ومن خلال هذا كلّه اتّضح أنّ قاعدة قبح العقاب ليس تامّة لبطلان أدلّتها الأربعة. كما واتّضح صحّة المسلك الثاني وهو مسلك حقّ الطاعة.
ب ـ ومسلك حقّ الطاعة يقول انّ احتمال التكليف منجز أيضا ولا يختص التنجيز بحالة العلم بالتكليف لأنّ الله سبحانه له حقّ الطاعة علينا حتّى في التكليف المحتمل ولا يختص بالمعلوم.
والدليل على سعة الحقّ المذكور أنّه سبحانه منعم علينا بنعم لا تعدّ ولا تحصى ، والعقل كما يدرك أصل وجوب شكره سبحانه باعتبار المنعمية كذلك يدرك أنّ مقتضى الشكر وجوب إطاعته لا في خصوص التكاليف المقطوعة بل المحتملة أيضا. وكما أنّ أصل وجوب شكره سبحانه وإطاعته هو من القضايا الأوّلية التي يدركها العقل بلا حاجة إلى إقامة برهان عليها كذلك سعة الحقّ المذكور هي من القضايا الأوّلية التي يدركها العقل بلا حاجة إلى برهنة عليها (١).
__________________
(١) وممّا يؤكّد سعة الحقّ المذكور : أنّ كل شيء موجود على الأرض هو ملك له سبحانه ملكية حقيقية ـ لا كملكيتنا للأشياء التي هي ملكية اعتبارية يعتبرها العقلاء ـ نشأت من كونه سبحانه خالقا لجميع الأشياء ، فإنّ الخالق لشيء مالك له ، وما دام سبحانه مالكا للسيكارة والشفّة والصدر واليد فكيف يتصرّف المكلّف في السيكارة وفي اليد والشفّة بقبضها؟ انّ ذلك تصرّف في ملك الغير وهو لا يجوز إلاّ عند القطع بإذنه. انّ العقل الحاكم بعدم جواز التصرّف ـ