أعني بها تماميته من حيث الأجزاء والشرائط ، وقد تقدّم (١) أنّ الصحّة من جهة قصد القربة ، أو من جهة عدم النهي أو المزاحم ، خارجة عن محل النزاع وغير داخلة في المسمّى ، فانّه في مرتبة سابقة قد يوجد له مزاحم وقد يقصد به التقرب وقد ينهى عنه ، ولكن مع ذلك لهذه الامور دخل في الصحّة وفي فعلية الأثر ، فلو كان للصلاة مثلاً مزاحم واجب ، أو أنّها نهي عنها ، أو لم يقصد بها التقرّب ، لم يترتب عليها الأثر ، وعليه فما يترتب عليه الأثر بالفعل لم يوضع له اللفظ يقيناً ، وما وضع له اللفظ ليس إلاّما يكون مقتضياً وقابلاً لترتب الأثر عليه ، وهذا كما يمكن صدقه على الأفراد الصحيحة يمكن صدقه على الأفراد الفاسدة ، لأنّها أيضاً قد تقع صحيحة بالإضافة إلى شخص أو زمان أو حالة لا محالة.
وعلى الجملة : أنّ ما يترتب عليه الأثر بالفعل لم يوضع له اللفظ قطعاً ، وما يترتب عليه الأثر بالاقتضاء جامع بين الأفراد الصحيحة والفاسدة جميعاً.
وقد تحصّل من ذلك : أنّ ترتب النهي عن الفحشاء والمنكر على الصلوات الصحيحة بالفعل لايفي باثبات القول بوضع الألفاظ للجامع بين الأفراد الصحيحة بخصوصها ، فانّه سواء قلنا بذلك القول أم لم نقل ، فترتبه متوقف على اعتبار شيء زائد على المسمّى لا محالة.
السادس : أنّ الجامع لا بدّ من أن يكون أمراً عرفياً ، وما ذكره من الجامع على تقدير تسليم وجوده والاغماض عن جميع ما ذكرناه ، لا يكون معنى عرفياً حتّى يكون مسمّى بلفظ الصلاة ومورداً للخطاب ، ضرورة أنّ اللفظ لا يوضع لمعنى خارج عن المتفاهم العرفي ، ولا يكون مثله متعلقاً للخطاب الشرعي ،
__________________
(١) في ص ١٥٦.