وقد عرفت : أن تحقّق القاطع بالنسبة إلى أجزاء المركّب وتعيين مصداقه موكول إلى حكم الشارع الجاعل للمركّبات الشرعيّة بالمعنى الذي عرفته في مطاوي كلماتنا السابقة ، وأمّا حكمه من حيث جريان الاستصحاب عند الشكّ في وجوده أو صفته من جهة الشبهة الحكميّة والموضوعيّة فقد بني الأمر في هذا الجزء من « الكتاب » ـ والجزء الثالث المتعلّق بالاستصحاب ـ على جريانه ، وإن منع منه في مطلق الشكّ في المانع على ما عرفت توضيحه.
وتقريب جريانه على ما في « الكتاب » بوجهين :
أحدهما : أن تجعل المستصحب صحة الأجزاء بمعنى قابليتها وشأنيتها ؛ لأن تصير أجزاء فعليّة للمركّب ويترتّب وجوده على وجودها بعد حقيقتها في الخارج ؛ حيث إن وجودها على الصفة المذكورة كان متيقّنا يشكّ في بقائه من جهة الشك في وجود الرّافع ، فيحكم بالبقاء من جهة الاستصحاب.
ثانيهما : أن يجعل المستصحب الاتصال القائم بالأجزاء السابقة وما يلحقها من الأجزاء اللاحقة والجزء الصوري الملحوظ للمركّب الذي يعرض مواد الأجزاء ويتقوّم بها وقد يعبّر عنه بالهيئة الاتصاليّة بين الأجزاء بعضها مع بعض ، وهذا المعنى وإن لم يتحقّق فعلا بين الجزءين اللذين تخلّل ما يحتمل قاطعيّته بينهما ؛ ضرورة استحالة قيامه بالموجود والمعدوم ، إلاّ أنه لما كان في معرض الوجود باعتبار ركنه اللاّحق ، فألحق بالموجود عرفا في باب الاستصحاب ، وليس مثل استصحابه إلاّ مثل استصحاب الأمور التدريجيّة من الزمان