قصد المتكلم تفهيم معنى ما
، فتلك المصلحة إنّما دعت إلى وضعها للمعاني التي يفهمها أهل العرف والمحاورة ،
وأمّا ما كان خارجاً عن دائرة فهمهم فلا مصلحة تدعو إلى وضع اللفظ بازائه ، بل كان
الوضع بازائه لغواً محضاً لا يصدر من الواضع الحكيم.
ولما لم يكن
الجامع الذي فرضه بين الأفراد الصحيحة جامعاً عرفياً ، فانّ كثيراً من الناس لا
يعلم بتأثير الصلاة في النهي عن الفحشاء والمنكر فضلاً عن العلم بكشفه عن جامع
ذاتي مقولي ، لم يكن ذلك الجامع موضوعاً له لمثل كلمة الصلاة ونحوها ، بل المتفاهم
منها عرفاً في مثل قولنا : فلان صلّى أو يصلّي أو نحو ذلك ، غير ذلك الجامع.
فالنتيجة من جميع ما ذكرناه : أنّ تصوير جامع ذاتي مقولي بين
الأفراد الصحيحة غير معقول.
وأمّا تصوير جامع
عنواني بينها فهو وإن كان ممكناً ، كعنوان الناهي عن الفحشاء والمنكر أو نحوه ،
إلاّ أنّ لفظ الصلاة لم يوضع بازاء هذا العنوان يقيناً ، ضرورة أنّ لفظ الصلاة لو
كان موضوعاً لذلك العنوان لكان مرادفاً لكلمة الناهي عن الفحشاء والمنكر ، ولازم
ذلك أن يكون حمل ذلك العنوان على الصلاة