وسواء كان بالفوران أو بنحو الرشح. ومثله كل نابع وإن كان واقفاً (١).
______________________________________________________
وغير الطير كالهرة ، والنسبة بينهما عموم من وجه فيتعارضان في مادّة اجتماعهما ، وهو الطير غير المأكول لحمه ، فإن قدّمنا الأول على الثاني فلا يلزم منه إلاّ تضيق الدليل الثاني وتخصيصه بغير الطير ولا محذور في التخصيص ، وأمّا إذا عكسنا الأمر ، وقدّمنا الثاني على الأول فيلزم منه تقييد الطير الذي لا بأس بخرئه وبوله بما يؤكل لحمه ، وأمّا ما لا يؤكل لحمه من الطير فهو محكوم بنجاسة كلا مدفوعيه ، وعليه يصبح عنوان الطير المأخوذ في لسان الدليل لغواً ، فإن الحكم وهو الطهارة مترتبة على عنوان ما يؤكل لحمه طيراً كان أو غير طير فأية خصوصية للطير ، وكلام الحكيم يأبى عن اللّغو ، وهذا يصير قرينة على كون الأوّل كالنص وبه يتقدّم على الثاني ويخصِّصه بغير الطائر.
ثم إنّك عرفت أن التعدي من البئر إلى كل ما له مادّة إنّما هو بتعليل الصحيحة ، إلاّ أنّ مقتضاه اختصاص الحكم بالاعتصام في الجاري بما إذا كان له مادّة على نحو الفوران أو على نحو الرشح ، وأمّا الجاري الذي ينشأ من الموارد الثلجية كما هو الأكثر في الأنهار على ما قيل فهو غير داخل في تعليل الرواية إذ لا مادّة له ، ولكنا لما قدّمناه من صدق عنوان الجاري على مثله فلا نرى مانعاً من ترتيب آثار الجاري عليه ككفاية الغسل فيه مرة.
عدم اعتبار الدفع والفوران
(١) هل يعتبر في الجريان أن يكون بالدفع والفوران أو أنّه إذا كان بنحو الرشح أيضاً يكفي في تحقق موضوع الجاري؟
مقتضى إطلاق صحيحة ابن بزيع عدم الفرق بين الفوران والرشح بعد اشتمال كل واحد منهما على المادّة المعتبرة ، بل الغالب هو الرشح في أكثر البلاد ، إذ الغالب أن الماء يجتمع في الأمكنة المنخفضة ويترشح من عروق الأرض شيئاً فشيئاً ، ويتراءى ذلك في الأراضي المنخفضة في أطراف الشطوط والأنهار على وجه الوضوح.