نجساً ينجس كما هو مقتضى الأخبار الخاصة المتقدمة من غير تقييد الماء بالقليل ، وقد علمنا بتخصيص ذلك العام بالكر وهو مجمل والمقدار المتيقن منه ألف ومائتا رطل عراقي وهو مساوق لستمائة رطل مكي ونلتزم فيه بعدم الانفعال ، وأمّا فيما لم يبلغ هذا المقدار فهو مشكوك الخروج لإجمال المخصص على الفرض ، فلا بدّ فيه من الرجوع إلى مقتضى العام أعني انفعال مطلق الماء بملاقاة النجس.
وإن شئت توضيح ما ذكرناه قلنا إن الأخبار الواردة في الماء على طوائف :
فمنها : ما جعل الاعتبار في انفعال الماء بالتغيّر وأنّه لا ينفعل بملاقاة شيء من المنجسات ما دام لم يطرأ عليه تغيير ، وهذا كما في صحيحة حريز « كلّما غلب الماء على ريح الجيفة فتوضأ من الماء واشرب فإذا تغيّر الماء وتغيّر الطعم فلا توضأ منه ولا تشرب » (١) ودلالتها على حصر العلّة للانفعال في التغيّر ظاهرة.
ومنها : ما دلّ على أن الماء ينفعل بملاقاة النجس وإن لم يحصل فيه تغيّر لأن مفروض هذه الطائفة هو الماء الذي لا تغيّر فيه في شيء ، وهذا كصحيحة شهاب بن عبد ربّه قال : « أتيت أبا عبد الله عليهالسلام أسأله فابتدأني فقال : إن شئت فاسأل يا شهاب وإن شئت أخبرناك بما جئت له قال : قلت له : أخبرني جعلت فداك قال : جئت تسألني عن الجنب يسهو فيغمز « فيغمس » يده في الماء قبل أن يغسلها؟ قلت : نعم قال : إذا لم يكن أصاب يده شيء فلا بأس » ... (٢) حيث دلّت على انفعال الماء بإصابة اليد المتنجسة.
وموثقة عمار بن موسى عن أبي عبد الله عليهالسلام قال بعد قوله سئل عمّا تشرب منه الحمامة ، وعن ماء شرب منه باز ، أو صقر أو عقاب؟ فقال : كل شيء من الطير يتوضأ مما يشرب منه ، إلاّ أن ترى في منقاره دماً فإن رأيت في منقاره دماً فلا توضأ منه ولا تشرب (٣) وقد دلّت على انفعال الماء بإصابة منقار الطيور إذا كان فيه
__________________
(١) الوسائل ١ : ١٣٧ / أبواب الماء المطلق ب ٣ ح ١.
(٢) الوسائل ٢ : ٢٦٦ / أبواب الجنابة ب ٤٥ ح ٢.
(٣) الوسائل ١ : ٢٣٠ / أبواب الأسآر ب ٤ ح ٢.