كالشافعية والحنابلة ، ولعمري إنه من عجائب الكلام فكيف يفتي بنجاسة المذي وطهارة المني؟ بل عن بعضهم نجاسة كل ما يخرج من الإنسان (١) حتى الدمعة إذا استندت إلى مرض لا ما استند إلى البكاء.
وأمّا عندنا فلم ينسب إلى أحد الخلاف في طهارته غير ابن الجنيد ، حيث ذهب إلى نجاسة المذي الخارج عقيب شهوة على ما حكي (٢) ، ولعلّه استند في ذلك إلى الأخبار إلاّ أن ما دلّ منها على نجاسة المذي مشتمل على قرائن تقتضي حملها على الاستحباب أو التقية.
فمنها : صحيحة محمد بن مسلم قال : « سألته عن المذي يصيب الثوب؟ فقال عليهالسلام : ينضحه بالماء إن شاء ... » (٣) وقرينة الاستحباب فيها ظاهرة.
ومنها : صحيحة الحسين بن أبي العلاء قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن المذي يصيب الثوب؟ قال : لا بأس به فلما رددنا عليه فقال : ينضحه بالماء » (٤) وهي ظاهرة في طهارة المذي بحسب الحكم الواقعي إلاّ أنه أمره بالنضح لإصرار
السائل مماشاة مع المخالفين.
ومنها : صحيحة أُخرى لحسين بن أبي العلاء قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن المذي يصيب الثوب؟ قال عليهالسلام إن عرفت مكانه فاغسله وإن كان خفي عليك مكانه فاغسل الثوب كلّه » (٥) وهي محمولة على الاستحباب بقرينة روايته المتقدمة.
هذا مضافاً إلى الأخبار الصريحة الواردة في طهارة المذي (٦) وما ورد في طهارة
__________________
(١) الفقه على المذاهب الأربعة ج ١ ص ١٢ من الطبعة الاولى الحنفية قالوا : ان ما يسيل من البدن غير القيح والصديد ان كان لعلة ولو بلا ألم فنجس وإلاّ فطاهر وهذا يشمل النفط وهي القرحة التي امتلأت وحان قشرها وماء السرة وماء الاذن وماء العين ، فالماء الذي يخرج من العين المريضة نجس ولو خرج من غير ألم كالماء الذي يسيل بسبب الغرب وهو عرق في العين يوجب سيلان الدمع بلا ألم.
(٢) التذكرة ١ : ٥٤.
(٣) المرويات في الوسائل ٣ : ٤٢٦ / أبواب النجاسات ب ١٧ ح ١ ، ٢ ، ٣.
(٤) المرويات في الوسائل ٣ : ٤٢٦ / أبواب النجاسات ب ١٧ ح ١ ، ٢ ، ٣.
(٥) المرويات في الوسائل ٣ : ٤٢٦ / أبواب النجاسات ب ١٧ ح ١ ، ٢ ، ٣.
(٦) ففي صحيحة بريد بن معاوية قال : « سألت أحدهما عليهماالسلام عن المذي